الأحد 14 تشرين الثاني 2021
10 تشرين الثاني 2021
الأحد 14 تشرين الثاني 2021
العدد 46
الأحد 21 بعد العنصرة
اللحن الرابع الإيوثينا العاشرة
* 14: الرسول فيلبُّس، غريغوريوس بالاماس، * 15: الشُّهداء غورباس وصاموناس وأفيفس، بدء صوم الميلاد، * 16: الرَّسول متى الإنجيليّ، * 17: غريغوريوس العجائبيّ أسقُف قيصريَّة الجديدة، * 18: الشَّهيدان بلاطن ورومانس، * 19: النبيّ عوبديَّا، الشَهيد برلعام، * 20: تقدمة عيد الدَّخول، غريغوريوس البانياسي، بروكلس بطريرك القسطنطينيَّة. *
السامريّ الشفوق
ماذا أعمل لأرث الحياةَ الأبديّة؟ أجابَ الربّ يسوع: "أحبب الربّ إلهك من كلّ قلبك ومن كلّ نفسك ومن كلّ فكرك وقريبك كنفسك" (لوقا 10: 27). ومن هو قريبي؟!
بعد سرد قصّة السامريّ الذي افتقد الإنسان الواقع في الطريق بين أيدي اللصوص طرح السؤال من جديد "ترى من صار قريباً للذي وقع بين اللصوص فقال يسوع "الذي صنع معه الرحمة" (لوقا 10: 37).
السامريّ هنا هو المسيح. الواقع في الطريق بين اللصوص هو الإنسانية Humanité.
جاء الربّ لكي يَشفي الإنسانيّة الواقعة في الخطيئة، وقد استخدم من أجل ذلك الزيتَ والخمر: الزيتُ رمزُ سرِّ الميرون المقدّس، والخمرُ رمزُ دمِ المسيحِ في سرّ الإفخارستيّة.
أمّا الفندق فهو الكنيسة. يقول المزمور الإلهيّ: "دهنتَ بالأطياب رأسي، وكأسُكَ كالصِّرفِ تُطرِبُني" (مز 22: 5).
الصِّرفُ صِفَةٌ للخمرةِ الخالصة.
محبّة المسيحيّ ليست عاطفيّة. هي موجَّهةٌ لكلّ إنسان. الكاهن واللاويّ في هذه القّصة يشيران إلى
الشريعة اليهوديّة المحرومةِ مِن قوّةِ الروح القدس، من الأسرار التي تمنح نعمةَ المسيح، تمنح قوّةً إلهيّةً وتشكّلُ الدواء الشافي الذي يؤهّلنا للعودة إلى الحياة الإلهيّة.
قصّة السامريّ الشفوق رسمٌ لتاريخ الخلاص. محبّة المسيح تتوجّه لكلّ إنسان.
في كلّ ذلك، في هذه المحبّة الإنجيليّة عندنا سرٌّ عجيب، إلا وهوَ أنّنا إذا أحبَبْنا القريبَ، وبخاصّةٍ المعذَّب، إذا أحبَبْنا كلَّ إنسان، إنّما نحبُّ المسيحَ نفسَه ونخدمُه بإخلاص.
لنفتح قلبنا لكلّ إنسانٍ بكلّ هذه الرحمة الإلهيّة.
سرّ المحبّة الأخويّة الإنسانيّة هذه يُدخلنا إلى سرّ الثالوث الأقدس، إلى الآب الذي منه ينبثق كلّ شيء، إلى الإبن الذي يحوي كلّ عطايا الآب النازل عليه الروح القدس، هذا الروح المنبثق من الآب والذي هو مع الآب والإبن مسجودٌ له إلى الدهر.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروبارية القيامة باللّحن الرابع
إنّ تلميذات الربّ تعلّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجّدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
طروبارية الرسول فيلِبُّس باللّحن الثالث
أيّها الرسول القدّيس فيلبُّس، تشفّع إلى الإله الرحيم أن يُنعم بغفران الزلات لنفوسنا.
