الأحد 8 أيلول 2013

الأحد 8 أيلول 2013

08 أيلول 2013

 

الأحد  8 أيلول  2013
العدد 36
الأحد قبل رفع الصَّليب
اللَّحن الثَّانِي   الإيوثينا الحادِيَة عشرة
 
*8: الأحد قبل رفع الصَّليب، ميلاد سيِّدتنا والدة الإله الفائقة القداسة. *9: تذكار جامع لجَدَّي الإله يواكيم وحنَّة، الشَّهيد سفريانوس.    *10: الشَّهيدات مينوذورة وميتروذورة ونيمفوذورة. *11: البارَّة ثاوذورة الإسكندرانيَّة، أفروسينوس الطَّبَّاخ. * 12: وداع ميلاد السَّيِّدة، الشَّهيد في الكهنة أفطونومُس* 13: تقدمة عيد الصَّليب، الشَّهيد كورنيليوس قائد المئة ورفقته، تجديد هيكل القيامة *14: عيد رفع الصَّليب الكريم المحيي (صوم).
 
الاِسْتِعْدَاد للمُنَاوَلَة
 
"الَّذي يأكل (من هذا الخبز) ويشرب (من هذه الكأس) بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميِّزٍ جسد الرَّبّ" (1كو 11: 29).
المناولة جزء من القدّاس الإلهيّ. يأتي البعض إلى الكنيسة، إلى القدَّاس الإلهيّ، لكي يُتَمِّمُوا فقط واجباتهم الدِّينيَّة. لذلك، يضيف الرَّسول بولس: "ليمتَحِن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس" (1كور 11: 28). يُعَلِّق القدِّيس يوحنَّا الذَّهبيّ الفم على هذا بقوله: "يوصي الرَّسول بأن يتقدَّم الواحِد لتناول الأسرار بضمير نقيّ". ماذا يعني ذلك؟
نقاوة القلب تأتي عن طريق التَّوبة والاِعتراف. لنتذكَّر قول القدِّيس اسحق السّريانيّ الشَّهير: "من يعترِفُ بخطاياه ويتوبُ عنها هو أهمّ ممَّن يُقِيمُ الموتى". ولنذكر، أيضًا، ما يقوله الكاهن عند المناولة: "يُنَاوَلُ عبدالله (فلان) جسد ودم ربّنا يسوع المسيح لمغفرة خطاياه وحياة أبديَّة".
 
"لمغفرة خطاياه" أي لشفائه جسدًا وروحًا، ولحياة أبديَّة للقاء الرَّبّ الَّذي هو الحياة الحقيقيَّة. أَمَا تَعْلَمُونَ من جهة أُخرَى أنَّ الجسد الَّذي نتناوله هو المسيح نفسه، المسيح القائم من بين الأموات والغالِب الموت. بهذا، كما يفسِّر آباؤنا نأخُذُ نعمةً خلاصِيَّة، والنِّعمة الإلهيَّة المُخَلِّصَة سيف ذو حدَّيْن: هي نورٌ للمُتَقَدِّم بندامة حقيقيَّة لاقتبالِهَا ونارٌ مُحْرِقَةٌ لغير المُستَحِقِّين أو المُتَهَامِلِين غير التَّائِبِين عن خطاياهم وزلَّاتِهِم. إذًا، كيف نستعِدُّ عملِيًّا للمناولة، أعني بصورة أوضح للاِشتراك بالقدّاس الإلهيّ والمناولة؟
 
أوّلاً، القدّاس الإلهي يسبقه صومٌ، صومٌ عن الطَّعام وصومٌ عن الفساد بكلّ أشكاله. آخَر الدَّواء الكَيّ بمعنى أنَّ العلاج النَّافِع للخطيئة هو الهرب منها. أمَّا الاِمتِنَاع عن الطَّعام فيعود إلى التَّقليد القديم: هو الحرص أنَّ باكورة الأطعمة في اليوم الجديد هو خبز الحياة أي جسد الرَّبّ.
 
