الأحد 11 نيسان 2021
08 نيسان 2021
الأحد 11 نيسان 2021
العدد 15
الأحد الرابع من الصوم
اللَّحن الثالث الإيوثينا الحادي عشر
* 11: يوحنّا السُّلَّميّ، الشّهيد أنتيباس أسقُف برغامس، * 12: باسيليوس المعترف أسقُف فارية Veria، أكاكيوس الآثوسيّ، * 13: مرتينوس المعترف بابا رومية، * 14: أريسترخس وبوذوس وتروفيمس وهم من الرُّسل السَّبعين، * 15: خميس القانون الكبير، الشّهيد كريسكس، * 16: الشّهيدات أغابي وإيريني وشيونيّة الأخوات العذارى، القدّيسة غاليني، المديح الكبير، * 17: الشّهيد في الكهنة سمعان الفارسيّ ورفقته. *
الجهاد الروحيّ
يقول القدّيس بولس: كلّ مَن يجاهد يضبط نفسه في كلّ شيء" (1 كورنثوس 9: 25).
سُئِل الأب أغاثون: "ما الأفضل الجهاد الجسديّ أم حفظ القلب داخليًّا؟" فأجاب يشبه الإنسان شجرة: التعب الجسديّ هو في الأوراق، أمّا حفظ النفس داخليّاً فهو في الثمار. هذا لأنّه قيل في الكتاب: "كلّ شجرة لا تصنع ثمراً جيّداً تُقطع وتُلقى في النار" (متى 3: 10).
من هنا أنّ العمل في النهاية هو في الثمر، أي في حفظ القلب. ومع ذلك نبقى بحاجة إلى زينة الأوراق التي تكمن في التعب الجسديّ.
كلّ من يبتعد عن مطربات هذا العالم الخارجيّة كالسهر والسكر والطرب والفسق.. يواجه في المقابل حرباً داخليّة أخرى آتيةً من الأرواح الشريّرة: كالشراهة والزنى، الغضب والضجر acédie، محبّة الفضة، الكآبة، المجد الباطل، الكبرياء... هذه هي نفسها تحارب الراهب في سكينته.
ترى! كيف يمكننا أن نميّز النوعَ الشرّير في كلّ هذا؟! طبعاً يمكن لنا أن نلتجئ الى خبرة أب روحيّ مستنير.
يقول القدّيس أنطونيوس الكبير فيما يختص بالأفكار والرؤى "كلّ فكر أو رؤية يرافقه سلامٌ، فرحٌ،
تواضعٌ كلّ هذا يكون آتياً من روح طاهر أمّا إن كان يسبّب قلقاً في النفس ويرعبها، هذا الأخير يحمل في جوفه روحاً شرّيراً حتّى ولو كان ظاهره جيّدًا.
أمّا القدّيس أثناسيوس الكبير في كتابه عن حياة القديس أنطونيوس فهو يضيف أيضًا أنّ الروح الشرير يبثّ في النفس الاضطراب، الخوف، الحزن، الضجر، الخوف، الموت...
أمّا إن كانت الرؤيا قد أعطت النفس فرحاً وراحة، فاعلموا أنّ الذي زاركم هو روحٌ قدّيس.
صلاة التوبة:
أيّها الربّ وسيّد حياتي أعتقني من روح البطالة والفضول وحبّ الرئاسة والكلام البطّال. وأنعم علي أنا عبدك الخاطئ بروح العفّة واتّضاع الفكر والصبر والمحبّة. نعم يا ملكي وإلهي، هَبْ لي أن أعرفَ ذنوبي وعيوبي، وألا أدين إخوتي فإنك مباركٌ إلى الدهور. آمين.
هي صلاة الصوم. تشكّل مقوّمات للتوبة. البطالة هنا تشير إلى الكسل الغريب، ممّا يسمّم الطاقةَ الروحيّة.
الفضول إشارة إلى التشتّت والقنوط، إشارة أيضًا الى اليأس. واليأسُ انتحارٌ للنفس.
حبّ الرئاسة ناتج عن الأنانية والانغلاق على النفس وعلى الرغبات الخاصّة وعدم احترام الآخرين من الإخوة. أمّا الفضائل المكتسبة فهي:
روح العفّة intègrité هي السلامة للكيان. اتّضاع الفكر تواضعٌ ومَحْوُ كُلِّ كَذِبٍ وَرِياءٍ وتَباهٍ وتَكَبُّر. الصبر لا التسرّع والحكم على الآخرين، كتسامح الله وصبره على عيوبنا. والمحبّة وهي ثمار الجهد الروحيّ وقمّة الفضائل/نعم يا ملكي والهي، هَبْ لي أن أرى المسيحَ في الإنسان الآخر، أن أرى عيوبي ولا أدين إخوتي.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريّة القيامة باللّحن الثالث
لتفرح السماويّات، ولتبتهج الأرضيات، لأنّ الربَّ صنعَ عِزًّا بساعدِه، ووطِئَ الموتَ بالموتِ، وصارَ بكرَ الأموات، وأنقدنا من جوفِ الجحيم، ومنح العالم الرحمةَ العُظمى.
