الأحد 26 حزيران 2022

الأحد 26 حزيران 2022

22 حزيران 2022
الأحد 26 حزيران 2022
العدد 26
الأحد الثاني بعد العنصرة

 اللحن الأوّل، الإيوثينا الثانية
 
أعياد الأسبوع:
 
26: البارّ داوود التّسالونيكي، تذكار جامع للآباء الآثوسيّين، 27: البارّ شمشون مضيف الغرباء، يوانّا امراة خُوزي، 28: نقل عظام كيرُس ويوحنّا العادمَي الفضّة، 29: بطرس وبولس هامتا الرُّسل، 30: تذكار جامع للرسل الاِثني عشر، 1: الشهيدان قزما وداميانوس الماقتا الفضّة، 2: وضع ثوب والدة الإله في فلاشرنس.
 
التخشّع والتواضع

التخشّع أو الاِنسحاق رفيقٌ للتوبة والتواضع والطهارة.
القلبُ الخاشع المتواضع لا يرذله الربّ Coeur brisé et humilié
 
عدم التخشّع يَنتُجُ عَنِ التَّهاوُنِ والكَسل، ويأتي أحياناً (التخشّع) دواءً لهما وأحياناً أُخرى دواءً لليأس والقنوط وعدم الرجاء. التخشّعُ والاِنسحاقُ يساعدان كثيراً على التوبة، والربّ يُسَرُّ بالتائبين.
 
"هكذا يكون فرحٌ كبيرُ عند ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب" (لوقا 15: 1).
 
كلُّ مَن حَزِنَ وتألّم معَ أخيه الذي يُعاني، يُطهّرُ نفسَهُ مِن خطاياه. كلُّ مَن تواضعَ ارتفع، وكلُّ مَن تخشّعَ وانسحقَ يُشفى من ضعفاته.
 
يقول القدّيس أفرام السريانيّ:"تعالوا نسجد بِتَخَشُّعٍ وقلبٍ متواضع avec recueillement et Coeur brisé humilié  مكسور منسحق.
 
لأنّ اللهَ صالحٌ وشَفُوقٌ وهو يُحبُّ التائبين... إنهَضْ إذاً قليلاً من النوم أيّها الإنسانُ المتهاوِن! افتَحْ فمَكَ وتوسَّلْ إليه، تضرّع باستمرارٍ وَابْكِ. اهرُبْ مِنَ الجُبن. أَحبِبِ الوَداعةَ وارغَبْ في الإمساك. جاهِدْ في الهدوءِ ومارِسِ الترتيل. أحبِبِ اللهَ مِن كُلِّ نفسِكَ كما أحبَّك. كُنْ هيكلاً لله فيَسكنَ فيك العَلِيّ. لأنّ النفس التي تحوي الله تصبحُ هيكلاً للإله القدّوس الطاهر".

"لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوّات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علوّ ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبّة الله التي في المسيح يسوع ربّنا". (رو 8: 38-39).
 
                                                                                              + أفرام
                                                                                مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
طروباريّة القيامة باللحن الأوّل
إنّ الحجر لمّا خُتم من اليهود، وجسدك الطاهر حُفظ من الجند، قمتَ في اليوم الثالثِ أيّها المخلّص مانحاً العالم الحياة. لذلك، قوّاتُ السماوات هتفوا إليك يا واهب الحياة: المجدُ لقيامتك أيّها المسيح، المجدُ لمُلككَ، المجدُ لتدبيرك يا مُحبَّ البشر وحدك.
 
القنداق باللحن الرابع
يا شفيعة المَسيحيّين غَيرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِقِ غيرَ المردودةِ، لا تُعرِضي عَنْ أصواتِ طلباتنِا نَحنُ الخَطأة، بَل تداركينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالِحة، نحنُ الصارخينَ نحوَكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعة، وأسرِعي في الطلبةِ يا والدةَ الإلهِ المتَشفّعةَ دائمًا بمكرِّميك.
 
