الأَحَد 9 آب 2015

الأَحَد 9 آب 2015

09 آب 2015
 
الأَحَد 9 آب 2015
العدد 32
 
الأَحَد العَاشِر بَعْدَ العَنْصَرَة
 
اللَّحن الأوَّل     الإِيوثِينَا العَاشِرَة
 
* 9: الرَّسُول مَتِّيَّاس، البارّ بسويي. * 10: الشَّهيد لَفْرِنْدْيُوس رئيس الشَّمامسة. * 11: الشَّهيد آفبلُس الشَّمَّاس، نيفن بطريرك القسطنطينيَّة. * 12: الشَّهيدان فوتيوس وأَنِيكِيتُس. * 13: وداع التَّجَلِّي، نقل عظام مكسيموس المعترف، دوروثاوس أسقف غزَّة وتلميذه دوسيثاوس، تيخن زادونسكي. * 14: تقدمة عيد الرُّقاد، النَّبيُّ ميخا. * 15: رقاد سيِّدتنا والدة الإله الفائقة القداسة.
 
“لأنّي أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل”
معنى النِّداء “أبونا”
 
لقد عانَى الرَّسُول بولس الكثير في كورنثوس، وسواها من المدن، من بعض المُنْدَسِّين بين الإخوة، الَّذين كان شغلهم الشَّاغِل التَّهَجُّم عليه. وفيما كانوا يُعَيِّرُونَهُ بين مؤمِنِي المدينة، كان لسان حال الرَّسُول يقول إنَّه في الضّعف تكمن قوَّتُه لأنَّ نعمة الله تكفيه، حتَّى عندما يسلبه البشر كلّ سبب للرَّاحة. لكنَّه تألَّم بشدَّة لأجل انقسام الجماعة، الَّتي بَشَّرَهَا وتَعِبَ من أجلِهَا بأمانة، بين مؤيِّدٍ لفلان أو مناصِر لآخَر، ولم يكن يُريدُ حتَّى أن يتحزَّب له أحد بشكلٍ أعمى. كان الرَّسُول بمثابة "أمّ الصّبيّ"، يتألَّم لرؤية من أَحَبَّهُم يَضِلُّون عن طريق الحقّ وفكر الإنجيل. كان الرَّاعي الصَّالِح الَّذي لا يأبَه للتِّسعة والتِّسعين في طَلَبِهِ الخروف الضَّالّ.
 
لقد ضَلَّتْ بعض الخراف المحبوبَة عندما أَخذوا يَدينون، هم أيضًا، الرَّسُول بولس بِنَاءً على ما سمعوه، مُتَنَاسِينَ كلّ ما فَعَلَهُ من أجلهم. "لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ"، كتب إليهم الرَّسُول، "إِلَى أَنْ يَأْتِيَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ. وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَدْحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللهِ". عَيَّرَهُ المُنْدَسُّونَ بأنَّه أقلّ عِلْمًا وبلاغةً منهم، فتعجَّبَ كيف يفتخِرُ المرءُ بموهبة أَخَذَهَا من الله مجَّانًا. لذا، بدأ يخاطب جماعة المؤمنين بخطابٍ وجدانيّ يعبِّر عن روح التَّواضع والتَّضحية الَّذي يُمَيِّزُ رُسُلَ المسيح. عند هذه النُّقطة من المناقشة يبدأ المقطع الَّذي يُقْرَأُ في هذا الأحد.
 
كان رسل المسيح، "آخِرِي النَّاس"، مُعَرَّضِين للجوع والعطش والموت في كلّ لحظة. لكنَّهم، بخلاف الآخَرِين، استلَمُوا من المسيح نعمة الرَّسُوليَّة لتحقيق طاعة الشُّعوب للإيمان (رومية ١: ٥). لذا، تراهم يعيشون كجُهَّال لكي يصبح المؤمنون حكماء؛ يَظهرون ضعفاء لكي يكون أولئك أقوياء. وبلغ الوصف حدّ القول: "يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ، وَنَتْعَب عَامِلِينَ بِأَيْدِينَا. نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ، نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ. صِرْنَا كَأَقْذَارِ الْعَالَمِ وَوَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الآنَ”. ماذا يريد المُغْرِضُون أكثر من هذا؟. لا يُبالي الرَّسُول بولس بما يقولونه عنه، لا بل هو يحسب نفسه كأقذار العالم!. هل ثمّة مَن يُقْدِم على التَّضحية إلى هذه الدَّرجة سوى الأب أو الأم؟!...
 
