الأحد 17 أيار 2009

الأحد 17 أيار 2009

17 أيار 2009
الأحد 17 أيار  2009
العدد 20
السنة الخامسة عشرة
اللحن الرابع الإيوثينا السابعة
أحد السامرية
 
أعياد الأسبوع
 
17: الرسولان أندرونيكس ويونياس.
18: الشهداء بطرس ورفقته، القديسة كلافذية.
19: الشهيد بتريكيوس أسقف برصة ورفقته.
20: ثلالاوس الشهيد ورفقته، نقل عظام القديس نيقولاوس، ليديا بائعة الأرجوان.
21: قسطنطين وهيلانة المعادلي الرسل.
22: باسيليسكوس الشهيد.
23: ميخائيل المعترف، مريم لكلاوبا حاملة الطيب، سوسنّا، الشهيدة ماركياني.
طروبارية القيامة                              باللحن الرابع
 
إنّ تلميذات الربّ تعلّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجَدِّيَّ، وخاطبنَ الرُّسُلَ مفتخراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنح العالَم الرَّحمةَ العُظمى. 
طروبارية نصف الخمسين                باللحن الثامن
 
في انتصاف العيد اسقِ نفسي العطشى من مياه العبادة الحسنة أيها المخلص. لأنك هتفت نحو الكل قائلاً: من كان عطشانَ فليأتِ إليَّ ويشرب. فيا ينبوع الحياة، أيها المسيح الإله المجد لك.
قنداق الفصح                                    باللحن الثامن
 
ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلا أنّكَ درستَ قوّة الجحيم، وقمتَ غالباً أيّها المسيحُ الإله. وللنسوةِ حاملاتِ الطيبِ قُلتَ: افرحن. ووهبتَ رسُلكَ السلام. يا مانحَ الواقعين القِيام.
الرسالة: 
أعمال 11: 19-30
 
ما أعظمَ أعمالَكَ يا رب. 
كلَّها بحكمةٍ صنعت. بارِكي  يا نفسي الربَّ
 
في تلكَ الأيام، لمَّا تبدَّد الرسُلُ من أجلِ الضيقِ الذي حصلَ بسببِ استيفانُسَ، اجتازوا إلى فينيقِيَةََ وقُبرُسَ وانطاكيَةََ وهم لا يكلِمون أحداً بالكلمةِ الاَّ اليهودَ فقط. ولكنَّ قوماً منهم كانوا قُبُرسيين وقَِيرِينييِّن. فهؤلاء لمَّا دخَلوا أنطاكِيَةََ أخذوا يُكلِمونَ اليونانيين مُبشرينَ بالربِ يسوع، وكانت يدُ الربِ مَعَهم. فآمنَ عددٌ كثيرٌ ورَجَعوا إلى الرب. فبلغَ خبرُ ذلك إلى آذانِ الكنيسةِ التي بأورشليم، فارسَلوا برنابا لكي يجتاز إلى أنطاكية. فلَّما أقبَلَ ورأى نعمَةَ الله فَرحَ ووعظَهم كُلَّهم بأن يثبُتوا في الربِ بعزيمةِ القلب، لأنَّه كانَ رجلاً صالحاً ممتَلئاً من الروحِ القدُسِ والإيمان. وانضمَّ إلى الربِ جمعٌ كثيرٌ. ثمَّ خرجَ برنابا إلى طرسُوسَ في طلبِ شاوُل. ولمَّا وجَدَه أتى بهِ إلى أنطاكية، وتردَّدا معاً سنةً كامِلةً في هذه الكنيسةِ وعلَّما جمعًا كثيراً. ودُعي التلاميذُ مسيحيين في أنطاكية أولاً. وفي تلك الأيام انحدرَ من أورشليم أنبياءُ إلى أنطاكية،  فقامَ واحدٌ منهم اسمه أغابوسُ فأنبأ بالروح أنْ ستكون مجاعةٌ عظيمة على جميع المسكونة. وقد وَقَع ذلكَ في أيام كلُوديوس قيصر. فختم التلاميذ بحسَبِ ما يتيسرُ لكلِ واحدٍ منهم أن يُرسِلوا خِدمةً إلى الإخوةِ الساكِنينَ في أورَشليم، ففعلوا ذلكَ وبعثوا إلى الشيوخ على أيدي برنابا وشَاوُلَ.
الإنجيل:
يوحنا 4: 5-42
 
