الأحد 24 تشرين الأول 2021

الأحد 24 تشرين الأول 2021

21 تشرين الأول 2021
الأحد 24 تشرين الأول 2021
 العدد 43
الأحد 18 بعد العنصرة 

اللحن الأوّل الإيوثينا السابعة

* 24: الشّهيد الحارث ورفقته، * 25: الشّهيدان مركيانوس ومرتيريوس، طابيثا الرّحيمة التي أقامها بطرس،
* 26: العظيم في الشُّهداء ديمتريوس المفيض الطيب، الزلزلة العظيمة، * 27: الشّهيد نسطر، بروكلّا امرأة بيلاطس، * 28: الشُّهداء ترنتيوس ونيونيلا وأولادهما: استفانوس السابويّ، * 29: الشّهيدة أنستاسيّا الروميّة، البارّ أبراميوس ومريم إبنة أخيه، * 30: الشّهيدان زينوبيوس وزينوبيا أخته، الرّسول كلاوبا.   *

توبة شعبٍ 
(لأبينا البارّ رومانوس المرنّم)


في ظلِّ ما نعيشهُ، وفي خضمّ هذا التخبُّط وهذا الخوف الرّهيب اللذَينِ يَكْتَنِفانِ إنسانَ اليوم، ماذا يَسَعُنا أن نقول؟! 

حتّى لا نتَفلْسف أكثر، ولكي نُصوِّبَ أكثر على أساسِ علّتنا ومصدرها، واضِعينَ إصبعَنا على المكان الذي منهُ أَخذَ الورَم الخبيث بالتفشّي، نقول إنّه لا خلاصَ لكَ أيّها الإنسان، مؤمنًا كنتَ أم لا، مواظبًا أم لا على حياة الفضيلةِ والتّقوى في بيتكَ وبينَ أُسرَتِكَ، في عملكَ وبينَ أصدقائِكَ، مع الّذينَ تُحبّهم والذينَ لا تُحبّهم، إلاّ بالعودةِ إلى المحبّة الأوُلى: 

"أنا عارفٌ أعمالكَ وتعبكَ وصبركَ.. وقد احتملتَ ولكَ صبرٌ، وتعبٌ من أجل اسمي ولم تكِلّ. ولكن عندي عليكَ أنّكَ تركتَ محبّتكَ الأُولى. فَاذكُرْ مِن أينَ سقطْتَ وَتُبْ" (رؤ 2:2-5). 

مِن هُنا، مِن حيثُ سقَطْنا، علينا أن نتّضعَ ونتوب، راحِمينَ بعضُنا بَعضًا، مُحبّينَ بَعضنا بعضًا، شَفُوقِينَ على الآخَرِينَ قبلَ ذَواتِنا، وصارِخينَ كُلُّنا بِلِسانِ أبينا البارّ رومانوس المرنّم وقائلين:

"يا إلهي ومخلّصي، إنْ خَطِئتُ فَاضْرِبْني أنا وحدي، وارحَمِ الآخَرِينَ كُلَّهُم؛ ولكنْ، إن زَلَلْنا كُلُّنا، فاسمَعَ تضرُّعاتِ البَشَرِ جميعًا. لِيَأتِ غَوثُكَ فقط، فيتبدّدَ كلُّ ذُعرٍ. لا خوفَ يُرعِبُنا، إن قبلتَ التوبةَ التي نُقدّمُها لكَ. إنّكَ شفوقٌ رحيمٌ، فأشفِق علينا واصنَع إلينا رحمة. 

لا تجعَـل مِنّـا ضحيّةً لأعـدائِنا، ولا نكُـنْ مـحَـطّ كراهيةٍ كالسّـدوميين (تك١٣:١٣ و 13:19). بـل برحمَتـك اقـبَـلْ توبتَنـا الـيـوم. وجـُدْ عليّ بقطرةٍ واحدةٍ من مراحِمكَ، لأنّي أنا عبدُك.

يا ابنَ الـواحدِ ويا أيّها الإلهُ الأَوحَد، يا مَن يصنعُ مشيئةَ الذين يحبُّونَه، احفظْهم في الرّحمة إزاءَ الوعيدِ الآتي، يا مُنزّهًا عن الخطأ. وكما أشفقتَ على أهـلِ نـيـنـوى قـديمًا وأهّلـتَ يـونـانَ لأسـرارك (يـون٥:٤-١١)، هكذا اليوم أعتِق من الدّينونة الذين يَمدحونَك. وكَأجْرٍ لكلامي، امنحْني الـغـفـران؛ لأنّي أعـرفُ أن أتكّلم، وأمّا أن أفـعـلَ فـلا أعـرِف.

