الأحد 9 آذار 2025

الأحد 9 آذار 2025

05 آذار 2025
الأحد 9 آذار 2025
العدد 10
الأحد الأوّل من الصوم
اللحن الرابع، الإيوثينا الرابعة


أعياد الأسبوع:

9: (أحد الأرثوذكسيّة)، القدِّيسون الأربعون المستشهدون في سبسطية، 10: الشَّهيد كدراتُس ورفقته، 11: صفرونيوس بطريرك أورشليم، 12: ثاوفانس المعترف، غريغوريوس الذيالوغوس بابا رومية، سمعان اللاهوتيّ الحديث، 13: نقل عظام نيكيفورس بطريرك القسطنطينيَّة، 14: البارّ بنادكتس، البارّ ألكسندروس، المديح الثاني، 15: الشُّهداء أغابيوس والسَّبعة الذين معه.
 

باسم الآب والابن والروح القدس آمين
الإخوة الأبناء الأحبّاء بالربّ يسوع المسيح

ما إنْ يدخل الإنسان إلى هذه الحياة، ما إنْ يُولد الإنسان، يرتبط بالزمن. ولا أيّ إنسان واحد في التاريخ استطاع أن يهرب من تيّار الزمن. يسحب الزمن الإنسان في مراحل عمريّة متسلسلة تبدأ بالولادة وتنتهي بالشيخوخة ثمّ بالموت. المراحل العمريّة، هي الطفولة، المراهقة، النضج، الشيخوخة. هذه هي المراحل العمريّة العامّة، ولكنّها ليست إجباريّة، البعض يعبر في كلّ المراحل، والبعض الآخر في البعض من هذه المراحل، بمعنى أنّه يمكن أن يأتي الموت في أيّ مرحلة عمريّة، وينتزع الإنسان من هذه الحياة. يتحرّر الإنسان من الزمن عند الموت. يدخل في نطاق خارج الزمن، وخارج الوقت. في النهاية ليس بوسع أيّ خليقة مادّيّة أن توقف الزمن، أو أن تتنصّل من الزمن أو أن تُلغي الزمن.

الزمن تيّار لا نراه ولا يمكننا أن نلمسه، لكن يمكننا أن نشعر بوجوده من خلال مفاعيله. الزمن يحتوي في طيّاته، في كلّ لحظة، على موت وحياة في الوقت عينه. على سبيل المثال، يموت فينا سنّ الطفولة، لتحيا المراهقة، ثمَّ تموت المراهقة ليحيا النضج، ثمَّ تاليًا يموت النضج لتحيا الشيخوخة. كأنّ الحياة مبنيَّة على ميتات متعدّدة متتالية. وهذه إشارة قويّة لنا كي نعي ونؤمن أنَّه بعد الموت الجسديّ، هناك حياة حتمًا، وأنَّ موت كلّ مرحلة عمريّة هو مخاض ولادة لمرحلة عمريّة تالية، وأنّ جراح كلّ مرحلة تؤثّر سلبًا على ولادة المرحلة التالية، ونجاح كلّ مرحلة وصحّتها، تُنبئ بمخاض ولادة جديدة سليمة وصحيحة. هكذا الموت الجسديّ الذي يُنهي تاريخ الإنسان وينتزعه من زمنه، هو بداية ولادة حياة جديدة، ستكون سليمة وسعيدة، بقدر ما كان تاريخنا في الزمن مُشرِّف. بينما، إنْ كان تاريخ حياتنا مليء بالخزي والعار، فإنّنا في الولادة الجديدة في الحياة الأخرى سنحمل علامات الخزي والعار. لذا علينا الانتباه وألّا نُبدّد الزمن ونهدره. يجب ألّا نجعل زمن حياتنا تاريخ خطايا ومعاصٍ، بل بالعكس تمامًا تاريخ فضائل وتوبة. أن نجعل زمننا زمن تقديس الجسد والنفس. زمن تطهير الفكر والقلب والنيّة. ألَّا نفكّر في السوء للآخرين.

