الأحد 29 أيار 2022


الأحد 29 أيار 2022


25 أيار 2022

الأحد 29 أيار 2022

العدد 22
أحد الأعمى 
اللحن الخامس، الإيوثينا الثامنة
 

أعياد الأسبوع:
29: الشّهيدة ثاودوسيّا، ألكسندروس رئيس أساقفة الإسكندريّة، 30: البارّ إسحاقيوس رئيس دير الدلماتن، البارّة إيبوموني، 31: الشّهيد هرميوس،1: وداع الفصح، الشّهيد يوستينوس الفيلسوف، 2: خميس الصعود الإلهيّ، نيكيفورس المعترف رئيس أساقفة القسطنطينيّة، 3: الشّهيد لوكليانوس، الشّهيدة بافلا، 4: مطروفانس رئيس أساقفة القسطنطينيّة، مريم ومرتا أختا لعازر.
 
أحدُ الأعمى
 
قال الربّ لجميع الشعب "أنا هو نورُ العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نورُ الحياة" (يوحنا 8: 12).
ولما جاء يسوع الى الناصرة حيث كان قد تربّى ودخل المجمع قرأ مقطعاً من أشعيا النبي قائلاً: "روح الربّ عليّ لأنّه مسحني لأبشّرَ المساكين، أَرسلَني لأَشفي
المنكسري القلوب، لأُناديَ للمأسورين بالأطلاق ولأُعيدَ البصرَ للعميان وأُرسلَ المنسحقينَ إلى الحرّية" (لوقا 4: 18).
 
التعليم الأساسيّ الذي نستخلصه من قصّة شفاء الأعمى هو الوارد في الآية (يو 9: 39) التي تأتي بعد رواية قصّة الأعمى: "لدينونةٍ جئتُ أنا الى هذا العالم لكي يبصرَ الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون.
 
يقول القدّيس أفرام السريانيّ (+ 373) "لقد مسحَ يسوعُ عينَيِ الأَعمى حتى يطهّر لدى الشعب عمى قلوبهم. فيسوعُ طَلى عينَيِ الأعمى وطلب اليه الإغتسالَ في بركة سلوام"، التي ترمز إلى بركة المعموديّة. الذين كانوا يرَون النورَ المادّيَّ كانَ يَقودُهم بالحقيقة أعمى يرى نورَ الروح.
 
الأعمى الذي لا يَرى يقودُ الذين يرَونَ خارجيًّا ولكنّهم كانوا في الروح عميانًا... والغاية من كلّ هذه القصّة هي شفاء الشعب من عمى قلوبهم، من الشرّ، من الخطيئة والفساد.
 
في العهد القديم كان يقال: "أنا الربُّ إلهك إلهٌ غيورٌ أُعاقِبُ إثمَ الآباء في البنين إلى الجيل الثالث والرابع... وأَصنعُ رحمةً الى ألوف من محبّيّ وحافِظِي وصاياي" (خروج 20: 5).
 
لكنّ الأنبياءَ انتقدوا هذا القولَ وأشاروا إلى مجيءِ عهدٍ جديدٍ يَدفعُ فيه كلُّ فرد ثمنَ خطيئته. يقول إرمياء مثلاً: "في تلك الأيام لا يقالُ بعدُ: إنّ الآباء يأكلون الحصرم وأسنان البنين ضرست. بل كلّ واحد بإثمه يموت..." (ارميا (31:29-30).

ويُضيف حزقيالُ النبيُّ الكلامَ ذاتَه قائلاً: "النفسُ التي تخطأ هي تموت" .
 
هذا يعني أنّ كلّ انسان مسؤولٌ عن أفعاله. الهدف من عجيبة الأعمى منذ مولده هو تمجيدُ الله وإعلان إقتراب ملكوت السموات بمجيء المسيح الذي هو النورُ الحقيقيّ.
 