طروباريَّة القديس يوحنّا السلّمي باللّحن الثامن
للبرَّية غَير المُثمرة بمجاري دُموعِك أمْرعتَ، وبالتنهُّداتِ التي منَ الأعماق أثمرْتَ باتعابِك إلى مئةِ ضِعفٍ، فَصِرتَ كَوكَباً للمَسْكونةِ مُتلألئاً بالعجائب يا أبانا البارَّ يوحنا. فتشفَّع إلى المسيح الإله في خلاصِ نفوسِنا.
القنداق باللّحن الثامن
إِنِّي أَنا عبدُكِ يا والدةَ الإله، أَكتُبُ لكِ راياتِ الغَلَبَة يا جُنديَّة محامِيَة، وأُقَدِّمُ لكِ الشُّكْرَ كَمُنْقِذَةٍ مِنَ الشَّدائِد. لكنْ، بما أَنَّ لكِ العِزَّةَ الَّتي لا تُحارَبِ، أَعتقيني من صُنوفِ الشَّدِائِد، حتَّى أَصرُخَ إِليكِ: إِفرحي يا عروسًا لا عروسَ لها.
الرِّسَالة
عب 6: 13-20
الربُّ يُعطي قوّةً لشَعبِه
قدّموا للرّب يا أبناءَ الله
وأُكثِّرنَّكَ تكثيراً. وذاك إذ تَأنّى نالَ الموعد. وإنّما الناسُ يُقسِمونَ بما هُوَ أعظَمُ منهمُ، وتنقضِي كلُّ مُشاجرَةٍ بينَهُم بالقَسَم للتَثْبيتِ. فَلِذلك، لمَّا شاءَ اللهُ أنْ يَزيد وَرَثة الموعِد بياناً لعدم تَحوُّل عزْمِهِ، توسَّط بالقسَم، حتّى نَحصُلَ، بأَمرَينِ لا يتحوّلانِ ولا يُمكِنُ أن يُخِلفَ اللهُ فيهما، على تعزيَةٍ قويّةٍ نحنُ الذين التجأنا إلى التمسُّكِ بالرَجاءِ الموضوع أمامَنا، الذي هو لنا كَمِرساةٍ للنَفْسِ أمينةٍ راسِخة تَدْخُلُ إلى داخلِ الحِجاب حيث دَخَل يسوعُ كسابقٍ لنا، وقد صارَ على رُتبةِ مليكصادَق، رئيس َكهنةٍ إلى الأبَدِ.
الإنجيل
مر 9: 17-31
في ذلك الزمان، دنا إلى يسوع إنسانٌ وسَجدَ له قائلاً: يا مُعَلِّمُ قد أتيتُك بابْني بِه روحٌ أبْكَم، وحيثما أخذهُ يصرَعُهُ فيُزبِدُ ويَصرِفُ بأسنانه وَييبَس. وقد سألتُ تلاميذَكَ أن يُخرجوهُ فلم يَقدِروا. فأجابَهُ قائلاً: أيُّها الجيلُ غيرُ المؤمِن، إلى متى أكونُ عِندَكُم، حتّى متى أحتْمِلُكُم؟ هَلمَّ بهِ إليَّ. فأتوهُ بهِ. فلما رآهُ للوَقتِ صَرَعَهُ الروحُ فسَقَطَ على الأرض يَتَمَرَّغُ ويُزبدُ. فسأل أباهُ: منذ كم مِنَ الزمان أصابَهُ هذا؟ فقالَ: مُنذُ صِباهُ، وكثيراً ما ألقاهُ في النار وفي المياهِ ليُهلِكَهُ، لكنْ إنّ استَطَعْتَ شيئاً فَتَحَنَّنْ علينا وأغِثنا. فقال لَهُ يسوعُ: إن استَطَعْتَ أن تُؤمِنَ فكُلُّ شيءٍ مُستطاعٌ للمؤمِن. فصاحَ أبو الصبيّ مِنْ ساعَتِه بدموع وقالَ: إنّي أُومِنُ يا سيِّد، فأغِث عَدَم إيماني.
