الأحد 1 كانون الثاني 2023
30 كانون الأول 2022
الأحد 1 كانون الثاني 2023
العدد 1
ختانة ربّنا يسوع المسيح بالجسد
اللحن الرابع، الإيوثينا السابعة
أعياد الُسبوع:
1: ختانة ربّنا يسوع المسيح، باسيليوس الكبير، غريغوريوس النزينزيّ والد القدّيس غريغوريوس اللاهوتيّ، 2: تقدمة عيد الظهور الإلهيّ، سلبسترُس بابا رومية، البارّ سارافيم ساروفسكي، 3: النبيّ ملاخيا، الشّهيد غورديوس، 4 : تذكار جامع للسبعين رسولًا، البارّ ثاوكتيستُس، 5: بارامون الظهور، الشّهيدان ثاوبمبتوس وثاوناس، البارّة سينكليتيكي، 6: الظهور الإلهيّ، 7: تذكار جامع للنبيّ السابق يوحنّا المعمدان.
ما الجديد؟
عندما تتعطَّل لُغةُ الكلامِ تبدأ لُغة المحبّة، لهذا "صارَ الكلمةُ جَسَدًا وحَلَّ بيننا" (يوحنا 1: 14)، أتى طِفلًا عُريانًا لأنّه أراد أن "يُلبِسَنا الَمجدَ الذي خَلعهُ" (خِدمة عشيّات صَوم الميلاد)، كان صامتًا ولكنّ الخليقةَ خبَّرَت بعظمتِهِ، والملائكة سبَّحوا تنازلَه، والمجوس سَجدوا للمَلكِ الذي أوصَلَهُم النَجمُ إليه.
ألفانِ وثلاثٌ وعشرون سنةً مرّت على هذا الحدث الذي غيّر مجرى التاريخ، الإلَهُ صارَ إنسانًا لأنّهُ أحبّنا حتّى الموت، تواضَعَ ليرفَعَنا ويُعيدَنا إلى "المُلكِ المُعَدّ لنا منذ إنشاء العالَم" (متى 25: 34)، فأين نحن من هذه المَحبّة؟
الأرضُ أنهَت دورَتها حولَ الشمس، والفُصول الأربعة مَرَّت، والأرضُ أعطَت ثَمرَها، والحَياةُ تَستمرُّ برتابَتِها ومَصاعِبَها؛ فما الجديد؟
المَريضُ يُريدُ صحّةً، والحزينُ تعزِيَةً، وأمّا المُضطربُ فيتلَمَّسُ سَلامًا. لذلك، مَفهومُ "الجديد" بالنسبة للبَشَر هو الأمل بنوعيّةِ عيشٍ أحسَن من الحاضِرة، لا مُجرَّد أيّامٍ تعبُر أو سنواتٍ تتكرّر.
من هنا نَفهم كلامَ الربِّ القائلِ "جِئتُ لتكونَ لهُم الحياةُ وتكون أفضَل" (يوحنا 10: 10).
المُفارَقَةُ أنَّ المفهوم الإلهيّ يَتميَّزُ ببُعدِه الأبديّ، "لأنّهُ ظَهَرَ بمَشيئتِهِ طفلًا جديدًا وهو إلهُنا قبلَ الدُهور" (قنداق تقدمة الميلاد). فالقديمُ الأيّامِ يولَدُ طِفلًا... هذا التَّضادُّ سَكَبَهُ الآباءُ لاهوتًا نُرتِّلُه في خِدَمِنا الليتورجيّة، وربّما لا نُدرِك عُمقَه: ما العِبرَةُ أن يأتي اللهُ مُتَجسِّدًا؟ ولماذا كطفلٍ مولودٍ من بَتول؟
الجديدُ يفهمه الأطفال، فكُلّ يومٍ بالنسبة لهم يحمِلُ شيئًا جديدًا:
علمًا، ومَعرفةً، وصداقةً ... لهم أُعطِيَت المَحبّة، وهُم بدورِهِم يتكلّمون لُغَتَها ويُعبّرونَ عَنها ببساطةٍ وبدونِ خَجل: إن كانوا فَرحينَ يُفرِحون، أو محبوبينَ يُحِبّون. فكم بالحريّ يجب أن تَكون حالُنا حينَ نُدرِك أنّ السيّدَ رحيمٌ، ويَنتظِرُ عودَتَنا لنولَدَ من جديد ونَحيا مَعهُ.
