* 13: تقدمة عيد الصَّليب، الشَّهيد كورنيليوس قائد المئة ورفقته، تجديد هيكل القيامة. * 14: عيد رفع الصَّليب الكريم المحيي (صوم). * 15: الشَّهيد نيقيطا، سمعان التِّسَالُونِيكِيّ. * 16: العظيمة في الشَّهيدات آفيميَّة، مرتينوس أسقف رومية. * 17: الشَّهيدات صوفيَّا وبناتها بيستي وإلبيذي وأغابي. * 18: أفمانيوس العجائبيّ أسقف غورتيني. * 19: الشّهداء طروفيمس وسباتيوس ودوريماذُن.
"بعد أن ضَفَرَ العسكر إكليلًا من شوك ووضعوه على رأسه وأَلْبَسُوه ثوب أُرْجُوَان، ... خرج يسوع خارجًا وهو حامل إكليل الشَّوك وثوب الأُرجوان. فقال لهم بيلاطس: ‘هوذا الإنسان" (يو 19: 5)، فلمَّا رآه رؤساء الكهنة والخدَّام صرخوا قائلين: "اصلبه اصلبه" (يوحنَّا 19: 2-6).
يقول القدّيس يوحنَّا الذّهبيّ الفم في القدّاس الإلهيّ، في أفشين التّقدمة الأنافورا: "في اللّيلة الّتي فيها أُسْلِمَ والأَوْلَى أنَّه أَسْلَمَ ذاتَه من أجل حياة العالم، بعد أن أخذ خبزًا بيَدَيْهِ المقدَّسَتَيْن الطَّاهرَتَيْنِ البريئَتَيْنِ من العيب، وشكر وبارك وقدّس وكسر..."؛ وفي رسالة بطرس الثَّانية: "الَّذي حَمَلَ هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة (الصَّليب) لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبِرّ" (2 بطرس 2: 24).
إنّ علامة (وعمل) كَسْرِ الخبز، جسد المسيح، هي الّتي تُشير، أكثر من غيرها، إلى أنّ الرّبّ يسوع الإله-الإنسان أَسْلَمَ ذاته من أجل حياة العالم، وتمجَّدَ بصعوده على الصَّليب.
وفي آخر لحظة من حياته قال: "لقد تمّ ونكّس رأسه وأَسْلَمَ الرُّوح" (يوحنَّا 19: 30)؛ هذا هو عمل الله. يقول القدّيس إيريناوس: "إنّ عمل الله هو في صنع إنـسان جديد"، ويقول المزمور الإلهيّ:
"مَنْ هُوَ الإنسانُ الَّذي تذكره؟!" (مزمور 8: 4)، "هوذا الإنسان!".
يقول الله في سفر التّكوين: "لنصنع الإنسان على صورتنا ومثالنا" (تك 1: 26)، المسيح هو الإنسان الأوَّل الحقيقيّ في التّاريخ، "صورة الله غير المنظور" (كولوسي 1: 15).
هوذا إنسانُ اليوم المتأَلِّم المُعَذَّب بشتّى التّعذيبات الجسديّة النّفسيّة والرّوحيّة، يفتِّش عن الحقيقة، يفتِّش عن الخلاص من الحروب، من الأمراض، من الفراغ... خلاصه في المسيح المصلوب والغالِب في آنٍ واحِدٍ مَحَبَّةً بالآخَرَين.
"هكذا أحبَّ الله العالم حتَّى بَذَلَ ابنه الوحيد لكي لا يهلك من يؤمن به بل ينال الحياة الأبديّة" (يوحنَّا 3: 16).
هنا مشروع الله في خَلْقِ إنسانٍ جديد على صورته ومثاله "قديم"، "هوذا الإنسان" (الجديد).
في يوم الجمعة العظيم نرتِّل: "إنّ موسى العظيم قد سَبَقَ فرَسَمَ هذا اليوم سِرِّيًّا بقوله: ... هذا هو يوم السُّكُون والرَّاحَة الَّذي فيه اسْتَرَاحَ ابنُ اللهِ الوَحِيد من كلِّ أعمالِهِ، لمَّا سَــبَـتَ بالجسد بواسطة سِرِّ التَّدبيرِ الصائرِ بالموت، وعاد أيضًا بواسطة القيامة إلى ما كان ومنحنا حياة أبديَّةً بما أنّه صالِحٌ وحدَه ومُحِبٌّ (للإنسان) للبشر".
