الأحد 20 أيّار 2018
20 أيار 2018
الأحد 20 أيّار 2018
العدد 20
أحد آباء المجمع المسكونيّ الأوّل
اللَّحن السادس الإيوثينا العاشرة
* 20: الشّهداء ثلالاوس ورفقته، نقل عظام القدّيس نيقولاوس، ليديا بائعة الأرجوان * 21: قسطنطين وهيلانة المعادلان الرُسل، * 22: الشّهيد باسيليوس، * 23: ميخائيل المعترف، حاملة الطّيب مريم التي لكلاوبا، سوسنَّا، الشّهيدة ماركياني، 24: البارّ سمعان الذي في الجبل العجيب، * 25: وداع الصّعود، العثور على هامة السّابق ثالثاً، * 26 سبت الأموات، الرّسول كربُس أحد السّبعين، يعقوب بن حلفى. **
المجمع المسكونيّ الأوّل
عقد المجمع المسكونيّ الأوّل في مدينة نيقية Nicée قرب القسطنطينيّة سنة 325م بدعوة الإمبراطور قسطنطين، وترأّسه أفسافيوس أسقف أنطاكية. شارك فيه 318 أسقفاً عانى أكثرهم الإضطهادات والآثار على أجسادهم. شهدوا للإيمان المستقيم الذي سُلّم مرّة واحدة للقدّيسين (يهوذا 1: 3) محفوراً في قلوبهم وعلى أجسادهم قبل أن يثبّتوه في كتاباتهم.
الموضوع الرّئيس بدعة آريوس الذي يعتبر المسيح مخلوقاً من العدم، وأنّه كان هناك وقت لم يكن الاِبن موجوداً فيه كما يقول اليوم شهود يهوه وأتباعهم. نتج عن هذا المجمع دستور الإيمان الذي يقول إنّ الاِبن مولود من الآب قبل كلّ الدهور، مولود غير مخلوق... لهذه المناسبة نقرأ في القدّاس مقطعاً إنجيليًّا يؤكّد ألوهيّة المسيح: "كلّ شيء لي هو لك وكلّ شيء لك هو لي" (يوحنّا 17: 10)، وأيضًا نقرأ: "مجّدني أنت يا أبتِ عندك بالمجد الذي كان لي عندك من قبل كون العالم" (يوحنّا 17: 5).
من جهة ثانية، وضع مجمع نيقية كيفيّة تحديد
تاريخ عيد الفصح الذي يقع في الأحد الأوّل بعد أوّل بدر بعد الاِعتدال الربيعيّ في 21 آذار.
سنّ هذا المجمع القسم الأكبر من دستور الإيمان واقفاً عند ذكر الرّوح القدس. أكمله المجمع المسكونيّ الثاني المنعقد في القسطنطينيّة سنة 381.
يمتاز دستور الإيمان بقوله عن الاِبن إنّه "إله حقّ من إله حقّ مولود غير مخلوق مساوٍ للآب في الجوهر". إيماننا بألوهيّة المسيح أوضحه القدّيس أثناسيوس الإسكندريّ الذي كان شمّاساً في المجمع المسكونيّ الأوّل ووضع كتاباً هامًّا في تجسّد الكلمة؛ قال، مثلاً، في موضوع الفداء: "إنّ الذي علّق على الصليب كان إلهاً لأنّ الإله وحده يفدي البشر وكان إنساناً حقيقيًّا لكي يتمّ صلبه".
نذكّر هنا بأنّ هذا القدّيس هو الذي قال "لقد صار الإله إنساناً ليصير الإنسان إلهاً". هذه عقيدة التالّه العزيزة جدًّا عند الأرثوذكسيّين.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريَّة القيامة باللَّحن السادس
إنَّ القوَّاتِ الملائكيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صاروا كالأموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القبرِ طالِبَةً جسدَكَ الطَّاهِر؛ فَسَبَيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّبْ منها، وصادَفْتَ البتولَ مانِحًا الحياة. فيا مَنْ قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.