الجديدُ هو أنتَ بنعمَةِ الروح القدس، حين تترُكُ قديمَك الذي تعوّدتَ عليه فأسَرَك، حين تنتفِضُ على خطيئتِك وتَسنُد رأسَكَ إلى صدرِ المُعلِّم فتسمعه يقول "أُدخُل إلى فَرَح ربّكَ"، حينذاكَ تكون سنتُك مَقبولةً لدى الله.
طروباريّة القيامة باللحن الرابع
إنَّ تلميذات الربّ تعلَّمْنَ من الملاك الكرزَ بالقيامة البَهج، وطَرَحْنَ القضاء الجّدِّيَّ، وخاطبن الرُّسل مفتخراتٍ وقائلات: سُبِيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالم الرحمة العُظمى.
طروباريّة ختانة ربّنا يسوع المسيح بالجسد باللحن الأوّل
أيّها الربّ الجزيل التحنّن، إنّك وأنتَ إلهٌ بحسب الجوهر قد اتّخذتَ صورةً بشريَّةً بِدُونِ استحالة، وإذ أتممتَ الشريعة قَبِلْتَ بِاختيارِكَ ختانًا بَشَريًّا، لكي تنسخ الرسوم الظّلّيّة وتُزِيلَ قِناع أهوائنا، فالمجدُ لِصَلاحِك، المجدُ لِحنانِك، المجد لِتَنازُلِكَ الذي لا يُوصَفُ أيّها الكلمة.
طروباريّة القدّيس باسيليوس باللحن الأوّل
إلى كلِّ الأرض القابلةِ أقوالَك، أيّها الأبُ البارُّ ذهبَ صوتُك، الذي بهِ حدَّدْتَ العقائدَ تحديدًا يَليقُ بالله، وأعلَنتَ طبيعةَ الكائنات، وثقَّفتَ أخلاقَ البشر، يا ذا الكهنوتِ المُلُوكيِّ باسيليوس. فتشفَّعْ إلى المسيح الإله أن يُخَلِّصَ نفوسَنا.
طروباريّة ختانة ربِّنا يسوع المسيح بالجسد باللحن الأوَّل
أيُّها الجالسُ في الأعالي على مِنبرٍ ناريّ، مع أبيك الذي لا بَدْءَ لَهُ وَرُوحِكَ الإلهيّ، لقد سُرِرْتَ يا يَسُوعُ أن تُولَدَ على الأرض مِن فتاةٍ لم تَعرِفْ رجلًا، وَلِذا قَبِلْتَ خِتانًا بَشَرِيًّا في اليوم الثامن. فالمجدُ لِرَأيِكَ الكُلِّيِّ الصَلاح، المجد لتدبيرك، المجد لِتَنازُلِكَ يا مُحِبَّ البَشَرِ وحدَك.
قنداق ختانة ربّنا يسوع المسيح بالجسد باللحن الأول
إنّ سَيِّدَ الكُلِّ يَحتَمِلُ الإهانة، فيَختُنُ زَلّاتِ البَشر بِما أنَّه صالحٌ، وَيَمنَحُ اليومَ الخلاصَ لِلعالَم، فَيَبتهِجُ في الأعالي رئيسُ كهنةِ الخالق المتوشِّحُ بالضياء، مُسارُّ المسيحِ الإلهيُّ باسيليوس.
الرسالة: كول 2: 8-12
فمي يتكَّلمُ بالحكمةِ وقلبي يهذُّ بالفهم
إسمعوا هذا يا جميع الأمم
يا إخوةُ، انظروا أن لا يسلبَكم أحدٌ بالفلسفةِ والغرور الباطلِ حسبَ تقليد الناس على مقتضى أركانِ العالَمِ لا على مقتضى المسيح. فإنَّه فيه يَحُلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاهوت جَسَدِيًّا، وأنتم مملوءُونَ فيه، وهُوَ رأسُ كُلِّ رئاسةٍ وسُلطان. وفيه خُتِنتُم خِتانًا ليسَ مِن عَمَلِ الأيدِي، بل بِخَلْعِ خَطايا البَشَرِيَّةِ عنكم بِخِتانِ المسيح. مَدفُونِينَ مَعَهُ في المعموديَّةِ التي فيها أيضًا أُقِمتُم معَهُ، بإيمانِكم بِعَمَلِ اللهِ الذي أقامَهُ مِن بَينِ الأموات.
