الأحد 17 تشرين الأول 2021

الأحد 17 تشرين الأول 2021

14 تشرين الأول 2021
الأحد 17 تشرين الأول 2021
     
العدد 42
أحد آباء المجمع المسكونيّ السابع 
اللحن الثامن الإيوثينا السادسة


* 17: النّبيّ هوشع، الشّهيد أندرواس، أيقونة العذراء القائدة، * 18: الرّسول لوقا الإنجيليّ، البارّ أفذوكيموس الآثوسيّ،
* 19: النبيّ يوئيل، الشّهيد أوّارس، * 20: الشّهيد أرتاميوس، جراسيموس النّاسك الجديد، * 21: البار إيلاريّون الكبير، القدّيسة مارينا التي من رايثو، * 22: أفيركيوس المعادل الرُّسل، الفتية السّبعة الذين في أفسُس، * 23: يعقوب الرّسول أخو الرّب وأوّل أساقفة أورشليم.  *


الكــاهن 

الكاهن هو "أبونا". ليس هو أباً جسديًّا، هو الأبُ الروحيّ، أيقونةُ المسيح.

يقول القدّيس بولس الرسول الى أهل كورنثوس:"إن كان لكم ربواتٌ من المرشدين في المسيح لكن ليس آباءٌ كثيرون لأنيّ أنا ولَدْتُكُم في المسيحِ يسوعَ بالإنجيل” (1كورنثوس 4: 15).

الكاهن ليس موظّفاً يقتصر عملُه على تتميم الأسرار الكنسيّة: القدّاس الإلهي، سرّ المعموديّة..

هو من خلال التعليم والإرشاد الروحيّ يجعل المسيحيّين مُعتَقِين من الأهواء الضارّة والأمراض الناتجة عن الخطيئة. الكاهن طبيبٌ روحيّ والكنيسة ما هي إلاّ مشفى لجراح المريض وخطاياه.

ما يجعله يتجنّب الرتابة (الروتين) هو الصلاةُ الشخصيّةُ والصلاةُ مع عائلته، وكذلك مطالعة الكتاب المقدّس وكتب الآباء القدّيسين.

ما يساعدُه أيضًا لممارسة الأُبوّةِ الروحيّةِ والاِعتراف هو أن يكون له شخصيّاً أبٌ روحيٌّ يعترفُ له بخطاياه ويقبل منه الإرشادَ الضروريّ.

يقول القدّيس غريغوريوس اللاهوتيّ: "على الإنسان أن يتطهّر قبل أن يُطهّر الآخرين".

عليه أن يستنير بنور الله وتعاليمه قبل أن يُنير الآخرين ويعلّمهم، أن يتقدّس قبل أن يُقدّس الآخرين".

أمّا الرسول بولس فيقول إلى تلميذه تيموثاوس:

"كُن قُدوةً للمؤمنين... اعكفْ على القراءة والوعظ والتعليم... لاحظ نفسك والتعليم" (1 تيمو 4: 12، 13، 16).

يقول المطران إيروثاوس فلاخوس Vlachos في كتابه علاج النفس الأرثوذكسيّ: "دور الكاهن أوّلاً خدمة الأسرار المقدّسة، ثانياً شفاء الشعب  healingالكهنوتُ الروحيّ قاعدة الكهنوت الأسراريّ".

الكاهنُ الذي يكتسب مثل هذه الموهبة، يمارسُ الصلاة الدائمة، ويتطهّرُ من الأهواء .passions 

فضائل الأب الروحيّ: التواضع، الصبر، التمييز، الرأفة، المحبّة.
كلّها تساعده على منح الأدوية النافعة: دواء التوبة ودواء رحمة الله ومحبّته الواسعة.

+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما


طروبارية القيامة باللّحن الثامن

إنحدَرْتَ من العلوِّ يا متحنِّن، وقبلْتَ الدفنَ ذا الثلاثةِ الأيّام لكي تُعتقنا من الآلام. فيا حياتنا وقيامَتنا، يا ربّ المجد لك.