في ذلك الزمانِ أتى يسوعُ إلى مدينةٍ منَ السامرَةِ  يُقالُ لها سُوخار، بقُربِ الضيعةِ التي أعطاها يعقوبُ ليُوسُفَ ابنهِ. وكانَ هُناك عينُ يعقوب. وكانَ يسوعُ قد تعِبَ مِنَ المَسير، فجلَسَ على العين، وكانَ نحوَ الساعةِ السادسة، فجاءتِ امرأةٌ منَ السامِرةِ لتستَقي ماءً. فقال لها يسوعُ: أعطيني لأشرَبَ- فإنَّ تلاميذَهُ كانوا قد مضَوا إلى المدينةِ ليَبْتاعوا طعاماً- فقالت لهُ المرأةُ السامرية: كيفَ تَطلُبُ أن تشربَ مِنيِّ وأنتَ يهوديٌّ وأنا أمرأةٌ سامريَّةٌ، واليهودُ لا يُخالِطونَ السامِريِّين. أجابَ يسوعُ وقالَ لها: لو عَرفتِ عَطيَّةَ اللهِ ومَن الذي قال لكِ أعطيني لأشربَ، لَطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حيّاً. قالت له المرأةُ: يا سيِّدُ، إنَّهُ ليسَ معكَ ما تستقي بهِ والبئْرُ عميقةٌ، فَمِنْ أين لك الماءُ الحيُّ؟ ألعلَّكَ أنتَ أعْظَمُ مِنْ أبينا يعقوبَ الذي أعطانا البئرَ، ومنها شَرِبَ هو وبَنوهُ وماشيتُهُ! أجابَ يسوعُ وقالَ لها: كلُّ من يشرَبُ من هذا الماءِ يعطشُ أيضاً، وأمَّا مَن يشربُ من الماء الذي أنا أُعطيهِ لهُ فلن يعطشَ إلى الأبد، بَلِ الماءُ الذي أُعطيِه لهُ يصيرُ فيهِ يَنبوعَ ماءٍ يَنبعُ إلى حياةٍ أبدّية.
فقالت لهُ المرأةُ: يا سيِّدُ، أعطني هذا الماءَ لكي لا أعطشَ ولا أجيءَ إلى ههنا لأستقي. فقالَ لها يسوعُ: إذهبي وادْعِي رجُلكِ وهَلُمِّي إلى ههنا. أجابتِ المرأةُ وقالت: إنَّهُ لا رجُلَ لي. فقال لها يسوعُ: قد أحسَنتِ بقولِكَ إنَّهُ لا رجُلَ لي. فإنَّهُ كان لكِ خمسَةُ رجالٍ، والذي معَكِ الآنَ ليسَ رَجُلَكِ. هذا قُلتِهِ بالصِّدق. قالت لهُ المرأة: يا سيِّدُ، أرى أنَّكَ نبيٌ. آباؤنا سجدوا في هذا الجَبلِ، وأنتم تقولون إنَّ المكانَ الذي ينبغي أن يُسجَدَ فيهِ هُوَ في أورشليم. قال لها يسوعُ: يا امرأةُ، صدِّقيني، إنَّها تأتي ساعةٌ لا في هذا الجبلِ ولا في أورّشَليمَ تسجُدونَ فيها للآب. أنتم تسجُدونَ لما لا تعلمون ونَحنُ نسجُدُ لما نعلَم، لأنَّ الخلاصَ هُوَ منَ اليهود. ولكن، تأتي ساعة وهيَ الآنَ حاضِرَة، إذ الساجدونَ الحقيقيُّونَ يَسجُدونَ للآبِ بالروح والحقّ. لأنَّ الآبَ إنَّما يطلُبُ الساجدينَ لهُ مِثلَ هؤلاء. أللهُ روحٌ والذين يسجُدون لهُ فبالروح والحقّ ينبغي أن يسجُدوا. قالت لهُ المرأةُ: قد عَلِمتُ أنَّ مَسيَّا، الذي يقالُ لهُ المسيحُ، يأتي. فمَتى جاءَ ذلك فهُوَ يُخبرُنا بكُلِّ شيءٍ. فقال لها يسوعُ: أنا المتكلِّمُ مَعَكِ هُوَ. وعندَ ذلكَ جاءَ تلاميذهُ فتعجَّبوا من أنَّهُ يتكلَّمُ مَعَ إمرأةٍ. ولكِنْ لم يَقُلْ أحدٌ ماذا تطلُبُ أو لماذا تتكلَّمُ مَعَها. فترَكتِ المرأة جرَّتها ومضَتْ إلى المدينةِ وقالت للناس: أنظروا إنساناً قالَ لي كُلَّ ما فعلت. ألعلَّ هذا هُوَ المسيح! فخرجوا من المدينة وأقبلوا نْحوَهُ. وفي أثناء ذلكَ سألَهُ تلاميذُهُ قائلينَ: يا مُعلِّمُ كُلْ. فقالَ لهم: إنَّ لي طعاماً لآكِلَ لستم تعرِفونهُ أنتم.
فقالَ التلاميذُ في ما بينهم: ألعلَّ أحداً جاءَهُ بما يَأكُل. فقالَ لهم يسوعُ: إنَّ طعامي أنْ أعمَلَ مشيئَةَ الذي أرسلَني وأُتِّممَ عملَهُ. ألستم تقولون أنتم إنَّهُ يكونُ أربعة أشهر ثمَّ يأتي الحصاد؟ وها أنا أقولُ لكم إرفعُوا عيونكم وانظُروا إلى المزارع، إنَّها قدِ ابيضَّتْ للحَصاد. والذي يحصُدُ يأخذُ أجرةً ويجمَعُ ثمراً لحياةٍ أبدَّية، لكي يفرَحَ الزارعُ والحاصدُ معًا. ففي هذا يَصْدُقُ القولُ إنَّ واحداً يزرَعُ وآخرَ يحصُد. إني أرسلتُكُم لتحصُدوا ما لم تتعَبوا أنتم فيه. فإنَّ آخرينَ تَعِبوا وأنتُم دخلتُم على تَعبِهم. فآمنَ بهِ من تلكَ المدينةِ كثيرونَ مِنَ السامريينَ من أجلِ كلامِ المرأةِ التي كانت تشهَدُ أن قدْ قالَ لي كلَّ ما فعلت. ولمَّا أتى إليهِ السامريُّونَ سألوهُ أن يقيمَ عِندهُم، فمكَثَ هناكَ يومين. فآمنَ جَمعٌ أكثرُ من أولئكَ جدّاً من أجل كلامِهِ. وكانوا يقولونَ للمرأةِ: لسنا من أجل كلامِكِ نُؤمنُ الآن، لأنَّا نحنُ قد سمعْنا ونَعْلَمُ أنَّ هذا هُوَ بالحقيقيةِ المسيحُ مُخلِّصُ العالَم.
في الإنجيل
 
