الأحد 2 آب 2015
02 آب 2015
الأحد 2 آب 2015
العدد 31
الأحد التَّاسِع بعد العَنْصَرَة
اللَّحن الثَّامِن الإيوثينا التَّاسِعَة
* 2: نقل عظام استفانوس أوّل الشُّهداء ورئيس الشَّمامِسَة. * 3: الأبرار اسحاقيوس وذَلْمَاتُس وفَفِسْتُس، سالومَة حامِلَة الطِّيب. * 4: الشُّهداء الفِتْيَة السَّبعة الَّذين في أَفَسُس. * 5: تقدمة عيد التَّجَلِّي، الشَّهيد آفْسِغْنِيُوس، نُونَة أمّ القدِّيس غريغوريوس اللَّاهوتيّ. * 6: تجلِّي ربِّنا وإلهِنا يسوعَ المسيح. * 7: الشَّهيد في الأبرار دوماتيوس. * 8: إِميليانوس المُعْتَرِف أسقف كيزيكوس.
صومُ السَّيِّدة
تأسَّسَ قبل القرن السَّابِع. يُسَمِّيهِ القدِّيسُ ثيودوروس الستوديتيّ صوم والدة الإله المقدَّس، ذلك في نهاية القرن الثَّامِن. فيه نصوم عن النَّشاطات الدُّنيويَّة، السَّهَر، المآكِل الدَّسِمَة... لنتفرَّغَ أكثر للصَّلاة والمُطَالَعَة الرُّوحيَّة ونكتَسِبَ فضائلَ السَّيِّدة العذراء مريم والدة الإله. وفضيلتُها الرَّئيسيَّة أنَّها كانت تسمعُ كلمةَ اللهِ وتحفظُهَا في قلبِهَا أي كانت تطيعُهَا في حياتها، كانت "تحت السَّمَع"، كما تشير إلى ذلك حرفيًّا كلمة "طاعة" في اليونانيَّة، أي سَمْعًا وطاعَة. قالت العذراء للملاك المُبشِّر: "هوذا أنا أَمَةُ الرَّبِّ لِيَكُنْ لي حَسَبَ قولِك" (لوقا 1: 38).
هذا ما أشار إليه الرَّبُّ يسوع عندما قال لِذَوِيهِ: "أُمِّي وإخوتي هم الَّذين يَسمعونَ كلمةَ اللهِ ويعمَلُونَ بها" (لوقا 8: 21). تصرَّفَتْ، على مِثَالِ مريم، أُختُ لعازَرَ في جلوسِهَا عند قدمَي يسوع تسمعُ كلامَه، هذا ما نراه في كثيرٍ من الأحيان عند تلاوة الإنجيل، بخاصَّة مع الأولاد الَّذين يركعون أمام الإنجيل عند تلاوته في الكنيسة من قِبَلِ الكاهن.
* * *
غايةُ صومِ السَّيِّدة هو أن نكتسِبَ "الرُّوحَ المريميَّة"، أن تصبحَ نفسُنَا عروسًا للمسيح تَتَبَتَّلُ ليسوعَ كما فَعَلَتِ العذراءُ مريم، نمتنِعُ عن المآكِلِ الدَّسِمَةِ عن الزَّفَرَيْنِ، اللَّحم والجبن، وحتَّى عن الزَّيت والنَّار عند الضَّرورة. نمتنعُ عن الأكاليل لنتفرَّغَ للصَّلاة والمُطَالَعَة الرُّوحيَّة. نكتفي بالاِنشغال اليوميّ بـأمور المهنة والعائلة. كلّ هذا تُوصِيهِ القوانين الكنسيَّة خلال الأصوام الكبيرة.
