الأحد 13 تشرين الثاني 2022

الأحد 13 تشرين الثاني 2022

10 تشرين الثاني 2022

الأحد 13 تشرين الثاني 2022
العدد 46
الأحد 22 بعد العنصرة
اللحن الخامس، الإيوثينا الحادي عشر


أعياد الأسبوع:

13: يوحنَّا الذهبيّ الفم رئيس أساقفة القسطنطينيَّة، 14: الرّسول فيلبُس، غريغوريوس بالاماس، 15: الشُّهداء غورياس وصاموناس وأفيفس، بدء صوم الميلاد، 16: الرّسول متّى الإنجيليّ، 17: غريغوريوس العجائبيّ أسقُف قيصريّة الجديدة، 18: الشّهيدين بلاطن ورومانس، 19: النبيّ عوبديّا، الشَّهيد برلعام.

بيت العائلة والشباب

تأسّس المركز وانطلق عملُه في نيسان 2015، بعد انعقاد مؤتمر للمختصيّن من أطباء عامّين وأطبّاء نفسانيّين وكهنة وأساتذة.. 

وقد ارتأى آنذاك، بغالبيّةِ أعضائه، التركيز على قضايا العائلة والشباب نتيجة إحصاء عامّ.

هكذا تأسّس بيتُ العائلة والشباب مركزاً لنجدة العائلات في الأبرشيّة Centre de Secours، للإصغاء إلى الإنسان المتعب والتائه في صحراء هذه الحياة. لقد وُجِدَ هذا المركزُ لِيُساعدَ هذا الإنسان ليتجاوزَ صعوبات حياته على ضوء الوصايا الإنجيليّة. 

أردنا أن يكون مركزاً للرحمة كما قال الربّ "أريد رحمةً لا ذبيحة" (متى 9: 13 و12: 7).

لذلك اتّخذَ المركزُ شعارًا له "السامريّ الشَّفُوق" الذي داوى جراحَ مَن وضعَهُ الربُّ على طريق حياته، عاملاً الرحمةَ معه miséricorde (لوقا 10: 25-37).

نشير هنا إلى أنّه في البدء كان الهدفُ الموضوع للمركز هو مساعدة المؤمنين نفسيًّا وَرُوحِيَّا، وحلُّ مشاكل العائلات والشباب. لكنّ الظروفَ المادّيّةَ الصعبة الطارئة، أضافَت المساعدةَ المادِّيَّةَ بأشكالِها المختلفة إلى إهتماماته.

من أبرز أهداف مركز بيت العائلة والشباب، 

1- الاِستماع إلى العائلة أو إلى الشباب أو الى أيّ شخصٍ يقصد المركز.

2- وضع خطّة عملٍ مشتركة لِتَخَطِّي الصعوبات وتلبية الحاجة المطلوبة.

3- الإحالة إلى مراكز مختصّة صحّيّة، إجتماعيّة تربويّة، روحيّة... ومن ثمّ الإرشاد والتوجيه والتوعية وحتّى المساعدة المادّيّة، ومتابعة الأشخاص المعنيّين.

4- وخصوصًا وقبل كلّ شيء التّنسيق الوثيق مع الكهنة وأعضاء مجالس الرعايا في كلّ الحالات، وبخاصّةٍ الحالات المعقّدة، وذلك من أجل الفائدة الكاملة والجامعة في الأبرشيّة.

+ افرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

طروباريّة القيامة باللحن الخامس

لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجدْ للكلمة المساوي للآبِ والرّوح في الأزليّة وعدمِ الاِبتداء، المولودِ من العذراءِ لخلاصنا. لأنّه سُرَّ بالجسد أن يعلوَ على الصليبِ ويحتملَ الموت، ويُنهِضَ الموتى بقيامِته المجيدة.

