الأحد 18 شباط 2018

الأحد 18 شباط 2018

18 شباط 2018


الأحد 18 شباط 2018 
العدد 7
أحد مرفع الجبن (أحد الغفران)

اللّحن الرابع الإيوثينا الرابعة

 

* 18: لاون بابا رومية، أغابيتوس السِّينائيّ * 19: بدء الصوم الكبير، الرَّسول أرخيبس، البارّة فيلوثاي الأثينائيَّة، * 20: لاون أسقف قطاني، الأب بيساريون، * 21: البارّ تيموثاوس، أفستاثيوس الأنطاكيّ، * 22: العثور على عظام الشّهداء في أماكن أفجانيوس، * 23: پوليكاربُس أسقف أزمير، القدّيسة غورغوني أخت القدّيس غريغوريوس اللاهوتيّ، المديح الأوّل * 24: العظيم في الشهداء ثاوذورس التيرونيّ (عجيبة القمح المسلوق)، ظهور هامة السابق للمرّتين الأولى والثانية. **

 

رسالة الصّوم

 

كلّنا بحاجة إلى توبة، إلى العودة إلى الله. "لا يحتاج الأصحّاء إلى طبيب بل المرضى. كلّنا مرضى، الربّ يسوع لم يأتِ ليدعو صدّيقين بل خطأة إلى التوبة" (لوقا 5: 31-32). إذاً، كفى تحطيمًا بعضنا بعضاً! لا تَدينوا لكي لا تُدانوا، بل قولوا: "أيّها الربّ يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ"..

 

القانون الكنسيّ في الصّوم وأحكامه ليس لتحطيم الإنسان والقضاء عليه إنّما هو للتأديب، للتربية pédagogique. كلّنا بحاجة إلى تأديب، وكيف نتأدّب إلّا بالصّوم والصلاة؟ "هذا الجنس لا يخرج إلّا بالصلاة والصّوم". الصّوم ما هو إلّا الإمتناع عن كلّ ما لا يخصّ الله.
"أيّها الرّبّ وسيّد حياتي، أَعتقني من روح البطالة والفضول وحبّ الرئاسة والكلام البطّال، وأَنعم عليّ أنا عبدَك الخاطئ بروح العفّة واتّضاع الفكر والصبر والمحبّة...".

 

غاية الصّوم أن نفهم سرّ محبّة الله الواسعة. أنظروا إلى الأب الرّحوم في مَثَل الاِبن الشاطر. تعرّفوا إلى الآب السماويّ من خلال الاِبن، أي من خلال الرّبّ يسوع المسيح الذي كشف عن نفسه بقوله: "تعالَوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيليِ الأحمال وأنا أريحكم.... تعلّموا منّي لأنّي وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحةً لنفوسكم" (متّى 11: 28-29).

 

مَن منّا لا يريد أن يرتاح حقيقةً في نفسه؟! مَن منّا لا يريد أن يعرف الله حقيقةً؟ أن يلمس حضوره في راحة قلبه؟ "هذه هي الحياة الأبديّة (الحياة الحقيقيّة) أن يعرفوك أنت الإلهَ الحقيقيّ وحدك ويسوعَ المسيحَ الذي أرسلته" (يوحنّا 17: 3)..


"المحبّة لا تطلب شيئاً لنفسها" (1كورنثوس 13: 5). "إنّ يسوع مزمع أن يموت عن الأمّة، وليس عن الأمّة فقط بل ليجمع أبناء الله المتفرّقين إلى واحد" (يوحنّا 11: 51-52).

 

ينبغي أن تكون هذه رسالتَنا اليوم في الكنيسة وفي العالم. الرّسول بولس يعلّي الصوت وينادي: "فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع... لقد أخلى ذاته آخذاً صورة عبد ووضع نفسه وأطاع حتّى الموتِ موتِ الصليب" (فيلبّي 2: 5 و7 و8)..