قنداق دخول السيدة إلى الهيكل باللّحن الرابع
إنّ الهيكل الكلّي النَّقاوة، هيكلَ المخلّص، البتولَ الخِدْرَ الجزيلَ الثَّمن، والكَنْزَ الطاهرَ لِمَجدِ الله، اليومَ تَدْخُلُ إلى بيتِ الرَّبّ، وتُدخِلُ معَها النِّعمةَ التي بالرّوح الإلهيّ. فَلْتسَبِّحْها ملائكةُ الله، لأنّها هي المِظلَّةُ السَّماويّة
الرِّسَالة
1 كو 4: 9-16
لتكُنْ يا ربُّ رحمتُك علينا
ابتهجوا أيُّها الصِدّيقون بالربّ
يا إخوة، إنَّ الله قد أبرزَنا نحنُ الرسلَ آخِرِيْ الناسِ كأنَّنا مجعولونَ للموت. لأنَّنا قد صِرنا مَشهداً للعالم والملائكةِ والبشر. نحنُ جهَّالٌ من أجلِ المسيحِ أمَّا أنتمُ فحكماءُ في المسيح. نحنُ ضُعَفاءُ وأنتم أقوياءُ. أنتم مُكرَّمون ونحنُ مُهانون. وإلى هذه الساعةِ نحنُ نجوعُ ونَعطَشُ ونَعْرَى ونُلطَمُ ولا قرارَ لنا ونَتَعبُ عامِلين. نُشتمُ فَنُبارِك. نُضطهدُ فنحتمل. يُشنَّعُ علينا فَنَتضرَّع. قد صِرنا كأقذارِ العالمِ وكأوساخٍ يستخبِثُها الجميعُ إلى الآن. ولستُ لأُخجِلكم أكتبُ هذا، وإنَّما أعظُكُم كأولادي الأحبَّاءِ. لأنَّهُ ولو كانَ لكم رَبوةٌ من المرشدينَ في المسيح ليسَ لكم آباءٌ كثيرون، لأنّي أنا ولَدْتُكم في المسيح يسوعَ بالإنجيل. فأطلبُ إليكم أن تكونوا مُقتَدِينَ بي.
الإنجيل
لو 10: 25-37 (لوقا 8)
في ذلك الزمان دنا إلى يسوعَ ناموسيٌّ وقال مجرّبًا إيّاه: يا معلّم، ماذا أعملُ لأرِثَ الحياةَ الأبديَّة؟ فقال لهُ: ماذا كُتِبَ في الناموس؟ كيف تقرأُ؟ فأجابَ وقال: أحبِبِ الربَّ إلهكَ مِن كلِّ قلبِك ومن كلّ نفسِك ومن كلّ قدرتِك ومن كلّ ذهنِك، وقريبَك كنفسِك. فقال لهُ بالصواب أجبتَ. إعمَلْ ذلك فتحيا. فأراد أن يُزَكِّيَ نفسَهُ فقال ليسوعَ: ومَن قريبي؟ فعاد يسوع وقال: كان إنسانٌ منحدِراً من أورشليمَ إلى أريحا فوقع بين لصوصٍ، فعَرَّوهُ وجرَّحوهُ وتركوهُ بين حيٍّ وميتٍ. فاتَّفق أنَّ كاهناً كان منحدراً في ذلك الطريقِ فأبصرَهُ وجاز من أمامهِ، وكذلك لاوِيٌّ، وأتى إلى المكانِ فأبصرَهُ وجازَ مِن أمامِه ثمَّ إنَّ سامِريًّا مسافِرًا مرَّ بِه فلمَّا رآهُ تحنَّن، فدنا اليهِ وضَمَدَ جراحاتهِ وصَبَّ عليها زيتاً وخمراً وحملهُ على دابَّتهِ وأتى بهِ إلى فندقٍ واعتنى بأمرِهِ. وفي الغدِ، فيما هو خارجٌ أخرَجَ دينارين وأعْطاهما لصاحِب الفندقِ وقالَ لهُ اعتَنِ بأمرهِ، ومهما تُنفق فوقَ هذا فأنا أدفَعَهُ لك عند عودتي، فأيُّ هؤُّلاءِ الثلاثةِ تَحسَبُ صار قريباً للّذي وقع بين اللصوص؟ قال الذي صنع َ إليهِ الرحمة. فقال لهُ يسوع امضِ فاصنعَ أنتَ أيضاً كذلك.
في الإنجيل
"إفْعَل هذَا فَتَحْيَا" (لو 10: 28)، هذه وصيّة يسوع للنّاموسي أن يُحِبَّ الربَّ والقريب على حَدٍّ سَواء، لأن لا محبّةَ للرّبِّ بدون محبّةِ القريب، ولا محبّةَ للقريبِ بدون محبّةٍ حقيقيّةٍ للرّبّ.