 لذلكَ، وكَوني لا أملكُ أعمالاً تستحقُّ مجدَك أيّها المخلِّص، خلِّصني أنتَ، أقلّه لأجلِ أقوالي، يا مُحبّ التوبة».


طروبارية القيامة باللّحن الأوّل

إنّ الحجرَ لمّا خُتمَ من اليهود، وجسدَكَ الطاهرَ حُفِظَ من الجُند، قُمتَ في اليومِ الثالثِ أيّها المخلِّص، مانحًا العالَمَ الحياة. لذلك، قُوّاتُ السَّماوات هتفوا إليكَ يا واهبَ الحياة: المجدُ لقيامتِكَ أيّها المسيح، المجدُ لِمُلكِكَ، المجدُ لتدبيرِكَ يا مُحِبَّ البشرِ وحدَك.

القنداق باللّحن الرابع

يا شَفيعةَ المَسيحيّينَ غَيرَ الخازِية، الوَسِيطةَ لدى الخالِقِ غَيرَ المَردُودة، لا تُعرِضي عن أصواتِ طلباتِنا نَحنُ الخَطأة، بل تَدارَكِينا بالمَعُونةِ بِما أنَّكِ صالِحة، نَحنُ الصارخِينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعة، وأَسرِعي في الطلْبة، يا والدةَ الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بِمُكَرِّمِيكِ.

الرِّسَالة 
2 كو 9: 6-11 

لِتَكُنْ يا ربُّ رحمتُكَ علينا 
ابتَهِجُوا أيُّها الصدّيقُونَ بِالرّبّ 


يا إخوةُ، إنّ مَن يزرعُ شَحيحاً فَشحيحاً أيضًا يحصُدُ، ومَن يزرَعُ بالبَركاتِ فبالبركاتِ أيضًا يحصُد، كلُّ واحدٍ كما نَوى في قلبِه، لا عَن ابتِئاسٍ أو اضطرار، فإنّ اللهَ يُحبُّ المُعطيَ المتهلِّل. واللهُ قادرٌ على أن يَزيدَكم كُلَّ نِعمةٍ حتّى تكونَ لكم كُلُّ كِفايةٍ كُلَّ حينٍ في كُلِّ شيءٍ، فتَزدادوا في كُلِّ عَمَلٍ صالح، كما كُتبَ: إنّهُ بَدّدَ، أعطى المساكينَ فَبرُّهُ يدومُ إلى الأبد. والذي يَرزُقُ الزارعَ زَرْعاً وخُبزاً للقوتِ يَرزُقُكم زرعَكم ويكثِّرُه ويَزيدُ غِلالَ بِرِّكُم، فتَستغنُون في كُلِ شيء لكلِ سَخاءٍ خالص يُنشئُ شُكراً لله.

الإنجيل
لو 8: 27-39 (لوقا 6) 


