الأحد 18 آب 2024
18 آب 2024
الأحد 18 آب 2024
العدد 33
الأحد الثامن بعد العنصرة
اللحن السابع، الإيوثينا الثامنة
أعياد الأسبوع:
18: الشَّهيدان فلورُس ولَفرس، أرسانيوس الجديد الذي من باروس، 19: أندراوس قائد الجيش والـ 2593 المستشهدون معه، 20: النَّبيّ صموئيل، 21: الرَّسول تدَّاوس، الشُّهداء باسي وأولادها، 22: الشَّهيد أغاثونيكس ورفقته، 23: وداع عيد الرُّقاد، الشَّهيد لوبُّس، 24: الشَّهيد في الكهنة أفتيشيس، قزما الإيتولي.
القديسة خلوي Chloé
القديسة خلوي Chloé Χλόης الوارد ذكرها في رسالة اليوم هي تلميذة لبولس الرسول، عاشت في مدينة كورنثوس وكانت غيورة على أبناء الإيمان وعلى كنيسة كورنثوس، وكانت تُطلع الرسول بولس، من خلال رسائل خاصّة، على الوضع بين مؤمني كورنثوس حرصًا منها، على الوحدة بين أبناء الكنيسة هناك.
وكانت تطلب العون والمساعدة الطارئة والعاجلة من الرسول بولس لحلّ الخلافات الحاصلة هناك. ورد ذكر اسمها في رسالة كورنثوس الأولى (١١:١) التي قُرِئتْ عليكم اليوم، ويقول فيها الرسول بولس: "فَقَدْ أَخْبَرَني عَنْكُمْ يَا إِخْوَتِي أَهْلُ خُلُوِي أَنَّ بَيْنَكُمْ خُصُومَاتٍ. أَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَقُولُ أَنَا لِبُولُسَ وَأَنَا لأَبُلُّوسَ وَأَنَا لِصَفَا وَأَنَا ..."
من هنا نرى وضوح الصورة لبولس الرسول عمّا يجري في كورنثوس من خلال رسائل القدّيسة خلوي.
القديسة خلوي، هي ابنة روحيّة لبولس الرسول، وكانت تعاونه في عمله البشاريّ، بكلّ ما أوتيت من قوّة. دائمة القلق من أجل سلامة ونموّ كنيسة كورنثوس. كانت تعيش الهواجس نفسها التي عاشها الرسل في ذلك الوقت.
لذلك كانت دائمًا تتدخّل لحلّ المشاكل الحاصلة، وتطلب من أقاربها وأهلها، التواصل مع الرسول بولس.
ولعلّ القديسة خلوي هي سبب كتابة الرسول بولس الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس.
الرسائل والمعلومات التي أُرسِلَت إلى الرسول بولس من قبل خلوي، دليل على عمق إيمانها وعدم قبولها المشاكل، والمماحكات والانقسامات الحاصلة حينها في كنيستها.
أرادت أن تكون كنيسة كورنثوس واحدة جامعة مقدّسة رسوليّة، صورة لجسد واحد رأسه المسيح.
حياة القديسة خلوي، هي درسٌ لنا لنكون غيورين وحريصين على وحدة الكنيسة وسلامتها.
كلُّ واحد منّا مسؤول بشخصه عن هذا الموضوع. من هنا إذا رأينا أنّ هناك مشكلة أو انقسامًا قد يطرأا بين أبناء الكنيسة، علينا إطلاع المسؤولين، الكاهن أو المطران، لإعادة السلام والوحدة تحت كنف المسيح.
وبهذا الأمر نكون قد حقّقنا كلمة المسيح وأمنيته: "ليكونوا واحدًا".
تعيّد لها الكنيسة في الأحد الذي يقع بعد 13 شباط مع قدّيسين آخرين كانوا اليد اليمنى لبولس الرسول ومعاونين له، منهم القدّيس تيطس، يُستُس وكريسبُس. شفاعاتهم تكون معنا. آمين.
طروباريّة القيامة باللحن السابع
حطمت بصليبك الموتَ وفتحتَ للّص الفردوس، وحوَّلتَ نوحَ حاملاتِ الطيب، وأمرتَ رسلكَ أن يكرزوا بأنّكَ قد قمتَ أيّها المسيح الإله مانحًا العالم الرحمةَ العظمى.