 

+ أفرام 
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

 

طروباريّة القيامة باللّحن الرابع

 

إنّ تلميذات الربّ تعلّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهِج. وطَرَحْنَ القضاءَ الجدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

 

قنداق أحد مرفع الجبن باللّحن السادس

 

أيُّها الهادي إلى الحكمةِ والرازقُ الفَهْمَ والفِطنة، والمؤَدِّبُ الجهّالَ والعاضِدُ المساكين، شدِّدْ قلبي وامنحْني فَهْمًا أيّها السيِّد، وأعطِني كلمة يا كلمة الآب. فها إنّي لا أمنعُ شَفتيَّ من الهُتافِ إليك: يا رحيمُ ارحَمْني أنا الواقِع.

 

الرِّسالة
رو 13: 11-14، 14: 1-4

رتِّلوا لإلِهِنا رتِّلوا 
يا جميعَ الأُممِ صَفِّقوا بالأيادي

 

يا إخوة، إنّ خَلاصَنا الآنَ أقربُ مِمّا كان حينَ آمَنّا. قد تَناهى الليلُ واقتربَ النهار، فَلْنَدَعْ عَنّا أعمالَ الظُّلمةِ ونَلْبَسْ أسلِحَةَ النور. لِنَسْلُكَنَّ سُلوكاً لائقاً كما في النهار، لا بالقصُوفِ والسُّكْرِ، ولا بالمضاجع والعَهَرِ، ولا بالخِصامِ والحَسَدِ. بَل اِلبَسُوا الرَّبَّ يسوعَ المسيحَ، ولا تهتمّوا لأجسادِكُم لِقَضاءِ شَهَواتِها. مَنْ كان ضعيفاً في الإيمان فاتَّخِذوهُ بغير مباحَثةٍ في الآراء. مِنَ الناس مَن يعتقدُ أنَّ لهُ أن يأكلَ كلَّ شيءٍ، أمّا الضَّعيف فيأكُلُ بُقولاً. فلا يَزْدَرِ الذي يأكل من لا يأكل، ولا يَدِنِ الذي لا يأكل من يأكل، فإنّ الله قدِ اتَّخذَهُ. مَنْ أنت يا من تَدينُ عبداً أجنبيّاً؟ إنّه لمَولاهُ يَثبتُ أو يَسقُط. لكنَّه سيُثبَّتُ، لأنّ الله قادِرٌ على أن يُثبِّتهُ.


الإنجيل
متّى 6: 14-
21

 

قال الربُّ: إنْ غَفَرْتُم للنّاسِ زَلّاتِهمْ يَغْفرْ لكم أبوكُمُ السَّماويُّ أيضاً. وإنْ لم تَغْفِروا للنّاسِ زلّاتِهم فأبوكُمْ لا يغفرُ لكم زلّاتِكُمْ. ومتى صُمتُمْ فلا تكونوا معبِّسين كالمُرائين، فإنّهم يُنكِّرون وُجوهَهُم ليَظهَروا للناسِ صائمين. الحقَّ أقولُ لكم إنّهم قد أخذوا أَجْرَهم. أمّا أنتَ فإذا صُمتَ فادهَنْ رَأسَكَ واغْسِلْ وَجْهَكَ لئلّا تَظْهرَ للناس صائماً، بل لأبيكَ الذي في الخِفيةِ، وأبوكَ الذي يرى في الخِفيةِ يُجازيكَ عَلانية. لا تَكنِزوا لكم كنوزاً على الأرض، حيث يُفسِدُ السُّوسُ والآكِلةُ ويَنقُبُ السّارقون ويَسرِقون، لكنِ اكنِزوا لَكمْ كُنوزاً في السّماء حيث لا يُفسِدُ سوسٌ ولا آكِلَةٌ ولا يَنْقُبُ السّارقون ولا يسرِقون. لأنّه حيث تكونُ كنوزُكم هناكَ تكونُ قلوبُكم.