يلخِّصُ القدّيس مكسيموس المعترف مشروع خلق الإنسان الجديد بقوله: "إنّ المسيح، كإنسان أَكْمَلَ وأَتَمَّ بنفسه ما سبق أن بدأه بنفسه كإله في الخلق الأوّل".
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريَّة القيامة باللَّحن السَّادِس
إنَّ القُوَّاتِ الملائكيَّةَ ظَهَرُوا على قبرِكَ المُوَقَّر، والحُرَّاسَ صارُوا كالأموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القبرِ طالبةً جسدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجحيمَ ولَمْ تُجَرَّبْ منها، وصادَفْتَ البتولَ مانحًا الحياة، فيا مَنْ قامَ من بينِ الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.
طروباريَّة للصَّليب باللَّحن الثّاني
أيُّها الرَّبُّ إنَّنا نٌقدِّمُ لكَ للاستشفاعِ، صليبَ صلاحِكَ المحيي، الَّذي وهبْتَهُ لنا نحن غير المُستَحِقِّين، فَخَلِّص المؤمنين ورعيَّتَكَ، متوسِّلين إليك لأجل والدة الإله، يا محبَّ البشرِ وحدَك.
طروباريَّة للتَّجديدات باللَّحن الرَّّابِع
كَمِثْلِ بَهاءِ الجَلَدِ العُلوِيِّ، اظهَرْتَ الجمالَ السُّفلِيّ، لمَسْكِنِ مجدِكَ الأقدَسِ يا ربُّ. فثبِّتْهُ إلى دهر الدَّاهِرين، وتقبَّلْ طَلِبَاتِنَا المُقَدَّمَة لكَ بغير فُتور، لأجل والدة الإله، يا حياةَ الكُلِّ وقيامَتَهُم.
قنداق للتَّجديدات باللَّحن الرَّّابِع
إنَّ الكنيسةَ المقدَّسَةَ، قد ظَهَرَتْ سماءً كثيرةَ الأنوار، منيرَةً المؤمنينَ جميعًا، وإذ نحنُ فيها واقِفُونَ نصرُخُ هاتِفِين: ثَبِّتْ هذا البيتَ يا رَبُّ.
الرِّسَالَة
غلا 6: 11 - 18
خَلِّصْ يَا رَبُّ شَعْبَكَ وبَارِكْ مِيرَاثَكَ
إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَصْرُخُ: إِلَهِي
يا إخوةُ، انْظُرُوا ما أعظمَ الكتاباتِ الَّتي كتبتُها إليكم بيدِي. إنَّ كُلَّ الَّذينَ يُريدونَ أن يُرضُوا بحسَبِ الجسَدِ يُلْزِمُونَكُم أنْ تَخْتَتِنُوا، وإنَّما ذلكَ لئلَّا يُضْطَهَدُوا من أجلِ صليبِ المسيح. لأنَّ الَّذينَ يَخْتَتِنُونَ هُم أَنْفُسُهُم لا يَحْفَظُونَ النَّاموسَ بل إنَّما يُريدونَ أنْ تَخْتَتِنُوا ليَفْتَخِرُوا بأجسادِكُم. أمَّا أنا فحاشا لي أنْ أَفْتَخِرَ إلَّا بصليبِ ربِّنَا يسوعَ المسيحِ الَّذي بِهِ صُلِبَ العَالَمُ لي وأَنَا صُلِبْتُ للعالَم. لأنَّهُ في المسيحِ يسوعَ ليسَ الخِتَانُ بشيءٍ ولا القَلَفُ بَلِ الخليقَةُ الجديدَة. وكلُّ الَّذين يَسْلُكُونَ بحَسبِ هذا القانونِ فَعَلَيْهِم سَلامٌ ورَحمةٌ وعلى إسرائيلَ الله. فلا يَجْلِبْ عليَّ أحدٌ أَتْعَابًا فيما بَعْدُ، فَإِنِّي حَامِلٌ في جسدِي سِمَاتِ الرَّبِّ يسوع. نعمةُ ربِّنَا يسوعَ المسيحِ مع روحِكُم أيُّها الإخوة. آمين.
الإنجيل
يو 3: 13-17
قالَ الرَّبُّ: لمْ يَصْعَدْ أحدٌ إلى السَّماءِ إلَّا الَّذي نَزَلَ من السَّماءِ ابنُ البَشَرِ الَّذي هو في السَّماءِ. وكما رَفَعَ موسى الحيَّةَ في البرِّيَّةِ هكذا يَنْبَغِي أنْ يُرْفَعَ ابْنُ البشرِ لكي لا يَهْلِكَ كُلُّ مَن يؤمِنُ بهِ بل تكونَ لهُ الحياةُ الأبديَّة. فإنَّهُ لم يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ الوحيدَ إلى العالمِ لِيَدِينَ العالَمَ بَلْ لِيُخَلَّصَ بهِ العَالَم.
