الأحد 30 كانون الأوّل 2018

الأحد 30 كانون الأوّل 2018

30 كانون الأول 2018
 
الأحد 30 كانون الأوّل 2018     
العدد 52
 
الأحد بعد ميلاد المسيح
 
اللّحن السّادس     الإيوثينا التاسعة
 
*30: الشَّهيدة في البارّات أنيسيَّة، يوسف خطيب مريم، * 31: وداع عيد الميلاد، البارّة ميلاني التي من رومية، * 1: ختانة ربّنا يسوع المسيح، باسيليوس الكبير، غريغوريوس النزينزيّ والد غريغوريوس اللَّاهوتيّ، تقدمة عيد الظهور، * 2: سلفستروس بابا رومية، البارّ سيرافيم ساروفسكي، * 3: النبيّ ملاخي، الشَّهيد غورديوس، * 4: بارامون الظهور، تذكار جامع للرُّسل السَّبعين، البارّ ثاوكتيستُس، * 5: الشّهيدان ثاويمبتوس وثاوناس، البارَّة سنكليتيكي.  
 
عيد التجسّد الإلهيّ
 
يحتفل العالَم المسيحيّ، في الخامس والعشرين من شهر كانون الأوّل، بعيد ميلاد ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح. القراءة الإنجيليّة من إنجيل متّى الإصحاح (2: 1- 23)، كما نجد قصّة الميلاد في إنجيل لوقا 2: 1- 20 .
 
في هذا اليوم لا نعيّد لميلاد الطّفل يسوع ولكن نعيّد لسرّ التجسّد الإلهيّ، "الكلمة صار جسداً وحلّ بيننا فرأينا مجده كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمةً وحقًّا" (يوحنّا 1: 14)؛ بولس الرّسول يدعوه سرّ التّقوى "الله ظهر في الجسد" ( ا تيموثاوس 3: 16).
 
قصّة الميلاد في الإنجيل هي قصّة حبّ، قصّة حبّ من الله نحو البشر. 
 
لقد عاش العالَم القديم في حالة انتظار طويل لقدوم المخلّص. لقد أرسل الله الأنبياء الذين تنبّؤوا عن ميلاد المخلّص من البتول في بيت لحم. "ولمّا تمّ ملء الزّمان، أرسل الله ابنه مولوداً من امرأةٍ ، مولوداً تحت الناموس ليفتدي الذين هم تحت النّاموس لننال التبنّي "(غلاطية 4: 4).
 
لقد كان الله، عند قدماء الفلاسفة، مجرّد متفرِّج ينظر إلى العالَم من فوق، من عرشه وهو غير مبالٍ بآلامهم وأحوالهم. لقد كانت رغبة البشريّة أن ينزل الله عن عرشه ويعيش مع العالَم ويشعر بآلامهم وبؤسهم. لقد عبّر إشعيا النّبيّ عن هذه الرّغبة عندما صرخ قائلاً: 
 
"ليتك تشقّ السَّموات وتنزل" (أشعياء 64: 1). وهذا ما حصل تماماً في يوم الميلاد: لقد شقّ الله السَّموات ونزَل. لقد تجسّد الأقنوم (الشخص) الثّاني من الثّالوثِ الأقدس ليُخلِّص العالم. لقد بشَّر الملائكةُ الرّعاة
 السّاهرين في البرّيّة قائلين لهم: "لا تخافوا، فهاءَنذا أبشّركم بفرحٍ عظيمٍ يكون لجميع الشّعب: إنّه قد وُلد لكم اليّوم مخلّصٌ وهو المسيحُ الرّبّ".(لوقا 2: 10- 11).
 
يُلخّص القدّيس أثناسيوس الكبير غاية تجسُّد المسيح وهدفه بالعبارة التالية: "لقد تأنَّس الإله لكي يتألَّه الإنسان". 
 
نقرأ في صلاة غروب العيد:" اليومَ السّماء والأرض قد اتّحدتا بولادة المسيح، اليومَ الإله على الأرضِ ظهر، والإنسان إلى السَّمواتٍ صَعِدَ ".
 