تاليًا، مع الصَّوم يأتي الاِعتراف والتَّوبة، إذ لا بدَّ من مصالحةِ الإنسان مع نفسه ومع إخوته ومع الله قبل التَّقدُّم من القرابين المُقَدَّسَة.
أخيرًا وليس آخِرًا أقول:
 
أحبَّائي وأحبَّاء الرَّبّ يسوع المسيح تعالوا إلى الرَّبّ!
تعالوا إلى الكنيسة نهار الأحد باكِرًا! لا تغرَقُوا في اللَّهو، في السُّكْرِ والسَّهر الباطِل بعد نصف ليل السَّبت، هذا ليس من تقليدنا المسيحيّ القويم حتَّى ولو تعارَضَ مع الحضارة الاِستهلاكِيَّة الحاضِرَة. وأنت أيُّها الشَّاب كُنْ شجاعًا ولا تقنع بما تَهَيَّء لك من عادات مُغرِيَة لا تُوِلِّدُ إلَّا الفراغ، اِمْتَلِئ من الرَّبّ، من إنجيله ومن أفراحه، فوحده يستطيع أن يعطي معنى لحياتك جاعِلًا إيَّاك تنمو وتُثْمِر من أجل نفسك ومن أجل العالم.
 
                               + أفرام
                            مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
طروباريَّة القيامة    باللَّحن الثَّاني
 
عندما انحدَرْتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الَّذي لا يموت، حينئذٍ أَمَتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتِك، وعندما أَقَمْتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى، صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماويِّين: أيُّها المسيحُ الإله، معطي الحياةِ المجدُ لك. 
طروباريَّة ميلاد السَّيِّدَة    باللَّحن الرَّابِع
 
ميلادُكِ يا والدةَ الإلهِ بشَّرَ بالفرحِ كلَّ المسكونة، لأنَّهُ مِنْكِ أَشْرَقَ شمسُ العدلِ المسيحُ إلهُنَا، فَحَلَّ اللَّعنةَ، ووهبَ البَرَكَة، وأبطلَ الموت، ومنحنَا حياةً أبديَّة. 
قنداق ميلاد السَّيِّدَة   باللَّحن الرَّابِع
 
إنَّ يواكيمَ وحنَّةَ من عارِ العقرِ أُطلِقَا، وآدمَ وحوَّاءَ من فسادِ الموتِ أُعْتِقَا بمولِدِكِ المُقَدَّسِ أيَّتها الطَّاهِرَة. فله أيضًا يُعَيِّدُ شعبُكِ إذ قد تخلَّصَ من وَصْمَةِ الزَّلَّات، صارِخًا نحوكِ: العاقِرُ تَلِدُ والدةَ الإله المُغَذِّيَةَ حياتَنَا.
الرِّسَالَة
غلا 6: 11-18
خَلِّصْ يا رَبُّ شَعْبَكَ وبَارِكْ مِيراثَكَ
إِلَيْكَ يا رَبُّ أَصْرُخُ إلهِي
 
 
يا إخوة، ﭐنْظُرُوا ما أعظمَ الكتابات الَّتي كَتَبْتُهَا إليكم بيدِي. إنَّ كُلَّ الَّذينَ يُريدونَ أن يُرضُوا بحسَبِ الجسَدِ يُلزِمُونَكُم أن تَخْتَتِنُوا، وإنَّما ذلكَ لئلاَّ يُضطهَدُوا من أجلِ صليبِ المسيح. لأنَّ الَّذينَ يَخْتَتِنُون هُم أنفسُهُم لا يحفَظُونَ النَّاموسَ بل إنَّما يُريدونَ أن تَخْتَتِنُوا ليفتَخِرُوا بأجسادِكُم. أمَّا أنا فحاشا لي أن أفتَخِرَ إلاَّ بصليبِ ربِّنا يسوعَ المسيح الَّذي به صُلِبَ العالمُ لي وأنا صُلِبْتُ للعالم. لأنَّهُ في المسيحِ يسوعَ ليسَ الخِتَانُ بشيءٍ ولا القَلَفُ بل الخليقَةُ الجديدة. وكلُّ الَّذين يسلُكُونَ بحَسبِ هذا القانونِ فعلَيْهم سَلامٌ ورَحمةٌ وعلى إسرائيلِ الله. فلا يَجْلِبْ عليَّ أحدٌ أتعابًا فيما بعدُ، فإنِّي حامِلٌ في جسدي سِمَاتِ الرَّبِّ يسوع. نعمةُ ربِّنا يسوعَ المسيحِ مع روحِكُم أيُّها الإخوة. آمين.
الإنجيل
يو 3: 13-17
 