في صوم السَّيِّدة نُصَلِّي كلّ يوم في الكنيسة صلاة البراكليسي، ومعناها "الاِبتهال"، وتعود إلى القرن الخامس. تَطَوَّرَ شكلُها من قانونٍ شِعْرِيٍّ في القرن التَّاسع واكتَمَلَ مع الطّلبات والتَّراتيل بشكلها النِّهائي في القرن الخامس عشر. جَرَتِ العـادةُ، أيضًا، أن تُقَامَ هذه الصَّلاة على مريضٍ، عند الضَّرورة في البيت أو في المَشْفَى، نرفعها إلى العذراء مريم الشَّفيعة الحارَّة ورجاء المؤمنين "طالِبِينَ الخَلَاص" للمُنْسَقِمِين نفسًا وجسدًا، هي الَّتي وَلَدَتِ الرَّبَّ المُتَحَنِّنَ والمُقْتَدِرَ والَّتي لا تَرْفُضُ مَجَارِي دموعِنَا حتَّى تُبَادِرَ إلى الشَّفَاعَة لدى ربّها وابنها فَتَشفي أمراض نفوسنا وأوجاع أجسادنا، وتنجيّنا من الشَّدائد والأهواء ومن الموت والفساد ومن أضرار العدوِّ الرديئة، أي من الخطيئة.
بعد كلّ هذا الجهاد الصِّيامِيّ الرُّوحِيّ والجسدِيّ يأتي العيد في 15 آب مكلِّلًا أتعابَنَا ويعطينا فرحًا عارِمًا لا يوصَف نراه في كنائس الدُّنيا كلّها، هذا الفرح الّذي اكتنَفَ العذراء مريم نفسها عندما قالَتْ لنسيبتها أليصابات: "تعظِّمُ نفسي الرَّبَّ وتبتهجُ روحي بالله مخلِّصي، لأنَّهُ نظرَ إلى تواضعِ أمتِهِ، فها منذ الآن تطوِّبُنِي جميعُ الأجيال" (لوقا 1: 16).
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريَّة القيامة باللَّحن الثَّامِن
اِنْحَدَرْتَ مِنَ الْعُلُوِّ يَا مُتَحَنِّن، وقَبِلْتَ الدَّفْنَ ذَا الثَّلاثَةِ الأيَّام لِكَي تُعْتِقَنَا مِنَ الآلام. فَيَا حَيَاتَنَا وقِيَامَتَنَا، يَا رَبُّ، المَجْدُ لَك.
قنداق التَّجَلِّي باللَّحن السَّابِع
تَـجَـلَّـيْـتَ أَيُّهَا الْـمَـسِيحُ الإِلَهُ في الْجَـبَـل، وحَـسْبَـمَـا وَسِـعَ تَلَامِـيـذُكَ شَـاهَـدُوا مَـجْـدَك، حَـتَّى، عِـنْـدَمَـا يُعَايِنُوكَ مَـصْـلُـوبًـا، يَـفْـطَـنُـوا أَنَّ آلامَـكَ طَـوْعًـا باخْتِيارِك، وَيَكْرِزُوا لِلْعَالَم أَنَّكَ أَنْتَ بالْحَقِيقَةِ شُعَاعُ الآب.
الرِّسَالَة
1 كو 3: 9-17
صَلُّوا وأَوْفُوا الرَّبَّ إِلَهَنَا
اللهُ مَعْرُوفٌ في أَرْضِ يَهُوذَا
يا إخوةُ، إِنَّا نحنُ عامِلُونَ معَ اللهِ وأنتم حَرْثُ اللهِ وبِناءُ الله. أنا بحسَبِ نِعَمةِ اللهِ المُعطَاةِ لي كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ وَضَعْتُ الأسَاسَ وآخَرُ يَبنِي عليهِ. فَلْيَنْظُرْ كُلُّ واحِدٍ كيف يَبْنِي عليهِ، إِذْ لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاسًا غيرَ الموضُوعِ وهوَ يسوعُ المسيح. فَإِنْ كانَ أحَدٌ يَبْنِي على هذا الأساسِ ذهبًا أو فِضَّةً أو حِجارةً ثَمينةً أو خشبًا أو حَشيشًا أو تِبْنًا، فإنَّ عملَ كلِّ واحِدٍ سيكونُ بَيِّنًا لأنَّ يومَ الرَّبِّ سيُظْهِرُهُ لأنَّه يُعلَنُ بالنَّارِ وستَمتَحِنُ النَّارُ عَملَ كلِّ واحِدٍ ما هو. فَمَنْ بَقِيَ عَمَلُهُ الَّذي بناهُ على الأساسِ فسينالُ أُجْرَةً ومَنِ احْتَرَقَ عَمَلُهُ فسَيخسَرُ وسيَخْلُصُ هُوَ ولكن كَمَنْ يَمُرُّ في النَّار. أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُم هيكلُ اللهِ وأنَّ روحَ اللهِ سَاكِنٌ فيكُم، مَن يُفْسِدُ هَيكلَ اللهِ يُفسِدُهُ الله. لأنَّ هيكلَ اللهِ مُقدَّسٌ وَهُوَ أنتُم.