في ذلك الزمان، أتى يسوعُ إلى كورَةِ الجِرجِسييّنَ، فاستقبَلهُ رجُلٌ منَ المَدينَةِ بِه شياطينُ مُنذُ زَمانٍ طويلِ، ولم يكن يلبَسُ ثوباً ولا يأوِي إلى بَيتٍ بل إلى القبور. فلمّا رأى يسوعَ صاحَ وخرّ وقالَ بِصوتٍ عظيم: ما لي ولكَ يا يسوعُ ابْنَ اللهِ العليّ. أطلُبُ إليكَ ألاّ تُعَذِّبَني. فَإنّهُ أمَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ أن يَخرُجَ منَ الإنسانِ لأنّهُ كانَ قد اختطفَهُ مُنذُ زَمانٍ طويلٍ، وكانَ يُربَطُ بسلاسِلَ ويُحبَسُ بِقُيود، فيَقطَعُ الرُّبُطَ، وَتَسُوقُهُ الشَّياطِينُ إلى البراري. فسألَهُ يسوعُ قائلاً: ما اسمُك؟ فقالَ: لَجَيُون، لأنّ شياطينَ كثيرينَ كانوا قد دَخلوا فيهِ وطلبوا إليهِ أن لا يأمُرَهُم بالذهابِ إلى الهاوية. وكانَ هُناكَ قَطيعُ خنازيرَ كثيرةٍ ترعَى في الجبلِ، فَطَلَبوا إليهِ أن يأذنَ لهم بالدخولِ فيها فأذِن لهم، فخَرَج الشياطينُ من الإنسانِ ودخَلوا في الخنازيرِ، فوَثبَ القطيعُ عَن الجُرْفِ إلى البُحَيرةِ فاختنقَ. فلمّا رأى الرُّعاةُ ما حَدَثَ هَرَبوا فأخبَروا في المدينةِ وفي الحقول، فخرجوا ليَروا ما حَدَث، وأتوا إلى يسوعَ فوَجدوا الإنسَانَ الذي خَرَجَتِ مِنهُ الشياطينُ جَالِساً عندَ قدَمَي يسوعَ لابِساً صحيحَ العقل فَخافوا. وأخبَرَهُم الناظِرونَ أيضاً كيْف أُبْرِئَ المجنونُ. فسألَهُ جمِيعُ جُمهورِ كُورَةِ الجرجسِيّينَ أن ينصَرِفَ عَنهم لأنّهُ اعْتَراهم خوفٌ عَظيم. فدَخَلَ السفينةَ ورَجَعَ، فسَألَهُ الرجُلُ الذي خرَجَت مِنه الشياطينُ أن يكونَ مَعَهُ. فَصَرَفهُ يسوعُ قائلاً إرجع إلى بيتِكَ وحَدِّث بما صَنعَ الله إليك. فذهَبَ وهُوَ ينادي في المدينة كُلِّها بما صَنعَ إليه يَسوع.

في الإنجيل 

في الإنجيل الذي تُلي على مسامعنا اليوم نتعرّف الى الربّ يسوع الرحيم، المتحنّن علينا والشافي أمراضنا. وهو الذي أتى ليخلصّنا من الخطيئة والمرض والموت. 

ويقدّم لنا مثلاً حيّاً على ذلك، وهو شفاء هذا الإنسان الذي دخلته الشياطين، لذا دُعي لجيون لأنّ شياطين كثيرين كانوا دخلوا فيه، وقد سكنوا فيه منذ مدةٍ طويلة وكانوا يعذبونه. فلم يكن يلبس ثوباً ولا يأوي الى بيت بل الى القبور حيث تقيم الأموات.

ولكنّ الربّ يسوع أمرها للخروج منه ليعيد اليها حياته الطبيعيّة، وهو الذي خلقه، فهو القادر على شفائه، بعد أن طرد الشياطين التي كانت تقيم فيه، وعاد سليماً معافىً.

وقد وعدنا الربُّ أن يلبيّ طلباتنا التي نطلبها منه، وهو الذي قال لنا أطلبوا تجدوا، إقرعوا يفتح لكم.
هذا الإنسان طلب من الربّ يسوع أن يُخرج منه الأرواح الشرّيرة، ويشفى من مرضه، فكان له ما أراد، لأنه آمن ايماناً شديداً، وقويّاً بالربّ يسوع، والربُّ استجاب له.

وهذا يدعونا لنكون نحن مؤمنين بالربّ يسوع أيضًا، وإذا ما أصابَنا أيُّ مَرَضٍ أن نَلْجَأَ إلى الربّ، وهو طبيبُ نفوسِنا وأجسادِنا، وهو وحده القادرُ على خلاصِنا، فنلجأَ إليه، حتّى لا تلجأ إلينا الأرواحُ الشرّيرةُ ونُصبِحَ مثلَ "لَجَيُون". وأن نحتميَ بصليبِ الربِّ يسوعَ الذي يَحمينا منها، لأنّه قاهرُ الشياطين.

وقد أمر الربّ الأرواح الشرّيرة بالخروج من هذا المريض فخرجت الشياطين منه ودخلت في الخنازير، وهذا يُظهر قدرة الربّ يسوع، ومحبّتَه للإنسان، لأنّه خلق على صورته ومثاله، وأنّه أرفع قيمة من هذه الحيوانات.

"فخرجت الشياطين من الإنسان ودخلت في الخنازير". فوثب القطيع عن الجرف الى البحيرة فاختنق". طلبت الشياطين أن تنتقل الى الخنازير، فاعتقاد الشعب السائد حينذاك أن الشيطان المطرود يطلب ملجأ آخر. وأمّا غرق الخنازير فيدلّ على نهاية سلطة الشيطان.