طروباريّة القدّيس يوحنَّا الذهبيّ الفم باللحن الثامن

لقد أشرقَتِ النعمةُ مِن فَمِكَ مثلَ النار، فأنارَتِ المسكونة، ووضعتَ للعالم كنوزَ عدم محبّةِ الفضّة، وأظهرتَ لنا سُمُوَّ الاِتِّضاع. فيا أيّها الأبُ المؤدِّبُ بأقوالهِ، يوحنَّا الذهبيُّ الفم، تشفَّعْ إلى الكلمةِ المسيحِ الإله أن يخلِّصَ نفوسَنا.

قنداق دخول السيّدة  إلى الهيكل باللحن الرابع

إنّ الهيكل الكلّيَّ النَّقاوة، هيكلَ المخلّص، البتولَ الخِدْرَ الجزيلَ الثَّمن، والكَنْزَ الطاهرَ لْمجدِ الله، اليومَ تَدْخُلُ إلى بيتِ الرَّبّ، وتُدخِلُ معَها النِّعمةَ التي بالرّوح الإلهيّ. فَلْتسِبِّحْها ملائكة الله، لأنّها هي المِظلَّةُ السَّماويّة.

الرسالة: 
عب 7: 26-28، 8: 1-2
إنَّ فمي يتكلَّم بالحكمة
إسمعوا هذا يا جميعَ الأُمم


يا إخوةُ إنَّا يُلائِمنا رئيسُ كهنةٍ مثلُ هذا بارٌّ بِلا شَرٍّ ولا دنَسٍ، مُتَنزِّهٌ عنِ الخطأةِ، قد صارَ أعلى منَ السماوات، لا حاجةَ لهُ أن يُقرِّبَ كلَّ يومٍ مثلَ رؤساءِ الكهنةِ ذبائحَ عن خطاياهُ أوَّلًا ثُمَّ عن خطايا الشعب. لأنَّهُ قضى هذا مرَّةً واحدةً حينَ قرَّبَ نفسَهُ. فإنَّ الناموسَ يُقيمُ أُناسًا بِهمِ الضُّعفُ رؤساءَ كهنةٍ. أمَّا كلِمَةُ القَسَمِ التي بعدَ الناموسِ فتُقيمُ الاِبنَ مُكَمَّلًا إلى الأبد. ورأسُ الكلامِ أنَّ لنا رئيسَ كهنةٍ مثلَ هذا قد جلسَ عن يمينِ عَرشِ الجلالِ في السماوات، وهُوَ خادِمُ الأقداسِ والمسِكنِ الحقيقيِّ الذي نَصبَهُ الربُّ لا إنسانٌ. 

الإنجيل: 
لو 10: 25-37 (لوقا 8)


في ذلك الزمان دنا إلى يسوعَ ناموسيٌّ وقال مجرّبًا لهُ: يا معلِّم، ماذا أعملُ لأرِثَ الحياةَ الأبديَّة، فقال لهُ: ماذا كُتِبَ في الناموس؟ كيف تقرأُ ؟ فأجابَ وقال: أحبِبِ الربَّ الهكَ من كلِ قلبِك ومن كلّ نفسِك ومن كلّ قدرتِك ومن كلّ ذهنِك، وقريبَك كنفسِك، فقال لهُ: بالصواب أجبتَ. إعمَلْ ذلك فتحيا. فأراد أن يُزَكِّيَ نفسَهُ فقال ليسوعَ ومَن قريبي؟ فعاد يسوعُ وقال: كان إنسانٌ منحدِراً من أورشليمَ إلى أريحا فوقع بين لصوصٍ، فعَرَّوهُ وجرَّحوهُ وتركوهُ بين حَيٍّ ومَيْت. فاتَّفقَ أنَّ كاهنًا كان منحدرًا في ذلك الطريقِ، فأبصرَهُ وجاز من أمامهِ، وكذلك لاوِيٌّ وأتى إلى المكانِ فأبصرَهُ وجازَ مِن أمامِه. ثمَّ إنَّ سامِريًّا مسافِرًا مرَّ بِه فلمَّا رآهُ تحنَّن، فدنا اليهِ وضَمَدَ جراحاتهِ وصَبَّ عليها زيتاً وخمرًا وحَمَلَهُ على دابَّتِهِ وأتى بهِ إلى فندقٍ واعتنى بأمرِه. وفي الغدِ، فيما هو خارجٌ، أخرَجَ دينارَينِ وأَعطاهما لصاحِب الفندقِ وقالَ لهُ اعتَنِ بأمرهِ. ومهما تُنفقْ فوقَ هذا فأنا أدفَعُهُ لكَ عند عودتي، فأيُّ هؤُّلاءِ الثلاثةِ تَحسبُ صار قريبًا لِلّذي وقعَ بينَ اللصوص؟ قال: الذي صنعَ إليهِ الرحمة. فقال لهُ يسوعُ: امضِ فَاصنَعْ أنتَ أيضًا كذلك.