"لَيْسَ لِكَيْ أُخَجِّلَكُمْ أَكْتُبُ بِهذَا، بَلْ كَأَوْلاَدِي الأَحِبَّاءِ أَنْصَحُكُم". بسبب من محبَّته لهم كأبناء، يَقبل الشَّتائم والتَّحقير والصُّعوبات. هو الَّذي بأَتْعَابِه وأَسْفَارِه، وبالضِّيقات والمَخَاطِر، والفقر والعطش والجوع، أَوْصَلَ إليهم إنجيل المسيح يسوع، فأَصْبَحُوا بمثابة ثمار أتعابه. فلم يَعُدْ مُرْشِدًا لهم كـسواه، بل أصـبح بمثابة أَبٍ لهم:
 
 "لَيْسَ لَكُمْ آبَاءٌ كَثِيْرُونَ، لِأَنّي أَنَا وَلَدْتُكُم فِي المَسِيْحِ يَسُوْعَ بِالإِنْجِيْلِ".
 
كرسولٍ ائْتَمَنَهُ الرَّبُّ على الإنجيل، أَحَبَّ القدِّيسُ بولس أولاده في المسيح محبَّة الأب لأولاده، فاعْتَادَ مُنَاداتهم أبناء. كتب إلى تيموثاوس وتيطس مُخَاطِبًا كُلًّا منهما: “يا ولدي المُخْلِص”. وفي رسالته إلى أهل تسالونيكي، يتوجَّه إليهم بالقول: "بَلْ كُنَّا مُتَرَفِّقِينَ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا تُرَبِّي الْمُرْضِعَةُ أَوْلاَدَهَا" (١تس ٢: ٧)، وأيضًا: "كَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ كُنَّا نَعِظُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ كَالأَبِ لأَوْلاَدِهِ، وَنُشَجِّعُكُمْ” (١تس ٢: ١١-١٢).
هذه العلاقة بين المُبَشِّر المُعَلِّم المُضَحِّي والمؤمنين بواسطته تُصْبِحُ كعلاقة الأب والأبناء. ولهذا أَخَذَ المؤمنون يُنادون أسقف الجماعة "الأب" ("أبونا"). وكبير الأساقفة "أب الآباء"(في اليونانية "بطريرك").
 
بناءً على صورة التَّضحيات الَّتي تَحَدَّثَ عنها الرَّسُول قبل تعبيره عن محبَّته للجماعة كأبناء، يَتَبَيَّنُ لنا أنَّ اللَّقب "أبونا" يَخْلُو من الاِمتيازات البشريَّة، لأنَّه يُظْهِرُ مسؤوليَّة التَّضحية ونُكْرَان الذَّات من أجل إيصال كلمة الإنجيل، من دون تشويش، إلى خراف المسيح.
 
*        *         *
 
طروباريَّة القيامة باللَّحن  الأَوَّل
 
إِنَّ الحجرَ لـمَّا خُتِمَ من اليَهود، وجسدَكَ الطَّاهِر حُفِظَ من الـجُـــنـد، قُمْتَ في اليومِ الثَّالِثِ أَيُّهَا المُخَلِّص، مانِحًا العالمَ الحياة. لذلك، قوَّاتُ السَّمَاواتِ هَتَفُوا إِليكَ يا واهِبَ الحياة: المجدُ لِقِيَامَتِكَ أَيُّهَا المسيح، المجدُ لِـمُلْكِكَ، المجدُ لِتَدْبِيرِكَ يا مُحِبَّ البَشَرِ وَحْدَك.
 
