الأحد 17 نيسان 2022
14 نيسان 2022
الأحد 17 نيسان 2022
العدد 16
أحد الشَّعَانِين المقدّس
* 17: الشّهيد في الكهنة سمعان الفارسيّ ورفقته، * 18: الإثنين العظيم، يوسف المغبوط، البارّ يوحنّا تلميذ غريغوريوس البانياسيّ، * 19: الثلاثاء العظيم، الشّهيد في الكهنة بفنوتيوس، * 20: الأربعاء العظيم، البارّ ثاوذورس الشَّعريّ، أنستاسيوس بطريرك أنطاكية المعترف، زكّا العشّار، * 21: الخميس العظيم، الشّهيد في الكهنة يَنُواريوس ورفقته، أنستاسيوس السينائيّ، * 22: الجمعة العظيم، ثاوذوروس السِّيقيّ، الرّسول نثنائيل،
* 23: سبت النور، العظيم في الشُّهداء جاورجيوس اللابس الظَّفَر. *
السبت والأحد
يوم الأحد هو يوم الربّ Kyriaki.
يوم السبت هو اليوم السابع الذي فيه استراح اللهُ من كلّ أعماله. "وبارك اللهُ اليومَ السابع وقدّسه" (تك 2: 3).
كلّ عدد مكرّمٌ عند الله ويحظى ببركته. نطرح السؤال: لماذا بارك الله اليومَ السابع وقدّسه؟!
يقول الكتاب: "في اليوم السابع استراح اللهُ من كلّ أعماله التي بدأ يُتمّمها" (تكوين2: 3)
إذًا، هناك أعمالٌ لم يبدأ اللهُ بعد بإتمامها. في اليوم السابع توقّف اللهُ عن عمل الحسّيات، عمّا هو على الأرض ليتطلّع إلى ما هو يفوق العالمَ المادّيّ الحسّيّ.
اليوم السابع هو يوم الراحة التي فيها يعاين الإنسانُ ويصلّي من أجل الاِرتفاع إلى الله. يقول الرسول بولس: "لنجتهدْ أن ندخلَ في تلك الراحة" (عب 4: 11).
تُرى ما هي هذه الراحة؟! ما هي الأعمال التي لم يبدأ اللهُ بعملها؟!
يقول المزمور: "أعمالُ يدي هي الحكم والحقّ" (مز 110: 7).
عملُ الله هو الحكم والعنايةُ الإلهيّة بكلّ ما خلقه، وأوّلها الإنسان. هكذا سبق ورأى اللهُ تجديدَ هذا العالم الذي خلقه عن طريق قيامة الربّ. هذه هي العناية الإلهيّة.
حصلت التهيئةُ بصورة خفيّة يوم السبت. ظهرت وتمّت الأعمالُ في اليوم الثامن، يوم الأحد. يفوق الأحد على يوم السبت كما يفوق الكمالُ على البداية. يوم السبت مبارك، يوم الأحد فائق البركة، إعادة خلق العالم وتجديده.
لقد كرّم اللهُ اليومَ السابع لأنّه يقود إلى الثامن الذي لا ينتمي إلى هذا الدهر.
كما أنّ الناموسَ يقود إلى المسيح، هكذا السبتُ يقود إلى الأحد، حين صارت قيامةُ الربّ. الأحد هو باكورةُ القيامة العامّة، هو ثامنٌ، وهو أوّلٌ لما يليه، يوم الدهر الآتي الذي لا يعروه مساءٌ.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريّة الشعانين باللّحن الأوّل
أيُّها المسيحُ الإله، لـمّا أقَمْتَ لعازَرَ مِنْ بينِ الأمواتِ قبْلَ آلامِكَ حَقّقْتَ القِيامَةَ العامّة. لذلِكَ، وَنحْنُ كالأطفالِ نحمِلُ علاماتِ الغَلبَةِ والظّفَرِ صارِخِينَ نحوكَ، يا غالِبَ الموت: أوصَنّا في الأعالي، مُبارَكٌ الآتي باسمِ الرّبّ.
قنداق أحد الشّعانِين باللّحن السادس
يا مَنْ هُوَ جالِسٌ على العَرْشِ في السّماء، وراكِبٌ جَحْشًا على الأرض، تَقَبّلْ تَسابيحَ الملائِكَةِ وتماجِيدَ الأطفال، هاتِفينَ إليكَ أَيُّها المسيحُ الإله، مبارَكٌ أنتَ الآتي، لِتُعِيدَ آدَمَ ثانِيَةً.
