الأحد 6 تشرين الثاني 2022
03 تشرين الثاني 2022
الأحد 6 تشرين الثاني 2022
العدد 45
الأحد 21 بعد العنصرة
اللحن الرابع، الإيوثينا العاشرة
أعياد الأسبوع:
6: بولس المعترف رئيس أساقفة القسطنطينيّة، 7: الشُّهداء الـ 33 المستشهدون في ملطية، لعازر العجائبيّ، 8: عيد جامع لرئيسَي الملائكة ميخائيل وجبرائيل، 9: الشّهيدان أونيسيفورس وبورفيريوس، البارَّة مطرونة، القدّيس نكتاريوس أسقُف المدن الخمس، يوحنّا القصير، البارّة ثاوكتيستي، 10: الرّسول كوارتوس وأولمباس ورفقتهما، الشَّهيد أوربستوس، القدّيس أرسانيوس الكبادوكي، 11: الشّهيد ميناس ورفقته، القديسة استفاني، ثاوذورس الإسطوذيتي، 12: يوحنّا الرحوم رئيس أساقفة الإسكندريّة، البارّ نيلس السينائيّ.
الحريّة في الإيمان
يصوغ الرسول بولس في رسالة اليوم تعليمًا مهمًّا جدًّا كان له الأثر على حياة الكنيسة إلى اليوم. فبحسبه لا يخضع المسيحيّون للناموس الموسويّ ولتشريعاته، بل يطيعون الإيمان بيسوع المسيح.
فالتبرير من الخطايا يأتي من فعل الإيمان الصادق، لا من اتّباع تشريعات وفرائض.
إنْ لم يرغب قلب الإنسان بالحياة في المسيح، لن تنجح الفرائض بتطويع عزيمته.
فالإيمان من قلب الإنسان ينبع، ليوجّه كلّ أفكاره وأفعاله إلى من يؤمّن حياته، إلى المسيح المخلّص.
هذا الإيمان هو الذي يدفع الإنسان كي يتبنّى الصليب نهجًا مدى حياته، فيخضع للموت في المعموديّة عن كلّ ما يمتّ بصلة إلى الإنسان القديم وشهواته وأهوائه، ويحيا لله.
لم يرق هذا الكلام لأولئك الذين أرادوا تهويد المسيحيّة، وإبقاءها في منظومة التشريعات اليهوديّة.
هؤلاء ما انفكّوا يسخرون من الحريّة في الإيمان التي ينادي بها الرسول بولس، ويجادلونه كما لو أنّه يدعو المسيحيّين إلى التفلّت من ضوابط الناموس ويقودهم إلى الوقوع في الخطيئة. ويبالغون في قولهم أنّ الرسول بولس يجعل من المسيح "خادمًا للخطيئة"، بمعنى أنّ المسيحيّة تبيح الخطيئة وتبشّر بعدم تأثيرها على خلاص الإنسان، ما قد يجعل المؤمن يستمرّ في الخطيئة متّكلاً على النعمة والغفران التلقائيّ.
يطرح الرسول بولس على معارضي تعليمه السؤال الآتي:
"فَإِنْ كُنَّا وَنَحْنُ طَالِبُونَ أَنْ نَتَبَرَّرَ فِي الْمَسِيحِ، نُوجَدُ نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضًا خُطَاةً، أَفَالْمَسِيحُ خَادِمٌ لِلْخَطِيَّةِ؟" (غل ٢: ١٧)، وبالطبع كان جوابه "حاشا!"، التي هي اسم للتنزيه، لتبرئة الله من الشركة مع الإثم (أنظر ٢ كور ٦: ١٤-١٥).
فإنّه يستحيل أن يخالط اللهَ إثمٌ أو خطيئة أو تعدّ.
ثمّ يتابع الرسول بولس شرحه، مبيّنًا أن عودة الإنسان المؤمن إلى الإنسان العتيق الذي "هدمه" ودفنه في المعموديّة فتبرّر وتجدّد، إنّما هي عودة إلى التعدّي، يقول: "فَإِنِّي إِنْ عُدْتُ أَبْنِي أَيْضًا مَا قَدْ هَدَمْتُهُ، فَإِنِّي أُظْهِرُ نَفْسِي مُتَعَدِّيًا".