فالطريق هذا "اذْهَبْ أَنْتَ أَيْضًا وَاصْنَعْ هكَذَا" (لو 10: 37) هو طريق الملكوت. فالموضوع الرئيسيّ لهذا الإنجيل هو حُبُّ القريب. ولكن، لا بد أن نذكر ما كان تصرُّف الناموسيّ تجاه يسوع. فهو أوَّلاً أرادَ أن "يُجرِّبَه" وثانياً يقول الإنجيل إنّه "أراد أن يبرّر نفسه" (لو 10: 28). فما خلفيّاتُ هذه الأفعال؟
النّاموسيّون في أيّام يسوع هم الأشخاص المتخصِّصون في الشريعةِ اليهوديّة. كانوا أيضاً المرجعيّة في الأمور هذه. هم يُعتبَرون كالمحامين أو القضاة.
يعرفون في القانون وشِعابِه وفَجَواتِه. كما أيضاً كانوا يستعملون الناموس ليتحايلوا على الناموس بحدّ ذاته والناس. فكان الناموسيّ الذي يحاور يسوع يجرّبُه ليرى إن كان يسوع يحافظ على ما أتى في ناموس موسى. وأمّا يسوع فجاوبه بسؤالٍ مِن الناموس.
تصرُّفُ الناموسيّ هذا جاء من خلفيّةِ "عدم احترامٍ تجاه السيد" (أورجنس، في متى، 16. 8. 198 [منشور في Klasterman]).
أمّا التصرف الثاني للناموسيّ فقد أتى من جرّاءِ حبّه لذاته وتعاليه على الناس. فهو يَدِينُ الكُلَّ ولا يُدان، يحاكِمُ الكُلَّ ولا يُحاكَم، يَعتبر نفسَه مختلفًا عن الجميعِ وأحسن من الجميع (أنظر ق. كيريلس الاسكندري، في لوقا،15-10، 680 .72 P.G.).
كان الناموسيُّ متكبّرًا، وقد خاطب السيّدَ بهذه الطريقةِ ليبرّرَ نفسَه عن مكرٍ، وليرى إذا كان الربُّ سيَدينُه. فهو بالأصل كان يعتبر نفسه بارّاً (أنظر ق. ثيوفيلاكتوس رئيس أساقفى أورخيذا، في الأناجيل، فالقريبُ بالنسبةِ له هو الذي من ذات المكان، أي قريبٌ له مكاناً (P.G. 123.3.844.55).
هو أيضاً مِن ذات القيمة، أي شخص ذو امتيازاتٍ ومناصب ومراكز ومقامات. فالقريب بالنسبةِ له ليس قريبًا بالجوهر، أي كإنسان، يتمتّع بامتيازاتٍ إلهيّة، شريكٍ لله بالنعمة، بل بامتيازاتٍ سياسيّةٍ واجتماعيّة (أنظر ق. إيسيذورس البيلوسيوتي الراهب (قرن 5)، الرسائل SC 586.1959.3-15)).
يريدُ الربُّ أن يُريَ الناموسيَّ وإيّانا أنّ القريب هو ذاك الغريب الذي يظهر لنا فجأةً ونحن نسير على دروب الحياة. هو كُلُّ إنسانٍ غيرِ منتظرٍ يأتي في سبيلِنا ليطلب مساعدة.
هو القريب المجهول. أتى الربُّ ليقول لنا إنّ الإحسان لمن هم مختلفون عنّا أسمى وأفضلُ بكثيرٍ من مساعدة الذين نحبُّهم ونعرفُهم. ففي هذا المثل، الكاهن اليهوديّ لم يلتفت إلى ابن جنسه ولا اللاوي. بل السامريّ الذي يعتبر عدوّاً لليهوديّ.
التفتَ، نظرَ، تنازلَ، قامَ عن حصانه وتواضع. نزل ليخدم اليهوديّ المنكوب. فبهذا أراد يسوعُ أن يقول لنا إنّ القريب هو في الجوهر قريبنا لا بالمراكز والامتيازات (أنظر إيسيذورس أيضاً). فإذا فعلنا هذا، أي إذا أحببنا ذلك الغريب، الذي فيه يسكن الابن إذ هو أتى غريباً، فسنحيا، أي سنخلص ونرث الملكوت.
