الأحد 22 كانون الثانـي 2017
22 كانون الثاني 2017
الأحد 22 كانون الثانـي 2017
العدد 4
الأحد (15) من لوقا
اللّحن السادس الإيوثينا التاسعة
* 22: الرَّسول تيموثاوس، الشّهيد أنسطاسيوس الفارسيّ، * 23: اكليمنضوس أسقف أنقرة، الشّهيد أغاثنغلوس، * 24: البارّة اكساني وخادمتها، الشّهيد بابيلا الأنطاكيّ ورفقته، * 25: غريغوريوس الثاولوغوس رئيس أساقفة القسطنطينيّة، * 26: البارّ كسينُفوندُس مع زوجته ماريّا وولديه أركاديوس ويوحنّا، * 27: نقل جسد القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم، القدّيسة ماركيانيس، * 28: البارّ أفرام السريانيّ، البارّ بلاديوس.
في زمن الربّ الخلاصيّ
يأتينا الزمان عطيّةً من الله، تتوفّر فيه فرصة الالتفات إلى وجه الربّ والتوجّه نحوه. فهو العارف بضعف كلّ منّا وعدم ثباتنا. أعطانا بالزمن إمكان التغيّر والتوبة والعودة بعد كلّ سقوطٍ، علّنا، في سنة، في شهر، في يوم أو، حتّى، لحظة ما، نتحوّل نحوه مرّةً، دونما تغيّر، تائبين توبة حقيقيّة لا عودة فيها إلى ظلام يُضنينا.
فالزمن، يا أحبّة، فسحةٌ فيها نسعى إلى الانتقال نحو النور والارتقاء في الفضيلة؛ هو مجال فيه تنمو قامة كلّ واحد منّا إن أحسن استغلاله. الوقت أُعطيناه إمكانًا ومحاولة للتنقية، لنصير أجمل بالروح، وللتمرّن والتعوّد على العيش الفردوسيّ مرّة أخرى بعدما فقدناه مرّةً. هو فرصةٌ لإكمال كلّ نقص نحن فيه، فنحاول استعادة كمال كنّا خسرناه بسبب سقوط كان قد حدث. هو عطيّة من الله مَن يُحسنِ استخدامها يَكُنْ قادراً على اقتناص الخلاص فيه.
كلّ ما صنعه الله كان حسنًا، كلّ هذا إنّما يخدم خلاصنا. في هذا المضمار، نذكّر بأنّ الدائرة الزمنيّة السنويّة، في الكنيسة، تتكرّر مع حلول الأوّل من أيلول كلّ عام وليس في الأوّل من كانون الثاني. على أساس رأس السنة الطقسيّة هذا رتّبت الكنسية أعيادها وخدمها الليتورجيّة على مدار السنة، لتكون رفيقة المؤمن في الصلاة والعبادة عموماً عند اشتراكه في الأسرار والليتورجيّة المقدّسة فيعيش، آنذاك، الأحداث الخلاصيّة. فمن خلال الزمن، إن استُغلّ على نحوٍ مقدّس، نكون عائشين زمن المخلّص على الأرض، مشاركينه موته وقيامته، وقبل ذلك، عائشين كلّ الأحداث الخلاصيّة التي شاء الله على الأرض أن تكون من أجل خلاص الجنس البشريّ.
الزمان عطيّة السيّد لنا كي نعيش، في لحظة ما، ملكوت السماوات عندما يشاء هو، حينما يحين مِلءُ الزّمان، زمان كلّ منّا، إذ لكلّ منّا مِلءُ زمانه. فالوقت الذي خلقه الله لأجلنا، والذين نحن موجودون فيه، إنّما هو مساحة نسعى أن نكون فيها مستعدّين لتلك اللحظة، لحظة ملء زماننا، لحظة ملكوت السماء "وهو الآن في داخلكم" (لو21:17).
الوقت يتقدّس إذا عبَرَ خلاله عملٌ مقدّس، عمل نجتهد فيه للربّ. وإلّا، شرّيرًا يكون ذلك الزمان. "فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء، مفتدين الوقت لأنّ الأيّام شرّيرة" (أفسس 5: 15-16). قدّس الله الزمن إذ عاش فيه القدّيسون أحداثاً خارج الزمن وهم ضمن الزمن. هكذا نجتذب الملكوت فيتقدّس وقتنا، لنصير في زمن الربّ الخلاصيّ.
