الأحد 16 كانون الثّاني 2022
13 كانون الثاني 2022
الأحد 16 كانون الثّاني 2022
العدد 3
الأحد 29 بعد العنصرة
اللَّحن الخامس الإيوثينا الثامنة
* 16: السُّجود لسلسلة بطرس المكرّمة، الشَّهيد دمسكينوس، * 17: تذكار القدّيس أنطونيوس الكبير معلّم البريّة، الشّهيد جاورجيوس الجديد (إيوانينا)، * 18: أثناسيوس وكيرلُّس رئيسا أساقفة الإسكندريّة، * 19: البارّ مكاريوس المصريّ، مرقس أسقُف أفسس، * 20: البارّ إفتيميوس الكبير، الشّهيد إفسابيوس، * 21: البارّ مكسيموس المعترف، الشّهيد ناوفيطس، * 22: الرَّسول تيموثاوس، الشَّهيد أنسطاسيوس الفارسيّ.
رِسالَة من القدّيس أنطونيوس الكَبير
﴿باسمِ الآبِ والاِبنِ والرُّوحِ القُدُس، الإلَه الواحَد لَهُ المَجدُ إلى الأَبَد، أَنا الراهِب المُتَوَحِّد أَنطونيوس الثِّيبيّ، قَد دَخَلتُ بإرادَتي البَرِيَّة الكَبرى في سَنَةِ ٣٦٠ لميلادِ مُخلِّصنا، ومنذ ذلك الحينِ أَحيا كُلَّ يومٍ بنِعمِةِ الرَّب. تركتُ الحَضارة، وازدِهارَ المَدينَة، ورَغَدَ العَيشِ. وبعدَ فهمي أنّ العالَم إلى زَوال، تركتُ اضمحلالَ المحبَّة البشريّة والتَصَقتُ بالعِشقِ الإلَهي لأنّني لم أجِدُ كمالًا إلّا بربَّنا يَسوع المَسيح.
نحنُ في مِصرَ خَرجنا من سُلالَة حُكّامٍ ظنّوا أنّهم آلِهَة، وأنّ معرِفَتَهم العلميّة كاملة، وأنّ حُكمَهُم يدومُ إلى الأبد: تَمَلَّكُوا ونَحَتوا لأنفُسِهم تماثيل، تَسَلَّطوا لدرجة أنّهم أرادوا أن يَدفنوا معهم ما اقتَنَوْه.
الحقيقةُ تَجَلّت لنا بميلاد ربّنا، التي تَبارَكَت بِلادُنا بِزِيَارتِهِ لَها، هُو وأمُّه ويوسُف البارّ؛ ولكنَّ شعبَنا ذاكِرتُه قصيرة، والغُرور أعمى، والناسُ تَجنَح بسهولَة نحو الخطيئَة... وأمّا الشَّيطان فهو ذكيٌّ، هذا الذي حارَبتُهُ طيلَةَ حَياتي، لمَ أستطِعِ غلبه سِوى بنِعمَة الرَبّ، لِعِلمي أنّي لا أستطيع شيئًا لوحدي من دونه.
وَصَلنا تَدريجيًّا إلى مَرحَلَةِ الجُنون، والعالَمُ يقولُ اليَوم للعاقِل أَنتَ مجنون! كَم نَحنُ بِحاجةٍ للصَلاة والتوبة، تنقصنا رحمة اللّه وعنايته... تعبت من كثرة صلاتي ولكنّ رجائي كبير. قد أراني اللّه أن مَهما كَبُرت شَبَكة العَنكَبوت التي يَخِيطُها لنا الشيطان، فالمُتواضِع يَخلُص. أكتُبُ عن مَعرِفة وإدراك، ذلك أنّي أريد تَعزِيَةَ أبناء جيلي، الذين يُصارعون في العالم، ولكلّ نفسٍ تبحث عن أمل عن رجاء، عن تعزية.﴾
بالطبع هذه ليست مخطوطة مِن يَد القدّيس أنطونيوس، ولكن لو أنّها كُتِبَت حينها، لكم كانت تحاكي عصرنا اليوم ونحن بعد لم نَتَّعِظ، لم نتعلّم، ولا نُريد تصديق وتبنّي الحقيقة المُعلَنة.
