الأحد 6 تمّوز 2025

الأحد 6 تمّوز 2025

02 تموز 2025

الأحد 6 تمّوز 2025
العدد 27
الأحد الرابع بعد العنصرة

اللحن الثالث، الإيوثينا الرابعة

 
أعياد الأسبوع:
 
6: سيسوي الكبير(ساسين)، 7: البارّ توما الميليوني، الشَّهيدة كرياكي، 8: العظيم في الشُّهداء بروكوبيوس، الشَّهيد في الكهنة أنستاسيوس، 9: بنكراتيوس أسقُف طفرومانيَّة، 10: يوسف الدّمشقيّ، الشُّهداء الـ 45 المستشهدون في أرمينية، 11: آفيميَّة المعظّمة في الشَّهيدات (لما ثبَّتَتْ حَدَّ الإيمان)، القدِّيسة الملكة أولغا المعادلة الرُّسل، 12: الشَّهيدان بروكلس وإيلاريوس، فيرونيكي النَّازفة الدم، باييسيوس الآثوسيّ.
 
 
قائد المئة Centurion
 
قائد مئة إنسان وثنيّ كان له إيمانٌ كاملٌ بالمسيح يقول له: "قل كلمةً فقط فيبرأ فتاي" (متّى 8: 8)
ثم "قال يسوع للذين يتبعونه لم أجد ولا في إسرائيل إيمانًا كهذا" (متّى 8: 10).
 
بعد هذا يؤكّد الربّ أنّ من الوثنيّين "من يتكّئ مع إبراهيم وإسحق ويعقوب في ملكوت السموات وأمّا من يعتبرون أنفسَهم أبناء الملكوت أي اليهود فيلقون في جهنّم" (متّى 8: 11-12).
 
هنا يشير متّى الإنجيليّ إلى البشارة إذ إنّه يختم بها إنجيله قائلاً للتلاميذ "إذهبوا وبشّروا كلَّ الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (متّى 28: 19).
 
هذا كلّه لكي يقول لجميع الأمم إنّ الخلاص يتمّ في المسيح، في الإيمان بفدائه ومحبّته للبشر، ليقول أيضًا أنّ البشارة ممكن انتشارها حتّى في عالمنا اليوم على الرغم من انتشار وسيطرة العلمانيّة laicité sécularism
 أو القلوب المتحجّرة في الوثنيّة.
 
يقول الرسول بولس إنّنا "نتبرّر بالإيمان" (رومية 5: 1). هنا أيضًا يقول الربّ يسوع لقائد المئة "اذهب وكما آمنتَ ليكن لك" (متّى 8: 13).
 
ترى أين نجد هذا الإيمانَ المعاش؟ الإيمان الحقيقيّ لا يرتبط بالضرورة بعقيدة ما ولا يرتبط بطقس ما rite أو بقانون ما. هو مرتبط بتواضع سحيقProfonde Humilité "يا سيّد لستُ مستحقّا أن تدخل تحت سقفي قلْ كلمة فقط فيبرأ غلامي" (متّى 8: 8).
 
هنا تكمن كلمة الله. هذه الكلمة لا تقع بالضرورة في طائفة معيّنة أو في معتقد معيّن.
 
آمن قائد المئة أنّ كلمة يسوع سوف تفعل في صميم حياته. الإيمان لديه داخل في إطار طاعة كلمة الله
Obéissance å la parole de Dieu
هذه الطاعة لا تناقض عقيدةً ما.
 
من دون هذه اللهفة الداخليّة، العقيدة تقود إلى إيمان ميّت.
"أنا إنسان تحت سلطان طاعة وثقة لكلمة الله وقانونها.
هذا كلّه يعطينا الأمان والخلاص.

  + أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
 
طروباريّة القيامة باللحن الثالث
لتفرح السماويّات، ولتبتهج الأرضيّات، لأنّ الربَّ صنعَ عِزًّا بساعِده، ووطِئَ الموتَ بالموتِ، وصارَ بكرَ الأموات، وأنقذنا من جوفِ الجحيم، ومنح العالم الرحمةَ العُظمى.
 
