الأحد 21 شباط 2016
21 شباط 2016
الأحد 21 شباط 2016
العدد 8
أحد الفرّيسيّ والعشّار
اللحن الخامس الإيوثينا الخامسة
* 21: البارّ تيموثاوس، أفستاثيوس الأنطاكيّ، * 22: العثور على عظام الشُّهداء في أماكن افجانيوس،
* 23: بوليكربس أُسقف أزمير، القدِّيسة غورغوني أخت القدِّيس غريغوريوس اللاهوتيّ، * 24: ظهور هامة السَّابق للمرَّتَين الأولى والثانية، * 25:طاراسيوس رئيس أساقفة القسطنطينيّة، * 26: بورفيريوس أسقف غزَّة، فوتيني السامريّة، البارّ ثاوكليتُس، * 27: بروكوبيوس البانياسيّ المعترف، ثلالاوس السُّوريّ.
أحد الفرّيسيّ والعشّار
في هذا الأحد، أحد الفرّيسي والعشّار، يبدأ التحضير لأهمّ فترة من فترات السنة الليتورجيّة (الطقسيّة)، فترة التريودي، أو الصوم الأربعينيّ المقدّس، الفترة التي يتكثّف فيها جهادنا الروحيّ، جهاد الصوم العظيم، الّذي يحضّرنا للاشتراك في سرّ فداء الإنسان، الّذي أتمّه ربّنا يسوع المسيح بموته وقيامته.
كثيرون يسألون، في زمن التراخي والضعف الروحيّ، ما حاجتنا إلى الصوم؟ المهمّ أعمالنا، أن نعمل أعمالاً صالحة أهمّ بكثير من الصوم. هؤلاء يضلّون أنفسهم لأنّ الّذي لا يصوم، مهما بدت أعماله صالحة، لن تكون سوى ثمرة أهوائه الفاسدة.
الصوم، في الأرثوذكسيّة، هو العنصر الأوّل والأهمّ في جهادنا الروحيّ، هدفه أن يُميت الأهواء والشهوة الرديئة في النفس، وأن يقوّي إرادة الإنسان في مواجهة الخطيئة. صوم الجسد يُعطي النفس قوّة لتغلب الأفكار التي تلد الأهواء والخطيئة. تعب الصوم وجوع الجسد يقودان إلى العفّة. يقول القدّيس أندراوس الكريتي: "الرفاهيّة تقود إلى الدعارة والشبع إلى الاحتقار". صومنا الأرثوذكسيّ ليس واجبًا إنّما دواء حقيقيّ لمواجهة الخطيئة. لهذا، من يرفضْ أصوام الكنيسة يَكُنْ قد حكم على نفسه بالعبوديّة للخطيئة. من لا يصوم ليس سوى عبد لنزواته وشهواته الفاسدة.
من لا يَصُمْ يُخطئْ، لكن أيضًا من يَصُمْ بتكبّر ويَدِنِ الآخرين يُخطئْ أكثر. هذه كانت حالة الفرّيسيّ.
من لا يَرَ سوى برّه الذاتيّ، يَدِنِ الآخرين بسهولة
ويزدَرِ بهم. هذه كانت خطيئة الفرّيسيّ أنّه دان أخاه الإنسان لأنّه ليس مثله، لقد جعل نفسه مقياسًا للصلاح والبرّ. وهذه يمكن أن تكون خطيئة كلّ واحد منّا، ندين الآخرين لأنّهم ليسوا مثلنا؛ "لست كباقي الناس"، فيها احتقار للآخرين، ازدراء لصورة الله وصلاحه في الآخرين.
من يَدِنِ الآخرين يَكُنْ قد دان نفسه في الوقت ذاته، لأنّ المسيح قال: "بالدينونة التي بها تَدينون تُدانون". لا يستطيع أحد أن ينجو من دينونة الله طالما أنّه يدين الآخرين، ولا يستطيع ألاّ يدينهم طالما أنّه لم يبدأ بإدانة نفسه أوّلاً.
إنّ الإنسان الّذي لا يرى سوى مآثره وأعماله الصالحة، لن يمكنه أن يرى خطاياه. إنسان كهذا لن يمكنه أن يتوب أبدًا. المسيحيّ الحقيقيّ هو الّذي يحسب خطاياه لا إنجازاته وأعماله الحسنة، فيطلب، بدون توقّف، رحمة الله. فرغم أنّ ما افتخر به الفرّيسيّ كان فضائل حسنة لكنها لم تبرّره، لأنّه نسبها إلى ذاته. وهكذا ظهر إيمانه بذاته لا بالله.