قالَ الرَّبُّ: لم يَصْعَدْ أَحَدٌ إلى السَّمَاءِ إِلَّا الَّذي نَزَلَ من السَّماءِ ﭐبْنُ ﭐلبشرِ ﭐلَّذي هو في السَّماءِ. وكما رفعَ موسى ﭐلْحَيَّةَ في ﭐلْبَرِّيَّةِ هكذا ينبغي أنْ يُرْفَعَ ﭐبنُ ﭐلْبَشَرِ لكي لا يَهْلِكَ كلُّ مَن يؤمِنُ بهِ بل تكونُ لهُ ﭐلحياةُ ﭐلأبديَّة. لأنَّهُ هكذا أَحَبَّ اللهُ ﭐلعالمَ حتَّى بذَلَ ﭐبنَهُ ﭐلوحيد لكي لا يَهلِكَ كلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بهِ بل تكونَ لهُ ﭐلحياةُ ﭐلأَبَدِيَّة. فإِنَّهُ لمْ يُرْسِلِ اللهُ ﭐبنَهُ ﭐلوحيدَ إلى ﭐلعالمِ ليَدِينَ ﭐلعالمَ بَلْ لِيُخَلَّصَ بهِ العالم.
في الإنجيل
 
تُعيِّدُ الكنيسة اليوم لعيد ميلاد السَّيِّدة، ومع ذلك نقرأ الرِّسالة والإنجيل لأحد ما قبل عيد الصَّليب. هذا للدَّلالَة على أنَّ الرَّبّ يسوع هو الأساس وأنّ كلّ قداسة وخلاص يأتي منه، من محبَّته الَّتي عبَّر عنها بقبوله أن يُعلَّق على الصَّليب من أجلنا. "لأنَّه هكذا أحبَّ  الله ﭐلعالمَ حتَّى بذَلَ ﭐبنَهُ ﭐلوحيد لكي لا يَهلِكَ كلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بهِ بل تكونَ لهُ ﭐلحياةُ ﭐلأَبَدِيَّة".
بالصَّليب كشف الثَّالوث عن نفسه حُبًّا كُلِّيًّا.
في العهد القديم، يُسخِطُ العبرانيُّون الله بتذمُّرهم عليه وعلى موسى، فيرُسِل عليهم العقارب والحَيَّاة السَّامَّة (أنظر: سفر العدد 21: 4 - 9). يندم العبرانيُّون ويطلبون إلى موسى أن يشفع بهم، فيستجيب الله موسى ويقول له: "اِصْنَعْ لَكَ حَيَّةً مُحْرِقَةً وَضَعْهَا عَلَى رَايَةٍ، فَكُلُّ مَنْ لُدِغَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا يَحْيَا" (عد 21: 8). ما هو رمز للموت صار رمزًا للحياة. الحيَّة الَّتي تقتُلُ العبرانيِّين عُلِّقَت على الصَّليب (الرَّايَة)، أي أنَّ الخطيئة، لا بل مصدر الخطيئة أي الشَّيطان، الَّذي يُسَمِّمُ حياة البشر وأفكارهم فيَسْرِي الموت في أجسادهم، قد أُمِيتَ في المسيح. الحيَّة، رمز الشَّيطان المُجَرِّب لحوَّاء في سفر التَّكوين، لمَّا عُلِّقت على الصَّليب، أي لمَّا أُمِيتَتْ في المسيح الَّذي حَمَلَ خطايانا وآثامنا دون أن يكون مُذنِبًا، صار مرآها مُنقِذًا من الموت لأنَّها صارت رمزًا لموت الموت في المسيح المُعلَّق على الخشبة. فالمسيح صار "خطيئة لأجلنا" (2كو 5: 21)، أي اتَّخّذ خطايانا وسقوطنا وموتنا في جسده وأماتهم بقبوله أن يُعلَّق كمُجرِمٍ عنَّا على الصَّليب حتَّى نصير نحن "برَّ الله فيه". فالله صالَحَنا بالمسيح ونحن صالحنا الله في المسيح.
في المسيح يسوع المصلوب والقائم تحقَّق خلاص الله للبشر من الموت الأبديِّ الآتي من الموت الرُّوحيّ أي موت الخطيئة، فالصَّليب هو دينونة الخطيئة والشَّيطان وتبرير البشر، هذا معنى الآية: "لمْ يُرْسِلِ اللهُ ﭐبنَهُ ﭐلوحيدَ إلى ﭐلعالمِ ليَدِينَ ﭐلعالمَ بَلْ لِيُخَلَّصَ بهِ العالم".
هذا هو خلاصنا أن نُصلَب مع المسيح وأن نَصلِب العالم فينا حتَّى نُصلَب لأجله فنصير شركاء المسيح في موته وقيامته ورسالته الخلاصيّة للعالم.
هل أنت مستعِدٌّ أن تُحِبَّ على صورة الثَّالوث، أن تبذل ذاتك في أثمن من لديك، نفسك، حُبًّا؟!
حول الرِّسَالَة
 
