الأحد 1 أيلول 2013

الأحد 1 أيلول 2013

01 أيلول 2013

 

الأحد  1 أيلول  2013
    العدد 35
الأحد العَاشِر بعد العَنْصَرَة
اللَّحن الأوَّل  الإيوثينا العَاشِرَة
 
*1: اِبتداء السَّنة الكنسيَّة، البارّ سمعان العاموديّ، الصِّدِّيق يشوع بن نون، الشَّهيد إيثالا. *2: الشَّهيد ماما، يوحنَّا الصَّوَّام بطريرك القسطنطينيَّة. *3: الشَّهيد في الكهنة أَنْثِيمُس، البارّ ثاوكتيستُوس، القدِّيسة فيـﭭـي، نقل عظام القدِّيس نكتاريوس. *4: الشَّهيد بابيلَّا أسقف أَنطَاكِيَة وتلاميذه الثَّلاثة، النَّبيّ موسى معايِن الله. * 5: النَّبيّ زخريَّا والد السَّابِق * 6: تذكار أعجوبة رئيس الملائكة ميخائيل في كولوسِّـي. *7: تقدمة عيد ميلاد السَّيِّدة، الشَّهيد صوزن، البارَّة كاسياني*
أيُّ إلهٍ نَعْبُد؟
 
نُطِلُّ اليوم على شهر أيلول الَّذي يُعْتَبَرُ بدء السَّنة الكنسيَّة. وفي مطلعه نعيِّد لقدِّيسٍ من أهمِّ قدِّيسي بلادنا هو القدِّيس سمعان العاموديّ، الَّذي عاش في القرن الرَّابِع الميلاديّ بقرب مدينة حلب الشَّهباء في سوريا. ماذا يعني هذا؟
في خدمة رأس السَّنة الكنسيَّة نطلب إلى الرَّبِّ أن يقدِّس كلَّ عملٍ نقومُ به ليكون ذبيحةً شُكْرِيَّة لله. إذ إنَّ كلّ شيء منه وله. ونطلب منه أيضًا أن تكون خليقته مجالًا لنعمته، كي نرفع بها المجد لاسمه القدُّوس.
أمَّا القدِّيس سمعان العاموديّ الَّذي ذاع صيته، فأتاه النَّاس من كلِّ صوبٍ ليتبرَّكُوا به ويسترشِدُوا منه. يا لها من مفارَقَة غريبَة! القدِّيس سمعان هجر العالم وكلّ بهرجته وضجَّته ليسمع صوت الله فيه. هجر المدنيَّة ليُذَلِّلَ الحواجز الَّتي تفصله عن الله. هجر المدنيَّة وما فيها من استقرار ورفاهِيَة. هجر الكلام النَّاعِم والمُجَامَلات. هجر كلّ شيء ليسكن صحراء مُقْفِرَة ليس فيها نظام وقوانين بشريَّة، ليس فيها أمان المدنيَّة والتَّطوُّر المعهود. اِنْطَلَقَ إلى مكانٍ بِكْرٍ افتكرَ أنَّ نظامَه هو الله، ولكنَّه إله ليس من صنع البشر، إله لا يُحَلِّلُ القتل والذَّبح، إله ليس من صنع أيادٍ بشريَّة دهريَّة أَلَّهَهَا الإنسان بأنانيَّته ونظرته من خلالها إلى السَّعادة والفرح والآخَر.
قدِّيسنا ذهب إلى القَفْرِ حيث لم تدنِّسْهُ يدٌ وأفكارٌ تَسَلَّطَ عليها السُّقوط، فحقَّقَ المعجِزَة إذ تَحَوَّلَ القَفْرُ إلى مدينة، لا بل إلى حياة تضُجُّ بالهدوء والرَّاحة والفرح، مدينة يقصدها كلّ من أَتْعَبَتْهُ الحياة بهمومها، مدينة سيِّدها الله، أي المحبَّة المُحَرَّكَة من الرُّوح القدس الَّذي هو روح الحقّ، روح السَّلام، روح الوداعَة، روح الفهم.
 