في الإنجيل

المعنى الأساسيُّ لِلمَثَلِ هو أنَّ قريبي هو كُلُّ إنسانٍ يحتاجُ إلى معونة، حتّى لو كانت هناك عداوةٌ بيني وبينَه. 

وأنَّ كُلَّ خدمة نقدِّمُها هي محسوبةٌ لنا، فالله لا ينسى مَن يُقدِّمُ كأسَ ماء.

وأنّه ليس هناك ما يسمّى بالصدفة في أن يجد الكاهنُ واللاويُّ والسامريُّ هذا الإنسانَ الجريح. 

فالصّدَفُ في حياتنا الأرضيّةِ إنّما هي إشاراتٌ من السماء. 

وقد خسر الكاهن واللاوي هذه الفرصة التي من السماء ليقوما بهذه الخدمة، وكَسِبَها هذا السامريُّ الصالح. ولكنَّ للقصّةِ معنًى رمزيّ:

إنسان= هو رمزٌ لآدم وللبشريّة كلِّها.

نازلًا من أورشليم= بسبب الخطيئة نزلَ آدمُ مِن أورشليم، أي الجنّة أو الفردوس الذي أعدّه له الله.

وأورشليم تعني سلام الله ورؤيتُه. هي مكانُ السلامِ معَ الله والحياةِ معه.

إلى أريحا= ترمز لأرض الشقاء التي نزل إليها آدم.

فأريحا مدينة اللعنة (يش26:6) وترمز للأرض الملعونة بسبب الخطيئة (تك17:3). هي مكانٌ يمثِّلُ العالمَ وشهواتِه.

لصوص= هم القوى العدوانيّةُ ضِدَّ الإنسان، أي إبليس وجنوده وإغراءاته. وإبليس دائمًا يترقّبُ أيَّ نفسٍ تخرج خارجًا عن أسوار أورشليم (أي الكنيسة فيهاجمها إذ هي بلا حماية). 

إبليسُ لِصٌّ يريدُ أن يسرقَ أولادَ اللهِ مِن يَدِ الله.

فَعَرَّوهُ= نزع الفضائل عن الإنسان وفضحه. 

وجعله بلا طهارة ولا كرامة ولا حكمة. أي فقد صورته الإلهيّة.
جرَّحُوه= هي آثار الخطايا المدمِّرة للإنسان روحيًّا ونفسيًّا وجسديًّا.

الطريق من أورشليم إلى أريحا هي طريقٌ مملوءةٌ بالصخور، ويختبئ اللصوص فيها (18 ميلًا)، وتَمُرُّ بصحراء، حتّى إنّها لُقِّبَتْ بالطريقِ الدَّمَوِيّة. وأريحا تقع في وادٍ لذلك فهي منخفضة عن أورشليم (بحوالي 1000 متر). 

وكان يقيم فيها 12,000 كاهن ولاويّ مِن خُدّام الهيكل.

بين حَيٍّ وَمَيْت= هُوَ حَيٌّ جسديًّا ولكنْ لفترةٍ قصيرةٍ وسَيَموتُ بعدها حتمًا. وحتّى في خلال هذه الفترة هُوَ في حُكمِ الميت رُوحيًّا، بسبب الخطيئة، لاِنفصالِه عن الله. 

