الأحد 4 حزيران 2023 

الأحد 4 حزيران 2023 

01 حزيران 2023
الأحد 4 حزيران 2023 
العدد 23
أحد العنصرة العظيم


أعياد الأسبوع:

4: تذكار القدّيس مِطروفانس رئيس أساقفة القسطنطينيّة، القدّيستين مريم ومرتا أختي لعازر، صلاة السجدة، 5: إثنين الروح القدس، تذكار الشَّهيد دوروثاوس أسقُف صور، 6: تذكار القدّيس إيلاريون الجديد رئيس دير الدلماتن، الشّهيد غلاسيوس، 7: تذكار الشَّهيد ثيوذوتُس أسقُف أنقرة والشَّهيد باييسيوس (كفالونيّة)، 8: تذكار نقل عظام القدّيس الشَّهيد العظيم ثيوذورس قائد الجيش، الشَّهيدة كاليوبي، 9: تذكار القدّيس كيرلُّس رئيس أساقفة الإسكندريّة، 10: وداع العنصرة، تذكار الشّهيدين ألكسندروس وأنطونينا.

أحد العنصرة المقدّس

(أع 2: 1- 11) “حلول الروح القدس"

تُعيّد الكنيسة اليوم، يا أحبّة، عيدها الكبير، حلول الروح القدس على التلاميذ وعلى كلّ واحدٍ مِنّا. 

قَولُ الربِّ الذي سبقَ أن أعلَنَه لتلاميذه يتحقّقُ اليوم: "لكنّي الحقَّ أقولُ لَكُم: إنّه خيرٌ لكم أن أنطلق، لأنّه إن لم أنطلقْ لا يأتيكم المعزّي، ولكن إن ذهبتُ ُأرسلُه إليكم... إنَّ لي أمورًا كثيرةً أيضًا لأقولَ لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن... وأمّا متى جاء ذاك، روح الحقّ، فهو يرشدُكم إلى جميع الحقّ، لأنّه لا يتكلّم من نفسه، بل كلّ ما يسمع يتكلّم به، ويخبرُكم بأمورٍ آتية... ذاك يمجّدني، لأنّه يأخذ مِمّا لي ويخبركم" (يو 16: 7). 

اليوم يتحقّق موعد الآب الذي سبق أن أخبرَ يسوعُ تلاميذَهُ عنه قُبيلَ صعودِه. 

اليوم الروح القدس يأتي ويحلّ على التلاميذ بهيئة ألسنةٍ منقسمةٍ وكأنّها ناريّة. 

وإنْ سألَ أحدٌ ما، لماذا حلَّ الروحُ القدس بهيئة ألسنة؟ يأتي الجواب على النحو التالي، فكما أنّ اللسان متلازِمٌ مع الكلام والكلمة، هكذا الروح القدس، الأقنومُ الثالث، متلازمٌ مع الكلمة، ابنُ الله، الأقنومُ الثاني. 

ولماذا هذه الألسنةُ منقسمة؟ لأنَّ مواهب الروح القدس مختلفة. 

الروح القدس واحد، وهو ذاته دومًا، لكنّ مواهبَه ونِعَمَهُ غزيرةٌ ومتعدّدة. 

أمَّا لِماذا الألسنةُ التي حلَّت كأنّها نارية؟ لأنّ "إلهكم نار آكلة"، ولأنَّ النار مُطهِّرة. 

ولِماذا وصف الألسنة بـ "كأنَّها ناريّة"، ولم يقل: "ناريّة"؟ حتّى لا يظنّ أحد ما أنَّ الروح القدس هو نار حسّيّة مادّيّة.

تَحدُثُ العنصرةُ الشخصيّة لكلّ واحدٍ مِنّا عندما نقتبل سرّ المعموديّة ومسحة الميرون المقدّسة. 

ننمو بنعمة الروح القدس، عندما نتقدّم بخوف الله من القرابين المقدّسة (جسد الربّ ودمه الكريمَين والْمُحيِيَين)، يسكن الروح القدس فينا، في داخلنا، وبالتالي يصير جسدنا هيكل للروح القدس كما يُعلّمُنا الرسول بولس.

المسؤوليّة التي تقع على عاتقنا إزاء الروح القدس الساكن فينا هي أن نُبقِيَهُ متأجّجًا في داخلنا. 

أمّا السبيل إلى ذلك فيكمن أوّلًا في المشاركة الغيورة في أسرار الكنيسة المقدّسة. ألّا نشاركَ بِحُكمِ العادة والأعراف، بل بِحُكمِ المحبّة الخالصة نحو الله. 

