الأحد 8 كانون الثانـي 2017

الأحد 8 كانون الثانـي 2017

08 كانون الثاني 2017
 
 
الأحد 8 كانون الثانـي 2017
العدد 2
الأحد بعد الظّهور
 
 
اللّحن الرّابع            الإيوثينا السابعة
 
*  8: البارَّة دومنيكة، البارّ جرجس الخوزيبيّ، * 9: الشهيد بوليفكتوس، البارّ افستراتيوس، * 10: غريغوريوس أسقف نيصص، دومتيانوس أسقف مليطة، * 11: البارّ ثاودوسيوس رئيس الأديرة، البارّ فيتاليوس،
* 12: الشهيدتان تتياني وآفستاسيَّا، فيلوثاوس الأنطاكيّ، * 13: الشهيدان أرميلس وأستراتونيكس، مكسيموس (كفسُوكاليفيا)، * 14: وداع عيد الظهور، الآباء المقتولون في سيناء وريثو.
 
الحياة الروحيّة في الرعيّة
كنيسة الرعيّة ماذا تقدّم لأبنائها أكثر من قدّاس إلهيّ نهار الأحد إضافة إلى الخدم الأسراريّة كالمعموديّة والإكليل والدفن وبعض المساعدات الخيريّة؟ ألا يستطيع الكاهن أن يضيف إلى كلّ ذلك خدمة النفوس وإرشادها الروحيّ وشفاءها؟!
وأيضًا أن تفتح أبواب الكنيسة أكثر من مرّة في الأسبوع لإقامة الذبيحة الإلهيّة أو لصلاة غروب، براكليسي وغيرها. يمكن أن يقام القدّاس الإلهيّ مساءً وسط الأسبوع، لكن ما أجمل وأفعل ذبيحةً الهيّة تُقام في الصباح الباكر قبل الذهاب إلى الدراسة أو إلى العمل! لماذا؟ لأن الجهاد الروحيّ في الصلاة الشخصيّة أو الليتورجيّة فعّال ومثمر في السَّحَر حين يكون العقل صافياً (Fresh) وتقدّم باكورة فكرنا وصلاتنا إلى الله. كان عندنا في الكنيسة الأنطاكيّة تقليد ليس ببعيد في كلّ أبرشيّة أن يقام القدّاس الإلهيّ باكراً كلّ يوم في إحدى الكنائس المخصّصة لذلك. هذا لأنّ الخبرة الكنسيّة تفيد أنّ الصلاة، الباكريّة بخاصّة، ومعاشرة الربّ هما أولويّتان في حياة المؤمن، وهما تنعكسان إيجابيّاً في العائلة، في المدرسة وفي العمل وسط المجتمع.
الكنيسة هي المستشفى لأمراض النفس يقول القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم. هذا لأنّ المرض متجذّر في ذهننا (nous).
 
ويعلّمنا الآباء القدّيسون أنّ الإنسان لا يستطيع ان يشفى جذريّاً إلاّ بنعمة الروح القدس، طبعاً عن طريق التوبة Métanoia التي معناها الحرفيّ تغيير méta الذهن nous ليلحق بذهن المسيح أو فكره كما يدعو الرسول بولس في رسالته إلى أهل فيلبي (راجع فيلبي 2: 5).
أيّها الأحبّاء، الشهادة المسيحيّة الأرثوذكسيّة لا تعتمد فقط على العقل، لأنّها تفترض، أيضًا وخصوصاً، تطهير القلب عن طريق الإعتراف والتوبة. يقول القدّيس سيرافيم ساروف: "اقتنِ روح السلام في قلبك يُشفَ ويخلص أكثر من ألف نفس حولك".
 
لا ننسى، أيّها الأخوة، أنّنا نحن المؤمنين مدعوّون إلى أن نشهد للمسيح في مجتمعنا المتنوّع اليوم في مذاهبه وطوائفه، من جهة وفي ميوله الماديّة والدهريّة من جهة أخرى. الربّ يسوع نفسه يدعونا عن طريق تلاميذه قبل ان يصعد عنّا بالجسد إلى السماء قائلاً: "اذهبوا وتلمذوا كلّ الأمم... وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (متّى 28: 19-20).
 
هو الذي كان يعلّم "ويكرز بملكوت الله، ويطوف المدن والقرى شافياً كلّ مرض وكلّ ضعف في الشعب". (متّى 9: 35).