خطيئة الفرّيسيّ أنّه أحبّ نفسه لا الله، كان يصوم ويُعطي لا محبّة بالله وبقريبه، إنّما لأجل نفسه. كان يصوم لا ليضبط أهواء جسده وينقّي أفكاره، إنّما ليفتخر بأعماله. هذا هو إثم الإنسان بعد السقوط، أنّه أصبح يفتخر بأعماله وإنجازاته، بدل أن يُعيد كلّ صلاح فيه إلى الله مُعطي الصلاح الوحيد. خطيئة الفرّيسيّ أنّه تكبّر على عطيّة الله، نسب لنفسه عطيّة الله له، لم يعرف كيف يشكر الله، بل شكر نفسه لأنّه يصوم ويُعطي.
كثيرون يدخلون الهيكل ليصلّوا، كما دخل الفرّيسيّ، فيمدحون أنفسهم ويبرّرون أفعالهم. قليلون هم الّذين، إذا دخلوا ليصلّوا، يقرعون صدورهم مصلّين بتوبة وتواضع، كما صلّى العشّار. في قرع الصدر في الصلاة وطلب الرحمة يُعطي الله للإنسان نعمة وبرًّا. لقد اغتصب العشّار ملكوت السماوات بكلمة ارحمني.
لنتهيّأ، في هذا الاستعداد للصوم المبارك، لأن ندخله بتواضع وتوبة واعتراف بكلّ خطايانا، حاثّين، في الوقت ذاته، أولئك الّذين لا يصومون على الصوم. شدّدت الكنيسة على الصوم في قوانينها المقدّسة، لا فقط للإكليروس بل وأيضًا للعامّة ولكلّ من يعمل عمل الربّ في الكنيسة. القانون 69 من قوانين الرسل القدّيسين يقول: "فليسقط أيّ أسقف أو قسّ أو شمّاس أو قارئ أو مرتّل لا يصوم صوم الفصح الأربعينيّ المقدّس أو يومي الأربعاء والجمعة من كلّ أسبوع، إلاّ إذا اضطرّته إلى ذلك علّة جسديّة، أمّا العامّيّ الّذي لا يصوم فليقطع من الشركة".
طروباريّة القيامة باللحن الخامس
لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجدْ للكلمة المساوي للآبِ والرّوح في الأزليّة وعدمِ الإبتداء، المولودِ من العذراءِ لخلاصِنا. لأنّه سُرَّ بالجسد أن يعلوَ على الصليبِ ويحتملَ الموت، ويُنهِضَ الموتى بقيامِته المجيدة.
قنداق أحد الفرّيسيّ والعشّار باللحن الرابع
لِنهُربنَّ من كلام الفرّيسيّ المتشامِخ، ونتعلَّم تواضُعَ العشَّار، هاتِفينَ بالتَّنهُّداتِ إلى المخلِّص: إرحمنا أيُّها الحَسَنُ المصالَحَةِ وحدَك.
الرِّسالة
2 تيمو 3: 10-15
صلُّوا وأَوفُوا الربَّ إلهنا اللهُ معروفٌ في أرضِ يهوذا
يا ولدي تيموثاوس، إنّك قد استقرأت تعليمي وسيرتي وقصدي وإيماني وأناتي ومحبّتي وصبري واضطهاداتي وآلامي، وما أصابني في أَنطاكيةَ وإيقونيةَ ولسترة، وأيّةَ اضطهاداتٍ احتملتُ، وقد أنقذني الرّبُّ مِن جميعها. وجميعُ الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوعَ يُضطهَدون. أمّا الأشرارُ والمغوُونَ من الناس فيزدادون شرًّا مُضِلِّين وضالِّين. فاستمِرَّ أنتَ على ما تعلّمتَه وأيقنتَ به، مِمَّن تعلّمتَ، وأنك منذ الطفوليّةِ تعرف الكتبَ المقدّسة القادرةَ أن تصيّرَك حكيماً للخلاصِ بالإيمانِ بالمسيحِ يسوع.
