الأحد 2 حزيران 2024 

الأحد 2 حزيران 2024 

30 أيار 2024

الأحد 2 حزيران 2024 
العدد 22
أحد السامريّة
اللحن الرابع، الإيوثينا السابعة


أعياد الأسبوع:

2: نيكيفورس المعترف رئيس أساقفة القسطنطينيَّة، 3: الشهيد لوكليانوس، الشَّهيدة بافلا، 4: مِطْروفانِس رئيس أساقفة القسطنطينيّة، مريم ومرتا أختا لعازر، 5: الشهيد دوروثاوس أسقُف صور، إيلاريون الجديد رئيس دير الدلماتن، الشَّهيد غلاسيوس، 7: الشّهيد ثاودوتس أسقُف أنقرة، الشَّهيد بايسيوس (كفالونيّة)، 8: نقل عظام ثاوذورس قائد الجيش، الشَّهيدة كاليوبي.

أحد السامريّة

حوار المسيح مع السامريّة والحديث عن الماء الحيّ يعيدنا إلى سرّ المعموديّة وكذلك إلى نزول الروح القدس يوم العنصرة.

"في اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلًا: إن عطش أحدٌ فليقبل إليّ ويشرب فمن آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهارُ ماء حيّ. 

قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه" (يوحنا 7: 37-39).
عطيّةُ الروح القدس جاءت عن طريق الماء الحيّ في سرّ المعموديّة. 

هذا أيضًا ما أشار إليه المسيح عندما تكلّم عليه يوحنّا المعمدان قائلًا: "أنا أعمّدكم بماء التوبة ولكنّ الذي بعدي هو أقوى منيّ... هو سيعمّدكم بالروح القدس ونار" (متّى 3: 11).
الماء يروي عطشَ الإنسان. 

هناك أيضًا في قلب كلّ إنسان عطشٌ آخر للسعادة الحقيقيّة، هذا العطش الذي لا يرويه إلّا الاتّحاد بالله واقتناء قوى الروح القدس غير المخلوقة energies divines non crééer والقوى السماويّة غير المخلوقة التي تجعلنا كائنات لا تموت وتمنحنا تذوّقًا مسبقًا للحياة الأبديّة.

في هذا الحوار بين يسوع والمرأة السامريّة هناك أيضًا مسألة المكان الذي فيه نعبد الله. في البداية يذكر المسيح أنّ أورشليم هو المكان الأوّل للعبادة. 

لكن مثل هذا الهيكل ما وُجد إلّا لكي يكون مجرّدَ إعلان لكيان آخر هو جسدُ المسيح نفسه.
في المسيح وحده يتمّ اللقاءُ العباديّ بين الله والإنسان. 

هناك فقط نستطيع أن نعبدَ اللهَ الآب بالروح والحقّ (يو 4: 23) بالحقّ en vérité لأنّه بالمسيح وحده نستطيع أن نجد الحقَّ أي الكمالَ في اللقاء مع الله الآب.

وبالروح en esprit: هذا لا يعني أنّ النفسَ أو الفكرَ وحده يشترك في العبادة من دون الجسد. 

بالروح يقصد به الحريّة التي بموجبها وبإرادتها بفعل الروح القدس، هذا الروح الذي أخذناه في سرّ المعموديّة. فيه، في صلاتنا وعبادتنا نجد محبّة الله الآب ومحبّة الناس معًا.

هذه هي العبادةُ الكاملة أمام الله. مثل هذه العبادة تتمّ هنا عن طريق ممارسة الصلاة المتواصلة Priére continue  في موضع اعتراف كامل بنعم الله، بالشكر له  على ما أعطانا وأيضًا بطلب إرادته والعمل بها. "هذا كلّه لو كنّا نعلم عطيّة الله ومن هو" (يوحنّا 4: 10).

 + أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما



طروبارية القيامة باللحن الرابع

إنّ تلميذات الربّ تعلّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهِج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجَدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخِراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنح العالَمَ الرَّحمةَ العُظمى.
 
طروباريّة نصف الخمسين باللحن الثامن

في انتصاف العيد اسقِ نفسي العطشى من مياه العبادة الحسنة أيّها المخلّص. لأنّك هتفت نحو الكلّ قائلًا: من كان عطشانَ فليأتِ إليَّ ويشرب. فيا ينبوع الحياة أيّها المسيح إلهنا المجد لك.