 
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
طروباريّة القيامة باللّحن الرّابع
إن تلميذات الربّ تعلّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجّدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
طروباريّة الظّهور باللّحن الأوّل
باعتمادك يا ربّ في نهرِ الأردن ظهرت السجدةُ للثالوث، لأن صوتَ الآب تقدمَ لكَ بالشهادة، مسميّاً إياكَ ابناً محبوباً، والروح بهيئة حمامة يؤيدُ حقيقةََ الكلمة. فيا مَن ظهرتَ وأنرتَ العالم، أيها المسيح الإله المجد لك. 
قنداق الظهور باللّحن الرّابع
اليومَ ظهرتَ للمسكونة يا ربّ، ونورُكَ قد ارتسمَ علينا نحن الذين نسبِّحُكَ بمعرفةٍ قائلين: لقد أتيت وظهرتَ أيُّها النورُ الذي لا يُدنى منه.

 
الرِّسَالة
أف 4: 7-13
لِتَكُن يا ربُّ رحمَتُكَ عَلَينا
ابتهِجوا أيُّها الصدّيقونَ بالربّ
 
يا إخوة، لكلِّ واحدٍ منا أُعطيَتِ النعمةُ على مقدارِ موهبةِ المسيح. فلذلك يقول: لمّا صعد إلى العُلى سبى سبيًا وأعطى الناسَ عطايا. فكونُهُ صعد هل هو إلاّ أنّه نزل أوّلاً إلى أسافل الأرض. فذاك الذي نزل هو الذي صعد أيضًا فوق السماوات كلِّها ليملأ كلّ شيء. وهو قد أعطى أن يكونَ البعضُ رُسُلاً والبعضُ أنبياءَ والبعضُ مبشِّرين والبعضُ رُعاةً ومعلِّمين. لأجلِ تكميل القدّيسين ولعَمَلِ الخدمة وبُنيان جسد المسيح، إلى أن ننتهي جميعُنا إلى وحدة الإيمان ومعرفة إبن الله، إلى إنسانٍ كاملٍ، إلى مقدار قامةِ مِلءِ المسيح.

 
الإنجيل
متى 4: 12-17 
 
في ذلك الزمان، لما سمع يسوع أن يوحنا قد أُسلم انصرف إلى الجليل، وترك الناصرة، وجاء فسكن في كفرناحوم التي على شاطئ البحر في تخوم زبولون ونفتاليم، ليتم ما قيل بإشعياء النبي القائل: أرض زبولون وأرض نفتاليم، طريق البحر، عبر الأردن، جليل الأمم. الشعب الجالسُ في الظلمة أبصر- نوراً عظيماً، والجالسون في بقعة الموت وظلالِه أشرق عليهم نور. ومنذئذ ابتدأ يسوع يكرز ويقول: توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات.

 
في الإنجيل 
"الشعب السالك في الظلمة أبصر نوراً عظيماً".
 
قراءة اليوم مأخوذة من سفر أشعياء، ويحدثنا فيه عن النور الذي ظهر للجالسين في ظلال الموت وكأن الإنجيل اراد أن يشير إلى ان النور قائم حيث المسيح وانه هو مصدر النور إلى العالم حتى انقضاء الدهر. وبعد ان اشار الإنجيل إلى ظهور النور  قال: "توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات" نور المسيح هو مصدر توبتنا ورجوعنا اليه. في التوبة تحصل عملية نمو روحي.ونحن اذا عدنا إلى الله بالتوبة نعود إلى النور الصادر منه، نعود إلى المحبة، لأن الله محبة كما يقول يوحنا الإنجيلي.والمحبة تلقي الخوف خارجاً. التوبة هي إحياء للنفس التي ماتت  بالخطيئة. إن عدنا إلى الله بالتوبة فما ذلك الا اشتيقاقاً منّا إلى النور بعد خبرة للظلمات، بعد صدمات وتجارب  مريرة، بعد خيبات أليمة. وكأن الله يسمح  بالسقوط حتى نتعلم من سقطاتنا ونتوق إلى الرجوع اليه.
 