الإنجيل : لوقا 2: 20-21، 40-52
في ذلك الزمان رَجَعَ الرُّعاة وهم يمجّدون الله ويسبّحونهُ على كُلِّ ما سَمِعُوا وَعايَنُوا كما قِيلَ لَهُم: ولمَّا تمَّتْ ثمانيةُ أيّامٍ لِيُختَنَ الصَّبِيُّ سُمِّيَ يسوع َكما سمَّاه الملاكُ قَبْلَ أنْ يُحبَلَ بِهِ في البَطن. وكان الصبيُّ يَنمو ويَتقوَّى بالروح مُمتَلِئًا حكمةً وكانت نعمةُ الله عليه. وكان أَبَواهُ يَذهَبان إلى أورشليمَ كُلَّ سنةٍ في عيد الفصح. فلمَّا بلغَ اثنتَي عَشْرَةَ سنةً صعِدا إلى أورشليمَ كَعادةِ العيد، ولمَّا أتمّا الأيّامَ بَقِيَ عندَ رُجوعِهما الصبيُّ يسوعُ في أورشليمَ، ويُوسُفُ وَأمُّهُ لا يَعلَمان. وإذْ كانا يَظُنّانِ أنَّه معَ الرِّفقةِ سافرا مسيرةَ يَومٍ وكانا يَطلُبانِه بين الأقاربِ والمعارف. وإذْ لم يَجِداهُ رجَعا إلى أورشليمَ يطلبانِه. وبعد ثلاثةِ أيّامٍ وَجَداهُ في الهيكل جالِسًا فيما بينَ المعلِّمِينَ يَسمعُهُم ويَسألُهم، وكان جميعُ الذين يسمعونَهُ مُندَهِشِينَ مِن فَهمِهِ وأَجوِبَتِه. فلمَّا نَظَراهُ بُهِتا، فقالَتْ لهُ أُمُّهُ: يا ابني لِمَ صَنَعْتَ بِنا هكذا؟ ها إنَّنا أنا وَأَباكَ كُنَّا نطلبُكَ مُتَوَجِّعَين. فقال لَهُما. لِماذا تَطلُبانِني؟ أَلَم تَعلَما أنَّه ينبغي لي أن أكونَ في ما هُوَ لأبي؟ فلم يَفهَما هما الكلامَ الذي قالَهُ لَهُما. ثمَّ نَزَلَ معهما وأتى الناصرةَ وكان خاضِعًا لَهُما. وكانت أُمُّهُ تَحفَظُ ذلك الكلامَ كُلَّهُ في قَلبِها. وأمَّا يَسُوعُ فكان يتقدَّمُ في الحكمةِ وَالسِّنِّ والنعمة عند اللهِ والناس.
في الإنجيل
في العهد القديم كان الختان علامة تُمَيّز أبناء إبراهيم عن سائر الأمم، فعندما يبلغ الصبيُّ ثمانيةَ أيّامٍ مِن عُمرِه كان يُختَنُ بالجسد فيدخلُ بذلك في عهدٍ جَسَدانيٍّ معَ الله "ابن ثمانية أيّام يُختن منكم كُلُّ ذَكَرٍ في أجيالكم" (تك 17: 12).
عندما جاء كلمة الله مُتجسّدًا لم يكن بحاجة للختان، وهو الكامل ومصدرُ كُلِّ حكمةٍ وكَمال، لكنّه قَبِلَ ذلك بإرادته، قَبِلَ الخضوعَ للناموس ليَرفعَنا من تحت الناموس "ولكنْ لمّا جاء ملءُ الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة مولودًا تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبنّي" (غلا 4: 4).
السيّد افتدانا بحِفظِ الناموس، لقد أطاع الآب إطاعة تامّة وهو ما لم يفعله آدم "لأنّه كما بمعصية الإنسان الواحد جُعل الكثيرون خطأة هكذا أيضًا بإطاعة الواحد سيُجعل الكثيرون أبرارًا" (رو 5: 19).
فلنتذكّر دائمًا أنّ خضوعه للناموس لا يضعه في زمرة العبيد، هو الذي أحَبّنا وافتدانا بدمه بعد أن لَبِسَ جِبلتَنا وَوُلِدَ من امرأةٍ وصار صَبيًّا وشابهنا بكلّ شيء ما عدا الخطيئة.
في كنف مريم ويوسف كان يسوعُ يَنمو في الجسد والمعرفة طبقًا لقوانين الطبيعة، دون أن تتبدّل طبيعته الالهيّة ذات كل حكمة وكمال، حكمة ظهرت عندما وجداه في الهيكل وسط المعلّمين يسألهم ويسمعهم وكلّ الذين سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته.