وفي قوله أنّه في الحال هذه يصبح "متعدّيًا" تبرئة للمسيح من الذي يستمرّون في الخطيئة ظانين أن النعمة ستتضاعف (أنظر رو ٦: ١-٢)، وتأكيد على خسارة الخلاص والوقوع تحت دينونة كلّ تعدٍّ.
لا تترك الحريّة في المسيح أي مساحة لشهوات الجسد كي تسود على الإنسان (غل ٥: ١٣)، فالمؤمن قد صُلب مع المسيح، ولا يحيا بعد الآن لذاته، لا بل المسيح هو من يحيا فيه، فما الحاجة بعد ذلك إلى ضوابط التشريعات التي تخاطب الإنسان الجسداني؟
لقد أضحى المسيح إلهنا كلّ شيء في حياة المؤمن الذي يطيعُه ويقتدي به وبصليبه وبمحبّته التي هي كمال الناموس، مندفعًا بإيمانه به، باليقين الآمن أنّ ابن الله يحبّنا عظيم المحبّة، حتى أنّه بذل نفسه من أجلنا.
الأرشمندريت يعقوب خليل
عميد معهد القدّيس يوحنّا الدمشقيّ اللاهوتيّ
طروبارية القيامة باللحن الرابع
إنّ تلميذات الربّ تعلّمْنَ من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجّدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
القنداق باللحن الرابع
يا شفيعةَ المسيحيّين غيرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالقِ غيرَ المردودة، لا تُعرضي عن أصواتِ طلباتِنا نحن الخطأة، بل تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحة، نحن الصارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعَةِ، وأسرعي في الطلبة، يا والدةَ الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائماً بمكرَّميكِ.
الرسالة: غلا 2: 16-20
ما أعظمَ أعمالَكَ يا ربُّ كلَّها بحكمةٍ صنعتَ
باركي يا نفسي الربّ
يا إخوة، إذ نعلم أنَّ الإنسان لا يُبرَّرُ بأعمالِ الناموس بل إنما بالإيمان بيسوع المسيح، آمنَّا نحن أيضًا بيسوع لكي نُبَّرر بالإيمان بالمسيح لا بأعمال الناموس، إذ لا يُبرَّر بأعمال الناموس أحدٌ مِن ذَوي الجسد. فإنّ كنّا ونحن طالبون التبرير بالمسيح وُجدنا نحن أيضًا خطأة، أفيَكون المسيح إذاً خادماً للخطيئة؟ حاشا. فإني إنْ عدتُ أبني ما قد هدمتُ أجعلُ نفسي متعدِّياً، لأنّي بالناموس متُّ للناموس لكي أحيا الله. مع المسيح صُلبتُ فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ. وما لي من الحياة في الجسد أنا أحياه في إيمانِ ابن الله الذي أحبّني وبذل نفسه عني.
الإنجيل:
لو 8: 41-56 (لوقا 7)
في ذلك الزمان، دنا إلى يسوع إنسانٌ اسمه يايرُسُ، وهو رئيسٌ للمجمع، وخرّ عند قدمَي يسوع، وطلب إليه أن يدخل إلى بيته، لأنّ له ابنةً وحيدةً لها نحوُ اثنتَيْ عشْرَةَ سنةً قد أشرفَتْ على الموت. وبينما هو منطلقٌ كان الجموع يزحمونه. وإنّ امرأةً بها نزفُ دمٍ منذ اثنتَيْ عَشْرَةَ سنةً، وكانت قد أنفقَتْ معيشتَها كلَّها على الأطبّاء، ولم يستطعْ أحدٌ ان يشفيَها، دنَتْ من خلفه ومسّت هُدْبَ ثوبه، وللوقت وقفَ نزفُ دمِها. فقال يسوع: "مَن لمسَني؟" وإذ أنكر جميعُهم قال بطرسُ والذين معه: يا معلّم، إنَّ الجموع يضايقونَك ويزحمونَك. وتقولُ مَن لمسَني؟ فقال يسوع: "إنّه قد لمسَني واحدٌ، لأنّي عَلِمْتُ أنَّ قُوّةً قد خرجَتْ منّي". فلمّا رأتِ المرأةُ أنّها لم تَخْفَ، جاءت مرتعدةً وخرَّتْ له وأخبرَتْ أمامَ كلِّ الشعبِ لأيَّةِ عِلَّةٍ لمسَتْهُ وكيف بَرِئَتْ للوقت. فقال لها: "ثِقي يا ابنةُ، إيمانُكِ أبرأكِ فاذهبي بسلام". وفيما هو يتكلَّمُ جاء واحدٌ مِن ذَوي رئيسِ المجمعِ وقال له: إنّ ابنتَك قد ماتت فلا تُتعبِ المعلّم. فسمع يسوع، فأجابه قائلاً: لا تَخَفْ، آمِن فقط فتبرأَ هي. ولمّا دخل البيتَ لم يدَعْ أحداً يدخلُ إلّا بطرسَ ويعقوبَ ويوحنّا وأبا الصبيّةِ وأُمَّها. وكان الجميعُ يبكون ويَلطِمون عليها، فقال لهم: لا تبكوا، إنّها لم تمت ولكنّها نائمة. فضحكوا عليهِ لِعِلْمِهم بأنّها قد ماتت. فأمسك بيدها ونادى قائلاً: يا صبيّةُ قومي. فرجعت روحُها في الحال. فأمر أن تُعطى لتأكل. فدهش أبواها، فأوصاهما أن لا يقولا لأحدٍ ما جرى.