الرسالة رو 2: 10-16

لتكُن يا ربُ رحمتُكَ علينا   ابتهجوا أيُّها الصدّيقون بالرب
يا إخوةُ، المجدُ والكرامَةُ والسلامُ لكلِّ مَن يفعَلُ الخيرَ مِنَ اليهودِ أوّلًا ثُمَّ من اليونانيّين، لأنَّ ليسَ عندَ اللهِ محاباةٌ للوجوه. فكلُّ الذين أخطأُوا بدونِ الناموسِ فبدون الناموس يهلِكُون وكلُّ الذين أخطأُوا في الناموسِ فبالناموسِ يُدانون، لأنَّهُ ليسَ السامِعونَ للناموسِ هم أبراراً عندَ الله بل العامِلونَ بالناموسِ هم يُبرَّرون. فإنَّ الأممَ الذينَ ليسَ عندهم الناموس إذا عملوا بالطبيعة بما هو في الناموس فهؤلاء وإنْ لَم يَكُنْ عندَهُمُ الناموسُ فَهُم ناموسٌ لأنفسِهم. الذين يُظهِرونَ عملَ الناموسِ مكتوبًا في قلوبِهم، وضَميرُهم شاهدٌ، وأفكارُهم تَشكُو أو تَحتَجُّ فيما بينها، يومَ يدينُ اللهُ سرائرَ بحسَبِ إنجيلي بِيَسُوعَ المسيح.
 
الإنجيل: متى 18:4-23
(متى 2)

في ذلك الزمان، فيما كان يسوع ماشياً على شاطئ بحرِ الجليل رأى أخَوَين وهما سمعانُ المدعوُّ بطرسُ وأندَراوسُ أخوهُ يُلقيانِ شبكةً في البحر (لأنَّهما كانا صيَّادَين). فقال لهما هلمَّ ورائي فأجعلَكما صيَّادَيِ الناس. فللوقتِ تركا الشباكَ وتبعاهُ. وجاز من هناك فرأى أخَوَينِ آخرَينِ وهما يعقوبُ بنُ زبَدَى ويوحنّا أخوهُ في سفينةٍ معَ أبيهما زبَدَى يُصلِحانِ شباكَهما فدعاهما. وللوقتِ تركا السفينَةَ وأباهُما وتبعاهُ. وكانَ يسوع يطوفُ الجليلَ كُلَّه يُعلِّمُ في مجامعِهم ويكرزُ ببشارةِ الملكوتِ ويَشفي كلَّ مرضٍ وكلَّ ضُعفٍ في الشعب.
 
في الإنجيل
المسيح يختار تلاميذه:


 يدعو الربُّ يسوع في هذا الإنجيل تلاميذَهُ الأوَّلِين أندراوس، المدعُوَّ أوّلاً، وأخاه سمعان بطرس ومِن ثَمَّ يعقوب ويوحنّا ابنَي زبدى، وكانوا صيّادِين... يسوع هو الذي اختارهم وليس هم من اختاروه ..."لستم أنتم اخترتموني بل أنا اخترتُكم، وأقمتُكم لتذهبوا وتأتوا بثمر، ..." (يو15 : 16). وذلك على عكس العادة اليهوديّة حيث التلميذ يختار معلّمه. نراه يختارهم:
 
-           أوّلاً مِن عامّةِ الشعب، وليس من المتعلّمين، لأنّ مقاييس الربّ تختلف عن مقاييس أهل العالم. "لأنّه كما عَلَتِ السماوات عن الأرض، هكذا عَلَتْ طُرُقي عن طُرُقِكم وأفكاري عن أفكاركم" (إش55 : 9)...
 
-           ثانيًا يختارهم صيّادِي سمك، لأنّه يرى بحكمته أنّ صفات صيّاد السمك تتناسب مع صفات "صيّادِي الناس"، وبالتالي دعوة يسوع أبقت التلميذ محافظًا على خصوصيّاته...
 
ما هي الأمور المشتركة بين صيّاد السمك وصيّاد الناس (المبشّر)؟
 
مقارنةً مع الصيد، نرى أنّ هناك قاسمًا مشتركًا. فصيّادُ السمك يجمع السمك في شبكة واحدة، ولديه معرفة في أمور الصيد، معرفة في البحر وأحواله، وأيضًا معرفة في السمك وأنواعه وأماكن تواجده، في عاداته ومراعيه، والطعم المناسب لكلّ نوع من أنواع السمك، والأوقات الملائمة للصيد، ليكون صيادًا ماهرًا.
 
أمّا صيّاد الناس فيجمع الناس في كنيسة واحدة، ولديه معرفة في البشارة، وفي أمور البشر، أحوالهم، رغباتهم، اهتماماتهم، آلامهم...، لكي يستطيع أن يخاطبهم بما يتناسب مع شخصيّتهم ويدعوهم بلغتهم التي يعرفونها ويصطادهم للمسيح ...