القنداق باللحن الثاني
يا شفيعَةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية الوَسيطة لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تُعرْضي عَنْ أصواتِ طلباتنِا نَحْنُ الخَطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحَة، نَحنُ الصارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشفاعَةِ وأسَرعي في الطلْبَةِ يا والدَة الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بمكرِّميك.
 
 
الرسالة: رو 6: 18-23
رتّلوا لإلهنا رتّلوا
يا جميع الأمم صفّقوا بالأيادي
 

يا إخوةُ، بعد أن أعتِقُتم من الخطيئَةِ أصبحتُم عبيدًا للبرّ. أقولُ كلامًا بشريًّا من أجل ضُعفِ أجسادِكم. فإنَّكم كما جعَلتُم أعضاءَكم عبيدًا للنجاسَةِ والإثم للإثم، كذلك الآن اجعَلوا أعضاءكم عبيدًا للبرّ للقداسة. لأنَّكم حينَ كنتُم عبيدًا للخطيئة كنتمُ أحرارًا منَ البِرّ. فأيُّ ثمرٍ حَصل لكم من الأمورِ التي تستَحيون منها الآن. فإنَّما عاقِبَتُها الموت. وأمَّا الآن، فإذا قد أُعتِقُتم من الخطيئة واستُعبِدتُم لله، فإنَّ لكم ثمرَكم للقداسة. والعاقِبةُ هي الحياةُ الأبديّة، لأنَّ أجرةَ الخطيئة موتٌ وموهبة اللهِ حياةٌ أبديّةٌ في المسيحِ يسوعَ ربّنا.
 
 
الإنجيل:
متّى 8: 5-13 (متى 4)
 

في ذلك الزمان دخل يسوع كفرناحومَ، فدنا إليهِ قائدُ مئةٍ وطلب إليهِ قائلًا: يا ربُّ، إنَّ فتايَ مُلقًى في البيت مُخلَّعٌ يُعَذَّبُ بعذابٍ شديد. فقال لهُ يسوع: أنا آتي وأشفيهِ. فأجاب قائدُ المئةِ قائلًا: يا ربُّ، لستُ مستحِقًّا أن تدخُلَ تحتَ سقفي، ولكنْ قُلْ كلمةً لا غيرَ فيبرأ فتايَ، فإنّي أنا إنسانٌ تحت سلطانٍ ولي جندٌ تحت يدي، أقولُ لهذا اذهبْ فيذهَبُ وللآخر أئتِ فيأتي ولعَبْدي إعمَل هذا فيعْملُ. فلَّما سمع يسوعُ تعجَّب وقال للذين يتبعونَه: الحقَّ أقول لكم، إنّي لم أجِدْ إيمانًا بمقدارِ هذا ولا في إسرائيل. أقول لكم إنَّ كثيرين سيأتون مِنَ المشارقِ والمغاربِ ويتَّكئون معَ إبراهيمَ وإسحقَ ويعقوبَ في ملكوت السماوات، وأمَّا بنو الملكوت فيُلقَون في الظلمةٍ البَرَّانيَّةِ. هناك يكونُ البكاءُ وصَريفُ الأسنان، ثمَّ قال يسوع لقائد المئة: اذهَبْ وليكُنْ لك كما آمنتَ. فشُفيَ فتاه في تلك الساعة.
 
في الإنجيل
 
في هذا المقطع من إنجيل متّى، نجد مشهدًا فريدًا من نوعه يبرز فيه الإيمان العميق من قلبٍ غير متوقّع، قلب قائد مئة رومانيّ، رجل غير يهوديّ، غريب عن شعب الله بحسب الجسد، لكنّه قريب جدًّا من الله بالإيمان.
 
دخل يسوع مدينة كفرناحوم، وهي بلدة تقع على ضفاف بحر الجليل وكانت مركزًا لخدمته في الجليل. هناك جاء إليه قائد مئة، وهو ضابط في الجيش الرومانيّ، يحمل رجاءً حارًّا من أجل عبده المريض، الملقى في البيت يعذّبه الشلل.
 
رغم مكانته كضابط، لم يأتِ هذا الرجل بتكبّر، بل اقترب بتواضعٍ واحترام، مخاطِبًا يسوع بلقب "يا سيّد"، معلنًا إيمانه العميق بأنّ يسوع وحده قادر أن يشفي بكلمة واحدة. لم يطلب معجزة استعراضيّة، ولا حضورًا مادّيًّا ليسوع في بيته، بل آمن أنّ سلطانه الروحيّ يفوق أيّ حدود زمنيّة أو مكانيّة.
 