لقاء الغريب بالغريبة.
هُو الّذي أتى إلى خاصّته، وخاصّته لم تقبله، لأنّه النُّور، وأعمالهم كانت شرّيرة. لِهذا صار هُوَ الغريبَ بينَ أبنائه.. صار غريبًا، لا لأنّه غريبٌ، بل لأنَّهم لم يعرفوه، لم يبصروه، وهو الآتي ليشفيَهم. وَهِيَ التي تغرَّبت عَنه بسببِ الأكلِ المُخالفِ لوصِيتَّه، فأخذَتها الغُربَةُ إلى مسافاتٍ سحيقةٍ فََصَلََتْها عن ينبوع النُّور، فراحت تغرقُ في الظّلام. ومن يمشِ في الظّلام لا يدرِ أين يتوجّه. وحتّى في مجتمع أبناء دهرِِها كانت تُعتَبَرُ غريبةً، لأنها لم تتقيّد بما اعتبروه مقبولاً ومتعارفًا عليه.
لقاءُ الربّ يسوعَ بالمرأةِ السّامريّةِ هُوَ لِقاؤُهُ مَعَ كلِّ نفسٍ بَشَرِيَّة، في وَضْحِ النّهار، وتحديداً عند الظّهيرة، أي حِينَ تشتدُّ التّجاربُ وتبلغُ ذروتَها، ويكونُ الإنسانُ سائراً في نُورِ هذا العالَم، يَسعى وراءَ إتمامِ مقاصِدِه ورَغَبَاتِه... يَتجَلّى لَهُ المسيح، الشّمسُ الحقيقيّة، لِيَقولَ لَه: إنّي أنا الهَدَفُ، أنا الطّريق، أنا الحقّ، أنا الحياة.. بِنُورِي أنا يُمكِنُكَ أن تُعايِنَ النُّور، وإذا لَم أكُنْ أنا مَنارَتَكَ، وإذا لَم يَكُنْ كَلامي مِصباحَك، فَلا نُورَ في هذا العالَمِ يُمكِنُهُ أن يَهدِيِك.
المسيحُ يَقُولُ لََنا، مِن خلالِ المرأةِ السّامريّة، إنّنا نجري وراءَ مَلَذّاتِ هذه الحياةِ هادِفينَ إلى الحصولِِ على الفَرَح، وعَبَثًا نجري، لأنَّ ضالتَنا موجودةٌ عنده وَحدَه. ويَقُولُ لنا إنَّ في داخِلنا عَطَشًا نَشعرُ بِهِ ولكنّنا لا نعرفُ كُنهَه، وَلَن نَعرفَ وَلَن نرتَويَ إلاّ مَتى قابَلْناه، أيِ المسيحَ، لأنًَّهُ يُعطي ماءَ الحياة، نِعمَةَ الرُّوحِ القُدُسِ الذي يَأخُذُ مِمّا للمسيحِ ويُعطينا. فَبِالرُّوح القُدُسِِ نَعرِفُ أَّن يَسوُعَ رَبٌّ، وبِالرُّوحِ القُدُسِ نَصرُخُ بِدالَّةٍ نحوَ الآبِ: "أبَّا"، وَبِالرُّوحِ القُدُسِِ تنطقُ شِفاهُنا بشهاداتِ إنجيلِ الحياة، لِكَي نكونَ خميراً يُخَمِّرُ عجينَ هذا العالَم.
ويقولُ لَنا المسيحُ، مِن خلالِِ المرأةِ السّامريّة، إنََّ العبادةَ الحقيقية للّه لا تَخصَعُ لِمَنطِقِِ "نحنُ" و"أنتُم"، و"جَبَلُنا" و"جبَلُكُم"، و"نامُوسُنا" و"نامُوسُكُم"، إذ كُلُّ هذه المُجادَلاتِ مَتاهاتٌ لا تُوصِلُ إلى الهَدَفِ المَنشُود، ما لَم تنطلقْ مِن رئيسِ الإيمانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوع. لأنَّ يَسُوعَ هُوَ الجَبَلُ وَهُوَ النّاموسُ، وَبِهِ نعرفُ الله الآبَ، ونتعلَّمُ أنَّ العبادةَ الحقيقيَّةَ لََهُ تَكُونُ بِِالرُّوحِ والحقّ.