قدِّيسنا إنسان بسيط امتَهَنَ رعاية الماشِيَة. لفتَهُ قول الرَّبِّ في التَّطويبات، وتأمَّل فيها، فكان تحقيقها هدفه. لم ينطلق من الخارج الى الدَّاخِل، إنَّما من الدَّاخِل إلى الخارج. أي عالج، أوَّلًا، ذاته صومًا وصلاةً ونسكًا، فاستحَقَّ التَّطويب. هجر ضجَّة النَّاس، ولكنَّه حملهم في قلبه وصلاته فعاد إليهم مُرشِدًا ومعلِّمًا، فَصَحَّ فيه قول الرَّبِّ: "...أمَّا من يعمل ويعلِّم فهو الأعظم في ملكوت الله".
هذا كلّه يطرح علينا السُّؤال، في هذه الأيَّام الصَّعبَة: إلى أيِّ حَدٍّ استولى علينا الدَّهر فأصبحنا له دهريِّين وأصبح إلهنا من هذا الدَّهر، أي أصبحت لغة القتل لغتنا: أقتلُكَ لأَعيش. وأصبح الإنسان رقمًا لا اِسْمَ له ولا قيمة؟ 
القدّيس سمعان العاموديّ يضعنا أيضًا أمام تَحَدٍّ: ما هو قانوننا؟ أهو مستمَدٌّ من الله أم من النَّاس؟ هل الله هو السَّيِّد أم نحن؟ هل الله هو الآمِر أم نحن؟ وهو الَّذي قال لإبراهيم: "دع اسحق ابنك".
"الذَّبيحة لله روح منسحق"، "القلب المتخشِّع المتواضِع لا يرذله الله"، و"الله يُسجَدُ له بالرُّوح والحقّ".
   أَلَا جَعَلَنَا الله في مطلع هذه السَّنة أبناء حقيقيِّين له.
                        † الأسقف غطَّاس هزيم
 
طروباريَّة القيامة باللَّحن الأوَّل
 
إنَّ الحجرَ لمَّا خُتِمَ من اليهود، وجسدَكَ الطَّاهِر حُفِظَ من الجُنْد، قُمْتَ في اليوم الثَّالِثِ أيُّها المخلِّص مانِحًا العالمَ الحياة. لذلك، قوَّاتُ السَّماوات هتفُوا إليكَ يا واهِبَ الحياة: المجدُ لقيامَتِكَ أيُّها المسيح، المجدُ لمُلْكِكَ، المجدُ لتدبيرِكَ يا مُحِبَّ البشرِ وحدَك.
طروبارية الإنديكتي باللَّحن الثَّانِي
 
يا مُبْدِعَ الخليقة بأسرها يا مَنْ وَضَعْتَ الأوقاتَ والأزمِنَة بذاتِ سُلطَانِك، بارِكْ إكليلَ السَّنَة بصلاحِك يا رَبُّ، واحفَظْ بالسَّلامَة الملوكَ ومدينَتَك، بشفاعاتِ والدةِ الإله، وخلِّصْنَا.
طروبارية السَّيِّدَة باللَّحن السَّابِع
 
إفرَحِي يا والدةَ الإلهِ العذراءَ المُمْتَلِئَة نعمةً، يا ميناءَ وشفيعةَ جنسِ البشر، لأنَّه منكِ تَجَسَّدَ منقِذُ العالم، وأنتِ وحدك أمٌّ وبتول، ومبارَكة دائمًا ومُمَجَّدة، فتشفَّعِي إلى المسيح الإله، أن يهَبَ السَّلامةَ لكلِّ المسكونَة.
طروباريَّة القدِّيس سمعان العاموديّ باللَّحن الأوَّل
 