هذا القائد فهم السلطة بطريقة عمليّة: كما أنّه يُطيع رؤساءه ويأمر مرؤوسيه، آمن أنّ يسوع يملك سلطانًا مماثلًا، لا على الجنود بل على المرض والموت والخلق نفسه. ولذلك قال عبارته الشهيرة والمملوءة إيمانًا: "لكن قل كلمة فقط فيبرأ فتاي".
 
هذه العبارة أذهلت يسوع، فتعجّب، وهو أمر نادر في الإنجيل، إذ نراه يندهش من إيمان شخصٍ أجنبيّ بينما كثيرون من بني إسرائيل، شعب العهد والأنبياء، كانوا متردّدين وغير مؤمنين.
ثمّ نطق يسوع بكلماتٍ تحمل بُعدًا نبويًّا عميقًا: "الحقّ أقول لكم، لم أجد في إسرائيل إيمانًا بمقدار هذا!"
 
وأشار إلى أنّ كثيرين من الأمم، من المشارق والمغارب، سيدخلون ملكوت السماوات، بينما يُطرَح أبناء الملكوت، أيّ اليهود الذين رفضوا الإيمان، خارجًا إلى الظلمة.
 
هنا يعلن يسوع أنّ ملكوت الله لا يقوم على الانتماء الجسديّ أو العرقيّ، بل على الإيمان. وأنّ الدعوة مفتوحة لكلّ من يؤمن، مهما كانت خلفيّته أو قوميّته.
وأخيرًا، يقول يسوع لقائد المئة: "اذهب، وليكن لك كما آمنت".
 
وبالفعل، شُفي العبد في تلك الساعة، دون أن يلمسه يسوع أو يزوره، بل بكلمة فقط.
هذا المقطع هو إعلان قويّ عن سلطان المسيح، وعن شموليّة الخلاص للجميع، وهو أيضًا دعوة شخصيّة لكلّ واحد منّا إلى أن يسلك بالإيمان، لا بالعيان. فكما شُفي عبد قائد المئة بكلمة، يمكن أن يُشفى كلّ ما فينا حين نفتح قلوبنا ليسوع ونثق بكلمته.
 
هل من الضروريّ حقًّا أن أكون في دير لأعيش حياة رهبانيّة؟ ألا يمكنني أن أعيش كراهبٍ في العالم؟
هذا سؤال يُطرح كثيرًا.
 
أوَّلًا، يجب أن ندرك أنَّ نعمةَ الله حاضرة في كلّ مكان، لكنَّها محسوسة بوجهٍ خاصّ في الدَّير. حين يزور الناس الدير، يشعرون بأنّه مكان مقدّس يسكنه الله.
والمفارقة أنّ الرهبان الذين يقطنون هذا الدير غالبًا ما يشعرون أكثر من غيرهم بالحرب الروحيّة الشديدة التي يشنّها عليهم الشيطان.
مرّة قال زائر لإحدى الراهبات: "ما أروع السلام هنا!"، فأجابته: "أنتم تشعرون بالسلام، ونحن نرى الحرب."
 
كلّ من يسعى إلى التزام وصايا الإنجيل ويعيش فعلًا بحسب تعاليم الكنيسة، يشعر بهذين الجانبين بدرجات متفاوتة: نعمة الله من جهة، والمعركة الشرسة التي يشنّها عليه إبليس من جهةٍ أخرى. فكلّما ازددنا اجتهادًا في خدمة الله، بذل عدوّ الخير جهدًا مضاعفًا لكي يُثنينا عن الطريق.
 
هذا يتجلّى أكثر في حياة من يرفض العالم ويسعى إلى أن يعيش كلّيًّا للمسيح.
فهل يمكن تحقيق هذا أثناء العيش في العالم؟ نعم... ولا.
 
