الأحد 3 تشرين الثاني 2019

الأحد 3 تشرين الثاني 2019

03 تشرين الثاني 2019
 
 
الأحد 3 تشرين الثاني 2019      
العدد 44
 
الأحد 20 بعد العنصرة
 
 
اللَّحن الثالث        الإيوثينا التاسعة
 
 
 
*  3: الشهيد أكبسيماس ورفقته، تجديد هيكل القدِّيس جاورجيوس في اللَّد، * 4: إيوانيكيوس الكبير، الشهيدان نيكاندرس أسقف ميرا وإرميوس الكاهن، * 5: الشهيدان غاليكيتون وزوجته إبيستيمي، إرماس ورفقته،
* 6: بولس المعترف رئيس أساقفة القسطنطينية، * 7: الشهداء الـ 33 المستشهدون في ملطية، لعازر العجائبيّ، * 8: عيد جامع لرئيسي الملائكة ميخائيل وغفرئيل، الشَّهيدان اونبسيفورس وبورفيريوس، البارَّة مطرونة،
* 9: القدَّيس نكتاريوس أسقف المدن الخمس، يوحنَّا القصير، البارَّة ثاوكتيستي. **
 
 
الخدمة الحقيقيّة
 
خُلق الانسان على صورة الله ودعي لأن يحافظ على هذه الصورة ليتألّه، ولا يمكن للإنسان أن يتألّه بمعزل عن الآخر ومحبّته له. فالإنسان المخلوق والمجبول على صورة الله خالقِه لا يحيا لنفسه فقط، بل كسيّده وخالقه يحيا للآخَرين أيضًا. 
 
وجميلٌ المثلُ الذي يقول (ما عاش مَن عاش لنفسه فقط) لأنّ الإنسان الذي يسعى لخدمة الآخَرين يخرج من قوقعته ليلتقي بالآخَر ويُشبِعَ الكلَّ من محبّته، ويشعر أنّ رسالته الحقيقيّة هي أن يفعل الخدمة والخير في كلّ مَن يدفعه الله في طريقه؛ وكلّما اتّسع قلبُه اتّسعت دائرة خدمته، فلا تقتصر على دائرته الضيّقة من الأصدقاء والأقرباء بل يتعدّى ذلك إلى نطاقٍ أوسع.
 
عندما تستطيعُ أن تعمل الخير نحو الآخَرين ولا تعملُه ترتكب خطيئة. وخدمةُ الآخَرين في جوهرها ليست سوى تعبيرٍ عن الحبّ المختزَن في القلب نحو الله، فنظهره بخدمتنا نحو الآخرين؛ فأنتَ إن أحببت الله أحببت أن تخدم الإنسان بكلّ الوسائل المتاحة لديك التي تجلب نفعًا له.
 
والخدمة أنواع، منها الروحيّة ومنها الاجتماعيّة ومنها النفسيّة. فمِن جهة الخدم الروحيّة نركّز على البشارة وقيادة الناس إلى التوبة، لأنّ مَن ردّ خاطئًا يخلّص نفسًا من الموت ويستر جَمًّا من الخطايا، لأنّ الخدمة الروحيّة تعود بالنفع علينا أوّلًا وعلى الذين نخدمهم فنذكّر أنفسنا أوّلًا بالتوبة، وَمِن نُورِ توبتِنا نضيء للآخَرين ليعيشوا توبتهم ويكونوا قريبين من الله. أيضًا هناك الخدمة الاجتماعيّة والاهتمام باحتياجات الآخرين العالميّة، وخصوصًا الذين لا يجدون كفايتهم في أمور المعيشة، الفقراء، المعوزين، الأيتام، المرضى المشرّدين الأرامل.
 
الإنسان المسيحيّ الذي يحيا التوبة يسأل دومًا عن مصير الآخرين، ويعتبر أن حياته مرتبطة بحياتهم. فكلّ الهيئات أو الجمعيّات التي تقوم بخدمة الآخر يجب أن تضع نُصب عينيها أنّها تخدم نفسها أوّلًا لأنّها تجلب لنفسها فرحًا، ومن هذا الفرح يفيض الحبّ لمساعدة وخدمة الآخرين والمحتاجين. 
 
فكلّنا مطالبون بأن نكون خدّامًا. كلّنا مطالبون بأن نكون متّحدين بالآخر بحسب النعمة المعطاة لنا. فالذي يخدم، أي الذي فيه روح الخدمة، يجب أن يكون مستعدًّا في كلّ مجال لأن يقدّم هذه الروح لكي ينقذ الآخرين روحيًّا واجتماعيًّا ونفسيًّا، وأن يكون هو السند.
 
