الأحد 21 آب 2016
21 آب 2016
الأحد 21 آب 2016
العدد 34
الأحد التاسع بعد العنصرة
اللَّحن الثامن الإيوثينا التاسعة
* 21: الرَّسول تدَّاوس، الشُّهداء باسي وأولادها، * 22: الشّهيد أغاثونيكس ورفقته، وداع عيد الرقاد، الشّهيد لوبُّس، * 24: الشّهيد في الكهنة أفتيشيس، قزما الإيتوليّ، * 25: عودة جسد برثلماوس الرَّسول، الرَّسول تيطس،�* 26: الشهيدان أدريانوس ونتاليا ورفقتهما، * 27: البارّ بيمن، الشهيد فانوريوس.
إلى كاهن الرعيّة
زيارة البيوت
الكاهن أيقونة المسيح. يُظهر، من خلال زيارته للبيوت، حضور المسيح في البيت. الإنسان اليوم، أكثر منه في أيّ وقت مضى، بحاجة إلى رؤية وجه أبيه الكاهن. الزيارة التفقّديّة لها طابع أسراريّ. فمن حيث لا يدري الكاهن تعمل النعمة الإلهيّة فعلها عن طريقه. قال الربّ يسوع لزكّا العشّار: "أسرع وانزلْ لأنّه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك..."؛ ثم تابع يقول "اليوم حصل خلاصٌ لهذا البيت... لأنّ ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلّص ما قد هلك" (لوقا 19: 5 و9، 10).
نعم، إنّ الربّ يسوع المسيح هو مثال الكاهن الراعي الذي يزور رعيته ويتفقدّها. منذ بدء بشارته بالملكوت كان يجول في المدن والقرى كارزاً معلّماً وشافياً كلّ مرض وضعف في الشعب: يدخل إلى بيوت الناس (بيت لعازر وزكّا)، إلى مراكز عملهم (الشاطئ، الطريق العامّ، مركز جباية الضرائب والهيكل، عند بئر السامريّة...إلخ
* * *
زيارة الكاهن للبيت تُشعر العائلة بأنّ الكنيسة كلّها تفتقدها. وهو، من جهته، يزور "الكنيسة التي في البيت" (1 كور 16: 19). حبّذا هنا لو أنّ الكاهن، في زيارته، يسعى في كثير من الأحيان (ما عدا الظروف الخاصّة) إلى أن يصطحبه أعضاء من مجلس رعيّته أو، حتّى، أفراد آخرون متطوّعون من أبنائه الغيورين.
في هذا الصدد أذكّركم بأنّ إنشاء المركز الرعائيّ للتراث الآبائيّ ومركز العائلة والشباب من قبل مطرانيّة طرابلس والكورة.... كان أساساً من أجل تدريب عدد من أبناء الأبرشيّة المتطوّعين والملتزمين لكي يساهموا عمليّاً، كلّ بحسب اختصاصه، في مساعدة الكاهن وأعضاء مجلس رعيّته في تفقّد أبناء الرعيّة، تعليمهم ومشاركتهم في احتياجاتهم ومشاكلهم، وكذلك تدبير أمورهم الصحّيّة، النفسيّة والروحيّة. وقد أثمر المركزان فوجاً كبيراً من الأشخاص. أرجو من كلّ واحد غيور على كنيسته ورعيّته أن يتعرّف، عن كثب، إلى كِلا المركزين عبر المطرانيّة، هذا لكي لا يبقى ولا بيت ولا أحد في الرعيّة بدون افتقاد شخصيّ.
أخيراً وليس آخراً، أودّ ان أنقل لكم اعترافاً هو كلمة نُصحيّةٌ أودعني إيّاها المثلّث الرحمات غبطة البطريرك إغناطيوس الرابع، مباشرة بعد سيامتي مطراناً على يده: قال، أستودعك هذه الوصيّة الأخيرة:
"كنّا في الماضي ننتظر أن ياتي الناس إلينا، أمّا اليوم فعليك أنت شخصيّاً أن تذهب إليهم، إلى بيوتهم. هكذا تقتضي الرعاية الصحيحة والفعّالة.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريَّة القيامة باللَّحن الثامن
إنحدَرْتَ من العلوِّ يا متحنِّن، وقبلْتَ الدفنَ ذا الثلاثةِ الأيّام لكي تُعتقنا من الآلام. فيا حياتَنا وقيامَتنا، يا ربُّ المجد لك.