في الإنجيل
يتلو علينا إنجيل اليوم آيتَين. ونرى في كلّ واحدةٍ منهما قدرة الربّ التي تستطيع فعلَ كلِّ شيء مستحيل.
يحدّثنا الإنجيليُّ لوقا، وهو الطبيب، أنَّ هذه المرأة أنفقت كلَّ ما لَها على الأطبّاء، ولكن دون جدوى. هذه هي الآية، حيث المستحيل على الطبِّ مستطاعٌ عند الله.
بالإضافة إلى هذا، هناك الإيمان القويُّ، الواثق بأنّ الربّ قادرٌ على كلِّ شيء مستحيل.
لقد آمنت المرأة أنّها بمجرّد لمسةٍ من هُدْبِ ثوب الربّ يسوع تشفى. فكان لها ذلك. وما تعليق يسوع المسيح العلنيّ أمام الجميع إلّا لإظهار إيمان هذه المرأة.
لقد علم أنّ قوّةً خرجت منه، وبالتالي فهو عالمٌ بكلّ شيء متعلّق بهذه المرأة.
وما سؤاله "منْ لمسني"، إلاّ لإخراج المرأة من صمتها! ولإظهار إيمانها القويّ الواثق، أمام الجميع. فيقتدي السامعون ويتعلّمون السير على خطى هذه المرأة.
وأيضاً لكي لا تذهب هذه المرأة بدون امتداح لقوّة هذا الإيمان الذي تتحلّى به: "إيمانك ابرأكِ اذهبي بسلام".
هذا ما تفوّه به السيّد في نهاية الأمر.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ نزيف الدم أو الدم بحدّ ذاته كان نجساً في المجتمع اليهوديّ لهذا كان على المرأة أن تتوارى عن الاِجتماع أو الاِختلاط بالناس. بينما نرى الرب يسوع هنا قد تخطّى أفكار بيئته، لأنّه لم يعلّق على لمسها له، ولم يعترض، لا بل على العكس تجاوز كلَّ هذه الأفكار متخطِّيًا ايّاها بمدحه إيمان المرأة.
أمّا الآية الثانية فهي: إقامة الإبنة، ابنة رئيس المجمع.
هذه الآية ليست الأولى إذ نراه قد أقام قبل ذلك شابًّا وكان وحيدًا لأُمِّه الأرملة (ابن أرملة نايين).
يسوع ما كان هدفه من إقامة الموتى: التباهي والتفاخر بقوته. ولكن فعل ذلك لإقناعنا على أنّه قادر على إقامة أجسادنا في اليوم الأخير.
ولكن قبل ذلك علينا الإيمان أوّلًا: بأنّه أتى ليخلّصنا من موت أخطر، ألا وهو "الموت الروحيّ" لهذا كان يعبّر عن الموت الجسدي بأنّه: "نوم" لا تخافوا "إنّها نائمة".
وهذا ما أضحك َالجميعَ لِعِلمِهم أنّها ماتت. فأراهم يسوعُ أنّها فعلاً نائمة وهو قد أقامها، بكلمة منه، وبكلمة فقط.
هذا ما رمى إليه يسوع. وهذا ما علينا أن نفهمه: "لا تخافوا مِمَّن يقتلُ الجسد، بل خافوا مِمّن يقتل الروح".