صِرْتَ للصَّبر عامودًا، وللآباءِ القدماءِ ضارعتَ مباريًا. لأيُّوب بالآلام وليوسف بالتَّجارِب، ولسيرة عادمي الأجساد وأنت بالجسد، فيا أبانا البارّ سمعان توسَّل إلى المسيح الإله، أن يخلِّصَ نفوسنا.
قنداق الأنديكتي باللَّحن الرَّابِع
 
يا إلهَ الكلِّ، الفائق الجوهر بالحقيقة، يا مُبْدِعَ الدُّهور وسيِّدَها بارِكْ دَوْرَ السَّنة، مُخَلِّصًا برحمتِك الَّتي لا تُحْصَى أيُّها الرَّأُوف، جميع الَّذين يعبُدُونَك أيُّها السَّيِّدُ وحدَك، ويهتِفُونَ نحوكَ بخوفٍ قائلين: أيُّها الفادِي اِمْنَحْ للجميعِ عامًا مُخْصِبًا.

 
الرِّسَالَة
1 تيمو2: 1-7
عظيمٌ هو رَبُّنَا وعظيمةٌ هي قوَّتُه
سبِّحُوا الرَّبَّ لأنَّهُ صالِحٌ
 
 
يا ولدي تيموثَاوُسَ، أَسْأَلُ قبلَ كلِّ شيءٍ أَنْ تُقَامَ تَضَرُّعَاتٌ وصَلواتٌ وتوسُّلاتٌ وتَشَكُّراتٌ من أجلِ جميعِ النَّاس، من أجلِ الملوكِ وكلِّ ذي مَنْصِبٍ، لِنَقْضِيَ حياةً مُطْمَئِنَّةً هادِئَةً في كلِّ تَقْوَى وعَفَافٍ، فإنَُ هذا حَسَنٌ ومَقْبُولٌ لدى اللهِ مخلِّصِنا الَّذي يُرِيدُ أنَّ جميعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وإلى مَعرفَةِ الحَقِّ يَبْلُغُون. لأنَّ اللهَ واحِدٌ والوَسِيطَ بينَ اللهِ والنَّاسِ واحِدٌ وهُوَ الإنسانُ يسوعُ المسيح الَّذي بَذَلَ نفسَهُ فِداءً عنِ الجميعِ، وَهُوَ شَهادَةٌ في آوِنَتِهَا، نُصِبْتُ أنا لها كارِزًا ورسولًا، الحقَّ أقولُ لا أَكْذِب، مُعلِّمًا للأُمَمِ في الإيمانِ والحَقّ.
الإنجيل
لو 4: 16-22
 
في ذلك الزَّمان أتى يسوعُ إلى النَّاصِرَةِ حيثُ كان قد تربَّى، ودخلَ كعادتِهِ إلى المجمعِ يومَ السَّبتِ وقام ليقرَأَ، فدُفِعَ إليهِ سِفْرُ أَشِعْيَاءَ النَّبِيِّ. فلمَّا فتحَ السِّفْرَ وجدَ الموضِعَ المكتوبَ فيه: إنَّ روحَ الرَّبِّ عَلَيَّ، ولأجلِ ذلكَ مَسَحَنِي وأَرْسَلَنِي لأُبَشِّرَ المساكينَ وأشْفِيَ مُنْكَسِرِي القلوبِ وأُنادِيَ للمأسُورِينَ بالتَّخْلِيَةِ وللعُمْيَانِ بالبَصَرِ وأُطْلِقَ المُهَشَّمِينَ إلى الخلاصِ وأَكْرِزَ بسَنَةِ الرَّبِّ المَقْبُولَةِ. ثُمَّ طَوَى السِّفْرَ ودفعَهُ إلى الخادمِ وجلسَ. وكانَتْ عيونُ جميعِ الَّذين في المجمعِ شَاخِصَةً إليهِ، فجعلَ يقولُ لهم: اليومَ تمَّتْ هذهِ الكِتَابَةُ الَّتي تُلِيَتْ على مسامِعِكُم. وكان جميعُهُم يشهَدُونَ لهُ ويتعجَّبُون من كلامِ النِّعمةِ البارِزِ من فمِهِ.
 