المسيحُ هُوَ هُوَ، أمسِ اليومَ وإلى الأبد. العالم يزول وأمّا كلامُ الربِّ فثابت. القداسة مُمكِنَة اليَوم وكلّ يوم شَرط أن نَختارها، أن نَصنَعَ قرارًا يَقودُ ويُجدّد حَياتنا وسَنَواتها، يومًا بعد يَوم، الآنَ وكُلَّ آنٍ وإلى دَهرِ الداهرينَ، آمين.
طروباريّة القيامة باللّحن الخامس
لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجدْ للكلمة المساوي للآبِ والرّوح في الأزليّة وعدمِ الابتداء، المولودِ من العذراءِ لخلاصنا. لأنّه سُرَّ بالجسد أن يعلوَ على الصليبِ ويحتملَ الموت، ويُنهِضَ الموتى بقيامِته المجيدة.
قنداق دخول السيّد إلى الهيكل باللّحن الأول
يا مَن بمولدِكَ أيّها المسيحُ الإلهُ للمستودع البتوليّ قدَّسْتَ، ولِيَدَيْ سمعان كما لاقَ باركْتَ، ولنا الآن أدركْتَ وخلَّصْتَ، إحفظ رعيَّتَكَ بسلامٍ في الحروب، وأيِّد المؤمنينَ الذين أحبَبْتهم، بما أنّكَ وحدَكَ محبٌّ للبشر.
الرِّسَالة
كول 3: 4-11 (29 بعد العنصرة)
ما أعظم أعمالَكَ يا ربُّ كلّها بحكمةٍ صنعت
باركي يا نفسي الربَّ
يا إخوةُ، متى ظهرَ المسيحُ الذي هو حياتُنا فأنتم أيضًا تُظهَرون حينئذٍ معهُ في المجد. فأمِيتوا أعضاءَكم التي على الأرض، الزِنى والنجاسة والهوى والشهوة الرديئة والطمعَ الذي هو عبادةُ وثن. لأنَّهُ لأجلِ هذه يأتي غضبُ الله على أبناءِ العِصيان، وفي هذه أنتم أيضًا سلكُتم حيناً إذ كنتُم عائشين فيها. أمّا الآن، فأنتم أيضًا اطرَحُوا الكُلَّ، الغضبَ والسُخطَ والخُبثَ والتجديفَ والكلام القبيحَ من أفواهِكم، ولا يَكذِبْ بعضُكم على بعض، بَلِ اخلَعُوا الإنسانَ العتيقَ معَ أعمالِه والبَسُوا الإنسان الجديد الذي يتجدَّدُ للمعرفةِ على صورةِ خالقِه، حيثُ ليس يونانيٌ ولا يهوديٌ، لا ختانٌ ولا قلفٌ، لا بربريٌّ ولا اسكيثيٌّ، لا عبدٌ ولا حُرٌّ، بل المسيحُ هو كلُّ شيء وفي الجميع.
الإنجيل
لو 17: 12-19
في ذلك الزمان، فيما يسوع داخلٌ الى قريةٍ، استقبلَهُ عَشَرَةُ رِجال بُرصٍ، ووقفوا من بعيدٍ ورفعوا أصواتهم قائلين: يا يسوع المعلّم ارحمنا. فلمَّا رآهم قال لهم: امضوا وأَرُوا الكهنةَ أنفسَكم. وفيما هم منطلقون طَهُروا. وإنّ واحداً منهم لمَّا رأى أنّهُ قد بَرِئَ رَجَعَ يُمجِّدُ اللهَ بِصَوتٍ عظيم، وخرَّ على وجهه عند قدميه شاكراً لهُ، وكان سامريًّا. فأجاب يسوع وقال: أليس العشرة قد طُهروا فأين التسعة. ألم يوجَد مَن يَرجِعُ لِيُمَجِّدَ الله إلّا هذا الأجنبيّ! وقال له: قُمْ وامضِ. إيمانُكَ قد خلَّصَك.
في الإنجيل
في إنجيل الأحد الفائت سمعنا ما تنبّأ به إشعيا النبيّ وتحقّقَ بِظُهورِ الربّ الإلهيّ في نهر الأردنّ: "الشعبُ الجالسُ في الظلمةِ أبصرَ نوراً عظيماً، والجالسون في بقعة الموت وظلاله أشرقَ عليهم نور". (متى 4).