طروباريّة رقاد السيّدة باللحن الأوّل
في ميلادكِ حَفظْتِ البتوليَّة وصُنتِها. وفي رُقادِكِ ما أهْمَلتِ العالم وترَكتِهِ يا والدة الإله. لأنَّك انتقلتِ إلى الحياة بما أنّكِ أمُّ الحياة. فبِشفاعاتك أنقذي من الموتِ نفوسَنا.
قنداق رقاد السيّدة باللحن الثاني
إن والدةَ الإله التي لا تَغفلُ في الشَّفاعات، والرجاءَ غيرَ المردودِ في النجدات، لم يضبُطْها قبرٌ ولا موتٌ، لكن بما أنّها أمُّ الحياة، نقلها إلى الحياة الذي حلَّ في مستودعها الدائم البتوليّة.
الرسالة: 1 كو1: 10-17
الربُّ يُعطي قوَّةً لشعبِه
قدِّموا للربِّ يا أبناءَ الله
يا إخوةُ، أطلُبُ إليكم باسم ربِنّا يسوعَ المسيح أن تقولوا جميعُكم قولًا واحدًا وأن لا يكونَ بينكم شِقاقاتٌ بل تكونوا مكتمِلين بفكرٍ واحدٍ ورأيٍ واحد. فقد أخبرني عنكم يا أخوتي أهلُ خُلُوي أنَّ بينَكم خصوماتٍ. أعني أنَّ كلَّ واحدٍ منكم يقول أنا لبولُسَ أو أنا لأبلُّوسَ أو أنا لصفا أو أنا للمسيح. ألعلَّ المسيحَ قد تجزَّأ. ألعلَّ بولسَ صُلبَ لأجلكم أو باسم بولسَ اعتمدتم. أشكر الله أني لم أعمِّد منكُم أحدًا سوى كرِسبُس وغايوس لئلّا يقولَ أحدٌ إنّي عمَّدتُ باسمي. وعمَّدتُ أيضًا أهلَ بيتِ استفاناس. وما عدا ذلك فلا أعلَمُ هل عمَّدتُ أحدًا غيْرَهم، لأنَّ المسيحَ لم يُرسلْني لأُعمِّدَ بل لأبشِّرَ لا بحكمةِ كلامٍ لئلّا يُبطَلَ صليبُ المسيح.
الإنجيل: متّى 14: 14-22 (متى 8)
في ذلك الزمان أبصر يسوع جمعًا كثيرًا فتحَّنن عليهم وأبرَأ مرضاهم. ولمَّا كان المساءُ دنا إليهِ تلاميذُهُ وقالوا إنَّ المكانَ قَفْرٌ والساعةَ قد فاتَتَ، فاصْرِفِ الجموعَ ليذهبوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعامًا. فقال لهم يسوع لا حاجةَ لهم إلى الذهاب، أَعْطوهُم أنتم ليأكلوا. فقالوا لهُ ما عندنا ههنا إلّا خمسةُ أرغفةٍ وسمكتان. فقال لهم هلمَّ بها إليَّ إلى ههنا، وأمر بجلوسِ الجموع على العشب. ثمَّ أخذ الخمسَةَ الأرْغِفَةِ والسمكتَيْنِ ونظر إلى السماءِ وبارك وكسر وأعطى تلاميذه الأرغِفَة، والتلاميذُ أعطوا الجموع، فأكلوا جميعُهم وشبعوا، ورفعوا ما فَضُلَ من الكِسَرِ اثنَتيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مملوءةً. وكان الآكِلونَ خمسَةَ آلافِ رجلٍ سوى النساءِ والصِبيان. وللوقتِ اضْطَرَّ يسوعُ تلاميذَهُ أن يدخلوا السفينَةَ ويسبقوهُ إلى العَبْرِ حتّى يصرِفَ الجموع.
في الإنجيل
نقرأ في إنجيل اليوم المعجزة العظيمة التي قام بها ربّنا يسوع المسيح، ألا وهي معجزة إطعام الخمسة آلاف. تضع الكنيسة بين أيدينا هذه القصّة المليئة بالتعاليم الروحية التي يمكن أن نتعلّمها ونطبّقها في حياتنا اليوميّة. لنتعمّق أوّلًا في مضمون الشفقة والرحمة.