الإنجيل
متَّى 14: 22-34 (متَّى 9)
في ذلك الزَّمان اضْطَرَّ يسوعُ تلاميذَهُ أن يدخُلُوا السَّفينةَ ويسبِقُوهُ إلى العِبْرِ حتَّى يصرِفَ الْجُمُوع. ولمَّا صرف الْجُمُوعَ صَعِدَ وحدَهُ إلى الجبلِ ليُصَلِّي. ولمَّا كانَ المساءُ كانَ هناكَ وحدَهُ، وكانَتِ السَّفينَةُ في وَسْطِ البحرِ تَكُدُّهَا الأمواجُ لأنَّ الرِّيحَ كانَتْ مُضَادَّةً لَهَا. وعندَ الهَجْعَةِ الرَّابِعَةِ من اللَّيل مَضَى إليهِم ماشِيًا على البحر، فلَّما رآهُ التَّلاميذُ ماشِيًا على البحرِ اضْطَرَبُوا وقالُوا إنَّه خَيالٌ ومن الخوفِ صَرَخُوا. فَلِلْوَقْتِ كلَّمَهُم يسوعُ قائِلًا: ثِقُوا أنا هُوَ لا تَـخَـافُـوا. فأجـابَهُ بطرسُ قائِلًا: يا ربُّ إنْ كنتَ أنتَ هو فمُرْنِي أن آتِيَ إليكَ على المياه، فقالَ: تعالَ. فنزَلَ بطرسُ من السَّفينةِ ومَشَى على المياهِ آتِيًا إلى يسوع، فلَّمَا رأى شِدَّةَ الرِّيح خافَ، وإذْ بَدَأَ يغرَقُ صاحَ قائِلًا: يا رَبُّ نَجِّنِي. ولِلْوَقْتِ مَدَّ يسوعُ يدَهُ وأَمْسَكَ بهِ وقالَ لهُ: يا قليلَ الإيمانِ لماذا شَكَكْتَ؟. ولمَّا دَخَلَا السَّفينَةَ سَكَنَتِ الرِّيح. فجاءَ الَّذين كانُوا في السَّفينَةِ وسَجَدُوا لهُ قائِلِين: بالحقيقةِ أنتَ ابنُ الله. ولمَّا عبَرُوا جاؤُوا إلى أرضِ جَنِّيسَارَتْ.
في الإنجيل
"السَّفينَةُ في وَسْطِ البحرِ تَكُدُّهَا الأمواجُ لأنَّ الرِّيحَ كانَتْ مُضَادَّةً".
تَعِي الكنيسةُ، في هذا العالم، أنَّها في صراع دائم ومخاض دائم لتَلِدَ بنينَ وبناتٍ لملكوت السَّماوات. يَسْلُكُ أبناؤها عكس التَّيَّار العالميّ للوصول إلى الحياة الفُضْلَى.
في إنجيل اليوم دلالات على نمط الحياة الَّتي يحياها الشَّعب المؤمن بالمسيح. أوَّلًا، حياتهم حياة صلاة، فلا يمكن الفصل بين الحياة والصَّلاة عندهم، ولو اضطرَّهم الأمر أن يبتعِدُوا عن الجموع للخَلْوَة والاِختلاء بالله، من أجل نفوسهم ونفوس الآخَرِين. مهما جابَهَتْهُمُ الأهواء والأفكار والشَّهوات، مهما أَغْوَتْهُم حبائل الشِّرِّير لا يكون لليأس عندهم موطِن، فهم يبقون ثابتين أمام لَطَمَات الأمواج والرِّياح المعاكِسَة.
