الأحد 16 تشرين الثاني 2025
12 تشرين الثاني 2025
الأحد 16 تشرين الثاني 2025
العدد 46
الأحد 23 بعد العنصرة
اللحن السادس، الإيوثينا الأولى
أعياد الأسبوع:
16: الرَّسول متّى الإنجيليّ، 17: غريغوريوس العجائبيّ أسقُف قيسارية الجديدة، 18: الشَّهيدان بلاطن ورومانس، 19: النَبيّ عوبديا، الشَّهيد برلعام، 20: تقدمة عيد الدُّخول، غريغوريوس النانياسيّ، بروكلس بطريرك القسطنطينيّة، 21: عيد دخول سيّدتنا والدة الإله الى الهيكل. 22: الرَّسول فيليمن ورفقته، الشَّهيدة كيكليّا ومَن معها.
التطوّر التكنولوجيّ والكنيسة
التطوّر التكنولوجيّ هو أحد أكبر التحدّيات التي نواجهها في عصرنا. إنّ الكنيسة تنظر إليه من زاويتين مختلفتين الأولى إيجابيّة والأخرى حذرة، وعليه تعتبره الكنيسة جزءًا من تطوّر البشريّة والقدرة على تحسين الحياة الإنسانيّة.
لذلك فإنّ التكنولوجيّا يمكن أن تساعد في تقديم الخدمات، وفي تحسين ظروف الحياة، وفي تسهيل التواصل بين الناس. وبناءً عليه يمكننا أن نستخدمها لنشر رسالة الإنجيل وتعليم العقيدة والتقليد الكنسيّ. ومن الأمثلة على ذلك فإنّ وسائل الإعلام تساهم في وصول الكنيسة إلى أوسع جمهور من الناس ومشاركتهم تعاليمها بفعّاليّة أكثر، بالإضافة إلى ذلك يمكن للتكنولوجيّا أن تؤدّي إلى انشغال الناس عن الحياة الكنسيّة، فتزيد من الانعزال الاجتماعيّ وتطرح مجالات وتحدّيات أخلاقيّة جديدة تساهم في قيادة مستخدميها إلى إغراءات عدّة غير حميدة، كالإدمان على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وهذا طبعا يؤثّر سلبًا على جميع الأصعدة.
صحيح أنّ التكنولوجيا، يُمكنها أن تساهم في تحسين حياتنا على كلّ الأصعدة وبطرق متعدّدة، لكنّ الأهمّ من ذلك أنّ القيمة الحقيقيّة للإنسان لا تأتي من إنجازاتها، بل من كونه مخلوقًا على صورة الله ومثاله، لأنّ التكنولوجيا وُجِدَت لخدمتنا، وهذا ما لا يجب أن ننساه، لأنّها ليست سببًا في تقليص إنسانيّتنا أو تهميش قيمنا الروحيّة والإنسانيّة.
وهنا، يعلّمنا الكتاب المقدّس أنّ الحكمة هي عطيّة من الله، فعلينا أن نكون حكماء نعي الآثار التي يمكن أن تتركها التكنولوجيا على حياتنا، فنتنبّه إلى طريقة استخدامها بشكل يعزّز القيم الأخلاقيّة والمسيحيّة التي تربّينا عليها. لذلك، نرجو أن نحرص على التوازن في استخدام التكنولوجيا والحفاظ على التواصل الفعّال مع أخينا في المجتمع، وإظهار محبّتنا له وتأمين نجاحه في هذا العالم الرديء حيث تتسارع الأمور الرقميّة وتُلغي العلاقات الإنسانيّة والشخصيّة.
نعم! إنّ التكنولوجيا تقدّم إمكانيّات كبيرة للمساهمة في تطوّر المجتمع وتحسينه، كما تساهم في تفاقم المشكلات الاجتماعيّة. ونحن كمؤمنين علينا أن نكونَ مُتيقّظين اجتماعيًّا ومسؤولين في كيفيّة استخدامنا للتكنولوجيا، وأن نسعى جاهدين لتحسين عالمنا من خلال أعمال الخير والخدمة، وأن نعمل على ترشيد استعمالنا للأدوات التكنولوجيّة بطرق تعزّز إيماننا وتساعدنا على نشر رسالة المحبّة والخير والإبداع التي علّمنا إيّاها ربّنا وإلهنا يسوع المسيح.