طروباريَّة التَّجلِّي  باللَّحن السَّابِع 
لَمَّا تَجَلَّيْتَ أَيُّهَا المسيحُ الإلهُ في الجَبَل أَظْهَرْتَ مَجْدَكَ للتَّلامِيذِ حَسْبَمَا اسْتَطَاعُوا، فأَشْرِقْ لَنَا نَحْنُ الْخَطَأَة نُورَكَ الأَزَلِي بشفَاعَة والِدَة الإله، يَا مَانِحَ النُّورِ المَجْدُ لَك.
 
قنداق التَّجَلِّي  باللَّحن السَّابِع
 
تَـجَـلَّـيْـتَ أَيُّهَا الْـمَـسِيحُ الإِلَهُ في الْجَـبَـل، وحَـسْبَـمَـا وَسِـعَ تَلَامِـيـذُكَ شَـاهَـدُوا مَـجْـدَك، حَـتَّى عِـنْـدَمَـا يُعَايِنُوكَ مَـصْـلُـوبًـا، يَـفْـطَـنُـوا أَنَّ آلامَـكَ طَـوْعًـا باخْتِيارِك، وَيَكْرِزُوا لِلْعَالَم أَنَّكَ أَنْتَ بالْحَقِيقَةِ شُعَاعُ الآب.
 
الرِّسَالَة
 
1 كو 4: 9-16
لِتَكُنْ يَا رَبُّ رَحْمَتُكَ عَلَيْنَا
اِبْتَهِجُوا أَيُّهَا الصِّدِّيقُونَ بالرَّبِّ
 
يا إخوةُ، إنَّ اللهَ قد أَبْرَزَنَا نحنُ الرُّسُلَ آخِرِي النَّاسِ كَأَنَّنَا مَجْعُولُونَ لِلْمَوْت. لِأَنَّا قَدْ صِرْنَا مَشْهَدًا للعالمِ والملائكةِ والبَشَر. نحنُ جُهَّالٌ من أجلِ المسيحِ أمَّا أنتمُ فحُكَمَاءُ في المسيح. نحنُ ضُعَفاءُ وأنتم أقوياءُ. أنتم مُكَرَّمُون ونحنُ مُهَانُون. وإلى هذه السَّاعةِ نحنُ نَجُوعُ ونَعْطَشُ ونَعْرَى ونُلْطَمُ ولا قَرَارَ لنا ونَتْعَبُ عَامِلِين. نُشْتَمُ فَنُبَارِك. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ يُشَنَّعُ علينا فَنَتَضَرَّع. قد صِرْنَا كَأَقْذَارِ العالمِ وكَأَوْسَاخٍ يَسْتَخْبِثُهَا الْجَمِيعُ إلى الآن. ولَسْتُ لِأُخْجِلَكُم أَكْتُبُ هذا وإنَّما أَعِظُكُم كأولادي الأَحِبَّاءِ، لِأَنَّه ولو كانَ لكم رُبْوَةٌ منَ المُرْشِدِينَ في المسيحِ ليسَ لكم آباءُ كَثِيرُون، لِأَنِّي أَنَا وَلَدْتُكُم في المسيحِ يسوعَ بالإنجيل، فَأَطْلُبُ إليكُم أنْ تَكُونُوا مُقْتَدِينَ بي.
 
الإنجيل
متَّى 17: 14-23 (متَّى 10)
 