أخلاقية الناخِب والمنتخَب إعتبرت أكثريّةُ حكّام الأرض في الأزمنة القديمة والحديثة أنّها تُمثّلُ الله وأنّ كلّ مقاومةٍ لها هي مقاومةٌ لله تستوجب عقابًا. فالحكم كان إلهيًّا. وامتدّ هذا الاعتبار من العصور القديمة إلى عصور ليست ببعيدة عن عصرنا الحالي (الثورة البولشيفيّة). في محيط هذا النظام الثيوقراطيّ نَتَأَتْ جزرٌ مغايرةٌ له كانت، نوعًا ما، علاماتٍ فارقةً للواقع السائد حينذاك، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر أثينا والجمهوريّة الرومانيّة في حقبة العصور القديمة، وجمهوريّة كرومويل في إنكلترا في العصور الحديثة.
مع ظهور الإنسانَويَّة humanisme في بداية القرن السادس عشر، كانتفاضةٍ في وجه فكرٍٍ دينيّ كَبَتَ القدراتِ البشريّة وعَظَّمَ الله على حساب تقزيم الإنسان وَطمَس إبداعاتهِ، بدأت المطالبةٌُ بالشعبِ كعنصرٍ حاسمٍٍ ووحيدٍ في اختيار الحاكم. وبدأ تغييبُ العنصرِ الإلهيّ الذي صُوِّر للبشر، على امتداد العصور الوسطى، أنّه مضادٌّ لحريّة الإنسان وطاقاتِه. فجاءت الثورةُ االفرنسيّةُ وتوالت بعدها الثوراتُ في أوروبا ومجمل أنحاءِ العالم وأنْهت ما سُمَّي بالنظام الثيوقراطيّ، ونادت بما يُسمَّى اليوم بالديمقراطيّة. انتقل مصدر السلطة من الله الممثَّل بالحاكم الأرضيِّ إلى الشعب الممثَّل بمن يَنْتخبُه. وَغَدَتْ الديمقراطيّةُ الأكثر سيادةً على دول العالم التي أخذت تتسابقُ في إعلان تَحَضُّرِها ورُقِيِّها انطلاقًا من معيار ديمقراطيّتها. والحقّ يقال أنّ هذا النظام، وبالرغم من نسبّيته ونواقصه، قد أصبح اليوم، وخصوصاً بعد تطورّه وتلوّنه بخصوصيّات الشعوب التي تبنتّّه، أفضلَ ما تَوَصَّلَ اليه الإنسانُ من نظامٍ يحفظُ له الاستقرارَ والتقدّمَ. ولا ضَرَرَ في هذا من جهة المنظور الحضاريّ والتاريخيّ.
أمّا من جهة المنظور الكتابيّ والإيماني، فللمؤمنِ رؤيةٌ أخرى بهذا الشأن. فََكََوْنُ الشعبِ مصدراً للسلطة لا يُلْغي مَصْدَريّتَها الإلهيّة، بل يُجَسِّدُها من خلال شعبٍ يُؤمِنُ بالله ويتمثّلُ به. ونحن هنا أمام بعد من أبعاد عقيدة التجسّد. فإذا راجعنا الكتاب (روم 13، 1-7. 1 بط 2، 13-15. يو 19، 10-11) نرى أنّ السلطانَ الأرضيّ، كأداةٍ "لخدمة الله لخيرِكَ، ولمعاقبة فاعل الشرّ وللثناء على فاعل الخير، هو "معطى من عَلُ"، مصدُره العلويّ نابعٌ من كونه يميّز بين الخير والشر ويحكم بالخير و"ينتقم من فاعل الشرّ". ونرى أنّ اللهَ الخالَق والضابطََ الكلّ هو مصدرُ كلِّ السلطات ونموذجُها الأوّل. كلُّ حكمٍ أرضيٍّ لا يكون صورة لحكم الله وعربونًا للملكوتِ الأخرويّ لن يكونَ لخير الناس. إنّ ما يُؤمِّنُ ارتباطََ الحاكم الأرضيّ بالله ليس شخصَه بحدّ ذاته أو موقعَه كحاكمٍ بل ارتباطُُ هذا الشخص بمعايير الحقّ الإلهيّ. هذه مسلّمة لا تخضع للتبدّل مع تبدّل الظروف التاريخيّة. ما يتبدّلُ هو طريقةُ اختيار صاحبِ السلطانِِ الأرضيِّ.