فَكُلُّ مَن ينفصلُ عن الله يموت.

الكاهن واللاويّ= الكاهن رمزٌ للناموسِ واللاويُّ رمزٌ للنُّبوءات، وَكِلاهُما عَجِزا عن أن يُعطِيا شفاءً وَحَياةً للبشريّة، بل اكتفَيا بتشخيصِ الداء. لا يمكنُهما أن يضمِّدا جراحاتِ البشريّة، ولا يمكنهما أن يُعطُونا طبيعةً جديدة، أو يعيدونا إلى الطبيعةِ الأصليّةِ التي على صورة الله.

جازا مقابِلَه= هُما وَقَفا أمامَ الإنسانِ الجريح، ولكنّهما كانا عاجزَينِ عن شفائه. والمعنى أنّهما كانا مرحلةً من المراحل التي جاز فيها الإنسان، في انتظار أن يأتي المسيح، المرموز إليه هُنا بالسامريّ الصالح.

سامريًّا مسافِرًا= المسيح كان في الأرضِ لِمُدَّةٍ مؤقَّتة، ولكنّه من السماء وسيعود إليها. لذلك وصفَ نفسَهُ بالمُسافِرِ الغريب. 

والإنسانُ الذي سقطَ وجُرِحَ كان أيضًا مسافرًا من أورشليم. فأولادُ الله أيضًا هم غُرَباءُ عن هذا العالم، وسيَعودونَ إلى أورشليمَ السماويّة. 

وكلمة "سامريّ" تعني "حارس"، فهي تُشيرُ إلى المسيح الذي أشفقَ على البشريّة.

تأمّل:

- نحن الآن في أورشليم الأرضيّة (الكنيسة)، وعلينا أن نسأل أنفسنا دائمًا إلى أين نحن مسافرون؟ 

هل نسافر إلى أورشليم السماويّة، أم نكون مثل هذا الذي سافر إلى أريحا، أي ترك حياته المقدّسة وانحدر إلى مكان الخطيئةِ واللعنة؟

الخمر والزيت= الخمرُ بما فيها مِن كحول تستخدَمُ لِقَتلِ الميكروبات، والزيتُ يَعزلُ الجرحَ عن الجوِّ الملوَّث، يَعملُ كفاصلٍ ويُلَيِّنُ الجروح. والخمرُ رمزٌ لِلدَّم، والزيتُ رمزٌ للروحِ القدس. 

وعملُ المعموديّةِ هو قَتلُ الخطيئةِ كما تَقتلُ الخمرةُ الميكروبات. والروح القدس في سرّ الميرون يُعطي نعمةً وقُوّةً لنا حتّى ننعزل عن هذا العالم فلا نهلك. 

ويكون هذا بأن يعطينا طبيعةً جديدةً رافضةً للخطيئة، تمنعُنا من أن نخطئ بعد ذلك. إذًا هناك قَتلٌ للخطيئة، وهذا إشارة لغفرانها، وهناك قُوَّةٌ تَحفظُنا من السقوط (رو14:6).

والخمرُ مؤلمةٌ للجرح، والزيتُ مُلَطِّفٌ له. وهكذا الروح القدس يعالجُنا بِبَعضٍ مِن إحساناتِ الله، وأيضًا ببعض التجارب.

أَركَبَهُ على دابَّتِه= الدابَّةُ هي جسدُنا، لأنّها ترمُزُ إلى الشهوة الجسديّة. والمسيحُ في الحقيقة، بِدَمِه (الخمر) وَبِرُوحِهِ (الزيت) شفى طبيعتَنا، ولكنّنا ما زلنا في الجسد نعاني من شهواته (غل17:5). 

لكنَّ لنا سلطانًا عليها بنعمة المسيح. المسيحُ أركَبَنا على دابَّتِه، أي أعطانا سُلطانًا على شهوات الجسد.