هذا النور العظيم أشرق اليوم على عشرة رجال برصٍ وقفوا بعيداً عن يسوع وطلبوا الرحمة من لدن الكثير الرحمة والجزيل التحنّن، صارخين بأعلى صوتهم: "يا يسوع المعلّم ارحمنا".
البَرَصُ مرضٌ له تأثيرٌ روحيٌّ في المفهوم اليهوديّ الناموسيّ، فهو تعبيرٌ عن النجاسة والاِزدراء. فالأبرص ممنوعٌ عليه في الناموس أن يَحتَكَّ أو يلامسَ أحداً من الناس، طبعاً بسبب العدوى، ولكنْ بالأحرى بسبب النجاسة. ولهذا السبب كان يُطلب مِمَّن يُشفى من البَرَصِ أن يذهبَ إلى الكهنةِ ويَنالَ منهم شهادةً تؤكّدُ أنّه طَهُر. وهذا ما طلبه الربُّ يسوع، طبيبُ النفوس والأجساد، من البُرْصِ العشرة، بعد أن رَحِمَهُم وشَفاهم، أن يَمضوا إلى الكهنة لكي يكشفوا أنفسهم لهم وينالوا تلك الشهادة التي يطلبها الناموس.
ما هو أهمّ، أنّ واحداً فقط رجع ليمجّدَ الله، وخرَّ على وجهه عند قدميه شاكراً له، وكان سامريّاً. الإيمان هو الأساس ولكنّه غيرُ كافٍ بدون شكر. شكر الله مطلوبٌ في كُلّ وقتٍ وفي كُلّ زمان ومكان.
وهذا ما نسمعه في آخر القدّاس الإلهيّ حيث يقول الكاهن: "فلنشكر الربّ شكراً دائماً" فكيف لا نشكر الربّ الذي أعطانا كلَّ شيء مجاناً؟!
لا شكّ في أنّ هذه المعجزة كان لها وقْعٌ كبيرٌ على سُكّانِ تلك القرية، إذ عَلِمُوا أنّ "المدعوّين كثيرون والمختارين قليلون". (متى 22: 14)، فجَهِدُوا كي يتحرّروا من بَرَصِ كبريائهم، ويستنيروا بنور الربّ ويقدموا له شكراناً دائماً.
ونحن أيضًا، الذين تسمّينا بِاسمِه، فَلْنطلُبْ رحمةً ولا ننسَ شكراً، بل فلنشكر الربَّ دائماً على كلّ النِّعَمِ التي منحنا إيّاها، التي نعلمُها والتي لا نعلمُها. وبهذا نكون أبناءً حقيقيّين له وارثين ملكوته الأبديّ. آمين.
القَسَم
غالبًا ما نلجأ في أحاديثنا اليوميّة، لتأكيد خبرٍ ما، أو لتثبيت صحّةِ كلامِنا، إلى استدعاء شهادة شخصٍ ما، أو إلى القَسَمِ باسم الله وقدّيسيه، الأمر الذي نهى عنه الله نفسُه في كتابَيه القديمِ والجديد، (تث 5: 11و خر20 : 7 ) "لا تنطقْ باسمِ الربِّ إلهِكَ باطلًا. لأنّ الربَّ لا يُبرئُ مَن نطقَ باسمه باطلًا"، (مت5: 33- 37)، "أيضًا سمعتم أنّه قِيلَ للقُدَماءِ لا تَحنَثْ بل أَوفِ الربَّ أقسامَك، وأمّا أنا فأقول لكم لا تَحلِفُوا البَتّةَ لا بالسماء لأنّها كُرسيُّ الله، ولا بالأرض لأنّها مَوطِئُ قدمَيه، ولا بأورشليم لأنّها مدينةُ الملكِ العظيم، ولا تَحلِفْ برأسِكَ لأنّك لا تقدرُ أن تجعلَ شعرةً واحدةً بيضاءَ أو سوداء، بل لِيَكُنْ كلامُكم نعم نعم لا لا . وما زاد على ذلك فهو من الشرّير.