الرِّسَالة
فيليبي 4: 4-9
مُبَارَكٌ الآتِي باسْمِ الرّبّ
اِعْتَرِفُوا للرّبِّ فإنّهُ صالِحٌ وإنّ إِلى الأبَدِ رَحْمَتَهُ
يا إخوةُ، افرَحُوا في الرّبِّ كلَّ حينٍ، وأَقولُ أيضاً افرَحُوا. وَلْيَظْهَرْ حِلْمُكُم لجميعِ النّاس، فإنّ الرّبّ قَرِيب. لا تَهتَمُّوا البَتّةَ، بَلْ في كلِّ شيءٍ فَلْتَكُنْ طَلِبَاتِكُم مَعلُومَةً لدى اللهِ بالصّلاةِ والتّضَرُّعِ معَ الشُّكر. وليَحفَظْ سلامُ اللهِ الّذي يَفُوقُ كُلَّ عقلٍ قلوبَكُم وبَصائِـرَكُم في يسوعَ المسيح. وبَعدُ أَيُّها الإخوة، مهما يَكُنْ مِنْ حَقٍّ، ومهما يَكُنْ من عَفافٍ، ومهما يَكُنْ من عَدلٍ، ومهما يَكُنْ من طهارَةٍ، ومهما يَكُنْ من صِفَةٍ مُحَبّبَةٍ، ومهما يَكُنْ من حُسْنِ صيتٍ، إِنْ تَكُنْ فَضِيلَةٌ، وإِنْ يَكُنْ مَدْحٌ، ففي هذه افتَكِرُوا. وما تَعَلّمتُمُوهُ وتَسَلّمتُمُوهُ وسَمِعتُمُوهُ ورَأَيتُمُوهُ فِيَّ، فَبِهَذا اعمَلُوا. وإلهُ السّلامِ يكونُ معَكُم.
الإنجيل
يو 12: 1-18
قبلَ الفصحِ بستّةِ أيّامٍ، أَتَى يسوعُ إلى بيتَ عنيا حيثُ كانَ لَعَازَرُ الّذي ماتَ فأَقَامَهُ يسوعُ من بينِ الأموات. فصَنَعُوا لهُ هناكَ عشاءً، وكانت مرتا تخدِمُ وكان لَعَازَرُ أَحَدَ الـمُتّكِئِينَ معه. أَمّا مريمُ فَأَخَذَتْ رَطْلَ طيبٍ من نارِدِينٍ خالِصٍ كثيرِ الثّمَنِ ودَهنَتْ قَدَمَيْ يسوعَ ومَسَحَتْ قدمَيْهِ بشعرِها، فامْتَلأَ البيتُ من رائِحَةِ الطِّيب. فقالَ أَحَدُ تلاميذِه وهو يهوذا بن سمعان الأسخريوطيُّ الّذي كانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسْلِمَهُ: لِمَ لَمْ يُبَعْ هذا الطِّيبُ بثلاثِمئةِ دينارٍ ويُعْطَ للمَساكين. وإنّما قالَ هذا لا اهتمامًا منهُ بالمساكين، بل لأنّهُ كانَ سارِقاً وكانَ الصُّنْدُوقُ عِندَهُ وكانَ يحمِلُ ما يُلقى فيه. فقالَ يسوعُ: دَعهَا، إنّما حَفِظَتْهُ ليومِ دفني. فإنّ المساكينَ هم عندَكُمْ في كلِّ حين، وأمّا أنا فلستُ عندَكُمْ في كلِّ حين.
وعَلِمَ جمعٌ كثيرٌ من اليَهُودِ أنّ يسوعَ هناكَ فجاؤوا، لا مِنْ أَجلِ يسوعَ فقط، بل لِيَنظُرُوا أيضًا لَعَازَرَ الّذي أقامَهُ من بينِ الأموات. فَائتَمَرَ رُؤَسَاءُ الكَهَنَةِ أنْ يقتُلُوا لَعَازَرَ أيضًا، لأنّ كثيرين من اليهودِ كانوا بسبَبِهِ يذهبونَ فيؤمِنُونَ بيسوع.