في الإنجيل
 
في عيد رأس السَّنة الكنسِيَّة الَّذي يقعُ في الأوَّلِ من شهر أيلول من كلِّ عام، والَّذي يختلِفُ كُلِّيًّا عن عيد رأس السَّنةِ المدنِيَّة الَّذي يقعُ في الأوَّل من شهر كانون الثَّاني، تُذَكِّرُنا الكنيسة المقدَّسَة بالهدفِ الَّذي أتى الرَّبُّ يسوع من أجله لينقِذَ عالمَنَا المُعَذَّب من الفقر والأسْرِ، وليشفي العميان ويمنحهم نعمة البَصَر، وليحرِّر الأسرى، وينادي بسنة الرَّبِّ المقبُولَة.
السَّنَة الكنسِيَّة تبدأُ في أوائل فصلِ الخريفِ وفيها يَزْرَعُ المؤمِنُ أرضَهُ، ومن ثمَّ يجنِي الغلالَ مع بداية فصل الصَّيف. وفي النَّصِّ الإنجيليّ يبدَأُ الرَّبُّ يسوع بزرع الكلمة الإلهيَّة، لنجنِيَ منها الثِّمَارَ الرُّوحِيَّة لأنَّنّا بها وحدها نحيا: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله" (متى 4: 4).
ورسالة الرَّبِّ يسوع سبق أشعياء النَّبيّ وتنبَّأَ بها، وقد وَرَدَتْ في النَّصِّ الَّذي قرأَهُ الرَّبّ يسوع واقِفًا، والوارِد في سفر أشعياء (61: 1-2): "روحُ الرَّبِّ عَلَيَّ ، لأنَّه مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الفقراء، وأرسلني لأنادي للمأسورين بالتَّخْلِيَة، وللعميان بالبَصَر، ولأُطْلِقَ المُرْهَقِينَ أحرارًا، وأُنادي بسَنَةِ قبولٍ عند الرَّبَّ".
قرأ الرَّبُّ يسوع هذا المقطع لأنَّه من عادَةِ اليهودِ إذا رأَوْا في المجمعِ إسرائيليًّا غريبًا ذا شهرة في علم النَّامُوس، أن يدعوه إلى قراءة شيء من الكتاب المقدَّس وتفسيره. لذلك، دعوا الرَّبَّ يسوع لقراءة هذا النَّص بنفسه، وبهذا يعلِّمُنَا أن نقرأَ باحترام كلمة الله ونسمعها.
وبعدما انتهى الرَّبّ يسوع من القراءة قال: "اليوم تمَّت هذه الكتابة الَّتي تُلِيَتْ على مسامعكم"، لأنَّه جاء ليُتمِّم الكتاب، وليخلِّصَ الجنسَ البشريّ بما أُعْطِيَ من مواهب ونِعَم الرُّوح القُدُس في إنسانيّته، إذ أتى بقوَّة الرُّوح، "روح الرَّبِّ عليَّ"، فالرُّوح القدس استقرَّ على يسوع في المعموديَّة لأنَّ الله اختاره ومسحه وأرسله: "هذا هو ابني الحبيب الَّذي به سُرِرت فله اسمعوا". هكذا، الذين يعيِّنُهم الله لأيَّة خدمة يؤهِّلُهُم لها. ويسوع هو النَّبيُّ العظيم المنتَظَر الَّذي تنبَّأَ عنه موسى (تث 18: 18)، مَنْ يبشَّر المساكين الَّذين احتقَرَهُم علماء اليهود، وهو الملك الَّذي أتى ليرفع المتواضِعِين، وهو رئيس الكهِنة، الكاهن الأوحَد، الَّذي يُطَوِّب الودعاء بنعمة الإنجيل المقدَّس، الذي هو دستور حياتنا.
لقد نادَى بسَنَةِ الرَّبِّ المقبولَة، أي سنةَ الحُرِّيَّة، فقد كانَتْ مقبولةً للخَدَمِ الَّذين كانوا يُحَرَّرُون فيها، وللمديونين الَّذين كانت كلّ ديونهم تسقط فيها، وللَّذين رُهِنَت أراضيهم فكانوا يستردُّونها فيها. جاء المسيح لكي يبَوِّقَ ببوقِ اليوبيلِ، و"طُوبَى لِلشَّعْبِ الْعَارِفِينَ الْهُتَافَ" (مزمور 89: 15). لقد كان وقتاً مقبولًا لأنه كان يوم خلاص.
فهل نحن نسمع لنخلص؟ أم لنا آذان لا تسمع وعيون لا تُبْصِر؟
ألا يا رَبُّ افتَحْ عيونَنَا وآذانَنَا لنسمَعَ كلمتَكَ ونعملَ بها، وليبارِكِ الرَّبُّ كلَّ شيء في حياتنا بنعمته الإلهيَّة لتكون مقبولَة لديه، له المجد إلى الأبد، آمين.
الاِستِهْلاكُ والرَّفَاهِيَةُ في خِدْمَةِ مَنْ؟
 