 

في الإنجيل

 

اليوم تنتهي فترة الاِستعداد للصّوم، وغداً تبدأ رحلتنا التي تنتهي بأحد الفصح؛ ونحن نسعى لأن نسلك طريق التوبة عبر الصّلاة والصّوم. وقد خصّصت الكنيسة يوم البارحة للأبرار والنسّاك الذين مارسوا الحياة النسكيّة كي يكونوا لنا مُلهِمين ومتشفّعين من أجلنا في سلوكنا هذا الطريق المبارك.

 

وفي هذا المقطع الإنجيليّ من بشارة الرّسول متّى الذي نقرأه اليوم نتذكّر وصيّة الغفران التي طلب منّا الرّبّ يسوع أن نمارسها في حياتنا فَنَسعى لنغفر ونسامح لأنّ شرط قبولنا عنده هو الغفران، لذا قال: "إن غفرتم للنّاس زلّاتهم يغفر لكم أيضًا أبوكم السماويّ". وهنا يظهر اهتمام الرّبّ يسوع بالمحبّة أوّلاً وأخيراً. وقد طلب منّا أن نمارس المحبّة والغفران كي لا نتصوّر ونحن نصوم أنّنا فرحون مع الرّبّ فقط، لأنّ هذا لا يكفي. بل يجب علينا أن نفرح مع الناس لأنّنا لا نستطيع أن نرتفع نحو الله ما لم نتّحد مع الإخوة والعكس صحيح، إذ لا معنى للصّوم بلا محبّة شاملة للجميع.

 

لكن لماذا الحديث عن الغفران ونحن داخلون في الصّوم؟ الجواب هو أنّنا لسنا داخلين فقط في نظام من مأكل ومشرب، لكنّنا داخلين إلى ما هو أعمق بكثير. نحن داخلون في حرب مع قوى الشرّ الكامنة فينا. لذا على المؤمن أن يتنكّر لأنانيّته حتّى يلاقي الرّبّ يسوع في قلب يتطهّر كلّ يوم بالمحبّة والغفران والمسامحة ليصبح القلب سماء الله.


الإنسان الأنانيّ الذي لا يفكّر إلّا بنفسه ولا يفاخر إلّا بنفسه مثل الفرّيسيّ لا يستطيع أن يُحِبّ، وبالتالي لا يستطيع أن يغفر ويسامح لمن أساء إليه فيكون صومه نظاماً غذائيًّا فقط وغاية يريد أن يصل إليها، في حين أنّ الكنيسة تقول لنا إنّ الصوم هو وسيلة نستعملها لنصل إلى الغاية الكبرى وهي الاِلتصاق بالرّبّ يسوع بقدر ممارستنا لفعل المحبّة الذي طلبه منّا ونترجمه بالغفران والمسامحة لمن أساء إلينا. ألا أعطانا الله القوّة كي نقدر على أن نحبّ أكثر فنغفر أكثر ليقبل الله صومنا، آمين.

 

العائلة المسيحيّة..
إلى أين؟

 

لا أحد ينكر أنّنا أصبحنا في عصر التقنيّات الحديثة لتلبية كلّ الاِحتياجات بسرعة، إن توافرت المادّيّات. وبالتّالي أصبح عصب هذه المرحلة السرعة والمال. وتطغى على علاقات البشر نتائج هذين العنصرين، حتّى في مؤسّسة الزواج.

 

ولا يخفى على أحد أنّ الزيجات اليوم أصبحت مكلفة، من حيث تأمين أجمل اللّقطات، وأجمل الأماكن، وما يتبع ذلك من سهرات الزواج واختيار أماكنها.