وفي الغَدِ لـمّا سَمِعَ الجَمعُ الكثيرُ الّذينَ جاؤوا إلى العيدِ بأنّ يسوعَ آتٍ إلى أورشليمَ أَخَذُوا سَعَفَ النّخْلِ وخرَجُوا للقائِهِ وهم يصرُخُونَ قائِلِينَ: هُوشَعْنَا، مُبَارَكٌ الآتي باسمِ الرِّبِّ ملكُ إسرائيل. وإِنّ يسوعَ وَجَدَ جَحْشًا فَرَكِبَهُ كما هوَ مَكتوبٌ: لا تخافي يا ابنةَ صِهْيَوْن، ها إِنّ مَلِكَكِ يأتيكِ راكِبًا على جحشٍ ابنِ أَتان. وهذه الأشياءُ لم يَفْهَمْهَا تلامِيذُهُ أوّلاً، ولكن، لـمّا مُجِّدَ يسوعُ حينَئِذٍ تَذَكّرُوا أنّ هذهِ إنّما كُتِبَتْ عنهُ، وأنّهُمْ عَمِلُوها لهُ. وكانَ الجمعُ الّذينَ كانوا معهُ حين نادَى لَعَازَرَ من القبرِ وأقامَهُ من بين الأمواتِ يَشْهَدُونَ لهُ. ومن أجلِ هذا استقبَلَهُ الجَمْعُ لأنّهُم سَمِعُوا بأنّهُ قد صَنَعَ هذهِ الآيَة.
في الإنجيل
حدث الشعانين، وهو دخول الربّ يسوع إلى أورشليم لآخِر مرّة قبل آلامه وصلبه، واستقباله من الجمع الغفير الآتي إلى العيد استقبالاً ملوكيًّا، يحمل أبعادًا نبويّة. فيكشف ميزة ملوكيّة المسيح ونوعيّة مشاركتنا في هذه الملوكيّة بحكم المعموديّة.
ويسعدنا أن نحتفل مع أطفالنا وشبابنا بعيد الشعانين الذي هو عيدهم، ونصلّي لكي يكونوا شهودًا ليسوع المسيح، الملك الوحيد والسيّد المطلق، كما صنع الأطفال والشبّان في شوارع أورشليم، إذ "حملوا سعف النخل والزيتون وخرجوا إلى مُلاقاة يسوع".
يسوع يدخل لآخِر مرّة إلى أورشليم، حيث سيتألّم ويموت فداءً عن العالم كلّه، ويقوم لتقديس جميع الشعوب، أُقيم استقبالٌ عفويّ من الجماهير التي أتت إلى أورشليم من أجل عيد الفصح، قبل أربعة أيّام، لأنَّ صيته كان ذائعًا بسبب أنّه أقام لعازر من الموت بعد دفنه بثلاثة أيّام.
وهذه كانت آية للدلالة على قيامته هو من بين الأموات التي ستجري بعد أسبوع.
إستقبل الجمع يسوع استقبالاً نبويًّا، إذ حيّوه تحيّة الملوك، كبارًا وصغارًا، فحملوا أغصان النخل والزيتون للدلالة على أنَّ يسوع هو ملك الأزمنة الجديدة، ملك الانتصار على الشرّ وملك السلام، وهتفوا: "هوشعنا، يا رب خلّصنا! مباركٌ الآتي باسم الربّ، ملك اسرائيل".
وظهرت ميزات مملكة يسوع التي هي الكنيسة، شعب الله الجديد، من الكلمات والأفعال والمبادرات، وهي ميزات ينبغي أن يتحلّى بها كلُّ صاحب مسؤوليّة في الكنيسة وفي المجتمع.
التواضع: لم يدخل يسوع المدينة كفاتحٍ منتصرٍ بقوّة السّلاح والعنف، بل بالتواضع، راكبًا جحشًا، جاعلاً من نفسه قدوةً، وقد قال يومًا: "تعالوا إليَّ، وتعلّموا منّي، فإنّي وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحةً لنفوسكم".
المحبّة: بذل يسوع ذاته فداءً عن الجميع، مائتًا على الصليب من أجل خلاص كلّ إنسان، وتحريره من عبوديّة الخطيئة.
السّلام الذي ينتزع الخوف من النفوس: "لا تخافي يا ابنة صهيون". ليس سلام المسيح سلام الأقوياء على الضعفاء، ولا التسليم تحت وطأة الظلم والاستضعاف. بل
سلام المسيح هو سلام المحبّة والحنان والغفران والمصالحة.
إنّنا بالمعموديّة أصبحنا شركاء في ملوكيّة يسوع المسيح، وأعضاء في الكنيسة، مملكته الجديدة، لكي نتغلّب على الكبرياء والحقد والانقسام والعنف، وننتصر على الشرّ وروحه، ونزيل الظلم والاستضعاف، بنعمة المسيح وقوّة الروح القدس.
وبحكم المعموديّة، ينبغي على الموجودين في موقع سلطة، أن يمارسوها بروح التواضع والمحبّة والسلام، بعيدًا عن المصالح الشخصيّة الرخيصة وعن التسلّط. وعليهم أن يتحلّوا بالفضيلة ويعملوا بتفانٍ.