في يوم الميلاد، أي في التجسّد الإلهيّ، تنازل الله إلى أقصى أعماق الشقاء البشريّ حاملاً، كإنسان، كلّ ثِقل آلام البشر وحزنهم حتّى الموت، موت الصّليب. 
 
لقد اختبرَ واحتمل في حياته كلّ ما يمكن أن يختبره ويحتمله أيّ إنسان من قلقٍ ويأس وألم ووجع ومعاناة؛ لقد اختبر كلّ شيء ما عدا الخطيئة. يقول كاتب الرّسالة إلى العبرانيّين: 
 
" لأن ليسَ لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا بل مُجرَّبٌ  في كلّ شيء مثلنا ما عدا الخطيئة" (عبرانيّين 4: 15).
 
لقد استخدم يسوع لقب "ابن الإنسان" عندما تكلَّم على ذاته، وهذا اللّقب يُشير إلى الطبيعة البشريّة. فيسوع المسيح كان إلهاً تامًّا وإنساناً تامًّا. 
 
كان شخصاً واحداً بطبيعتين: طبيعة إلهيّة وطبيعة إنسانيّة. هو إله تامّ وإنسان تامّ في الشخص نفسه، كما حدّد ذلك آباء المجمع المسكونيّ الرّابع.
 
الاِحتفال بعيد الميلاد، أي بتجسّد الكلمة، يعني إقراراً منّا بإنجاز كلّ التدبير الإلهيّ الخلاصيّ وإكمال 

 
النّبوءات والوعود منذ العهد القديم. يشرح القدّيس غريغوريوس اللّاهوتيّ معنى عيد الميلاد في حياتنا فيقول: 
 
"إنّنا نعيّد لمجيء الله إلينا لكي نعود نحن إليه، فنخلع الإنسان القديم ونلبس الجديد. كما مُتنا في آدم سنحيا في المسيح أيضاً".
 
في يوم الميلاد، يوم ظهور الله على الأرض كإنسان لأجلنا، كلّ فردٍ من المخلوقات وكلّ عنصرٍ من عناصر الطبيعة قدَّم شكره وهديّته للمسيح بطريقته الخاصّة: نقرأ في صلاة غروب العيد أنّ  "الملائكة قدّموا التّسبيح والسَّموات الكوكب، المجوس الهدايا والرّعاة التعجّب والأرض المغارة والقَفر المزود، وأمّا نحن فأمًّا بتولًا". 
 
لم يَرَ البشر أعظم من هذه الهديّة وأكرم، أي العذراء مريم الدّائمة البتوليّة والكلّيّة الطّهارة، لتُمثّل الجنس البشريّ بأكمله.
 
ونحن مدعوّون أيضاً في هذا اليوم، كلٌّ منّا على المستوى الشخصيّ، أن نقدِّم شيئاً للرّبّ المتجسِّد في يوم مولده. فلنقدِّم له قلوبنا مزودًا يتّكئ فيه فيُنير ظلمة خطايانا وأهوائنا.
 
لقد تنازل الرّبّ يسوع واتّكأ في مزود حقير ومغارة وضيعة وصغيرة، ولكنّه، بحضوره في هذا المكان الوضيع، أناره وقدّسه بشعاع نوره الإلهيّ. 
 
هذا ما سوف يحدث معنا: قلوبنا وضيعة وغير لائقة به ولكن فلنستعدَّ لاستقباله ولنهيّئ له مكاناً، وهو، بحضوره، سوف يُطهّره وينيره ويُقدِّسه.
 
لنقدّم للمولود الإلهيّ أيضاً وزنات أعمالنا الصّالحة كهدايا له عِوض الذّهب واللّبان والمرّ ولنعيّد، بطريقة مختلفة عن طريقة أهل العالَم، كما يُعلِّمنا القدّيس غريغوريوس اللّاهوتيّ قائلاً: "فلنعيّد، إذاً، لا بالمهرجانات الصّاخبة بل بأسلوب إلهيّ، لنعيّد لا بطريقة عالميّة بل بطريقةٍ تفوق العالَم. لا بما يخصّنا وإنّما بما يختصّ بالرّبّ. 
 