كلّ عام وأنتم بخير
الأرشمندريت رومانوس الحنّاة
رئيس دير سيّدة البلمند
طروباريّة القيامة باللّحن السادس
إنَّ القوّاتِ الملائكيّةَ ظهروا على قبرك الموَقَّر، والحرّاسَ صاروا كالأموات، ومريمَ وقفت عندَ القبر طالبةً جسدَك الطاهر؛ فسَبيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّب منها، وصادفتَ البتول مانحاً الحياة. فيا من قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.
قنداق دخول السيّد إلى الهيكل باللّحن الأوّل
يا مَن بمولدِكَ أيّها المسيحُ الإلهُ للمستودعِ البتوليِّ قدَّستَ، وليَدَيْ سمعانَ كما لاقَ باركْتَ، ولنا الآنَ أدركْتَ وخلَّصْتَ، إحفظ رعيَّتَكَ بسلامٍ في الحروب، وأيِّدِ المؤمنين الذين أحبَبْتَهم، بما أنّك وحدَكَ محبٌّ للبشر.
الرِّسَالة
1 تيمو 4: 9-15 (32 بعد العنصرة)
الربُّ يُعطي قوَّةً لشَعبِه
قدِّموا للربِّ يا أبناءَ الله
يا إخوةُ، صادقةٌ هي الكلمةُ وجديرةٌ بكُلِّ قَبُولٍ. فإنَّا لهذا نتعَبُ ونُعيَّرُ لأنَّا ألقينا رجاءَنا على اللهِ الحيِّ الذي هو مخلّصُ الناس أجمعين، ولا سِيَّما المؤمنين؛ فَوصِّ بهذا وعلِّم بهِ. لا يستَهِنْ أحدٌ بفتوَّتِكَ بل كُنْ مثالاً للمؤمنينَ في الكلامِ والتصرُّفِ والمحبَّةِ والإيمان ِوالعَفاف. واظِبْ على القراءةِ إلى حينِ قدومي وعلى الوعظِ والتعليم، ولا تُهمِلِ الموهبَةَ التي فيكَ، التي أُوتيتَها بنبوَّةٍ بوضع أيدي الكهنة. تأمَّلْ في ذلك وكُنْ عليهِ عاكِفاً ليكونَ تقدُّمُك ظاهراً في كلِّ شيءٍ.
الإنجيل
لو 19: 1- 10
في ذلك الزمان، فيما يسوع مجتاز في أريحا، إذا برجل اسمه زكّا كان رئيساً على العشارين وكان غنيّاً، وكان يلتمس أن يرى يسوع مَن هو، فلم يكن يستطيع من الجمع لأنّه كان قصير القامة. فتقدّم مسرعًا وصعد إلى جمَّيزة لينظره لأنّه كان مزمعًا أن يجتاز بها. فلمّا انتهى يسوع إلى الموضع رفع طَرْفَه فرآه فقال: يا زكّا أَسرِعِ انزِل، فاليومَ ينبغي لي أن أَمكث في بيتك. فأَسرعَ ونزَل وقَبِلَه فَرِحاً. فلمّا رأى الجميعُ ذلك تذمَّروا قائلين إنّه دخل ليحلَّ عند رجل خاطئ. فوقف زكّا وقال ليسوع: هاءَنذا يا ربُّ أعطي المساكين نصف أموالي، وإن كنتُ قد غبَنْتُ أحداً في شيء أردُّ أربعة أضعاف. فقال له يسوع: اليومَ قد حصل الخلاص لهذا البيت لأنّه هو أيضًا ابن إِبراهيم؛ لأنّ ابن البشر إنّما أتى ليطلب ويخلِّص ما قد هَلَك.
في الإنجيل
إنجيل زكّا هو أحد الأناجيل التي تُقرأ في المرحلة التي تسبق الصوم الأربعينيّ المقدّس، وتستخدمه الكنيسة كي تقول لنا، بكلّ بساطة، إنّ صومًا لا ينتهي برؤية الربّ في قلوبنا ليس بصوم.
