الأحد 8 أيار 2022

الأحد 8 أيار 2022

04 أيار 2022
الأحد 8 أيار 2022
 العدد 19
 أحد حاملات الطيب
  اللحن الثاني، الإيوثينا الرابعة
 

أعياد الأسبوع:
8: يوحنّا اللاهوتي الإنجيليّ، أرسانيوس الكبير، 9: النبيّ أشعياء، الشّهيد خريستوفورس، 10: الرّسول سمعان الغيور، البارّ لفرنديوس، البارّة أولمبيا، تذكار إنشاء القسطنطينيّة، الشّهيد موكيوس، 11: كيرللس ومثوديوس المعادلا الرُّسل، 12: أبيفانيوس أسقُف قبرص، جرمانوس رئيس أساقفة القسطنطينيّة، 13: الشّهيدة غليكارية ولاوذيسيوس، 14: إيسيذورس المستشهد في خيو، ثارابوندُس أسقُف قبرص.
 
أحد حاملات الطّيب
ويوسف الصدّيق ونيقوذيموس التلميذ الليليّ
 

            في الأحد الثّالث للفصح، تعيّد الكنيسة المقدّسة للنسوة الحاملات الطّيب القدّيسات، ونكمّل أيضًا ذكر يوسف الرّامي ومعه نيقوذيموس التلميذ اللّيلي. سوف نسلّط الضوء على أولئكَ الذين عبّروا بأبهى صورةٍ عن محبّتهم للمعلّم الذي قد رقد منذ بُرهة، وتركهُ تلاميذهُ وأحباؤه وأبناء جنسه، وسلّموه للموت كمجرمٍ وحائدٍ عن الشّريعة.
 
من هو يوسف الذي من الرّامة، هو ذاك البارّ الذي وهبَ للمسيح مقبرتهُ ليَجد ابنُ الإنسان أين يَسندُ رأسَه (لو٥٨:١١). هو الشّاهد على الدّفن. قدّم للمسيح ما لم يقدّمه إنسانٌ رغم موقعه المرموق وغناه. تجرّأ ودخل عند بيلاطس ليَدفنَ هذا الغريب، كما تقرّظُه الكنيسة في صلاة سحر السّبت العظيم قائلة: "إنّ يوسف، لمّا شاهد الشمس قد أخفت أشعّتَها وحجاب الهيكل انشقّ لموت المخلّص، دنا من بيلاطس وتضرّع إليه قائلًا:
 
أعطني هذا الغريب، الذي منذ طفوليّته تغرّبَ كغريب.
أعطني هذا الغريب، الذي أبناءُ جنسِه حكموا عليه بالموت بُغضًا كغريب.
أعطني هذا الغريب، الذي أنذهلُ حينَ أُشاهدُه ضيفًا على الموت.
أعطني هذا الغريب، الذي عرف أن يُضيفَ الفقراء والغرباء.
أعطني هذا الغريب، الذي غرّبه اليهود من العالم حسدًا.
أعطني هذا الغريب، لكي في لحدٍ أُواريَه، إذ بما أنّه غريبٌ ليسَ له أينَ يَسندُ رأسَه.
أعطني هذا الغريب، الذي لما رأته أمُّه ميتًا، صرخت: يا ابني وإلهي، ولئنْ كانت جوانحي تتجرّح، وكبدي تتمزّق عندما أراك ميتًا، فإنّي واثقة بقيامتك فأعظّمك.
 
بهذه الأقوال توسّلَ يوسفُ إلى بيلاطس، وأخذ جسد المخلص، وبخوفٍ لفّه بالسَّباني والحَنوط، ودفنكَ في قبر، يا مانحَ الكُلِّ الحياةَ الأبديّة".
 