طروباريَّة الآباء باللَّحن الثامن
أنتَ أيُّها المسيحُ إلهُنا الفائِقُ التَّسبيح، يا مَنْ أَسَّسْتَ آباءَنا القدِّيسينَ على الأرضِ كواكِبَ لامِعَة، وبهم هَدَيْتَنَا جميعًا إلى الإيمانِ الحقيقيّ، يا جزيلَ الرَّحمةِ المجدُ لك.
طروباريَّة الصّعود باللَّحن الرّابع
صَعِدْتَ بمَجْدٍ أيُّها المسيحُ إلهُنا، وفرَّحْتَ تلاميذَك بموعِدِ الرُّوحِ القُدُس، إذ أيقَنُوا بالبَرَكَة أنَّكَ أَنْتَ ٱبنُ اللهِ المنْقِذُ العالَم.
القنداق باللَّحن السّادس
لـمَّا أَتْمَمْت َالتَّدبيرَ الَّذي من أجلِنا، وجعلتَ الَّذين على الأرض مُتَّحِدِينَ بالسَّمَاوِيِّين، صَعِدْتَ بمجدٍ أَيُّهَا المسيحُ إلهُنا غيرَ مُنْفَصِلٍ من مكانٍ بل ثابتًا بغيرِ ٱفتِرَاقٍ وهاتِفًا: أنا معكم وليسَ أحدٌ عليكم.
الرِّسالَة
أع 20: 16-18، 28-36
مُبَارَكٌ أَنْتَ يا رَبُّ إلهَ آبائِنَا
فإنَّكَ عّدْلٌ في كلِّ ما صَنَعْتَ بِنَا
في تلكَ الأيَّامِ ارتأَى بولسُ أنْ يتجاوَزَ أَفَسُسَ في البحرِ لِئَلَّا يعرِضَ له أن يُبْطِئَ في آسِيَةَ، لأنَّه كان يَعْجَلُ حتَّى يكون في أورشليمَ يومَ العنصرةِ إِنْ أَمْكَنَهُ. فَمِنْ مِيلِيتُسَ بَعَثَ إلى أَفَسُسَ فاسْتَدْعَى قُسوسَ الكنيسة. فلمَّا وصَلُوا إليه قال لهم: ﭐحْذَرُوا لأنفُسِكُم ولجميعِ الرَّعِيَّةِ الَّتي أقامَكُمُ ﭐلرُّوحُ القُدُسُ فيها أساقِفَةً لِتَرْعَوا كنيسةَ اللهِ الَّتي ﭐقْتَنَاهَا بدمِهِ. فإنِّي أَعْلَمُ هذا: أَنَّهُ سيدخُلُ بينَكم، بعد ذهابي، ذئابٌ خاطِفَةٌ لا تُشْفِقُ على الرَّعِيَّة، ومنكم أنفُسِكُم سيقومُ رجالٌ يتكلَّمُون بأمورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلامِيذَ وراءَهُم. لذلكَ، ﭐسْهَرُوا مُتَذَكِّرِينَ أَنِّي مُدَّةَ ثَلاثِ سنينَ لم أَكْفُفْ ليلًا ونهارًا أنْ أَنْصَحَ كلَّ واحِدٍ بدموع. والآنَ أَسْتَوْدِعُكُم يا إخوتي اللهَ وكلمةَ نعمَتِه القادِرَةَ على أَنْ تبنيَكُم وتَمْنَحَكُم ميراثًا مَعَ جميعِ القدِّيسين. إنِّي لم أَشْتَهِ فِضَّةَ أَحَدٍ أو ذَهَبَ أَحَدٍ أو لِبَاسَه، وأنتم تعلَمُونَ أنَّ حاجاتي وحاجاتِ الَّذين معي خَدَمَتْهَا هاتان اليَدان. في كلِّ شيءٍ بَيَّنْتُ لكم أنَّه هكذا ينبغي أن نتعبَ لنساعِدَ الضُّعَفَاء، وأن نتذكَّرَ كلامَ الرَّبِّ يسوعَ. فإنَّه قال: إنَّ العطاءَ مغبوطٌ أكثرَ من الأَخْذِ. ولـمَّـا قال هذا جَثَا على رُكْبَتَيْهِ معَ جميعِهِم وصَلَّى.