طروباريَّة رقاد السيّدة باللحن الأوّل
في ميلادكِ حَفظْتِ البتوليَّة وصِنتِها. وفي رُقادِكِ ما أهْمَلتِ العالم ولا ترَكتِهِ يا والدة الإله. لأنَّك انتقلتِ إلى الحياة بما أنّكِ أمُّ الحياة. فبِشفاعاتك أَنقذي من الموتِ نفوسَنا.
قنداق رقاد السيّدة باللحن الثاني
إنّ والدةَ الإله التي لا تَغفلُ في الشَّفاعات، والرجاءَ غيرَ المردودِ في النجدات، لم يضبُطها قبرٌ ولا موتٌ. لكن، بما أنّها أمُّ الحياة، نقلها إلى الحياة الذي حلَّ في مستودعها الدائم البتوليّة.
الرِّسالَة
1 كو3: 9-17
صلُّوا وأَوفُوا الربَّ إلهَنا
اللهُ معروفٌ في أرضِ يهوذا
يا إخوةُ، إنَّا نحنُ عامِلونَ معَ الله وأنتم حَرْثُ اللهِ وبِناءُ الله. أنا بحسَبِ نِعَمةِ اللهِ المُعطاةِ لي كبنّاءٍ حكِيم وضَعتُ الأساسَ وآخرُ يَبني عليهِ. فَلْينظُرْ كُلُّ واحدٍ كيف يبني عليهِ، إذ لا يستطيعُ أحدٌ أنْ يضعَ أساساً غيرَ الموضوعِ وهوَ يسوعُ المسيح. فإنْ كانَ أحدٌ يبني على هذا الأساسِ ذهبًا أو فِضَّةً أو حِجارةً ثَمينةً أو خشباً أو حَشيشاً أو تبناً، فإنَّ عملَ كلِّ واحدٍ سيكونُ بيّنًا لأنَّ يومَ الربِّ سيُظهرُهُ لأنَّه يُعلَنُ بالنارِ، وستَمتَحِنُ النارُ عَملَ كلِّ واحدٍ ما هو. فمن بقي عمَلُهُ الذي بناهُ على الأساسِ فسينالُ أُجرَةً، ومَن اِحتَرقَ عَمَلُهُ فسَيخسَرُ وسيَخلُصُ هُوَ ولكن كمَن يَمرُّ في النار. أما تعلَمون أنَّكم هيكلُ اللهِ وأنَّ روحَ اللهِ ساكِنٌ فيكم؟ مَن يُفسِدْ هَيكلَ اللهِ يُفسِدْهُ الله. لأنَّ هيكلَ اللهِ مُقدَّسٌ وَهُوَ أنتم.
الإنجيل
متّى 14: 22-34 (متّى 9)
في ذلك الزمان اضطَرَّ يسوعُ تلاميذَهُ أن يدخلوا السفينةَ ويسبِقوهُ إلى العِبْرِ حتّى يصرِفَ الجموع. ولمَّا صرف الجموعَ صعِد وحدَهُ إلى الجبلِ ليصلّي. ولمَّا كان المساءُ كان هناك وحدَهُ، وكانتِ السفينةُ في وسَط البحر تكُدُّها الأمواجُ لأنَّ الريحَ كانت مُضادّةً لها. وعند الهجَعةِ الرابعةِ من الليل مضى إليهم ماشياً على البحر، فلَّما رآه التلاميذ ماشياً على البحر اضطربوا وقالوا إنَّه خَيالٌ ومن الخوفِ صرخوا. فللوقت كلَّمهم يسوعُ قائلاً: ثِقوا، أنا هو، لا تخافوا. فأجابهُ بطرس قائلاً: يا ربُّ إنْ كنتَ أنتَ هو فمُرني أن آتي إليك على المياه فقال: تعالَ. فنزل بطرسُ من السفينة ومشى على المياه آتياً إلى يسوع. فلَّما رأى شِدَّةَ الريح خاف، وإذْ بدأ يغرَقُ صاح قائلاً: يا ربُّ نجنِّي. وللوقتِ مدَّ يسوعُ يدهُ وأمسك بهِ وقال لهُ: يا قليلَ الإيمان لماذا شككتَ؟ ولمَّا دخلا السفينةَ سكنَتِ الريح. فجاءَ الذين كانوا في السفينةِ وسجدوا لهُ قائلين: بالحقيقةِ أنت ابنُ الله. ولمَّا عبَروا جاؤوا إلى أرض جَنيّسارَتْ.