            لا يستطيع أحدٌ أن يكفّن المسيح، لذا فالنساء التقيّات بقينَ من بعيد، لكنهنّ كن ينظرن بعناية أين وُضع كي يأتين إليه بالطيب ويسكبنه. ومع ذلك ففي محبتهنّ كُنّ آخر من ترك القبر وأوّل من رجعن إليه.
 
            إنّ دفن السيّد المسيح بواسطة يوسف الرامي يمثّل خبرة روحيةً تقويّة يليق بنا أن نعيشها كلّ يوم. فيوسف هذا جاء من الرامة التي يقال إنّها راماتيم صوفيم (١ صمو١:١)، وإنّها رام الله الحالية. ولما كانت كلمة "رامة" في العبريّة تعني مرتفعة، فلا يستطيع أحدٌ أن يتمتّع بهذا الشرف ما لم يأتِ من المرتفعات السماويّة، أي يكون من الرامة، ينعم بالحياة السماويّة كموطنٍ له ومكانِ نشأته، إذ كيف يحمل على يديه جسد الربّ ما لم تكن له السّمة الروحيّة السماويّة.
 
ما هو هذا الجسد الذي نحمله إلّا حياتنا، بكوننا أعضاء جسده نُكفِّنها في الكتان، أي في النقاوة الحقيقيّة، ونطيّبها برائحة المسيح، وندخل بها إلى المسيح نفسه، كما في داخل الصخرة، فتحمل حياتنا قوّة قيامته، وتكون في صحبة الملائكة، كما كان الملائكة في قبر السيد.
 
وبحسب كتاب السّنكسار، بعدَ أن دفن يوسف جسد الرّب، طرَحهُ اليهود في حُفرة فخُطفَ بقوّة إلهية من هناك إلى الرّامة وصار في وطَنه. ولما قام الرّبّ ظهرَ له لمّا كان مُعتَقلاً في القيود، وأظهر له سرّ القيامة. وتألّم أيضًا كثيرًا من اليهود إذ لم يحتمل أن يصمت، فأذاع سرّ القيامة وأعلمَ الجميعَ بالصّائرات.
 
            أمّا نيقوذيموس التلميذ الليليّ، فقد أُقصيَ من المجمع بعد أن عارَضَ مُعتقد اليهود، قيلَ عنهُ إنّه لخّص تلخيصًا بكلّ تدقيق عن أحوال آلام المسيح وقيامته لأنّه كان من المجمع، وعارفاً بأبلغ التّحرير آراء اليهود، وكان عالماً بجميع أحوالهم. لهذا السّبب كما قلنا إنّهما كانا شاهدَي الدفن صادقيْن زكيّيْن.
 
            لعلّ أبلغ ما نراه في خدمة أحد حاملات الطّيب والأسبوع الذي يليه كيف أنّ الكنيسة كرّمت أولئك بكلمات الأناشيد إكرامًا لما فعلوه، وبحسب الكنيسة، قد صنعوه بكثيرٍ من الحبّ والتفاني لإلهٍ مسكنهُ في السماوات، والطغمات الملائكيّة في حضرته. فكلّ ما يُحيط بالسيّد فيه الكثير من اليقظة والصلاة غير المنقطعة، شاروبيم كثيرو العيون، سيرافيم يطيرون من حوله باثنين يطيرون باثنين يسترون وجوههم وباثنين يحجبون أجسادهم.
 
حضرة السّيد فيها الكثير من الاحتشام، فكيف نرى هنا يوسف مع نيقوذيموس يُنزلان جسدَ المصلوب وهو عارٍ ومُجرّح، نقول لهما كيف أمسكتما حاوي الخليقة وبارئَها؟ أم كيف أغمضتما عينَيْ من وَهب النور للأعمى وهو نور العالم؟ كيف حجبتما في قبر مَن هو مُفرِغ القبور ومُزلزل أمخال الجحيم؟ لهذا الكنيسة تقول له أي ليوسف وتقرّظ عملَه:
 
- "يا يوسف المُتّقي لقد عرفناكَ كمثلِ مركبةٍ شاروبيميّة لأنّك حملتَ المسيح الملك على منكبيك لمّا أحدرتهُ من على الصليب ولنُغبّط يديكَ وحدقتَيكَ الإلهيّة ولنكرّم كفّيكَ الطّاهرتيْن اللتيْن عليهما حملتَ الإله الكلمة الشّمس العقليّة وأضجعتهُ في لحد. فلذلك لتذكاركَ الإلهي نُكرّم“(عشيّة الاثنين من سبّة حاملات الطيب).
 