لقد لخّص لنا الإنجيليّ لوقا في هذا المقطع عمل يسوع الخلاصيّ، فيسوع طرد الأرواح النجسة من الإنسان، وقيّدها في الهاوية، وأعطى الخلاص لكلّ البشر بمن فيهم الوثنيّون، لأنّ المنطقة التي عاش فيها هذا الإنسان كان يقطنها الوثنيّون.
الربّ يسوع طلب الى هذا الإنسان المعافى قائلاً له: إرجع الى بيتك، وحدِّث بما صنع الله إليك. فذهب وهو ينادي في المدينة كلّها بما صنع اليه يسوع".

وهذا يدفعنا نحن المؤمنين الذين افتداهم الربّ يسوع، بدمه الكريم، وأنقذهم من سلطة الأرواح الشرّيرة، أن نخبرَ بما صنعه الله إلينا، ونبشِّرَ به في كلّ مكان، وأن نحميَ أنفسنا من الشرير؟

الربّ يسوع قال لنا: "إنّ هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم. فلنصلِّ الصلاة التي علّمنا إيّاها الربّ يسوع نفسه وهي: أبانا الذي في السموات ليتقدّس اسمك...ولكن نجّنا من الشرّير"..

فالصلاة والصوم هما الدرع الواقي لنا من سهام الشرير الذي يشنّ علينا الحروب المتواترة ويأتينا بشتّى الأشكال والألوان، ويتزيّا بألف زيّ ولون. ولكن بقوّة الرب، وبنعمة الروح القدس، نحن ننتصر عليه إذا ما وضعنا رجاءنا عليه، وهو الذي داس الشرير، وحطمّه إلى غير رجعة، وحرّرنا من سلطانه علينا، لأنّنا نؤمن بالربّ القائم من بين الأموات بذات سلطانه الإلهيّ، له المجد إلى الأبد آمين.

في تربية أولادنا 

بسبب الأوضاع الاجتماعيّة والحياتيّة المعاصرة، نادرًا ما يجد الأهل شخصًا يرشدهم حول تربية أولادهم. في الحياة الواقعيّة، يختبر الأهل التربية أوّلًا مع ولدِهم البِكر. 

في بعض الأحيان، ينقلون مخاوفَهم وقلقَهم إلى ولدِهم مِن دُونِ أن يَدْرُوا.  وهذا ما يؤثِّرُ بِشِدّةٍ على شخصيّةِ ولدِهم وتصرُّفاتِهِ وعلاقاتِهِ المستقبَليّةِ معَ الآخَرِينَ ومعَ الله.  

على سبيل المثال، إنّ ترتيبَ الوِلاداتِ لَهُ تأثيرٌ كبيرٌ على نُمُوِّ شخصيّةِ الولد. 

فإنَّ الولدَ البِكرَ يمكنُ أن يشعرَ بأنّه أُزِيحَ مِن مكانِهِ عندما يأتي الولدُ الثاني. وهذا الأمر قد لا يستطيعُ الولدُ البِكرُ تَخَطِّيَهُ أبداً في حياته، إذا لم ينتبه الأهل ويبادروا إلى معالجة هذه المسألة. 

إنّ الولد الأوسط في العائلة يلجأ إلى أساليبَ لِشَدِّ الاِنتباه، بما في ذلك السلوك السيّئ أحياناً، ومحاولة تحقيق أمر مفيد أحيانًا أخرى، وذلك ليثبت جدارته لنفسه أمام الآخرين. على الأهل أن يساعدوه ويُصغوا إليه ليشعر بأنّه مقبول. 

أمّا الولدُ الأخير (الأصغر)، فعندما يأتي يكون الأهل قد اكتشفوا إنجازات إخوته الأكبر منه، لهذا يحاول الولد الصغير أن يفعل أموراً جديدة حتّى يبرهنَ عن قُدُراتِه، وإلّا سيشعر بعدم الثقة بالنفس وأنّه غيرُ مُقدَّر. 

على كلّ حال، إنّ الولد بحاجةٍ إلى أن يُحاوِرَهُ أهلُه وأن يُقنعوه ببعض الأمور، لا أن يُعطُوهُ أوامرَهم لينفّذَها. إنّ الأسلوب الجافَّ في التربيةِ يَجعلُ الولدَ يشعرُ عاطفيًّا بأنّه غيرُ محبوبٍ مِن أبيه أو أُمّه، فيضطرب عند إقامة علاقة لأنّه لا يعرفُ أن يُحِبّ، وقد نما فيه الشعور بأنّه غيرُ مرغوبٍ فيه. 

