الأحد 23 كانون الأوّل 2018
23 كانون الأول 2018
الأحد 23 كانون الأوّل 2018
الأحد قبل ميلاد المسيح (أحد النِّسبة)
اللَّحن الخامس الإيوثينا الثّامنة
*23: الشُّهداء العشرة المستشهَدون في كريت، * 24: بارامون ميلاد المسيح، الشّهيدة في البارَّات أفجانيا،
* 25: ميلاد ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح بالجسد، * 26: عمَّانوئيل الإلهيّ، عيد جامع لوالدة الإله، الشَّهيد آفثيميوس، * 27: استفانوس أوّل الشهداء ورئيس الشَّمامسة، ثاوذورس الموسُوم، * 28: الشُّهداء العشرون ألفًا الذين في نيقوميذيَّة، * 29: الأطفال الـ 14 ألفاً الذين قتلهم هيرودس، البارّ مركلُّس.
"لمّا حان ملءُ الزّمان أرسل الله ابنه مولوداً من اِمرأةٍ، مولوداً تحت النّاموس، ليفتدي الذين تحت النّاموس لننالَ التبنّي" (غلاطية 4: 4-5).
عندما جاء المسيح كمل الزمان وصار الكون بلا أوقات. هذا لأن كلّ وقت أصبح مملوءاً من حضور المسيح الكائن الأزليّ. كلّ لحظة من حياتنا أصبحت مليئة بشخص المسيح sa personne.
الإله الإنسان، الحياة، كلّ الحياة، جاء إلينا مولوداً تحت النّاموس (كإنسان) لكي نتحرّر من ناموس هذه الدنيا المائتة فننال التبنّي، أي نصبح أبناء الله بالنّعمة.
هذا كلّه لأنّ الله لم يعد معنا فقط بل فينا بحضرته بنوره بوصاياه، وأوامره كلّها نورٌ وسلام وفرحٌ ومحبّة. بتنا نقول في المسيح إنّ الله أبونا. هكذا نسميّ الله "أبانا الذي في السّمَوات..."، أي لنا عنده دالّهٌ:
أنا مع المسيح في بيتٍ واحد. نموت مع المسيح لأنّنا كالأطفال ودعاء متواضعون كالحمام، قائمون معه في تذوّق مسبق للملكوت.
الإنسان الجديد في المسيح المولود ثانية فيه لا يعود يعرف إلّا الحبَّ، يذهب حتّى إلى محبّة الأعداء، يتخطّى التّهذيب والنّظام والسلطة والسياسة.
لا يعود إنساناً مادّيًّا فحسب: يشتري ويبيع ويحاسب. لا يعرف إلّا العطاء المجّانيّ عطاء الحبّ الذي لا حدّ له. لذا وُلد السيّد في مزود البهائم لكي يحرّرنا، من جهة، من بهيميّتنا و، من جهة أخرى،
طفلاً لكي يقول لنا "وإن لم تعودوا وتصيروا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السّمَوات" (متّى 18: 3).
أيّها الأحبّاء، سوف نبقى، نحن المسيحيّين المؤمنين، خميرة في هذا العالم القاسي بعصيانه لمحبّة الله ورحمته.
فيقول لنا الرّبّ ويعزّينا بهذا القول: "لا تخف أيّها القطيع الصغير لأنّ أباكم قد سرّ أن يعطيكم الملكوت؛ بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة"... (لوقا 12: 32).
ملء الزّمان: أي أنّنا لا ننتظر مخلّصاً آخر ولا رسالةً أخرى. نعم، لقد حان ملء الزّمان بمجيء المسيح فلا شيء في الدنيا له معنًى بدونه.
إن كنّا للمسيح ابن الله، فنحن وارثون لله بالمسيح (راجع غلاطية 4: 7).
أي إن كنّا مع المسيح حقًّا، مع محبّته الخالصة للآب ولكلّ إنسان، عندها نرث معه الحياة الإلهيّة، النّورَ الإلهيّ، هذا الكنزَ الذي فينا، في طبيعتنا البشريّة الضعيفة الساقطة، في آنية خزفيّة.