- "يا يوسف لقد حملتَ على منكبيْكَ الابن الجالس عن الميامن الأبويّة، وضمّختَ بالعطر الطّيب الذي لا يفرغ، ووضعتَ قيامة العالم في قبر، وغطّيتَ بحجرٍ للمتردّي النور كالثوب بحالٍ لا يوصَف…" (أبوستيخن سحر الثلاثاء من سبة حاملات الطيب).
 
- "أيها المتردّي النوّر كالسِّربال لما أحدركَ يوسف مع نيقوديموس من الخشبة وشاهدَكَ ميْتًا عريانًا غير مدفون، أبدى عويلاً يُرثى لهُ وهتفَ بنحيبٍ قائلاً يا يسوع الحلو الذي قبلَ برهةٍ يسيرةٍ لما شاهدتهُ الشّمس… فكيفَ أجهّزكَ يا إلهي أم كيف أُدرجكَ بالسّباني بأية يديْنِ ألامسُ جسدكَ الطّاهر أو بأيِّ مراثٍ أنشدُ لتجنيزكَ…"
 
            هكذا الكنيسة تمدح النسوة حاملات الطّيب مع يوسف الصدّيق ونيقوذيموس على عملهم، وتحثّنا على أن نماثلهم بالحبّ والشوق وباحتشامٍ كبير، إذ كيف يُلامس المُدَنّسون البريء من العيب؟ فتعيش الكنيسة هذه اللحظات الرّهيبة، ويُضحي الكاهن في القداس الإلهي حاملاً للإله. اُنظروا محبّة السّيد التي تفوق الإدراك ومحبّته للبشر، إذ أعطى لنا نحن المدَنّسين هذه النعمة لكي نُماثل حبّهم وحميّتهم من خلال الكهنوت وسرّ القداس الإلهيّ العظيم.
 
-           "أيّتها الحاملات الطّيب العفيفات لقد تبعتنّ آثار المسيح الظّاهر وخدمتنّهُ بعزمٍ نشيطٍ واستقامة، وفي حين موتهِ لم تُغادرنهُ بل انطلقتنّ مقدّمات طيوبًا مع عبراتٍ مرّةٍ منجذبات من الترثّي والإشفاق لذلكَ نعيّد لتذكاركنّ الكلّي الشّرف"| (عشيّة الخميس من سبة حاملات الطيب)، آمين.
 
 
*          *          *          *
 
طروبارية القيامة باللحن الثاني
عندما انحدرتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الذي لا يموت، حينئذٍ أمتّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتك. وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثّرى، صرخَ نحوكَ جميعُ القوّاتِ السّماويين: أيُّها المسيحُ الإله، معطي الحياةِ، المجدُ لك.
 
طروبارية الرسول يوحنّا اللاهوتيّ باللحن الثاني
أيها الرسول المتكلم باللاهوت حبيب المسيح الإله، أسرعْ وأنقذ شعباً عادم الحجّة، لأن الذي تنازل أن تتكئَ على صدره يقبلك متوسّلاً. فاليه ابتهل أن يبدّد سحابة الأمم المعاندة، طالباً لنا السلامة والرحمة العظمى.
 
قنداق الفصح باللحن الثامن
ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلاّ أنّكَ درستَ قوّة الججيم، وقُمتَ غالباً أيّها المسيحُ الإله، وللنسوةِ حاملاتِ الطيب قُلتَ: افرحنَ، ووهبتَ رُسُلكَ السلام، يا مانحَ الواقِعين القيام.
 
الرسالة: 1 يو 1: 1-7
إلى كلّ الأرض خرج صوته 
  السماوات تُذيع مجدَ الله


الذي كانَ من البدءِ، الذي سَمعناهُ الذي رأيناهُ بعيونِنا، الذي شاهَدْناهُ ولمستْهُ أيدينا من جهةِكلمةِ الحياة (لأنّ الحياةَ قد ظهرت ورأيناها ونشهدُ ونبشِّركم بالحياة الأبديّة التي كانت عندَ الآب فظهرت لنا)، الذي رأيناه وسمعناهُ بهِ نبشّرِكم لتكونَ لكم أيضًا شركةٌ مَعَنا. وشِركتُنا إنّما هي معَ الآبِ ومعَ ابنهِ يسوعَ لمسيح. ونكتُبُ اليكم بهذا ليكونَ فرحُكم كاملاً. وهذه هي البشرى التي سمعناها منهُ ونبشِّرُكم بها أنّ الله نورٌ وليسَ فيه ظلمةٌ البتّة. فإنْ قُلنا إنّ لنا شركةُ معهُ وسلَكنا في الظلمة نكذِبُ ولا نعملُ بالحقّ. ولكن إن سَلكنا في النور كما أنّهُ هو في النورِ فَلَنَا شِركةٌ لبعضِنا مع بعضٍ، ودمُ يسوعَ المسيح ابنهِ يُطهِّرُنا من كلِّ خطيئة.
 
الإنجيل:
مر 15: 43-47، 16: 1-8


في ذلكَ الزمان، جاء يوسفُ الذي من الرامة، مشيرٌ تقيٌّ، وكان هو أيضًا منتظراً ملكوت الله. فاجترأ ودخلَ على بيلاطُسُ وطلب جسدَ يسوع. فاستَغْرَبَ بيلاطُسُ أنّه قد ماتَ هكذا سريعاً، واستدعى قائدَ المئةِ وسأله: هل له زمانٌ قد مات؟ ولمّا عرف من القائد، وَهَبَ الجسدَ ليوسف. فاشترَى كتّاناً وأنزله ولفّهُ في الكتّان، ووضعه في قبرٍ كان منحوتاً في صخرةٍ، ودحرج حجراً على باب القبر. وكانت مريمُ المجدليّةُ ومريمُ أمُّ يوسي تنظران أينَ وُضِعَ. ولمّا انقضى السبتُ، اشترت مريمُ المجدليّةُ ومريمُ أمُّ يعقوب وسالومةُ حَنوطاً ليأتين ويدهنّه. وبكّرنَ جداً في أوّل الأسبوع وأتينَ القبر وقد طلعتِ الشمس، وكُنّ يَقُلنَ في ما بينهنّ: من يدحرجُ لنا الحجرَ عن باب القبر؟ فتطلّعن فرأين الحجر قد دُحرج لأنه كان عظيماً جدًّا. فلمّا دخلن القبرَ رأين شابًّا جالساً عن اليمين لابِساً حُلّةً بيضاءَ فانذَهَلْنَ. فقال لهنّ: لا تنذهلن. أنتنّ تطلبنَ يسوع الناصريّ المصلوب. قد قام. ليس هو ههنا. هوذا الموضعُ الذي وضعوه فيه. فاذهبن وقلن لتلاميذِه ولبطرس إنّه يسبقُكُم إلى الجيل، هناك تَرونَهُ كما قال لكم. فخَرجْنَ سريعاً وفررن من القبر وقد أخذتهنّ الرِّعدة والدّهش. ولم يَقلنَ لأحدٍ شيئاً، لأنّهنَ كُنّ خائفات.
 
