الأحد 16 أيار 2021
العدد 20
أحد حاملات الطيب
اللحن الثاني الإيوثينا الرابعة
* 16: البارّ ثاوذورس المتقدِّس، * 17: الرّسولان أندرونيكوس ويونياس، * 18: الشُّهداء بطرس ورفقته، القدِّيسة كلوديا، * 19: الشَّهيد باتريكيوس أسقف فاراسا، * 20: الشُّهداء ثلالاوس ورفقته، نقل عظام القدّيس نيقولاوس، ليديا بائعة الأرجوان، * 21: قسطنطين وهيلانة المعادلا الرُّسل، * 22: الشّهيد باسيليوس. ***
الصلاة والرؤيا
الرؤيا الإلهيّة هي أكثر من صلاة، أكثر من قلب، أكثر من فكر، أكثر من حواس، أكثر من ذكاء وفطنة.
القوانين والوصايا تتراجع أمام طهارة القلب. التلاوات الصلاتيّة ومعها النَّوح. التوسّل، الدموع وغيرها كلّها تتوقّف عند الصلاة النقيّة .Prière Pure
كلّ ذلك يحتاج الى جهاد والى صراع بعدها تأتي المشاهدة، يأتي الذهول والدهش في التأملات contemplation لا يعود الفكر منشغلاً بالصلاة عندما يجتاحه الروحُ القدس، عندها تتوقّف الصلاة. الصلاة غير التأمّل، الكلامُ غير الرؤيا: الواحد هو البذار، والثاني هو الحصاد.
كلُّ صلاةٍ بحاجةٍ إلى تَوَسُّل. كلُّ ذلك يتوقّفُ عند المشاهدة Contemplation. هناك تمييزٌ بين الأمرَين.
من بين آلاف البشر نجد واحداً فقط قد أكمل الوصايا ووصل الى طهارة النفس. أيضًا فيما بين كثرة المجاهدين ربّما نجد واحداً قد اكتسب اليقظة ووصل إلى الصلاة النقيّة .Prière Pure
أمّا فيما يختصّ بهذا السرّ الذي نتكلّم عنه، أعني الرؤيا أو المشاهدة الفائقة على الصلاة، فيَندُرُ إيجاد أكثرَ مِن واحدٍ في كُلِّ جيل.
هكذا يا أخي أضحَتِ الصلاةُ الحدَّ بين حركةِ النفسِ والصعيدِ الروحيّ، أعني بين الصلاةِ والرؤيا، أو المشاهدة. كما أنّ القدّيسين تجتاحُهم موجاتُ الروح فيقعونَ في انخطافٍ extase، ممّا يُشبِعُهم حلاوةَ التمتُّعِ بالخيراتِ الآتية، هكذا فإنّ الفكرَ المنفتحَ على المستقبَلاتِ السماويّةِ يَنسى كلَّ فكرٍ أرضيّ.
يمكنُ إذاً أن نقولَ إنّ كلَّ صلاةٍ تأتي مِن عملِ الإرادةِ والفِكرِ الذي يَسودُ على الحسيّات. لكنْ عندما ينتصرُ الروحُ على فِكرِ الحواسّ، يَهجُرُ الإنسانُ بَشريّتَه لِيُقادَ بالروحِ الإلهيّ، فيتخطّى الصلاةَ الفكريّة. راجع (2 كورنثوس 12: 2)، لترى خبرةَ الرسول بولس في هذا المجال. الصلاةُ حالةٌ مِن عَمَلِ الفكر، يجتاحُها نورُ الثالوث القدّوس، وعجبٌ كلّه ضياء.
عندما ينزع الفكر لباسَ الإنسان القديم ويرتدي لباسَ النعمة، عندها يرى صلاتَه تُشكَّل بلون سماويّ.
هذا ما رآه شيوخُ إسرائيل عندما ظهر لهم اللهُ على الجبل (راجع خروج 24: 9-11).
هناك إذًا صلاةٌ وهناك ثَمَرُ الصلاةِ النقيّةِ يجتاحُها الروحُ القدس.
هناك الرؤيا التي ليست من هذا العالم المائت (من عظات القدّيس اسحق السرياني رقم 22).
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروبارية القيامة باللّحن الثاني
عندما انحدَرْتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الذي لا يموت، حينئذٍ أمتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتِك. وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى، صرخَ نحوَكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماويين: أيُّها المسيحُ الإله، معطي الحياةِ، المجدُ لك.