يَعْلَمُ المؤمن أنَّ طريقه للرَّبِّ ليست، دائمًا، مُعَبَّدَة ومُسْتَوِيَة ففيها صعود وهبوط، "نزل بطرس من السَّفينة"، نعمةٌ وإحساسٌ بالتَّخَلِّي، بَرَكَةٌ وشعورٌ بالخوف، فيها سقوط وقيام ... الحياة نحو المسيح محفوفة بالمخاطر تؤدِّي، أحيانًا، إلى الشَّكِّ والقُنُوط واليأسِ، لكنَّ آباء الكنيسة يعلِّمونَنَا قائِلِين: "أَسَقَطْتَ؟ فانْهَضْ. أَسَقَطْتَ ثانِيَةً؟ فانْهَضْ أيضًا، لكن لا تترُكِ الطَّبيب، وإلَّا فأنت شَرٌ من مُنْتَحِرٍ يخضَعُ لحكم اليأس. اِلْبَثْ بقربه فيرحمك إمّا عن طريق العودة، وإمّا عن طريق التَّجارب أو عن أيّ طريق أُخْرَى من طرق العناية، لا علم لك بها".
من يحيا فِعْلِيًّا في رُبوعِ الكنيسة، بين أبنائها المؤمنين البُسَطَاء وبخورها وترانيمها وليتورجيّتها، مَن يتذوَّق حلاوة الرّبّ فيها وحضوره وحنانه، مَن يختبر خاصّيّته بالنّسبة للمخلّص، يفهم حينها قول السّيّد أنَّ "ملكوت الله في داخلكم"، ويشعر حقيقة باستِكَانَةِ رياح العالم أمام سلام المسيح وفرحه.
سكّان السّفينة، بحَّارة كانوا أو ركّابًا أو ربابِنَةً، كلّهم معًا بقلبٍ واحدٍ وروحٍ واحد يحملون الرّجاء، يعبدون الله ويسجدون له بالرّوح والحقّ، فيما السّفينة تُبْحِرُ في عالم الله الفسيح تحمل بُشْرَى الخلاص وتنقل للعالم بأسره حضور الله بيننا بابنه يسوع وندائه "ثِقُوا أنا هو فلا تخافوا".
أسئلة حول والدة الإله
س: هل كان لوالدة الإله مريم أولاد غير الرّبّ يسوع؟.
ج: تَقُولُ بَعضُ الشِّيَعِ والهَرطَقاتِ، كَشُهُودِ يَهُوَه أو غَيرِهِم، بأنَّ لِلعَذرَاءِ مَريَم أولادًا غَيرَ يَسوع، نَتِيجَةَ زَواجِها مِن يُوسِف، مُستَنِدِينَ إلى نُقطَتَينِ وارِدتَين في الإنجيلِ: الأولى عِندَ الإنجيلِيِّ مَتَّى: إنَّ يُوسُفَ "لَمْ يَعرِفهَا حَتَّى وَلَدَتْ ابنَها البِكر وَدَعا اسمَه يَسُوع" (متَّى 1: 25)، وَالثَّانِيَة هِيَ "إخوَة يَسُوع" (أُنظر: مَتَّى 12: 46؛ 13: 55 ولوقا 8: 19).
لِنَبدَأ مِنَ النَّقطَةِ الثَّانِيَة، مَنْ هُمُ الإخوَةُ عِندَ اليَهُودِ؟. لِليَهُودِ عَادَةُ مُنَادَاةِ الأقرِبَاءِ، كَالعمِّ والخَالِ وأولادِهِما، بِالإخوَة، كَعَادَةِ كُلِّ أهَلِ هَذِه البِلادِ، وَنَحنُ مِنهُم؛ إبرَاهيمُ النَّبيُّ، مَثَلًا، فِي العَهدِ القَدِيمِ، كَان يُنَادِي لُوطًا، ابنَ أخِيهِ، بِأخي (أنظر مثلًا: تكوين 13: 8)؛ فالأُخُوَّةُ عِندَهُم لا عَلاقَةَ لَها، بالضّرورة، بِأُخُوَّةِ الدَّمِ أو الارتباط بأب وأمّ، فقط، بل بالارتباط بشعب الله. لِذَا، ما وردَ في الإنجيل حول "إخوة" ليسوع لا يعني، بالضّرورة، بحسب مفهوم اليهود، أنّهم أولاد لِمَرِيَم.
