الأحد 18 أيّار 2025
14 أيار 2025
الأحد 18 أيّار 2025
العدد 20
أحد السامريّة
اللحن الرابع، الإيوثينا السابعة
أعياد الأسبوع:
18: الشُّهداء بطرس ورفقته، القدِّيسة كلافذيَّة، 19: الشَّهيد باتريكيوس أسقُف برصة، 20: الشُّهداء ثلالاوس ورفقته، نقل عظام القدِّيس نيقولاوس، ليديا بائعة الأرجوان، 21: قسطنطينن وهيلانة المعادلي الرُّسل، 22: الشَّهيد باسيليسكوس، ميخائيل المعترف، مريم لكلاوبا حاملة الطِّيب، سوسنَّا، الشَّهيدة ماركياني، 24: البارّ سمعان الذي في الجبل العجيب.
السامريّة
الماء الحي eau vive هنا يشير إلى المعموديّة راجع أيضًا "من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهارُ ماء حيّ" (يوحنّا 7: 38-39). ممّا يذكّرنا بنزول الروح القدس على التلاميذ يوم العنصرة.
الصوم والزمن الفصحيّ يدوران حول سرّ المعموديّة. هذا السرّ يشكّل بطريقة ما قانون حياتنا المسيحيّة، أللهمّ إذا شدّدنا دائمًا على الحفاظ على عطيّة الروح القدس وعلى تنميّها، أعني الماء الحيّ في المعموديّة. (راجع أيضًا متّى 3: 11).
في الإنسان عطشٌ ليس فقط للماء المادّيّ بل وأيضًا لماء السعادة الحقيقيّة، عطش لا يَرويه سوى الاتّحاد بالله: هو عطاء قوى الروح القدس Energies du St Esprit
هذا كلّه يمكّننا من الاشتراك في الحياة الأبديّة.
هذا هو الماء الحيّ الذي يودّ يسوع أن يُعطيه للسامريّة ولنا أيضًا.
ما يحصل في حياتنا هو أنّنا نَنْسى معنى هذه الحياة الحقيقيّ بينما تجدنا نهتمّ بأمور كثيرة أخرى ثانويّة.
نَنْسى أن نروي عطشَنا الحقيقيّ عن طريق الروح الإلهيّ لا الأرضيّ.
ننسى كثيرًا أنّنا غير مائتين immortels خالدين. ننسى أنّ هذه الحياة الأرضية عابرة passagère وأنّها تهيئة للحياة الأبديّة.
وجود المسيح في حياتنا يُعطينا أن نتذوّق مسبقًا طعمَ الحياة الأبديّة Eternity.
هذا ما حاول المسيح أن ينقله إلى المرأة السامريّة ويعلّمها إيّاه، ونحن أيضًا من بعدها.
في حوار المسيح مع السامريّة هناك ذكرٌ لمكان السجود الحقيقيّ لله الآب.
هل يكون في أورشليم أم في جبل جرّيزيم؟!
السجود الحقيقيّ يتوجّه إلى جسد المسيح نفسه أينما كان. المسيح يمثّل الهيكلَ الحقيقيّ الذي ينبغي أن نسجدَ أمامه وهذا لأنّنا في المسيح وحده يمكننا أن نلتقي الله، وهذا كلّه يتمّ بالروح القدس والحقّ.
"وبالحقّ"، هذا يعني في المسيح نجد الحقيقة La Vérité لا في تصوّر هيكل آخر.
"بالروح" en Esprit هذا لا يعني أن جسدنا لا يشارك بل فقط الروح. هنا الكلام يتوجّه إلى حركة الروح القدس العميقة.
الروح المعطي منذ المعموديّة وكذلك الروح المعطى من الله يوم العنصرة.
هذا السجود يمسي حقيقيًّا في حياتنا كلّها عن طريق الصلاة الدائمة صلاة يسوع continuelle La Priêre
التطلّع الدائم إلى الله في كلّ شيء.