أيضًا الخدمة التي نقوم بها تعود كما قُلنا بفوائد كثيرة علينا. فكما تعطي الخدمة للمخدوم فرحًا وسرورًا، كذلك يشبع قلب الخادم أيضًا حبًّا بهذه النعمة.
 
ولكن أيضاً من شروط الخدمة أن تحبّ الناس الذين تخدمهم ولا تكون نفسك في ضيق أو اضطراب، وكذلك يجب ألّا تتصف خدمة المسيحيّ بالروتين أو مجرد نشاط بدون روح، وأن لا يسمح للخدمة بأن تفقده تواضعه ووداعته وأن يسمح لشيطان المجد الباطل أن يُتعب الخادم بالمديح وأن يُتعب الخادم بتفاصيل مشاكل العالم. 
 
الخدمة تحتاج لنموّ روحيّ دائم والتصاق بالله أكثر لكي تكون الخدمة لمجد الله لا للمجد الشخصيّ، ولمنفعة الناس وخلاصهم. وكلّما أُوتي الخادم من سلطة كان معرّضًا للسقوط بشكل أكبر، فلا تعالي في السلطة بل محبّة وانسحاق ورؤية لله في نفس كلّ محبوب.
 
طروباريَّة القيامة باللَّحن الثالث 
 
لتفرح السماويّات، ولتبتهج الأرضيّات، لأنّ الربَّ صنعَ عِزاً بساعِده ووطِئ الموتَ بالموتِ وصار بكرَ الأموات، وأنقذنا من جوفِ الجحيم، ومنح العالم الرحمةَ العُظمى.
 
 
القنداق باللَّحن الثّاني 
 
يا شفيعَةَ المسيحيّين غيرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيرَ المردودة، لا تُعرضي عن أصواتِ طلباتِنا نحن الخطأة، بل تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحة، نحن الصارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعة، وأسرعي في الطّلبة، يا والدةَ الإلهِ المُتشفّعةَ دائماً بمكرِّميك.
 
الرِّسالَة
غلا 1: 11-19
 
رتِلوا لإلهنا رتِلوا
يا جميعَ الأمم صفِقوا بالأيادي 
 
يا إخوة، أُعلِمُكم أنَّ الإنجيلَ الذي بشَّرتُ بهِ ليسَ بحسبِ الإنسانِ، لأنّي لم أتسلَّمْه أو أتعلَّمْهُ من إنسان بل بإعلان يسوعَ المسيح. فإنَّكم قد سمعُتم بسيرتي قديماً في مِلَّةِ اليهودِ. إنّي كنتُ أضطَهِدُ كنيسةً اللهِ بإفراطٍ وأدمّرها وأزيدُ تقدُّماً في مِلَّةِ اليهودِ على كثيرين من أترابي في جِنسي، بكوُني أوفرَ منهم غَيرةً على تقليدات آبائي. فلمَّا ارتضَى الله الذي أفرزني من جوفِ أمّي ودعاني بنعمتِه، أنْ يُعلِن ابنَهُ فيَّ لأُبشّرَ بهِ بينَ الأممِ، لِساعتي لم أُصغِ إلى لحمٍ ودمٍ ولا صَعِدْتُ إلى أورشليمَ إلى الرسلِ الذينَ قبلي، بل انطَلَقتُ إلى ديار العرب، وبعد ذلك رَجعَتُ إلى دِمشق. ثمَّ إنّي بعدَ ثلاثِ سنينَ صَعِدتُ إلى أورشليمَ لأزورَ بطرس، فأقمتُ عندَه خمسةَ عَشَرَ يوماً، ولم أرَ غيرَهُ من الرسلِ سوى يعقوبَ أخي الربّ.
 