قنداق الفصح باللحن الثامن

ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلّا أنّكَ درستَ قوّةَ الجحيم، وقمتَ غالبًا أيّها المسيحُ الإله. وللنسوةِ الحاملاتِ الطيبِ قُلتَ: افرحنَ، ووهبتَ رُسُلكَ السلام، يا مانحَ الواقِعين القِيام.


الرسالة: أع 11: 19-30
ما أعظَمَ أعمالَكَ يا ربّ. كلَّها بحكمةٍ صنعت
باركي يا نفسي الربَّ


في تلكَ الأيام، لمَّا تبدَّدَ الرسُلُ من أجلِ الضيقِ الذي حصَلَ بسببِ استِفَانُسَ، اجتازوا إلى فِينيقيةَ وقُبُرسَ وأنطاكِيَةَ وهمُ لا يكَلّمونَ أحدًا بالكلمِةِ إلّا اليهودَ فقط. ولكنَّ قومًا منهم كانوا قُبُرسِيين وقَيْروانيين. فهؤلاءِ لمَّا دخَلوا أنطاكيَةَ أخذوا يُكلِّمونَ اليونانيّينَ مُبشِّرينَ بالربِّ يسوع، وكانت يدُ الربِّ مَعَهم. فآمنَ عددٌ كثيرٌ ورَجَعوا إلى الرب، فبلغ خبرُ ذلك إلى آذانِ الكنيسةِ التي في أورَشليمَ فأرسَلوا بَرنابا لكي يجتازَ إلى أنطاكية، فلمَّا أقبَلَ ورأى نعمَةَ الله فَرِحَ ووعَظَهم كُلَّهم بأنْ يثبُتوا في الربِّ بعزيَمةِ القلب، لأنَّه كانَ رجلًا صالحًا ممتَلِئًا مِن الروحِ القدُسِ والإيمان. وانضَمَّ إلى الربِّ جمعٌ كثيرٌ. ثمَّ خرَجَ بَرنابا إلى طَرسُوسَ في طلبِ شاوُل. ولمَّا وجَدَهُ أتى بهِ إلى أنطاكية، وتردَّدا معًا سنةً كامِلة في هذهِ الكنيسةِ وعلَّما جَمعًا كثيرًا. ودُعَي التلاميذُ مَسيحيّين في أنطاكِية أوّلًا. وفي تلكَ الأيّام انحدرَ من أورشليمَ أنبياءُ إلى أنطاكية، فقامَ واحدٌ منهم اسمه أغابُوسُ فأنبأ بالروح أن ستكونَ مَجاعَةٌ عَظيمَةٌ على جميعِ المسكونة. وقد وَقَع ذلكَ في أيّامِ كُلودُيوسَ قيصرَ، فَحَتَّمَ التلاميذُ بحسَبِ ما يتَيسَّرُ لكلِّ واحدٍ منهم أن يُرسِلوا خِدمةً إلى الإخوةِ الساكنِينَ في أورَشليم، ففعلوا ذلكَ وبعثوا إلى الشُيوخِ على أيدي بَرنابا وشَاوُلَ.