الإنسان يعود إلى ربه لأنه عاين جمال ربه لا لأنه  يخاف  من الجحيم. الذين يعيشون الخوف لا يعودون العودة الحقيقية الكاملة إلى ربهم, لذلك يقول الإنجيل  "توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات". اي عودوا إلى ربكم لأنه هو الذي عاد اليكم اولاً: الله احبنا اولاً وهو الذي يبادر دائماً إلى خلاصنا. هو الذي تنازل الينا. اذا لاحظنا اننا بعيدون عن الله واننا لا نزال متسكعين في  ظلمات النفس الخاطئة. فما ذلك الا لأننا لم نلاحظ حتى الآن جمال يسوع. هذا  هو التفسير الحقيقي الذي يبين لنا لماذا لا نزال في خطايانا، لأننا مأخوذون بجمالات أخرى،  لأننا متحيرون بين النور والظلمة، لأننا لا نحب  النور صافياً ولا  الظلمة الكثيفة. نحن  بَيْنَ بين.  يجذبنا النور وتفصلنا  الظلمة. نحن معلقون بين ظلمة ونور لأننا لم نرض ان نسلم القلب كله إلى الرب.
 
الحل هو ان نعود بدموع التوبة ونركع امام السيد وان نقول بلسان كاتب الرؤيا "تعال ايها الرب يسوع، نعم تعال".

 
في التّوبة
للقدّيس نكتاريوس العجائبيّ
 
"تُوبُوا فَقَدِ اقتَرَبَ مَلَكُوتُ السّماوات" (مت 2:3).
 
التّوبةُ هِيَ نِيّةُ العَودَةِ إلى اللهِ الّذي ابتعدَ الإنسانُ عنه. فَمِن خلالِ التّوبةِ يَطلُبُ الإنسانُ التّواصُلَ مَعَ اللهِ، ويَلتَمِسُ رَحمتَه.
 
إنَّ اللهَ مُحِبٌّ لِلبَشَر، ولا يُريدَ أن يَهلكَ أحدٌ، بل يُريدُ الكُلَّ أن يَخلُصُوا وَيُقبِلُوا إلى معرفةِ الحقّ. لذلك، لا يَقبَلُ توبةَ التّائبِينَ بإرادتِهِم وَوَعيِهِم وحَسْب، بَل يَدعو أولئكَ الّذين تَهَوَّرُوا في الخطيئة بسببِ فقدانِ الحِسّ، وَيُرِيدُ أن يُخَلِّصَهُم.
 
منذُ سُقُوطِ آدم، لم يتوقَّفِ الله عن دعوةِ الجميعِ إلى التّوبةِ والرُّجوعِ إلى الشّركةِ معه. وقد ظهرتْ محبَّتُهُ العُظمى للبشر عندما أَرسَلَ ابنَهُ الوحيدَ لكي يَدعُوَ الإنسانَ الّذي ضَلَّ بِسَبَبِ الخطيئة، لكي يُصالِحَه. لِنَنظُرْ مِقدارَ محبّتِه لِلبَشَر: لَمّا كانتِ البشريّةُ رازحةً تحتَ ثقلِ الخطيئة، وعاجزةً عن الاتّصالِ بالله، أرسلَ الله يوحنّا السّابقَ كملاكٍ أمامَ ابنِه الوحيد، لكي يُهَيِّئَ الطّريقَ أمامَهُ ويَدعُوَ النّاسَ إلى معموديّةِ التّوبة لغفرانِ الخطايا. رسالةُ يوحنّا، الّتي أُعلِنَ عنها مُسبَقًا بنبوءةِ إشعيا، كانت مثالًا كبيرًا للمحبّةِ الإلهيّة للبَشَر، لأنّها بَشَّرَتْ بالنِّعَمِ الإلهيّةِ اللامحدودة.
 
ولكنَّ نبوءةَ كارزِ التّوبةِ شَهِدَتْ للحاجةِ الماسّةِ إلى التّهيئةِ مِن أجلِ تَقَبُّلِ المُخَلِّصِ والإنجيلِ والسّلام، والإعدادِ لها. فَلَو أنّ وَضعَنا الأخلاقيَّ لَم يَعُقْ فِعلَ النِّعمةِ الإلهيّة، ولو أنَّ النِّعمةَ خَلَّصَتِ الجميعَ مِن دُونِ تمييز، وَمِن دُونِ أن تَفصلَ بين الخيرِ والشّرّ، لَما كانتِ النُّبُوءةُ ضروريّة؛ ولَما كانت كِرازةُ يوحنّا ومعموديّةُ التّوبة ومجيءُ المخلّص ضروريّة. لماذا؟ لأنّ الله كان قد خلّصَ الإنسانَ مِن دُونِ إرسالِ ابنِهِ الوحيد. ولكن، لِأنَّ وَضعَنا الأخلاقيَّ كان يُعِيقُ نعمةَ الخلاص أن تَفعلَ في الخاطئ، أي في الإنسانِ الّذي سقطَ أخلاقيًّا وَلم يَعُدْ قادِرًا على النُّهُوض، بَشَّرَ اللهُ بالتَّهيِئةِ وطالَبَ بِها، مُرسِلًا السّابق قَبلَ مجيئِه، مُحَمِّلًا اِيّاهُ وَصِيّةَ الكرازةِ بالتّوبة، والتّعميدِ بِمَعموديّةِ التَّوبة.
 