سمعنا في الإنجيل أنّه فيما كان الشعب يجتمع ويتوحّد حول شخص يسوع وحول الحقيقة التي كان يعلنها والخير الذي كان يصنعه، راح الفرّيسيون وأهل النفوذ يتذمّرون ويتشكّون، متضرّرين من وحدة الشعب التي لا تتلاءم ومصالح نفوذهم القائمة على التفرقة والانقسام، وفقًا لقاعدة "فرّق تَسُدْ"، وأعربوا عن ذلك بقولهم بعضهم لبعض: "أنظروا، إنّكم لا تنفعون شيئًا. هوذا العالم كلّه قد ذهب وراءه".
ومنذ ذلك اليوم بدأوا يفكّرون ويخطّطون لاغتياله، وسيؤلّبون الشعب عليه بالكذب والافتراء، بحيث أنّ الذين هتفوا اليوم "هوشعنا"، سيهتفون بعد أربعة أيّام "اصلبه".
هذا الواقع المرّ يتجدّد مع الكنيسة ورعاتها في كلّ زمان ومكان. لكنّها تقوى وتثق بالمسيح الذي قام من الموت، كاشفًا الحقيقة التي تجمع وتوحّد وتحرّر. وهذه تبقى رسالة الكنيسة تمارسها بروح "الشركة والمحبّة"، مهما واجهها من رفضٍ واضطهاد. وهي على يقين بأنَّ الكلمة الأخيرة هي للحقيقة والنعمة، تعضدها كلمة المسيح الربّ: "سيكون لكم في العالم ضيق. لكن ثقوا، أنا قد غلبتُ العالم"."
الخميس العظيم والمناولة الإلهية
تحتفل الكنيسة الأرثوذكسيّة المقدّسة بسرّ الشكر الذي أقامه الربّ يسوع المسيح مع تلاميذه يوم الخميس العظيم. بعد القيامة بدأ المسيحيّون يحتفلون بسرّ الشكر (الإفخارستيّة)، هذا السرّ الذي فيه تحلّ نعمة الروح القدس على القرابين، الخبز والخمر، وتجعلهما جسد ودم الرب، فنتناولهما لنيل مغفرة الخطايا والمصالحة مع الله والشركة معه، والحياة الأبديّة، والشفاء، والخلاص.
إنّ المناولة الإفخارستيّة هي مصدر لشفاء النفس والجسد، هذا ما تعلنه الأفاشين المختلفة التي تُقرأ قبل المناولة وبعدَها، كما يقول القدّيس باسيليوس الكبير: "لتكن هذه القدسات لشفاء النفس والجسد"، وأيضاً في إفشين القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم: "لصحّة النفس والجسد". فكلّ من يتناولهما يتّحد بالمخلّص.
لذا، ينظر الآباء إلى الإفخارستيّة ليس فقط كدواء عاديّ، بل كالدواء الشافي كلّ الخطايا وجروحاتها وأمراضها. "لا يوجد مرض يعسر على هذا الدواء" (يقول القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم).
ويكتب القدّيس غريغوريوس النيصصيّ أنّ "هذا الدواء عندما يدخل فينا يطرد بقوّته كلّ تأثير السموم التي دخلت فينا. ما هو هذا الدواء؟ إنه ليس سوى الجسد الإلهيّ الذي ظهر لنا أقوى من الموت والذي صار من أجلنا مصدر حياة".
وهذا الشفاء مختَبرٌ من قبل المؤمنين على مدى الأجيال، إذ أفرزت الكنيسة كهنة لمناولة المرضى في المستشفيات والمرضى المعزولين بسبب أوبئة وأمراض مُعدية (كالبرص، والجدري، والخناق، والكورونا)، ومن ثمّ تلمذَ الكهنة الكأس دون التقاط أيّة عدوى، وذلك لأنّ الوباء يفقُدُ فعّاليّته بتأثير من القوى الإلهيّة الموجودة في الجسد الإلهيّ والدم المحيي للربّ يسوع المسيح المصلوب والقائم.
كما ويوضّح القدّيس نيقولاوس كاباسيلاس، وهو من القدّيسين الذين تميّزوا بكتابتهم حول الأسرار الكنسيّة، أنّ الإفخارستيّة هي "الدواء الوحيد لأمراض طبيعتنا. أعطنا يا رب أن نلتجئ إلى هذا الدواء ليس فقط مرة واحدة، ولكن بشكلٍ مستمر: يجب على الطبيب أن يمنحنا بشكل مستمرّ عنايته لكي نشفى".