في ذلك الزَّمان، دَنَا إلى يسوعَ إنسانٌ فجَثَا لهُ وقالَ: "يا رَبُّ ارْحَمِ ابْنِي فإنَّهُ يُعَذَّبُ في رُؤوسِ الأَهِلَّةِ، ويَتألَّمُ شديدًا لأنَّهُ يقعُ كثيرًا في النَّار وكثيرًا في الماءِ، وقد قدَّمْتُهُ لتلاميذِكَ فلم يَستطيعُوا أنْ يَشْفُوهُ". فأجابَ يسوعُ وقالَ: "أيُّها الجيلُ الغيرُ المُؤْمِنِ الأَعْوَجُ إلى مَتَى أَحْتَمِلُكُم. هَلُمَّ بهِ إليَّ إلى هَهُنَا"، وانْتَهَرَهُ يسوعُ، فخَرَجَ منهُ الشَّيطانُ، وشُفِيَ الغُلامُ من تِلْكَ السَّاعة. حينئذٍ دَنَا التَّلامِيذُ إلى يسوعَ على انْفِرادٍ وقَالُوا: "لماذا لم نَسْتَطِعْ نحنُ أنْ نُخْرِجَهُ"، فقالَ لهم يسوعُ: "لِعَدمِ إيمانِكُم. فإنِّي الحقَّ أقولُ لكم: لو كانَ لكم إيمانٌ مِثْلَ حَبَّةِ الخَرْدَلِ، لَكُنْتُم تَقُولُونَ لهذا الجبلِ انْتَقِلْ من هَهُنَا إلى هُناكَ فيَنْتَقِلُ ولا يَتَعَذَّرُ عَلَيكُم شيءٌ. وهذا الجِنسُ لا يَخْرُجُ إلَّا بالصَّلاةِ والصَّوْم". وإذ كانُوا يَتَرَدَّدُونَ في الجليل، قال لهم يسوع: "إنَّ ابْنَ البشرِ مُزْمِعٌ أنْ يُسَلَّمَ إلى أَيدِي النَّاس، فيَقْتُلُونَهُ، وفي اليوم الثَّالِثِ يَقُوم".
 
 
في الإنجيل
 
في كلِّ صلواتِنَا نَطْلُبُ الرَّحمةَ من إلهِنَا لأنَّه هو إلهُ الرَّحمةِ والرَّأَفَات والمحبَّة للبشر، كما جاء في الإعلان الَّذي يقولُه الكاهن قبل إفشين إحناء الرُّؤوس في صلاة السَّحَر وفي غيرها من الصَّلَوَات. الكتابُ المقدَّسُ كلُّه مليءٌ بالحوادثِ الَّتي تتكلَّمُ عن رحمة ورأفة ربّنا. لا يستطيعُ الأبُ أن يَرَى أولادَه في خطر ويقفُ بعيدًا مُتَفَرِّجًا، لأنَّ قلبه مليء بالحنان والرَّحمة. هكذا، ربّنا لما رآنَا في خطرٍ من الشَّيطان، إذ أُخْرِجْنَا من الفردوس، لم يَقِفْ مُتَفَرِّجًا بل دَبَّرَ، بأحشاِء رحمتِه، خلاصًا لنا إذ أَرْسَلَ ابْنَهُ الوحيد ليُخَلِّصَنَا من أخطار الخطايا الَّتي تُحِيقُ بِنَا بسُهُولَةٍ كما يقول الرَّسُول بولس.
 
هذه الحادثة، الَّتي سَمِعْنَاهَا في إنجيل اليوم، هي نَمُوذَجٌ عن رحمةِ ربِّنَا الواسِعَة الَّتي لا حَدَّ لها. لم يَسْتَطِع الرُّسُل أنْ يَشْفُوا هذا الإنسان المعذَّب والمُتَأَلِّم بسبب الشَّيطان رغم أنَّ الرَّبَّ يسوع قد أَعْطَاهُم السُّلْطَان أنْ يَشْفُوا المَرْضَى ويُخْرِجُوا الشَّيَاطِين... فما هو السَّبب، إذًا، لعدم قدرة الرُّسُل على شفائه!!.
 