طروباريّة الآباء باللّحن الثامن

أنتَ أيّها المسيح إلهنا الفائق التسبيح، يا من أسّستَ آباءَنا القدّيسين على الأرض كواكب لامعة، وبهم هديتنا جميعاً إلى الإيمان الحقيقيّ، يا جزيل الرحمة المجد لك.

القنداق باللّحن الرابع

يا شَفيعةَ المَسيحيّينَ غَيرَ الخازِية، الوَسِيطةَ لدى الخالِقِ غَيرَ المَردُودة، لا تُعرِضي عن أصواتِ طلباتِنا نَحنُ الخَطأة، بل تَدارَكِينا بالمَعُونةِ بِما أنَّكِ صالِحة، نَحنُ الصارخِينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعة، وأَسرِعي في الطلْبة، يا والدةَ الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بِمُكَرِّمِيكِ.


الرِّسَالة 
تيطس 3: 8-15
مباركٌ أنت يا ربُّ إلهَ أبائنا، 
لأنّك عدلٌ في كُلِّ ما صَنَعْتَ بنا.


يا ولدي تيطُسُ، صادقةٌ هي الكَلِمةُ، وإيّاها أُريدُ أن تقرِّرَ، حتّى يهتمّ الذين آمنوا باللهِ في القيام بالأعمال الحسنة. فهذه هي الأعمالُ الحسنةُ والنافعة. أمّا المُباحَثات الهذَيانيّةُ والأنسابُ والخُصوُمَاتُ والمماحكاتُ الناموسيّة فاجتنِبْها. فإنّها غَيرُ نافعةٍ وباطلةٌ. ورجُلِ البدعَةِ، بعدَ الإنذار مرّةً وأُخرى، أعرِض عنهُ، عالِماً أنّ مَن هو كذلك قدِ إعتَسفَ، وهُوَ في الخطيئةِ يَقضي بنفسهِ على نَفسِه. ومتَى أرسَلْتُ إليكَ أرتمِاسَ أوتِيخيكوسَ فبادِرْ أن تأتيني إلى نيكوبولِس لأنّي قد عَزَمْتُ أن أُشتّيَ هناك. أمّا زِيناسُ معلِّمُ الناموسِ وأَبُلُّسُ فاجتَهد في تَشْيِيعِهِما مُتَأَهِّبَينِ لِئَلّا يُعْوِزَهُما شيءٌ. وليتعلَّمْ ذَوُونا أن يقوموا بالأعمالِ الصالِحةِ للحاجاتِ الضّروريّة، حتّى لا يكونوا غيرَ مُثمِرِين. يُسَلِّمُ عليكَ جميعُ الّذين معي. سَلِّمْ على الّذِينَ يُحِبُّونَنا في الإيمان. النّعمةُ مَعَكُم أجمعين. آمين.

الإنجيل
لو 8: 5-15 (لوقا 4) 


قال الربُّ هذا المثَل: خرج الزارِعُ ليزرعَ زرعَهُ، وفيما هو يزرعُ سقطَ بعضٌ على الطريق فوُطِئَ وأَكَلَتْهُ طيورُ السماء. والبعضُ سقطَ على الصخر، فلمّا نبتَ يَبِسَ لأنّهُ لم تَكُنْ له رُطوبة. وبعضٌ سقطَ بين الشوك، فنبتَ الشوكُ معهُ فخنقَهُ. وبعضٌ سقط في الأرضِ الصالحة، فلمّا نبت أثمر مئَةَ ضعفٍ. فسأله تلاميذهُ: ما عسى أنْ يكونَ هذا المثّل؟ فقال: لَكُم قد أُعطيَ أنْ تعرِفوا أسرارَ ملكوتِ الله، وأمّا الباقون فبأمثالٍ، لكيلا يَنظُروا وهم ناظِرونَ ولا يفهموا وهم سامعون. وهذا هو المثَل: الزَّرْعُ هو كلمةُ الله، والذين على الطريق هم الّذِين يَسمعون، ثمّ يأتي إبليسُ وَيَنْزعَ الكلمةَ من قلوبهم لئلاّ يؤمنوا فيخلُصوا. والذين على الصخر همُ الذين يسمعون الكلمةَ ويقبلونها بفرحٍ، ولكن ليس لهم أصلٌ وإنّما يؤمِنون إلى حين وفي وقت التجربة يرتدُّون. والذي سقطَ في الشوك هم الذين يسمعون ثمّ يذهبون فيختنِقون بهمومِ هذه الحياةِ وغناها ومَلذّاتِها، فلا يَأتُونَ بِثَمَر. وأمّا الذي سقط في الأرض الجيّدة فهم الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيّدٍ صالحٍ ويُثمِرون بالصبر. ولَمّا قالَ هذا نادى: مَن لهُ أُذُنانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَع.