قنداق الفصح باللّحن الثامن
ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبر يا مَن لا يموت، إلا أنَّك درستَ قوَة الجحيم، وقمتَ غالباً أيُّها المسيحُ الاله، وللنسوةِ حاملاتِ الطيب قلتَ افرحنَ، ولِرسلِكَ وَهبتَ السلام، يا مانحَ الواقعينَ القيام.
الرِّسَالة
أع 6: 1-7
قُوَّتي وتسبِحَتي الربُّ.
أدبًا أدّبني الربُّ وإلى الموت لم يُسْلِمني
في تلك الأيّام، لمّا تكاثر التلاميذ، حدثَ تذمّرٌ من اليونانييّن على العبرانييّن بأنّ أرامِلَهُم كُنَّ يُهْمَلْنَ في الخدمة اليوميّة. فدعا الاِثنا عَشَرَ جُمهورَ التلاميذ وقالوا: لا يَحسُنُ أن نتركَ نحن كلمةَ اللهِ ونخدمَ الموائد، فانتَخِبُوا أيُّها الإخوةُ منكم سبعةَ رجالٍ مشهودٍ لهم بالفضل، ممتَلِئِين من الرُّوح القدس والحكمة، فنقيمَهُم على هذه الحاجة، ونواظِبَ نحن على الصَّلاة وخدمةِ الكلمة. فَحَسُنَ الكلامُ لدى جميع الجمهور، فاختاروا استفانُسَ رجلاً ممتلئاً من الإيمان والرُّوح القدس، وفيلبُّسَ وبروخورُسَ ونيكانُورَ وتيمنَ وبَرمِناسَ ونيقولاوُسَ دخيلاً أنطاكيًّا. وأقاموهم أمام الرُّسُل، فصلَّوا ووضعُوا عليهم الأيدي. وكانت كلمةُ الله تنمو وعددُ التلاميذِ يتكاثَرُ في أورشليمَ جدًّا. وكان جمعٌ كثيرٌ من الكهنةِ يُطيعونَ الإيمان.
الإنجيل
مر 15: 43-47، 16: 1-8
في ذلكَ الزمان، جاء يوسفُ الذي من الرامة، مشيرٌ تقيٌّ، وكان هو أيضًا منتظراً ملكوت الله. فاجترأ ودخلَ على بيلاطُسُ وطلب جسدَ يسوع. فاستَغرَبَ بيلاطُسُ أنَّه قد ماتَ هكذا سريعًا، واستدعى قائدَ المئةِ وسأله: هل له زمانٌ قد مات؟ ولمّا عرف من القائد، وَهَبَ الجسدَ ليوسف. فاشترَى كتّاناً وأنزله ولفَّهُ في الكتّان، ووضعه في قبرٍ كان منحوتاً في صخرةٍ، ودحرج حجرًا على باب القبر. وكانت مريمُ المجدليّةُ ومريمُ أمُّ يوسي تنظران أينَ وُضِعَ. ولمّا انقضى السبتُ، اشترت مريمُ المجدليّةُ ومريمُ أمُّ يعقوبَ وسالومةُ حَنوطاً ليأتين ويدهنَّه. وبكّرنَ جداً في أوّل الأسبوع وأتينَ القبرَ وقد طَلَعَتِ الشمس، وكُنَّ يَقُلْنَ في ما بينهنَّ: مَن يُدحرجُ لنا الحجرَ عن باب القبر؟ فتطلّعنَ فرأينَ الحجرَ قد دُحرجَ لأنّه كان عظيمًا جِدًّا. فلمّا دَخَلْنَ القبرَ رأَينَ شابًّا جالسًا عن اليمين، لابِساً حُلَّةً بيضاءَ، فانذَهَلْنَ. فقالَ لَهُنَّ: لا تنذَهِلْنَ. أنتنَّ تَطْلُبْنَ يَسوعَ الناصريَّ المصلوب. قد قام. ليس هو ههنا. هوذا الموضعُ الذي وضعوه فيه. فاذهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاميذِهِ وَلِبُطرسَ إنّه يَسبِقُكُم إلى الجيل، هناك تَرونَهُ كما قالَ لَكُم. فخَرجْنَ سريعًا وَفَرَرْنَ من القبرِ وقد أَخَذَتْهُنَّ الرِّعدةُ والدَّهَش. ولم يَقُلْنَ لأحدٍ شيئًا، لأنّهنَ كُنَّ خائفات.
في الإنجيل
في الأحد الثاني من الفصح العظيم المقدّس، تعيّد كنيستُنا المقدَّسةُ للقدّيساتِ النسوةِ حاملاتِ الطيب، وللقدّيسَينِ يوسفَ الراميِّ ونيقوديموس.