مَتَّى الرّسول عبرانيّ، وقد كتب إنجيله على ما في التّقليد باللُّغَةِ العِبرِيَّةِ أو الآرَامِيَّةِ، الّتي تُشـبِهُ، إلَى حَـدٍّ كَـبِـيرٍ، اللُّـغَةَ العَرَبِيَّةَ. في كلّ الأحوال، إذا كان إنجيل متّى مترجمًا إلى الـيـونانيّة أو كتبه الرّسول باليونانيّة فالأمر سيّان، لأنّ منطق تركيب الجملة هو نفسه كون الكاتب عبرانيّ في الحالَتين. لِنَفْهَمَ هذا الأمر، فَلنَأخُذْ هَذَا المَثَلَ التَّوضِيحِيَّ: هَل تَعنِي عِبَارَةُ "لَمْ يَأكُل الوَلَدُ التُّفَّاحَةَ حَتَّى اهْتَرَأتْ" أنَّ الوَلَدَ أكَلَ التُّفَّاحَةَ بَعَدَمَا اهتَرَأتْ؟، بِالطَّبِعِ لا، كَذَلِكَ الأمرُ بِالنِّسبَةِ لِلنُّقطَةِ الأُولَى الّتي سَبَقَ وَذَكَرنَاهَا، "لَمْ يَعرِفهَا حَتَّى وَلَدَتْ ابنَها البِكر"، أي أنَّ يُوسُفَ لَم يَعرِفهَا أبَدًا. استَخدَمَ الإنجِيليُّ مَتَّى هَذَا التَّعبِيرَ مَعَ اليَهُودِ لِيُثبِتَ لَهُم أنَّ يَسوعَ لَيسَ ابنًا لِيُوسِف، وأنَّ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمِ امرأةٍ يُدعَى بِكرًا، حَتَّى لَو لَم تَلِدِ مِن بَعدِه أولادًا. فكلمة "حتّى"، هنا، قد أتت للتَّشديد والتَّأكيد على قَطْعِيَّة النَّفي (négation).
مِن جِهَةٍ أُخرَى، في التَّقليدِ الكَنَسِيِّ الأُرثُوذُكسِيِّ، اِختِيرَ يُوسُفُ الشَّيخُ خَطيبًا لِمَريَمَ العَذرَاءَ، الّتي كَانَت مُكَرَّسَةً لِلهَيكَلِ، لِيُسَاعِدَهَا عَلى حِفظِ نَذرِهَا بالبتوليّة، خَاصَّةً أنَّ الشَّرِيعَةَ اليَهُودِيَّةَ لا تَسمَحَ لِلفَتَاةِ بِعَدَمِ الزَّوَاجِ مَتَى بَلَغَت. وَكَانَ يُوسُفُ أبًا أرمَلًا، لِذَا يعتَبِرُ التّقليدُ الأرثوذكسيُّ بِأنَّ إخوَة يَسوع هم أبنَاء يُوسُفَ مِن امرأتِهِ المُتَوَفِّيَةَ.
س: لماذا قال يسوع لوالدته في عرس قانا الجليل "ما لي ولَكِ يا امرأة"، أليس في هذا توبيخ لها؟!.