لا بما فيه مرضنا بل بما فيه عافيتنا. 
 
لا بما يتعلّق بأمور وجودنا وحسب بل بما يؤدّي إلى تجديدنا". ولنتذكّر، على الدّوام، أنّ تجسّد الرّبّ يسوع هو سبب هذا العيد وغايته.  آمين.
المسيح وُلدَ فمجِّدوه.
 
+باسيليوس
متروبوليت أوستراليا، نيوزيلندا والفيلبّين
 
طروباريَّة القيامة باللَّحن السّّادس
 
إنَّ القوّاتِ الملائكيّةَ ظهروا على قبرك الموَقَّر، والحرّاس صاروا كالأموات، ومريمَ وقفت عندَ القبر طالبةً جسدَك الطاهر؛ فسَبيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّب منها، وصادفتَ البتول مانحاً الحياة، فيا من قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.
طروباريّة القدّيس يوسف باللَّحن الثاني
 
يا يوسف بشّر داودَ جدَّ الإله بالعجائب الباهرة، لأنّكَ رأيتَ بتولاً حاملاً. فمع الرّعاة مجَّدتَ، ومع المجوس سجدت، وبالملاك أوحي إليك. فابتهل إلى المسيح الإله أن يخلّص نفوسنا.
طروباريّة عيد الميلاد باللّحن الرّابع
 
ميلادُكَ أيّها المسيحُ إلهنُا قد أطلعَ نورَ المعرفةِ في العالم. لأنَّ السّاجدين للكواكب به تعلَّموا من الكوكب السّجودَ لك يا شمسَ العدل، وأن يعرفوا أنّك من مشارقِ العلوِّ أتَيْت، يا ربُّ المجدُ لك.
قنداق الميلاد باللّحن الثّالث
 
 أليومَ البتول تلدُ الفائقَ الجوهر، والأرضُ تقرِّبُ المغارة لِمَن هو غيرُ مقتَرَب إليه. الملائكة مع الرعاة يمجِّدون، والمجوس مع الكوكب في الطريق يسيرون، لأنّه قد وُلِد من أجلنا صبيٌّ جديد الإلهُ الذي قبلَ الدّهور.
الرِّسالَة
غلا 1: 11-19  
رتِّلوا لإلهنا رتِّلوا يا جميعَ الأممِ صفِّقوا بالأيادي 
 
 
يا إخوةُ، أُعلِمُكم أنَّ الإنجيل الذي بشَّرتُ بهِ ليسَ بحسبِ الإنسانِ، لأني لم أتسلَّمْهُ أو أتعلَّمْه من إنسان،ٍ بل بإعلانِ يسوعَ المسيح. فإنَّكم قد سمعتُم بِسيِرتي قديماً في مِلَّةِ اليهودِ أني كنتُ أضطَهِدُ كنيسةَ اللهِ بإفراطٍ وأدمِّرُها. وأزيدُ تقدُّمًا في ملَّةِ اليهودِ على كثيرينَ من أترابي من جِنسي بِكوني أوفرَ منهم غَيرةً على تَقليداتِ آبائي. فلمَّا ارتضَى اللهُ الذي أفرزني من جوفِ أمّي، ودعاني بنعمتِه، أنْ يُعلِن ابنَهُ فيَّ لأُبشِرَ بهِ بينَ الأُمم،ِ لساعتي لم أُصغِ إلى لحم ودم،ٍ ولا صَعِدْتُ إلى أورشليم،َ إلى الرّسلِ الذين قبلي، بل اِنطَلَقتُ إلى ديارِ العربِ. وبعدَ ذلكَ رَجَعتُ إلى دِمشق. ثمَّ إنّي، بعدَ ثلاثِ سنينَ، صَعِدتُ إلى أورشليمَ لأزورَ بطرسَ، فأقمتُ عندَهُ خمسةَ عَشَرَ يوماً. ولم أرَ غيرَهُ من الرّسلِ سوى يعقوبَ أخي الرّبّ.
الإنجيل
متّى 2: 13-23
 