في الإنجيل 

إنّ الظروف الحياتيّة القاسية التي نمرُّ بها، والهموم الكثيرة التي نعاني منها، في هذه الفترة، تجعلنا نتكلّم اليوم فقط عن الزّرع الذي سقط في وسط الشوك. لقد أظهرَ الرب لنا أنّ الزرع هو كلمة الله المعطاة لنا في الكتاب المقدّس، وأنّ الذي سقط بين الشوك، هم الذين يسمعون كلمة الله، ثم يذهبون فيختنقون بهموم هذه الحياة وغناها وملذّاتها فلا يأتون بثمر.

 لكنّ السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان: هل لدى الإنسان المعاصر وقتٌ ليقرأ الكتاب المقدّس والكتب الروحيّة في بيته مع عائلته، كما كان يفعل أجدادنا؟! 

وفي حال أنّه قرأها، ألا يبقى الخطر قائماً بأن تختنق الكلمة الإلهيّةُ بأشواك هموم الحياة، وهي كثيرةٌ في هذه الأيام، من تأمين الطعام والأقساط والاستشفاء وحاجيات الحياة الأخرى؟! 

في الحقيقة إنّ الإنسان المعاصر يبدِّدُ وقتَه وعُمرَه في أشياءَ كثيرة، ولا يخصّصُ وقتاً ولو قليلاً لله! يظنُّ خطأً أنّ نجاته من هذه الضيقات تكون باتّخاذه الهروب طريقاً، والسَّعيَ نحو المالِ والاِنغماسَ في حياة اللهو والغنى والاستهتار.

نعم نحن في أيّام ضيقٍ ومحنة، لكن هل نحنُ أوّل من عبرَ في أوقاتٍ صعبة؟ ألم يعبر آباؤنا وأجدادنا في مثل هذه الأوقات وربما أكثر ضيقاً وصعوبة؟! لكن كيف تصرّفوا؟! وكيف تصرّف القدِّيسون عبر العصور، عندما كانوا في ظروفٍ مماثلة وربما أصعب؟ 

التاريخ يحفظ لنا أنّ قسوة الحياة وهمومها كانت سبباً لينطرحوا ساجدين للرب، وملقينَ همومهم عند قدميه! هذا فعلوه في السجون والحروب، في المجاعات والأوبئة، وفي كُلِّ الظروف التي عبروا بها، لأنّ إيمانهم بالله كان حيّاً. والربّ لم يتركهم.

في هذه الأيّام الصعبة، دعونا لا نستسلم لليأس بل فلنسمع هذه الأقوال الإلهيّة المشجِّعة: "ألقِ على الرب همّك فهو يعولك" (مز55: 22). "لا تضطرب قلوبكم ولا تجزع" (يو14: 27)، "إنّ شعور رؤوسكم جميعها محصاة، فلا تخافوا أنتم أفضل من عصافير كثيرة" (لو12: 7)، "لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون ولا للجسد بما تلبسون، تأملوا الغربان، إنّها لا تزرع ولا تحصد ... والله يَقُوتُها. تأمّلوا الزنابق كيف تنمو، لا تتعب ولا تغزل، ولكن أقول لكم إنّ سليمانَ نفسَه في كُلِّ مجدِه لم يَلبَسْ كواحدةٍ منها ... فلا تطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا ... فأبوكم يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه" (لو12: 22-31).