من قصّة السامريّة نتعلّم ما هو الأهمّ في حياتنا المسيحيّة.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريّة القيامة باللحن الرابع
إنّ تلميذات الربّ تعلّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهِج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجَدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخِراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنح العالَمَ الرَّحمةَ العُظمى.
طروباريّة نصف الخمسين باللحن الثامن
في انتصاف العيد اسقِ نفسي العطشى من مياه العبادة الحسنة أيّها المخلّص. لأنّك هتفت نحو الكلّ قائلًا: من كان عطشانًا فليأتِ إليَّ ويشرب. فيا ينبوعَ الحياة، أيُّها المسيح إلهنا المجد لك.
قنداق الفصح باللحن الثامن
ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلّا أنّكَ درستَ قوّةَ الجحيم، وقمتَ غالبًا أيّها المسيحُ الإله. وللنسوةِ الحاملاتِ الطيبِ قُلتَ: افرحنَ، ووهبتَ رُسُلكَ السلام، يا مانحَ الواقِعين القِيام.
الرسالة: أع 11: 19-30
ما أعظَمَ أعمالَكَ يا ربّ. كلَّها بحكمةٍ صنعت
باركي يا نفسي الربَّ
في تلكَ الأيام، لمّا تبدَّدَ الرُّسُلُ من أجلِ الضيقِ الذي حصَلَ بسببِ استِفَانُسَ، اجتازُوا إلى فِينيقَيةَ وقُبُرسَ وأنطاكِيَةَ وهمُ لا يكَلِمونَ أحدًا بالكلمِةِ إلّا اليهودَ فقط. ولكنَّ قومًا منهم كانوا قُبُرسِيين وقَيْروانيين. فهؤلاءِ لمّا دخَلوا أنطاكيَةَ أخذوا يُكلِّمونَ اليونانيّينَ مُبشِّرينَ بالربِّ يسوع، وكانت يدُ الربِّ مَعَهم. فآمنَ عددٌ كثيرٌ ورَجَعوا إلى الربّ، فبلغ خبرُ ذلك إلى آذانِ الكنيسةِ التي في أورَشليمَ فأرسَلوا بَرنابا لكي يجتازَ إلى أنطاكية، فلمّا أقبَلَ ورأى نعمَةَ الله فَرِحَ ووعَظَهم كُلَّهم بأنْ يثبُتوا في الربِّ بعزيَمةِ القلب، لأنَّه كانَ رجلًا صالحًا ممتَلِئًا مِن الروحِ القدُسِ والإيمان. وانضَمَّ إلى الربِّ جمعٌ كثيرٌ. ثمَّ خرَجَ بَرنابا إلى طَرسوسَ في طلبِ شاوُل. ولمّا وجَدَهُ أتى بهِ إلى أنطاكية، وتردَّدا معًا سنةً كامِلة في هذهِ الكنيسةِ وعلَّما جَمعًا كثيرًا. ودُعِيَ التلاميذُ مَسيحيّين في أنطاكِية أوّلاً. وفي تلكَ الأيّام انحدرَ من أورشليمَ أنبياءُ إلى أنطاكية، فقامَ واحدٌ منهم اسمه أغابوسُ فأنبأ بالروح أن ستكون مَجاعَةٌ عَظيمَةٌ على جميعِ المسكونة. وقد وَقَع ذلكَ في أيّامِ كُلوديوسَ قيصرَ، فَحَتَّمَ التلاميذُ بحسَبِ ما يتَيسَّرُ لكلِّ واحدٍ منهم أن يُرسِلوا خِدمةً إلى الإخوةِ الساكنينَ في أورَشليم، ففعلوا ذلكَ وبعثوا إلى الشُيوخِ على أيدي بَرنابا وشَاوُلَ.