الإنجيل
لو 18: 10-14
قال الربُّ هذا المَثَل: إنسانانِ صعِدا إلى الهيكلِ ليصلّيا، أحدُهما فرّيسيٌّ والآخَرُ عشّار. فكان الفرّيسيّ واقفاً يصلّي في نفسه هكذا: اللّهمَّ إنّي أشكرك لأنّي لستُ كسائر الناس الخَطَفَةِ الظالمين الفاسقين، ولا مثلَ هذا العشّار. فإني أصومُ في الأسبوع مرّتين وأعشّر كلّ ما هو لي. أمّا العشّار فوقف عن بُعدٍ ولم يُرِدْ أن يرفعَ عينيه إلى السماء، بل كان يَقرَعُ صدرَه قائلاً: "اللّهمَّ ارحمني أنا الخاطئ". أقولُ لكم إنّ هذا نزل إلى بيته مبَرَّراً دون ذاك، لأنّ كلَّ من رفع نفسه اتَّضع، ومن وضع نفسه ارتفع.
في الإنجيل
فيما نحن قادمون على فترة التهيئة للصوم الأربعينيّ المقدّس نبدأ بتكثيف صلواتنا لأنّنا مؤمنون بأنّ الصوم مقرون بالصلاة كي يأتي بالمنفعة للإنسان. تأتي الكنيسة وتذكّرنا بهذا حين تعلّمنا أن نبدأ صلواتنا بهذه القطعة التي تقول: "لا نصلِّينَّ يا إخوةُ فرّيسيّاً لأنّ كلّ من يرفع نفسه يتّضع؛ بل فلنتذلَّل أمام الله متَّضعين". وتقرأُ علينا، في هذا الأحد المبارك، المقطع الإنجيليّ الذي يروي لنا فيه الربّ مثل الفرّيسيّ والعشّار. كثيرة هي العناوين التي أعطيت لهذا المثل، وكلّها تعلّمنا الإتّضاع امام الله والإبتعاد عن الكبرياء.
ولكن يبقى الأمرُ الأهمُّ هو عدمَ الإستعلاء على الناس، "أنا لست كهذا العشّار" قالها الفرّيسيّ وهو واثق من نفسه. هذا الرجل يعطي نفسه صكّ براءة: "إنّه ليس كسائر الناس الخطفة الظالمين الفاسقين ولا مثل هذا العشّار". يصدعه الرب لأنه تفاخر بالبرّ والبرُّ كانَ عند هذا الرجل حقيقة لكنّه نسي أنّه ممنوع عليه أن يعظّم نفسه بسبب مزاياه.
إذاً، الإستعلاء يجعلنا نحتقر الخاطئين ونقع في المقارنة بيننا وبينهم وننسى أنّ تعليم الربّ يقول إنّه يجب علينا أن نكره الخطيئة وليس الخاطئ. إزاء هذا الواقع نرى الربّ يغفر لهذا العشّار الجابي لأنّه اعترف بخطيئته، بينما الفرّيسيّ الذي كان بارّاً في اعماله لم يغفر له لأنّه استكبر. ولهذا يبقى الإعتراف بالخطيئة من القلب صعباً جدّاً ولكنّه هو الحلّ الأنسب لخلاص الإنسان ويطلبه الربّ دائماً منّا نحن الذين نقع كثيراً في الإستعلاء على الناس بتبرير أنفسنا، لأنّ الخاطئ كثيراً ما يفتّش عن أعذار لنفسه مثلاً (سرقت لأنّي فقير، كذبت لأنّهم أحرجوني، شتمت لأنّهم أغاظوني...) وهذه الأسباب التخفيفيّة التي نتذرّع بها كثيراً ما تجعلنا نقع في الفرّيسيّة ونبقى بعيدين عن الإعتراف بالخطأ ولا نعرف ان نتّضع في انفسنا مثل العشّار، فننال الخلاص من الربّ. وهذا ما علّمنا القدّيس أفرام السريانيّ أن نطلبه دائماً في الصلاة: "أَنعِم عليَّ يا الله بروح العفّة والتواضع"، كي لا تكون صلاتنا فرّيسيّة غير مقبولة بل تصبح، كصلاة العشّار، نابعة من قلب خاشع متواضع، فننال المغفرة من الربّ الذي يجب أن يتمجّد فينا، آمين.
النُّسك غاية أم وسيلة؟
كلمةُ نسك Askicis، من حيث مدلولُها اللغويّ، تعني التمرين أو التدريب. الوقوفُ عند مدلولها اللغويّ هامٌّ لمعرفة مضمونها وما يترتّبُ عليه من ممارساتٍ ومفاعيلَ تندرجُ تحت هذا المضمون. فلكلّ تدريبٍ غايةٌ وعلى ضوء الغاية التي يوضع لأجلها يُنظَّمُ هذا التدريبُ ويُحدَّد مضمونُه وتحدَّدُ أبعادهُ ويُحكمُ عليه نجاحاً أو فشلاً. معيارُ نجاحِ التدريب أو فشلِه هو مقدارُ خدمتِه للهدف، وذروةُ فشلِه هي لهوُه عن الهدفِ ووقوفهُ عند ممارساتٍ وأفعالٍ مبعثرة وغيرِ مترابطةٍ لغيابِ هدفٍ يضمُّها وينسّقُها. وضوحُ الهدفِ وحضورُه الدائمُ أمامَ المتدرِّبِ هو الضمانةُ الوحيدةُ لنجاحِ عمليّةِ التدريب.