الإنجيل
يو 17: 1-13
في ذلكَ الزَّمان رَفَعَ يسوعُ عَيْنَيْهِ إلى السَّماءِ وقالَ: يا أَبَتِ قد أَتَتِ السَّاعَة. مَجِّدِ ٱبْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ٱبنُكَ أيضًا، بما أَعْطَيْتَهُ من سُلطَانٍ على كُلِّ بَشَرٍ ليُعْطِيَ كُلَّ مَن أعطيتَه لهُ حياةً أبديَّة. وهذه هي الحياة الأبديَّةُ: أن يعرِفُوكَ أنتَ الإلهَ الحقيقيَّ وحدَكَ، والَّذي أرسلتَهُ يسوعَ المسيح. أنا قد مجَّدْتُكَ على الأرض. قد أَتْمَمْتُ العملَ الَّذي أعطَيْتَنِي لأعمَلَهُ. والآنَ مَجِّدْني أنتَ يا أَبَتِ عندَكَ بالمجدِ الَّذي كانَ لي عندَك من قَبْلِ كَوْنِ العالَم. قد أَعْلَنْتُ ٱسْمَكَ للنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَهُمْ لي مِنَ العالم. هم كانوا لكَ وأنتَ أعطيتَهُم لي وقد حَفِظُوا كلامَك. والآنَ قد عَلِمُوا أنَّ كُلَّ ما أعطَيْتَهُ لي هو منك، لأنَّ الكلامَ الَّذي أعطَيْتَهُ لي أَعْطَيْتُهُ لهم. وهُم قَبِلُوا وعَلِمُوا حَقًّا أَنِّي مِنْكَ خَرْجْتُ وآمَنُوا أنَّك أَرْسَلْتَنِي. أنا من أجلِهِم أسأَلُ. لا أسأَلُ من أجل العالمِ بل من أجل الَّذينَ أَعْطَيْتَهُم لي، لأنَّهم لك. كلُّ شيءٍ لي هو لكَ وكلُّ شيءٍ لكَ هوَ لي وأنا قد مُجِّدتُ فيهم. ولستُ أنا بعدُ في العالمِ وهؤلاءِ هم في العالم. وأنا آتي إليك. أيُّها الآبُ القدُّوسُ ٱحْفَظْهُمْ بـٱسمِكَ الَّذينَ أعطيتَهُمْ لي ليكُونُوا واحِدًا كما نحنُ. حينَ كُنْتُ معهم في العالم كُنْتُ أَحْفَظُهُم بٱسمِكَ. إِنَّ الَّذينَ أَعْطَيْتَهُم لي قد حَفِظْتُهُمْ ولم يَهْلِكْ منهم أَحَدٌ إلَّا ٱبْنُ الهَلاكِ لِيَتِمَّ الكِتَاب. أمَّا الآنَ فإنِّي آتي إليك. وأنا أتكلَّمُ بهذا في العالَمِ لِيَكُونَ فَرَحِي كامِلًا فيهم.
القدّّيس أثناسيوس الكبير (295-263)
هو أبو الأرثوذكسيّة. لقد تَحَلَّى بجرأة كبيرة في الدفاع عن إيمان نيقية. بات تعليمه فاعلاً طيلة حياة الكنيسة حتّى اليوم. يستند إرثه إلى قواعد ثلاث: دفاعه عن مجمع نيقية 325 الذي شدّد على ألوهيّة المسيح، لاهوته حول تجسّد الكلمة أساساً لخلاصنا وكتابته حياةَ القدّيس أنطونيوس الكبير أبي الرّهبان.
ولد القدّيس أثناسيوس الكبير سنة 295. تتلمذ على يد البطريرك ألكسندر. خالف مع آريوس الذي كان يدّعي أنّ هناك وقتاً لم يكن فيه الإبن موجوداً. يقول آريوس هكذا إنّ يسوع المسيح كان خليفة الآب. سنة 320 أدين أريوس في مجمع الإسكندريّة فلجأ إلى صديقه إفسافيوس أسقف نيقوديمية.