أن تكون عبادتُنا لله من القلب، لا موسميّة كأنّها تبتغي استرضاء واجبات الله الثقيلة.
 
ثانيًا بحفظ التواضع وعمل الإحسان المجّانيّ والخَفِيّ. 

التواضع هو أن نكون إيجابيّين. ألّا نكون متسرّعين، لا في انتقاد الآخرين ولا في إدانتهم ولا في تبرير ذواتنا. 

أن نمتلئ بالرأفة تجاه الآخرين وأن نحزن على من يُخطئ من دون أيّة كراهية. 

فالكراهية هي لإبليس وللخطيئة فقط، وليس لإخوتنا الخطأة. 

لأنّه في الحقيقة، من نسمّيهم خطأة هم في العمق ضُعفاء ومرضى، وهم أَحوَجُ مِن غيرهم إلى الرعاية المناسبة والاِحتضان الواعي. 

ثالثًا، باقتناء حِسِّ التوبة الدائم ومزاولة سِرِّ التوبة والاِعتراف، أي أن يسعى الواحد مِنّا إلى مُراجعةِ ذاتِه دومًا، وتالياً إصلاحها مِمّا يعتريها من نواقص وضعفات تتسلَّطُ عليها، وذلك بصبر وبمثابرة. 

فمهما كثرت سقطاتنا، ألّا نيأسَ مُطلقًا بل نسعى بإصرار إلى النهوض مجدَّدًا، طالبين بتواضع عون الله ومساندته. 

أمّا التذوّق اليوميّ للروح القدس القاطن فينا، فيتحقّق بالصلاة اليوميّة، وبشكل أدقّ من خلال المثابرة في الصلاة وبالطبع من خلال المشاركة المستمرّة في سرّ الشكر الإلهيّ. 

دَعوَتُنا في عيد العنصرة المقدّسة أن نُجدّدَ العهدَ والوَلاءَ للروح القدس الساكن فينا، وأن نكون آنيةً جزيلة الثمن ومسكنًا عذبًا يرفرف فيه الروح القدس ويستريح فيه، له المجد إلى أبد الدهور، آمين. 

  + يعقوب
مطران بوينس آيرس وسائر الأرجنتين

طروباريّة العنصرة باللحن الثامن

مباركٌ أنتَ أيّها المسيحُ إلهنا، يا من أظهرتَ الصيّادينَ غزيري الحكمة إذ سكبتَ عليهم الروحَ القدس، وبهم اصطدتَ المسكونة، يا محبَّ البشرِ، المجدُ لك.

قنداق العنصرة باللحن الثامن

عندما نزل العليُّ مبلبِلاً الألسنة، كان للأُمم مقسِّمًا. ولمّا وزّعَ الألسنةَ النارّية، دعا الكُلَّ إلى اتِّحادٍ واحد. لذلك، بِاتِّفاقِ الأصوات، نمجِّدُ الروحَ الكليَّ قدسُه.


الرسالة: أع 2: 1-11
إلى كلِّ الأرضِ خرجَ صوتُهم
السمواتُ تُذيعُ مَجْدَ الله


لمَّا حلَّ يوم الخمسين، كان الرسلُ كُلُّهم معًا في مكان واحد. فحدثَ بغتةً صوتٌ من السماءِ كصوتِ ريحٍ شديدةٍ تَعصِفُ، ومَلأَ كلَّ البيتِ الذي كانوا جالسين فيهِ، وظهرت لهم ألسنةٌ منقسِمةٌ كأنَّها من نار، فاستقرَّتْ على كلِّ واحدٍ منهم، فامتلأوا كلُّهم من الروح القدس، وطفِقوا يتكلَّمون بلغاتٍ أخرى، كما أعطاهم الروحُ أن ينطِقوا. وكانَ في أورشليمَ رجالٌ يهودٌ أتقياءُ من كل أمَّةٍ تحتَ السماءِ. فلمّا صار هذا الصوتُ اجتمعَ الجُمهْورُ فتحيَّروا لأنَّ كلَّ واحدٍ كان يَسمعُهم ينطِقون بلغتِه. فدُهِشوا جميعُهُم وتعجَّبوا قائلين بعضُهم لبعضٍ: أليس هؤلاء المتكلِّمونَ كلُّهُم جليليّين؟ فكيفَ نسمعُ كُلٌّ مِنّا لُغتَه التي وُلدَ فيها، نحن الفَرتيِّينَ والمادِيِّينَ والعِيلاميِّين، وسُكّانَ ما بين النهرَين واليهوديّةِ وكبادوكيا وبُنطسَ وآسيا وفريجيا وبمفيليا ومِصرَ ونواحي ليبيا عند القَيرَوان، والرومانيِّينَ المستوطِنين، واليهودَ والدُّخَلاءَ والكريتيِّينَ والعَرب، نسمعُهم يَنطِقونَ بألسنتِنا بِعَظائمِ الله!