"مجتمع الاِستهلاك"، كما يُسمَّى اليوم، ليس نتيجة حتمِيَّةً للعِلْمِ، إنَّما هو وليدُ خِيار حَضَارِيٍّ منحرِف. إنَّه، أصلًا، وليد نظام اِقتصاديٍّ لا يُقيم وزنًا إلَّا للكسب، فيُسَخِّرُ الإنتاج لهذه الغاية لا لتلبية الحاجات الحقيقيَّة للمجتمع الإنسانيّ. من هنا يَبَرَعُ في إيقاظ حاجات مُصْطَنَعَة تُغْرِي الأثرياء ومتوسِّطِي الحال بالتَّهافُت على استهلاكٍ متواصِلٍ ودائِمِ التَّجَدُّد، في حين أنَّ العديد من النَّاس، في البلاد الصِّناعِيَّة ذاتها، لا يُصِيبُون من الوليمة سوى الفُتات... في حين يعاني ثلث البشريَّة من قلَّة التَّغذية أو الجوع، ويموت خمسة عشر مليون طفل كلّ سنة من سوء التَّغذية وما تنتجه من أمراض. بالمقابل، النَّاس يُدفَعُون دفعًا، وبوسائل متنوِّعَة مُحْكَمَة إلى التَّهافُت على الإنفاق، بحيث إنّهم يصرفون العمر في عملٍ وكدٍّ لا يترك لهم فرصة للرَّاحة أو لتوطيد العلاقات الإنسانيَّة، كل ذلك من أجل أن يكسبوا مالًا ينفقونه على شراء حاجيَّات سرعان ما تُقدَّم لهم على أنّه قد عفا عليها الزَّمن، وانّه آن الأوان كي تُستبدَل بسواها.
أرأيتم كيف أنّ الرَّفاهِيَة في مثل ذلك النِّظام، ما عادت وسيلة بل غاية؟ وبعبارة أُخرى، ما عادت الرَّفاهِيَة من أجل الإنسان، بل الإنسان من أجل الرَّفاهِيَة، يلهَثُ وراءها ويضيِّع العمر في طلبها ويضحِّي براحته وبعلاقاته الإنسانيَّة، وحتَّى الأُسَرِيَّة، على مذبحها، فلا تُتَاحُ له حتَّى فرصة الاِستجمام الَّتي تسمح له بأن يعود إلى نفسه ليتذوَّقَ طعم هذه الرَّفاهِيَة فينعَمَ بها فعلًا.
ليست الرَّفاهِيَة بحدِّ ذاتها خطيئة. ولكنَّ الخطيئة- الَّتي هي في الأساس انحراف الإنسان عن خطِّ إنسانيَّته الأصيلة الَّتي هي على صورة الله- هي أن تصبح الرَّفاهِيَة غاية يضحِّي الإنسان في سبيلها بإنسانيَّته، فيتوهَّم أنَّه موجود بقدر ما يقتني من أشياء، في حين أنَّه موجود بقدر ما يشارِك سواه ويتقاسم وإيَّاهم الحياة والمصير، وبقدر ما يخلُو، بقدر ما يشارِك سواه ويتقاسم وإيَّاهم الحياة والمصير، وبقدر ما يخلُو لنفسه وللنَّاس ولله فيَقِي ذاتَه التَّشتُّت والتَّبعثر والضَّياع. "السَّبت جُعِلَ للإنسان وليس الإنسان للسَّبت" (مرقس 2: 27)، تلك هي القاعدة الثَّوْرِيَّة الَّتي وَضَعَهَا يسوع في وجه كلِّ محاولة- وما أكثرها- لاستِلاب الإنسان. ذلك بأنَّها تُبَيِّنُ أنَّ الإنسان هو القيمة المُطْلَقَة وكلّ استخدامٍ له كوسيلة- حتَّى ولو كان هو متواطِئًا معه- هو كفرٌ بالله الَّذي أقامه على صورته. ردَّدَ الرَّسول بولس صدى هذه القاعِدَة عندما خاطب الكورنثِيِّين قائلًا: "كلّ شيء لكم، أبولس كان أم أبلُّس أم صفا أم العالم أم الحياة أم الموت أم الحاضِر أم المستقبَل. كلّ شيء لكم، وأنتم للمسيح، والمسيح لله". مجتمع الاِستهلاك يقف على نقيض هذه الآية، إذ إنّه يسخِّرُ النَّاس لتسيير عجلة الإقتصاد بحيث تحقِّقُ أكبر قسط ممكن من الأرباح لأرباب المال المهيمِنِين على هذا المجتمع والمسيِّرِين له. 
تلك هي خطيئة مجتمع الاِستهلاك، وهي جسيمة كما تَرَوْن وتصُبُّ، في آخِر المطاف، في تلك الصَّنميَّة المُدَمِّرَة، الشَّرِسَة، الَّتي فضحها يسوع عندما قال: "لا تستطيعون أن تعبُدوا الله والمال" (متَّى 6: 24).
 