+ أفرام
 مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

 
طروباريّة القيامة باللّحن الخامس

لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجُدْ للكلمة الـمُساوي للآبِ والرُّوح في الأزليّة وعدمِ الاِبتداء، المولودِ من العذراء لخلاصِنا، لأنّه سُرّ بالجسد أن يَعْلُوَ على الصّليبِ ويحتَمِلَ الموت، ويُنْهِضَ الموتى بقيامتِهِ المجيدة.
           
قنداق الفصح باللّحن الثّامن

وَلَئِنْ كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلّا أَنّكَ دَرَسْتَ قوّةَ الججيم، وقُمْتَ غالِبًا أيُّها المسيحُ الإله. وللنِّسوةِ حاملاتِ الطِّيب قُلتَ ٱفْرَحْنَ، ووهبتَ رُسُلَكَ السّلام، يا مانِحَ الواقِعين القِيام.
 
الرسالة:
أع 16: 16-34

أنتَ يا ربُّ تَحفَظُنا وَتَستُرُنا مِن هذا الجيل وإلى الأَبَد
خَلِّصْنِي يا ربُّ فإنّ البَارّ قَدْ فَنِي


     في تلك الأيّام، فيما نحن الرُّسُّلَ مُنْطَلِقُونَ إلى الصّلاةِ، ٱسْتَقْبَلَتْنَا جاريةٌ بها روحُ عِرافَةٍ، وكانت تُكْسِبُ موالِيَهَا كسبًا جزيلًا بعرافتها. فطفقت تمشي في إِثْرِ بولسَ وإِثْرِنَا وتصيحُ قائلة: هؤلاء الرِّجال هم عبيدُ الله العَلِيِّ وهم يُبَشِّرونَكُم بطريق الخلاص. وصنعَتْ ذلك أيّامًا كثيرة، فتضجّرَ بولسُ والتَفَتَ إلى الرُّوح وقال: إنِّي آمُرُكَ باسم يسوعَ المسيح أن تخرجَ منها، فخرج في تلك السّاعة. فلمّا رأى موالِيَهَا أنّه قد خرج رجاءُ مَكْسَبِهِم قبضوا على بولسَ وسيلا وجرُّوهُما إلى السُّوق عند الحُكّام، وقدّموهما إلى الوُلاةِ قائِلِين: إنّ هَذَيْنِ الرّجُلَيْنِ يُبَلْبِلانِ مدينَتَنا وهما يهودِيّان، وينادِيَان بعادَاتٍ لا يجوزُ لنا قَبُولُهَا ولا العملُ بها إذ نحن رومانيُّون. فقام عليهما الجمعُ معًا، ومزّق الوُلاةُ ثيابَهُمَا وأمروا أن يُضْرَبا بالعِصِيِّ. ولـمّا أَثْخَنُوهُما بالجراح أَلقَوهُمَا في السِّجن وأَوْصَوا السّجّانَ بأن يحرُسَهُما بِضَبْطٍ. وهو، إذ أُوصِيَ بمثل تلك الوصيّة، أَلقاهُما في السِّجن الدّاخليِّ وضبطَ أرجُلَهُمَا في الـمِقْطَرَة. وعند نصف الليل كان بولسُ وسيلا يصلِّيَان ويسبِّحان اللهَ والمحبوسون يسمعونَهُما. فحدثَ بغتَةً زلزلةٌ عظيمةٌ حتّى تزعزعتْ أُسُسُ السِّجن، فٱنْفَتَحَتْ في الحال الأبوابُ كلُّها وانْفَكّتْ قيودُ الجميع. فلمّا ٱسْتَيْقَظَ السَّجّانُ ورأى أبوابَ السِّجْنِ أَنّهَا مفتوحةٌ، اسْتَلّ السّيفَ وهَمّ أن يقتُلَ نفسَهُ لِظَنِّهِ أَنّ المحبوسِينَ قد هَرَبُوا. فناداهُ بولسُ بصوتٍ عَالٍ قائِلًا: لا تعمَلْ بنفسِكَ سُوءًا، فإِنّنا جميعَنَا هَهُنَا. فطلبَ مصباحًا ووثَبَ إلى داخلٍ وخَرّ لبولسَ وسيلا وهو مُرْتَعِدٌ، ثمّ خرجَ بهما وقالَ: يا سَيِّدَيّ، ماذا ينبغي لي أَنْ أَصْنَعَ لكي أَخْلُصَ؟ فقالا: آمِنْ بالرّبِّ يسوعَ المسيحِ فَتَخْلُصَ أنتَ وأهلُ بيتِك. وكَلَّمَاهُ هو وجميعَ مَنْ في بيتِهِ بكلمةِ الرّبِّ، فَأَخَذَهُمَا في تلكَ السّاعةِ من اللّيْلِ وغسلَ جراحَهُمَا وٱعْتَمَدَ من وقتِهِ هو وذووهُ أَجْمَعُون. ثمّ أَصْعَدَهُمَا إلى بيتِه وقدّم لهما مائدةْ وابْتَهَجَ مع جميعِ أهلِ بيتِه إذ كانَ قد آمَنَ بالله.
 