في الرِّسالَة
يُعالِجُ الرّسولُ بولس في هذه الرّسالةِ مشكلةَ تَعَلُّقِ المسيحيّين مِن أصلٍ يهوديّ بممارَساتٍ كانت تعني لهم الكثيرَ قبلَ دخولِهم في المسيحيّة. من هذه الممارسات "الخِتان"، الّذي كانَ رمزًا في عهدِ النّاموس، لم يعد له مِن وجودٍ في عهدِ النّعمة، لأنّ المعموديّةَ هي تحقيقُه. وهذا ما عبّرَ عنه بولسُ الرّسولُ في قَولِه لأهلِ كولوسي: "وَفي المسيحِ خُتِنْتُم خِتانًا غيرَ مصنُوعٍ بِيَدٍ، بِخَلعِ جِسمِ خطايا البَشَريّةِ بِخِتانِ المسيح، مدفُونِينَ مَعُهُ في المعموديّة" (كو 2: 11و12). إذًا، بوجودِ المعموديّةِ المسيحيّة بَطَلَ الختان. ورغم ذلك، كانت فئةٌ من المسيحيّينَ تُنَادِي به وتُصِرُّ عليه، وكأنَّهم بذلك يحاوِلونَ أن يَسْلَمُوا من اضطهادِ اليهودِ لهم. ذلكَ أنَّ الأباطرةَ الرّومان كانوا يَسْمَحُونَ لليهود أن يَتَصَرَّفُوا وِفْقَ قَواعِد دينِهم، ومنها إجراء الختان. فكلُّ مَن يَخْتَتِنُ يُعَدُّ يهوديًّا، حتّى ولو كان مؤمنًا بالمسيح، لأنّ الختان بمنزلة سِمَةٍ رسميّةٍ وبُرهانٍ على الانتساب إلى الدّينِ اليهوديّ. مِن هنا كان الرُّسُلُ الكَذَبةُ يُلْزِمُونَ أهلَ غلاطيةَ على الاختتان.
لذلك، نرى بولسَ الرَّسول يقاوِمُ تعليمَهم، بِقَولِهِ إنّ إصرارَهُم على الختان هُوَ إرضاءٌ "بحسبِ الجسد"، وغيرُ نابِع مِن إيمانٍ، ولا مِن تمسُّكٍ بالنّاموس، "لأنَّ الّذين يُلزِمُونَكم أن تَختَتِنُوا هُم أنفُسُهم لا يَحفَظُونَ النّاموس". إنّهم لا يحفظون من النّاموس إلّا الختان. ومن جهةٍ ثانية، متى نجحوا في اِقناعِ الآخَرِينَ بالاختتان، كان ذلك مَدْعَاةَ افتخارٍ لَهم، ومحاباةً لليهودِ ولِذَوِي السُّلطةِ من الوثنيّين.
ويتابعُ الرَّسُولُ قائلًا، من جهةِ الافتخار، أنَّ افتخارَه، وتاليًا، افتخار كُلِّ مسيحيٍّ أصيل، هوَ بصليبِ ربِّنا يسوع المسيح. لماذا؟ لأنّ صليب المسيح حرَّرَنا مِن عبوديّةِ إبليس، وجعلنا وارِثين الملكوتَ السّماويّ. بهذا الصّليب صُلِبَ العالَم لنا، أي صارَ ميتًا وعديمَ التّأثير، فلا يُضْعِفُنَا اضطِهادٌ، ولا تَغُرُّنا سُلُطَاتٌ وعُرُوش. كُلُّ هذا يؤثِّر في الإنسانِ العتيق، أمّا الإنسانُ الجديد الّذي صِرْنَاهُ بالمعموديّةِ، فقد خُلِقَ على مثالِ اللهِ في البِرِّ والقداسة، على مثالِ يسوع المسيح.