من هنا علينا ألّا ننظر إلى التطور التكنولوجيّ بحذر وكأنّه تهديد لحياتنا، بل كأداة نستخدمها لتعزيز قيمنا الروحيّة والاجتماعيّة مع الحفاظ على الحكمة والتوازن في كيفية توظيفها في حياتنا اليوميّة.
لقد ركّز الآباء القدّيسون على نيّة الإنسان والهدف من أفعاله، يعني إذا استعملنا التكنولوجيا لخدمة الخير وتعزيز القيم الروحيّة والإنسانيّة فتُصبح أداة مفيدة وبنّاءة، وإذا لم نستخدمها بحكمة وفطنة فستؤدي حتمًا إلى الانغماس في الأمور المادّيّة واستهلاك الوقت من دون فائدة، لذلك، علينا استخدام التكنولوجيا بحذر، كي لا تتحوّل إلى مصدر للانحرافات والتسلية غير المفيدة.
صحيحٌ أنّ الآباء يتناولون التكنولوجيا بشكل مباشر ولكن ما علّمونا إيّاه كان كافيًا ليوجّهنا كيف نتعامل معها بشكل يعزّز إيماننا وحياتنا الروحيّة والاجتماعيّة، عند ذلك نبني وطنًا جديدًا له آماله في المستقبل وله قوّته.
+ الأسقف قسطنطين
رئيس دير مار الياس شويا البطريركيّ
طروباريّة القيامة باللحن السادس
إنَّ القوّاتِ الملائكيّةَ ظهروا على قبرك الموَقَّر، والحرّاس صاروا كالأموات، ومريمَ وقفت عندَ القبر طالبةً جسدَك الطاهر، فسَبيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّب منها، وصادفتَ البتول مانحًا الحياة، فيا من قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.
طروباريّة الرسول متّى باللحن الثالث
أيّها الرسول القدّيس البشير متَّى، تشفعْ إلى الإله الرحيم، أن يُنعم بغفران الزلات لنفوسنا.
قنداق دخول السيّدة إلى الهيكل باللحن الرابع
إنّ الهيكلَ الكلّيّ النَّقاوة، هيكلَ المخلِّص، البتولَ الخِدْرَ الجزيلَ الثَّمن، والكَنْزَ الطاهرَ لِمجدِ الله، اليومَ تَدْخُلُ إلى بيتِ الرَّبّ، وتُدخِلُ معَها النِّعمةَ التي بالرّوح الإلهيّ. فَلتُسبِّحْها ملائكة الله، لأنّها هي المِظَّلةُ السَّماوّية.
الرسالة: 1 كو 4: 9-16
لتكُنْ يا ربُّ رحمتُك علينا
ابتهجوا أيُّها الصِدّيقون بالربّ
يا إخوةُ، إنَّ الله قد أبرزَنا نحنُ الرسلَ آخِري الناسِ كأنَّنا مجعولونَ للموت. لأنَّا قد صِرنا مَشهدًا للعالم والملائكةِ والبشر. نحنُ جهَّالٌ من أجلِ المسيحِ أمَّا أنتمُ فحكماءُ في المسيح. نحنُ ضُعَفاءُ وأنتم أقوياءُ. أنتم مُكرَّمون ونحنُ مُهانون وإلى هذه الساعةِ نحنُ نجوعُ ونَعطَشُ ونَعْرَى ونُلطَمُ ولا قرارَ لنا، ونَتعَبُ عامِلين. نُشتَمُ فَنُبارِك، نُضطَهدُ فنحتمل، يُشنَّعُ علينا فَنَتضرَّع. قد صِرنا كأقذارِ العالمِ وكأوساخٍ يستخبِثُها الجميعُ إلى الآن. ولستُ لأُخجِلكم أكتبُ هذا، وإنَّما أعظُكُم كأولادي الأحبَّاءِ. لأنَّهُ ولو كانَ لكم ربوةٌ من المرشدينَ في المسيح ليسَ لكم آباءٌ كثيرون، لأنّي أنا ولدتكم في المسيح يسوعَ بالإنجيل. فأطلبُ إليكم أن تكونوا مقتدين بي.