الإنجيل: 
يو 7: 37-52


في اليوم الآخِرِ العظيمِ من العيد، كان يسوعُ واقفًا فصاحَ قائلًا: إنْ عَطِشَ أحدٌ فَلْيَأتِ إليَّ ويَشرَبْ. مَن آمنَ بي، فكما قال الكتابُ ستَجري مِن بَطنِه أنهارُ ماءٍ حَيّ. (إنّما قالَ هذا عن الرُّوحِ الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يَقبَلُوه، إذْ لم يَكُنِ الرُّوحُ القُدُسُ قد أُعطِيَ بعدُ، لأنَّ يسوعَ لم يَكُنْ بَعدُ قد مُجِّد). فكثيرون من الجمع لمّا سمعوا كلامه قالوا: هذا بالحقيقة هو النبيُّ. وقال آخَرُون: هذا هو المسيح، وآخَرُونَ قالوا: ألعلَّ المسيحَ من الجليل يأتي! ألم يَقُلِ الكتابُ إنَّه، من نسلِ داودَ، من بيتَ لحمَ القريةِ حيثُ كانَ داودُ، يأتي المسيح؟ فحَدَثَ شِقاقٌ بينَ الجمع من أجلِهِ. وكانَ قومٌ منهم يُريدونَ أن يُمسكوهُ، ولكِنْ لم يُلْقِ أحدٌ عليه يدًا. فجاءَ الخُدَّامُ إلى رؤساء الكهنَةِ والفَرِّيسيّينَ، فقالَ هؤلاءِ لَهُم: لِمَ لم تَأتُوا بهِ؟ فأجابَ الخُدَّامُ: لم يتكلَّمْ قطُّ إنسانٌ هكذا مثلَ هذا الإنسان. فأجابَهُمُ الفَرِّيسيّون: ألعلَّكم أنتم أيضًا قد ضلَلتُم! هل أحدٌ مِنَ الرؤساءِ أو مِنَ الفرِّيسيينَ آمَنَ بِهِ؟ أمَّا هؤلاء الجمعُ الذينَ لا يعرِفونَ الناموسَ فَهُم ملعونون. فقالَ لهم نِيقودِيموُس الذي كانَ قد جاءَ إليه ليلًا، وهُوَ واحدٌ منهم: ألعلَّ ناموسَنا يَدينُ إنسانًا إنْ لم يسمَعْ مِنهُ أوَّلًا ويَعلَمْ ما فَعَلَ! أجابوا وقالوا لهُ: ألعلَّكَ أنتَ أيضًا من الجليل! إبحثْ وانظُرْ، إنَّهُ لم يَقُم نبيٌّ منَ الجليل. ثُمَّ كَلَّمهم أيضًا يسوعُ قائلًا: أنا هوَ نورُ العالَم، من يتبَعْني لا يمشِ في الظلامِ، بل يَكُونُ لهُ نورُ الحياة.


في الإنحيل

تحتفلُ الكنيسة اليوم بعيد العنصرة.

يأتي هذا العيد بعد خمسين يومًا، أي بعد سبعة أسابيع من عيد الفصح، وفيه نذكر حلول الروح القدس على الرسل وهم مجتمعون في عليّة صهيون مع مريم العذراء، بعد صعود يسوع المسيح إلى السماء. 

"فحدثَ بغتةً صوتٌ من السماءِ كصوتِ ريحٍ شديدةٍ تَعصِفُ، ومَلأَ كلَّ البيتِ الذي كانوا جالسين فيهِ، وظهرت لهم ألسنةٌ منقسِمةٌ كأنَّها من نار، فاستقرَّتْ على كلِّ واحدٍ منهم، فامتلأوا كلُّهم من الروح القدس، وطفِقوا يتكلَّمون بلغاتٍ أخرى، كما أعطاهم الروحُ أن ينطِقوا".

إنّ هذا العيد هو عيد ميلاد الكنيسة. 
إنّ المسيح، الذي مات وقام وصعد إلى السماء، أتمّ عمله بإفاضة روحه على الرسل يوم العنصرة. 

وكما أرسل يسوع روحه إلى الجماعة الأولى، فكذلك يرسله لنا اليوم، لكي نعيش العنصرة من جديد.