فإنْ اعتبرْنا النسكَ تدريباً فلا بدّ له من أن يكونَ وسيلةً لها هدفُها. بحسب الكتاب المقدّس وتعاليمِ الرسل والآباء القدّيسين، هدفُ كلّ الممارساتِ النسكيّة، وبعامّةٍ الحياة في الروح القدس، هو الإتّحادُ بالثالوث القدّوس ضمن جسدِ المسيح، الكنيسة. من السهل على من يبغي سلوكَ طريقِ النسكِ المغبّطِ أن يتناسى الهدفَ وأن يحوّل الوسيلةَ (الصوم- العفّة- الفقر- الصلاة- السهر- الدموع الخ...) إلى هدفٍ. عندها سيعتبر، بوعي أم بدون وعي، أنّ خلاصَه يكمنُ في هذه الوسائلِ وأنّه ثمرةُ أفعالهِ هو وممارسته لهذه الوسائلِ وليس ثمرةَ تآزر أفعالِه مع نعمةِ الله التي هي، فعلاً، تهبُ الخلاصَ مجّاناً. عندها يقعُ في الفرّيسيّة. هدفُ الفرّيسيّة هو الذاتُ وأفعالُها.
أمّا هدفُ النسكِ المسيحيّ فهو نعمةُ اللهِ الصادرةُ عن الثالوثِ القدّوس المحبّ. في النسك لن يكون الهدفُ التطهَّر من الخطايا والعيوبِ فحسب، بل هو الإمتلاءُ من الروح القدس لبلوغِ الوحدة مع الثالوث. لقد شبّه الراهبُ جورج كابسانيس، رئيس دير غريغوريوس في جبل آثوس، هذا الناسك "بوعاءٍ غدا نظيفاً وجميلاً لكنّه بقي فارغاً من طيبِ الروح القدس".
من الملفت تعليمُ القدّيس ذياذوخوس أسقف فوتيكي حول الصوم، أحدِ أهمِّ الأفعالِ النسكيّة: "من الممكن أن يكون الصومُ، بحدّ ذاته، مبعثَ افتخارٍ، لكن ليس أمام الله، لأنّه مجرّدُ أداةٍ تقودُ من يسلكُه إلى الكمال. فيجب، إذن، على مجاهدِي التقوى أن لا يهتموّا به كثيراً، بل عليهم فقط ان ينتظروا، من خلال إيمانهم بالله، إتمامَ هدفِهم". (المقولة 47 من مقالته النسكيّة). وهذا ما يعلّمه أيضًا القدّيس سمعان اللاهوتيّ الحديث في فصولهِ العمليّةِ واللاهوتية، المقولَتَيْن 73 و83.
إنّ البعدَ الوجوديّ والتجسيدَ المَسْلكيّ لحضور الروح القدس في الناسك ولاتّحاده بالثالوث هو "الإيمان الفاعلُ في المحبّة" (الرسول بولس). "ونحن عرَفنا محبّةَ الله وآمنّا به، الله محبّة من أقام في المحبّة أقامَ في الله وأقام اللهُ فيه" (1يو 4، 16).
هدفُ النسكِ هو المحبّةُ التي بحسب الله، المحبّةُ المتحرّرةُ من كلِّ شهوةٍ أو نفع. من لا يضعْ نُصْبَ عينيه نشيدَ بولسَ الرسول في المحبّة (1 كور 13، 1-10) لن يكونَ نسكُه مثمراً. علينا أن ندركَ أنّ النسكَ، في عمقِه، ليس سوى تحضير لهذه المحبّة. إنْ تخلَّيْتَ عن وجبةِ طعامِك وبقيتَ صائماً جائعاً أمام جائع رماه اللهُ أمامك فجاةً، فهذا يعني أنّ نسكك قد حرّرك، من خلال صومِك، من شراهة البطن. إن نظرت إلى امرأةٍ فاتنة على أنّها صورةُ الله في خَلْقِه وليست مادّة استهلاكٍ ومتعة، فاعلمْ أنّ نسكك قد حرّرك، من خلال بتوليّتِك، من الشهوة الجسدانيّة الأنانيّة.