الإنجيل: متى 9: 9-13
في ذلك الزمان، فيما يسوع مجتازٌ رأى انسانًا جالسًا على مائدةٍ الجبايةِ اسمُهُ متَّى فقال لهُ اتبعْني. فقام وتبَعهُ. وفيما كان متَّكئًا في البيت إذا بعشَّارين كثيرين وخَطأةٍ جاؤوا واتَّكأوا مَعَ يسوعَ وتلاميذِهِ. فلَّما نظرَ الفرّيسيّون قالوا لتلاميذِهِ لماذا معلّمُكم يأكلُ مع العَشّارينَ والخطأة؟ فلَّما سمعَ يسوع قال لا يحتاجُ الأصحَّاءُ إلى طبيب لكنْ ذوو الأسْقام، فاذهَبوا واعلَموا ما هو، إنّي أريدُ رحمةً لا ذبيحةً. لأنّي لم آتِ لأدعُوَ صِدّيقين بل خَطأةً إلى التوبة.
في الإنجيل
في هذا المقطع الإنجيليّ من بشارة الرسول متّى نراه يسجّل هو بنفسه كيفيّة دعوة الربّ يسوع له ليكون تلميذًا له، فقال له: "اتبعني فقام وتبعه"، وهكذا أصبح متّى أحد الرسل الاثني عشر رسولاً وهو الذي كتب أوّل أسفار العهد الجديد "إنجيل متّى" وهكذا تحوّل من عشّار يجبي الضرائب من الناس ويظلم الكثير منهم إلى تلميذ للربّ يسوع محاولًا أن يدعو أيضًا عشّارين آخرين إلى السلوك وراء الربّ يسوع وترك أعمال الرذيلة. لذلك كانت استجابته لدعوة الربّ استجابة فوريّة حازمة. ضحّى فيها بوظيفته التي كان لها شأنها وتحوّل اسمه من "لاوي" إلى "متّى" أي "عطيّة الله".
بعدما قبل متّى دعوة الربّ يسوع له تبعه ودعاه الى بيته ودعا رفاقه العشّارين قاصدًا بتصرّفه هذا أن يتعرّفوا إلى الربّ يسوع كما تعرف هو إليه وتبعه وهذا حال كلّ من يتبع المسيح ويصبح تلميذًا له فيرغب في أن يأتي آخرون ويتعرّفون إلى الربّ يسوع. وهذا كان هدفه عندما كتب الإنجيل معلّمًا ومبشّرًا بالخلاص الذي أتى به الربّ يسوع.
وتبقى وصيّة الرب لنا في إنجيل اليوم أنّ المرضى هم بحاجة إلى طبيب وليس الأصحّاء. وكلّنا مرضى بالخطيئة التي تسيطر على حياتنا ولكنّ قول الربّ لنا دائمًا "اتبعني" ليخلّص كلّ من يتبعه ويسمع كلامه من كلّ خطيئته لأنّه هو وحده طبيب النفوس والأجساد.
الرَّهبنةُ "حلمٌ ورجاء"!
+ الرَّهبنةُ حلمُ الطفولةِ وعيشُ الطفوليَّة؛ كيف لا! ونذورها الثلاثة "الفقر والعفّة والطاعة" هي جزءٌ من مرحلةِ الطفولةِ وحياةِ الطفوليَّة، فالطفل فقيرٌ لا يملك أيَّ شيءٍ باسمه، وهو عفيفٌ لأنَّه طاهرٌ ونقيٌّ وبريءٌ من ناحية أفكار الجسد، وهو مطيعٌ لوالديه بسبب ثقتهِ بهم وتسليمِ أموره لهم.