يلفتنا في هذا الإنجيل الجميل، من الوجهة الروحيّة، عدد من الأمور، أودّ أن أتوقّف عندها وأتأمّل فيها بإيجاز:
1- زكّا كان غنيًّا وكان يلتمس أن يرى الربّ يسوع. كثيرون يظنّون أنّ الله يسوع المسيح فادينا ومخلّصنا لا يحبّ الأغنياء، وذلك لأنّهم يسمعون في مكان آخر من الإنجيل:" لأنّه أسهل على الجمل أن يدخل من ثقب الإبرة من أن يدخل غنيّ ملكوت السموات". هذه الآية لا تعني أنّ الله لا يحبّ الأغنياء، فهم خليقته كسائر الناس. لو أنّه لا يحبّهم لماذا يخلقهم؟ الله يحبّ الجميع "ويشاء الكلّ أن يخلصوا وإلى معرفة الحقّ يقبلوا". الله لا يرفض الغنيّ لمجرّد أنّه غنيّ، كذلك فهو لا يحبّ الفقير لمجرّد أنّه فقير، لأنّ الفقر القريب إلى قلب الله هو مَن أشارت إليه التطويبات في إنجيل متّى"طوبى للمساكين بالرّوح فإنّ لهم ملكوت السموات". وهكذا يتعذّر على الأغنياء أن يحبّوا الله إذا كانوا يؤثرون أموالهم عليه، وهكذا تمامًا هي حال الفقراء الذّين ينقمون على كلّ شيء بداعي فقرهم، فلا يعودون قادرين على أن يحبّوا الله. ليست المشكلة عند الله أن يكون المرء غنيًّا، بل هي كلّها في أن يغلق قلبه عن المساكين رغم بحبوحته.
2- يحاول زكّا أن يرى الله. رؤية الله ههنا قد تكون بداعي الفضول، فزكّا سمع أنّ الربّ عظيم ومحبوب جدًّا، ولكن، في الوقت نفسه، هناك في أعماق زكّا هذا الاشمئزاز من الإحساس بالاِكتفاء. أن يشعر المرء بالاِكتفاء، فهذا يعني حرفيًّا دخوله نطاق الموت. من لا يعود يرغب في أن يتقدّم، يتطوّر، يتغيّر نحو الأفضل، سوف يموت لا محالة. أَلَيست المياه الآسنة منتنة، ولا تُشرب؟ وهكذا، عندما تاقت نفس زكّا إلى معرفة من هو يسوع، أسرع إلى جمَّيزة قريبة كان الربّ سيمرّ بها. ولمّا عبر الربّ من هناك رفع طرفه إلى زكّا وقال له: أسرع وانزل فاليوم ينبغي لي أن أمكث في بيتك. هذا يعني أنّك بذلت الجهد لرؤيتي، فاستجبتُ إليك وأنا أريد أن أمكث عندك. ولكنّ الغريب أنّ الربّ يرفع نظره إلى زكّا بينما زكّا المخلوق كان يُفترض به أن ينظر إلى فوق إلى حيث المسيح. لهذا المشهد دلالة ومعنًى، فالربّ موجود حيث نحن. إن كنّا في الحضيض يكون هناك معنا ينتظر عودتنا إليه. وإن كنّا فوق يكون معنا كي يعيننا للمجيء إليه. باختصار، لا يكون الإنسان لوحده بسبب ضعفاته.
3- لاحظوا الآن هذه الجملة: لقد دخل المسيح ليبيت عند إنسان خاطىء. لقد تذمّر الناس. لا يعجبهم أن يكون الخاطىء قريبًا من الله. ولا بدّ من أن يلوكوا التائب بألسنتهم. ومع ذلك علينا أن نتشجّع لنتّخذ موقفًا كموقف زكّا تجاه الربّ كي يبيت الربّ في بيتنا الداخليّ.
ماذا قال زكّا للربّ؟
يعلن زكّا حقيقة موقفه ممّا يجري، سيّما بعد أن دخل الربّ بيته. ها أنا أعطي المساكين نصف أموالي؛ وإن غبنت أحدًا، أي ظلمت أحدًا، أردّ له أربعة أضعاف. لا بدّ من الإقرار بإنصاف الناس (نصف أموالي). النصف يوحي بالعدل والإنصاف. إلّا أنّه عندما يقول: "....أردّ له أربعة أضعاف"، إنّما هو يعلن أنّ الموقف المسيحيّ يسمو على العدل والإنصاف لأنّه مفعم بالمحبّة. المحبّة أسمى من العدل. وهكذا جاء جواب الربّ عن موقف زكّا: "اليوم حصل الخلاص لهذا البيت".