لا يعطي المؤمن، في هذا الزمن، صفة الإطلاق الإلهيّ لأيّ نظام أو سلطة، بل يَهْتَمُ لجعلهما أقرب ما أمكن إلى حكم الله. مسؤوليّة إحلال حكم الله في الأرض هي للشعب. قولُ "قم يا الله واحكمْ في الأرض" يضع كلَّ من آمن بهذا الإله أمام مسؤولية التزام الحق الإلهيّ المُتكشِّف له بشخص يسوع المسيح عند اختيار الحاكم الأرضيّ. فالحاكم لا يصنعه الله بل البشر المؤمنون بالله فيكونُ حينها الأولُ مقامًا من الله لخير البشر. حينها يكون اللهُ مصدر السلطة وتبقى النسبيّةُ الصفةَ الدائمةَ لهذه الأخيرة، طالما أنّ البشرَ لا يزالون في ترابيّتهم.
تتأثّر معاييرُ رضى الشعب عن الحاكم واختيارِهِ له بالقيم والأخلاق التي يتحلّى بها هذا الشعب. "كما تكونون يُولَّى عليكم". هذا يعني أنّ اختيارَ الشعب لحاكمه لا يعكس، بالضرورة، مرضاةَ الله. هذا لا يتحقّق إلا إذا كان هذا الشعبُ ذا خُلُقٍ إلهيّ. فماذا نقول عن الناخِب والمُنتخَب ونحن على أبواب انتخابات نيابيّة؟ أخلاقيّة المُنتخَب تعكس أخلاقيّة الناخِب، وأخلاقيّة هذا الأخير هي المسؤولة عن نتائج هذا الانتخاب ومفاعيله. فمن غير المقبول أن تخلع عنك مبادئك الأخلاقيّة لحظة اقتراعِك لنائب في البرلمان. من غير المسموح أن تتجاهل لا أخلاقيّة هذا الأخير وأنت تُقيمه وكيلاً عن أمورٍ وطنِك ودنياك. المبادئُ والبرامجُ، مهما سَمَتْ، تسقط خلال ممارستها من قِبَل لا أخلاقيّةِ حامِلها. مصداقيّةُ أي فريقٍ سياسيٍّ محكومةٌ بمقدار تقاربِ سلوكِ وأخلاقيّةِ أعضائه مع المبادئ التي ينادي بها. ساقطةٌ، بالنسبة للمسيحيّ، مقولةُ أنّ الشخصَ غير مهمّ وأنّ البرنامجَ والأفكارَ هي الأهمّ، فالمسيحيّةٌ ديانةٌ شخصانيّةٌ، قائمةٌ على شخص يسوع المسيح البريء من العيب، منه تنبع البرامجُ والمبادئُ لتُتَرْجَمَ قوانين وسلطاتٍ ومؤسّسات. معيارُ الأخلاقيّة واضحٌ في الكتاب المقدّس: خيرٌ مصلوب وشرٌّ صالب، محبّةٌ لا تتناقض مع الثواب والعقاب. كلّ مخالفةٍ لهذا المعيار، أثناءَ الاقتراع، ستُحمِّلُك مسؤولية إقصاءِِ حكمِ اللهِ عن الأرض، ومسؤوليّةَ طمس حدث قيامة المسيح لِيحْكُمَ بيننا. فاختَرْ من قلَّتْ عيوبُه وسَمَتْ أخلاقَهُ، وأرفضْ كلّ من مزج بين الحقّ والباطل ودافع عن مُرتَكبٍ لمصلحةٍ آنيّةٍ ذاتيّة.
ويبقى السؤال: ما هو الحق؟ هذا ما سأله بيلاطسُ ليسوعَ أثناء المحاكمة بعد أن قال له يسوع: "لو لم تُعْطََ السلطانَ من عَلُ، لما كان لك عليّ من سلطان" (يو 19 ، 11). لقد ربط الإنجيليّ يوحنا السلطانَ بالحق الذي كان بيلاطس يستفهم عنه أو ربّما يجهله. غيرُ صحيحٍ أنّ الحقّ نسبيّ ومتبدّل. "إن يسوع هو هو، أمسِ واليوم وإلى الأبد" (عب 13، 8). فيا أيّها المسيحيّ لن يكون اختيارًُك لممثّليك سليماً إن لم يَرْتوِ من الحقّ المتمثّل بالكلمة الإلهيّة والأسرار المقدسة.
أخبــــارنـــــا
رسامة كاهن جديد لدار المطرانية
 