الفضيلة في العائلة
كلّ العائلات اليوم تواجه مشاكل لا تُعدّ ولا تحصى، وتطغى الهموم المعيشيّة على كلّ جوانب الحياة ويسيطر اليأس على الوالدين لكونهم يشعرون أنّهم خارج تطلّعاتِ الدولة وهاجسِها، وكذلك المؤسّسات الاجتماعيّة والدينيّة.
في خضمِّ هذه الأجواء يصبح الأهل غريبي الأطوار ويتصرّفون بعنف وعصبيّة، وتصبح تحرُّكاتُ الأولاد أو الأطفال داخل المنزل مصدرَ اضطرابٍ وقلقٍ ويؤجِّجُ الغضبَ والعصبيّةَ لدى الأمّ، خاصّةً لِكَونِها المعتَبَرةَ المسؤولةَ المباشرةَ عنهم.
ومِن هُنا نرى الكثيرَ من الآباءِ يتجنّبون الاحتكاكَ مع أولادِهم، ويَكتَفُون بالبحث عن راحتِهم، لِظَنِّهم أنّهم يحتاجون إلى الوحدة والراحة مع آلاتِهم وهواتِفهم وألعابِهم ليستطيعوا متابعة تأمين حاجات العائلة في اليوم التالي. وتترسّخُ بذلك حالةُ اللامبالاة في طريقة الحياة.
الفضيلة في العائلة تأتي عبر التمرّس على احتمال الأجواء المضطربة وحَمْلِها بِرُمَّتِها أمام الحضرة الإلهيّة، لا لِكَونِها عَسِرَةَ الحَمْلِ، لكنْ لِيَتَوضَّحَ للوالدين أنّ هذه الصعوبات تدفعُهم إلى اليقظة والانتباه إلى حالتهم كمسيحيّين يحاولون العيش روحيًّا.
لا بدَّ أن يتذكرّ الزوجانِ أنَّ المسيحَ حاضرٌ دائمًا معهما كما في العُرس، وأنَّ عُرسَهما مستمرٌّ إلى نهاية هذه الحياة، ويظلِّلُ أيضًا ثمرةَ حبّهما، الأولاد، بنعمته.
المسيحيُّ يرى في كلّ ضغوطات الحياة مجالاً للتمرّس على الفضيلة، لذا يشكر الرّب المعطي على كلّ شيء، دون امتعاضٍ أو تأفُّف، ويُلقي على الرّبِّ همَّه. ويحملُ مشاكلَه ويرفعُها بصلواته إلى الله، الذي يعطي كُلَّ مَن يطلب، وينتشلُ مَن يغرق.
من هنا يُشدِّدُ آباءُ الكنيسةِ على وجودِ فُسحةٍ دائمةٍ من الهدوء والصلاة في العائلة. فالهدوء ومطالعة الكتب الروحيّة تساعد المرء أن يعود إلى ذاته من أجل معرفة أهوائه وضعفه وتُضفي جوًّا من السلام. والصلاة الفرديّة، أو العائليّة المشتركة، تزيد الروابط بين أفراد العائلة متانةً، فللصلاة قُوّةٌ عظيمةٌ داخلَ العائلة، وهي تُنمّي روحَ المشاركةِ والإحساسِ بِبَركةِ الرّبّ على كلّ فردٍ فيها، بالطبع كلٌّ على مقدار طاقته وقامتِه الروحيّة، وتكتمل بعطر القداسة في القدّاس الإلهيّ الذي يشترك فيه الكلّ.
العائلة هي مصنع القدّيسين. العائلة كنيسةٌ صغيرةٌ على حسب تعليم آباء كنيستنا، فيها يتجلّى الحبّ الإلهيّ بين أفرادِها على صورة الثالوث القدّوس. فيه يتمرّس الوالدان على اكتساب الفضائل، ويرتوي الأطفالُ والأولادُ مِن نِتاجِ هذه العائلة، الحبّ، ويتعلّمون سُبُلَ البِرِّ ومواجهةَ الشدائد والضيقات الآتية بمنهجٍ مسيحيٍّ مبنيٍّ على أنَّ الله رفيقُ الدربِ ومُعينُ طالبِيه، ويُغدِقُ بنعمتِه وسَلامِهِ على كلّ أتقيائه.