فلمّا رأى يسوعُ أنَّ الجميعَ يتبادَرون إليهِ انتهَرَ الروحَ النجِسَ قائلاً لَهُ: أُّيُّها الروحُ الأبْكمُ الأصَمُّ، أنا آمُرُكَ أنِ اخرُج مِنهُ ولا تعُدْ تَدخُلُ فيه، فصرَخَ وخبَطهُ كثيراً وخرجَ مِنهُ فصارَ كالميت، حتّى قال كثيرون إنّه قد ماتَ. فأخذَ يسوعُ بيدِه وأنهضه فقام. ولمّا دخل بيتًا سأله تلاميذه على انفراد: لماذا لم نستطع نحن أن نخرجه؟ فقال لهم: إنّ هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء إلّا بالصلاة والصوم. ولمّا خرجوا من هناك اجتازوا في الجليل ولم يرد أن يدري أحد، فإنّه كان يعلِّم تلاميذه
ويقول لهم: إنّ إبن البشر يُسلَمُ إلى أيدي الناس، فيقتلونه، وبعد أن يُقتَلَ يقوم في اليوم الثالث.
في الإنجيل
يُتلى هذا المقطع الإنجيليّ في الأحد الرابع من الصوم، الذي يُسمّى أحد يوحنّا السلّميّ.
رتّبت الكنيسة هذه الآحاد ووضعت لكلِّ أحدٍ مقطعًا إنجيليًّا يتناسب مع مضمون الحدث. الموضوع الأساسيّ لإنجيل اليوم ليس العجيبة فحسب، وإنّما الصوم والصلاة اللذان هما لُبّ محتوى كتاب "سلّم الفضائل" الذي كتبه قدّيس اليوم.
هذا الكتاب الذي هو بمثابة فضائل أساسيّة للوصول إلى قمّة السلّم، حيث ينتظر الرّب يسوع.
كلّ الفضائل أساسيّة: العفّة، الصدق، الأمانة، ... ولكنَّ الصوم والصلاة هما البداية الأساسيّة لا بل الدعائم التي تدعم الفضائل كلَّها. وتأكيدًا على هذا القول نَذكُرُ أنَّ الرّب يسوع صعد إلى الجبل حيث صام وصلّى 40 يومًا، فأتاه المجرّب أخيرًا.
لم يواجه الشيطان الرّب يسوع كإله، لأنّه لا يجرؤ على ذلك، بل حاول إسقاطه كإنسان، لهذا علَّمنا يسوع كيف نواجه أو بالأحرى كيف نصمد أمام أيَّةِ تجربة، تمامًا كما فعل هو.
لم يطلب يسوع منّا شيئًا إلا وفعله هو أوّلاً. حتّى وهو ذاهبٌ إلى الصلب وقبل أن يأتي الجنود للقبض عليه، انفرد عن التلاميذ وصلّى صلاةً طويلة. وعندما أتى إليهم ورآهم نيامًا أيقظهم وقال لهم:" صلّوا لئلا تدخلوا في التجربة".
الصوم والصلاة هما السلاحان القويّان لمواجهة أيّة تجربة، أَوَليس التعب في كلِّ شيءٍ يُعطينا ما نريد؟ الأب يكدُّ ويتعب أمام عائلته ليؤمّن لها مستلزمات الحياة، لأنَّ هذه الأخيرة لا تأتي على طبقٍ من فضّة. أمّا التلميذُ فهو يثابرُ في دراسته ويسهر الليالي ليحصل على النجاح.
إن كانت هذه الأمور وهي ماديّة تطلب منّا هذا التعب أليس بالحريّ الوصول إلى الملكوت والالتصاق بالرّبّ يسوع يستحقّان منّا جهدًا وتعبًا!
رُبَّ قائلٍ الصوم والصلاة هما للرهبان وليس لنا، إنّنا في العالم لا نستطيع أن نقوم بهذا، يكفي فقط صومنا عن اللسان وألا نؤذي الآخرين ونجرحهم بكلامنا. ونصوم ونصلّي على قدر استطاعتنا.
لا شكّ في أنَّ الرهبان كلٌّ في ديره له قانونه الخاص وهذا القانون أساسه الصوم والصلاة. لكنَّ الرّب يسوع وجّه كلامه إلى كلّ الناس قائلاً:
" مَن يُحبّني يحفظ كلامي ويعمل به". وكلامه واضحٌ في هذا المقطع الإنجيليّ "هذا الجنس لا يخرج إلاّ بالصوم والصلاة".
أسامينا
(وجبلَ الربُّ الإلهُ من الأرضِ كُلَّ حيواناتِ البرّيّة وكلّ طيورِ السماء. فأحضرها إلى آدم ليرى ماذا يدعوها. وكلُّ ما دعا به آدمُ ذات نفس حيّة فهو اسمُها. فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرّيّة). (تك2: 19- 20).