إذًا، لا قُوَّةَ للختانِ ولا لِلغُرْلَة، بل القُوّةُ كُلُّ القُوّةِ للحياةِ الإنجيليّةِ. سواءٌ كنتَ مختونًا أم غيرَ مختون، فهذا الأمر لا تأثيرَ له، وأمّا إذا آمَنْتَ بالمسيحِ وقَبِلْتَ المعموديّة، وعِشْتَ بالسِّيرَةِ المُطَابِقَةِ للإنجيل، خالِعًا عنكَ الإنسانَ العتيقَ معَ أعمالِه، فإنَّكَ تنالُ الخلاصَ الأبديّ.
والخلاصُ في المسيحِ غيرُ محصورٍ بشعبٍ أو بعِرق، لذلك، يقولُ الرّسُولُ إنَّ جميعَ الّذينَ يسلكونَ بحسبِ هذا التّعليم، عليهم سلامٌ ورحمة، سواءٌ كانوا وثنيّينَ في الأصلِ أم يهودًا. وهؤلاء الأخِيرِين هم الَّذين عَنَاهُم بِقَولِه "إسرائيلِ الله"، أي اليهود الّذين آمنوا بالمسيح، فصاروا أخصّاءَ الله.
وختمَ كلامَهُ بأن ينتهي النِّقاشُ في هذا الموضوع، مَحْسُومًا، وألّا يُثَارَ فيما بعد. وفي هذا الختام يؤكِّدُ أهمّيّةَ الموضوع وتأكُّدَهُ مِن صحّةِ التّعليمِ الّذي يعطيه.
الصّلوات الْمَنْسِيَّة من خلال الخدم اللّيتورجيّة للأعياد السّيّديّة والقدّيسين الممتازين
عنوانٌ طويل والغاية منهُ ليست انتقادًا لأحدٍ، لكنّها صرخةٌ موجعةٌ تُحرق الفؤاد!. كما نعرف، إنَّ الكنيسة الأرثوذكسيَّة هي كنيسة مَزَجَتْ صلواتها بنُسْكِها وبهاءِ ليتورجيّتِها، فأَضْحَتْ كنيسةً عروسًا تليقُ بالعريسِ المذبوحِ من أجلها منذ الأزل. الأرثوذكسيّة ليست طائفةً أو دينًا هي طريقةُ حياةٍ تُدَرِّبُنَا فيها الكنيسة لكي نُزَفّ يوميًّا، عبر صلواتها، للعريس السّماويّ، فتُخاطِبُ المسيح كدَيَّانٍ وكَرَاعٍ حنون، في آنٍ، يدمعُ شفقةً ورأفةً على خرافِهِ التّائهة في وُحُولِ هذا العالم وأضاليلِهِ!...
هدف اللّيتورجية الأرثوذكسيّة هو مشاركة الشعبِ فيها وإلاّ لا معنى لها. لكن هذه اللّيتورجية لها قواعد مُرتّبة وفق الأصول تُدرِّبُنَا فيها الكنيسة لكي نُصبِحَ نحن ليتورجيا تُسَبِّحُ، ونحن على هذا الوعد!...
ماذا أقول عن كنيستي، أيّ بهاء في ليتورجيّتِها في خضمِّ هذه الفوضى العارِمَة الّتي نحن فيها؟. لكي نكون ليتورجيّين علينا أن نأكلُ الصّلاة كقُوتٍ يومِيّ، فَتُضْحِي هي فينا ونحنُ فيها، هذا هو معنى الصّلاة المتواتِرَة في كنيستنا. لأنّ الصّلاة والخدم اللّيتورجيّة، بشكل عامّ، وُضِعَتْ في ترتيبٍ لكي تُساعِدَنَا وليس العكس.
لا أريد أن نكون حرفيّين وأنّ نقطة من النّاموس لا تَسقط، فنقع في الشّكليّات!. لا!… أبدًا، ليس هذا المطلوب، المطلوب فقط هو احترام نِظام الكنيسة ليس إلّا!.
كلُّنا بحاجة إلى إعادة تأهيل لكي تعمل الماكينات الرّوحيّة وِفْقَ النّظام، أعني كُلّنا بحاجة، من إكليروس أوّلًا، أن نكونَ رجال صلاة لأنّه من هذه النّقطة تنطلقُ الشّرارةُ، فالكاهنُ، أو الرّاهبُ، أو الأسقف إذا كان مُصلّيًا يُضْحِي كالشّاروبيم يَتَّقِدُ نارًا فيُشْعِلُ مَنْ حَوَالَيْهِ! فالويل إذا كان حَطَبنا رطبٌ ومائعٌ!. حُجّة القَيِّمِين على الكنيسة أنّ شعبَنا بحاجة إلى رعاية، وهذا صحيح، لكن أيّة رعاية نحن نقدمُّها لِشعبنا؟!...