الزمن غريب. فهو معجون مع الكون والحياة. نعيش الزمن يوميًّا في لحظات "الآن" المتتالية. ما إنْ تأتي لحظة "الآن"، لحظة "الحاضر"، حتّى تتراجع إلى الوراء وتصير من الماضي. تفلت لحظة الحاضر من أيدينا، كما يفلت الماء، ولا نستطيع إمساكها باليد. ما إنْ تأتي لحظة المستقبل لتصير حاضرًا، حتّى تنسحب منّا وتصير ماضيًا. بمقدار ما نزداد عمرًا وسنًّا، بقدر ما نقترب من ساعة الموت المجهولة عندنا. هذا كلّه يصير بحكمة الله وتدبيره، كي لا نغرق في اهتمامات الحياة الأرضيّة وهمومها، بل أن نعمل دومًا كي نتهيّأ للحياة الأخرى. هذا كلّه يصير بحكمة الله وتدبيره، كي لا ننسى أنَّنا أبناء السماء وأنَّ موطننا الأساسيّ هو السماء وليس الأرض. كي لا ننسى أنَّ الحياة الأخرى هي الدائمة، ويتوجّب علينا أن نتهيّأ لها دومًا، وأننَّا مؤقّتًا نحيا على هذه الأرض، التي سنُغادرها، لا محال، دون رجعة. لا أحد يستطيع أن يهرب من الموت، ولا أن يُوقف الموت، أو أنْ يؤجِّل ساعة الموت ولا أنْ يرجع من الموت.

في الصوم الأربعينيّ المقدّس، يَقرع الجرس مرّة أخرى مُعلنًا للجميع ومنبِّهًا ومُذكِّرًا الكسالى، النائمين، الفاترين، المتراخين واللامبالين بحقيقة القيامة، بالدهر الآتي الأبديّ، الوطن السماويّ الدائم، فهل نحنُ مستعدّون كالعذارى العاقلات لندخلَ مع العريس إلى الخدر، أم أنَّ الزيت في مصابيحنا قليل، وعلينا أن نعمل بجدٍّ أكثر كي نصير أبناءً للقيامة وأهلاً للملكوت السماوي؟! آمين.

 + يعقوب
مطران الأرجنتين وبوينس آيريس
 

طروباريّة القيامة باللحن الرابع

إنّ تلميذات الربّ تعلّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجّدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
 

طروباريّة القدّيسين باللحن الأوّل

يا ربّ بأوجاع القدّيسين التي تكبّدوها من أجلك، تعطَّف واشفِ أوجاعنا نحن المتضرّعين إليك، أيّها المحبُّ البشر.
 

طروباريّة أحد الأرثوذكسيّة باللحن الثاني

لصورتِكَ الطاهرة نسجدُ أيّها الصالح، طالبينَ غُفرانَ الخطايا أيُّها المسيحُ إلهنا. لأنّكَ سُررتَ أن ترتفعَ بالجسدِ على الصَّليبِ طَوعًا لتُنجِّيَ الذينَ خَلَقْتَ مِنْ عُبوديَّةِ العَدُوّ. فلذلكِ نهتِفُ إليكَ بشُكر: لقد ملأتَ الكُلَّ فَرَحًا يا مُخلِّصَنا، إذ أتيتَ لِتُخَلِّصَ العالم.
 

القنداق باللحن الثامن

إِنِّي أَنا عبدكِ يا والدةَ الإله، أَكتُبُ لكِ راياتِ الغَلَبَة يا جُنديَّة محامِيَة، وأُقَدِّمُ لكِ الشُّكْرَ كَمُنْقِذَةٍ مِنَ الشَّدائِد. لكنْ، بما أَنَّ لكِ العِزَّةَ الَّتي لا تُحارَبِ، أَعتقيني من صُنوفِ الشَّدِائِد، حتَّى أَصرُخَ إِليكِ: إِفرحي يا عروسًا لا عروسَ لها.
 