الإنجيل:
يو 9: 1-38
 

في ذلك الزّمان، فيما يسوعُ مُجْتَازٌ رأى إنسانًا أَعْمَى منذ مَوْلِدِه، فسألَهُ تلاميذُه قائِلِين: يا رَبُّ، مَن أَخطَأَ أهذا أَمْ أبواهُ حتّى وُلِدَ أعمَى؟ أجاب يسوعُ: لا هذا أخطأَ ولا أبواه، لكن لتظهَرَ أعمالُ اللهِ فيه. ينبغي لي أنْ أعملَ أعمالَ الّذي أرسلَنِي ما دامَ نهارٌ، يأتي ليلٌ حين لا يستطيع أحدٌ أن يعمل. ما دُمْتُ في العالَمِ فأنا نورُ العالَم. قالَ هذا وتَفَلَ على الأرض وصنع من تَفْلَتِهِ طِينًا وطَلَى بالطِّين عَيْنَيِ الأعمى وقال له: ٱذْهَبْ وٱغْتَسِلْ في بِرْكَةِ سِلْوَام (الّذي تفسيرُهُ الـمُرْسَلُ)، فمضى وٱغْتَسَلَ وعَادَ بَصِيرًا. فٱلجيرانُ والّذينَ كانوا يَرَوْنَهُ من قَبْلُ أنّه أعمى قالوا: أليسَ هذا هو الّذي كان يجلِسُ ويَسْتَعطِي؟ فقالَ بعضُهُم: هذا هو، وآخَرونَ قالوا: إنّه يُشْبِهُهُ. وأمّا هو فكان يقول: إِنِّي أنا هو. فقالوا له: كيف ٱنفَتَحَتْ عيناك؟ أجاب ذلك وقال: إنسانٌ يُقال له يسوع صنع طينًا وطلى عينيّ وقال لي ٱذْهَبْ إلى بِركَةِ سِلْوَامَ وٱغتَسِلْ، فمضيتُ وٱغْتَسَلْتُ فأبصرتُ. فقالوا له: أين ذاك؟ فقال لهم: لا أعلم. فأتَوا به، أي بالّذي كان قبلاً أعمى، إلى الفَرِّيسيِّين. وكان حين صنعَ يسوعُ الطِّينَ وفتح عينَيْهِ يومُ سبت. فسأَلَهُ الفَرِّيسيُّون أيضًا كيف أَبصَرَ، فقال لهم: جعلَ على عينَـيّ طينًا ثمّ ٱغتسَلْتُ فأنا الآن أُبْصِر. فقال قومٌ من الفَرِّيسيِّين: هذا الإنسانُ ليس من الله لأنّه لا يحفَظُ السّبت. آخَرون قالوا: كيف يقدِرُ إنسانٌ خاطِىءٌ أن يعملَ مثلَ هذه الآيات؟ فوقعَ بينهم شِقَاقٌ. فقالوا أيضًا للأعمى: ماذا تقول أنتَ عنه من حيثُ إِنّه فتحَ عينَيكَ؟ فقال: إِنّه نبيٌّ. ولم يصدِّقِ اليهودُ عنه أنّه كان أعمَى فأبصَرَ حتّى دَعَوا أَبَوَيِ الّذي أبصرَ وسأَلُوهُما قائِلِينَ: أهذا هو ٱبنُكُمَا الّذي تقولان إنّه وُلِدَ أَعمَى، فكيف أبصرَ الآن؟ أجابهم أبواه وقالا: نحن نعلمُ أنّ هذا وَلَدُنا وأنّه وُلِدَ أعمَى، وأمّا كيف أبصرَ الآن فلا نَعلَمُ، أو مَنْ فتحَ عينَيه فنحن لا نعلَمُ، هو كامِلُ السِّنِّ فٱسأَلُوهُ فهو يتكلّمُ عن نفسه. قالَ أبواه هذا لأنّهُمَا كانا يخافان من ٱليهود لأنّ اليهودَ كانوا قد تعاهَدُوا أنّهُ إِنِ ٱعتَرَفَ أحَدٌ بأنّهُ المسيحُ يُخرَجُ من المجمع. فلذلك قال أبواه هو كامِلُ السِّنِّ فٱسألوه. فدعَوا ثانِيَةً الإنسانَ الّذي كان أعمَى وقالوا له: أَعْطِ مجدًا لله فإنّا نعلَمُ أنّ هذا الانسانَ خاطِئ. فأجابَ ذلك وقال: أَخَاطِئٌ هو لا أعلم، إنّما أعلم شيئًا واحِدًا، أَنِّي كنتُ أعمَى والآن أنا أُبْصِرُ. فقالوا له أيضًا: ماذا صنع بك؟ كيف فتح عينَيك؟ أجابهم: قد أَخبَرتُكُم فلم تسمَعُوا، فماذا تريدون أن تسمَعُوا أيضًا؟ أَلَعَلّكُم أنتم أيضًا تريدونَ أن تصيروا له تلاميذَ؟ فَشَتَمُوهُ وقالوا له: أنتَ تلميذُ ذاك. وأمّا نحن فإِنّا تلاميذُ موسى، ونحن نعلم أنّ اللهَ قد كلّمَ موسى. فأمّا هذا فلا نعلم مِن أين هو. أجابَ الرّجلُ وقال لهم: إنّ في هذا عَجَبًا أَنّكُم ما تعلَمُونَ من أين هو وقد فتح عينَيّ، ونحن نعلمُ أنّ اللهَ لا يسمَعُ للخَطَأَة، ولكنْ إذا أَحَدٌ ٱتّقَى اللهَ وعَمِلَ مشيئَتَهُ فله يستجيب. منذ الدّهرِ لم يُسمَعْ أَنّ أَحَدًا فتحَ عينَي مولودٍ أعمى. فلو لم يَكُنْ هذا من الله لم يَقْدِرْ أن يفعلَ شيئًا. أجابوه وقالوا له: إِنّكَ في الخطايا قد وُلِدْتَ بجُملَتِكَ، أَفَأَنتَ تُعَلِّمُنَا؟ فأَخْرَجُوهُ خارِجًا. وسَمِعَ يسوعُ أَنّهُم أَخْرَجُوهُ خارِجًا، فَوَجَدَهُ وقال له: أَتُؤمِنُ أَنتَ بِابنِ الله؟ فأجابَ ذاك وقالَ: فَمَنْ هو يا سَيِّدُ لأُؤْمِنَ به؟ فقال له يسوعَ: قد رَأَيتَهُ، والّذي يتكلّمُ معكَ هوَ هُو. فقال: قد آمَنْتُ يا رَبُّ وسَجَدَ له.
 
في الرسالة
 
في رسالة اليوم، تَبرز صورة المرأة العرّافة وهي تَتبع بولس الرسول، صارخةً مُعلنةً أنّه ورفاقه ينادون بطريق الخلاص. إنّ الشيطان الساكن في المرأة، كان هدفه نيل ثقة بولس من خلال الاعتراف الخارج من فمها، فيحصد بذلك ثقة المؤمنين ليعمل بعدها على تضليلهم وإبعادهم عن البشارة.
 