وفي المقطع الإنجيليّ المخصَّصِ لهذا الأحد، تَبرزُ صورتُهم جميعاً كأبطالٍ يمتلكون شجاعةً روحيّةً لا مَثِيلَ لها.
ففي حين هربَ التلاميذُ بمعظمِهم وتركوا يسوع، نرى يوسفَ يتجاسرُ ويدخلُ على بيلاطسَ ويَطلبُ جسدَ يسوع. وبهذه الجسارة يكون يوسفُ قد أعلن نفسَه تلميذًا ليسوع، وعرّضَ نفسَه لِخَطَرِ اضطهادِ اليهودِ له، مُفضِّلاً خدمةَ المصلوب، منزِّلاً ايّاهُ عن الصليب، لافًّا ايّاهُ بالسَّباني النقيّة، وَمُجَهِّزًا له قَبرًا جديدًا ومُضْجِعًا ايّاهُ في هذا القبر. كُلُّ هذا كان بِمُشارَكَةِ نيقوديموس.
أمّا القدّيساتُ النِّسوةُ حاملاتُ الطيب، فقد تَغَلَّبْنَ على ضعفِ طبيعتِهنَّ الأُنثَويّة، وسَيطَرْنَ على الخوف، مُتَحدِّياتٍ اضطِهادَ اليهودِ ووقاحةَ الجُنود. وقد تَجاسَرْنَ وَحَضَرْنَ ومعَهُنَّ الحَنُوطُ الذي أَعدَدْنَه، وركَضْنَ بِنَشاطٍ لِيَدْهَنَّ جسدَ يسوع. يُختَصَرُ المشهدُ بالأُمورِ التالية: نساء، ليل، حُرّاس، حجر كبير. كلُّ هذا وفي عزمهنّ أنْ يُدَحْرِجْنَ الحجرَ ويَدْهَنَّ جسدَ الربِّ المدفون.
وتأتي المكافأةُ مِن لَدُنِ الربِّ القائمِ مِن الموت، إذْ أُهِّلَتِ النِّسْوَةُ القدّيساتُ لِمُشاهَدَةِ الملائكةِ والتكلُّمِ معهم، وأُعْطِينَ شَرَفَ سَماعِ أُولى بَشائرِ القيامة، ومشاهدةِ الربِّ القائم، ونَقْلِ بُشرى القيامةِ إلى التلاميذ.
شجاعةُ مَن نُعيِّدُ لهم اليوم هي المطلوبةُ لِكُلِّ واحدٍ مِنّا، نحن الذين تكتنفُنا أهوالُ التجاربِ مِن كُلِّ حَدَبٍ وَصَوب، وخصوصاً في هذه الأوقاتِ الصعبةِ التي نَمُرُّ بها. فبدلاً من أن نجعلَ الجُبنَ والخوفَ يتغلّبانِ علينا، منهزمِينَ أمامَ الشرورِ المختلفة، فلنتسلَّحْ بالشجاعةِ الروحيّة، شجاعةِ نيقوديموس ويوسف وحاملات الطيب، وَلْنتغلَّبْ على تلك المصاعب كلِّها، لكي نفوزَ بنعيم الفردوس.
اليوم، وبعد القيامة، بِتْنا مَدْعُوِّينَ أكثرَ فأكثر، لِكَونِنا اختَبَرْنا في فترةِ الصومِ طَعْمَ الجهادِ الرّوحيّ وحلاوةَ التعزيةِ الإلهيّة، وَلِكَونِنا نِلْنا نعمةَ المشاركةِ بِغَلَبَةِ السيّدِ على الموت، وَذُقْنا فرحَ القيامة، إلى أن نسهرَ على أنفسِنا، باذلينَ جَهدًا أكبر، بِتَعَبٍ ويَقَظة، لئلّا يأتيَ السّارِقُ ويَسرِقَ مِنّا ما اقتَنَيناه، فنخسرَ التمتُّعَ بِحَلاوةِ السيّدِ القائمِ مِنَ الموت، الذي له المجدُ والقُوّةُ والإكرامُ والسُّجود. آمين.
حاملات الطيب
حاملاتُ الطيبِ هُنَّ النساءُ اللواتي تَبِعْنَ الرّبَّ بِرِفقةِ أُمِّهِ مريمَ العذراء. إنّهُنَّ نموذجٌ واضحٌ يُعطِيهِ الكتابُ المقدَّسُ عن خِدمتِهِنَّ البِشاريّةِ بالمسيحِ القائمِ مِن بَينِ الأموات.
النموذجُ الأوّلُ بينهنَّ هي والدةُ الإلهِ التي بشّرَها الملاكُ بِحَبَلِها بالربّ، وكانت أوّلَ مَن بشّرَها الملاكُ نفسُه أيضًا بِحَدَثِ القيامة.