الرسالة: عب 12: 1-10
أنتَ يا ربُّ تحفَظنا وتستُرُنا 
خلّصني يا ربُّ فإنَّ البارَّ قد فني


يا إخوةُ، إذ يُحدِقُ بِنا مِثلُ هَذِه السحابَةِ مِنَ الشُهوُدِ فَلنُلْقِ عنَّا كلَّ ثقلٍ والخطيئة المحيطةَ بسهولةٍ بنا. ولنُسابِقْ بالصبرِ في الجِهادِ الذي أمامنا ناظرينَ إلى رئيسِ الإيمانِ ومكمّلِهِ يسوعَ الذي بدَل السرور الموضوعِ أمامهُ تحمَّلَ الصليبَ مستخِفًّا بالخِزيِ، وجلسَ عن يَمين عَرشِ الله فَتفكَّروا في الذي صبَرَ على مثلِ هذه المخالفةِ لهُ من الخُطاةِ لئلّا تكِلُّوا وتَخوروا في نفوسِكم، فإنَّكم لم تقاوِموا بعدُ حتَّى الدَّمِ في مجاهدَتكم الخطيئة. وقد نَسيتُم التَعزِيةَ التي تُخاطِبكم كالبنينَ قائلةً يا بُنيَّ لا تحتَقْر تأديبَ الربّ ولا تخرْ إذا وبَّخك. فإنَّ الذي يحبُّهُ الربُّ يؤدِّبهُ ويجلِدُ كلَّ ابنٍ يتَّخذُه. فإن صبرتم على التأديب فإنَّ الله إنَّما يعاملِكم كالبنين. وأيُّ ابنٍ لا يؤدّبُهُ أبوهُ. وإن كنتم بِمعَزلٍ عنَ التأديبِ الذي اشتَركَ فيه الجميعُ فأنتم إذَنْ نغولٌ لا بنون، وأيضًا قد كان آباءُ أجسادِنا يؤدّبونَنا ونحن نَهابُهم فهلّا نخضَعُ بالأحرى جدًّا لأبي الأرواحِ فنحيا فإنَّهم إنَّما أدَّبونا لأيّامٍ قليلةٍ وعلى هواهم. أمَّا هو فلِمنفَعَتِنا حتَّى نشتَرِكَ في قداستِه.
 

الإنجيل: يو 1: 44-52

في ذلك الزمان، أراد يسوعُ الخروجَ إلى الجليل، فوجد فيلبُّسَ فقال له: "اتبَعْني". وكان فيلِبُّسُ من بيتَ صيدا من مدينةِ أندراوسَ وبطرس. فوجد فيلِبُّسُ نثنائيلَ فقال له: "إن الذي كتبَ عنه موسى في النَّاموس والأنبياءِ قد وَجَدْناهُ، وهو يسوعُ بنُ يوسُفَ الذي من النَّاصِرَة". فقال له نثنائيلُ: "أَمِنَ الناصرةِ يمكنُ أن يكونَ شيءٌ صالح!" فقال له فيلِبُّسُ: "تعالَ وانظر". فرأى يسوعُ نَثَنائيلَ مُقبلًا إليه، فقال عنه: "هُوَذا إسرائيليٌّ حقًّا لا غِشَّ فيه" فقال له نثنائيلُ: "مِنْ أين تَعرِفُني؟ أجابَ يسوعُ وقال له: "قَبْلَ أن يدعوَكَ فيلِبُّسُ وأنتَ تحت التينةِ رأيتُك". أجاب نثنائيل وقال له: "يا معلِّمُ، أنتَ ابنُ اللهِ، أنتَ مَلِكُ إسرائيل". أجاب يسوعُ وقال له: "لأنّي قلتُ لكَ إنّي رأيتُكَ تحت التينةِ آمنت. إنّك ستُعاينُ أعظمَ من هذا". وقال لهم: "الحقَّ الحقَّ أقول لكم، إنّكم من الآنَ تَرَونَ السَّماءَ مفتوحة، وملائكةَ اللهِ يصعدون وينـزلون على ابنِ البشر.
 