لمّا انصرف المجوسُ إذا بملاكِ الرّبّ ظهر ليوسفَ في الحُلم قائلاً: قُمْ  فخُذِ الصّبيَّ وأمَّهُ واهرُبْ إلى مصرَ، وكُنْ هناك حتّى أقولَ لك، فإنَّ هيرودسَ مُزمِعٌ أنْ يطلبَ الصبيَّ ليُهلِكهُ. فقام وأخذ الصبيَّ وأمَّهُ ليلاً وانصرف إلى مصر، وكان هناك إلى وفاة هيرودس، ليتمَّ المقول من الرّبّ بالنّبيّ القائل: من مصرَ دَعوتُ ابني. حينئذٍ، لمَّا رأى هيرودس أنَّ المجوسَ سخروا بهِ غضب جدًّا، وأرسل فقتل كلَّ صبيانِ بيت لحم وجميعِ تخومها من ابنِ سنتينِ فما دونَ، على حسب الزّمان الذي تحقَّقهُ من المجوس. حينئذٍ تمَّ ما قالهُ إرمياءُ النّبيُّ القائل: صوتٌ سُمع في الرّامةِ، نوحٌ وبكاءٌ وعويلٌ كثيرٌ. راحيلُ تبكي على أولادها، وقد أبتْ أنْ تتعزَّى لأنَّهم ليسوا بموجودين. فلمَّا مات هيرودسُ إذا بملاكِ الرّبِّ ظهر ليوسفَ في الحلمِ في مصر قائلاً: قُمْ فخُذِ الصبيَّ وأمَّهُ واذهبْ إلى أرض إسرائيلَ، فقد مات طالبو نفسِ الصّبيّ. فقام وأخذ الصّبيَّ وأمَّهُ، وجاءَ إلى أرض إسرائيل. ولمَّا سمع أنَّ أرْشيلاوس قد مَلك على اليهوديّة مكانَ هيرودس أبيهِ، خاف أنْ يذهبَ إلى هناك، وأُوحيَ إليهِ في الحلم، فانصرف إلى نواحي الجليل وأتى وسكن في مدينة تُدعىَ ناصرة ليتمَّ المقول بالأنبياء: إنَّهُ يُدعَى ناصريًّا.
 
الحياة الرّوحيّة، بين العائلة والسنة الجديدة 
 
العائلة لا تنمو بدون تعب وبذل. 
 
نرى الكثيرين يهتمّون بتأمين الحاجات المادّيّة للعائلة، ولكن كيف نؤمّن الحاجات الرّوحيّة؟ 
 
الأب هو أب لولد من جسد ونفس، وكذلك الأمّ. 
 
يردّد الرّبّ يسوع أنّه ماذا ينتفع الإنسان إن نما في الفكر والعلم والقامة، لكن خسر النّعمة، ونفسه هلكت؟! إ
 
ذًا، لا يقتصر الأمر على تأمين المادّيّات، بل أيضًا على طريقة حياة، وعلى أسلوب عيش نختاره كأهل لنا ولعائلتنا، فيه ننمو بالقامة والرّوح على السّواء.
 
تأتي السّنة الجديدة ومعها السّعي نحو تجدّد في الحياة: كيف نحيا ونكون بسلام ووئام؟ 
 
لعلّ الاِهتمام بالحياة الرّوحيّة لعائلتنا، ولأولادنا، هو ما يمكن أن يكون السّعي الجديد في السّنة الجديدة. 
 
وربّما يجب أن نبدأ، كأمّ وأب، بالاِهتمام بحياتنا الرّوحيّة أوّلًا، بما في ذلك الصّلاة الشّخصيّة والاِعتراف بالخطايا وقراءة الإنجيل وسير القدّيسين. 
 