إذاً، إن كنتَ أيّها الحبيب اليوم مع المسيح حقّاً محبّاً لله وللجميع "لا تخف" يقول الرّسول بولس، لا تيأس من كلّ ما هو صائرٌ اليوم في الدّنيا من إلحاد، من اِنحرافات، من حروب، من اِضطهاد مباشر أم غير مباشر. لا تخف أيّها القطيع الصغير، إن كنتَ واحداً مع الرّبّ يسوع، مع آلامه وقيامته،
أنت غالبٌ مسبقاً: المحبّة الخالصة أقوى من الموت.
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريَّة القيامة باللَّحن الخامس
لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجدْ للكلمة المساوي للآبِ والرّوح في الأزليّة وعدمِ الاِبتداء، المولودِ من العذراءِ لخلاصنا. لأنّه سُرَّ بالجسد أن يعلوَ على الصليبِ ويحتملَ الموت، ويُنهِضَ الموتى بقيامِته المجيدة.
طروباريَّة أحد النّسبة باللَّحن الثاني
عظيمةٌ هي أفعالُ الإيمان، لأنَّ الفتيةَ الثلاثةَ القدّيسين قد اِبتهجُوا في يَنبوعِ اللهيب كأنَّهم على ماءِ الراحة، والنبيَّ دانيال ظهر راعيًا للسِّباعِ كأنّها غنم. فبتوسّلاتِهم أيّها المسيحُ الإلهُ خلّص نفوسَنا.
قنداق تقدمة الميلاد باللّحن الثالث
أليومَ العذراء تأتي إلى المغارة لتلدَ الكلمةَ الذي قبل الدهور ولادةً لا تُفسَّر ولا ينطقُ بها. فافرحي أيّتها المسكونةُ إذا سمعتِ، ومجّدي، مع الملائكة والرّعاة، الذي سيظهرُ بمشيئته طفلاً جديداً، الإلهَ الذي قبل الدهور.
مباركٌ أنتَ يا ربُّ إلهَ آبائنا
لأنَّكَ عدلٌ في كلِّ ما صنعتَ بنا
يا إخوةُ، بالإيمانِ نَزَل إبراهيمُ في أرضِ الميعاد نزولَهُ في أرضٍ غريبةٍ، وسكَنَ في خيام معَ إسحقَ ويعقوبَ الوارثَيْن معهُ للموعِدِ بعينهِ، لأنَّهُ انتظرَ المدينةَ ذاتَ الأُسسِ التي اللهُ صانِعُها وبارئُها. وماذا أقول أيضاً؟ إنّه يضيق بيَ الوقت إن أخبرتُ عن جدعون وباراق وشمشون ويفتاح وداود وصموئيل والأنبياء، الذين بالإيمان قهروا الممالِكَ وعملوا البرَّ ونالوا المواعد وسدُّوا أفواه الأسود وأطفأوا حدّة النار ونجَوا من حدّ السَّيف وتقوَّوا من ضعف وصاروا أشدّاء في الحرب وكسروا معسكرات الأجانب، وأخذت نساءٌ أمواتهنّ بالقيامة. وعُذِّب آخَرون بتوتير الأعضاء والضّرب، ولم يقبلوا بالنجاة ليحصلوا على قيامة أفضل. وآخَرون ذاقوا الهزء والجَلد والقيود أيضاً والسجن، ورُجموا ونُشروا وامتُحنوا وماتوا بحدّ السيف، وساحُوا في جلود غنم ومعز وهم مُعوَزون مضايقون مجهودون (ولم يكن العالم مستحقًّا لهم). وكانوا تائهين في البراري والجبال والمغاور وكهوف الأرض. فهؤلاءِ كلُّهم، مشهوداً لهم بالإيمان، لم ينالُوا المواعد، لأنّ الله سبق فنظر لنا شيئاً أفضل أن لا يُكمَلوا بدوننا.