في الرسالة والإنجيل

"الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه، ولمسَته أيدينا، من جهة كلمة الحياة... لأنّ الحياة ظهرت ورأيناها... ونكتب إليكم هذا ليكون فرحكم كاملاً"، هكذا يشهد الرسول يوحنّا الإنجيليّ للربّ يسوع المسيح المتجسِّد والقائم، الذي هو الحياة الحقيقيّة، والنور الحقيقيّ، ليؤكِّد للعالم أنّ الله ليس وهماً أو فكرةً أو خيالاً، بل هو كائنٌ حقيقيٌّ موجودٌ تجسّد فصارَ يُرى ويُلمَس، تحدّث مع الناس والرسل، أحبّهم وعاش معهم، وترك لهم ولنا وصاياه وتعاليمه، وأتمّ التدبير الخلاصيّ بالصليب والقيامة، ليهَبَنا الحياة الأبديّة التي كانت عند الآب.
 
في هذه الفترة الفصحيّة نجد أن لا فرحَ يفوق فرحَ القيامة، فرحَ اكتشاف الحياة الحقيقيّة، ولا جمالَ يفوقُ جمالها، وهذا يظهر في كلِّ شيء في الكنيسة، في التراتيل البهيجة، واللباس الأبيض، والمقاطع الإنجيليّة التي تروي حدث القيامة. لكن ورغم ذلك فإنّ فرحَ المؤمن الحقّ لا ينحصر بالفرح الطقسيّ وهتافات القيامة – على جماليّتها - لأنّ حياته كلّها تكونُ فترةً فصحيّة مستمرّة، يحقّقُ فيها قيامة الربّ في حياته، وبالتالي قيامته هو من كلِّ موتٍ يشعر به، أكان مرضاً أو صعوبةً أو خطيئةً.
 
من يؤمن بالقيامة ويحياها في حياته يكتسب مع الفرح، شجاعةً لا تُفسّر وثقةً أكيدة، فيوسف الرّامي "تجرّأَ" ودخل إلى الوالي الرومانيّ بيلاطس وطلب منه جسد يسوع، والنِّسوة الحاملات الطِّيب تجرّأنَ وذهبنَ إلى القبرِ وحيداتٍ، باكراً جدّاً عند طلوع الشمس، وكنّ واثقاتٍ أنّ الربَ سيتدبّرُ أمرَهنّ وأمرَ الحجر الذي على باب القبر، ويرسلُ لهنّ من يدحرجه، وهذا ما حصل فعلاً، فقد وجدنَ الحجرَ قد دُحرِج، واكتشفنَ قيامة واهب الحياة، التي لم يَكُنّ يتوقّعنَها.
 
لذلك أيّها الأحبّاء، لا نخافنّ مشاكلَ وصعوبات هذا الدهر، ولا الضيقات الحاضرة التي نعبُرُ بها، ولا الموتَ الجسديّ، فحياتنا هي صليبٌ وقيامة في آن، ألمٌ وتعزية، ضيقٌ ورجاء، وكما دُحرِجَ الحجرُ عن باب القبر هكذا سيُدَحرِجُ الربُّ كلّ حجرٍ وكلّ صعوبةٍ في حياتنا، فلنثِق به ونتّكل عليه.
 
هلمّ بنا نبتعدُ عن خداع هذا العالم الباطل، ولنُبَكِّرَ كلّ يومٍ مع النسوة الحاملات الطيب، لنلاقيه في هدأةِ الصباحِ، نجالسه ونقرأ كلمته الإلهيّة في الإنجيل المقدّس، ونقدِّم له صلاةً من القلب، وسجوداً من الأعماق، وحياةً صالحة، هكذا نختبرُ ما اختبره يوحنّا الرسول ويوسف الرّامي والنِّسوة الحاملات الطيب، ونرى الربّ ونلمسه في تفاصيل حياتنا، ونعيش فرح القيامة ويكون فرحُنا كاملاً.
 