ما هي أهمّ الصفات والخصائص التي تجمع بين صيّاد السمك وصيّاد الناس (المبشّر)؟
 
مِن أهمّ صفاتِ وخصائصِ صيّادِ السَّمَكِ الماهرِ الجَلادة: ضِدّ الريح، ضِدّ المطر، ضِدّ الأمواج.. أن تكون لديه مقدرةٌ على السَّهَرِ لِصَيدِ الليل، أن يتمتّعَ بالصبرِ وتَحَمُّلِ الأوقاتِ الطويلة والانتظار أحيانًا تحت المطر، وأحيانًا تحت الشمس، يتحمّلُ بَردَ الشتاءِ وحَرَّ الصَّيف، لاِصطيادِ سمكة، وأحيانًا يعود خائبًا، ويعاودُ المحاولة في اليوم التالي...
 
هذه الصفاتُ نفسُها يجبُ أن يتحلّى بها أيضًا صيّادُ الناس، أن تكونَ لديه جَلادةٌ: على تَحَمُّلِ المَشَقّات، تَحَمُّلِ الاِضطهادات، على السَّهَر، أن يعرفَ أحوالَ البَشَرِ واهتماماتِهم، أن يتمتّعَ بالصَّبرِ عليهم، ويترقَّبَ منهم رُدُودَ أفعالٍ مختلفة: الاِستجابة، الرَّفض، الاِضطهاد... 
 
إلى ماذا يدعوهم المسيح؟
 
بَعدَ دعوةِ التلاميذ، يطوفُ يسوعُ في كُلِّ مَكانٍ ويُعلّمُ ويبشّرُ بالملكوتِ ويَشفي الشعب، وبالتالي هو يدعو أيضًا تلاميذَه لِحَملِ الرسالةِ نفسِها: التعليم والتبشير والشفاء من الأمراض والضعفات، وهذا ما فعلَهُ الرُّسُلُ بعدَ العنصرة، معَ الحفاظِ على خصائصِهم، ولكنْ أيضًا بالتخلّي والاِنسلاخِ عن أُمورٍ كثيرةٍ للتفرُّغِ للبشارة  ...
 
إنّها الدَّعوةُ نفسُها موجَّهةٌ لنا أيضًا، فَلِكُلٍّ مِنّا خصائصُ ومواهبُ مختلفة، البعضُ هو معلّم، مهندس، عامل، موظّف، طبيب، ممرّض، محاسب، محامٍ... هذه الخصائص تتكاملُ معًا في خدمة البشارة، كُلٌّ مِن مَوقعِهِ، للعمل في حقل الربّ، في الكنيسة، في الرعيّة، في البيت، في مركز العمل...
 
فهل نحن نستعمل الخصائص والمواهب التي أعطاها الربّ لنا في خدمة البشارة؟
 
زمن الضيقات والإيمان
 
لقد سَمَحَتْ لي الظروف المجيء إلى لبنان من بلاد الاِغتراب للاِطمئنان على صحّة الأهل في ظلِّ تردِّي الأوضاع الاقتصاديّة. قد يجوز التكلُّم الكثير عن هذا الوضع الاقتصاديّ المُتَأَزِّم وخطر المجاعة الذي يُهدِّد بلدان العالم الثالث في العموم ما بعد جائحة الكورونا.
 
 ولكنّي أردتُ إبداء وُجهة نظر مُغترب عن رؤية نصف الكوب المُمتلئ وليس النصف الفارغ.
 
ربّما قد تغيّرَتْ طريقة أو نمط حياة مُعظم اللبنانيّين بعد انهيار العملة الوطنيّة وفقدان 90% من قيمتها الشرائيّة مُقارنةً بالعملات الأجنبيّة. فانتقل هذا الشعب الكريم والمضياف من خطٍّ متوسِّطٍ للدخل الفرديّ إلى خطّ الفقر حسب تقارير الأمم المُتّحدة. لكنّنا كمؤمنين بالخلاص بيسوع المسيح وبالحياة الأبديّة، نؤمن بأنّ هذه الأزمةَ الاِقتصاديّة لا بُدّ مِن أن تمُرّ، كما مرّت سابقاتُها عبرَ التاريخ، وبقيت كنيستُنا صامدةً في وجه الاِضطهادات كما بقي شعبُنا المؤمن صامدًا في زمن المجاعات والحروب والأوبئة والزلازل وغيرها من الضيقات الاِجتماعيّة والاِقتصاديّة هنا وهناك...
 
أن تكون مسيحيًّا حقيقيًّا يعني أن تبحرَ في سفينة تلاطمها أمواج الدنيا العاتية تأتيك من شدّة رياح الأعداء في كلّ اتّجاه، فتحدث فيها ثقوبًا كثيرة. لكنّك قرّرتَ أن تكمل الرحلة بالرغم من كلّ شيء، لأنّك آمنت أنّ المسيح في وسطها وأنّك تلميذٌ لمن يستطيع أن يُهَدِّئَ العاصفةَ بكلمةٍ واحدةٍ مِن أمرِه.
 