نعم، يستطيع الإنسان، بمعونة الله، أن يعيش بحسب وصايا الإنجيل وتعاليم الكنيسة، وهو في العالم، منخرط في عمل، وملتزم بحياة الكنيسة، ومواظب على "الثالوث الصغير"، أعني: الصلاة، الصوم، وأعمال الرحمة. ويمكنه أن يقرأ سير القدّيسين وكتبًا روحيّة. وهذا تطلبه الكنيسة من كلّ مؤمنيها، وفيه عيشُ الوصايا.
 
مثل هذا الإنسان قد يشارك في بعض النشاطات "العالميّة" غير المؤذية، كبعض الرياضات المحدّدة، أو أيّ ترفيه صحّيّ، دون أن يفقد تركيزه على الله.
أمّا الحياة الرهبانيّة فهي تتبنّى ما يسمّيه الآباء "الوصايا الإنجيليّة". تذكّرِ الشابّ الغنيّ في الإنجيل الذي سأل الربّ:
"ماذا أفعل لأرث الحياة الأبديّة؟" فقال له الربّ: "احفظ الوصايا"، فأجابه الشابّ بأنّه يفعل ذلك منذ صغره. فقال له الربّ: "إن شئت أن تكون كاملًا، فاذهب وبِع كلّ ما لك، واحمل صليبك، وتعالَ اتبعني" (مرقس 10: 21).
"إن شئتَ!"
 
بمعنى أنّه ليس شرطًا للخلاص أن تترك كلّ شيء، بل هذه طريق اختياريّة.
هذه هي الكلمات التي سمعها القدّيس أنطونيوس، وكانت الشرارة لانطلاقه في الحياة الرهبانيّة. ونعلم أنّ بدايته، قبل أن ينحسب إلى الصحراء، كانت مع شيخٍ في أطراف المدينة.
العالم يعجّ بالإغراءات. بعض لذّاته ليست شرّيرة: الزواج وإنجاب الأطفال مباركان من الربّ الذي صنع أولى عجائبه في عرس قانا الجليل. الوجود في حضرة الآخرين ليس خاطئًا بحدّ ذاته، لكنّه قد يجرّ الإنسان إلى الخطيئة إن لم ينتبه. بعض وسائل الترفيه، كما ذكرنا، لا بأس بها إن لم تتحوّل إلى شغفٍ أو شهوة.
 
ولكنّ الراهب هو الذي يختار الطريق الأضيق. وللسير فيها، لا بدّ له من مرشدين خبروا هذه الطريق، وساعدوه على تجنّب مخاطرها. وهذا لا يُوجَد إلّا في ديرٍ يضمّ أُناسًا يجاهدون، يسقطون ويقومون مجدّدًا على الدّرب ذاته.
 
أمّا من يحاول أن يسلك هذه الطريق الضيّقة في العالم، حيث الإغراءات في كلّ مكان، فحين يسقط (وهو سيسقط)، فمن ينهضه؟
على الأرجح، من يسقطون معه سيشجّعونه على البقاء في الوحل.
أمّا في الدير، فهناك أصحاب خبرة يوبّخونه ويرشدونه إن ضلّ، وهناك نعمة الله العظيمة التي تحيط به وتساعده في صراعه. حتّى الثوب الرهبانيّ بحدّ ذاته له قداسة ويمنح الحماية للراهب.
 
لنفترض مثالًا بسيطًا: أنت تقود سيارتك في منطقة نائية وتشعر بالعطش الشّديد. تجد قرية صغيرة فيها بعض المنازل وحانة، ولا أيّ محطّة وقود أو متجر. تدخل إلى الحانة لتشتري مشروبًا غير كحوليّ. لا شيء خاطئ هنا. ولكن حين تصلّي لاحقًا، تتذكّر ما رأيته هناك: طُرُفات بذيئة، ملابس فاضحة... رغم أنّك لم ترتكب خطأ، إلّا أنّ صلاتك تشوّشت بهذه الذكريات.
 
أمّا الراهب أو الراهبة في الحالة ذاتها، فلن يدخل إلى الحانة أصلًا. ثوبه الرهبانيّ بحدّ ذاته يصير كجدران ديره، يحميه من ارتياد أماكن كهذه، حتّى لو كانت نيّته بريئة بالحصول على كأس من الماء البارد، إذ لا يمكنه أن يسبّب عثرة للكنيسة بظهوره في موضع مشبوه.
 