الإنجيل: يو 4: 5-42
في ذلك الزمانِ أتى يسوعُ إلى مدينةٍ منَ السامرَةِ يُقالُ لها سُوخار، بقُربِ الضيعةِ التي أعطاها يعقوبُ ليوسُفَ ابنهِ. وكانَ هُناك عينُ يعقوب. وكانَ يسوعُ قد تعِبَ مِنَ المَسير، فجلَسَ على العين، وكانَ نحوَ الساعةِ السادسة. فجاءتِ امرأةٌ منَ السامِرةِ لتستَقي ماءً. فقال لها يسوعُ: أعطيني لأشرَبَ- فإنَّ تلاميذَهُ كانوا قد مضَوا إلى المدينةِ ليَبْتاعوا طعامًا- فقالت لهُ المرأةُ السامرية: كيفَ تَطلُبُ أن تشربَ مِنّي وأنتَ يهوديٌّ وأنا امرأةٌ سامريَّةٌ، واليهودُ لا يُخالِطونَ السامِريِّين؟ أجابَ يسوعُ وقالَ لها: لو عَرفتِ عَطيَّةَ اللهِ ومَن الذي قال لكِ أعطيني لأشربَ، لَطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حيًّا. قالت له المرأةُ يا سيِّدُ إنَّهُ ليسَ معكَ ما تستقي بهِ والبئْرُ عميقةٌ، فَمِنْ أين لك الماءُ الحيُّ؟ ألعلَّكَ أنتَ أعْظَمُ مِنْ أبينا يعقوبَ الذي أعطانا البئرَ، ومنها شَرِبَ هو وبَنوهُ وماشيتُهُ! أجابَ يسوعُ وقالَ لها: كلُّ من يشرَبُ من هذا الماءِ يعطشُ أيضًا، وأمَّا مَن يشربُ من الماء الذي أنا أُعطيهِ لهُ فلن يعطشَ إلى الأبد، بَلِ الماءُ الذي أُعطيِه لهُ يصيرُ فيهِ يَنبوعَ ماءٍ يَنبعُ إلى حياةٍ أبدّية. فقالت لهُ المرأةُ: يا سيِّدُ أعطني هذا الماءَ لكيلا أعطشَ ولا أجيءَ إلى ههنا لأستقي. فقالَ لها يسوعُ: اذهبي وادْعي رجُلكِ وهَلُمّي إلى ههنا. أجابتِ المرأةُ وقالت: إنَّهُ لا رجُلَ لي. فقال لها يسوعُ: قد أحسَنتِ بقولِكَ إنَّهُ لا رجُلَ لي. فإنَّهُ كان لكِ خمسَةُ رجالٍ والذي معَكِ الآنَ ليسَ رَجُلَكِ. هذا قُلتِهِ بالصِّدق. قالت لهُ المرأة: يا سيِّدُ، أرى أنَّكَ نبيٌّ. آباؤنا سجدوا في هذا الجَبلِ وأنتم تقولون إنَّ المكانَ الذي ينبغي أن يُسجَدَ فيهِ هُوَ في أورشليم. قال لها يسوعُ: يا امرأةُ، صدِّقيني، إنَّها تأتي ساعةٌ لا في هذا الجبلِ ولا في أورشَليمَ تسجُدونَ فيها للآب. أنتم تسجُدونَ لما لا تعلمون ونَحنُ نسجُدُ لما نعلَم، لأنَّ الخلاصَ هُوَ منَ اليهود. ولكن، تأتي ساعة وهيَ الآنَ حاضِرَة، إذ الساجدونَ الحقيقيُّونَ يَسجُدونَ للآبِ بالروح والحقّ. لأنَّ الآبَ إنَّما يطلُبُ الساجدينَ لهُ مِثلَ هؤلاء. اللهُ روحٌ والذين يسجُدون لهُ فبالروح والحقّ ينبغي أن يسجُدوا. قالت لهُ المرأةُ: قد عَلِمتُ أنَّ مَسيَّا، الذي يقالُ لهُ المسيحُ، يأتي. فمَتى جاءَ ذلك فهُوَ يُخبرُنا بكُلِّ شيءٍ. فقال لها يسوعُ: أنا المتكلِّمُ مَعَكِ هُوَ. وعندَ ذلكَ جاءَ تلاميذهُ فتعجَّبوا أنَّهُ يتكلَّمُ مَعَ امرأةٍ. ولكِنْ لم يَقُلْ أحدٌ ماذا تطلُبُ أو لماذا تتكلَّمُ مَعَها. فترَكتِ المرأة جرَّتها ومضَتْ إلى المدينةِ وقالت للناس: انظروا إنسانًا قالَ لي كُلَّ ما فعلت. ألعلَّ هذا هُوَ المسيح! فخرجوا من المدينة وأقبلوا نْحوَهُ. وفي أثناء ذلكَ سألَهُ تلاميذُهُ قائلينَ: يا مُعلِّمُ كُلْ. فقالَ لهم: إنَّ لي طعامًا لآكِلَ لستم تعرِفونهُ أنتم. فقالَ التلاميذُ فيما بينهم: ألعلَّ أحدًا جاءَهُ بما يَأكُل! فقالَ لهم يسوعُ: إنَّ طعامي أنْ أعمَلَ مشيئَةَ الذي أرسلَني وأُتِّممَ عملَهُ. ألستم تقولون أنتم إنَّهُ يكونُ أربعة أشهر ثمَّ يأتي الحصاد؟ وها أنا أقولُ لكم ارفعُوا عيونكم وانظُروا إلى المزارع، إنَّها قدِ ابيضَّتْ للحَصاد. والذي يحصُدُ يأخذُ أجرةً ويجمَعُ ثمرًا لحياةٍ أبديّة، لكي يفرَحَ الزارعُ والحاصدُ معًا.
ففي هذا يَصْدُقُ القولُ إنَّ واحدًا يزرَعُ وآخرَ يحصُد. إنّي أرسلتُكُم لتحصُدوا ما لم تتعَبوا أنتم فيه. فإنَّ آخرينَ تَعِبوا وأنتُم دخلتُم على تَعبِهم. فآمنَ بهِ من تلكَ المدينةِ كثيرونَ مِنَ السامريّينَ من أجلِ كلامِ المرأةِ التي كانت تشهَدُ أن قدْ قالَ لي كلَّ ما فعلت. ولمَّا أتى إليهِ السامريُّونَ سألوهُ أن يقيمَ عِندهُم، فمكَثَ هناكَ يومين. فآمنَ جَمعٌ أكثرُ من أولئكَ جدًّا من أجل كلامِهِ، وكانوا يقولونَ للمرأةِ: لسنا من أجل كلامِكِ نُؤمنُ الآن، لأنَّا نحنُ قد سمعْنا ونَعْلَمُ أنَّ هذا هُوَ بالحقيقيةِ المسيحُ مُخلِّصُ العالَم.
في الإنجيل
في هذا الأحد المبارك، ونحن ما زلنا في غمرة القيامة يتلى على مسامعنا هذا النصّ الإنجيليّ من بشارة الرسول يوحنّا الذي يحكي فيه قصّة المرأة السامريّة مع الربّ يسوع.
هذه المرأة التي أتت إلى البئر لتستقي ماء فدخل معها الربّ في حوار، كسر فيه العادات والتقاليد كلّها، التي كانت تمنع الرجل من الكلام مع امرأة في الطريق، وتمنع اليهوديّ من الكلام مع عدوّه السامريّ.
لكنّ الربّ استمرّ في حواره حتّى قاد المرأة لتطلب هي ماء من المسيح. فيعطيها "ماءً حيًّا"، فقد كان كلّ همّه أن يقتنص هذه المرأة إلى الحقيقة ويخلّصها من العدوّ المحارب الذي جعلها تنغمس في الخطيئة كلّ حياتها.
يكسر الربّ يسوع حاجز البغض الذي تعالى بين اليهود والسامريّين.
حواجز البشر لا تمنع الله من سكب نعمه على من يشاء.
لقد أراد الربّ يسوع من المرأة أن تركّز نظرها عليه شخصيًّا علّها تكتشف فيه الجانب الإلهيّ وتنسى موضوع الاختلاف المذهبيّ.
الربّ يسوع يدعوها إلى التوبة ويريد منها، من خلال الحوار معها أن تعيد النظر في حياتها إذ هي مشرفة على الحياة الجديدة.