ج: نَظُنّ، لِلوَهلَةِ الأُولَى، أنَّ يَسُوعَ لَمْ يَحتَرِمَ أمَّهُ عِندَمَا قَالَ لَهَا، في عُرسِ قَانَا الجلِيلِ، الّذي يَرمُزُ لِلعشَاءِ السِّرِّيِّ، لِلصَّلبِ والقِيَامِة، وَلِمَائِدَةِ المَلَكُوتِ: "مَا لِي وَلَكِ يَا امرَأة" (يو 2: 4). الحقيقة أنّ هذه الآية تَرُدُّنَا إلى سِفرِ التَّكوينِ، حَيثُ أنَّ كَلِمَةَ "امرأة" استُعمِلَت في العهد القديم لوصف حوّاء قَبل السُّقُوطِ: "أخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أضلاعِهِ وَمَلأَ مَكَانَهَا لَحمًا. وَبَنَى الرَّبُّ الإلَهُ الضِّلْعَ الّتي أَخَذَهَا مِن آدَمَ امرأةً وأحضَرَهَا إلى آدَمَ" (تك 2: 21-22)، وَبَعدَ السُّقُوطِ، تَغَيَّرَ الاسمُ من "امرأة" إلى "حَوَّاءَ" (أنظر تكوين 3: 20)، أي أمِّ كُلِّ حَيٍّ. اللهُ هو الَّذي دعا الَّتي أخرجها من ضلع آدم "امرأة"، وآدم بعد السُّقوط دعاها "حوَّاء". لِذَا، وَبِاستِعمَالِ تَّعبير "امرأة"، يُذكِّرنا يسوع بأنّه هو الله الَّذي سمَّاها هكذا، ويُقَارِنُ، تاليًا، بَينَ المَرأةِ الأُولى، الّتي سَقَطَتْ في العَهدِ القَدِيمِ، وَالعذرَاءَ مَريَمَ الّتي أطَاعَتِ وَصِيَّةَ الله، فَعَاشَتْ بِدُونِ سُقُوطٍ. وكأنّ مريم هي امرأة الزّمن الجديد الّذي لا سقوط فيه، بإزاء آدم الثّاني أي الرّبّ يسوع. هي أمّ الخليقة الجديدة في المسيح. إنّها "حوّاء الجديدة" أو "حوّاء الثّانية" كما يسمّيها الآباء.
نَلَحَظُ، أيضًا، أنَّ الرَّبَّ يُوَضِحُ لِوَالِدَتِهِ، في عُرسِ قَانا الجليل، أنَّه "لَمْ تَأتِ سَاعَتِي بَعد" (يو 2: 4). وَنَسمَعُهُ، فِي مَوضِعٍ آخَر مِن إنجِيلِ يُوحَنَّا، يَقُولُ "أيُّها الآبُ قَد أتَتِ السَّاعَةِ. مَجِّدْ ابنَكَ لِيُمَجِّدُكَ ابنُكَ أيضًا" (يو 17: 1)، فَالسَّاعَةُ هَنا تَعنِي سَاعَةَ الصَّلبِ. كَما يَرمُزُ الخَمرُ إلى ذَبِيحَةِ المَسِيحِ، "هَذَا هُوَ دَمِيَ" (متَّى 26: 28)، لِذَا فَقَد استَعمَلَ هَذِهِ الحَادِثَة، بِشَكلٍ نَبَويٍّ، لِيَقُولَ إنَّ المَرَأةَ الأُولَى، بِكَلامِهَا مَعَ آدَمَ الأوَّلِ، أَوصَلَتُه إلى المَوتِ، وَبِهِ، تَالِيًا، سَقَطَ الكَونُ كُلُّه، أمَّا المَرأةُ الثَانِيَةُ، أي والِدَةُ الإلَه، فَبِكَلامِهَا مَعَ آدَمَ الثَّاني، أي ابنِها وَرَبِّها يَسَوع الّذي أقَامَ الكَونَ، كَانَت السَّبَبَ لِلحَيَاةِ الأبَدِّيَّةِ، لِذَا، رَأينَاهُ يُنَفِّذُ لَها طَلَبَها دُونَ اعتِراضٍ، مُشِيرًا، بِحَدِيثِهِ، إلى صَلبِهِ، مَوتِهِ وَقِيَامَتِهِ. لذلك، نَحنُ عَلى يَقينٍ بِأنَّ طِلبَتَها لا تُرَدُّ.
أخبارنا
سـهـيـرانـيّـة بـمـنـاسـبـة عـيـد الـتّـجـلِّـي في ديـر رقاد السّيّدة – بكفتين
بمناسبة عيد تجلِّي ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح، تُقام سهيرانيّة، في دير رقاد السّيّدة – بكفتين، وذلك يوم الأربعاء الواقع فيه الخامس (5) من شهر آب 2015. تبدأ صلاة الغروب عند السّاعة السّادسة مساء، يليها سحريّة العيد فالقدّاس الإلهيّ. تنتهي السّهيرانيّة حوالي السّاعة العاشرة والنّصف مساءً، ويليها مائدة محبّة.