الإنجيل: يو 4: 5-42

في ذلك الزمانِ أتى يسوعُ إلى مدينةٍ منَ السامرَةِ يُقالُ لها سُوخار، بقُربِ الضيعةِ التي أعطاها يعقوبُ ليوسُفَ ابنهِ. وكانَ هُناك عينُ يعقوب. وكانَ يسوعُ قد تعِبَ مِنَ المَسير، فجلَسَ على العين، وكانَ نحوَ الساعةِ السادسة. فجاءتِ امرأةٌ منَ السامِرةِ لتستَقي ماءً. فقال لها يسوعُ: أعطيني لأشرَبَ- فإنَّ تلاميذَهُ كانوا قد مضَوا إلى المدينةِ ليَبْتاعوا طعامًا- فقالت لهُ المرأةُ السامريّة: كيفَ تَطلُبُ أن تشربَ مِنيّ وأنتَ يهوديٌّ وأنا امرأةٌ سامريَّةٌ، واليهودُ لا يُخالِطونَ السامِريِّين؟ أجابَ يسوعُ وقالَ لها: لو عَرفتِ عَطيَّةَ اللهِ ومَن الذي قال لكِ أعطيني لأشربَ، لَطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حيًّا. قالت له المرأةُ يا سيِّدُ إنَّهُ ليسَ معكَ ما تستقي بهِ والبئْرُ عميقةٌ، فَمِنْ أين لك الماءُ الحيُّ؟ ألعلَّكَ أنتَ أعْظَمُ مِنْ أبينا يعقوبَ الذي أعطانا البئرَ، ومنها شَرِبَ هو وبَنوهُ وماشيتُهُ! أجابَ يسوعُ وقالَ لها: كلُّ من يشرَبُ من هذا الماءِ يعطشُ أيضًا وأمَّا مَن يشربُ من الماء الذي أنا أُعطيهِ لهُ فلم يعطشَ إلى الأبد، بَلِ الماءُ الذي أُعطيِه لهُ يصيرُ فيهِ يَنبوعَ ماءٍ يَنبعُ إلى حياةٍ أبدّية. فقالت لهُ المرأةُ: يا سيِّدُ أعطني هذا الماءَ لكي لا أعطشَ ولا أجيءَ إلى ههنا لأستقي. فقالَ لها يسوعُ: اذهبي وادْعِي رجُلكِ وهَلُمِّي إلى ههنا. أجابتِ المرأةُ وقالت: إنَّهُ لا رجُلَ لي. فقال لها يسوعُ: قد أحسَنتِ بقولِكَ إنَّهُ لا رجُلَ لي. فإنَّهُ كان لكِ خمسَةُ رجالٍ والذي معَكِ الآنَ ليسَ رَجُلَكِ. هذا قُلتِهِ بالصِّدق. قالت لهُ المرأة: يا سيِّدُ، أرى أنَّكَ نبيٌ. آباؤنا سجدوا في هذا الجَبلِ وأنتم تقولون إنَّ المكانَ الذي ينبغي أن يُسجَدَ فيهِ هُوَ في أورشليم. قال لها يسوعُ: يا امرأةُ، صدِّقيني، إنَّها تأتي ساعةٌ لا في هذا الجبلِ ولا في أورّشَليمَ تسجُدونَ فيها للآب. أنتم تسجُدونَ لما لا تعلمون ونَحنُ نسجُدُ لما نعلَم، لأنَّ الخلاصَ هُوَ منَ اليهود. ولكن، تأتي ساعة وهيَ الآنَ حاضِرَة، إذ الساجدونَ الحقيقيُّونَ يَسجُدونَ للآبِ بالروح والحقّ. لأنَّ الآبَ إنَّما يطلُبُ الساجدينَ لهُ مِثلَ هؤلاء. اللهُ روحٌ والذين يسجُدون لهُ فبالروح والحقّ ينبغي أن يسجُدوا. قالت لهُ المرأةُ: قد عَلِمتُ أنَّ مَسيَّا، الذي يقالُ لهُ المسيحُ، يأتي. فمَتى جاءَ ذلك فهُوَ يُخبرُنا بكُلِّ شيءٍ. فقال لها يسوعُ: أنا المتكلِّمُ مَعَكِ هُوَ. وعندَ ذلكَ جاءَ تلاميذهُ فتعجَّبوا أنَّهُ يتكلَّمُ مَعَ امرأةٍ. ولكِنْ لم يَقُلْ أحدٌ ماذا تطلُبُ أو لماذا تتكلَّمُ مَعَها. فترَكتِ المرأة جرَّتها ومضَتْ إلى المدينةِ وقالت للناس: أنظروا إنسانًا قالَ لي كُلَّ ما فعلت. ألعلَّ هذا هُوَ المسيح! فخرجوا من المدينة وأقبلوا نْحوَهُ. وفي أثناء ذلكَ سألَهُ تلاميذُهُ قائلينَ: يا مُعلِّمُ كُلْ. فقالَ لهم: إنَّ لي طعاماً لآكِلَ لستم تعرِفونهُ أنتم. فقالَ التلاميذُ فيما بينهم: ألعلَّ أحدًا جاءَهُ بما يَأكُل! فقالَ لهم يسوعُ: إنَّ طعامي أنْ أعمَلَ مشيئَةَ الذي أرسلَني وأُتِّممَ عملَهُ. ألستم تقولون أنتم إنَّهُ يكونُ أربعة أشهر ثمَّ يأتي الحصاد؟ وها أنا أقولُ لكم ارفعُوا عيونكم وانظُروا إلى المزارع، إنَّها قدِ ابيضَّتْ للحَصاد. والذي يحصُدُ يأخذُ أجرةً ويجمَعُ ثمرًا لحياةٍ أبدَّية، لكي يفرَحَ الزارعُ والحاصدُ معًا.
ففي هذا يَصْدُقُ القولُ إنَّ واحدًا يزرَعُ وآخرَ يحصُد. إنّي أرسلتُكُم لتحصُدوا ما لم تتعَبوا أنتم فيه. فإنَّ آخرينَ تَعِبوا وأنتُم دخلتُم على تَعبِهم. فآمنَ بهِ من تلكَ المدينةِ كثيرونَ مِنَ السامريّينَ من أجلِ كلامِ المرأةِ التي كانت تشهَدُ أن قدْ قالَ لي كلَّ ما فعلت. ولمَّا أتى إليهِ السامريُّونَ سألوهُ أن يقيمَ عِندهُم، فمكَثَ هناكَ يومين. فآمنَ جَمعٌ أكثرُ من أولئكَ جدًّا من أجل كلامِهِ، وكانوا يقولونَ للمرأةِ: لسنا من أجل كلامِكِ نُؤمنُ الآن، لأنَّا نحنُ قد سمعْنا ونَعْلَمُ أنَّ هذا هُوَ بالحقيقيةِ المسيحُ مُخلِّصُ العالَم.