في مجمع نيقية سنة 325 أُعلن الرّبّ يسوع المسيح "ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كلّ الدهور نورًا من نور إلهًا حقًّا من إله حقّ، مولودًا غير مخلوق، مساوِيًا للآب في الجوهر... كان أثناسيوس حاضراً كشمّاس مع الأسقف الإسكندر، كان في الثلاثين من عمره. في الفترة ما بين المجمعين نيقية 325 والقسطنطينية 381 عُرف أثناسيوس رجلاً "وقف ضدّ العالم بكامله"، دافع عن العبارة: المساوي للآب في الجوهر homousios. لقد تابع القدّيس صراعه مع آريوس وأتباعه ولذلك نفي خمس مرّات. توفّي سنة 373 ولم تنتصر عقيدته نهائيًّا إلّا في المجمع المسكونيّ الثاني سنة 381 في عهد الإمبراطور ثيوذوسيوس.
لاهوته:
في التجسّد: يشدّد القدّيس أثناسيوس على إعادة اللّحمة مع الله التي خسرها آدم. يحتاج هذا الأخير إلى معونة إلهيّة، ولا بدّ من أن يُقهر الموت. هذا دفع الله إلى أن يتجسّد ويموت كإنسان. هكذا يستطيع أن يشترك في الطبيعة الإلهيّة بحسب قول القدّيس بطرس في رسالته الثانية: "لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهيّة" (2 بطرس 1: 4). عن هذه الحقيقة عبّر القدّيس أثناسيوس بقوله: "لا بدّ أن يصير الله إنساناً لكي يُصبح الإنسان إلهاً،" هذا باشتراك الإنسان بقوى الله غير المخلوقة، وهكذا يستطيع أن يخلص.
إنّ لاهوت القدّيس أثناسيوس يفسّر قاعدة الخلاص في المفهوم الأرثوذكسيّ: القضاء على الموت، شفاؤنا من الأهواء وتألّه الإنسان. اللّاهوت الغربيّ يفسّر الخلاص عن طريق مفهوم القدّيس أوغسطين الذي يعرض حلًّا عادلاً لحالة الإنسان الساقطة. يقول لاهوت Anselm مثلاً إنّ موت المسيح قد حقّق إرضاءً satisfaction لخطيئة آدم.
إنّ إرث القدّيس أثناسيوس his legacy بات في دستور الإيمان في الكنيسة وكذلك في كتاباته حول تجسّد الكلمة. هذا القدّيس هو فعلاً أبو الأرثوذكسيّة: شدّد على عقيدة الثالوث الإلهيّة، ما يدحض كلّ مفهوم إنسانويّ humanism معاصر ويخفّض التعليم المسيحيّ إلى المستوى الأخلاقيّ البشريّ الذي لا صلة له بالله ونعمته الإلهيّة الشافية والمخلّصة من الموت.
يبقى تعليمه مهمًّا للزّمن المعاصر، مؤكّداً أنّ الإنسان بدون الله لا يستطيع أن يكتمل، أن يخلص، على الرغم من كلّ التطوّرات العقليّة المعاصرة.
التواصلّ بالرّوح
التعريف بالتواصلّ:
إنّ التواصلّ هو حاجة أساسيّة تجري من خلاله عمليّة تبادل الأفكار والمشاعر والمعلومات بين شخصين أو أكثر، (مُرسِل: يتوجّه برسالة معيّنة هادفة، ومستقبِل: يتلقّى هذه الرّسالة فيتأثّر بردّة فعل، وهذا يعني الصدى المرتجع). فالتواصل إذاً هو حاجة إنسانيّة أساسيّة تحمل في طيّاتها هدفًا معيّنًا، وتـُحدث أثرًا على الأطراف المعنيّة.