أَبِتَعَدِّيكَ على النّاموس (رو٢٣:٢)، الَّذي أنتَ مُؤْتَمَنٌ عليه، تُقَدِّمُ رعاية؟!... أقولُها، بدون خوف، إنّه آن الأوان أن نحترمَ رُزنامة الكنسية الطّقسيّة ودورها الطّقسيّ في توزيع الأعياد. والكنيسة تُعبِّر عن وحدتها في اللّيتورجيا الموحَّدَة، وقمَّتها الكأس الواحدة المشتَرَكَة. مَثَلًا، هُناك من يَنْقُلُ أعياد القدّيسين من يوم عيدها إلى يوم آخَر تحت حجة الُمشارَكَة الأكبر من الشّعب، فصارَ، مع الوقتِ، هذا الأمر موضةً نعيشها، وكلّ كاهن وكلّ أبرشية تختار الأنسب لكي يُلائم ليس الشّعب إنما حالة الكاهن واجتماعيّاته!!... لعلّ الأكثر شُيُوعًا في كنيستِنا، وما درَجَ وصارَ مقبولًا وغير قابل للتّغيير، هو القداديس المسائيّة الّتي نضع لها حُججًا وعناوين طنّانة، منها تسهيل مُشاركة المؤمنين الّذين لا تسنح لهم فرصة المشاركة في يوم العيد، تحت حجّة ظروف عملهم أو دراستهم!!...
السّؤال المطروح: ألا يستطيع المؤمن المشاركة بصلوات الكنيسة إلّا فقط وحصرًا في القدّاس الإلهي؟.
الخطورة في ذلك، وقد أصبحَ هذا الأمر شائعًا، أنّنا عوَّدْنَا شعبَنا على الكسل. ناهِيكَ عَمَّا إذا ما لم يكن الكاهن نفسهُ غير مُهيَّئ لإقامة القدّاس المسائيّ بعد يوم عمل، هذا من جهة. والأهمّ هو الصّوم الّذي يَسبِقُ القدّاس، عادةً، من جهة أُخرى. لماذا شوَّهْنَا القدّاس الإلهيّ واختَصَرْنَا بهاءَ الخِدْمَة فيه؟. هذا لا علاقة له بمسألة أنّنا نُقلِّل من أهمّيّة القدّاس الإلهيّ… لاسمحَ الله!.
ألم يَحن الوقت للقيّمين على الكنيسة، من مطارنة، الّذين من المفترض أن يكون عندهم الوعي الكامل، ألّا يقعوا في هذا الفخ!! لكيّ لا تُضحي الكنيسة مائعة وكلّ شيء "بيِمشي الحال"، “إيه وصارِت شو المشكل". هذه التّعابير اللّبنانيّة وفق العقليّة اللّبنانيّة السّائدة، في هذه الفوضى السّائدة أصلًا في النّظام اللّبنانيّ والعربيّ، أَضْحَتْ هي الُمشترِع في كنيستنا وليس المسيح!!!...
للأسف، أقول نحن "سَخَّفْنَا الله" وبسببِنا “يُجَدَّف” على اسمه القدّوس (رو٢٤:٢)!!. أيّةُ دينونةٍ ستكونُ لنا وأيّ وقودٍ سنُضحي في اليوم الأخير نحن الّذين دنّسنا هيكل الله وقدساته. صحيح أنّ الله لا تَهُمُّهُ الثّيران ولا العجول ولا هذه الشّكليّات، لكن ألا نَعِي أنّ مَنْ يتقدّم بهذا الاستخفاف نحو “الجوهرة الإلهيّة”، أعني المناولة، ألا تُضحي بالنّسبة له جمرة تُحرقه فتكون مناولتنا دينونة!!... ألم تقرأوا رسالة القدّيس بولس الرّسول إلى أهل كورنثوس أنّ “مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ…" (١ كور ١١: ٢٧)، ويتابِع “مِنْ أَجْلِ هذَا فِيكُمْ كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى، وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ…". لماذا نصمّ آذاننا عن كلام الإنجيل، وقد جَعَلْنَا الله على قياسِنا ومَحَوْنَا من قاموسِنا أنّ الله، مع أنّه رحومٌ وعادلٌ، ديّان الأرض والسّماوات، وعندما يتّقد غضبهُ سوف يُبكِّتنا على كلّ خطيئة ويُحاسبنا عليها!.