الإنجيل
لو 16: 19-31
 
قال الربّ: كان إنسان غنيٌّ يلبس الأرجوان والبزَّ ويتنعَّم كلَّ يوم تنعُّماً فاخراً. وكان مسكينٌ اسمه لعازر مطروحاً عند بابه مصاباً بالقروح، وكان يشتهي أن يشبع من الفتات الذي يسقط من مائدة الغني، فكانت الكلاب تأتي وتلحس قروحه. ثمّ مات المسكين فنقلته الملائكة إلى حضن ابراهيم. ومات الغنيّ أيضاً فدُفِن. فرفع عينيه في الجحيم، وهو في العذاب، فرأى إبراهيم من بعيد ولعازر في حضنه. فنادى قائلاً: يا أبت ابراهيم ارحمني وأرسل لعازر ليغمِّس طرف إصبعه في الماء ويبرِّد لساني لأنّي معذَّب في هذا اللهيب. فقال إبراهيم: تذكَّر يا ابني أنّك نلت خيراتك في حياتك ولعازر كذلك بلاياه. والآن فهو يتعزّى وأنت تتعذَّب. وعلاوة على هذا كلِّه فبيننا وبينكم هوَّة عظيمة قد أُثبتت، حتّى أنَّ الذين يريدون أن يجتازوا من هنا إليكم لا يستطيعون ولا الذين هناك أن يعبروا إلينا. فقال: أسألك إذن يا ابتِ أن ترسله إلى بيت أبي، فإنَّ لي خمسة إخوة حتّى يشهد لهم لي فلا يأتوا هم أيضاً إلى موضع العذاب هذا. فقال له إبراهيم: إنَّ عندهم موسى والأنبياء فليسمعوا منهم. قال : لا يا أبتِ ابراهيم، بل إذا مضى اليهم واحد من الأموات يتوبون. فقال له: إن لم يسمعوا من موسى والأنبياء فإنَّهم ولا إن قام واحد من الأموات يصدّقونه.
 
في الإنجيل
 
كغيره من الأمثال، نرى الرّب يسوع يوجّه للشعب آنذاك ولنا اليوم عدَّة توجيهات:
 
أوّلاً، صورة واضحة عن الحياة بعد الموت وما يؤول إليه الآنسان أيّ إنسان إن لم يمتلك المحبة.
 
نستطيع القول إنَّ المحبّة هي أساس حياة المؤمن المسيحيّ. لأنَّ الغني ما كان وصل إلى الجحيم لو أنه امتلك المحبّة. 
 
لعازر كان مطروحًا عند بابه، والغنيّ لم يكلّف خاطره بإصدار أوامر لخَدَمِه بمساعدته؛ كان عند بابه، أي لم يكن ينظر إليه ولم يحس بوجوده مع انَّ الطعام كان وفيرًا على مائدته.
 
هذه هي الخطيئة؛ وليس الغنى. وكان ما قصده يسوع عندما قال في مكان آخر:" ما أعسر أن يدخل الغنيّ إلى ملكوت السماوات، إنه أسهل على الجمل أن يدخل من ثقب الإبرة من أن يدخل الغنيّ الملكوت".
 
أمّا لعازر، وقد أطلق عليه الرّب يسوع هذا الاسم الذي يعني " الله أزري أي الله معيني" ليقول لنا أنَّ هذا الفقير كان يلتمس رضى الله، وكان قانعًا بوضعه، وما كان يضمر الكره أو الحقد في قلبه.
 
وما يعلِّمنا إيّاه الربّ أيضًا من خلال هذا المثل أنَّ الانسان يصبح ما بعد الموت في الحالة التي سيكون عليها يوم الدينونة، أي واعٍ لوضعه وأصبحت الرؤية واضحة أنَّ الله إله احياء وليس إله أموات فإبراهيم أبو الآباء حيّ وفي حضنه سيكون أمثال لعازر وهوّة كبيرة تفصله عمّن هم على مثال الغنيّ.
 
ما بعد الموت لن يستطيع أن يجتاز مَن أغلق قلبه عن الله والآخرين أن يعبر إلى الملكوت، ولا يستطيع أحد أن يتوب أو بالأحرى لن ينفعه الندم، كما ندمَ الغني، الذي أراد أن ينبِّه إخوته السالكين مسلكه، أو على ما يبدو أنّهم يسيرون كما سار هو.
 
الرّب يسوع اعتبر أن مَن يريد أن يسمع فليسمع من موسى والأنبياء، وكتبهم وتعاليمهم قائمة لليوم، لأنه لو بشّر قائمٌ من الأموات لن يسمعوا وهذا ما حدث بعد قيامة الرّب لوقتنا الحالي.
 
أخيرًا يجب أن نتفطّن يا إخوة بأنَّ هذا الحُكم ليس نهائيًّا لأننا نؤمن أنَّ صلواتنا نحن الأحياء نافعة جدًّا لأجل أحبّائنا الراقدين ولنا، طالبين من الرَّب الرؤوف المحبّ البشر أن يسكننا في أحضان إبراهيم، في ملكوته السماوي آمين.
 