في الإنجيل

نبلغ بنعمة الله الأحد الأوّل من الصوم الأربعينيّ المقدّس، أحد "الأرثوذكسيّة"، أحد رفع الأيقونات الشريفة. وقد رتّبت كنيستنا الأرثوذكسيّة المقدّسة قراءة هذا النصّ الإنجيليّ في هذا الأحد المبارك، لأنّ جواب فيليبس يحوي البرهان الصحيح على الإيمان المستقيم الذي يجب على المؤمن أن يتمسّك به ويدافع عنه، وأن يدعو الناس إليه ويكون لسان حاله دائماً "تعال وانظر".

يروي لنا الإنجيليّ يوحنّا تفاصيل دعوة كلٍّ من الرسولين فيلبّس ونثنائيل. يتابع الربّ يسوع دعوته تلاميذه، وكان قد دعا أوّلًا سمعان بطرس وأندراوس أخاه. لكنّ الأهمَّ أنّ التلميذ يدعو رفيقه أيضًا، وبالتالي قال فيلبّس لنثنائيل "تعالَ وانظر" وهذا ما فهمه التلاميذ أنّ الربّ دعاهم ليتبعوه ولكي يعملوا هم بدورهم على دعوة الناس جميعًا إلى اتّباع يسوع، وهذا ما حصل بعد العنصرة إذ انطلق التلاميذ إلى البشارة، إلى صيد الناس تاركين صيد السمك، وكان عنوان بشارتهم وصيدهم "تعالوا وانظروا".

فبعد أن قالها فيلبّس لنثنائيل وأتى به إلى يسوع، نرى أنّ يسوع بادر إليه وكلّمه. فالله يسبق ويبادر ويساعدنا على قبول دعوته، وبعد هذه المبادرة تغيّر مصير نثنائيل وحياته، إذ كشف له يسوع حالته وواقعه "هوذا إسرائيليٌّ حقًّا لا غشّ فيه"، أي أنّه من البقيّة من اليهود التي ستؤمن بالمسيح وستصبح إسرائيل الجديد. وهنا يدخل نثنائيل في حوار مع الربّ إذ يسأله "أتعرفني"؟ ولكنّ جواب يسوع له، ولنا من خلاله، نعم إنّي أعرفك: "قبل أن يدعوك فيلبّس وأنت تحت التينة رأيتك". لقد أراد الربّ يسوع أن يبرهن له ولنا جميعًا على أنّه الإله الذي يعرف مكنونات القلوب، والعالم بخفايا البشر، وهنا يعلّق يوحنا الذهبيّ الفم على هذه الآية قائلاً: "إنّ يسوع بجوابه هذا أظهر لنثنائيل أنّ قلوب الناس واضحة لديه لذلك لا يخفى عن معرفته شيء".

وهنا يأتي جواب نثنائيل الشافي: "يا معلّم أنت ابن الله، أنت ملك إسرائيل"، وهو بجوابه هذا يزيد على ما قاله له فيلبّس ويعترف اعترافًا عظيمًا بأنّ يسوع هو ابن الله المعلّم والمخلّص: أراد الرب يسوع في نهاية المقطع الإنجيليّ أن يكشف لنثنائيل ولنا أيضًا، ولكلّ من يؤمن به من اليهود والأمم أنّه ملك السماء والأرض، وكلّنا مدعوّون إلى ملكوته السماويّ الذي ليس كأيّ مُلكٍ أرضيّ زائل: "إنّكم من الآن ترون السماء مفتوحةً وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن البشر".