يُجِيبُ ربّنا أنَّ هذا الأمر يَحتاجُ الصَّلاةَ والصَّوم، والكنيسة الآن تمارِسُ صيام السَّيِّدة العذراء. ولكن، الصَّلاة والصَّوم يستلزِمان من الإنسان، بدايةً، المحبَّة والإيمان بالإله الواحِد، وبالتَّالي تسليم الذَّات له، وإلَّا فلا يكون هذا الصَّوم سلاحًا ضدّ الشَّياطين. فالأبالِسَة تَهَابُ الإنسان الَّذي يُمَارِسُ الصَّوم بِحَقٍّ ومعرفَةٍ، وهذا واضِحٌ لمَّا حاوَلَ إبليس خِدَاع ربّنا يسوع لمَّا صامَ أربعين يومًا وأربعين ليلة.
ولكن، لماذا تخافُ الشَّياطين من الإنسان الصَّائم، بالرّغم من أنَّها لا تأكل أبدًا؟. يمكننا أن نعرف الجواب إذا أَدْرَكْنَا أنَّ هدف الصَّوم هو تنقية الإنسان من أَدْرَانِ الخطايا والرَّذَائِلِ الكامِنَة في نفس الإنسان والمُغَذَّاة من الشَّياطين، وليس هو نموذجًا عن الانقطاع عن مآكل معيَّنَة أو "ريجيم" للجسد. 
 
إذًا، التَّنقية والاِتِّحاد بالله عبر الصَّلاة يقهران الشَّياطين، الَّتي بدورها تريد عكس ذلك وهو موت الإنسان كما هو مُبَيَّن في الحادثة الإنجيليَّة. والإنسان الَّذي يُمَارِسُ هاتَيْنِ الفَضِيلَتَيْنِ بإدراك يُصبحُ قلبُه رحيمًا شفوقًا محبًّا على صورة خالقه.
المطالعة، جدواها وأهمِّيَّتها
 
لستُ أكتبُ دفاعًا عن المُطَالَعَة، فأنا أُحبُّها جدًّا. إنَّما بسبب محبَّتي العظيمة لها، آثَرْتُ أن أكتبَ عن عددٍ من الأمور تتعلَّق بها، وذلك كَي أُبَيِّنَ ما يَفقده الإنسان، إذا أَهْمَلَهَا، وما يَفُوز به ويجنيه، إن أَحَبَّها.
 
أن تَقْرَأ، فهذا يعني أنَّكَ تَبني شخصيَّتك، أفكارك، قناعاتك، ورُؤاك. ومن لا يَقرأ، لا يُمكنه أن يعرف ما عـنده من استعدادات فكريَّة، كما ولا يمكنه أن يطوِّر ما عنده على طريق الأفضل والأعمق. لقد بَيَّنَتِ الدِّراسَات أنَّ 74% ممَّا نأخذه في هذه الحياة، يُبْنَى على أساس المطالعة. كذلك، فإنَّ غياب المطالعة يَحجب عن المرء إمكانيَّة التَّقرُّب من الآخَر للتَّعَرُّف على ما عنده. وقد يستطيع المرء أن يقول أنَّ من لا يَقْرَأُ، يفقدُ عُنصرًا أساسًا في التَّحاور مع الآخَرين. مِنْ شَأْنِ المطالعة أنْ تُسْهِمَ في تَنْمِيةِ المَعْرِفَة، وتوسيع الفِكْرِ وتعميقِ الرُّؤيا. وفي دراسةٍ أُجْرِيَت في الجامعة الأميركيّة، بيروت، تَبَيَّنَ أنَّ قِطَاعات علميَّة عِدَّة نَمَتْ بفضلِ اللُّغة الإنكليزيَّة، الأمر الَّذي يَسْتَتْبِعُ أنَّه إذا كان كثيرون لا يَقرأون باللُّغة الأُمّ، فماذا نقول عن قراءة مادَّةٍ علميَّة وُضِعَت في الإنكليزيَّة؟!. اليوم تسود الصُّورة القائمة على مزاعم تجعل خبرات متشابِهَة عند كثيرين من النَّاس. لا يُلاحِظُ المرءُ المراقِبُ حيويَّة فكريَّة عند الأجيال الفَتِيَّة، بل هناك تَفَشٍّ مَلْحُوظ للخُمول، للكسل، للاِستهلاك، ولحالة أقلّ ما يُقَالُ فيها إنّها في شبه اللَّامسؤوليَّة. الأجيال الفَتِيَّة لا تُعْرِبُ اليوم عن مسؤوليَّة تُجاه أيّ شيء. ما يهمُّ شباب اليوم، عمومًا، السَّيَّارة، السّلّولِير، وأشكاله، ألوانه وأنواعه. إذا جلس المرء  إلى أحد الشَّباب صغار السِّنّ، لا يسمَعُ إلّا جِيغَا، يُونِيت، واتس آب، فايس بوك. هذه هي الثَّقافة الَّتي تَسْتَهْوِي أجيال اليوم. 
 