المشكلة الَّتي يعالجها الرَّسول بولس ما زالت قائمَة إلى اليوم عند المسيحيِّين: الاختيار بين الشَّكل والجوهر. فبعض المسيحيِّين يلتزمون بالأشكال الخارجيَّة إمَّا لتمسُّكهم بقديمهم أو لخوفهم من تغييره. فقد كان في غلاطية بعض المسيحيِّين بالاسم خائفين من اليهود، وكانوا يريدون أن يختتن الغلاطيّون حتَّى لا يضطهدهم اليهود بسبب انتمائهم للمسيحيَّة وللصَّليب. إذًا، بينما كان بولس يبحث عن العمق الرُّوحيِّ كان هؤلاء يبحثون عن شكل الجسد، وفي العمق هم يبحثون عن إرضاء اليهود لأنَّهم يخافون من أذاهُم بمقابل المسيحيّ الَّذي لا يؤذي أحدًا ولا يضغط على أحد. وجاء ردّ الرَّسول بأنَّه يفتخر بصليب المسيح، وهذا قول مثير للاِستِغْرَاب لأنَّ الصَّليب كان لعنة وعقابًا للعبيد فقط، بل كانت كلمة الصَّليب تُثير التَّشاؤم عند اليونانيِّين والرُّومان واليهود، فكيف يُفتَخَر به؟ يشرح بولس بأن "صُلِبَ العالمُ لي وأنا للعالم"، أي أنّه قد مات في نظر العالم مثل المسيح، وصار العالم ميتًا بالنِّسبة له، أي أنّه أدرك أنّ العالم باطِل زائِل بكلِّ ما فيه من مجد. من هنا أنَّ الاِفتخار بالصَّليب يعني أن يصير المسيح حيًّا في الإنسان أي أن يصير عنده شبع هنا على الأرض.
أمَّا سبب هذا الشبع فهو إدراك الإنسان أنّ المهمّ هو أن يكون في المسيح فيحيا، ومَن هو في المسيح هو خليقة جديدة موطنها السَّماء. خليقة قامَتْ مع المسيح من الأموات وتعيش بالرُّوح في إيمانٍ عامِلٍ بالمحبَّة. فالخِتَان لن يُخَلِّصَ اليهود، والقَلَفُ لن يُخَلِّصَ الأمم بل سيَخْلُصُ مَنْ هو خليقة جديدة في المسيح بناءً على ما عمله المسيح بفدائه على الصَّليب. لهذا يحكي الرَّسول بولس عن القانون أي عن مبدأ ثابِت. لهذا، يرى أنَّ السَّلام هو على الَّذين يسلكون بحسب هذا القانون، أي على هذا الأساس، وهم المؤمنون المسيحيُّون الَّذين يحصلون على الخلاص بكونهم خليقة جديدة لم تنخدِع بالختان أي بالأشكال الخارجيَّة بل اهتمامها هو بالجوهر. ومجموعة هؤلاء المؤمنين تشكِّل إسرائيل الله أي كنيسة المسيح الَّتي في كلِّ العالم، وتشمل اليهود والأمم كون أمّة إسرائيل بحسب الجسد قد سقطت من النِّعمة لأنَّها ثبتت في الشَّكليَّات ولم تتخطَّاها إلى معرفة المسيح وروحه. 
ولكي ينهي الرَّسول كلامه يقول للغلاطيِّين أنَّه بذل أتعابًا كثيرة لإقناعهم وهو لن يقبَل بالمزيد، ويتحدَّث عن سمات المسيح في جسده. السِّمَات، لغويًّا، تعني الآثار على الجسد. وكان السَّادة يَسِمُون عبيدهم، أي يصنعون لهم في جسدهم علامات بالكَيِّ بالنَّار ليؤكِّدوا ملكيَّتهم لهم فلا يهربون، وإذا هربوا يجدونهم. وبهذا القول يعلن بولس عبوديَّته للمسيح بفرح مُحْتَمِلًا كلّ ألم في جسده من أجل المسيح، مُعْتَبِرًا الآلام الَّتي عانى منها في جسده سِمَات. فكأنَّه يقول للغلاطيِّين: تكفيني آلامي فلا تزيدوا منها. هذا لا يعني أنَّه كان متأفِّفًا من آلامه، على العكس هو يذكر أنَّه يفتخر بها في حين يفتخر الآخَرُون بعلامة الخِتَان في أجسامهم، أي أنَّهم يفتخرون بالشَّكل، بينما هو يفتخر بسِمَاتِ الرَّبِّ يسوع في جسده من آثارِ السِّياط والرَّجم والضَّرب بالعِصِيِّ وكأنَّها أوسمة يحملها لبَسَالَتِه في الحرب كجنديِّ للرَّبِّ يسوع المسيح. ويختم طالِبًا نعمة ربّنا يسوع المسيح "مع روحكم" ليفرِّق بين الجسد والرُّوح، ليس من باب تقسيم الإنسان بل ليقول لهم بأنّ مَن يسلك حسب الجسد لن تؤازره النِّعمة. فالنِّعمة هي قوَّة يهبها الله مجَّانًا دون استحقاق منَّا، هي طاقة إلهيَّة ديناميكيَّة، ولكنَّها لا تُعْطَى للمُتَكَاسِل بل لمن يُجَاهِد ويريد أن يسلك بالرُّوح، أي لمَن يحتمل ويصبر مُتَّكِلًا على المسيح. 
نقرأ هذه الرِّسالة استعدادًا لعيد رفع الصَّليب الَّذي ما زال إلى اليوم يثير تساؤلات حتَّى عند بعض المسيحيِّين، أنفسهم، خاصَّةً الَّذين لا يفهمون بُعْدَهُ الرُّوحِيّ وكيفيَّة تحقيقه في حياتنا اليوميَّة.
في زمن الشِّدَّة
 