طبعًا إنّ رسول الأمم، الذي لا يؤمن البتّة بوجود آلهةٍ سوى الربّ يسوع المسيح "نعلم أنّ ليس وثنٌ في العالم وأنّ ليس إله آخر إلّا واحدًا" (1كو 4:8)، كان عالمًا بِحيَل الشيطان، خبثه ومكره "لئلّا يطمع فينا الشيطان لأنّنا لا نجهل أفكاره" (2كو 11:2). وبما أنّه لا يمكن لأحد أن يشهد للربّ يسوع إلا بنعمة الروح القدس، فالرسول لن يقبل الشهادة من فم الشيطان ولكنّه تركه يعمل لعدّة أيّام ومن ثمّ أمره بالخروج من المرأة باسم يسوع المسيح ليبرهن للجموع كذبه وخداعه، وحتى لا يختلط بأذهانهم أنّ البشارة المسيحيّة لها علاقة بالعرّافة الشيطانيّة.
 
عَمِل بولس ورفاقه في مدينة فيليبي عدّة أيّام دون أن يتعرّض لهم أحد، ولكنْ بمجرّد طرده للروح الشرّير من المرأة تحرّك أسيادُها لأنّهم خسروا مصدر رزقهم، فهم كانوا يفضّلون بقاءها في قبضة الشرّير على أن يخسروا ربحهم. أسيادٌ أعماهم حبُّ المال عن قبول العمل التبشيريّ "لا تقدرون أن تخدموا الله والمال" (مت 24:6)، فساقوا بولس مع سيلا إلى السجن، حيث تعرّضا للضرب والإهانة، ولكنّ قيود الجسد لم تنل من ثباتهما وعزيمتهما، فتمسّكا بالصلاة والتسبيح مؤمنَين أنّ آلامهما هي تعبير عن شراكة محبّة مع المسيح.
 
مع ثبات الرسول ورفيقه وعدم الشكّ بِتَخَلّي السيّد عنهما، تزلزلت أساسات السجن وانفكّت القيود. وأمام حرص بولس على حياة السجّان تظهر الطهارة والمحبّة المسيحيّة الخالصة الحريصة على الإنسان وخلاصه. وأمام ما حصل انحلّت قيود الموت عن قلب السجّان فصار ينبض بعشق الخلاص وكيفيّة بُلوغِه. فلَم يَتَوانَ عنِ اقتبال سرّ المعموديّة هو وأهل بيته، لأنّ مسألة الخلاص لا تحتمل التأجيل فالإنسان لا يعرف في أيّة ساعة يأتي الختن.
 
وفي الخلاصة تَبرز ثلاث مواقف:
 
- الشرّير الذي يَفتقر إلى القوّة والسلطة ويسعى للحصول عليهما من خلال سيطرته على الإنسان الذي يَسمح له بذلك.
- الإنسان المقيّد بحبّ المال والأهواء فيعجز عن إدراك نعمة الايمان.
- الإنسان الذي يسمح للنعمة أنّ تمسّ قلبه وعقله فيرتفع عن الماديّات ساعيًا لبلوغ الخلاص.
 
صلاة النياحة أو التريصاجيون للراقدين
 
            إنّ الطلبة من أجل الراقدين هي تقليدٌ قديمٌ وثابتٌ في الكنيسة، فالله ”لَيْسَ هُوَ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحيَاءٍ، لأَنَّ الجميعَ عِندَهُ أَحياء" (لوقا ٣٨:١٠). كما يوضح لنا مثل لعازر والغنيّ، بحسب الرّسول لوقا الإنجيليّ في الإصحاح السّادس العشر! فالحياة تستمرّ عبورًا بالموت، والذين يُغادرون هذا العالم يُحافظونَ على صلتهم مع أعضاء الكنيسة الذين هم على الأرض، بالمحبّة المشتركة للمسيح. هذه المحبّة تجمع المؤمنين في وحدة، لأنّ الكنيسة واحدة، ورأسها هو المسيح.
 
