الأحد 19 أيلول 2021
16 أيلول 2021
الأحد 19 أيلول 2021
العدد 38
الأحد بعد رفع الصليب
اللحن الرابع الإيوثينا الثانية
* 19: الشُّهداء تروفيموس وسباتيوس وذوريماذُن، * 20: الشُّهداء أفسطاثيوس وزوجته ثاوبيستي وولديهما أغابيوس وثاوبيستوس، * 21: وداع عيد الصليب، الرُّسول كُدْراتُس، النبيّ يونان، * 22: الشَّهيد في الكهنة فوقا أسقُف سينوبي، * 23: الحبل بيوحنّا المعمدان، * 24: القدّيسة تقلا أُولى الشَّهيدات المعادلة الرسل، البارّ سلوان الآثوسيّ، * 25: البارَّة آفروسيني ووالدها بفنوتيوس. *
الصليب قوّةُ الله وحِكمَتهُ
ما زلنا يا أحبّاءُ نحيا ونعيش في أسبوع الاحتفال بعيد رفع الصليب المكرَّم، وما زالت الكنيسة تقرأ في طقوسها اليوميّة هذا الأسبوع عن معنى الصليب وأهميّته في حياتنا المسيحيّة.
يقول الكتابُ المقدّسُ إنّ كلمةَ الصليبِ عند الهالكينَ جهالة، وأمّا عِندنا نحن المخلَّصينَ فهو قوّةُ الله.
قبلَ المسيح، كانَ الصليبُ يُشيرُ إلى الذُّلّ، إلى العبودية، ويُعاقَبُ به وعليه المجرمون واللصوصُ والزُّناة. فكيفَ صارَ علامةَ ظَفَرٍ وانتصارٍ مع يسوعَ المسيح؟ كيفَ غدا قوّةَ الله وحكمتَه.
نستطيعُ أن نفهمَ ذلك إذا عرَفْنا أنّ المسيحَ عُلّقَ على خشبةٍ، كما يقولُ الكتاب، لأجِل خلاصنا، فداءً عنّا، وليس لأجِل شرورِه ومعاصيه.
نرى أنّ سلاطينَ هذا العالَمِ ورؤساءَهُ يَجلِسُونَ على عُروشٍ ويَحكمونَ العالَمَ بالقُوّةِ والسُّلطةِ والقَهر، ويحاولون أن يَبنُوا مجدَهم مِن خلال تَحكُّمِهم بالإنسان، يَبسطون أيديهم لِتَلَقّي المديحِ والرَّشاوى والأموالِ والسُّلطةِ في هذا العالم.
المسيحُ كان الصليبُ عرشَه وكُرسيَّه. جلسَ بإرادَتِهِ على الصليب، هذا هو عرشُه ومجدُه. فتحَ يدَيه..
بَسَطَ يدَيه ليَستقبلَ كُلَّ الخاطئينَ ويَضمَّهُم إلى الخلاصِ الذي صنعَهُ لأجلِهم.
بسطَ يدَيه على الصليبِ لِيَحتَضِنَ الجميعَ ويُقيمَ الجميعَ معه. لذلك صار الصليبُ عنوانًا لحكمةِ الله ولقوّتِه، لأنّه صار رمزَ الحُبِّ بعدَ أن كان رمزًا للقَهْر. صار رمزًا للفِداء بعد أن كان رمزًا للعقاب. صار رمزًا لحياةٍ جديدة، بعد أن كان رمزًا لنهاية الحياة.
أيضًا هناك عبارةٌ نقولُها في أيّامِنا العاديّة، إن وقعَ أحدُهم في ضيقٍ أو مرضٍ أو عَوَزٍ أو أَلَم، نقولُ إنّ الله أعطاهُ صليبًا.. إنّ هذا الإنسانَ صليبُه كبير.. هذه عبارةٌ لا تَعكِسُ إيمانَنا الحقيقيَّ بالصليب، فالصليبُ هو فَرَحٌ وحُبٌّ، وعندما يقع الإنسانُ في تجربة، عليه أن يتذكّرَ أنّها دعوةٌ من اللهِ لِيُحِبَّ أكثر، وَلِيَكونَ مُضَحِّيًا أمامَ الآخَرِينَ أكثر، وخصوصًا المستضعَفين.