لماذا يجب أن نقرأ؟!...
 
يجب أن نقرأ لأنَّ القراءة هي بوَّابة المعرفة والطَّريق العمليّ إلى تهذيب الفكر. في هذا السِّياق يقول المؤرِّخ توينبي إنّ زيادة نسبة الَّذين يقرأون هي في الأساس الوطيد لحضارة يمكن الاِفتخار بها. وأَبْسَط ما يُقَال إنّ تَنْمِيَةَ الفكر من شأنها أن تُسْهِمَ في تعميق التَّحليل، والنَّقد، وتطوير السُّلوك والفكر البشريَّيْن.
 
ما العمل كي نشجّع على فن القراءة؟
 
أجيال اليوم لا تَقْرَأُ، وفي هذا كلّ الدّليل أنّ القراءة هي وجود لا قيمة له بالنسبة إليهم. القراءة، كي نمتلكها، ينبغي أن تكون حاجة في نفوسنا. ينبغي أن تكون أمرًا أساسيًّا بالنِّسبة إلينا يُغذِّينا، يُشبع كياننا، ويَقوم بما نحن بحاجة ماسَّة إليه. إلَّا أنَّ امتلاك هذه الحاجة كي تعطينا كلّ ما فيها، يفرض علينا أن نعرفَ جَدواها ونحبَّها، وأن نجعلَ وقتًا لممارستها والإقبال على أطايبها. ويقول الفيلسوف الصِّيني كونفوشيوس: مهما تعدَّدَتْ مشاغلك واهتماماتك، لا بدّ أن تجد وقتًا للقراءة، وإن لم تَفعل فأنت تَسَلِّمُ نفسَك بجهل. وهكذا، كي تَدْنُو من القراءة عليك أن تحبَّها وتحدِّد وقتًا لممارستها، وأيضًا أن تُخَصِّصَ جزءًا مُحَدَّدًا من مالك، لشراء الكتب. ولكن، أين هم الَّذين يَقرأون اليوم، ويجلسون إلى الكتاب، وينفقون في سبيله القليل القليل من مالهم؟!. عالم اليوم جاهِل كونه لا يَقرأ، ولهذا عواقب وخيمة يُتْرَكُ البحث فيها إلى عددٍ آخَر. باختصار، وهذا ما يعنيني في العمق: كيف نعرف تعليم الكنيسة وفكر الآباء القدِّيسين، على صعيدَي الرّوحانيّة والكتاب المقدَّس، إن كنَّا لا نقرأ؟!...
 
أخبارنا
 عيد رقاد السَّيِّدة العذراء
 
لمناسبة عيد رقاد والدة الإله السَّيِّدة العذراء:
- يترأَّس راعي الأبرشيَّة المتروبوليت أفرام (كرياكوس)، مساء الخميس الواقع فيه 13 آب 2015، صلاة البراكليسي في كنيسة سيِّدة الراس في بطرَّام- الكورة السَّاعة السَّابعة مساءً،
 
- وفي مساء الجمعة الواقع فيه 14 آب يترأَّس سيادته صلاة غروب العيد في دير سيِّدة النَّاطور – أنفه عند السَّاعة السَّادِسَة مساءً.

- وفي يوم العيد أي الخامس عشر من آب، يترأَّس سيادته القدَّاس الإلهيّ في كنيسة السَّيِّدة في رعيَّة عاصون- الضّنّيّة. تبدأ صلاة السَّحر عند السَّاعة الثّامنة صباحًا.