نحيا اليوم، كسائر أبناء بلدنا ومنطقتنا، في زمنٍ تَسُودُ فيه الصِّراعات السِّياسِيَّة وما تفرزه من عنفٍ دَامٍ وقلق ولا استقرار. وهو الأمر الَّذي يُرْخِي بوطأته الثَّقيلة على نفوسنا ويتحدَّى قدرتنا على الثَّبات في فرح الإيمان والحياة. 
لا شكّ أنَّ قلقنا، كمؤمنين بالرَّبِّ يسوع، من هذه الأوقات الصَّعبة وتداعياتها العُنْفِيَّة الَّتي تطال، خصوصًا، الأبرياء هو أمرٌ إنسانيّ مَشْرُوع. فربّنا يشاركنا هذا القلق ويتألَّم لألمنا كما يفرح لفرحنا. وهو الَّذي شاء أن يفتدينا بدمه ليحرِّرَنـا من كلّ ألمٍ وموتٍ ويُقيمنا في السَّعادة الحقيقيَّة والفرح القِيامِيّ الَّذي لا ينتهي. ولا شكّ، أيضًا، أنَّنَا مدعوُّون إلى أن نكتسب، في هذه الظُّروف ودائمًا، كلّ أبعاد المواطَنَة الحقَّة ومتطلِّباتها ومشاركة أبناء وطننا في ما تقتضيه هذه المواطَنة من خطوات لترسيخ وحدتنا الوطنيَّة ومن إجراءات وحذر لتفادي كلّ ضرر قد يُصيبنا أو يُصيب إنسانًا.
 