كيف نعيش هذا اليوم؟
وماذا يعني لنا؟ كيف ننال هبة الروح القدس في حياتنا لكي نكون شهودًا ومبشِّرين؟

الله يسكن بروحه في قلوب المؤمنين، فتلاميذ يسوع هم اليوم شهوده، لأنّ الروح القدس هو حياة لتلاميذه ولكنيسته. 

فالروح القدس هو الذي يقودُنا في طريقٍ يُعاكِسُ طريقَ العالم. أمّا "ثَمَرُ الروح فهو المحبّة والفرح والسلام والصبر واللطف والصلاح والأمانة والوداعة والعفاف" (غل ٥: ٢٢- ٢٣). 

ومواهبه هي: القوّة والتقوى والفهم ومخافة الله والعلم والمشورة الصالحة. 

بقوّة الروح القدس، نكتشف الطريق لخدمة المسيح في إخوته البشر. 

أن نتبع يسوع يعني أن نختبر قوّة الروح القدس الساكن فينا والعامل في البشر، فندرك مع جميع القدّيسين ما هو العرض والطول والعلوّ والعمق" (أف ٣: ١٧- ١٨). 

إنّ الاحتفال بعيد العنصرة يعني الشهادة والتبشير بقوّة مواهب الروح القدس، التي تؤهّل للرسالة وتقوّي شهاداتنا وتجعلها صريحة وشجاعة.

في هذه المناسبة أيضًا نتذكّر وعد يسوع بالروح القدس في إنجيل القدّيس يوحنا: 

" وأنا سأسأل الآب، فيهب لكم معزّيًا آخر يكون معكم للأبد روح الحقّ الذي لا يستطيع العالم أن يتلقّاه لأنّه لا يراه ولا يعرفه، أمّا أنتم فتعلمون أنّه يقيم عندكم ويكون فيكم". (يوحنا ١٤: ١٦-١٧). 

فالروح القدس يُرشِدُ، ويُعلِّمُ، ويؤيِّدُ، ويُذَكِّرُ، ويُعزّي، ويَقودُ إلى الحقّ. هذا هو عمل الروح القدس الذي وعد المسيح أنّه سيرسله لنا.

إنّ مجتمعنا فيه خير كثير وشرّ كثير. والمسيحيّ، بقوّة روح الله، يميّز بين هذا الخير الكثير والشرّ الكثير، وبقوّته يستطيع أن يفصل بين الخير والشرّ، فيساهم في كلِّ خيرٍ، ويحاول الحدَّ من كلِّ شر، بقدر ما يعطيه الروح أن يعمل. 

المسيحيّ بين أهله وأحبّائه، يشارك في هموم كلّ مجتمعه كما يشاركه آماله. ورسالته هي أن يملأ الكلّ بالروح.

إنّنا كمسيحيّين في جميع أرجاء العالم نَعكسُ في سُلُوكِنا ثِمارَ الروحِ القدسِ حيث يُعرَفُ عنّا التسامحُ مقابل الإساءة إلينا.

نتقدّم في علاقاتنا بقوّة المحبّة، وغالبًا ما يُوجَدُ ما يميّز حضورنا بين الآخرين المختلفين عنّا. 

من المؤكّد أنّه ليس الجميع يستجيب لدعوة الله ورسالته فينا، لكنْ حتّى المختلفون عنّا لا يُنكرون وجودَ لمسةٍ خاصّة بنا، والحضورَ الإيجابيَّ والمميّز في علاقاتنا. 

كلّ ذلك ليس بإنجازنا الشخصيّ، بل يَدُ الله هي التي تَبُثُّ فينا هذه الروح وتُشعِرُنا بقوّة الروح القدس في حياتنا كجماعة مسيحيّة تعيش تحدّياتٍ كثيرةً في عالم اليوم.

 فَلْنَطلُبِ القوّة الدائمة لكي نعكس روح الله ورسالة السيّد للعالم، فنستمرّ بخدمة من يحتاجون لحضور الله في حياتهم.

الشركة الديناميكيّة:

 النظرة المسيحيّة الأرثوذكسيّة الشرقيّة حول علاقة الابن بالروح القدس في نسيج الفكر المسيحيّ الأرثوذكسيّ الشرقيّ، تحتلُّ علاقةُ الاِبن بالروح القدس مكانةً مركزيّة.

 هذا الفهم المتجذِّرُ في تعاليم آباء الكنيسة والمستوحى من أعماق التقليد الأرثوذكسيّ، يقدم رؤية عن الشركة الديناميكيّة، التي تضيء السرّ الإلهيّ للثالوث. 