فلتكن صلاتُنا دومًا مرفوعةً إلى الربِّ يسوع بأن ينجِّيَنا من هذا الهلاك، وأن يكون سعيُنا دائمًا نحو هذا الهدف ألا وهو "الحياة الأبديّة".
أعمال الإيمان وأعمال الناموس
استحوذ موضوع التبرير عند بولس الرسول على الجزء الأكبر من مضامين رسائله وتحديدًا الرسالتَين إلى أهل روما وأهل غلاطية.
في فكر بولس الرسول تبرير الإنسان يعني أن ينال الإنسان نِعم الخلاص المجّانيّة النابعة من صليب المسيح أي مصالحةَ الإنسان مع الله بعد العصيان الذي اعتبره بولس شاملًا كلّ البشر:
"فإن تمّ الصلح بيننا وبين الله بموت ابنه (على الصليب) ونحن على عداوة معه، فكم بالأحرى أن ننجو بحياته ونحن مصالَحون... والفضل لربّنا (لا للناموس) يسوع المسيح الذي به نلنا المصالحة" (روم 5 ، 10 – 11)، "وقد برهنّا أنّ الخطيئة تسلّطت على اليهود والوثنيّين جميعّا" (روم 3 ،10).
فالسبيل إلى تبرير الإنسان هو الإيمان ببشارة يسوع المسيح المصلوب "الذي أحبّني وضحّى بنفسه لأجلي".
ما دعا إليه الرسول بولس في مواجهته لليهود "وللإخوة المتهوّدين" هو أنّ "الإنسان لا يبرَّر بأعمال الناموس بل بالإيمان بيسوع المسيح"، "فلا يبرَّر بشرٌ لديه إذًا عملٌ بأحكام الشريعة...ونحن نرى أنّ الإنسان ينال البرّ بالإيمان المنفصل عن العمل بأحكام الشريعة" (روم 3، 20 و 28).
هذه المفاضلة بين الإيمان وأعمال الناموس شكّلت لدى الكثيرين من المفسّرين في القرون الأولى والوسطى وفي فترة نشوء الحركة الإصلاحيّة في الغرب، سوء فهم لفكر الرسول بولس في هذه المسألة، ولمشاحنات لاهوتيّة متطرّفة اقتطعت من رسائله ما يحلو لموقفها المسبق.
فالبعض حوّل الإيمان إلى مجرّد موقف نفسيّ وجدانيّ عاطفيّ غريب عن لاهوت الرسول.
وفي مقابل ذلك جعل البعض الآخر "الأعمال الصالحة" التي تدعو إليها المسيحيّة نسخة عن أعمال الناموس إذ حوّلها إالى ممارسات قانونيّة بعيدة عن روح الأعمال الصالحة التي رفض بولس أن يبطلها بالإيمان، "أفنبطل بالإيمان عمل الشريعة؟ معاذ الله بل نثبّت الشريعة" (روم 3 ،31) بل جعلها ثمارًا لازمة لإيمان المسيحيّين: "لتسيروا سيرة جديدة ترضيه كلّ الرضا وتثمر كلّ عمل صالح".
وهذا ما يحصل حتّى يومنا هذا. إذ غالبًا ما يمارس البعض، نتيجة جهلهم لتعليم بولس الرسول، "أعمالًا صالحة" بروح ناموسيّة بعيدة عن روح الإيمان وكأنّهم لم يقرأوا نشيد المحبّة لبولس (1 كور13، 1 – 13).
قول بولس في (غلاطية 5، 6): "إنّما القيمة للإيمان العامل بالمحبّة" يقودنا إلى وضوح أشمل في هذا الشـأن.
الدافع إلى الأعمال هو الذي يعطي الصفة الملائمة لها. فإمّا أن تكون "أعمالًا صالحة أو "أعمالًا ناموسيّة".
ما هو هذا الدافع؟
المحبّة هي الدافع الوحيد لأفعال كلّ مسيحيّ، كما هي حال الله، ونحن خُلقنا على صورته. فإنْ كان دافعك منفعة ذاتيّة، أيًّا كانت هذه المنفعة شهرة، تعويضًا ماليًّا أو صحّيًّا أو معنويًّا، سلطة دنيويّة أو "كنسيّة"، مدحًا وتكريمًا أو إرضاءً لغير الله، فأنت لا تزال أسيرَ الناموس، "ويكون المسيح قد مات عنك عبثًا" (غل 3، 21).