إن أعطيتَ ما في جيبك، ولو كان قليلاً، لفقيرٍ وضعه الله أمامَك وبقيتَ دون مالِكَ، فاعلمْ ـأنّ نسكك قد حرّرك من خلال فقرك، من أمان خدّاع نابعٍ من حبّ التملّك. إن قلتَ كلمةَ الحقّ جهاراً في وجهِ كلِّ رئاسةٍ، سياسيّةً كانت أم كنسيّةً، محقِّرةٍ للإنسانِ وظالمةٍ له ولم تَخّش القتلَ أو السجنَ أو التشرّد فاعلم أنّ نسكك قد حرّرك من أهوائِك ومصالِحك الذاتيّة ومن خوفِ الموتِ وجعلَك دوماً مصلوباً مع المسيح من خلال تخلّيك عن مغرياتِ العالم ودنياه حبًّا بالله وبالبشر. إن حرَمك الناسُ مديحاً ولم تحزنْ أو غمروك به ولم تَزْهُ فاعلمْ أنّ نسكك قد حرّرك، من خلال تواضعِك، من كبريائك. هذه كلّها أوْجُه محبّةٍ بلغْتَها، بنعمة الله، من خلال نسكِكَ الهادف، ولم تقفْ عند الوسيلةِ مفتخراً بها ومرتاحاً اليها فغدَوْتَ إنساناً روحيًّا. مقدارُ روحانيّةِ الإنسان ليس بمقدارِ ما يصلّي ويصوم ويفْقرُ. هذه كلّها دون المحبّةِ لا تنفع شيئاً. بل هو بمقدار ما يحبّ على صورة الله الثالوث المحبّ.
وإليكم نموذجًا عن ناسكٍ محبٍّ: "قلبٌ رحومٌ هو القلبُ الذي يحترق من أجل كلّ الخليقة، أي من أجل البشر والطيور الكاسرة والزواحف السامّة، من أجل الحيوانات والشياطين ومن أجل كلّ مخلوق. عندما يتذكّرهم ويراهم تذرفُ عيناه الدموع، من كثرة الرأفة والإحسان ينشطرُ قلبُه الرحوم ويعجزُ عن احتمال ورؤية وسَمْعِ أيِّ شيء عن ضررٍ أو حزنٍ يصيبُ الخليقةَ. لذا هو يصلّي في كلّ ساعة، وبدموعٍ، من أجل الحيوانات غير العاقلة ومن أجل أعداء الحقيقة ومن أجل من سبّب له الضرر، لكي يحفظّهم اللهُ ويرحمَهم، انطلاقاً من رأفتِه الغزيرة التي تهتزّ دون حدود، في قلبِه" (القدّيس إِسحق السريانيّ، المقالة 81).
أخبـــارنــا
زيارة الأرشمندريت أليشع (رئيس دير سيمونوبترا) إلى الأبرشيّة
نذكّر الإخوة المؤمنين الأحبّاء بأنّ المركز الرعائيّ للتراث الآبائيّ الأرثوذكسيّ يستقبل، ببركة سيادة راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) الجزيل الاحترام وحضوره، قدس الأرشمندريت أليشع، رئيس دير القدّيس سمعان الصخرة Simonopetra، نهار السبت في 27 شباط 2016. يبدأ النهار بقدّاس إلهيّ ولقاء مخصّص لكهنة الأبرشيّة. تبدأ الخدمة الإلهيّة الساعة 7.30 صباحاً في كنيسة ميلاد السيّدة في دار المطرانية، يليها حديث مع الأرشمندريت الضَّيف في موضوع "توجيهات للكهنة عن الإعتراف والإسترشاد". بعد ظهر اليوم نفسه، أنتم مدعوّون للمشاركة في صلاة الغروب التي تقام عند تمام الساعة 5.00 مساءً في قاعة الظهور الإلهيّ (الملاصقة للمطرانيّة). يلي الصلاة حديث لقدس الأب أليشع عن "توجيهات خاصّة بالحياة الروحيّة- خبرة الأب إميليانوس". يلي اللقاء ضيافة.
نهار الأحد في 28 شباط 2016، يشترك قدس الأب أليشع مع سيادة المتروبوليت أفرام في القدّاس الإلهيّ، في دير السيّدة - بكفتين. تبدأ السحريّة الساعة 8.30 صباحاً. الدعوة عامّة، ويسرّنا حضوركم.