وَجَعِي على كنيستي هو وَجَعِي على نفسي أوَّلًا، علينا أن نصرخَ، ولأنّ الصّوت في هذه الأيّام "ما بِوَدِّي..." صار “الغَلَط صَحَ، والصَّحَ هو الغَلَط”، وإذا تكلّمْنَا نُعِتْنَا بالُمتزمِّتِين والحرفيّين وكأنّنا صَلَبْنَا المسيح كما يُقَال.
يا أيّها القَيِّمون على الكنيسة اصحُوا، شعبنا بحاجة إلى رعايةٍ صحيحة، لكنّه بحاجةٍ إلى قُدوة يقتدي بها، وهذا الأهمّ!. كلّ ما نقوم به هو أنّنا أصبحنا تُجّارًا في هيكل الله نبيع ونشتري على "هَوَانَا" (مت ١٣:٢١). ناهيكَ عن قلّة النّظافة داخل هيكل الله، من أكبرِ الأشياء إلى أصغرِها!. فمن كان له الحَمِيَّة والخوف والرّهبة لهيكل الله، لكان عنده الغَيْرَة على نظافتِه والاهتمام بآنِيَتِهِ وعدم وجود أشياءَ لا تليق بخدمة ملك الملوك، وأن تكونَ ثِيابنا نقيّةً بيضاءَ كالثّلج. الله لا يهمّه المادّة، لكنّه استخدم المادّة كقناة لخدمةِ مجدِه من الثّياب إلى لآواني وكلّ شيء.
كيف نعظ أنّنا في حضرة الله، ونحن نهينه في نفس الآنٍ. خوفي أن يصرخ فينا المسيح في الآخِرة قائلًا لنا: “اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ" (مت ٤١:٢٥).
هذا ليس انتقادًا إنّما هو وضع الإصبع على الجرح. فَلْنَحْتَرِمْ أصول الكنيسة وأعيادها ولنعطِهَا حقّها، ليكن القدّاس في موضعه، وصلاة الغروب بمكانها، ولا نُقنعنَّ ذواتَنِا بحججٍ واهيةٍ و"نُمَشِّي" الأمور "على الّلبناني" (à la libanaise)، لأنّ "إلهنا نار آكِلَة" ستأكل غير المستحقّين وتفنيهم، كما فعل قديمًا عندما تعلّق إسرائيل “ببعل فغور” فَأَبَادَهُم ولم يَعُدِ اللهُ في وسطهم، “إِنَّ كُلَّ مَنْ ذَهَبَ وَرَاءَ بَعْلَ فَغُورَ أَبَادَهُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ وَسَطِكُمْ” (تث ٣:٤)...
أخبارنا
عيد رفع الصَّليب في رعيَّة القرين
برعاية صاحب السّيادة راعي الأبرشيّة، المتروبوليت أفرام (كرياكوس) الجزيل الاحترام، تحتفل رعيَّة القرين بعيدها، عيد رفع الصَّليب الكريم، وذلك بإقامة صلاة الغروب مساء الأحد الواقع فيه 13 أيلول عند السّاعة الخامسة مساءً في كنيسة الصّليب، وفي اليوم التّالي، صباح الإثنين، ستقام خدمة السّحريّة والقدّاس الإلهيّ. تبدأ صلاة السّحَر عند السّاعة الثّامنة والنّصف صباحًا.
أُمسيَة تَراتيل لِجَوقَة مَدرسَة الموسِيقَى الكَنسِيَّة
بِبَركةِ وحضور راعي الأبرشيّة، صاحِبِ السِّيادَة المِترُوبُولِيت أفرَام (كِريَاكوس) الجزيل الاحترام، تُقَدِّم "جَوقَة والِدَة الإله"، الّتي هي جَوقَة مَدرسَة الموسِيقَى الكنسيَّة في الأبرشيّة، أُمسِية تَراتيل بِعُنوان: "أُحبُّكَ يَا رَبّ" في التَّاريخَيْنِ التَّاليَين:
السّبت في 19 أيلول 2015: في قاعة كنيسة النَّبيّ إلياس في المنية، عند السّاعة السّادسة مساءً. تَسبقُها صلاة الغروب في الكنيسة عند السّاعة الخامسة، ويليها تخريج دُفعَة جديدة مِن خِرِّيجي المدرسَة، ثُمَّ تكريم خِرِّيجي الشّهادة الرَّسميَّة في المنية.
الأحد في 20 أيلول 2015: في كنيسة القدّيس جاورجيوس في كفرعقّا، عند السّاعة السّابعة مساءً.