أن تكون مسيحيًّا يعني أن تكون مرافقًا لحامل الصليب، مكشوفًا للصالبين ومستعدًّا لِكُلِّ أنواع اللطمات والضرب بالسياط ولست خائفًا لا بل مجاهرٌ وسط صيحات الظالمين.
 
أن تكون مسيحيًّا يعني أن لا تخاف الفقر، لأنّ الفقر ليس عارًا أو عيبًا لكنّك تختبره بصبرِ العارف المتيقِّن بالتعزيات الآتية من فوق …
 
"إنّ الفقر ليس عيبًا" يقول القدِّيس باسيليوس الكبير متوجِّهًا إلى الفقراء في عظته الثانية بعد أن حلّت مجاعةٌ في قيصرية كبادوكية عامَي 368-369. وقد لقّبه صديقه القدِّيس غريغوريوس النزينزي بِ "أبي الفقراء" نسبةً إلى المدينة الباسيليّة التي أنشأها لإعانة المعوزين وتثقيف الناس حينها.
 
أمّا القدِّيس باسيليوس فقد وصف المجاعة واعِظًا: "كثيرون لا يجدون ما يشربونه، وكانوا في خطر الهلاك من الظمأ... رأيتُ الحقول الجدباء القاحلة فبكيتُ بمرارة. رثيتُ حزنًا عليها فقد جافاها المطر. بعض الجذور جفّت دون أن تنبت، دفنها المحراث تحت أكوام من الأرض الجافة. والباقي بعد بداية ظهور الجذر والنبات جفّ ويبس بسبب الريح الحارّة التي هبّت عليها، حقًا إنّها تدعو للشفقة لمن يراها. هكذا فإنّ البعض يقلب كلمات الإنجيل تمامًا ويقولون، الفعلة كثيرون والحصاد شحيح..."
 
كما يجب ألّا ننسى أنّ الربّ يسوع عاش فقيرًا خلال تجسّده على الأرض قائلًا: "لِلثّعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ"، (متى 8: 20).
 
وإذا أردتُ التعمُّق والتأمُّل أكثر في نصف الكوب الممتلئ، فإنِّي أستنتج أنّ لبناننا فائق الغنى. إنّه غنيٌّ أوّلًا بشعبه الطيّب. كما هو غنيٌّ بالأديرة ومُعظمها تحمل اسم والدة الإله وكونها شفيعة المسيحيّين غير الخازية في كلِّ مكان وزمان، فهي لن تخذلنا وقت الضيقات عندما نلتجئ إليها.
 
وليست صلاة الباركليسي الاِبتهاليّةُ سوى شاهدة على ضعفنا وأسقام أجسادنا ونفوسنا متوسِّلين إليها الشفاء من الأمراض والمِحَن والتجارب. كما أنّ لبناننا غنيٌّ بالآباء الروحيّين المُستنيرين حيث ينتشر الأبناء في الوطن وفي كلِّ أصقاع الأرض مُضرِمين نار المواهب كالتراتيل البيزنطيّة والكرازة بكنيستنا الأرثوذكسيّة المُقدّسة، ومدارس التنشئة الدينيّة في سائر الأبرشيّات. أيضًا إنّ لبناننا غنيّ بسيامة الكهنة الشباب من أجل استمرار الكنيسة للأجيال المستقبَليّة وغيرها من المواهب... أليس هذا غنى كنيستنا الأنطاكيّة الأرثوذكسيّة المُقدّسة في لبنان وسوريا وبلاد الاِنتشار؟
 
قد يتساءل الفرد، ما هي الحلول لمواجهة هذه الأزمة والتحدِّيات والخوف الدائم من المستقبل القريب والبعيد؟
 
لا يبدو الأمر سهلًا وليس هناك مِن حلول سريعة وعجائبيّة، بل ننظر إلى نمط حياة روحيّة تُساعدنا على خلاص نفوسنا واقتناء السلام الداخليّ. أوّلُ هذه الحلول هو التحلِّي بالصبر، والمواظبة على الصلوات أي الاشتراك في الخِدَم والقداديس الإلهيّة مع الجماعة، والتضرُّع إلى والدة الإله والقدِّيسين في الصلوات الفرديّة وممارسة صلاة يسوع كلّ يوم، ومطالعة الأسفار المقدّسة والكتب الروحيّة، ومساعدة المحتاجين قدر المُستطاع، والعودة إلى قطاع الزراعة لِمَن هُم قادرون، بدل التلهِّي بإضاعة الوقت بوسائل التواصل الاِجتماعيّ، شاكرين الله على كلّ شيء وفي كلِّ حين. هنا لا بُدّ من التذكير بأقوال الرسول بولس عندما كان يواجه الصعوبات خلال عمله البشاريّ: "فَرِحِينَ فِي الرّجَاءِ، صَابِرِينَ فِي الضِّيْقِ، مُواظِبِينَ عَلَى الصّلاَةِ"، (رومية 12: 12).
 