كتاب ميلاد يسوع المسيح اِبنِ داودَ بنِ إبراهيم: فإبراهيم وَلَدَ إسحق وإسحق ولد يعقوب ويعقوب ولد يهوذا وإخوته ويهوذا ولد فارص وزارح من تامار. وفارص ولد حصرون وحصرون ولد أرام وأرام ولد عميناداب وعميناداب ولد نحشون ونحشون ولد سلمون وسلمون ولد بوعز من راحاب. وبوعز ولد عوبيد من راعوث وعوبيد ولد يسّى ويسّى ولد داود الملك وداود الملك ولد سليمان من التي كانت لأوريَّا. وسليمان ولد رحَبْعام ورحبعام ولد أبيَّا وأبيَّا ولد آسا وآسا ولد يوشافاط ويوشافاط ولد يورام ويورام ولد عُوزيّا وعوزيّا ولد يوتام ويوتام ولد آحاز وآحاز ولد حزقيّا وحزقيّا ولد منسّى ومنسّى ولد آمون وآمون ولد يوشيّا، ويوشيّا ولد يَكُنيا وإخوته في جلاء بابل. ومن بعد جلاءِ بابل يَكُنْيا ولد شأَلتَئيلَ وشأَلتئيلُ ولد زَرُبَّابلَ وزَرُبَّابلُ ولد أبيهودَ وأبيهودُ ولد ألِياقيمَ وألياقيمُ ولد عازورَ وعازورُ ولد صادوقَ وصادوقُ ولد آخيمَ وآخيمُ ولد أليهودَ وأليهودُ ولد ألعازارَ وألِعازارُ ولد مَتَّانَ ومَتَّانُ ولد يعقوبَ ويعقوبُ ولد يوسفَ رجلَ مريمَ التي وُلد منها يسوع الذي يُدعَى المسيح. فكلُّ الأجيال من إبراهيمَ إلى داودَ أربعةَ عشرَ جيلاً، ومن داودَ إلى جلاءِ بابلَ أربعةَ عشرَ جيلاً ومن جلاءِ بابل إلى المسيح أربعةَ عشرَ جيلاً. أمّا مولدُ يسوعَ المسيحِ فكان هكذا: لمَّا خُطبت مريمُ أمُّهُ ليوسفَ وُجدتْ، من قبلِ أنْ يجتمعا، حُبلى من الروح القدس. وإذ كان يوسفُ رجلُها صدّيقاً، ولم يُرِد أنْ يَشْهَرَها، همَّ بتخْلِيَتِها سرًّا. وفيما هو متفكّرٌ في ذلك إذا بملاكِ الرَّبِّ ظهر لهُ في الحُلم قائلاً: يا يوسفُ بنَ داودَ لا تَخفْ أنْ تأخذ امرأتك مريم، فإنَّ المولودَ فيها إنَّما هو من الروح القدس. وستلِد ابنًا فتُسميّهِ يسوعَ، فإنَّهُ هو الذي يخلِّصُ شعبهُ من خطاياهم. وكان هذا كلُّهُ ليتمَّ ما قيل من الرّبّ بالنّبيّ القائل: ها إنَّ العذراءَ تحبلُ وتلد ابناً ويُدعى عِمَّانوئيلَ الذي تفسيرُهُ اللهُ معنا. فلمَّا نهض يوسف من النّوم صنع كما أمرهُ ملاكُ الرّبّ. فأخَذَ امرأتَهُ، ولم يعرِفْها حتَّى ولدتِ ابنَها البكرَ فسمَّاهُ يسوع.
مع اقتراب عيد الميلاد، تضع الكنيسة أمامنا رسالة اليوم، لنتأمَّلَ طبيعةَ ومستوى الإيمان الذي كان عند الآباء الأوَّلين، قبلَ مجيء المسيح.
يرسمُ لنا بولس الرّسول لوحةً فريدةً معبِّرة كاشفاً لنا كم كان قويًّا وجدِّيًّا ومُكلِفاً إيمان رجال الله؛ فإبراهيم بالإيمان أطاعَ الله وغادر أرضه إلى أرضٍ غريبة، فتحمَّلَ مشاقَّ الغُربةِ عالماً "أنّه ليس لنا مدينةٌ باقية على الأرض"، وآخرون بالإيمان اجترحوا العجائب والمعجزات، فقهروا ممالك الأرض، أطفأوا النَّار، عملوا البرَّ، وآخرون بالإيمان تحمَّلوا عذابات فظيعة، عاشوا في البراري والمغاور والجبال، عانَوا الفقر والبرد والجوع، ولم يهابوا الموت لأنّهم آمنوا بالقيامة وبحياةٍ أخرى أبديّة.