في الإنجيل
في هذا المقطع الإنجيليّ تاه التلاميذ في البحيرة من المساء حتى الهجعة الرابعة، أي الفترة الواقعة ما بين الثالثة والسادسة صباحاً. وإذْ كان التلاميذ منقطعين عن كلّ مساعدة في وسط الاضطراب والحَيرة والخوف أتتهم المساعدة بشكل غير متوقّع. فالربّ يسوع نفسه يسير على الماء. هذا يشير إلى حقيقة روحيّة عميقة. فالسير على المياه ليس عرضاً لقدرات يسوع بل يشير إلى أنّ الله يمدّ يد العون حيث يستحيل العون. من المستحيل أن يسير بشر على الماء، ولكن، بمسير يسوع على الماء، علّم تلاميذه الاِتّكال على الله. حيث ينعدم الرجاء يستحيل الخلاص. وبهذا يعلم المؤمن أنّ الله بجانبه في عمق اضطراباته وخوفه وعند الضياع وفقدان السيطرة.
لم يميّز التلاميذ الربّ لأنّ الظلام كان حالكاً في وسط الريح، لذلك قالوا إنّه خيال أي شبح. عرفوه عندما توجّه إليهم بالكلام قائلاً "أنا هو". لم يقل الربّ أنا هو يسوع بل تقصّد استعمال التعبير الذي يشير تحديدًا إلى الله في العهد القديم."أنا هو"، أو "يهوه" كما يُلفظ باللغة العبريّة، هو الاِسم الذي أطلقه الله على نفسه في العهد القديم. وإذ يستعمله الربّ يسوع يُعلن للتلاميذ المضطربين أنّه الله نفسه، وهذا يشير إلى أنّ المؤمن يجترح بمعيّة الله المستحيلات. بطرس توجّه بأنظاره إلى الربّ يسوع فسار على المياه، ولكنّه، عندما حوّل نظره إلى الرياح وخاف، ضعف وفقد القدرة على الاِستمرار وأخذ يغرق. الإنخطاف نحو الله يذلّل الصعاب أمام المؤمن. أمّا التحوّل عن الله فيُسقط المؤمن ضحيّةً أمام الصعاب. قلّة الإيمان هي عتبة التحوّل عن الله. الشكّ بأنّ الله فاعل في حياتنا يجعلنا عرضة لفقدان انخطافنا نحو الله. شكّ بطرس في عمق انخطافه للربّ يسوع أدّى به إلى الغرق. لذلك وبّخه الربّ يسوع على قلّة إيمانه ماسكاً إيّاه بيده.
العقيدةُ حياةٌ إلهيّة
المسيحيّةُ ديانةُ كشفٍ إلهيّ قائمةٌ على قاعدةِ أنّ الله متعالٍ وغيرُ مدرك من قبل الإنسان، لا يمكن البلوغ إليه واحتواؤه. كلّ معرفة به تقوم على ما يكشفه، هو أوّلاً، للإنسان. لا يوجد دينٌ دون كشفٍ إلهيّ، وكلّ مسعًى دينيّ سيقف، دون هذا الكشف، عند حائط مسدود. هذا من جهة، أمّا من جهة أخرى، فإرادة الله في كشف ذاته هي إرادة أبديّة أزليّة. لم يكن الله، في لحظةٍ من اللحظات، في الزمن وخارج الزمن، ممتنِعًا عن كشف ذاته أو متردّدًا فيه، كونه بطبيعته شركة محبّةٍ وحياة. وهذه كلّها تفترض التواصل المحبّ. والله هو المبادر بهذا التواصل.
لذا نرى أنّ الحيّز الدينيّ حاضر، دومًا ، في حياة الإنسان، بغضّ النظر عن الشكل الذي يتّخذه هذا الحيّز وعن مدى وضوحه وتجاوبه مع الكشف الإلهيّ. الخلل في ظاهرة التديّن لا يكمن في خللٍ يصيب الكشف الإلهيّ بل في خللٍ يصيب الإنسان الذي يرفض التجاوب الصادق مع هذا الكشف.
ماذا يكشف الله للإنسان؟ يكشف شيئًا من طبيعته. ولكونه الخالق وغير مخلوق فكلّ ما يكشفه هو حقائق إلهيّة غير مخلوقة، أي لا يمكن لعقل الإنسان المخلوق أن يدركها لأنّها ليست حقائق علميّة. ما الفائدة، إذًا، من حقائق لا يدركها عقل الإنسان؟ كيف لهذا الإنسان العاقل أن يتواصل مع مضمون ما يكشفه الله له وهو مغايرٌ لطبيعته؟
الجواب عن هذين التساؤليَن يكمن، بدءًا، في معرفة الغاية التي من أجلها يكشف الله ذاته للإنسان.ليست غاية الله من كشفِه ذاتَه أن يخاطب عقل الإنسان وحسب وأن ينمّي قدراتِه الجسديّة والعقليّة ومجمل القدرات الإنسانيّة المخلوقة فيه. هذه مهمّة الإنسان وهذا سعيه، وله كلّ القدرات على تحقيق هذاالمسعى وهو لا يحتاج إلى الله من أجلها. ولكن، مهما نَمَتْ هذه القدرات وعَظُمَتْ، ستبقى محصورة في عالم المخلوقات إذ هي منه.