في الإنجيل

هذا المقطع الإنجيلي غنيّ بالمعاني ويلمس حياة كلّ واحد منّا بالعمق. سنركّز في الكلمات الآتية على فكرة واحدة وهي أنّه في لقاء المسيح المرأة السامريّة تحدٍّ للتقاليد الاجتماعيّة. 

أوّلًا هو رجل يكلّم امرأة على نبع الماء وهذا لم يكن مقبولًا في ذلك العهد، ثانيًا هو يهوديّ وهي سامريّة واليهود لا يكلّمون السامريّين وثالثا هو ربٌّ لا يعرف الخطيئة وهي امرأة خاطئة. 

يمكن أن نتساءل لم قام الربّ يسوع بهذا الفعل؟! إنّ طرق الربّ ليست كطرق البشر هو يعلن نفسه لمن يشاء وبالطريقة التي يشاء، وما على الإنسان إلّا أن يتقبّل إعلان الله ويغيّر حياته بناء على هذا اللقاء بالربّ. لقد تحوّلت هذه المرأة السامريّة من خاطئة إلى مبشّرة. 

لقد أخبرت الناس عن المسيح الذي غيّر حياتها بكلمته وآمنوا بالربّ من أجل كلامها. 

كلمة الربّ تغير الإنسان إن فتح قلبه لها وعمل بموجبها. لقاء الربّ يحوّلنا من خطأة إلى مبشرين وقديسين. 

فلنفتح قلوبنا وأذهاننا لكلمة الربّ حتّى تفعل فينا وتعطينا الحياة الأبديّة آمين


هل هناك حاجة يوميّة للصلاة؟

يعتقد الكثيرون من أبناء الكنيسة، أنّه ليس من ضرورة لكثرة الصلاة وتكرارها يوميًّا، فرديّة كانت أم جماعيّة، ويربطون ضرورتها بالمناسبات الدينيّة وبالأوقات التي يشعرون ويتذكّرون فيها ضرورة التقرّب من الله والحاجة إلى هذا التقرّب، مثل أوقات المرض أو الشدّة أو الضيق أو الخطر.

إن هذا الاعتقاد خاطئ جدًّا وبعيد كلّ البعد عن حقيقة الإيمان وواقع العيش الإيمانيّ.
فالإنسان جسد وروح، وكلٌّ من هذين العنصرين، يحتاج إلى ما يبقيه على قيد الحياة، فالجسد بحاجة إلى الطعام أكثر من مرّة في اليوم، لكي يستمرّ الإنسان في العيش في هذه الحياة، وكذلك الروح فهي بحاجة إلى الغذاء اليوميّ، أكثر من مرّة في اليوم أيضًا لكي تبقى حيّة وتحيي الإنسان معها، وهذا الغذاء هو الصلاة.

إنّ بقاء الجسد على قيد الحياة يتيح لصاحبه القيام بالأعمال الماديّة في حياته اليوميّة، أمّا بقاء الروح حيّة، فانّه يتيح له القيام بالأعمال غير المادّيّة، وفي مقدّمتها كبح الأسباب التي تؤدّي به الى ارتكاب الخطايا الفعليّة كإلحاق الضرر والأذيّة بالغير، أو الفكريّة، كالكره والبغض والحقد والنميمة، وهذه الأعمال التي يرتكبها بالفعل أو بالفكر، مضرّة به أوّلًا لأنّها تجعله يعيش حالة عدم السلام الداخليّ والاضطراب الدائم والألم النفسيّ جرّاء تفاعل هذه الأسباب في نفسه، إضافة إلى كونها تشكّل خطايا منافية للإيمان ومتعارضة معه، ممّا يبعده عن الله، لأنّه يكون بعيدًا عن المحبة.