حيث لا يكون هناك رابط بين الجغرافيا والعبادة التي لا ترتبط بمكان بل تربط بشخص وهذا الشخص حاضر في كلّ مكان ويرافق الساجدين له بالروح والحقّ.
كلّنا سامرّيون وقد غرّبتنا الخطيئة عن الربّ. نطلب الارتواء، لأنّنا عطاش. وإذا شربنا من ماء الحياة نتحوّل إلى ينابيع تجري منها وفيها الحياة الأبديّة.
على المؤمن الحقيقيّ الراغب في نقل البشارة السارّة إلى الناس.
كما فعلت المرأة السامريّة أن يخاطب العالم "بعذوبة الألفاظ" ليتحوّلوا بدورهم إلى كارزين للكلّ وقائلين: هلمّوا فانظروا الإله الذي تجلّى بالجسد لأجل خلاص جنس البشر، وغلب الموت وقام بذات سلطانه، والذي دائمًا يقول لنا "كلّ ما فعلناه" كما قال للسامريّة وجذبها إليه وخلّصها من خطيئتها، صارت مبشّرة ومعلّمة لكثيرين.
كيف يصدّقُ العالم المعاصر خبرَ القيامة؟!
أيّها الأحبّاء، ما لم يرَ عالـمُنا المعاصر المسيحَ قائمًا فينا وفي كنيسته، فلن يرى الناسُ قيامته من بين الأموات!
وما لم تنعكس هذه القيامة في حياتنا الشخصيّة والكنسيَّة، فلن يصدِّقوا الخبر!
لذلك يجب أن نقدِّمَ براهين كثيرة على أنَّ نورَ القيامة يسطعَ من حياة كلِّ واحدٍ منَّا ومن كلِّ رعيّة وكنيسةٍ وأبرشيَّة، كما يسطع من القبر المقدَّس.
كما فعل الربّ بعد قيامته إذ "أراهم أيضًا نفسه حيًّا ببراهين كثيرة"(أع1: 3).
على الصعيد الشخصيّ، قيامة الربّ تظهر فينا عندما تكون سيرتُنا مزيَّنةً بالمحبّة والتواضع واللطف، والكرم، والخدمة والتضحيّة وبذل الذات، وفي الوقت نفسه منزَّهةً عن محبّة المال والعظمة والسلطة، وعندما نسعى لنأخذ المكان الأخير والمكانة الدُّنيا، حتّى ولو كنَّا قادرين بإمكانيَّاتنا أن نتبوَّء المكان الأوَّل، نحيا بسلامٍ وفرحٍ وقناعةٍ وبساطةِ عيشٍ، وحشمةٍ في اللباس، وحكمةٍ ورصانةٍ في التصرّف، بعيدين عن التفاهة والسطحيّة وإضاعة الوقت، وعن الخصام والأحقاد، شاكرين الربّ رغم الصعوبات كلّها.
على الصعيد الكنسيّ، فإنَّ قيامة الربّ التي تظهر ببهاءٍ في الليتورجيّا والتراتيل والألحان الرائعة واللون الأبيض الذي تكتسي به الكنيسة، يجب أن تظهر جليًّا وببهاءٍ أكثر، في مفاصل الحياة الكنسيّة كلِّها، من خلال قرارات عمليّة تُظهِرُ وجه الكنيسة الحقيقيّ، كما يتوق إليه الناس وكما يريده سيِّدُها، وهذا يكون:
عندما تسعى الكنيسة إلى أن تعيش ما أمرها سيِّدُها به، فتكون قريبةً من شعبها، تحيا بتقشُّفٍ وزهدٍ، وتقف بجانب الحقّ والعدل، وبجانب الضعفاء والفقراء والمظلومين، تهتمُّ لأمرهم وتحترمهم كما تحترم الأقوياء والأغنياء، وتقبَل كلمة الحقّ.