يجبُ أن يُنَقِّيَ الإنسانُ ذاتَهُ ويتحرَّرَ مِن عُبُوديّةِ الشّيطان، لكي يَصِلَ إلى المُصالحةِ مع الله. الآبُ السَّماوِيُّ يُرِيدُ أن يَتَبَنّى الإنسانَ وَيُحصِيَهُ معَ الملائكةِ والقدّيسِين.. يُريدُ أن يُؤَلِّهَه. ولذلك، فالتَّوبةُ ضروريّةٌ جِدًّا، وَنَقاءُ السِّيرة. نعم، إنَّ التّهيِئةَ الأخلاقيّةَ ضروريّة، لأنّ الخطيئةَ ظُلمةٌ، بما أنّها عَمَلُ الشَّيطان المُظلِمِ وَأَبِ الظُّلمة.
 
فَعَلى الإنسانِ المُتَدَنِّس، الّذي كان يَقبَعُ في لعنةِ الخطيئة، لِكَي يَكُونَ على تَواصُلٍ معَ اللهِ القُدُّوس، أن يَبتَعِدَ مُسبَقًا عن طريقِ الضَّلال، وأن يَتُوبَ عن نَمَطِ حياتِهِ الخاطئ، وأن يَعُودَ إلى الله ويتقَبَّلَ منهُ مغفرةَ خطاياه.
 
والنّعمةُ الإلهيّةُ لا تُخَلِّصُ الإنسانَ مِن دُونِ مُوافقَتِهِ وتَقَبُّلِهِ لهذا التّغيير. إذا أَرَدْتَ أن تَخْلُصَ، فعلَيكَ أن تتنقّى بالتَّوبَةِ وَبِحَمّامِها المُطَهِّر، بُغْيَةَ أن تَحظى بِمَغفِرَةِ خطاياك، وتتقَدَّسَ، وتَتَصالحَ معَ الله.
 
معموديّةُ يُوحنّا كانت وستَبقى إلى الدَّهرِ مِثالَ التّوبة، وَسَتُعَلِّمُ الجميعَ أن الشّركةَ مع الله غيرُ ممكنةٍ ما دامَ الإنسانُ حاصلًا في الخطيئة. وَسَتُعَلِّمُ أيضًا أنَّ على الإنسانِ أن يَتُوبَ وأن يَحظى بِحَمّامِ الدُّمُوعِ المُطَهِّر، عُربُونَ مَغفِرَةِ الخطايا مِن قِبَلِ الله. فَحيثُ يَدنو رُوحُ التَّوبةِ هُناكَ تُبَدَّدُ كُلُّ خطيئةٍ وَتَبطُلُ قوى إبليسَ المُرَوِّعة، على حَدِّ تعبيرِ القدّيسِ "نِيلُس".
 
ولكنْ، بِسَبَبِ الضّعفِ الأخلاقيّ، يَسقُطُ الإنسانُ مُجَدَّدًا في خطايا متنوّعة، يُخاطِرُ بِسَبَبِها بِخلاصِه. لذلك، التّوبةُ ضَرورةٌ مُطلَقةٌ مِن أجلِ الخلاص، إذْ علَينا ألّا نضيّعَ الوقت، بل أن نُسارِعَ إلى التّوبةِ حتّى لا يَطُولَ زَمانُ الهَوى، فَيَجعلَ النّفسَ عادِمةَ الشِّفاء.
أخبــارنــا
كتاب القديس بايسيوس الآثوسي 
 
صدر حديثاً عن دار مطرانية طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس كتاب للأطفال بعنوان: القدّيس باييسيوس الآثوسيّ صديق الأطفال ترجمة الأرشمندريت ميخائيل رزوق بسعر 5000 ل.ل للكتاب يطلب من دار المطرانية.