عندما رأى يسوع الجموع، تحنَّن عليهم وشفى مرضاهم. إنَّ محبّة المسيح ورحمته تشملان الجميع.
هذا ما يدفعنا في حياتنا اليوميّة إلى الخدمة والعطاء ومساعدة المحتاجين.
كما يتّضح في نصّ الإنجيل مضمون الإيمان بقدرة الله. التلاميذ رأوا الوضع مستحيلًا، فالجموع كثيرة والطعام قليل.
لكنّ يسوع طلب منهم أن يأتوه بما لديهم. فَقَالُوا لَهُ: «لَيْسَ عِنْدَنَا ههُنَا إِلاَّ خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَانِ». فَقَالَ: «ائْتُوني بِهَا إِلَى هُنَا». (مت ١٤: ١٧-١٨).
يصنع الله معجزات بما نقدّمه إليه، حتّى وإن كان قليلًا. المهمّ هو أن نثق بقدرته وأن نقدّم إليه ما في أيدينا، وأن نسلّم ذواتنا وكلّيتنا له.
لا بدّ من ذكر عطاء ربّنا يسوع المسيح اللامتناهي. فبعد أن بارك يسوع الأرغفة والسمكتين، أعطى التلاميذ ليقوموا بتوزيعها.
«فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الْعُشْبِ. ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ » (مت ١٤: ١٩) نحن مدعوّون أن نكون شركاء في خدمة الله وتوزيع بركاته.
بعد أن أكل الجميع وشبعوا، بقيت اثنتا عشرة قفّة مملوءة بالكسر. الله يعطي بسخاء ويزيد عن حاجتنا.
وعندما نثق بالله ونعطي مما لدينا، يبارك الله العطاء ويزيده.
تدعونا هذه المعجزة العظيمة إلى أن نتعلّم كيف نكون ممتلئين بالشفقة والرّحمة، واثقين في قدرة الله وتدخّله في حياتنا متعاونين في خدمته، ومعطائين بسخاء. نسأل الله أن يمنحنا الإيمان لنعيش حسب مشيئته ونكون خدّامًا للكنيسة والعالم.
العفاف المسيحيّ
العفّة تنير وتقوّي الجسد وتضفي على الإنسان سحرًا سماويًّا: العفّة تهدم أنانيّة اللذة، وتفتح القلب لأعمال المحبّة والرحمة، وهي تسمّى الفضيلة الملائكيّة، لأنّها انتصار الملاك الكائن فينا على الجسد ولأنّها تجعل الإنسان شبيهًا بالملائكة.
العفّة ليست عسيرة بل هي ممكنة وسهلة. هي ممكنة لأنّ الله هو الذي يأمرنا بها. والله لا يأمرنا بما يفوق طاقتنا، وهي سهلة لأنّها تستند أساسًا إلى نعمة الله وقوّته التي لا تغلب. إلّا أنّه لا بدّ لنا من أن نتعهدها بالسهر الدائم والرعاية الدائمة.
فكما أنّ الإنسان يتحمّل في سبيل شفاء جسده من المرض، مشقّة العلاج وملازمة الفراش في أوضاع غير مريحة أيّامًا وشهورًا، فبِالأولى يمكنه أن يتحمل بعض المشقّة وبعض الآلام الأدبيّة الخفيفة حفاظًا على عفّته.
يظنّ أهل العالم أنّ الفرح هو في إرضاء شهوات الجسد، بينما يسوع يعلّمنا أنّ الفرح الحقيقيّ إنّما يقوم على إشباع رغبات الروح.
وممّا لا شكّ فيه أنّ التمادي في اللذات الدنسة يدمّر المرء تدميرًا، فالروح يعتريه السأم والكآبة، والجسد يعتريه المرض والسقم، والإرادة تضعف، والعقل يظلم، والقلب يجفّ، والحنان يُفْقَد، والمال يتبدّد، والكرامة تُهدر، والأمانة الزوجيّة تتحطّم، والمضجع الطاهر يتدنّس.
في الواقع، لا عفاف ممكن من غير إماتة الحواسّ، يقول القدّيس بولس:
"إنّي أقمع جسدي وأستعبده" (1 كور 9: 27)، ويقول القدّيس يرونيموس، كما أنّك إذا شئت أن تطفئ النار فإنّك تمنع عنها وقودها، كذلك إن شئت أن تحدَّ من لهيب الشهوة فلا مناص لك من حرمان جسدك، في بعض الأحيان، من اللذات غير المحرّمة أيضًا.