عندما تبدأ الكنيسة بعمليّة تحسين الليتورجيا وإصلاحها، فتعيد إلى الليتورجيا معناها الأصليّ، فهي "عمل الشعب"، فتخلع عنها كلَّ مظاهر العظمة والأبَّهة والغنى والبذخ، وغيرها من المظاهر الوثنيّة اللامسيحيّة، وتتسربل، بدلاً من ذلك، بما اتَّشحَ به ربّها من فقرٍ ووداعة وتواضع.
وفي الوقت ذاته تُبعدُ كلَّ ما هو غير جوهريّ في الخدمة، ممّا يعيق البشارة ويمنع وصولها إلى قلوب المؤمنين، من إطالةٍ في الترتيل، وقراءةٍ غير واضحة، وغيابٍ للوعظ، وغير ذلك.
وعلى سبيل المثال، كم هو مؤلمٌ أن تمرَّ صلوات الأسبوع العظيم من دون وعظٍ في الكنائس!
لذا يجب أن يعودَ الوعظُ الذي يوقظ الضمائر ويحرِّك القلوب ويلمس النفوس، ليشكِّل جزءًا أساسيًّا من كافّة خِدَمنا وصلواتنا المقدَّسة، في الأيّام العاديّة والأعياد، بما فيها القداديس والمعموديّات والأعراس والجنازات، فتكون كلّ خدمة فرصة للتبشير وتغيير النفوس واصطيادِها، كما كان يحدث في أيّام الآباء القدِّيسين.
عندما تبدأ الكنيسة بعملية إصلاح إداريّ وماليّ، فتضع نظامًا ماليًّا حديثًا، يضمن مجّانيّة الخدم الكنسيّة "مجّانًا أخذتم مجّانًا أعطوا" (متّى10: 8)، ويُلغي الخدمات المأجورة "خدمة البطرشيل"، ويؤمِّن في الوقت نفسه مدخولًا للكنيسة، يسمح بحياة كريمة للكهنة والأساقفة، بعيدًا من الاحتياج والطمع في آن، مع نظام تقاعديّ وتأمين شيخوخة مقدَّسة لهم.
عندما تعي الكنيسة أنَّ عليها، في مؤسّساتها ومكاتبها الإداريّة، ألّا تتشبَّه بالعالم ومؤسّساته ودوائره الرسميّة، لئلّا تَسقط كيهوذا في حبِّ المال والفضّة!
بل تتسربل بالرَّحمة، فتقبل مدارسنا وجامعاتنا أن تأخذ أقساطًا غير مرتفعة، وأن تعلِّم أولادنا الفقراء مجّانًا.
وكذلك تقبل مشافينا أن تطبِّبَ فقراءنا مجّانًا. وصناديق التعاضد أن تسندَ وتساعدَ وتعضدَ الـمُعدَمين غير القادرين، وليس فقط المشتركين.
والمحاكم الروحيّة ألّا تتقاضى مبالغَ كبيرة ورسومًا مرتفعة، وأن تعفي الفقراء من كامل الرسوم، وليس من نسبةٍ منها فقط. وبالنسبة للمطرانيّة، أن تُلغي رسوم الحصول على أوراق المعموديّة وإطلاق الحال، وغير ذلك ممّا هو حقٌّ للمؤمنين أصلًا!
ولكي يحصل ما سبق كلّه، فإنّه يلزم شيءٌ من الجدّيّة والصدق مع الذات، إضافةً إلى تعاونِ الأبرشياّت كلِّها ومعهد اللاهوت في البلمند والمجمع المقدَّس، وتشكيل لجانٍ من مختصّين في المجالات كلّها، ودارسي اللاهوت.
هكذا نُخبرُ العالم بالقيامة، وهكذا فقط يرى العالمُ قيامةَ المسيح، عندما يعاينُ الجميعُ نورَ القيامة يشعُّ فينا وفي الكنيسة كما من القبر المقدَّس، فيصدِّقون ويتأكَّدون أنَّ المسيح قد قام، وأنّه حقًّا قام، وإلّا فعبثًا يتعب البنَّاؤون! وعبثًا نصرخ: المسيحُ قام!