ولكن، ماذا يقول القدّيس باييسيوس الآثوسيّ المعاصر حول تربية أولادنا روحيًّا: متى تبدأ تنشئة الولد روحيًّا؟ 
 
"إن كان الوالدان، خلال الفترة التي يكون فيها الطّفل في أحشاء أمّه، يصلّيان ويعيشان روحيًّا، فإنّ الطّفل سيولد مقدّسًا. 
 
وإن استمرّا في مساعدته روحيًّا فسيصبح إنسانًا مقدّسًا، وسيساعد الذين معه، سواءٌ أَكان في خدمته بالكنيسة أو في أيّ موقع آخر".
 
كذلك، يطلب القدّيس من الأهل أن يرفعوا الصّلوات من أجل أولادهم، وأن يضعوا ثقتهم بالله، لكي تقودهم نعمة الله إلى التصرّف الصحيح مع أولادهم: 
 
"على الوالدَين أن يساعدا أولادهما روحيًّا منذ الصغر، كون أخطائهم تكون صغيرة، وبسهولة سيستطيعون أن يقطعوها، كما تقشّر البطاطا الطازجة بسهولة لكنّها، عندما تصبح قديمة، تحتاج إلى سكّينة من أجل تنظيفها، وإن كان فيها شيء أسود فإنّك تحتاج إلى أن تعمّق السكّين بداخلها لاستخراجه. 
 
فإن ساعد الآباء أطفالهم منذ الصغر وملؤوهم من المسيح، فإنّهم سيكونون بجانبه دومًا، وإن ابتعدوا عنه عندما يكبرون، بسبب العمر أو المعاشرات الرّديئة، فإنّهم سيرجعون إليه لأنّ خوف الله والتّقوى اللّذَين استقتهما قلوبهم منذ عمرهم الصّغير لا يمكن أن يُمحيا أبدًا". 
 
فالحياة الرّوحيّة هي الضمانة الأساس لكلّ معرفة وعلم ونموّ! 
إذًا، العلم في الصِّغر كالنّقش في الحجر.وكذلك العلم الرّوحيّ في الصِّغر كالنّقش في الصّخر. لن يذهب سدى. 
 
ماذا لو كان الأهل يجهلون العلم الرّوحيّ؟ ينصحهم القدّيس قائلًا: "عندما لا يستطيع الوالدان أن يساعدا أولادهما فإنّهما يُوكلانهم إلى معلّمين. 
 
لذلك تصلّي الكنيسة في صلواتها من أجل آبائنا ومعلّمينا. كذلك يوجد آباء روحيّون كونهم يعملون من أجل ولادتهم روحيًّا". إ
 
ذًا استشارة كاهن الرّعيّة ضروريّة في مسيرة إنماء الحياة الرّوحيّة للعائلة.
 
لا بدّ من مواجهة السّنة الجديدة بتصميم جديد، وبإرادة قويّة لإكمال هذه اللّوحة التي أعطانا الله أن نعملها بمشيئته: أولادنا. 
 
إنّ صورة الإنسان بدون جمال روحيّ هي كصورة إنسان بدون وجه، أو تمثال فارغ الرّأس، فالوجه هو ما يعطي للإنسان فرادته وشخصيّته وجماله. 
 
لا بدّ لنا، إذًا، من أن نبدأ السّنة الجديدة بتصميم مقدّس يكمل تعبنا الأرضيّ بتذوّق المكافأة السّماويّة التي لا تأتي بدون تعب روحيّ، فتتقدّس حياتنا وحياة فلذات أكبادنا.
 
المسيح وُُلد فمجّدوه
 
المسيّا الموعود به أنّه سيأتي ليخلّص العالَم هو إله من إله، هو ابن الله الآب وكلمته، هو وحده مع الآب والرّوح القدس يليق به التّمجيد؛ فمجّدوه مؤمنين به يا بني البشر كملك جالس على عرش النّعمة لتنالوا الخلاص.
 