هذا رأيُ الكتابِ المقدّس. لكنَّ البشر ابتدعوا أقسامًا وأيمانًا كثيرة يُورِدُونَها في أحاديثهم للتأكيد على صدقهم وصحّةِ معلوماتِهم.
إنّ أكثر ما يُرعِبُ ويُزلزلُ الكيانَ أن تسمع أحدهم يحلف بأولاده، أغلى ما في حياته، أو بعينَيه، أو بصحّته وشبابه... ماذا يريد أن يقول هنا؟ هل يضع أولاده أو بصره أو صحّته ضمانًا، أو رهنًا، أو مقابلًا لكلامه. هل يدرك أنّه بذلك يقامر بهم؟ وماذا لو خسر!
هل سيضحّي بأولاده، أو ببصره وصحّته؟
نحن نرمي الكلام من دون تفكير أو تقدير للعواقب، لنكن صادقين وحسبُنا، فهذا يكفي، كما يقول الربّ. ليكن كلامكم نعم نعم لا لا، سوف يكتشف محدِّثُونا عاجلًا أو آجلًا صدق كلامنا وسلامة معلوماتنا وسيعترفون بذلك ويحترموننا وإن لم يُقِرّوا بذلك علنًا.
إلى ذلك، فإنّ احترامَنا لذواتنا سوف يكون أكبر عندما نحرص على الصدق في كلامنا، من دون اللجوء إلى الأقسام والأيمان التي ربّما تُوحي إلينا بالثقة وقوّة الموقف، إلا أنّها في حقيقة الأمر هي سلاح الضعفاء غير الواثقين بأنفسهم.
حقًّا إنّه اختبارٌ يَخضع له الإنسان في المجتمعات البشريّة التي اعتادت استعمال القسم واليمين في أحاديثها، وهو بكلّ تأكيد يواجه صعوبة كبيرة في التخلّص من هذه العادة، بالإضافة إلى موقف التحدّي لمجتمعه الذي ينوي التحرّر من عاداته وأعرافه الخاطئة. وهنا تكمن نقطة التحوّل الحسّاسة جدًّا والمطلوبة، لا سيما من المؤمنين السامعين لكلام الربّ، المدعوّين إلى تطبيقه والعيش حسب أحكامه وتعاليمه التي وردت في جُزْأَيِ الكتاب المقدّس القديم والجديد.
هُنا لا بُدَّ مِن ذِكرِ ما يَحدُثُ في محاكم الدُّوَلِ والحكومات، حيث تلجأ هيئة المحكمة إلى الطلب من الشاهد القَسَم على كتاب يؤمن به حتّى تعترفَ بصِدقِ شهادته. وهُنا العبث الكبير وتبَدُّد المصداقيّة، لأنّه ربّما مَن يُدلي بشهادته ويقسم على هذا الكتاب أو ذاك، لا يؤمن بما ورَد فيه ولا يقيم له وزنًا في سلوكه.
ألا تقول العامّة "قالوا للحرامي احلف، قال جاءك الفرَج".
نظام المحاكم هذا هو نظام دنيويّ بَحْت، أوجدَتْهُ ظروفٌ سياسيّةٌ وقانونيّة، لا تَخلو نجاعتها من نسبيّةٍ محصورة في كُلِّ ما هو دُنيَوِيٌّ قاصرٌ عن الحلّ وبعيدٌ عن الكمال.
أمّا نحن فنقول، الربُّ إلهُنا إلهُ الحقّ، وهو القائل دائمًا: الحقَّ الحقَّ أقولُ لكم.
لِيَكُنْ كلامُنا كلامَ الحقِّ ولا شيء سواه، وما زاد على ذلك فهو من الشرّير. نجِّنا منه يا الله...
القدّيس أنطونيوس الكبير
وُلِدَ القدّيسُ أنطونيوس الكبير في مصر سنة 251 مِن أبَوَينِ مسيحيَّينِ ثَرِيَّين. تُوفِّيَ والداه باكرًا، فكان فقدانُهما صدمةً كبيرةً له، فزَهِدَ في الدُّنيا. وذاتَ يومٍ كان في الكنيسةِ يسمعُ تلاوةَ الإنجيل الشريف: "إذا أردتَ أن تكون كاملًا، فَاذهَبْ وَبِعْ ما لكَ ووزِّعْه على الفُقَراءِ والمساكين، فيكونَ لك كنزٌ في السّماء، وتعالَ اتبَعني"، فاعتبرَ هذا الكلامَ مُوَجَّهًا إليه شخصيًّا. وكانت له أختٌ وحيدةٌ، تركَ لها حصَّتَها من الميراث، وباعَ حصّتَهُ ووزَّعَها على المحتاجين، وتفرَّغَ للصّلاةِ والتأمُّلِ في كلامِ الله.