والكنيسة تسلّمت من الرسل القدّيسين أهمّية إقامة ذكرانيّات وتقدمات، من أجل إخوتنا الذين سبقونا إلى حيث لا وجع ولا حزن ولا تنهّد بل حياةٌ لا تفنى! يطلب تقليد الكنيسة الرسوليّ كتابة أسماء الرّاقدين على لوحة، والتي تُسمّى ذبتيخا، عليها تُكتب أسماء الرّاقدين الأرثوذكسيّين، والذين عمّروا كنائس الله، وجميع الشعب، هذه التي يذكرها الشمّاس في كلّ القداس بعد بواجب الاستئهال!
 
            يوضح لنا القدّيس سمعان الذي من تسالونيكي، المعنى الرّوحيّ لإقامة ذكرى اليوم الثالث، لأنّ الإنسان حصلَ على وجوده من الثّالوث الأقدس، وبموته سوف يتغيّر ويعود إلى جماله الأوّل الذي كان عليه قبل المعصية. واليوم التّاسع هو من أجل أن تنضمّ روحه عديمة الهيولى إلى مصفّ الطّغمات الملائكيّة التسعة، والأربعين هو رمزٌ لصعود المخلّص الذي حدث بعد أربعينَ يومًا للمثول أمام الرّب. كما تشدّد الكنيسة على أهمّيّة إقامة ذكرانيّة لمَن رقدوا بحسب ما ورد أعلاه، بالإضافة إلى ذكرانيّة كلّ ثلاث وستّة وتسعة أشهر حتّى العام، وفي كلّ قداس إلهيّ حتّى انقضاء الدّهر.

            ذكر الأموات في كلّ قدّاس إلهيّ هوَ عمل رحمة من الكنيسة، وبخاصّةٍ عندما يضع الكاهن أجزاء الراقدين إلى جانب الحمل الإلهيّ، ووالدة الإله، وجميع القدّيسين، والأحياء، حيث سيغتسلون جميعاً بالدم الإلهيّ في الكأس المقدّسة، حيث الجسد الكلّي القداسة ودم ربنا يسوع المسيح يهبنا التقديس والغفران، عندما يقول الكاهن: ”اغسِل يا ربّ خطايا عبيدك المذكورين ههنا بدمك الكريم المقدّس بشفاعات والدتك وجميع قدّيسيك“.
 
            أمّا تحديد إقامة الذكرانيات، فهذا موضوع آخر، ولئن اعتمدَتِ الكنيسةُ التدبيرَ في ذلك، وسمحت بإقامتها يوم الأحد. إلّا أنّ الكنيسة في الأصل قد خصّصت كلّ سبت من سبوت السّنة لإقامة الذكرانيّات، وعمل القمح المسلوق المعروفة بالكوليفا، كما تشهد أديار جبل آثوس، والعديد من الرعايا، أقلّه في بلاد اليونان وباقي البلاد الأرثوذكسيّة.

أمّا يوم الأحد فقد ميّزته الكنيسة كونه يوم القيامة، بالتالي لا أموات فيه بحسب الكنيسة، إنّما الجميع قائمون. وذلك لأنّ يوم الأحد هو اليوم الثامن الذي يرمز إلى نهاية جميع الدهور، اليوم الذي لن يكون فيه أحياء أو راقدون، بل كلُّنا قائمون مع المسيح الغالب! هذا هو المعنى الرّوحيّ الذي يجب أن تتدرّب الكنيسة إكليروسًا وشعبًا عليه!
 
            أخيرًا، الكنيسة لا تقوم على التدبير وحده، بل هي سفينةٌ بمجذافَين، الأوّل هو التقليد الشريف المقدّس المسلّم مرة واحدة للقدّيسين (يهوذا ٣:١)، والثاني هو التدبير التي تسمح به كعمل رأفة لإخوتنا الضّعفاء، حتى لا يكون هناك أيّ سبب لعثرةٍ ما أو شكّ ما لأيٍّ من أبنائها. والسلام!
  