ثمّ هناك فخٌّ آخر يصيب من يحاول أن يعيش رهبانيًّا في العالم: الكبرياء. هذا لا يعني أنّ الكبرياء لا تُحارِب من هم في الدير، بل بالعكس! لكنّه في الدير يُقطَع من جذوره فورًا بيد الآباء.
 
فأنت لست مميّزًا هناك لأنّك تصوم أو تصلّي، فالجميع يفعل ذلك! ولست "تقيًّا" أكثر من غيرك، لأنّك تجاهد لاقتناء الفضائل، فهذا هو المتوقَّع منك.
أمّا حين تقول: "يمكنني أن أعيش الحياة الرهبانيّة في العالم دون الحاجة إلى الدير"، فأنت تعلن بفخر أنّك تعرف كلّ شيء! وبدلًا من أن تُثمِر جهودك خلاصًا، تضيع هباءً.
 
لا شكّ في أنّ هناك رهبانًا عاشوا كنُسّاكٍ في البرّيّة. لكنّ هذه الحياة لا تُقارَن بما تطلبه أنت.
فمن يسلك هذه الطريق النُّسكيّة، لا يفعل ذلك إلا بعد سنوات طويلة في الدير، وببركة شيخٍ روحيّ.
 
كان الأب القدّيس كليوبا يقول لمن يطلب منه الإذن بالاعتزال في الغابة: "بعد ثلاثين سنة من الطاعة في الدير، تعال إليّ وسنفكّر في الأمر!"
لا تستهِن بتلك النعمة الخفيّة التي تعمل في الدير. إنّها عظيمة، ومن دونها لا يخلُص أحد هناك. الآباء القدّيسون يقولون:
"الخلاص جماعيّ، أمّا السقوط ففرديّ."
 
إن أردت أن تخلُص في العالم، اتبع الوصايا،
وإن أردت أن تخلُص كراهب، فادخل إلى الدير، واخضع لرئيسه وقوانينه.
 
الكثيرون يوجّهون الانتقادات للكهنة، والرهبان، والنُّسّاك، ويقولون إنّهم ليسوا صالحين.
فليتفضّل هؤلاء إذًا، ويقدّموا أولادهم كي نستبدل بهم كاهنًا، أو راهبًا، أو ناسكًا.
أنت، الذي تحبّ الكنيسة، قدِّم ابنك لها.
لماذا لا تفعل ذلك؟
لماذا لا تعطيه للكنيسة بل تعطيه للدولة مثلًا، للغربة، للسعي الدائم نحو الغِنى الأرضيّ؟
 
وتأتي بعد ذلك وتلوم الكنيسة بأنّها لا تملك كهنة صالحين أو أنّ الأديرة تفتقر إلى رهبان!
سوف نُحاسَب أمام الله، الذي سيقول لنا: «من فمك أدينك،
أيّها العبد الشرّير» (لوقا ١٩: ٢٢).
 
لأنّه إن طلبت منّا الدولة أحد أولادنا للخدمة، فسوف نأخذه في منتصف الليل ليخدم الوطن.
أمّا إن طلبه الربّ يسوع المسيح، فستُستَنفَر كلّ شياطين العالم كي لا يسلك طريق الله ولا يصبح كاهنًا أو راهبًا.
ستتدخّل العرّابة وتقول للولد:
•             "أمعقول أن نجعلك راهبًا؟!"
وسيتدخّل العمّ "المثقّف" ويقول:
 
•             "أمعقول أن نصيّرك كاهنًا، فتجلب الحزن إلى البيت وتأتي لنا بالنحس؟!"
ثمّ بعد ذلك، نلوم الكنيسة والكهنة...
 
تعال ومت غدًا، وسنتحدّث وقتذاك... حينما لا تجد كاهنًا ليقيم لك جنازة سأشرح لك آنذاك معنى الكهنوت وأهمّيّته...
 
عندما تنتظر أن يقيم أحد قدّاسًا عنك أو يقدّم قربانًا باسمك أو ذِكرانيّة لراقد، ولا تجد كاهنًا، حينئذٍ فقط ستدرك معنى الكنيسة الأرثوذكسيّة ومعنى الكاهن الأرثوذكسيّ.
لكن آنذاك... سيكون الأوان قد فات! بل فات كثيرًا جدًّا!
يتبع