الفندق= هو الكنيسة التي تستقبل الناس وتشفيهم بالمسيح الذي فيها، لذلك قال= واعتنى به.

ترك دينارَين= رقم 2 يشير إلى التجسُّد، لأنَّ المسيحَ بالتجسُّدِ جعلَ الاِثنَينِ واحدًا. والمسيح أعطانا جسده لنتّحدَ به، وهذا سِرُّ حياة الكنيسة. وتركَ لنا المسيح الكتابَ المقدَّسَ بِعَهدَيه (2) نتغذّى بهما، وبهما نتعرّف عليه.

صاحب الفندق= هو إشارةٌ للكهنوت وللخدّام في كلّ كنيسة، ووظيفتهم استقبال المؤمنين فيها وأن يطعموهم بكلمة الله ليشفوا.

فعند رجوعي= فالمسيح سيأتي ثانيةً في مجيئه الثاني.

أُوفِيكَ= على الخادم أن يعمل في خدمة أولاد الله، والمسيح سيجازيه.

اذهب أنت أيضًا وافعل هكذا= أي تشبَّه أيّها الناموسيُّ بهذا السامريِّ في العمل بمقتضى شريعة المحبّة. ولكن لاحظ إجابة الناموسيّ، فهو تحاشى أن يقول "السامريّ" بل قال الذي صنع معه الرحمة. فاليهود لا يحتملون التعايش مع السامريّين وهم لم يحتملوا المسيحَ ورفضوه وقالوا عنه إنّه سامريّ. 

وهذه عند اليهود هي نوع من السباب (يو48:8). ولكنَّ مَثَلَ السامريِّ الصالح يُشيرُ إلى محبَّةِ الناسِ جميعًا بدونِ تمييز، لكنّ هذا الناموسيّ لم يفهمه.

التَّوقُ إلى الخلاص
للشيخ أفرام فيلوثيو


ينبغي ألّا نُهمِلَ البتّةَ خلاصَ النّفس. لماذا؟ 

لأنّه عندما نُغمِضُ عينَيِ الجسدِ إلى الأبد، تنفتحُ عينا النفسِ مباشرةً، ثمّ نرى في لحظاتٍ قليلةٍ ما لم نُدرِكْهُ لِسِنينَ كثيرة: أنّ العالمَ كان يهزأُ بنا. 

عندئذٍ سوفَ نُدرِكُ مدى نجاحِ هذا العالَمِ في جعلِنا نَحصُرُ كلَّ اهتمامِنا فيه فقط، من دون أن نتعرّفَ إلى العالَمِ الآخَر.

ثمّةَ عالَمان: الحاضرُ الآنِيّ، والأبديُّ الذي هو روحيّ، فوقُ، في السماء، وهو غير مادّيّ ولا محسوس. 

هذا العالمُ الأبديُّ هو ما شاهدَهُ بولسُ الرسولُ في رؤيا إذ قال: "ما لَم تَرَهُ عَينٌ، ولم تَسمَعْ به أُذنٌ، ولم يَخطُرْ في قلبِ بَشَر".

لهذا قال لاحقًا: "آلامُ هذا الزمان لا تُقاسُ بالمجدِ الذي سيتجلّى فينا نحن أبناءَ الله".

إنَّ فتى الله هو الإنسانُ الذي، عند مغادرة نفسه الجسد، يتمتّع بخصائص أبيه السماويّ الأصيلة. الله، أبونا السماويّ، لا يُرى بطبيعته. 

إنّه غيرُ ملموسٍ وغيرُ مُدرَك، لكنْ يمكن فهمُه وإدراكُه من خلال القلب. عندما نحبّ اللهَ نستطيعُ أن نراه.

وكذلك نراهُ من خلالِ الطُّرقِ التي يكشفُ ذاتَه فيها. 

نستشفُّه من خلالِ مظاهر قلبِه الأزليّ. "الله محبّة"، يقولُ الرسولُ يوحنّا اللاهوتيّ، التلميذُ الذي كان يسوعُ يحبّه. "الله محبّة، فمَن ثبتَ في المحبّةِ ثبتَ في اللهِ وثبتَ اللهُ فيه". 