من كتاب
"الحياة بالروح القدس" منشورات
دير سيدة البشارة -حلب
عظات للأرشمندريت إميليانوس رئيس دير سيمونوبيترا 
 
إذا أرادَ أحدُنا أن يصيرَ لاهوتيًّا، فليسمعْ مقولةَ القدّيس إفاغريوس الشهيرة والمعزّية: "إذا كنتَ لاهوتيًّا ستصلّي حقًّا". فهل أنتَ لاهوتيّ؟ إن كنتَ لاهوتيًّا، إذًا صَلِّ، وستصلّي حقيقةً.
 
كم من المرّات نتساءلُ: هل أنا لاهوتيّ؟ هل أنا مستحقٌّ لأكونَ لاهوتيًّا؟ فيُجيبُنا القدّيس: هل أنتَ لاهوتيّ؟ إذًا صَلِّ حسنًا. ويتابع قولَه مباشرةً: وإن كنتَ تصلّي حسنًا فأنتَ لاهوتيّ. إن كانت هذه الكلماتُ تعطي تعزيةً لكلٍّ منّا، إلّا أنّها تجعلُ اللاهوتيّ يُعاني ويصرخ: وَيلٌ لي، لقد هلكتُ لأنّي إنسانٌ نجسُ الشّفتين.
 
كُلُّ آباءِ كنيستِنا عندما يحدّثوننا عن الصلاة فهم يقصدون صلاةَ يسوع، لأنّ هذه الصلاةَ الذهنيّةَ هي ذِكرٌ مستمرٌّ لله، للأقنوم الثاني الحاضر أمامي وفي داخلي دائمًا. أنا أشعرُ بحضوره وأومن به وأقول: أيّها الربّ يسوع المسيح. فكما تفهم الأمُّ طفلَها وتشعر بكلّ حركاته وهمساته، هكذا يجعلنا الله نشعر بحضوره داخلنا. لهذا أصرخُ وأقول:
 
 أيّها الربّ يسوع المسيح. هذه الصلاة إذًا مولِّهةٌ، لذلك تردادها يجعلنا لاهوتيّين. عندما نردّد بلا انقطاع "أيّها الربّ يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطئ"، فإنّنا نتحدّث باستمرارٍ مع الله ببساطةٍ ومحبّةٍ وحميميّة، وسيهبنا الله مباشرةً موهبة التكلّم باللاهوت، ويمنحنا قوّةً لكي نقدر أن نعاين تلك الأمور التي نصبو إليها. 
 
صلاة يسوع إذًا هي اقتناءٌ للروح القدس، والروح القدس هو الذي يجعلني قادرًا على رؤية الإلهيّات ويصيّرني بالتالي لاهوتيًّا.
 
إنّ موهبة اللاهوت، كما يقول أحدُ آباء الجبل المقدّس، وهو الأب البارّ مكسيموس الكافسوكاليفي، هي الأعظم والأسمى من بين كلّ مواهب الروح القدس، لذلك ليس من السهل أن يصبح الإنسان لاهوتيًّا. ولذلك أيضًا يغطّي اللاهوتيُّ الرؤى المقدّسة التي يؤهّله الله لها كما "تحمي الدجاجة فراخها". ولأنّ هذه النعمة هي الأعلى والأكمل، فإنّ الروح القدس يكشف محتواها لمن يريد.
 
كلاهوتيّين يجب أن نتساءل: ماذا كُشف لي؟ ماذا فهمتُ؟ ماذا تعلّمتُ؟ ماذا أملك؟
 
لكن مَن يستطيعُ أن يقول إنّنا لسنا لاهوتيّين؟ ألا نقولُ كلَّ يومٍ:
 
 أوضحتَ لي غوامضَ حكمتِكَ ومستوراتِها"؟ 
 
كم من مرّةٍ أوضحَ لنا اللهُ غوامضَ حكمتِه ومَستُوراتِها؟ فهذا الكَشفُ لغوامضِ حكمةِ اللهِ ومَستُوراتِها هو لاهوتيَ الخاصُّ بي. ولكنْ، لأنّي أشعرُ بخطيئتي وعدمِ استحقاقي، لذلكَ أُردِفُ قائلاً: تنضحُني بالزُّوفى فأَطهُر.
 
 أنتَ صنعتَني لاهوتيًّا، والآنَ عليَّ، مِن خلالِ تنقيةِ قلبي وذَرْفي الدُّموع، وبمساعدتِكَ، أن أصيرَ لاهوتيًّا أكثر، لكي أَصِلَ إلى ثابُورِيَ الخاصّ، وَأُعاينَكَ هُناك.