نَسَكَ أوّلًا على ضفاف النيل، ومِن ثَمَّ قصدَ عمقَ البرّيّةِ طلبًا لمزيدٍ من العُزلة. حاربَهُ الشّيطانُ بِقُوَّةٍ ولكنّه لم يستطع التغلّبَ عليه لِشدّةِ تَمَسُّكِهِ بالله.
ذاعَ صِيتُه، فصارَ لَهُ طلّابٌ كُثُر، فنَمَت حولَهُ رهبنةٌ كبيرة. ولهذا لُقِّبَ بـ "أبي الرُّهبان"، مع أنّه لم يَكُن أوّلَ راهب في التاريخ، ولكنّه أوّل مَن نجحَ في تأسيسِ نظامِ الرهبنةِ الجماعيّة. وفي الوقتِ نفسِه نجحَ في حياةِ التوحُّد.
كان يَحثُّ رُهبانَهُ على ذِكرِ الأبديّة، إذْ لا أحدَ يعرفُ متى تُطلَبُ روحُه.
كان له دورٌ كبيرٌ في تشديد عزم المسيحيّين أثناء الاضطهاد، إذ كان يتركُ عُزلتَهُ ويذهبُ ليسيرَ بين الناسِ في الشوارع ويزورَهم في المنازل ليشدِّدَهم ويصلّيَ معهم. كما لبّى دعوة القدّيس أثناسيوس الكبير عام 325م في مواجهة الهرطقة الأريوسيّة التي تنفي ألوهة المسيح، فجاء الإسكندريّةَ ووعظَ وشَهِدَ قائلًا: "الذي يتكلّمون عنه أنّه ليس إلهًا هو غيرُ المسيحِ الذي أنا أعرفُه ويعرفُني ويَعرفُ كلَّ واحدٍ منّا. فيسوعُ هو إلهٌ تامٌّ وإنسانٌ تامّ" وأكمل: "الكلام عن الرّبّ يسوع المسيح يأتي من القلب المجبول بالصلاة، وليس مِن أفكارٍ عقليّةٍ محضة، وفلسفاتٍ واستنتاجاتٍ وتحاليل".
\وقد وصف الباحثون زيارته للمدينة بِبُركانٍ زَلزلَ الأرض، إذ زحف الناس إليه ليستقبلوه وَيُهلّلوا لمجيئه، إذْ كانت قداستُهُ سَبَقَتْهُ، وكان وجهُه مُشرِقًا كالشمس، لدرجة قالوا فيه: "النور يتقدّمُه لِيَشُقَّ له طريقه".
منسكه كان مدرسةً للكلمة الإلهيّة المعاشة، يخرج منها ليلبِّيَ الواجب، وَمِن ثَمَّ يَدخلُها طالبًا الاتّحادَ بِمَعشُوقِه.
رقد بسلام عام 356م عن عُمرٍ ناهزَ المئة والخمسَ سنوات، تاركًا حركةً تَوَحُّدِيّةً مشهودًا لها.
مِن ألقابه: "كوكب البرّيّة" ، "ملاك الصحراء" ، "أبو الرّهبان".
مِن كلماته:
- رأيت فخاخ العدوِّ في الأرض لامعةً، فقلت في نفسي من ينجو منها؟ فأتاني صوتٌ من السماء يقول: المتواضع.
- حياتنا وموتنا هما مع قريبنا، فإن ربحنا قريبنا نربح الله، وإن أعثرنا قريبَنا نخطئ ضدّ المسيح.
- يأتي وقتٌ فيه يصاب البشر بالجنون، فإن رأوا إنسانًا غير مجنون، يهاجمونه، قائلين: أنت مجنون، إنّكَ لستَ مثلنا.