أنواع التواصل:
تواصل غير لفظيّ: التواصل بالعينين، الوقوف أو الجلوس بشكل يدّل على الثقة والاِحترام، الحفاظ على تعابير الوجه لتكون مرتاحة وطبيعيّة، إستخدام إيماءات اليدين للمساعدة وتفادي شبك اليدين أو تكتيف الذراعين، نغيّر طبقة صوتنا بما يتناسب مع المكان والأشخاص، نصوغ الجمل بطريقة مقتضبة قصيرة، نُوضّح الجمل بواسطة أمثلة واقعيّة ومناسبة، الإنتباه إلى مخارج الحروف لديّ، نستخدم ألفاظًا إيجابيّة ومشجّعة، نطرح أسئلة للتأكّد من فهم الرسالة.
تواصل لفظيّ: إستخدام كلمات سهلة الفهم وواضحة.
مراحل الإصغاء:
نستقبل رسالة ما، إمّا لفظيّة أو غير لفظيّة، فتدخل إلى داخلنا وتحرّك فينا المشاعر والأحاسيس، فنقوم بتحليل هذه الافكار لنفهم معنى كلام المتحدّث ومغزاه، ماذا يريد؟ وخلال الحديث علينا أن نصغي بطريقة جيّدة لنفهم ما المطلوب ونستطيع الرّدّ أو المقاطعة عند الحاجة لإيصال الرّسالة الصحيحة.
وبعد انتهاء الحديث نحاول التذكير بالمعلومات، والتأكّد من أنّ الرّسالة قد وصلت بصوَر سليمة وواضحة، وذلك بالطلب من المشارك تكرارَ الحديث للتأكّد من أنّه قد فهم المطلوب ومضمون الرّسالة جيّداً.
فكيف يجب أن نتواصل بعضُنا مع بعضٍ ومع الله؟ من أجل أن يكون تواصلنا تواصُلاً إيجابيًّا بنّاءً، يجب أن نتّبع تواصل المسيح مع الناس كافّة حسب الإنجيل المقدّس. فإنَّ تواصل المسيح مع الله ومع أترابه لَهُوَ تواصل بالرّوح الأمثل الذي يجب أن نحذوَ حَذوَه.
فإذاً ينقسم التواصل إلى قسمين: تواصل أفقيّ مع الناس وآخَر عموديّ مع الله.
التواصل أفقيًّا حسب الكتاب المقدّس:
تواصل المسيح مع المرأة:
لقد أدَّى التواصل اللّفظيّ مع والدته في عرس قانا الجليل المليء بالحبّ والتقدير لها إلى إتمام أعجوبة تحويل الماء إلى خمر وإلى تلبية حاجة الدّاعين والمدعوّين.
ولقد أدَّى التواصل الذي حصل باللّمس مع المرأة النازفة الدّم إلى شفائها كلّيًّا بعد أن خرجت قوّة من السيّد، الشيء الذي أصبح معلَناً للجميع، وذلك من أجل إبراز قوّة إيمان هذه المرأة وفعله.
بالتواصل اللّفظيّ مع المرأة السامريّة أصبحت هذه الأخيرة خليقة جديدة وصارت طبيعتها من طبيعة النور. فتحوّلت، إذ ذاك، من امرأة خاطئة إلى امرأة رسولة مبشّرة بالمسيح.
مع الضعفاء
عايش الخطأة والزُّناة وتواصل معهم بلغتهم طالباً أوّلاً خلاص نفوسهم لأنّه هو الأب الحنون.
كما تواصل مع التلاميذ وعامّة الشعب بالأمثال والقصص مبسّطاً لهم الإلهيّات لكي يفهموها، فقصّ عليهم قصّة الزارع (متّى 13- 3-9) لكي يصنّف لهم الناس وكيفيّة التعامل مع كلمة الله. وحدّثهم عن التوبة شارحاً لهم أهمّيّتها لدى الآب بمثل الابن الشاطر (لو 15: 11- 32). كما أنّه ترجم لهم كيفيّة محبّة القريب بمثل السامريّ الشفوق (لو 10: 30-37) . أمّا التواصل الأمثل بين البشريّة فيجب أن يكون كما جاء في (متّى 25: 31-46) حيث نقرأ صراحةً أنّ اكتساب الملكوت يكون بزيارة المرضى والمساجين، بإطعام الجياع، بإرواء العطشى، بإيواء الغرباء وكسوة العريان. وعدّة أمثال تحدّثت عن اليوم الأخير والمجيء الثاني.