أحيانًا يسمح الأهل لأولادهم بالوقوع في خطأ (غير مميت) ليتعلّموا من خبرتهم، ويَنمُوا ويَنضَجُوا. الأمر تمامًا كالطائر الصغير الذي تتركه أمُّه يقع مرّاتٍ عدّةً من أجل أن يتعلّمَ الطيران. المهمّ، وبالأخصّ في فترة المراهقة لدى الأولاد، أن يستمرَّ الأهلُ بتواصلٍ شخصيٍّ مع أولادهم، وتحت أعيُنِهم.

مِن جهةٍ أُخرى، يؤكّدُ القدّيسُونَ المعاصرون، كباييسيوس الآثوسيّ وبورفيريوس الرائي، أنّ علاقة الأهل مع بعضهم تطبع الكثير في شخصيّة الولد. 

ذاتَ يومٍ أُتِيَ إلى الشيخ بورفيريوس بصبيٍّ يُعاني مِن تَوَتُّرٍ دائم، فطلب الأهل مشورة الشيخ لشفاء ابنهم. قال لهم: نَفْسُ ابنِكُم جيّدةٌ جِدًّا، فهي أفضلُ منّي. هو ليس مريضًا (أي ليس لديه مشكلة نفسيّة)، ولكنّه مجروحٌ من الداخل، ومتمرِّد، وذلك بسبب كبريائِكم والعِشْرَةِ السيّئةِ التي لكم. 

الحلّ هو بتقديس حياتِكم. فلمّا سَمِعَتِ الأُمُّ هذا، أَجْهَشَتْ بِالبُكاءِ لأنّها اعتقدَتْ أنَّ قداسةَ حياتِها أمرٌ مستحيل، وبالتالي ابنُها لن يشفى. فعزّاها الشيخُ بِقَولِهِ إنّ القداسةَ أمرٌ مُمكِن، ولا تتطلَّبُ سوى المحبّةِ والتواضع…

عندما يرى الأولادُ تضحيةَ الأُمّ والأبِ وحُبَّهُما وتفاهُمَهُما، يقدِّرُونَ معنى الأُبُوّةِ والأُمومة. بدون تضحية، يكون دَورُ الأمّ والأب بالنسبة للأولاد كَدَورِ مسؤولي حضانة. إنّ أهمّ فضيلةٍ يعلّمُها الأهلُ لأولادِهم هي أن تتكوّنَ لديهم أوّلًا رُوحُ التضحية. وهذه الروحُ تطلبُ إظهارَ فضائلِ المحبّة، والمسؤولية، والتقدير، والأمانة. 

يُشجِّعُ القدّيسُ يوحنّا الذهبيُّ الفَمِ الأهلَ على تنشئةِ أولادِهم على الفضيلةِ وعلى التحرُّرِ مِنَ الغِنى، فيقول: "إذا علَّمْناهُم مِنَ البَدْءِ أنْ يُحِبُّوا الحكمةَ الحقيقيّة، سيحصلون على غنًى ومجدٍ أكبرَ بكثير مِمّا يُحَقِّقُه الغنى المادّيّ.

 إذا تعلَّمَ الولدُ مِهنةً أو وصلَ إلى أعلى درجات العلوم والمعرفة، فلا يكون هذا بشيء بالمقارنة مع فنّ عدمِ التعلُّقِ بالمادّيّات. 

إذا كُنتُم تُريدُونَ أن يكونَ ابنُكُم غنيّاً، عَلِّمُوهُ ألّا تكونَ لديه رغبةٌ بمقتنياتٍ كثيرة، وألّا يُحِيطَ نفسَهُ بالغنى، وألّا يَطلُبَ لنفسِه شيئاً".

يُريدُ الذهبيُّ الفَمِ أن يقولَ إنّ حياةَ الغنيّ السَّهلةَ والمُتْرَفةَ لا تُساهِمُ بتربيةٍ جيّدة، لأنّها لا تُهَيِّئُ الولدَ لِمَصاعِبِ الحياة. لذا يجبُ أن نُنشئَ أولادَنا بشكل نهيِّئُهم فيه لمواجهة الصعوبات، وأن لا يتفاجأوا عندما يواجهون المشاكل. لذلك ندرّبهم على وصايا الربِّ وتعاليمِه.

"دَرِّبِ الطّفلَ على ما ينبغي أن يفعلَه، فلا يتركَه عندما يكبر" (الأمثال 22: 6).