غاية الله من كَشْفِه أن يطلق هذا الإنسان المحدود في مخلوقيّته وعقلانيّته إلى عالم اللامحدود واللامخلوق واللامعقول، إلى عالم المجد. أن يُشركه في حياته الإلهيّة، في مجده، في قداسته وفي ألوهته. وهذا ما لا قدرة للإنسان عليه بمفرده ولا يتمّ إلّا بالتآزر بينه وبين الله. هنا يكمن المعنى الحقيقيّ الكيانيّ لما يُسمّى الدين.
بالعودة إلى الجواب ، على الإنسان أن يتواصل مع حقائق الكشف الإلهيّ لا بالتفكير العقلانيّ وحسب بل بعيش هذه الحقائق، كونها حياةً إلهيّة والحياة ليست موضوعَ تفكيرٍ بل موضوعُ عيش. والله لا يريدنا من دون عقولنا بل يريد عقولَنا أن تنطلق خارج مخلوقيّتها لتشكّل مع الكيان الإنسانيّ إلهًا بالنعمة على صورة خالقه.
هذه الحياة الإلهيّة، التي بثّها الله في الخليقة منذ البدء، والتي تكشّفت لنا بملئها في شخص يسوع المسيح وبشخص الروح القدس المنسكبِ على الكنيسة يوم العنصرة، هذه الحياة تعيشها الكنيسة، عروس المسيح، في علاقة ودٍّ وعشقٍ وتُزهر قدّيسين وشهداء وعبّادًا لله بالروح والحقّ.
واجهتْ هذه الحياة الإلهيّة المكشوفة لنا خطرَ تحريفِها وتشويهِها. فرأت الكنيسة ضرورةَ أن تصونَها صونًا لحياة المؤمنين وقداستهم. فاضطرّت أن تصوغ هذه الحقائق بكلماتٍ وأقوالٍ بشريّة مخلوقة بغية تحصينها من أيّ انحراف. هكذا بدأت تظهر في الكنيسة اعترافاتٌ إيمانيّةٌ وصياغاتٌ عَقَدِيّةٌ أقرَّتْها المجامع.
العقيدة، إذًا، هي حقيقة إلهيّة كُشفت لنا وصيغَتْ بوحيٍ وبكلماتٍ مخلوقة لنحيا، من خلال عيشنا إيّاها، حياةً إلهيّة. هي موجودة أزليًّا وليست بنت لحظةِ صياغتِها. كلّ صياغة عَقَديّة لم تأتِ نتيجة ترفٍ واسترسالٍ عقليَّين بل نتيجة همٍّ رعائيٍّ تقديسيٍّ عباديٍّ. كلّ صياغةٍ عَقَديّة سبقها ذهولٌ وعَجَبٌ عبّر عنهما عابدٌ للربّ وممجِّدٌ إيّاه وشاكرٌ له. كلّ صياغةٍ عَقَديّة سبقتْها بدعة.
انطلاقًا من هذا التعريف يحقّ لنا أن نتساءل عن العلاقة التي تربط العقيدة بحياتنا، وأن نسعى لتلمّس هذه العلاقة في تعلّمنا وتعليمنا. ولكن، لا يحقّ لنا أن نميّز بين عقاثد لها علاقة بحياتنا وأخرى لا علاقة لها بها.
المشكلة تكمن في من يعلّم العقائد دون أن يظهر للمتعلّم رباطَها مع حياته اليوميّة. المشكلة تكمن في من يعلّم وهو يجهل الغاية من تعليمه، ويتوه في كلماتِ صياغةِ العقيدة ويغفل عن الحقيقة الإلهيّة الكامنة فيها.
كلّ "عقيدةٍ!!" لا نرى فيهاحياةً تمسّنا هي إمّا لهوٌ عقلانيّ عن "الحاجة إلى واحدٍ" أو أسرٌ لعقلِ معتنقِها الذي لن يبلغَ بها "حرّيّة أبناء الله".