كان إيمانهم إيماناً عميقاً واعياً صلباً قادهم إلى علاقةٍ شخصيّة مع الله، فاختبروا حضوره في ضيقاتهم ومخاوفهم وفي ظروف حياتهم كافّة، وتجاوزوها بصبرهم وبمساعدة الرّبّ لهم.
وإذ أدركوا أنَّ الحياة الأرضيّة عابرة، ضحَّوا بكلِّ شيء وتحمَّلوا كلَّ شيء، حتّى الموت، موجِّهينَ أنظارهم نحو حياةٍ أسمى سماويّة.
فإن كان هذا إيمانَ أولئكَ الذين لم يعرفوا المسيحَ متجسِّداً، فأيَّ إيمانٍ يجب أن يكون إيمانُنا نحن الذين عرفناه متجسِّداً من البتول؟! وأيةَ حياةٍ ينبغي علينا أن نسلك؟!
ماذا نتحمَّل نحن لأجل إيماننا؟ وبماذا نضحِّي؟
إنَّ نظرةً صادقة إلى واقع الحال تكشف لنا كم أنَّ إيماننا سطحيٌّ، بل أنّنا، في معظمنا، بعيدونَ كلَّ البُعدِ عن حياة الإيمان.
لذلك، إن كنَّا نريد أن نكون مسيحيِّين بالفعل، فلا بدَّ لنا من أن نقتنيَ إيماناً كإيمانهم، وأن نحيا حياةً شبيهةً بحياتهم؛
وبالتالي علينا أن نفهمَ بعمقٍ الأحداث الخلاصيّة التي أتمَّها الربّ يسوع (الميلاد، الصَّلب، القيامة)، ولا نكتفيَ بما يقدِّمه لنا العالم من معانٍ سطحيّة لهذه الأحداث.
وإذ نحن في زمن الميلاد نُوضحُ، بشكلٍ لا لَبْسَ فيه، أنَّ عيدَ الميلاد ليسَ كما يقدِّمهُ العالمُ لنا ولأطفالنا، بابانويل وشجرةً ومغارةً وزينةً وألعابًا، عيد الميلاد هو عيدُ تجسُّدِ ربِّ السَّموات والأرض، وسيِّدِ الحياةِ والموت.
لذلكَ، علينا أن نحتفلَ به كما يليقُ بصاحب العيد، بطريقةٍ روحيّةٍ واعية، ولا نحتفلَ به كما يحتفل أهل العالم، بالتّفاهة والألبسةِ والأطعمة، ولا نفرح كما يفرحون، بالسَّهرات والسُّكر وطاولات القمار والخطيئة.
إنَّ فرحَ الميلاد الذي بشَّر به الملاكُ الرّعاةَ عندما قال لهم "هاءَنذا أبشّركم بفرحٍ عظيم"، لا يكون فقط بتزيين البيوت باللّون الأحمر وبشجرة الميلاد والمغارة - وإن كان هذا من جمالات عيد الميلاد، وهو مقبولٌ ومبارك إن بقيَ في حدود الاِعتدال - فرحُ الميلاد الحقيقيُّ، يحصل فقط من حضور المسيح إن تمَّ فينا.
عندها تتغيَّر حياتُنا إلى شِبهِ حياته، وأفكارُنا إلى شِبهِ أفكاره، وطباعُنا إلى شِبهِ طباعه، فنعيشُ بقناعةٍ وبساطةٍ، كما عاش هو، متحمِّلين برضًى الأوضاعَ المعيشيّة الصّعبة التي نمرُّ بها، والتي هي أقلُّ صعوبةً بكثير ممَّا تحمَّله رجال الله، ومتصرّفينَ بحكمةٍ، مكتفين بضروريّات الحياة، ومبتعدين عن البذخِ سيَّما في الأعياد.
فرح الميلاد الحقيقيُّ هو في أن نلتقي السّيِّدَ الرّبَّ في حياتنا، ونهيِّئَ له قلوبنا لتكون مذوداً يضطجع فيه، وهذا ممكنٌ تحقيقهُ وليس خيالاً أو وهماً.