ليستِ المحبّةُ تلك الأثيمةُ ذاتُ الاهتماماتِ الخاصّة، والنوايا الأنانيّة، والشهوات الجسديّة؛ ليست تلك التي تطمح إلى أرباحٍ مادّيّةٍ أو تَجري وراء شتّى أنواع الخطايا الأُخرى. 

المحبّة بالتحديد ليست هذا الحوار حول المحبّة الذي يتداوله معظم الكنسيّين ذوو الرُّتَب الرفيعة، ويتباهَون بقَولِهم: 

"يجب أن نملك المحبّة، وعند ذلك سنكونُ على ما يُرام". كلّا، فهذه المحبّةُ بالنسبة للّذين يُجدِّفونَ على الإيمانِ الأرثوذكسيّ ليست بمحبّة. 

إنّها خطيئة، إثمٌ، وَشَرّ. 

المحبّةُ التي لا تملك عناصر الخلاص ليست محبّة. إنّها ضلالٌ شيطانيّ.

عندما نملكُ محبّةً حقيقيّةً نحو قريبِنا، نحو أخينا، نحو جارِنا، نملك خاصّيّةَ الله. 

عندما تكون لدينا رحمة، فهذه خاصّيّةٌ أُخرى.

عندما نُسامح بسهولة، ولا نُضمِرُ الشرَّ ونساعد الذين يضايقوننا ويكرهوننا ويَفتَرُون علينا ويتّهموننا ملفّقينَ ألافَ القصص الكاذبة في شأننا -وحتى عندما يثور في داخلنا الأنا ويضطرب - أقولُ عندما نملك محبّةً تجاه هؤلاء الناس ونُصلّي من أجلِهم فإنّنا نعمل مشيئة الله ونكتسب خاصّيّةً أُخرى من خصائص الله، لأنّ المسيحَ قال عن أبيه السماويّ: 

"إنّه يُطلِعُ شمسَهُ على الأشرار والصالحين ويُمطِرُ على الأبرار والظالمين".

إذًا، عندما تتحلّى النفسُ التي تُغادرُ الجسدَ بخصائصِ الآب السماويّ، ينفتح أمامها الطريق والسبيل إلى السماء، لأنّها ابنةٌ لله ويستحيلُ عليها الذهابُ إلى مكانٍ آخَر. 

فالابنُ الأصيل يسكنُ في بيت أبيه، أمّا الابنُ غيرُ الشرعيّ فلا مكان له هناك ولا يكتسب ثروةً أو ملكًا، ولا يستحقّ ذلك.

فالعكس تمامًا يحصل عندما لا تتحلّى النفس بخصائص الآب، فهي تحمل سِمات إبليس. فما هو إبليس؟

إنّه مُجدِّفٌ، يملك شرًّا لا يُحَدّ. لديه عداوة، ينتقد، يفتري. إنّه قَذِر. لديه أهواء خسيسة. 

عندما تتمسّك النفسُ المُغادِرةُ للجسد بهذه الخصائص وتحمِلُها، فسوف تذهبُ إلى حيث تنتمي، ستُغادِرُ إلى مكانِها المُناسِب.

علينا إذًا أن نسعى إلى الخلاص. علينا أن نشتهيَ خلاصَنا، أن نُحِبَّ خلاصَنا.

يَجدُرُ بنا ألّا نكونَ مهمِلينَ وفاتِرِينَ حِيالَه. يجب أن نتجنّب اللامُبالاة بشأنِه الآن، لأنّنا لا نَعلَمُ إذا كُنّا سنَبقى على قَيدِ الحياةِ في لحظةٍ أُخرى.


أخبارنا
+ رسامة الشماس سلوان موسي كاهنًا

ترأس راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) القدّاس الإلهيّ الذي أُقيم في كنيسة النبيّ إيليا الغيور - السامريّة، حيث تمّت سيامة  الشماس سلوان موسى كاهنًا، وذلك صباح السبت الواقع فيه 22 تشرين الاول 2022.