الرب قدّم لنا درسًا بالخضوع والطاعة، فهو وإن كان ابن الله الحي، فقد خضع بطبيعته البشريّة لامه مريم مع يوسف، وفي الوقت نفسه قدّم ولأوّل مرّة إعلانًا واضحًا عن أبيه السماوي "ألم تعلما أنّه ينبغي أن أكون في ما لأبي"، أمّا مريم ويوسف فلم يفهما كلامه، لأنّهما لم يكونا قد بلغا بعد كمال وعلوّ الايمان، لذلك يقول الإنجيل "ثمّ نزل معهما".
الربُّ يسوع المسيح قبِل الختان في اليوم الثامن ليرفعنا من الحياة الأرضيّة فاتحًا لنا صفحة جديدة وعهدًا جديدًا.
عهدًا دَخَلْنا فيه زمنَ الختان الروحيّ، ختانٌ كَسبناه بالمعمودية، نَخلَعُ معه الشهوة والتعلّق بالماديّات ونُميتُ أعضاءنا التي على الارض، فبدون هذا الختان الروحي تتصلّب قلوبنا ونغرق بكلّ أفكار النجاسة والهرطقة.
يجب علينا أن نبحث عن المسيح في الهيكل، عند المعلّمين، في كتابات الآباء الأبرار، يجب علينا أن نعيش المسيح وأن نتشبّه به، نحن الذين لبسناه بالمعموديّة، يجب علينا أن نختن كُلَّ حواسِّنا من أجل بلوغ نقاوة القلب "طوبى لأنقياء القلوب لأنّهم يعاينون الله" (مت 5: 8) لأنّنا بهذا العيش وبهذه النقاوة نعاين الله، نحيا به ونبقى معه في العهد الأبديّ.
الاعتدال اللاهوتيّ عند القدّيس باسيليوس
القدّيس باسيليوس من آباء القرن الرابع الذي عصفت فيه الأزمة الأريوسيّة بالكنيسة.
فآريوس علّم أنّ الكائن الإلهيّ الذي يُدعى ابن الله وكلمته وحكمته إنّما هو أوّل المخلوقات، وقد خلقه الله لِيَخلُقَ به العالم. فهو إله خالق بالنسبة إلى العالم الذي خُلق به، ولكنّه مخلوق بالنسبة إلى الله.
وإذ لقي تعليم أريوس تأييدًا من بعض الأساقفة ممّا سبّب اضطرابًا في الكنيسة، دعا الإمبراطور قسطنطين إلى مجمع للأساقفة في مدينة نيقية عام 325م، يتوافق فيه الجميع على الإيمان الواحد الذي تسلّموه، ويُطرد من لا يقبل الإيمان الجامع.
وبعد مناقشات متعدّدة، أيّد آباءُ المجمعِ صِيغةَ الإيمان التالية:
"نؤمن بإلهٍ واحد، آبٍ ضابطِ الكلّ خالقِ كلّ ما يرى وما لا يرى؛
وبربٍّ واحدٍ يسوع المسيح ابنِ الله، المولودِ الوحيد من الآب أي من جوهر الآب، إله من إله، نور من نور، إله حقّ من إله حقّ، مولودٍ غيرِ مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي به كان كلّ شيء ما في السماء وما على الأرض؛
الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل وتجسّد وتأنّس، وتألّم وقام في اليوم الثالث على ما في الكتب وصعد إلى السماء، وسيأتي ليدينَ الأحياء والأموات؛ وبالروحِ القدس."
وقد وافق الجميع، وبعضهم على مضض ليحافظوا على مناصبهم، على هذه الصيغة ما عدا أريوس وأسقفان. فكان نصيبهم النفي.
ومات قسطنطين في العام 337م، وتولّى ابنه قسطنطيوس (أو قسطنديوس) حكم القسم الشرقيّ من الإمبراطوريّة، وفيما بعد حكم الإمبراطوريّة كلّها من سنة 353 حتّى وفاته عام 363م.
وكان معاديًا لإيمان مجمع نيقية، فاضطرب الوضع في الكنيسة وعُقدت مجامع عديدة ووُضعت صيغ إيمان عديدة، وكلّها تبغي التخلّص من المصطلح النيقاوي (όμooύσioς homoousios، أوموؤوسيوس) الذي تمّ تعريبه في التراث بعبارة "مساوٍ (للآب) في الجوهر"، وترجمته الأدقّ "واحد الجوهرِ" مع الآب.