وكما أنّ مَن يقود سيّارة من غير فرامل، ومن يركب فرسًا من غير لجام، يخاطر بحياته أيّةَ مخاطرة، كذلك فإنّ من يظنّ أنّه في غنًى عن إماتة جسده يعرّض نفسه لسهام إبليس ولا يستطيع أن يحافظ على عفافه طويلًا.
لذلك فالإنسان العفيف ينظر ولكنّه لا يطيل النظر ولا سيّما في ما لا يليق بكرامة بنوّته الإلهيّة.
إنّه ينام الساعات الضروريّة لاستعادة نشاطه وحيويّته ولكنّه لا يحبّ النوم للنوم، وإذا لزم الأمر، سهر الساعات الطوال دونما تذمّر، هو يفضّل الفراش الخشن على الفراش الوثير، وينهض من فراشه في الصباح في ساعة مبكّرة ودون إبطاء.
يتناول طعامه باعتدال مثلما يتعاطى المريض دواءه، ويحافظ على الصوم ويتحاشى المأكولات والمشروبات التي تثير الشهوة الرديئة.
من أقوال القديس لوقا الطبيب
(تتمّة موضوع سيرة حياة القدّيس لوقا الطبيب الجرّاح الذي نُشِرَ في الكرمة في العدد السابق)
كان القديس لوقا يشفي المرضى باستخدام العلوم الطبيّة، ومن خلال الصلاة أيضًا. كما تضمّنت خدمته الرعويّة أن يكون طبيبًا لأنّه حاول أن يشفي الناس جسديًّا وروحيًّا. بسبب حبّه الكبير لله أحبّ الآخرين، كل ذلك من دون استثناء ومن دون تمييز.
كان لديه حماسة ناريّة وإنكار كبير لذاته. كما اعترف هو نفسه، أنّه أحبّ الاستشهاد. لكنّه ذاق أيضًا الكثير من الأفراح الروحيّة والبركات السماويّة.
يقول: "أعلم أنّ هناك الكثير من الأشخاص الذين يتساءلون كيف تمكّنت، بعد أن اكتسبت شهرة كجراحٍ حكيمٍ وعظيم، أن أترك العلم والجراحة لأصبح مبشّرًا بإنجيل المسيح.
أولئك الذين لديهم مثل هذه الأفكار، يرتكبون خطأً كبيراً معتقدين أنّه من المستحيل التوفيق بين العلم والدين. يعلّمنا تاريخ العلم أنّه حتّى العباقرةُ حكماءُ، جاليليو ونيوتن وكوبرنيكوس وباستور وبافلوف، كانوا أناسًا متديّنين بعمق. وأنا أعلم أنّه من بين أساتذتنا ومعاصرينا،
هناك الكثير ممّن يؤمنون. في الواقع، إنّهم يطلبون بركتي." ويقول من خلال تجربته: "دون أن أدرك ذلك، فإنّ الربّ قادني في شبابي الرقيق إلى الكهنوت، الذي لم أفكّر فيه أبدًا، لأنّني أحببت بشغف أن أكون جرّاحًا وكنت مكرّسًا لذلك من كلّ روحي.
لقد استوفت هذه الخدمة طموحي بشكل كامل وكان عليّ دائمًا خدمة الفقراء والمعاناة، وبذلت كلّ قوّتي للتخفيف من آلامهم وتلبية احتياجاتهم".
وقد قام القدّيس لوقا، بصفته راعيًا حقيقيًّا، بتغذية قطيعه العقلانيّ الذي أوكله إليه المسيح من خلال الكنيسة، باللبن النقيّ للتعليم الأرثوذكسيّ.
لم يكفَّ عن تبشير شعب الله وتوعيته، على الرغم من توصيات سلطة الدولة نواهيها وإجراءاتها القاسية. مارس طوال حياته ما يبشّر به، وكانت كلماته ناريّة، لأنّها جاءت من قلب مملوء بنار الروح القدس الذي أعطى مستمعيه القوّةَ والشجاعة والعزاء وأنعشهم.