وَلْنتذكَّرْ كيف أنّ بطرسَ الرسول، عندما حاول أن يَمنعَ المسيحَ من الذهاب إلى الآلام والصلب، قال له المسيح ابتعد عنّي يا شيطان.
هكذا وصفَه المسيحُ بهذه الكلمة القاسية، لأنّ بطرس الرسول أرادَ مِن دُونِ عِلمِه أن يَمنعَ المسيحَ مِن أن يُحِبَّ حتّى النهاية، مِن أن يَبذُلَ حتّى النهاية، مِن أن يُعطيَ ذاتَهُ حتّى النهاية. فالصليبُ هو الحُبُّ، هو التضحية، هو الفداء، وهو البذل.
طروبارية القيامة باللّحن الرابع
إنّ تلميذات الربّ تعلَّمْنَ مِنَ الملاكِ الكرزَ بالقيامةِ البَهج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجّدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
طروباريّة عيد رفع الصليب باللّحن الأوّل
خلِّص يا ربّ شعبَكَ وبارك ميراثك، وامنح عبيدَكَ المؤمنين الغلبة على الشرير، واحفظ بقوة صليبك جميعَ المختصيّن بك.
قنداق عيد رفع الصليب باللّحن الرابع
يا من ارتفعتَ على الصليبِ مختارًا أيّها المسيحُ الإله، امنح رأفتكَ لشعبك الجديدِ المسمّى بك، وفرِّحْ بقوّتك عبيدكَ المؤمنين، مانحاً إياهُمُ الغلبةَ على مُحاربيهم. ولتكن لهم معونتُكَ سِلاحًا للسّلامة وظفَرًا غيرَ مقهور.
الرِّسَالة
غلا 2: 16-20
ما أعظم أعمالكَ يا ربُّ
كلَّها بحكمةٍ صنَعتَ باركي يا نفَسي الربّ
يا إخوة، إذ نعلم أن الإنسان لا يُبرَّر بأعمال الناموس بل إنّما بالإيمان بيسوع المسيح، آمنَّا نحن أيضًا بيسوع لكي نُبَّرر بالإيمان بالمسيح لا بأعمال الناموس، إذ لا يُبرَّر بأعمال الناموس أحدٌ مِن ذَوي الجسد. فإنّ كنّا ونحن طالبون التبرير بالمسيح وُجدنا نحن أيضاً خطأة، أفيَكونُ المسيح إذًا خادمًا للخطيئة؟ حاشا. فإنّي إنْ عدتُ أبني ما قد هَدَمْتُ أَجعَلُ نفسي مُتَعَدِّيًا، لأنّي بالناموسِ مُتُّ للناموس لكي أحيا لله. مع المسيح صُلبتُ فأحيا لا أنا بل المسيحُ يحيا فيَّ. وما لي من الحياة في الجسد أنا أحياه بِابنِ اللهِ الذي أحبّني وبَذَلَ نفسَهُ عنّي.
الإنجيل
مر 8: 34-38، 9: 1
قال الربُّ: من أراد أن يتبعَني فليكفُرْ بنفسِه ويحمِلْ صليبَهُ ويتبَعْني. لأنَّ من أراد أن يخلِّصَ نفسه يُهلِكُها، ومن أهلك نفسه من أجلي من أجل الإنجيل يخلِّصها. فإنّه ماذا ينتفعُ الإنسانُ لو رَبِحَ العالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نفسَهُ، أم ماذا يُعطي الإنسانُ فِداءً عن نفسِه؟ لأنَّ مَن يستحي بي وبكلامي في هذا الجيلِ الفاسِقِ الخاطئ، يستحي به ابنُ البَشَرِ متى أتى في مَجدِ أبيه معَ الملائكةِ القدّيسِين. وقال لهم: الحقَّ أَقولُ لَكُم إنَّ قومًا مِنَ القائمِينَ ههُنا لا يَذُوقُونَ الموت، حتّى يَرَوا مَلَكُوتَ اللهِ قد أتى بِقُوّة.