                                                        من كتاب "رحلة في فكر ونهج" د. كوستي بندلي
 
 
أخبـــارنــــا
 
مطلوب موظَّفين لمستشفى القدِّيس جاورجيوس الجامِعِيّ
 
يعلن مستشفى القدِّيس جاورجيوس الجامعيّ عن حاجته لتوظيف:
- عمّال شبّان في قسم التَّنظيفات (Janitor).
- مصوِّر أشعَّة  (Radiographer).
- موظَّفين إداريِّين((Administrative positions.
- IT Technician
- Program Developer
- ممرِّض مُجاز (Registered nurse).
- مساعِد ممرِّض (Practical Nurse).
- تقنيِّي كهرباء وميكانيك ( Electrical & mechanical Technicians).
للمزيد من المعلومات الإتِّصال بالأرقام: 441133/01 – 441235/01
 عيد القدِّيس ماما في رعيَّة كفرصارون
 
برعاية وحضور راعي الأبرشيّة، صاحب السِّيادَة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) الجزيل الإحترام، تحتفل رعيَّة كفرصارون بعيد شفيع البلدة القدِّيس ماما، وذلك بصلاة الغروب والخمس خبزات مساء الأحد الواقع فيه 1 ايلول 2013 عند السَّاعة السَّادسة والنَّصف. وفي اليوم التالي، الواقع فيه نهار الإثنين في 2 أيلول، يترأَّس سيادته قدَّاس العيد، وتبدأ الخدمة بصلاة السَّحريَّة عند السَّاعة 8.30 صباحًا.