 يبقى أن نقول: تعالوا وانظروا إلى هذه الأيقونة التي نعلن انتصارها في هذا الأحد، ونرفعها ونسجد لها سجودًا إكراميًّا، فهي السلّم الذي يربط السماء بالأرض. إنّ آباءنا وقدّيسينا لم يرسموا الأيقونة إلّا بعد أن تجسّد ابن الله وصار إنسانًا فوصل السماء بالأرض، له المجد إلى الأبد آمين.
 

أحد الأرثوذكسيّة

يعتبر أحد الأرثوذكسيّة من الأعياد الهادفة إلى تأكيد صحّة الإيمان المسلّم من الرسل، واستمراره من دون تحريف أو إضافات أو تشويه. فالمسيح ربّنا، كما تقول نصوص المجمع، هو نفسه أشرق على المؤمنين نور المعرفة، وأنقذهم من ضلالة عبادة الأوثان وغباوتها، متّخذًا لنفسه الكنيسة الجامعة، ووعد بحفظها نقيّةً إلى المنتهى بقوله: "ها أنا معكم إلى انقضاء الدهر". وهو لم يعط هذا الوعد لهم وحدهم بل لنا نحن المؤمنين باسمه بواسطة تبشيرهم، وحفظِنا نحن لهذه الوديعة لأبنائنا.

ولكن على مرّ العصور ظهر بعضٌ ممّن لم يراعوا قيمة هذه النعمة، وانقلبوا بخداع العدوّ الخبيث وسقطوا من الإيمان القويم، فلم يستطيعوا التمييز بين ما هو مقدّس وما هو خاطئ، أولئك الذين رفضوا العقائد الإلهيّة المتعلّقة بالله والتجسّد الإلهيّ والتي كُشفت من أجل خلاص جنس البشر، لدرجة أنّهم أطلقوا على أيقونات ربّنا وأيقونات قدّيسيه الأسماء التي تُطلق على تماثيل الأصنام الشيطانيّة.

أتى المجمع المسكونيّ السابع، كما أتت المجامع الستّة التي سبقته، من أجل تثبيت المؤمنين على التسليم الإلهيّ المؤدّي إلى خلاصهم، وتأكيدًا على المحافظة على تعاليم الكنيسة الجامعة من دون تغيير، معتمدين على الفحص والتحليل الدقيقين في التفتيش عن الحقيقة بكل عناية وانتباه ومن دون حذف أو زيادة.

وقد أعلن هذا المجمع أن الكنيسة الأرثوذكسيّة، وبخاصّة في أحد الأرثوذكسيّة الذي نعيّد له اليوم، تحافظ على استقامة الإيمان أي على كلّ تقاليد الكنيسة وتسليمها حتّى يومنا هذا من دون تغيير أو تبديل. ومن هذه التقاليد الأيقونات التي تمثّل الربّ المتجسّد والسيّدة العذراء وسائر القدّيسين، والرّاوية تاريخ البشارة بالإنجيل لكونها تقليدًا مفيدًا من عدّة وجوه، وإنجيلًا مصوّرًا للأميّين، ولا سيّما أنّها تُظهر أنّ تجسّد الكلمة إلهنا ليس خيالًا أو تصوّرًا بل هو حقيقة حيّة وواقعيّة.

وأكّد هذا المجمع أيضًا على أنّ رفع الأيقونات في كنائس الله المقدّسة ومنازل المؤمنين هو كمثل رفع الصليب الكريم المحيي، وهو مثال حيّ يشابه ما حدث في العهد القديم حينما رفع النبيّ موسى الحيّة النحاسية في البرّيّة، كما أنّ المؤمنين برؤيتهم أيقونة السيّد والسيّدة وأيقونات القدّيسين والأشخاص الأتقياء يسهل عليهم أن يتذكّروا الأصل، وتثار فيهم رغبة الاقتداء بسيرتهم، مع التأكيد على أن يُقدَّم لهذه الأيقونات الإكرام وسجود الاحترام فقط دون العبادة المختصّة بالطبيعة الإلهيّة وحدها.