في الإنجيل
في هذا الأحد الذي يقع بعد عيد رفع الصليب نقرأ هذا المقطع الإنجيليّ من بشارة مرقس الرسول الذي يتحدّثُ عن شرط اتّباع الرب يسوع وهو حمل الصليب معه ومثله. لذلك قال: "من أراد أن يتبعني فليكفر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني"،
رابطًا شرط التبعيّةِ بالحرّيّة التي يجب أن تُحرِّرَ الإنسان من أناه. لأنّ خطيئةَ الإنسانِ العُظمى هي أن يجعلَ نفسَه مِحوَرَ الوجود.
لذلك قال لنا الربُّ اليوم: "فليُنكِرْ نفسَه".
ونُكرانُ النفس هو قَمعُ الأنا، وأن يَعِيَ الإنسانُ أنّه ليس وحيدًا، بل هو في شركة مع الآخَرِين، وأن يَعِيَ أنّ مواهبَهُ وإمكاناتِهِ وقُدُراتِهِ ومُمتلَكاتِهِ ليستِ امتيازًا له بل مسؤوليةٌ ملقاةٌ على عاتقه.
إذًا، مَن زَهِدَ بنفسه كفَّ عن تسخيرِ كُلِّ شيءٍ لِمَصلَحتِه، وسلكَ بحسب قول الرسول بولس: "مع المسيح صُلبتُ، فأحيا لا أنا بل المسيحُ يحيا فيّ".
مِحوَرُ الحياةِ معَ المسيحِ هُوَ البَذْلُ والعطاءُ والتضحيةُ والمحبّة، وهذا بالضرورةِ الاِتّجاهُ المُعاكِسُ بالكُلّيّةِ لِحَرَكِيّةِ "الأنا" التي هي عَدُوّةُ المحبّة، التي نفتقدُها اليوم، فيما كُلُّ واحدٍ مِنّا يحملُ صليبًا رَماهُ الوجودُ عليه، قد يكون في العائلة أو العمل أو الدولة أو الضائقة الاِقتصاديّة أو المرض والأوضاع الجسديّة والنفسيّة، أو الإغراءات التي تداهمنا في كلّ حين.
ولكن هذه كلّها علينا أن نواجهَها بقوّةِ صليب الربّ، لأنّ المسيحيّةَ مواجهةٌ وليست فرارًا.
هكذا فعلَ رَبُّنا الذي واجهَ ظُلْمَ هذا الدهر. المهمّ أن نكون في المواجهة متّحدِينَ مُتعاضدِين، وأن نعلمَ أنّنا لسنا متروكينَ بلا سَنَد، بل الرب يسوع يقوّينا ويَعضُدُنا في كُلِّ ما نواجه.
علينا ألا ننسى أنّنا في درب حمل صليبنا سائرون إلى القيامة.
الإصرارُ على المسيح
ما يلفتُني في قِصَصِ القدّيسينَ إصرارُهم على المسيحِ يسوعَ ربِّنا. وهذا الإصرار المستديمُ ما هو إلّا الإيمانُ الفاعِلُ والمتأجِّجُ بمحبَّته.
إذا راقبنا عن كثبٍ ما يحصلُ لهم من تجارب ومصائب لَقُلْنا إنّها لكفيلةٌ أن تُبعِدَهُم عن الإيمان، ومنهم كثيرٌ لَمَا كانَ ثَبَتَ ولا في الكنيسةِ. ما يجعلهم قدّيسين هو إصرارهم على المسيح.
الجهادُ الحقيقيُّ ليس ضدّ الخطيئة وحَسب، بل هو ضدّ الخطيئةِ شرط الثباتِ في المسيح.
أذكر مرّةً قصّةً رواها لي أحدُهم، تقولُ إنّ شخصًا وعدَهُ المسيحُ أن يسير معه في شَوطِ حياتِه، فكان كُلّما سار رأى آثارَ أربعِ أقدام، وهي آثارُ قدمَيه وآثارُ قدمَيِ المسيح. وبهذه الطريقةِ كان يطمئنُّ إلى وجودِ المسيحِ معَه، لا سيّما في أوقاتِ الشدائدِ والمصائب.