وذلك من خلال اعتماد عبارات مثل "صورة الجوهر الذي لا شبيه له" (استنادًا إلى الرسالة إلى العبرانيّين) أو "مشابه للآب في الجوهر" أو "مشابه للآب في كلّ شيء" أو حتّى مجرّد "مشابه للأب" من دون تحديد، أو وغير ذلك.
وأبدى القدّيس أثناسيوس الإسكندريّ في كتابه "في المجامع" الذي أنهاه في 1 ت1 359 تفهّمًا وانفتاحًا على القائلين بالمشابهة التامّة بين الابن والآب، وعلى رأسهم باسيليوس أسقف أنقرة عاصمة غلاطية وكيرلّس الأورشليميّ، فيقول عنهم: » وهذا يكفي لكي نوضح أنّ المعنى الذي يقصده الإخوة المحبوبون، ليس غريبًا ولا هو بعيد عن معنى "أوموؤوسيوس: واحد الجوهر".
فهم يعترفون أنّ الإبن "هو من جوهر الآب، وليس هو من طبيعة أخرى"، و "إنّه ليس مخلوقًا، ولا مصنوعًا، ولكنّه ابنه أصلاً وبحسب الطبيعة" و "إنّه أزليّ مع الآب لأنّه كلمته وحكمته".
إذن، فهم ليسوا بعيدين مطلقًا حتّى أن يقبلوا بـ "أوموؤوسيوس" «.
وسار باسيليوس على خطى أثناسيوس وأتمّ سعيه، فهو يُعلن أنّ القول بأنّ الابنَ "إله بجوهره" يستتبع القول بـأنّه "واحدُ الجوهرِ" مع الله الذي هو إله جوهريًّا.
ويُضيف:
"إن كان لي أن أقرّر وأبدي رأيي، فأنا أقبل اصطلاح "مشابهُ الجوهرِ" مع إضافة كلمة "تمامًا"، كمماثل في المعنى لكلمة "واحدُ الجوهرِ".
ولكن عبارة "مشابه تمامًا" بدون كلمة "الجوهر"، فأنا أشكّ فيها."
وهو يُعلن تمسّكه بكلمة "واحد الجوهر" كما تمسّك بها آباء مجمع نيقية لكونها غير قابلة لتحميلها معنًى مبطّنًا وتأويلها تأويلًا أريوسيًّا، إذ يتابع:
"وبناء عليه، فإنّ كلمة "واحدُ الجوهر" كونها اصطلاحًا غير قابل لسوء الاستخدام فأنا أيضًا أقبلها ".
وكانت هناك عقبة كبيرة أمام قبول مصطلح "واحد الجوهر" من قِبَلِ البعض، وهي إمكانيّة تفسيره تفسيرًا يوافق تعليم سابليوس الذي علّم أنّ الثالوث شخص واحد.
ولئن كان مجمع نيقية في الحرم الذي أورده تعقيبًا على صيغة إيمانه قد وحّد بين مصطلحيّ "أوسيا: جوهر" و "هيبوستاسيس" إذ حدّد:
"أمّا الذين يقولون:
"كان زمان لم يكن فيه (الابنُ)"، و "قبل أن يولد لم يكن"، و "إنّه صار ممّا لم يكن"، أو "من هيبوستاسيس أو من أوسيا آخرين"، مؤكّدين أنّ ابن الله مخلوق أو أنّه قابل للتغيّر أو التحوّل، فهؤلاء تحرمهم الكنيسة الجامعة."
فقد عمد باسيليوس إلى إبطال الترادف بين الكلمتين وأعطى مصطلح "هيبوستاسيس" معنًى جديدًا مرادفًا لمعنى كلمة "شخص"، وقال بأنّ لكلّ واحد من الثالوث القدّوس "هيبوستاسيس: أقنوم" خاصّ به.
وهكذا اعتمد صيغة: إله واحد وجوهر واحد في ثلاثة أقانيم.
وبذالك فتح المجال أمام إمكانيّة قبول صيغة نيقية "واحد الجوهر" من دون خوف من تأويلها تأويلاً هرطوقيًّا.
وهيّأ الدربَ أمام عدد كبير من الأساقفة للقبول بالصيغة النيقاويّة وإعادة شركتهم مع الأساقفة الأرثوذكسيّين النيقاويّين وعلى رأسهم القدّيس أثناسيوس الإسكندريّ.
أمّا اعتدال القدّيس باسيليوس في تعليمه عن ألوهيّة الروح القدس فله حديث آخر.