في هذا المقال، سوف نستكشف هذه العلاقة في ضوء اللغة الفلسفيّة واللاهوتيّة الحديثة، ونقدّم وجهات نظر جديدة مع الحفاظ على وفائنا للمصادر القديمة التي تُعلِّمُ اللاهوت الأرثوذكسيّ.

يؤكّد التقليد المسيحيّ الأرثوذكسيّ الشرقيّ أنّ الروح القدس ينبع (ينبثق) من الآب وحده. 

هذا انبثاقٌ أبديٌّ وغير مخلوق، يُبرِزُ دورَ الآب كمصدرٍ وأصلٍ للروح القدس. 

مع الاِعتراف بالاِنبثاقِ الأبديِّ من الآب. مِنَ المهمِّ أن نُدرِكَ أنَّ الاِبنَ يَلعبُ دورًا مميَّزًا في حياة الروح القدس.

يكشف اللاهوت الأرثوذكسيّ عن مشاركةِ الاِبن الفريدةِ في انبثاق الروح القدس. الاِبن، في وحدتِه الكاملةِ مع الآب، يتوسَّطُ حضورَ الروحِ وعملَه. 

الابنُ الأبديّ، من خلال تجسُّدِه، يمنح البشريّةَ عطيّةَ الروح القدس، ويفتح الطريق للشركة مع الله الثالوث. 

هذه الوساطة لا تعني أنَّ الاِبنَ أقلُّ رتبةً من الآب أو أن الروح أدنى من كليهما، بل تؤكِّدُ مشاركةَ الاِبنِ الفعّالةَ في الحياة الإلهيّة.

علاوة على ذلك، يؤكد التقليد الأرثوذكسيّ على دور الروح القدس في إعلان وتمجيد الابن. فكما ينبثق الروح من الآب، يكشف الروح عن الابن، جاعلاً مجد الابن معروفًا للخليقة. 

يعمل الروح كحضور منير، ويُظهِر علاقة الابن الأبدية مع الآب ويجذب البشرية إلى اللقاء التحوُّلي مع الله.
يُعتبر مفهوم "السُّكنى المتبادلة"perichoresis ، المرتبط غالبًا بالآباء الكابادوكيين، أمرًا حاسمًا لفهم العلاقة بين الابن والروح القدس. 

إنّه ينقل مفهوم الشركة المتبادلة والتداخل والتواصل الديناميكيّ داخل الثالوث دون أيّة تراتبيّةٍ ووجودٍ سابقٍ في الزمن لأيٍّ من الأقانيم الثلاثة. 

يتواجد الاِبن والروح القدس في رقصةِ حُبٍّ أبديّة، يتشارك كُلٌّ منهما في الحياة الإلهيّة للآخَر، مع الحفاظ على هويّتهما الأقنوميّة المتميّزة. 

يُوضِحُ هذا التفاعلُ المتبادَلُ الوحدةَ الكاملةَ والحركةَ المتناغمةَ داخلَ الثالوث. 

يمكنُنا إدراكُ العلاقة بين الاِبن والروح القدس من خلال عدسة الأنطولوجيا العلائقيّة. 

بناءً على أعمال فلاسفةٍ مثل مارتن بوبر وإيمانويل ليفيناس، يمكننا أن نفهم وساطة الاِبن وتنوير الروح كأحداثٍ علائقيّةٍ تدعو البشريّة إلى لقاءاتٍ تحوُّليّةٍ والشركة مع الآخر والله.

إن النظرة المسيحيّة الأرثوذكسيّة الشرقية لعلاقة الاِبن بالروح القدس تكشف عن نسيجِ شركةٍ ديناميكيّةٍ داخل الثالوث. 

يؤكِّدُ هذا الفهم المتجذِّر في التعاليم القديمة لآباء الكنيسة، على الاِنبثاقِ الأبديِّ للروح القدس من الآب، ودَورِ الاِبن كوسيطٍ ومُعلِنٍ للروح، والحركةِ المتناغمة والسُّكنى المتبادَلة داخل الثالوث. 

من خلال استكشاف هذه العلاقة نكتشف رؤيا جديدة في اللقاءات التحوُّليّة التي تدعو البشريّة إلى رقصة الحبِّ الإلهيّة. 

في التأمُّل في هذه العلاقة، نحن مَدعُوُّون إلى المشاركة في سرّ الله الثالوثيّ المستمرّ، واعتناقِ مسيرة الشركة والوحدة.