وذاتَ يوم، كان الرجلُ يمرُّ في ضيقةٍ صعبة، وإذا به يُفاجأُ بوجودِ آثارَ قدمَينِ اثنتَين فقط، فحَزِنَ حُزنًا كبيرًا ظنًّا منه أن الربَّ قد تخلّى عنه وتركَهُ يسيرُ لِوَحدِه في طرقاتِ هذه الحياةِ الشاقّة. ولمّا صلّى طالبًا معونةَ الربّ، أجابَهُ الربّ: " لا تَخَفْ.
عندما كانت مصاعبُكَ خفيفةً، كنتُ أسيرُ إلى جانبِك، ولكنّني لمّا رأيتُ أنّ وطأتَها اشتدّتْ عليكَ كثيرًا، حمَلْتُكَ بينَ ذِراعَيّ. فهاتان القدَمانِ اللتانِ ترى أثرَهما علىى الأرض هما قدَمايَ أنا".
الجهادُ هو أن نتركَ اللهَ يَعمَلُ معَنا بِوَعْيِنا وقبولِنا ويقينِنا. الجهادُ ليس ضدَّ الخطيئةِ فقط. هناك كثيرون يحاولون أن يبقَوا أنقياءَ أخلاقيًّا، ضابطِينَ أنفُسَهم، معتبرِينَ ذلك غايةً بحدّ ذاتها.
وبهذه الطريقةِ يستريحون. غَلَبةُ الخطيئةِ يجبُ أن تكونَ بواسطةِ المسيح، لا بواسطةِ قدرةِ الإنسانِ على ضَبطِ نفسِه. غَلَبَةُ الخطيئةِ يجبُ أن تكونَ مِن أجلِ محبّةِ المسيح، وَمِن أجلِ أن أكونَ معَه.
فهذا هو الربح. أمّا أن أستعملَ الناموسَ الأخلاقيَّ لكي أكسبَ محبّةَ الناسِ ولكي أنالَ منهم الإطراءَ والتبرير، فليسَ غايةً مسيحيّة. إذا أنتَ أردتَ هذا فاذهب وكُنْ بُوذِيًّا أو أيَّ شيء آخر.
نحن المسيحيّين نخسر حياتنا للمسيحِ لكي ’’نحظى بنعمةٍ في عينيْ‘‘ سيِّدنا. وهو العليمُ بشأننا.
الإيمانُ بشيءٍ لا يجعلُنا قدّيسِين. والأعمال الحسنةُ أيضًا، هي واجبٌ أقلّه اجتماعي. الإيمانُ العاملُ بمحبّة ِ المسيح، بمعيّةِ المسيح، بمصالحةٍ مع الذاتِ ومع الله، ومع الله ومع الآخر، هذا ما ينتظره الله منّي.
لم يُصلب المسيحُ من أجلي لكي أستمرَّ في الخطيئة. وكأنّنا نفهم فداءَه خطأً. أي إنّه لم يقدِّمْ نفسَهُ عنّي لأستمرَّ في حالةِ الخطيئة. فهو يمقتُها.
لكنّه صُلِبَ عنّي واحتملَ الكثيرَ وتركَ لِيَ القليل، وهو أن أجاهِدَ عن الخطيئةِ من أجله. هذا ما يفعلُه القدّيسون. نراهم يحتملون أيَّ شيءٍ ويبقى ذهنُهم مصوَّبًا نحو المسيح.
لم يتركوا أَنفُسَهم في الخطيئةِ قائلين إنّنا سوف نَخلُصُ على كُلِّ حالٍ لأنّ الله بيسوع وصليبه قدَّم لنا الخلاص مجانًا.
هذا هو مرضُ عصرنا. نقول ليس بخطيئةٍ كلُّ ما نفعله لأنّها كُلَّها حاجاتٌ طبيعيّة. ولكنّنا نبرّرُ عملَنا ونقولُ إنّ هناك مَن فَدانا، فسنخلصُ على أيّةِ حال. الخلاصُ شيءٌ والتبريرُ شيءٌ آخَرُ كُلّيًّا.