المسيح أتى من السَّموات فاستقبلوه.
 
المسيح نزل من عليائه واتّخذ طبيعة بشريّة ليشفي آدم وكلّ ذرّيّته من الموت والفساد، على حسب قول القدّيس أثناسيوس الرّسوليّ: "لو لَم يتّخذ الرّبّ يسوع المسيح طبيعتنا البشريّة لَما شُفيت من أسقامها".
 
 فيجب على الكنيسة (المؤمنين) أن تستقبله وتستبقيه في قلبها لتعبر سبيل العمر بسلام لتتقدّس.
 
المسيح على الأرض فارتفعوا
 
ارتفعوا يا بني البشر، ارتفعوا إلى جبل صهيون (جبل الإيمان) واستوطنوا في أورشليم العلويّة (الملكوت) لأنّ المسيح هو رافعكم بمجد نوره الذي لا يغيب. 
 
مسيرة المؤمن هي تتواق نحو العلى، حياته رؤيويّة ينظر من خلالها إلى المرتجى، يستشعر روحيًّا موطنه الأصليّ (الملكوت) لأنّ ابن البشر أتى إلى عالَمنا ولم يبقَ فيه إلّا حضوريًّا. 
 
فارتفعوا يا شعوب على جبل الفضائل المسيحيّة، "لأنّ الإله صار إنساناً لكي يصير الإنسان إلهاً بالتبنّي" (القدّيس أثناسيوس الرّسوليّ).
 
رتّلي للرّبّ أيّتها الأرض كلّها
لك ينبغي التسبيح يا ربّنا وإلهنا ولك نرسل المجد"، كلّ الخليقة تقدّم الثّناء لله كخبور صاعد على مذبح العزّة الإلهيّة. 
 
الخليقة وبَنُو البشر يقدّمون لك عبادتهم لأنّك أنتَ وحدك المعبود، أنت وحدك مَن أردت أن تصير للكلّ مجّاناً، أنت وحدك قدّمت ذاتك بمسرّة أبيك كقربان مقبول، أنت وحدَك يا إلهي يا من ذبحت ذاتك حبًّا بالبشر وتذبح من أجل الكلّ، أنت وحدك الحمل الذبيح قبل كون العالَم من أجل حياة العالَم.
 
ويا شعوب سبّحوه بابتهاج
دَعُوا قلوبكم مرتفعة إلى العلاء. الاِبتهاج هو الغبطة القلبيّة، هو سرّ الفرح الإلهيّ. 
 
يفرح الرّبّ بالقلوب المتهلّلة والعاشقة له. اتركوا يا شعوبُ البغضَ والحسد والكره والحروب والعداوة... وابتهجوا بهذا العيد الشريف كمن يحيا أبداً في حضرة  الله.
 
لأنّه قد تمجّد
"إلهنا ممجّد في قدّيسيه". 
 
القدّيس، في عرف كنيستنا، هو من ألغى نفسه طوعيًّا ولبس المسيح حبوريًّا. القدّيس هو الذي رأى بهاء الملكوت بمرآة تواضعه وتمسّك بلاهوت المحبّة الإلهيّة. فالإله الذي مجّد قدّيسيه بنعمته المؤلِّهة هم يمجّدونه أيضاً بصبرهم وسلامهم ووداعتهم ومحبّتهم لأنّهم مدركون عظمته.
أخبارنا
عيد الظّهور الإلهيّ
 
لمناسبة عيد الظّهور، يترأّس راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) خدمة بارامون العيد (صلاة السّاعات + الغروب) نهار الجمعة الواقع فيه 4/1/2019 السّاعة الثّامنة والنّصف صباحاً في دير سيّدة بكفتين. نهار الأحد الواقع فيه 6/1/2019 يترأّس سيادته قدّاس العيد وصلاة تقديس الماء، السّاعة الثّامنة صباحاً في كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس- طرابلس.