شاركَ في القدّاس كاهنا الرعيّة الأرشمندريت مخائيل رزّوق والأب يعقوب حنين ولفيف من الكهنة  وحشد من أبناء المنطقة. 

وَمِمّا قالَهُ سيادتُه في هذه المناسبة للكاهن الجديد: 

"أيّها الأبُ الحبيبُ سلوان المرتسِم جديدًا، إنّكَ سمعتَ كلامَ الله في الإنجيل اليوم، وهو يتكلّمُ في موضوع الإيمان، وكذلك الرسالة تتكلّم أيضًا عن موضوع الإيمان، إيمان القدّيسين الآباء الأبرار. 

وفي هذا المقطع الإنجيليّ نرى كيفَ شفى الربُّ يسوعُ وَلدًا عبدَ قائدِ المئة، وهو ضابط رومانيٌّ وثنيٌّ، وأشادَ بإيمانِه. 

هذا القائد الغريب طلبَ من الربِّ أن يشفي عبدَهُ، وقالَ له أنا غيرُ مستحقٍّ أن تأتي إلى بيتي، ولكنْ قُلْ كلمةً واحدةً فيبرأ الفتى. 

أيّها الأحبّاء، أيّها الأخ الحبيب سلوان، هذه الكلمات الإلهيّة تعلّمُنا الكثير. 

هذا الإنسان الغريب، قائد المئة الوثنيّ، يأتي بهذا التواضع، مع أنّه قائدٌ ضابط. لم يتباهَ بنفسِه، بل أعلنَ عدمَ استحقاقِه أن يأتيَ الربُّ إلى بيته ويشفي هذا العبد الذي عنده. هذا إيمانٌ عجيب. 

كيف يأتي الإيمان فينا في قلبنا نحن المسيحيّين المقصِّرين جدًّا؟ 

هذا الغريب الوثنيُّ يعلِّمُنا التواضعَ أوّلًا، ثُمَّ الثقةَ الكاملةَ بقُدرةِ الربّ، إذْ طلبَ منه أن يقولَ كلمةً فقط. لذلكَ علّقَ الربُّ يسوعُ المسيحُ إثْرَ هذه الحادثةِ قائلًا:

"يأتون من المشارقِ والمغارب ويتّكئون في حضن إبراهيم، وأبناءُ الملكوتِ يُطرَحُونَ خارجًا". 

أيّها الحبيبُ سلوان، أنتَ كاهنُ الله العليّ. عليكَ أن تتشبّه بالربّ يسوع فيما أنتَ تعيشُ في عالمٍ صعب، في عالمٍ لا يؤمن. 

ولكنْ مِن وقتٍ لِآخَر سيأتيك إنسانٌ جديدٌ ليس من أصحابك، وربّما ليسَ مِن عائلتك، وهو مؤمنٌ بالمسيح، فانظُرْ كيفَ تتصرفُ. انتبِه كيفَ تَهدي شبابَ اليوم البعيدَ عن الكنيسة. 

إسهَرْ على الإنسان البعيد الذي لا يعرفُ الله. 

حافظْ على صلاتِكَ وعلى إيمانِكَ وعلى تواضعِكَ، لكي تكونَ طبيبًا كما يُنتظَرُ من الكاهن أن يكون. مسؤوليّتُكَ كبيرة، فَاجتهِدْ وتَقَوَّ، ولا تَخَفْ مِنَ الجهاد. عند ذلك يُعطيكَ الربُّ النعمة. 

الإنسان لا يكتملُ إلا بالنعمة الإلهيّة.

الإنسانُ الكاهنُ يُجاهِد، ولكنّ الربَّ وحدَهُ يُعطيه النعمةَ أن يَخدمَ خدمةً جيّدةً تليقُ به وبالكنيسةِ كُلِّها. آمين.