ويشرح أيضاً القدّيس يوحنّا الغزّاويّ: "يتقدّم الخطأة إلى المناولة كما يتقدّم الجرحى الذين يحتاجون عناية سريعة، ولكن هنا يتقدّمون من الربّ الذي يشفي". المناولة الإلهيّة هي إذًا مصدر الحياة والصحّة وشفاء النفس والجسد.
إنّ إقامة القدّاس الإلهيّ هو أعظم عمل يقوم به الشعب، لأنّه يرفع الإنسان إلى السماوات ويعطيه تذوّق خبرة الملكوت الآتي منذ الآن. وبعد ألفي سنة من تجسّد الرب، يستمرّ المسيحيّون بالدُّنُوّ من الكأس المقدّسة بإيمان وخوف ورعدة وشوق ومحبّة، للاِتّحاد بملك المجد.
إنّ جسد المسيح الكريم ودمه اللذَين امتصّهما الإنسان بكليّته بواسطة المناولة يظهران قوتهما الشفائيّة في كلّ كيان الإنسان. بالتأكيد فإنّ الشفاء الذي يتمّمانه يتمّ أوّلاً في علاج الأمراض الروحيّة، أي الخطايا والأهواء التي تُضعف النفس والجسد.
وهما بحسب قول القدّيس إغناطيوس الأنطاكيّ دواء للخلود والحياة الأبديّة ليس لأنّهما يحميان من الموت الجسديّ، ولكن لأنّهما يسمحان للمؤمن بأن يعيش بالمسيح يسوع إلى الأبد ويمنحانه الحياة الخالدة في ملكوت السماوات.
تقتضي المناولة، كما سائر الأسرار، عملاً مشتركاً بين قوى النعمة الإلهيّة والقبول الفعّال لعملها من قبل الشخص المؤمن. السرّ يفعل فعله في المؤمن بحسب الحالة الروحيّة لهذا المؤمن، وذلك لأنّ عمل الله في العالم يحترم حرّية الشخص ولا يفرض نعمته، بل يتركها تعمل بحسب انفتاح المتلقّي ورغبته.
إذًا، قوّة الشفاء التي تعطيها المناولة المقدّسة مرتبطة، بشكل جزئيّ، بإيمان المتناول. وهذا ما يشير إليه القدّيس بولس في رسالته إلى كورنثوس عندما يتكلّم عن التأثير السلبيّ على النفس والجسد بسبب ضعف الإيمان والاستعداد للمناولة:
"إذًا، أيُّ مَن أكل هذا الخبز، أو شرب كأس الرب، بدون استحقاق، يكون مجرمًا في جسد الرب ودمه.ولكن ليمتحن الإنسان نفسه، وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس.
لأنّ الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه، غير مميّز جسد الربّ.من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى، وكثيرون يرقدون" (1 كور 12: 27-30).
وكما نقول في صلاة المطالبسي: "نعم أيّها الربّ يسوع المسيح إلهي لا يكن لي تناول أسرارك الطاهرة المحيية لدينونة، ولا أصبح ضعيفًا بالنفس والجسد من جرى تناولي إيّاها بغير استحقاق" (الأفشين الأول للقديس باسيليوس الكبير).
ونحن نستعدّ لفرح قيامة الربّ مخلّصنا، يبقى أن نتذكر يوم الخميس العظيم كلمات الأب ألكسندر شميمان: "الإفخارستيا هي دخول الكنيسة إلى فرح سيّدها". هكذا نَلِجُ إلى سرّ الفرح الأبديّ البازغ من القبر الفارغ بهجةَ خلاصِ الجميع.
ترنيمة
"إفرحي يا بيت عنيا"
إفرحي يا بيت عنيا نحوك وافى الإله
من به الأموات تحيا كيف لا وهو الحياة (2)
إن مرتا استقبلته ببكاءٍ وعويل
وشكت لما رأته شدة الحزن الطويل (2)
صَرَخت بالحالِ ربي أنت هو نعم الشفيق
فأعِنّي إنَ قلبي ذاب من فقدِ الشقيق (2)
قال كفي عن بكاك ودعي هذا النحيب
واعلمي ان أخاك سوف يحيا عن قريب (2)
ثم نحو اللحد بادر ذلك الفادي الأمين
حيثما نادى لعازر إنهضن يا ذا الدفين (2)
أيها الأختان هيا وأنظرا الأمر العجيب
عاد من في اللحد حيّاً فاشكرا الفادي الحبيب (2)
لك يا رب البرايا نحن نجثو بخشوع
إننا موتى الخطايا بك نحيا يا يسوع (2)