هذا التواصل المبسّط لم يكن سوى معبر لفتح الأذهان والقلوب الطيّبة، وذلك بهدف فهم مغزى رسالته الجديدة. ولا ننسى طبيعة اللّغة والكلام العذب المليء باللّطف واللّياقة والمحبّة الذي يجب أن يستعمل بين الأخوة، كما يقول القدّيس بولس الرّسول: مكلّمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغانيَّ روحيّة، مترنّمين ومرتّلين في قلبكم للرّبّ (أفسس 5: 19).
التواصل عَمُوديًّا: يكون هذا الأخير مع الله بالصلاة
1-كيف يجب أن يكون؟
إنّ كنيستنا هي أكثر من تحدّثَ عن الصلاة ومفاعيلها. الصّلاة هي الوقوف أمام الله وتحويل الذهن والفكر نحوه. وهذا التواصل يجب أن يكون مبنيًّا على الرّعدة والخوف والرّجاء.
1-أنواع الصّلاة: هناك الصّلاة الفرديّة والصّلاة والجماعيّة
أ-الصّلاة الفرديّة:كما ذكر القدّيس متّى 6: 6 "أدخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصلِّ إلى أبيك الذي في الخفية". هذا المخدع هو القلب الرّوحيّ التي تنبعث منه الصّلاة القلبيّة، صلاة يسوع، وتكون الحافظة من الدّخول في التجارب (متّى 26: 41) كما هو مفعول الصلاة الرّبّانيّة التي علّمنا إيّاها الرّبّ يسوع.
ب-الصلاة الجماعيّة: يقول الرّبّ: "حيث اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي أكون أنا بينهم" (متّى 18: 20). إذاً التلاقي مع المسيح والتواصل معه لا يتمّان فرديًّا فقط بل ضمن جماعة تتّبع ليتورجيّة معيّنة حسب التعليم الأوّل والتقليد الآبائيّ: سبع مرّات في النهار سبّحتك يا ربّ على أحكام عدلك كما يقول المزمور (مز 119: 164)، وخدمة سرّ الشكر التي هي ذروة الخدم الكنسيّة والليتورجيّة.
2- مفاعيل الصلاة:
إنّ الصلاة تهبط على الإنسان من الله فيكون في انخطاف واستلاب كما قال القدّيس إسحق السريانيّ. هذا التفاعل الناتج عن التواصل مع الله يؤدّي حتماً إلى ثمار روحيّة عدّة ألا وهي صفاء الذهن، الورع وخوف الله، ذكر الموت، دفء القلب، اكتساب النعمة الإلهيّة واقتناء الرّوح القدس. كلّ هذه الأمور تعمل على المحافظة على هذه النار وعلى اشتعال الرّوح كما قال القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم.
خلاصة:
من جراء هذه الأحداث التي عاشها الرّبّ يسوع، ومن أمثال التواصل على أنواعه الذي حصل بينه وبين الناس، يجب أن نتعلّم كيفيّة التواصل بعضنا مع بعض ومع الله. هذا التواصل بالرّوح الذي يجب أن يكون بين المتكلّم (Emetteur) والمستقبل (Recepteur) لا بدّ له من أن يسلك قنوات (Canaux) كي يتمّ التواصلّ بوضوح، وذلك عبر الكلام البنّاء أو عبر التعبير غير اللفظيّ من خلال حواسّنا الخمس والإيماءات على أنواعها.
أليست هذه هي الطريقة التي ما زال الله يتواصل بها معنا في حياتنا اليوميّة، أكان بوعيٍ منّا أو بغير وعي؟ وإنَّ ذروة هذا التواصلّ نبلغها في القدّاس الإلهيّ حيث يتفاعل المؤمن مع النعمة الإلهيّة من خلال كلّ حواسّه.