+ الرَّهبنةُ تُعاشُ في الدَّير أصلًا، فالأديار هي واحاتٌ روحيَّة للنَّفس البشريَّة، فيها يجدُ الإنسانُ الهدوءَ والسلامَ الداخليَّ والجوَّ المناسب للتوبة والاعتراف، لكن وانطلاقًا من الرُّؤيةِ أعلاه، فالرَّهبنةُ يمكن أن تُعاش في كلِّ عائلةٍ وبيت، شرط أن نشتاق إلى أن نعيش مع الله والقريب بطفوليَّةٍ فيها القناعة وبساطة العيش والنَّقاوة وتسليم أمور حياتنا لله "إن لم ترجعوا وتصيروا كالأولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات" (متى3:18).
+ الرَّهبنةُ هي ذاك التَّوقُ إلى الابتعاد عن العالم بفكرهِ وأباطيلهِ وأساليبهِ، بدافع العشق الكبير لله، "طوبى لأهل البراري فإنّهم يتطايرون بالعشق الإلهيّ" (القدّيس يوحنّا الدِّمشقيّ).
+ الرُّهبان في حياتهم يتَّخذون الملائكةَ مثالاً لهم، لذلك تُسمَّى حياتُهم الحياة الملائكيَّة، وكما أنَّ الملائكة هم مثالُ الرُّهبان، كذلك فإن الرُّهبانَ هم مثالُ المؤمنين، ومن هنا تأتي مسؤوليَّتُهم الكبيرة في الكنيسة كشهودٍ لحياةٍ مثاليَّة يتوقُ إليها الإنسان ولا يمكن أن يجدها في صحراء هذا العالم بعيدًا من الإنجيل. إلّا أنَّ الأخطارَ المحيطةَ بالرَّهبنةِ كثيرةٌ اليوم، وأشدّها خطرًا هي التي من الداخل، وهذه بعضها:
. أن تنحرفَ الرهبنةُ عن هدفها ونذورها، فتغرقَ في المظاهرِ والمادّيّاتِ والعمرانِ والأبنيةِ وحياةِ الغنى، مبتعدةً من فقرِ مسيحها الذي نذرته، ومن نهجِ الآباء الرهبان الأوائل الذين عاشوا في البرِّيّة والكهوف الجبليَّة. إلّا أنَّ الخطر الأكبر هو أن تنحرفَ الرهبنةُ عن الحقِّ أو تصمتَ عنه! عندها تكون قد ابتعدت من الله وخسرت مبرِّرَ وجودها، و"ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كلّه وخسرَ نفسه؟!" (متى16: 26).
. لذلك ما لم تثبت الرَّهبنةُ والأديار على مبادئ المسيح، وما لم تشهد لفقره وتواضعه وخدمته ومحبّته، وتشهد للحقِّ في وجه الباطل، كلِّ باطل، سواءٌ أكان في العالم أم في الكنيسة، تكون رهبنةً ميتة بلا روح، مبنيَّةً على رمالِ الوهم والعثرات، مهما تمسَّكت بالشَّكلِ والحرفِ والطقوسِ والعقيدة.
. ما لم تخاطب الرَّهبنةُ أبناءَ هذا العصر، ناقلةً إليهم خبرة الإيمان بلغةٍ يفهمونها، كما خاطب بولس الرسول أهل أثينا، فلن تصل إلى القلوب ولن تغيِّر النفوس ولن تصطاد إلى ملكوت السماوات نفسًا واحدة!