نهار الأحد الفائت ترأس راعي الأبرشية المتروبوليت الياس (قربان) خدمة القداس الإلهي في كنيسة ميلاد السيدة في دار المطرانية. وخلال القداس رفع سيادته قدس الشماس قسطنطين سعد إلى الدرجة القسوسية ليخدم في دار المطرانية. وبعد القداس الإلهي تقبل الكاهن الجديد وعائلته التهاني  من أبناء الرعية.
صفحة للأبرشية على الإنترنت
 
تهيِّىء دار المطرانية ببركة صاحب السيادة صفحة للأبرشية على الإنترنت ضمن معلومات عامة عن الأبرشية ورعاياها ونظامها، مع مقالات وأخبار كنسية عالمية. وقد تألفت لجنة من الاختصاصيين لمتابعة هذا الموضوع، وقريباً سنعلن عنها رسميًا.
مكتب الإعداد للزواج
 
ببركة سيادة راعينا الجليل تألفت لجنة من كهنة الأبرشية لدراسة وتحضير "مكتب الإعداد الزوجي". تدرس اللجنة حالياً كل المواضيع المفيدة للذين يتهيّأون للزواج. وسنعلن عن برنامجها لاحقاً.
عشاء خيري في رعية طرابلس
 
برعاية صاحب السيادة المتروبوليت الياس قربان يدعوكم مجلس رعية طرابلس للمشاركة في العشاء السنوي الذي يعود ريعه لمشروع المنح المدرسية، وذلك يوم السبت 23 أيار 2009 في مطعم الفيصل، القلمون، الساعة الثامنة 8.00. للحجز الاتصال: على الرقم 228443/03