وإن كان دافعك المحبّة، تكون قد تذوّقتَ محبّة المسيح، وتكون أعمالك تلبيةً لنداء محبّة الله لك وثمارًا طيّبة يغتذي منها البشر ليكتشفوا هم أيضًا محبّة الله لهم كما اكتشفها بولس الرسول حين قال:
"وما لي من حياة في الجسد إنّما أحياه في الإيمان بابن الله الذي أحبّني وبذل نفسه عنّي".
أخبارنا
+ رسامة الشماس جوزيف مقدسي كاهنًا
ترأس راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) في دير سيّدة البلمند البطريركيّ خدمة السحريّة والقدّاس الإلهيّ نهار السبت الواقع فيه 8 تشرين الأوّل 2022، حيث تمّت سيامة الشمّاس جوزاف مقدسي كاهنًا.
شارك في الخدمة عدد كبير من الكهنة وقامت بالخدمة جوقة المعهد اللاهوتيّ.
وقد غصّت الكنيسة بالمؤمنين من أنحاء الأبرشيّة. وممّا قاله سيادته في هذه المناسبة للكاهن الجديد:
باسم الآب والابن والروح القدس آمين:
أيها الاِبنُ الروحيُّ الحبيب يوسف، أنتَ قادمٌ إلى خدمةٍ سرِّيَّةٍ عظيمة، وقد أخذتَ بيدِك القربانةَ المقدَّسة، وقِيلَ لك إنك ستُحاسب عليها، لأنَّ خدمتَكَ مقدَّسة، وعليها سوف تدان.
يُحاسَبُ الكاهنُ على خدمتهِ، وخدمتُه عظيمةٌ جِدًّا، لأنّه أبٌ روحيٌّ يُولِدُ الآخَرين في المسيح، وهذا شيءٌ عظيم. الكاهنُ أيقونةُ المسيح.
وهو الطبيبُ الروحيّ، الطبيبُ الحقيقيّ الذي هو أعظمُ بكثيرٍ من الطبيبِ الجسديّ، لأنّه كما سمعتم في هذا الإنجيل عندما كان الربُّ يتعشّى مع الخطأة والعشّارين فجاءَ الفرّيسيّون وقالوا له: كيف أنت وتلاميذُك تأكلون مع الخطأة؟
فقال لهم: أنا لم آتِ للأصحّاء بل للخطأة وللمرضى.
الكاهن هو الآب الذي يأتي كطبيبٍ ليشفي الأمراض الجسديّة والنفسيّة والروحيّة.
لذلك، كما تقول الكنيسة، هو أيقونة للمسيح، أيْ إنّه لا بُدَّ أن يتمثّلَ بالمسيح. المسيحُ هو فقط مثالُك، وإذا ضحّيتَ حياتَك له فتصبحَ أنتَ مثالاً للآخرين، تصبح مسيحًا للآخرين.
وكما يقول الإنجيل، بدلَ أن تصطادَ سمكًا تصطاد الناس، وهذا ما ينقصَنا.
هذا ما ينقص الإنسان اليوم في العالم، أن يكون للمسيح الإله وليس لعبدٍ آخر. هذه هي رسالتك أيّها الحبيب.
أنتَ تنطلقُ من هذه البلاد إلى بلاد الغربة لكي تبشّر. كنيستُنا الإنطاكيّة كنيسةٌ مبشِّرة، وينقص من المبشّرين كثيرًا، لأنّ العالم بعيدٌ عن الله، يعبدُ المالَ والسلطةَ والجنس.
فعليكَ أن تتعبَ على نفسِك كما يقول الرسول بولس: "لاحظ نفسَك والتعليم"، هكذا يقول لتلميذه تيموثاوس.
لاحظ نفسك قبل كلّ شيء، والتعليم وما تقوله للآخرين.
نحن وضعنا ثقتنا فيك ونرسلُكَ إلى العالم.
ولا تنسَ ما قالَهُ الربُّ: أيّها الطبيب "طبِّبْ نفسك أوّلًا".
كُن عفيفًا. كُن أمينًا لله. سوف تكون أمينًا للجميع، وتتصيّدُ بشرًا كثيرًا للربّ. آمين.