أيّها الأحبّاء، إن فتَحنا الكتاب المقدّس وقرأنا فيه سنجد الكثير من هذه الأقوال التي نحتاجُها في هذه الأيّام، لذلك دعونا نتصرَّفُ مع الله كما يتصرّفُ الأطفالُ مع والدِيهم، فالطفل يثقُ بمحبّةِ والدَيهِ، ولا يقلق. ينام متأكّداً من توفير الطعام واللباس له، وبدلَ أن نواجه الصعوبات بالتذمُّر والتجديف والانغماس في الشرور والملذّات، فلنرجع إلى الله ولنختبره كأبٍ مُحِبّ، متّكئين عليه كالأطفال. عندها سنكتشف حلاوة العلاقة معه، ونكون من الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلبٍ جيّدٍ صالح، ويُثمِرون بالصبر.

تأمّل في مَثَلِ الزارع 

كان يسوعُ يُكَلِّمُ الجُمُوعَ بالأمثال، والأمثالُ هي الوسيلةُ الّتي بِها يُعَلِّمُ يسوعُ تلاميذَهُ أسرارَ ملكوتِ الله.
ومَثَلُ الزارعِ الّذي يَروِيهِ لَنا الإنجيليُّ متّى، فيه يدعو الإنسانَ لكي يفكّرَ في مسؤوليّةِ الذين يسمعون كلمة الله وأن يُجَسِّدُوها في حياتهم كي تُعطيَ ثَمَراً.

فَقَبْلَ كُلِّ شيءٍ علينا أن نُهَيِّئَ حياتَنا لِتَكونَ أرضاً خصبةً تَنمو فيها كلمةُ الله.

تفسير ومعنى مَثَلِ الزارعِ هُوَ نوعيّةُ حياتِنا السطحيّةِ وإيمانِنا الضعيفِ المَبْنِيِّ على القُشُور، حيث تقع كلمةُ اللهِ في كُلِّ واحدٍ مِنّا، ولكنْ لا عُمْقَ فيها لأنّها على حافةِ الطريق. وألا نكونَ مثلَ الزرعَ وتُربَتُنا كُلُّها حجارة، فعلينا الإسراع للتخلُّصِ من حجارة أنانيتِنا وكبريائِنا التي تكون حاجزاً بيننا وبين كلمة الله. وألا نكونَ مثلَ الزرعِ تُربَتُنا كُلُّها أشواك، لأنّ هُمومَ الحياة واللامبالاة هي التي تخنقُ الكلمةَ المزروعةَ فينا.

فهل لنا الشجاعةُ والجرأةُ أن نقلعَ وننظّفَ الأشواكَ التي فينا؟

وأن نكون مثل الارض أو التربة الخصبة عندما تزرع فينا كلمة الله عليها أن تنمو وتعطي ثماراً.

الربُّ يسوعُ يريدُ مِنّا، مِن خلالِ هذا المثل، أن نزرعَ كلمة الله ليس فقط في قلوبنا وإنّما في قلوب الآخَرين دون ملل، وألا نُصابَ باليأس والضعف، ولكن أن نستمرّ في الحياة. قد تواجهُنا في حياتنا مواقفُ نَفشَلُ فيها ولا نحقّقُ ما يُطلَبُ مِنّا، ولكنْ علينا أن نتعلّمَ ونتعمّقَ في كلمة الله حتّى نقدرَ أن نعيشَها ونطبّقَها فينا.

فدَورُ كُلِّ واحدٍ مِنّا هو أن نزرع كلمة الله من خلال الكرازة والتعليم، أي بالقول والعمل بشهادةٍ حيّة.
فنطلبُ مِن الربّ يسوعَ أن يجعلَ مِن كُلِّ إنسانٍ مؤمنٍ أرضًا جيّدةً، فيقبلُ كلامَهُ نُوراً وقُوّةً ومحبّةً وحياةً تكون تمجيدًا وشكراً له. آمين.