. في التاريخ الكنسيّ، كان الأساقفة يُختارون من الرُّهبان، واليوم بنعمة الله عاد هذا التقليد المبارك إلى الكنيسة، لكن يجب ألا تُبطِلَ الأسقفيَّةُ رهبَنَةَ الأسقفِ ولا أيّ رتبةٍ كهنوتيّة، فكلُّ من كان راهبًا حاملًا الإسكيم، مهما كانت رتبته الكهنوتيّة أو الأسقفيّة، يجب أن يستمرَّ في عيش رهبنته بوضوحٍ أمام الرعيَّة، قريبًا من شعبه، شاهدًا على أنَّ المركز والسلطة لا يغيِّران ما في نفسه من تقشّفٍ وزهدٍ ولطفٍ وتواضعٍ ومحبّة، بل يزيدانها. فمن علَّمَ عن الرَّهبنةِ في يومٍ من الأيّام، مطالبٌ أن يعيش هكذا حتّى رقاده، كي لا يكون عثرةً للرَّعيَّة ولمن علَّمهم وتلمذهم سنينَ طويلة.
. عالمنا اليوم بحاجة إلى صلوات الرهبان التي ترتفع كالبخور أمام الله، فهي وحدها القادرة على أن تحفظ هذا العالم المجنون من المصائب والدمار، وتحفظ شبابنا من الضياع، لذلكَ نحتاج اليوم إلى رهبنةٍ حيَّةٍ تنبض بروحِ ربِّها، وتسطعُ بنوره وفرحه، تقرنُ الأقوالَ بالأفعالِ، وتسلك "بحرِّيَّةِ مجد أولاد الله" (رو8: 21)، بعيدًا من التزمُّت والتطرُّف والانغلاق. وبما أنّه ليس الجميع يستطيعون أن يكونوا رهبانًا، لذلك نحتاج إلى أن نعيش كلُّنا بروحٍ رهبانيّة أصيلة، إكليروسًا وعلمانيّينَ ورهبانًا، وأن نكون كلُّنا رهبانيِّي الفكرِ والرُّوحِ والسِّيرة.
. نحتاج اليوم إلى أن نرى أمام أعيننا كنيسةً تعيش الفضائل الرهبانيّة، إكليروسًا وشعبًا، أديارًا ومؤسّسات، وأن نرى تعاونًا أكبر بين الأديار، في أبرشيّتنا وفي سائر الأبرشيّات، وأن تعودَ الاجتماعات الدَّوريّة والمنتظمة لرؤساء الأديار على مدى الكنيسة الأنطاكيّة، ليتدارسوا كإخوةٍ التحدِّيات التي تواجه الكنيسة والإنسان، وليوحِّدوا الصوتَ ويرفعوه في وجه كلِّ الأخطاء والانحرافات التي تحصل في العالم والكنيسة وكلِّ مكان.
. ختامًا، بمحبّةٍ يجرحها الألم، نقول: الرَّهبنةُ والكنيسةُ الأنطاكيَّةُ اليومَ جريحةٌ في حُلمها، لكنَّ الأملَ في ألّا نبقى جرحى في رجائنا فيها! والمجد لله على كلِّ شيء!
القبليّة
يخبرنا لوقا الإنجيليّ أنّه بينما كان يسوع يتكلّم، رفعت امرأة صوتها من الجمع وقالت له :"طوبى للبطن الذي حملك، والثديين اللذين رضعتَهما» (لو 11: 27)، فأجابها الربّ قائلًا: "بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه» (لو 11: 28).
كلام يسوع هنا ليس رفضًا لوالدة الإله العذراء مريم، ولا انتقاصًا من مقامها، بل هو نقض للقبليّة، ولكلّ تمجيد قائم على مجرّد الانتماء البشريّ.
فالربّ لا يريد أن يكون المديح محصورًا بالقرابة الجسديّة أو الرابطة العائليّة، بل يؤكّد أنّ التطويب الحقيقيّ هو لمن يسمع كلام الله ويعمل به.
ونعلم أنّ أوّل من سمع كلام الربّ وحفظه وعاشه كانت والدة الإله نفسها.
الربّ في جوابه وضع قاعدة ذهبيّة لكلّ علاقة بين البشر، قاعدتها الوحيدة هي عيش الإنجيل.