 

أمّا من ناحية السرعة، فنلحظ اليوم سرعة في اختيار الشريك، والرّغبة في مواجهة كلّ المعوّقات التي يراها الشبابّ في سبيل إتمام هذا الزواج، حتّى لو اقتضى الأمر التحدّي والمواجهة، ومحاولة تخفيض فترة التهيئة لهذا الزواج، لأنّ الحبّ لا يقف بوجهه عائق، وربّما يراه البعض أمرًا جيّدًا. لكنّ المشكلة تكمن في أنّه بالسرعة ذاتها ينفكّ هذا الرباط بين الزوجين، فيطالبان بالاِنفصال، لكونهما لا يتأقلمان بعضهما مع بعض أو لا يتّفقان، وأيضًا يتحدَّيان كلّ العوائق التي تعيق الإنفصال ويواجهانها، وعلى الكنيسة أن تُقرّ طلاقهما بالسرعة ذاتها التي حقّقا فيها هذا الزواج. وإلّا فالكنيسة تكون المسؤولة عمّا يترتّب على هذا الخلاف من تبعات.

 

والمشكلة الأهمّ في هذه العلاقات تقع تبعاتها على الأولاد، فينطبق القول: "الآباء يأكلون الحصرم والأولاد يضرَسون". فلا يكون للأطفال والأولاد اعتبار وأولويّة في الحياة الزوجيّة، فمهما كانت نتائج الحضانة القانونيّة، فإنَّ تبعات هذه العلاقات المفكّكة تلقي ثقلها على أطفالٍ لا حول لهم ولا قوّة، فيتربَّون على البغض والتفكّك، وعلى الرفض والعنف، بما يشاهدونه من تشوّه في العلاقة بين مَن تسمَّوا بالحبيبَين والزوجَين... في صُوَر الزواج، فيبحثون عن السعادة خارج إطار العائلة علَّهم يجدونها بين ملذّات الحياة ومخدّرات الفرح الموَقّت، وبين هاتين الحاجَتَين يتربّع السعي لاقتناء المال على عرش حياتهم.

 

بعض العلاقات الزوجيّة قائم اليوم على مفاهيم خاطئة، مبنيّة على ما يشتريه كلٌّ من الطرفين من البرامج الغربيّة، أو العربيّة المغرّبة، التي تعكس واقعًا مبنيًّا على الخداع والسلطة والمال، وعلى تحقيق الشهوات والرّغبات الجنسيّة، لتعلن أنّ هذا الواقع هو الحاصل في مؤسّسات الزواج، وأنَّ لكل فردٍ حرّيّة المسلك ومطلق القرار بما يتعلّق بشخصه ضمن مؤسّسة الزواج تحقيقًا للحرّيّة المرجوّة. أمّأ أن "يصير كلاهما جسدًا واحدًا" فلا علاقة لها بمنهج حياتهما.


أسباب التباعد بين أفراد العائلة، وبين الزوجين، أصبحت أكثر توفّرًا؛ ففي المنزل الواحد ترى أفراد العائلة مجتمعين جسديًّا، ومتباعدين فكريًّا وعمليًّا، ويلتهي كلٌّ عن الآخر ليجد الرّاحة في انعزاله.

 

ما تهدّم قد تهدّم، وما هو متزعزع فهو قابل للترميم، ولكنَّ البناء الجديد لا بُدَّ من أن يكون مبنيًّا على أسس صلبة، على الكلمة الإلهيّة، وأن يجسّد حقيقة حضور المسيح المركز الأوّل في حياة الزوجين. وهذا يحتاج رعاية قصوى.

 

الخطر يهدّد كلَّ العائلات لأنّ ما يجري حاليًّا يطال كلّ المجتمعات، ولكن، بما يختصّ بعائلاتنا المسيحيّة، الوقع أكبر لكوننا خميرة المسيح في المجتمع، وهذا ما يتطلّب جهدًا أعظم تتآزر فيه كلّ المؤسّسات المسيحيّة لتوعية كلّ فردٍ من أفراد عائلاتنا ومتابعته واحتضانه. فما نفع المؤسّسة المسيحيّة إن كانت قائمة من أجل ذاتها، لا من أجل أبنائها؟ وما نفع البشارة إن لم تكن "إلى الأبناء الضالّة من بني إسرائيل"؟.