الكنيسة تشدّد على الفصل بين العبادة والإكرام، فكما مُدح في العهد القديم تحطيم الحيّة النحاسيّة التي جنح الشعب العبرانيّ إلى عبادتها (2مل 4:18) كذلك تحذّر الكنيسة أبناءها من فخّ الوقوع في عبادة الأصنام، ولهذا رفضت في ممارستها وجود الأصنام، الثلاثيّة الأبعاد، بين جدرانها وبيوت أبنائها.

وحسب العادة التقويّة القديمة يجوز أن يُحرق البخور وتضاء الشموع أمام هذه الأيقونات، لأنَّ تكريم الأيقونة إنّما يكون للأصل الذي تُمثّله. هذا هو تعليم آبائنا القدّيسين وهذا هو تقليد الكنيسة الجامعة الرسوليّة، هذا هو الإيمان الأرثوذكسيّ الذي توطّد في المسكونة كلّها.

 
أخبارنا
 إجتماع كهنة الأبرشيّة


نهار الأربعاء الواقع فيه 26 شباط 2025 ترأّس راعي الأبرشيّة صلاة الغروب في كنيسة ميلاد السيّدة في المطرانيّة، وعاونه لفيف من الكهنة وبعد الصلاة تحلّق الآباء حول صاحب السيادة، فعرّف كلّ من الشمامسة بنفسه وبالكنيسة التي يخدم فيها.
ثمّ ألقى صاحب السيادة كلمة توجيهيّة تناول فيها تعريف الكاهن ودوره في خدمة أبنائه المؤمنين. وأهمّ النقاط التي وردت فيها هي:
1-من هو الكاهن؟ هو أيقونة المسيح ويتمثّل به."كان يسوع يطوف المدن والقرى، يعلّم ويكرز بملكوت الله ويشفي كلّ مرض وضعف في الشعب". (متّى 9: 35).

2-هو أبٌ روحيّ "إن كان لكم ربواتٌ من المرشدين في المسيح، لكن ليس لكم آباء كثيرون، لأنّي أنا ولدتكم في المسيح يسوع  بالإنجيل". (1 كور 4: 15).

3-ما الذي يساعد الكاهن على تجنّب الرتابة "الروتين"؟ الصلاة في البيت والمطالعة الروحيَّة.

4-الكاهن هو طبيب روحيّ. والكنيسة ما هي إلا شفاء لجراح المريض وخطاياه. ليس هو مجرّد موظّف يقتصر عمله على تتميم الأسرار الكنسيّة: القدّاس الإلهيّ، سرّ المعمودية، إلخ...

5-يقول القدّيس غريغوريوس اللاهوتيّ: "على الإنسان أن يتطهّر قبل أن يطهّر الآخرين"...

6- أمّا الرسول بولس فيقول لتلميذه تيموثاوس: "كنْ قدوةً للمؤمنين. اعكف على القراءة والوعظ والتعليم. لاحظ نفسك والتعليم"... (1 تيمو 4: 12، 13، 16).

7- يقول المطران هيروثاوس فلاخوس في كتابه علاج النفس الأرثوذكسيّ:

"دور الكاهن أولاً خدمة الأسرار المقدّسة، وثانياً: شفاء الشعب. الكهنوت الروحيّ قاعدة الكهنوت الأسراريّ". فضائل الأب الروحيّ: التواضع، الصبر، التمييز والمحبّة.

وقد توسّع صاحب السيادة في شرح هذه النقاط وأعطى بعض الأمثلة والشواهد عليها.
ثمّ ترك للآباء الحرّيّة ليقدّموا بعض خبراتهم وملاحظاتهم ومداخلاتهم حول هذه النقاط.
وقد قُدّمت بعض الآراء القيّمة من قبل الآباء الذين ساهموا في المواضيع المطروحة.
بعد ختام اللقاء توجّه الجميع لتناول لقمة محبّة من إعداد المطرانيّة بمناسبة أسبوع مرفع الجبن.