أخبارنا
+ سيامة كاهن في رعية شكا

 
ترأّسَ سيادةُ الميتروبوليت أفرام (كرياكوس) راعي الأبرشيّةِ القُدّاسَ الإلهيَّ الذي أُقِيمَ في كنيسةِ تَجَلّي الربّ – شكّا وذلك صباحَ السبت الواقع فيه 14 أيار 2022 شاركَ في القُدّاسِ لَفيفٌ مِنَ الكهنةِ وَحَشْدٌ مِنَ المؤمنين، ورَسَمَ سِيادتُهُ الشمّاسَ نقولا الشامي كاهناً، وفي العِظَةِ هَنّأَ سيادتُه الكاهنَ الجديدَ مشيراً إلى دَورِ الكاهن والتضحيات التي يقدّمُها لأبناء رعيّتِه.
 
ومِمّا جاء في كلمته:
 
"أيّها الأحبّاء، في هذا الموسم القياميّ وفي هذه الكنيسةِ المقدّسة، كنيسةِ التجلّي الإلهيّ، أقمنا هذه الرسامة الكهنوتيّةَ للأب نقولا الشامي على هذه الرعيّة المباركة من الله، وببركةِ كاهنِها ومجلسِ رعيّتِها... ما هو هذا السرّ العظيم، سر الكهنوت، ماذا وراءه ما هي قيمته السرّيّة؟  الرسامة تبدأ بهذه الجملة المميّزة التي فيها يصرخ رئيس الكهنة قائلاً: النعمةُ الإلهيّةُ التي في كلّ حين للمرضى تشفي وللناقصين تُكمّل، هي التي تنتدبُ هذا الإنسان الخادم لدرجة الكهنوت. القضيّةُ هي نعمةُ الله التي تنزل على الناسِ...
 
            مَن هو الكاهن؟ ولماذا يناديه الشعب المؤمن: أبونا؟ إنّهُ أبٌ، ولكنّه أبٌ روحيٌّ لا جسديّ... لديه النعمةُ الإلهيّةُ التي تشفي المرضى. يقولُ الذهبيُّ الفم: "الكنيسةُ هي مَشفى". ويقولُ القدّيسُ غريغوريوس اللاهوتيّ، "الذي لا يُطَبِّبُ نفسَهُ لا يستطيع أن يطبّبَ الآخَرين".
 
الذي لا يُطَهِّرُ نفسَهُ لا يستطيع أن يُطَهِّرَ الآخَرِين. الكاهنُ أيقونةٌ للمسيح وليس لأحدٍ غيرِه. كما يقول الربُّ في إنجيلِ يوحنّا: "الرّاعي الصالحُ هو الذي يبذلُ نفسه من أجل الخراف".
 
            وعن الأُبُوّةِ يوضحُ لنا بولسُ الرسول: "وإنْ كان عندكم كثيرٌ من المُرشِدِين، ولكنْ ليسَ لكم آباءٌ كثيرون، لأنّي أنّا الذي ولدتُكم في المسيحِ يسوع".
 
هذه هي المهمّة الأساسيّة للكاهن: أن يَلِدَ الآخرين بالمسيح وليس بغيرِ المسيح. يُوصي بولسُ الرسولُ تلميذَهُ تيموثاوس بأن يكونَ قُدْوةً للمؤمنين كما أنّ المسيحُ هو مِثالٌ لنا...
 
لذلك أيّها الأحبّاءُ نحن نتوجّه إلى هذا الاِبنِ الحبيب ونقول له: لا تنسَ أحبّاءَك أوّلاً، قَبْلَ نفسِك، لا تنسَ مَن أوصانا بِك، الأبَ إبراهيم، رعيّتَك، عائلتَك كلَّها، لا تنسَ المسيحَ أوّلاً وأخيرًا. أنا لا أُوصِيكَ أن تكون مُحِبًّا فقط، بل أن تكون أيضًا متواضعًا. تواضعْ تَنجَحْ وَتُثمِرْ وَتَخلُصْ بالمسيحِ يسوعَ مُخلِّصِنا الأَوحَد. آمين.