غير أنّ هذا كلّه يجب ألا يُنسينا أنَّنا أبناء الرَّجاء بالرَّبّ كي لا نكون كمن "لا رجاء له"، وأنَّ الظلمـة، مهما اشتدَّت، لا تحجب عنَّا النُّورَ الإلهيَّ وكوننا مدعوِّين، أيًّا كانت الظُّروف، إلى التَّسلُّح بالرَّبِّ والالتصاق بنوره والإقامة في ضيائه. وهذا ما يدعونـا الى أن نَثْبُتَ في عِشْرَةِ مسيحنا وأن نكثِّفَ مشاركتنا في الذَّبيحـة الإلهيَّـة وفي صلواتنا ودعائنـا ليرافِقَ الرَّبُّ حياتنا ووطننا مع أبنائه جميعًا بسلامِهِ ومحبّته الفادِيَـة. كما يدعونا إلى أن نتألّق في شهادتنا ليسوع المسيح، إله الكلّ، صلاةً لأجل رحمة نفوس ضحايا العنف الَّذي يَحُوطُ بنا، ومزيدًا من العطاء لكلّ محتاج وحضورًا فاعِلًا وسط مجتمعنا مُعَزِّيًا ومُشَارِكًا كلّ متألِّم وصوتًا صارِخًا ينادي بصون قُدْسِيَّةِ الصُّورة الإلهية في الإنسان وحقّه في العيش بحرِّيَّة وكرامة وعدالـة وسلام، مُسْتَذْكِرِين، دائمًا، قول الرَّسول في رسالته إلى أهل أفسس:" تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ.  الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ". 
أخبـــارنــــا
 عيد رفع الصَّليب في رعيَّة القرين
 
برعاية صاحب السِّيادة، راعي الأبرشيَّة، المتروبوليت أفرام (كرياكوس) الجزيل الإحترام، تحتفل رعيَّة القرين بعيد رفع الصَّليب الكريم وذلك بإقامة صلاة الغروب، وبعدها خدمة القدَّاس الإلهيّ نهار الجمعة الواقع فيه 13 أيلول 2013 عند السَّاعة الخامسة مساءً.
العطاءُ معيارُ انتسابِنا إلى ملكوت السَّماوات
 
"إن فعلتُم هذا بأحد إخوتي هؤلاء الصِّغار... فبي فعلتُمُوه" (مت 25: 40)
 
 لقد حدَّد المجمع الأنطاكيّ المقدَّس يوم الخامس عشر من أيلول للعام الحالي يومًا تضامنيًّا بين كافَّة الرَّعايا في ربوع الكرسِيِّ الأنطاكيّ، وطنًا وانتشارًا من أجل دعم العمل الإغاثيّ والإنسانيّ الَّذي قامت وتقوم به بطريركيَّة أنطاكية وسائر المَشْرِق للرُّوم الأرثوذكس بالتَّعاون مع جهات دوليّة وحكوميّة وكنسيّة ومدنيّة.
 
 فنرجو من كافَّة الرَّعايا جمع صينيَّة يوم الأحد الواقع فيه 15 أيلول وإِرسالها إلى دار المطرانيَّة في طرابلس لأجل هذه الغاية.