أمّا بالنسبة إلى علاقته مع الآخرين، في حال قيامه بتغذية روحه بالصلاة، فإنّ هذه العلاقة تتّسم بطابع المحبّة والمسامحة والمغفرة والاحترام وحسن التعامل وعدم التسبّب لهم بأيّة أذيّة، ممّا يريحه نفسيًّا وينعكس عليه إيجابًا بمبادلته بالمعاملة نفسها من قبل من تعامل معه بمحبّة وتسامح، باستئناء بعض المرتمين في أحضان الشيطان الذين لا يبادلونه بالمثل، لا بل أحيانًا يبادلونه المعاملة السيّئة، وفي هذه الحالة، يفترض أن لا تكون لهذه المعاملة الأخيرة، أيّ تأثير على استمرار معاملته الحسنة لهم بمحبّة كما يقتضي الإيمان.

لذلك، فإنّ الصلاة وتكرارها يوميّا، هي حاجة ضروريّة جدًّا لحياة الروح في الإنسان، ليستطيع الصمود بوجه أنانيّته التي تنتفض لكرامته نتيجة الإساءة التي يتلقّاها ممّن أحسن معاملته، ولكي يحسب له الفضل عند الله. وليس عند "من أحسن إليه".

فالروح إذا لم نغذّها يوميًّا بالصلاة فإنها تموت، ويكون هذا الموت أشدَّ ضررًا على الإنسان من موت جسده الحاصل من عدم الأكل المادّيّ، لأنّ الموت الحقيقيّ كما يعلّمنا الربّ يسوع، هو موت الروح وليس موت الجسد.

علمًا بأنّنا في الصلاة نخاطب الله مباشرة أو بواسطة العذراء والقدّيسين.
لذلك فإن أردنا يا إخوة أن نبقى مع الله، علينا أن نصلّي دائمًا وألّا نتعب ولا نتقاعس عن الصلاة.
زيارة حجّ لراعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام كرياكوس إلى كنيسة رومانيا

عاد راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) من رحلة الحجّ إلى أديار رومانيا وكنائسها وقد رافقه في الزيارة قدس الأبوين: بورفيريوس جورجي وإسحق جريج.
كانت بداية الرحلة في أبرشيّة ياش، وهي تاريخيًّا مطرانيّة مولدافيا وبوكوفينا. أبرشيّة كبرى تضمّ مئات الكنائس والأديرة. 

فيها حوالي ثلاثمائة وخمسين كاهنًا وأكثر من ألفي راهب وراهبة، إضافة إلى عدد كبير من العلمانيّين المنصرفين لخدمة الكنيسة. 

تظلّل المدينة قبب كاتدرائيّة القديسة باراسكيفا الناسكة شفيعة ياش (القرن السابع عشر) حيث رفاتها غير الفاسدة والصانعة العجائب تشهد مع رفاة القديس يوسف الرحوم متروبوليت المدينة (نهاية القرن التاسع عشر) على قيامة المسيح المنيرة وعلى غلبة الحياة على الموت. 

وفي جوارها دير الأقمار الثلاثة ذو الكنيسة المزخرفة بالنقوش والتي تذكّر بالمجمع الإيمانيّ الكبير المنعقد في رحاب الدير العام 1642، زمن المتروبوليت القدّيس بطرس موغيلا. 

ومنها يزور المرء كنيسة القدّيس نيقولاوس موضع تتويج ملوك رومانيا، ومتحف المتروبوليت دوسيفتي أو ما تبقى من مبنى المطرانيّة الأقدم ومطبعتها. 
وتحيط بياش سبع تلال تشهد على تاريخ مسيحيّ عريق بما تكتنزه من كنائس أثريّة وأديرة نابضة بالحياة وبترداد اسم الربّ يسوع في الصلاة والتسبيح والعمل. 

لا يسعك لضيق الوقت أن تزور إلّا القليل منها، كأديرة غالاتا وفروموازا وكوبو النسائيّة، ودير تشاتاتسويا المشرف على المدينة، وأديرة القدّيس سابا، وغوليا، وباربوي... فيستوقفك فرح اللقاء والحفاوة في الضيافة. 