ما من شيء في هذه المسكونة إلا ويحمل اسمًا، يُعرف به ويميّزه عن سواه (إنسانًا كان، أو حيوانًا، أو نباتًا، أو حتّى جمادًا).
ما جاء بين قوسين ليس اسمًا، لكنه صفة أو هويّة، أمّا الاسم فهو ما يُطلق على حامل هذه الصفة، يلتصق به، وينادَى به، يعرفه به الناس وهو يستجيب لهم عندما ينادونه.
يعطي البشر اسمًا لأبنائهم عند ولادتهم ينتقونها استنادًا لاعتبارات شتّى، منها عائليّة (اسم الجد أو الجدة ...)، أو تقرُّبًا من شخص ما، أو إرضاءً له، أو يختارون اسم شخصيّة أدبيّة، أو فنّيّة، أو وطنيّة...تيمُّنًا بخصائلها وأملًا في أن يكون ابنهم صورة عنها.
أمّا في المسيحيّة فقد اتّخذت تسميةُ الأبناء منحىً خاصًّا، فهي وإن استمدَّتِ الأسماءَ مِن بيئتِها، إلّا أنّها أعطَتْها فحوى يعبِّر عن علاقةِ حامل الاسم بالإيمان والسلوك المسيحيّ بما يحمله من فضائل، فكان وديع، وصالح، وعفيف، ومطيع، وعادل، ولطيف ...، ومؤنَّثُها للفتيات.
ومع بروز القدّيسين والشهداء والأبرار، عَمَدَ المسيحيّون إلى إطلاق أسمائهم على مواليدهم، تيمُّنًا بهم، وأملًا بأن يسير حامل الاسم على دربهم.
هناك كنائس أرثوذكسيّةٌ أُخرى، غير الكرسيّ الأنطاكي، لا تعطي المولود اسمًا إلّا حين اقتبالِه سرَّ المعمودية، إذ يحتفظ العرّاب بالاسم ويعلنه عندما يسأله الكاهن المعمِّد. ربّما يحصل هذا بالاتّفاق مع الأهل في بعض الأحيان.
يتمّ اختيار اسم المولود، ويطلق عليه، ويُعرف به، ويكون اسمًا كاملًا مفهومًا ذا معنىً محدَّد.
ولكنّ ما يحصل في عالمنا اليوم، وفي خضمّ هجوم التشويه والتقليد الأعمى والسير في ركب التمدُّن والحداثة الزائفة، نسمع أسماءً مؤلفة من حرفين مختصرين، لا معنى لهما، فنضيع في متاهة البحث عن الاسم الحقيقيّ، فنجده جميلًا يحمل معنىً ساميًا، أو مقتبسًا من اسم أحد قدّيسي الكنيسة.
لماذا يستحي المسيحيّون بمناداة أولادهم باسمهم الكامل، الذي اختاروه لهم، فيلجؤون إلى اختصاره، أو تمييعه، هل ليقول عنهم الناس إنّهم (عصريّون)؟
حريٌّ بنا أن نفتخر بأسماء أولادنا، وليس هذا فحسب، بل أن نشرح لهم معنى اسمهم، ونخبرهم عن الأشخاص الذين سمّيناهم على اسمهم، ونشجّعهم على الاقتداء بهم، والشعور بالفرح والاعتزاز بأسمائهم.
هنا لا بدّ من الإشارة إلى أن كلّ مجتمع وبيئة له خاصيّتُه وميزاتُه، وتأتي الأسماء من ضمن هذه الخاصيّة، لذلك لا بدّ من الانتباه إلى ما سنتّخذه من أسماء لأولادنا، إن كانت مناسبة لثقافتنا ومفاهيمنا ومعتقداتنا وقِيَمنا، فلا نتّخذ أسماءً من بيئة غريبة عنا، ربما لها دلالات محرجة في لغتنا، أو صعبة اللفظِ أو الاستعمال في الوثائق والمستندات.
هل يفكّر الوالدان بأولادهما عندما يختاران أسماءهم؟ وبأنّهم سيحملونها مدى حياتهم؟ ربما يناسبهم في طفولتهم أن ينادوهم بأسماء الدلع، ولكن تصوَّر نفسك تنادي عجوزًا، فوفو، ناني، ميزو...!! لنضع نصب أعيننا كلمات الرسول بولس: "وكلُّ ما عملتم بقول أو فعل فاعملوا الكل باسم الربّ يسوع". (كو3: 7).
"فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئًا فافعلوا كلّ شيء لمجد الله".1) كو10: 31). "وليكن كلّ شيء بلياقة وترتيب". (1 كو14: 40).
ليكن كلُّ شيء في حياتنا وفي أدقّ تفاصيلِها بحسب نور المسيح ومشيئته، ليكون مباركًا ومثمرًا ومقبولًا.