فالقربى البشريّة وحدها لا تعني شيئًا أمام الحقّ، بل قد يحدث أحيانًا أن يكون أهل البيت أنفسهم في مواجهة الإيمان.
هذه الروح القبليّة لا تنحصر بالروابط العائليّة فحسب، بل تمتدّ إلى الانتماءات الحزبيّة والجماعات، سواءٌ أكانت كنسيّة أم غير كنسيّة.
وعندما يكون التضامن مبنيًّا فقط على العائلة أو القرابة أو الرفقة أو الزمالة أو الصداقة، من دون الحقّ والحقيقة، يصبح الباطل سيّد الموقف لا كلام الربّ.
وحينئذٍ لا يُسمّى ذلك فقط تحزّبًا، بل هو أيضًا عمًى، وفقدان للمنطق، وغياب للمشيئة الإلهيّة.
وهكذا تُدمَّر النفوس وتسقط.
أمّا من جعل الإنجيل معيار حياته، فقد ارتفع وأثمر،
ومن جعل التعصّب الأعمى ميزانه، فقد سقط وأصبح عقيمًا.
فإمّا أن نكون أبناء الروح القدس، أبناء العلي، فننطق بالاستقامة والحق، وإمّا أن نكون أبناء هذا الدهر الفاني، فنناصر الباطل والانحراف.
إلى الربّ نطلب.
أخبارنا
رسامة الأخ سايد فارس شمّاسًا إنجيليًّا
نهار السبت الواقع فيه 1 تشرين الثاني 2025 ترأّس سيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس)، راعي أبرشيّتنا صلاة السحر والقدّاس الإلهيّ في دير سيّدة الناطور- أنفه بمعاونة بعض الكهنة، وبحضور حشد من المؤمنين. تمّت في هذا القدّاس رسامة الأخ سايد فارس شمّاسًا إنجيليًّا باسم الشمّاس أفرام.
جاء في العظة التي ألقاها سيادته:
اشتركنا في هذه الخدمة الإلهيّة في هذا الدير وكرّسنا الأخ أفرام، شمّاسًا خادمًا له ولكنيسته المقدّسة الجامعة الرسوليّة. لقد اتّخذ هذا الإنسان المتواضعُ اسم القدّيس أفرام بقناعته الكليّة لكي يتشبّه بالقدّيسين. أيّها الأحبّاء، التخشّع لا يكفي في الكنيسة فحسب.
القدّيسون الكبار اشتهوا أن يتوبوا قبل أن يموتوا وكلّ واحد منّا مهما طال عمره، لا بدَّ من أن يذوقَ طعم هذه التوبة، ماذا تعني كلمة "توبة"، تغيّر من الأرض إلى السماء، من إنسان قديم إلى إنسانٍ جديد، هذه النعمة من الله التي أخذها القدّيسون الكبار اختارها هو بنفسه، كلمةً دالّةً على حياتِه وخدمتِه. لماذا التوبة هي أفضل وأقوى من كلّ خشوع ومن كلّ عمل إنسانيِّ بشريّ، امتثالًا للقديّس أفرام السريانيّ هذا القدّيس الذي هو من منطقتنا من شرقنا العزيز هو كان يحبّ التوبةالتي هي رجوع إلى الله. ماذا ينتج عن هذه التوبة؟ ما هي أكبر فضيلة عند الربّ يسوع المسيح؟ التواضع أوّلًا الذي يقود إلى المحبّة الكبرى، التواضع والمحبة. خذوا مثلاً ما قاله الرسول بولس لتيموثاوس: "قال له عن الربّ يسوع: "لقد أخلى ذاته آخذًا صورة عبد صائرًا على شبه البشر وتواضع حتّى الموت موت الصليب"، هذه هي الحياة الحقيقيّة في المسيح الذي اختارها هذا الإنسان الشمّاس أفرام ونطلب من الله أن يباركه ويبارك خدمته ويبارككم جميعًا آمين.