فلنذهب إليه لنلاقيه، كما ذهبَ الرّعاة والمجوس، فها هو موجودٌ قربنا هنا، في الكنيسة في القدّاس الإلهيّ، وفي طرقات الحياة والبيوت الباردة، حيث سنراه في وجوه البائسين والغرباء والمتروكين والمرضى وغير القادرين على تسديد تكاليف الاِستشفاء، مقدِّمين له هدايانا، ليسَ من ذهبٍ ومرٍّ ولبان، بل من صلواتٍ مقدَّسةٍ، ومحبّةٍ، وإحسان.
يومًا بعد يوم تَثقُل علينا الأزمات، وتَتكاثف الظُّلُمات حتّى القَتام.
يَلُفّنا الغامض من كلّ صوب فلا يبدو في الأفق ما يبشِّر بحلٍّ لمشاكلنا قريب.
نتطلّع من حولنا فإذا بنا مُحاصَرون من كلّ جهة، كما لو أَنّنا أَبْرمْنا مع الضّيق عَقداً؛ وإذا الذين بيدهم مقاليد الأمور - وقد أَوكَلْنا إليهم شؤون دُنيانا والمعاش - لاهُون عنّا بمصالحهم ومنشغِلون عن رعايتنا برعايتها.
قد جَعَلُونا ورقةً في لعبةِ الأُمم وساحةَ سائبةً لصراعاتهم، فكأننّا مرميُّون في المجهول أو كأنَّنا أُسلِمنا الى أيدي العَبَث القاتل وزبانيته.
ونحن على هذه الحال، وقد بِتنا على حافّةِ اليأس الكامل، وفي شبه نفق مُظلم يبدو الخروج منه عسيراً، يُشرق علينا من فوقُ نورٌ ساطعُ البهاء لا تستطيع عينُ بشرٍ أن تحدّق فيه. إنّه بَهاء الميلاد يطلع علينا ليبشّرنا "بفرح عظيم"، ليقول لنا: لا تحزَنوا ولا تفقدوا الرّجاء.
ها إنّ سلامَكم آتٍ، ومتى أتى لن يستطيع أحدٌ انتزاعه منكم، لأنّه ليس صُنعَ إنسانٍ لكنّه صُنعُ السّماء المنعطفة عليكم حُبًّاً وافتقادًا.
ثِقُوا بأنّ الأيّام الآتيةَ خيرٌ من الحاضرةِ وأنّكم، منذ الآن، مُشترَون من لعنةِ الشّرّير بثمن كريم.
لقد اِمتُحِنتم كثيراً، وتمرمرتم كثيراً، وطالت في الاِضطراب إقامةُ نفوسكم، لكنّكم، الآن، مشروعُ افتقاد عظيم، ولَسَوفَ تستقرّ في الأمان نفوسُكم.
حَسْبُكم أن تضعوا رجاءَكم على من هو وَحدَه علّة رجائكم، على من هو "رئيس السَّلام" كما يدعوه إشعياء، أو "إله السَّلام وأبو المراحم" كما تدعوه عباداتنا الميلاديّة، ليكون لكم من سلامه نصيبٌ ومن مراحمه أيضًا نصيب، وليكون لكم من هذين النَّصيبَيْن ما تنتفعون به اليومَ وغَدًا.
أجل، "لقد اِفتقدنا مخلّصنا من العُلى" كيما يكون لنا بافتقاده ما ينفعنا حاضراً وآتياً.
غير أنّ هذا الاِفتقاد، ولو مجّانيٌّ، ينتظر منّا التجاوب معه. ذلك أنّ رحمة الله لا تفعل فينا رَغماً عنّا.
إنّها تنتظر منّا تجاوبنا معها كي تَضُمَّنا إليها بالرِّفق والتَّحنان.
إنّها دوماً إلى جانبنا بحالٍ غير منظورة، متأهِّبة للتَّدخُّل ما إِن نستدعيها ونُسلمُها ذواتنا.
إنًّ "نَعَماً" كتلك التي قالتها مريم لملاك البشارة مُنتظَرةٌ منّا كي ينزل الطِّفل الإله إلى أفئدتنا ويستقرّ فيها، وكما اتّخذ من حَشَا العذراء رَحِماً يُولدُ منها يتّخذها أيضًا لميلاده أَرحاماً.
"اليوم يُولدُ من البتول الضّابطُ الخليقةَ في قبضته"، هذا ما ت