أخيرًا أُنهي هذا الكلام بختام رسالة تعزية للقديس باسيليوس الكبير إلى أرملة فَقَدَت زوجها، يخاطبها وكأنّ الرسالة تحمل في طيّاتها وضعنا المُزدري قائلًا: "... كوني قدوةً صالحةً لبقيّة النساء، وفي ما تبقّى مِن وقتكِ اعملي لتكوني مُرضِيةً أمام الله، ناظرةً بعين الرجاء إلى تلك المُكافآت السماويّة التي وَعَدَ الله تعالى بها الصابرين على الضيقات حتى النهاية".
 
أخبارنا
+ رسامة الأخ الياس صافتلي شمّاسًا إنجيليًّا في دير سيّدة الناطور – أنفه:
 
نهارَ السبتِ الواقعِ فيه الرابعُ من حزيران الجاري ترأّسَ سيادةُ الميتروبوليت أفرام (كرياكوس) راعي أبرشيّتِنا صلاةَ السّحَرِ والقُدّاسَ الإلهيّ في ديرِ سيّدةِ الناطور- أنفه، بمعاونةِ بعضِ الكهنةِ، وبحضورِ حَشْدٍ من المؤمنين. تمّت في هذا القدّاس رسامةُ الأخ الياس صافتلي شمّاسًا إنجيليًّا. الشمّاسُ الجديدُ متزوّجٌ ولَهُ وَلَدان، كما أنّه ناشطٌ في حركةِ الشبيبةِ الأرثوذكسيّة، ومسؤولٌ عَنِ المَدِّ الحَرَكِيّ في مركز طرابلس.
 
جاءَ في العظةِ الّتي ألقاها سيادتُه: أُذَكِّرُكُم بكلامِ الربِّ يسوعَ الواردِ في ختامِ إنجيلِ متّى، إذْ يُعطي تلاميذَهُ الوصيّةَ الأَخيرة: "إذهَبُوا الآنَ وتَلمِذُوا كُلّ الأُمَم". كانوا يُطلقون كلمة "الأُمم" على الوثنيّين، وما أكثرَ الوثنيّينَ في عصرِنا!! "عمِّدُوهُم بِاسمِ الآبِ وَالاِبنِ والرُّوحِ القُدُس، وعَلِّمُوهُم أن يَعمَلُوا جميعَ ما أَوصَيتُكُم بِه".
 
هذه الوصيّةُ يجبُ أن يحمِلَها كُلُّ إنسانٍ يؤمنُ بالمسيح، وهي التي يَحملُها هذا الشمّاسُ الواقفُ أمامَكُم. لَهُ أن يَنقُلَ المسيحَ إلى الآخَرِينَ في هذا الوقتِ الصّعبِ الذي نَعيشُه. لقد أُعطِيَ لَهُ أن يَأخُذَ هذه الوَصِيّةَ على عاتِقِهِ بِقَدْرٍ وَضِمنَ واجباتِهِ في خِدمةِ الكنيسة وفي خدمةِ الآخَرِين، لأنّ الرّبّ يسوعَ قالَ في إنجيلِه: "لم آتِ لأُخدَمَ بل لأَخدُم".
 
المؤمنُ بالمسيحِ لا يُفكِّرُ بخدمةِ نفسِه، بل بخدمةِ الآخَرِين. والخدمةُ لا تكونُ بالمظاهر. هذه هي الدعوةُ الحقيقيّةُ العَمليّة، لا بَلِ هذه هيَ المسؤوليّةُ المُعطاةُ اليومَ لأخينا الياس الّذي تَرَبّى في بيتٍ مؤمن، وفي رعيّةٍ مؤمنة، فلنا ثقةٌ أنّه قادرٌ بنعمةِ الرّبّ، إذا أرادَ واجتهد، أن يُساهمَ في هذه الخدمة.
 
نطلبُ من الله أن يُعطيَهُ هذه النعمة. آمين.