مريمُ العذراءُ، بِحَسَبِ التقليدِ الكَنَسِيّ، قد رَأَتِ الزلزلةَ الكبيرةَ والملاكَ النازلَ مِنَ السماءِ كالبَرْق، والحُرّاسَ كالأمواتـ والحجرَ مُدَحرَجًا عَنِ القبر، ونالَتِ الفرحَ العظيمَ لِكَونِها فَهِمَتْ بُشْرى الملاكِ واستَسلَمَتْ كُلّيًّا لِلنُّورِ المُنبَثِقِ مِنَ القبر. هذا لِكَونِها طاهرةً بالكُلّيّة.
والدةُ الإلهِ هِيَ أَوَّلُ مَن تمتَّعَ بِكَلامِ الناهضِ مِن بينِ الأموات، ورَأَتْهُ بعينَيها، وسَمِعَتْهُ بِأُذُنَيها. وعلاةً على ذلك، هيَ الوحيدةُ الّتي سَمَحَ لَها بِلَمسِ قدمَيهِ الطاهرتَينِ بعدَ قيامتِه. (مت 9:28)
فرَحُ القيامةِ لا يُمكِنُ أن يُضبَطَ في القلوب، كما أنّ عُنصُرَ الحياةِ لم يُضبَطْ في قَبر. لذا أَسرَعَتِ العذراءُ معَ النِّسوةِ لِتُخبِرَ التلاميذ.
النساءُ الأُخرَياتُ اللواتي رَأَينَ الحَدَث، يَقولُ عَنهُنَّ الإنجيليُّ مرقس: "خَرَجْنَ سريعًا مِنَ القبر، وقد أَخَذَتْهُنَّ الرِّعدةُ والدَّهَش، ولم يَقُلْنَ لأحدٍ شيئًا لأنّهُنَّ كُنَّ خائفات" (مر 8:16). هذا الخوف طبيعيٌّ بالنسبةِ للحَدَثِ الغريب، وكذلك لِكَونِهِنَّ لم يَصِلْنَ بَعدُ لِما وَصَلَتْ إليه أُمُّنا العذراءُ مِن طهارةٍ وَحُبّ، ولم يَختَبِرْنَ ما اختَبَرَتْهُ الأُمُّ مِن وَلَدِها.
يذكر سنكسار كتاب البنديكستاريون أسماءَ حاملاتِ الطيبِ بِشَكلٍ مُوَسَّع، فيَذكر: مريم العذراء، ومريم المجدليّة، صالومي التي كانت ابنةَ يوسفَ الخطيب، يُوانّا امرأةَ خُوزِي الذي كان وكيلَ هيرودسَ الملك، مريمَ ومرتا أختَي لعازَرَ الذي أقامَهُ الرّبُّ مِنَ الموت، مريمَ التي لِكْلاوُبا تلميذِ عِمواس، سُوسَنّة، وأُخَرَ كثيراتٍ كُنَّ يَخدِمْنَ يَسوعَ وتلاميذَهُ مِن أموالِهِنّ.
الكنيسةُ في هذا اليومِ تُوَجِّهُ أنظارَنا إلى أنَّه كما أنّ السُّقوطَ بامرأةٍ، كذلك أتتْ بُشرى الحياةِ وغَلَبَةِ الموتِ بِامرأة. وكما أنَّ حَوّاءَ الأُولى اختبأَتْ مِن وَجْهِ الرَّبِّ بَعدَ مَعصِيَتِها، ها هنا حَوّاءُ الثانِيَةُ تُعايِنُ حَلاوةَ وَجهِ ابنِها وإلهِها القائمِ مِن بَينِ الأموات.
ومعَها باقي حاملاتِ الطيب نَقَلْنَ البُشرى أنَّ مُعطِيَ الحياةِ يَسُودُ مالِكًا. وتطلب منهُنَّ، معَ الملاك، قائلةً: "إنَّ النُّورَ المُضِيءَ لِلحاصِلِينَ في الظَّلامِ قد أشرق، فَبَشِّرْنَ التلاميذَ (كَواكِبَ الصُّبحِ المُضيئة) قائلاتٍ لهم: حَوِّلُوا الكَآبةَ إلى فَرَحٍ بالفِصحِ الكُلّيِّ البَهجة، بقلْبٍ لا يُخامِرُهُ شَكٌّ، وتَهَلَّلُوا بِسُرورٍ لأنَّ المسيحَ خَلاصَ الأَنامِ قد قام، وهو يَمنَحُ العالَمَ الرحمةَ العُظمى".