حاملات  الطيب

يوانّا، يوانّا، لا تزعلي، ولا تضطربي، هذا ما سمعته امرأة خوزي قهرمان هيرودس من الملاك لمّا توجّه مبشّرًا النساء حاملات الطيب اللواتي كنّ سابقًا واقفاتٍ وينظُرن حادثة الصلب من بعيد.
 
القدّيسة يوانّا زوجة خادم الملك الطاغية، هي نموذج عن النساء المتزوّجات اللواتي كنّ يتبعنَ الرّب يسوع ويخدمنه من أموالهنّ في فترة بشارته. لقد عرفت السيّد وسمعت حلاوة كلماته ونظرت رقّة تعامله مع البشر المرذولين والمضطهَدين ومدى تحنّنه على الخطأة. وقد لمست لمس اليد مستوى القهر والتعذيب الذي أصابه فقط لكونه أحبّ البشر حتّى الموت، موت الصليب.
 
هذا الحدث جعلها غير محتملة لحدث الصلب لذا كانت تنظر إليه من بعيد، وقلبها ينزف حزنًا عليه وشوقًا لبقائه، لأنّ وجوده فرح لقلبها وأمان وسلام لعائلتها.
 
 تجاسرت القدّيسة ربّما لكونها بمعيّة سائر القدّيسات أن تتوجّه إلى القبر لتتميم خدمتها بتطييب جسد الرب، لكنّ جسارتها تحولت إلى حيرة عندما عاينت الحجر الكبير على باب القبر مدحرجًا، وإلى خوف ورعدة حينما لم تجد جسد السيّد.
"لِمَ تطلبن الحيّ بين الأموات؟" كلمات ربّما لم يتقبّلها العقل لأنّ موت المعلّم من نظام الطبيعة، وأمّا القلب فكان يشعر بها لأن "حيث يشاء الله يُغلب هذا النظام، فكيف إذا كان الميت هو نفسه معطي الحياة؟!
 
كان طريق ذهاب يوانّا إلى القبر مملوءًا بكاءً وحسرةً وقلقًا وخوفًا، وأمّا طريق عودتها بعد لقاء الملاك فأضحى فرحًا وتمجيدًا وقوّةً على البشارة بأنّ المسيح قد قام بذات سلطانه، وقدرةً على تحمّل استهزاء الذين هم معتَبرون أتباع المسيح الذين اعتبروا القول بالقيامة أشبه بالهذيان.
 
نتعلّم من أمثال هؤلاء القدّيسات أنّ الخدمة المقدّسة المجانيّة للمحتاجين والمساكين والمساجين والمضطهدين تتطلّب حبًّا وبَذلاً وتضحية، ويمكن أن تصادف مواقف محفوفة بالأخطار أو بالضيقات أو حتّى استهزاء من قومٍ كنتم تعوّلون على دعمهم لكن مهما كانت المشاكل التي تعترضنا كبيرة بمقدار حجر القبر تبقى قوّة القيامة فينا أقوى، وكحاملات الطيب يبقى فينا الرجاء ببزوغ يوم الفرح الآتي من لدن الرّب القائم من بين الأموات، فإنّ المسيح قد قام
 
أخبارنا
+ صدور كتاب صنوج التهليل الجزء الثالث

صدر الجزء الثّالث من سلسلة كتب صنوج التهليل للأب نقولا مالك، ويحتوي على ما يُرَتّل في صلاة الغروب.
قَدّم له الميتروبوليت أفرام الجزيل الاحترام وهو من توزيع جوقة الأبرشيّة.
 
سعره 4.5$ وسعر الجملة 4$. للحصول عليه داخل لبنان أو خارجه يرجى التواصل معنا على صفحة الفايسبوك أو على البريد الالكتروني choir@archtripoli.org.  سيكون متوفّرًا أيضًا في المكتبات والأديار ودار المطرانيّة في طرابلس.