أمّا قدّاس عيد ينبوع والدة الإله في دير سنجاب بسارابا خارج المدينة فكان في الهواء الطلق مع صاحب السيادة تيوفان متروبوليت ياش صاحب الدعوة إلى رومانيا. ومنه زار الوفد دير زوسين البهيّ في جماله ودير القدّيس نيقولاوس بوبوتتشاي في بوتوتشان والذي كان في الماضي أمطش بطريركية أنطاكية. 

خدمة أحد توما في باحة دير بوتنا، المنارة الروحيّة لشمال رومانيا والقريب من حدود أوكرانيا، كانت بهيّة للغاية لما في هذه الأخويّة الرهبانيّة من رصانة رهبانيّة ونسك وطاعة وأداء ليتورجيّ يليق بالكنيسة الأرثوذكسيّة. 

وهذا ما يلحظه الزائر أيضًا في الأديرة النسائيّة ذات الكنائس المرسومة من خارج مثل سوتشيفيتسا وسواها. 
أمّا إسقيط سيهلا، المتوغّل في البريّة والقائم في جوار مغارة القدّيسة البارّة تيودورة، فآية في الجمال النسكيّ. لمع فيه في القرن العشرين الشيخ باييسيوس محبّ السكينة. 

وكذلك دير سيهاستريا حيث أقام الشيخ المتقدّس كليوبا، ودير نيامتس الكبير، والذي بناه القدّيس استفانس الكبير الملك، والذي سهر فيه القدّيس باييسيوس فيليتشكوفسكي على ترجمة الفيلوكاليا إلى السلافيّة (القرن الثامن عشر) والذي بلغ عدد تلاميذه ألف راهب. 
أمّا دير أغابيا حيث مئات الراهبات فخليّة نشيطة يجاورها هدوء إسقيط أغابيا القديم. 

في العاصمة بوخارست سهر سيادة الأسقف قيس صادق على استضافة المتروبوليت أفرام والوفد المرافق له. 
هناك تطلّ عليك التلّة البطريركيّة وكاتدرائيّة القدّيسين قسطنطين وهيلانة لتستقبلك بمحبّة خالصة. 

هناك القصر البطريركيّ الأثريّ، ودوائر عمل البطريركيّة ومؤسّساتها من تلفزيون وراديو ومشاغل الحرف الكنسيّة... وفي جوارها تربض كليّة اللاهوت التابعة لجامعة بوخارست ومساكن الطلبة وخدّام الكنيسة الساهرين على حسن سير العمل بكلّ "لياقة وترتيب". 

كاتدرائيّة "خلاص الأمّة" بصليبها المرتفع تشرف على كلّ شيء في المدينة، أمّا دير القديس أنتيم الإيفيري، حيث استضافنا الأسقف برلعام، المعاون البطريركيّ، فشهادة على الانفتاح كنيسة رومانيا التاريخيّ وتعاونها مع كنيسة أنطاكية. 

الأديرة المحيطة بالعاصمة نشيطة، كدير تشيرنيكا حيث تمكّن الوفد من زيارة المدافن وإقامة الصلاة على ضريحي الأب اللاهوتيّ المعترف دوميترو استانيلواي والأرشمندريت المغبوط الذكر أندريه اسكريما، ودير باساريا النسائيّ المتمايز بعمل الراهبات الحرفيّ في نقش المعادن. 

أما دير سناغوف حيث طُبعت كتبنا العربيّة الطقسيّة الأولى، ودير غيغيو مقرّ أيقونة سيدة بحمدون العجائبيّة، ودير تيغانيشتي النسائيّ النسكيّ، ودير ستافروبول وسط مدينة بوخارست، فمعالم تاريخيّة حيّة يُلمس فيها اليوم عمل الروح القدس وتوزيعه المواهب في الكنيسة من أجل بنيان جسد المسيح.

الرعيّة العربيّة في بوخارست، وكنيسة القدّيس اسبيريدون حيث احتفل صاحب السيادة بأحد حاملات الطيب، شهادة على تعلق أهلنا في المهاجر بموطنهم وبكنيستهم الأمّ. 

شعب سخيّ مضياف محبّ للمسيح، طالب للمعرفة الروحيّة ولكلمة الله المحيية. 
جالية نشيطة اندمجت في العمل في المجتمع الرومانيّ وفي خشوع شعب رومانيا ووداعته وعلاقته المتواضعة بالكنيسة.