التبريرُ هو بِطاقةُ دُخولِنا إلى الملكوت، لأنّ الله، كونَه قدّوسًا، لا يعاشرُ إلّا المقدَّسين الأطهارَ الذين برّرَهُم هو إذْ ثبتوا فيه.
أمّا الخلاص فيطال الجميع إذ يبعدنا الله عن مصدر مصائبنا. لهذا فالخلاص لا يضمن لنا الثواب.
فممكن أن تكون مخلَّصًا ولكنّك معاقبٌ أو خارجَ شركة الله. أمّا الله فيريدُ لنا شيئاً أعظم وهو البرّ بيسوع المسيح، أن نصبح إخوةَ الإله.
الحياة الداخليّة والحياة الاِجتماعيّة
من المناسب الآن توضيح العلاقة بين الحياة الداخليّة والحياة الاِجتماعيّة الشراكيّة. إنّ الحياة الداخليّة لا تتناقض مع الحياة المشتركة بل تحتويها كما هو جليّ.
إنّ الحياة المشتركة تبدأ وتنبع من الحياة الداخليّة.
ولكن هناك، تحت اسم حياة داخليّة، عزلةٌ فاسدة غير العزلة الصحيحة: عندما أنعزل عن إخوتي وأنزوي في ذاتي دون التفكير بالله (وبِكُلِّ ما يعني ذلك) أُصبحُ لا مع الله ولا مع إخوتي، بل مع كسلي وأهوائي.
الحياة الداخليّة الصحيحة ليست ذلك الاِنعزال غير المنتهي الفاسد البعيد عن كلِّ اتّصالٍ مع الله والناس.
الإنسان عضو العائلة البشريّة المخلَّصة في المسيح وليس بالتالي وحده في الوجود، لا جسديًّا ولا معنويًّا. هو عضو البشريّة، عضو الكنيسة.
والحياة البشريّة، حياة الكنيسة، إنّما تجد أساسَها ومعناها في سرّ الثالوث القدّوس. "آدم"، الجنس البشريّ، خلق على صورة الله، أي على صورة حياة الثالوث القدّوس: تفاعل وشركة ومحبّة.
الإنسان اجتماعيّ بطبيعته لا بموجب وصيّة خارجيّة: هذه "لحم من لحمي" يقول الكتاب... (ولذلك لما كان آدم وحواء في وضعهما الأوّل النقي، في علاقة مع الله كاملة ونيّرة، كانا لا يخجلان).
إذن ليست الحياة الجماعيّة نوعًا أدنى من الحياة الداخليّة، ونتيجة لتنازل ومساومة بل هي بالعكس تتمتّع بأولية في حياة الإنسان لأنّه بالضبط ليس وحده في الوجود.
ولكن الإنسان، بوصفه عضوًا في العائلة البشريّة والكنيسة، يتلقّى دعوة الحياة الداخليّة الكاملة.
ذلك لأنّه لا يقتصر على كونه عضوًا في العائلة وفردًا في الجماعة وحسب، بل له حياته الشخصيّة.
إنّه شخص، وكشخص فهو يجمع كلّ الفضائل وكل الاِكتسابات الروحيّة التي يكتسبها في الشركة، يجمعُها ويُجوهِرُها في حياته الداخليّة الشخصيّة.
هذا سرُّ الإنسان كما رأينا "إنسان القلب الخفيّ" لا الإنسان الخارجيّ غير الشخصيّ، النكرة.
الإنسان يعيش حياته الاِجتماعيّة العميقة في داخله أوّلاً.
من كتاب "آمنوا بالنور لتصيروا أبناء النور"
للأب الياس مرقس
أخبارنا
اشتراكات نشرة الكرمة.
مع اقتراب نهاية العام الحاليّ، نذكّر الرعايا التي لم تسدّد بعد ما تبقى عليها من اشتراكها في نشرة الكرمة عن العام 2021 بضرورة تسديد اشتراكها بدفع المبالغ المتبقّية عليها قبل نهاية هذا الشهر، وذلك حفاظًا على استمراريّة النشرة في الصدور.