أن ينال الإنسان الخلاص، هذا يعني أن يتغيّر ليغلب في نفسه الخطيئة والفساد. لا يستطيع المسيحيّ إلّا أن يغلب الخطيئة، لأنّ من يألفها ويعشقها لن يعرف المسيح.
رتَّبَتِ الكنيسة هذا الإنجيل في مسيرة الاستعداد للدخول في الصّوم الكبير. زكّا هو صورة التوبة الصادقة التي تحبّ الجميع. ومن لا يدخل في توبة كالتي عرفها زكّا لا يمكنه أن يدخل مسيرة الصوم الأربعينيّ المقدّس. والسلام.
أقوال للقدّيس باييسيوس
إنّ عصرنا صعبٌ جدًّا. وينبغي على المسيحيّين اليوم أن يصبروا كثيراً كي ينالوا أجراً عظيماً. قدّيسون كثيرون قد تمنّوا أن يعيشوا في عصرنا الحاضر هذا، وذلك لينالوا أجراً أكبر.
سمعت أنّ قنديل الكلّيّة القداسة في دير إيفيرون يهتزّ في هذه الأيّام. إنّ الكلّيّة القداسة تحاول إيقاظنا لننهض ونتوب، غير أنّ أناس هذا اليوم لا يهتزّون حتّى ولو اهتزّت القناديل. عندما يكون أحدهم غاضباً، من الأفضل أن لا تكلّمه البتّة، حتّى ولو بطريقة حلوة، لأنّه يشبه المجروح الذي لا يتقبّل ولا حتّى الملاطفة، لأنّها تهيّج جراحه. اليوم جاء الوقت الذي تتحقّق فيه نبوءَة القدّيس أنطونيوس الكبير: "سيجيء وقت يجنّ فيه الناس، وإن وجد أحدهم عاقلاً، سيدعوه الآخرون مجنوناً لأنّه لن يكون مثلهم".
- الكبرياء، في العمق، هي نقصٌ في المحبّة، هي محبّة الذات.
- إنّ اكتسابنا القداسة لا يتوقّف على عدد السنين، إنّما على التفاني وعلى جهادنا المتواضع. إنّ في التفاني تواضعاً ونبلاً وتضحية.
- لا تطلب شيئاً في الصلاة سوى التوبة. لا تسعَ وراء العجائب والرؤى والنبوءات والمواهب، اسعَ فقط وراء التوبة. التوبة تجلب لك التواضع، والتواضع يجلب نعمة الله، والله يعطيك، بنعمته، ما تحتاج نفسك إليه من أجل الخلاص، كما يعطيك أيضًا كلّ ما أنت تحتاجه لمساعدة الآخرين.
أخبــارنــا
محاضرة في مطرانيّة طرابلس
يوم الأحد الواقع فيه ٨ كانون الثاني ٢٠١٧، وبرعاية سيادة راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) وحضوره، دَعَتِ الجمعيّة الثقافيّة الروميّة إلى محاضرة قيّمة حول تاريخ الرّوم الجزء ٢، في قاعة المحاضرات في دار مطرانيّة طرابلس والكورة وتوابعها، حضرها، إلى راعي الأبرشيّة حشد كبير من أبناء المنطقة وخارجها الذين تحدّوا البرد لكي يسمعوا شيئاً جديداً يهمّ كلّ أرثوذكسيّ مشرقيّ، ألا وهو أن يعرف تاريخه والظروف التي آلت لتغيير مجرى التاريخ في حياته والمنطقة بشكلٍ عامّ!! ألقى المحاضرة البروفسور نجيب جهشان الذي أسهب في تفسيرٍ قلّ نظيره حول هذا الموضوع ويدلّ على موهبة أخرى تضاف إلى مواهبه بجانب الطبّ. قدّم المحاضرة الدكتور نقولا جلّاد. بعدها كانت ضيافة لجميع الحاضرين.
ملاحظة: تُستكمل المحاضرة بجزء آخر، وذلك يوم الأحد الموافق ١٩ شباط ٢٠١٧، في المكان نفسه، الساعة ٥:٣٠ مساءً.