الأحد 5 نيسان 2015
05 نيسان 2015
الأحد 5 نيسان 2015
العدد 14
أحد الشَّعَانِين
* 5: أحد الشَّعانين، الشُّهداء كلاوديوس وديودورُس ورفقتهما، ثاوذورة التِّسَالونيكيَّة. * 6: الإثنين العظيم، أَفتيشيوس بطريرك القسطنطينيَّة، غريغوريوس السِّينائيّ. * 7: الثُّلاثاء العظيم، الشَّهيد كليوبيوس، جرجس أسقف ميتيلين. * 8: الأربعاء العظيم، الرَّسول هيروديون ورفقته وهم من السَّبعين. * 9: الخميس العظيم، الشَّهيد آفبسيشيوس، رفائيل ونيقولاوس وإيريني (ميتيليني). * 10: الجمعة العظيم، ترانتيوس وبومبيوس ورفاقهما. * 11: سبت النُّور، الشَّهيد أنتيباس أسقف برغامس.
الشَّعَانِين
الدُّخول إلى أورشليم
الآلام - الحزن البَهِيّ
في أوّل الأسبوع العظيم يَدْخُلُ الرَّبُّ يسوع بأُبَّهَةٍ راكبًا على جحش أتان.
إقامة لعازر من الموت ما كانت إلّا صورة لقيامة المسيح، كما إنَّ دخوله إلى أورشليم ما كان إلّا صورة لآلامه وقيامته.
لنطرح السُّؤال الرّئيسيّ في هذا العيد: لماذا هذا الفرح العارِم في أحد الشَّعانين، والرّبّ يسوع داخِلٌ لكي يتأَلَّم؟!... هناك تناقض رهيب، حزن وفرح، أُبَّهَةُ الظَّافِرِين وتواضعٌ سَحِيق. "هوذا ملكُكِ يأتيكِ (يا أورشليم) راكِبًا على جحش" (يوحنَّا 12: 15 وزكريَّا 9: 9).
الأطفال يحملون سَعَفَ النَّخْل وأغصان الزّيتون (دلالة على الظَّفَر والسَّلام)، والشُّموع مُزَيَّنَة بالزُّهور (علامة على النُّور والفرح).
هذه هي الفضائل الّتي اقتنيناها بعد صوم...
في عيد الشَّعانين نُرَتِّلُ: "اللهُ الرَّبُّ ظَهَرَ لنا، مُبَارَكٌ الآتي باسمِ الرَّبّ، خَلِّصْنَا يا ابنَ الله يا مَنْ رَكِبَ على جحش أَتَان"، "اليومَ نعمةُ الرُّوحِ القُدُسِ جَمَعَتْنَا...".
في أَحَدِ الشَّعانين نعلِنُ يسوع ملكنا وربّنا وإلهنا.
* * *
نعود إلى السُّؤال الأَوَّل، وتَذَكَّرُوا ما قاله السَّيِّد لتلاميذه في الخطاب الوَدَاعِيّ قبل أن يذهب إلى الآلام:
"الحقّ الحقّ أقول لكم، إنَّكم ستَبْكُون وتنوحُون والعالمُ يفرَحُ، أنتم ستحزَنُونَ ولكنَّ حزنَكُم يتحوَّلُ إلى فرح" (يوحنَّا 16: 30).
هنا السِّرُّ الكبير، هنا فِعْلُ النِّعمة الإلهيّة السِّرِّيّ العامِل في قلبِ كلِّ مسيحيٍّ مُلْتَزِمٍ في حياته في المسيح: إنَّه سِرُّ مشاركتنا في آلام المسيح وموته وقيامته. هذا ما تسميِّه الكنيسة الأرثوذكسية الحُزْنُ البَهِيُّ (Charmolypi).
في كنيستنا، لا ندعو الأسبوع الأخير من الصّوم "الجُمعة الحَزِينَة"، بل ندعوه الأسبوع العظيم أو أسبوع الآلام، فيه يختلط الألم مع الفرح.
في أحد الشَّعانين، تحتفل الكنيسة بدخول المسيح إلى الآلام بفرحٍ عظيم. نشيد النَّصر هو نفسه نشيد الآلام الَّتي بها يدخل يسوع إلى أورشليم العُلْوِيَّة ويُدْخِلُنَا معه.
فَلْنَصِرْ، أيُّها الأحِبَّاء، كهؤلاء الأطفال الَّذين خرجوا للقاء المسيح وهم يصرخون قائلين: "هُوشَعْنَا (أي خَلِّصْنَا) مُبَارَكٌ الآتي باسم الرّبّ".
تَذَكَّرُوا كيف تعجَّبَ الكهنة اليهود والكتبة من كلّ هذا، وكيف أجابهم يسوع بقوله:
"نعم، أما قرأتم قَطّ إنَّه من أفواه الأطفال والرُّضَّع أَصْلَحْتَ تسبيحًا" (متّى 21: 16).
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريَّة الشَّعَانِين باللَّحن الأوَّل
أيُّها المسيحُ الإله، لـمَّا أقَمْتَ لعازَرَ مِنْ بينِ الأمواتِ قَبْلَ آلامِكَ، حَقَّقْتَ القِيامَةَ العامَّة. لذلِكَ، وَنَحْنُ كالأطفالِ نَحْمِلُ علاماتِ الغَلَبَةِ والظَّفَرِ صارِخِينَ نحوكَ، يا غالِبَ الموت: أوصَنَّا في الأعالي، مُبارَكٌ الآتي باسمِ الرَّبّ.
قنداق أحد الشَّعَانِين باللَّحن السَّادِس
يَا مَنْ هُوَ جَالِسٌ على العَرْشِ في السَّماء، وراكِبٌ جَحْشًا على الأرض، تَقَبَّلْ تَسابيحَ الملائِكَةِ وتماجِيدَ الأطفال، هاتِفينَ إليكَ أَيُّها المسيحُ الإله، مبارَكٌ أنتَ الآتي، لِتُعِيدَ آدَمَ ثانِيَةً.
الرِّسَالَة
فيليبِّي 4: 4-9
مُبَارَكٌ الآتِي باسْمِ الرَّبّ
اِعْتَرِفُوا للرَّبِّ فإنَّهُ صالِحٌ وإنَّ إِلى الأبَدِ رَحْمَتَهُ
يا إخوةُ، اِفرَحُوا في الرَّبِّ كلَّ حينٍ وأَقولُ أيضًا افرَحُوا، وليَظْهَرْ حِلْمُكُم لجميعِ النَّاسِ فإنَّ الرَّبَّ قَرِيبٌ. لا تَهْتَمُّوا البَتَّةَ بَلْ في كلِّ شيءٍ فلتَكُنْ طَلِبَاتِكُم مَعْلُومَةً لدى اللهِ بالصَّلاةِ والتَّضَرُّعِ مع الشُّكْرِ. وليَحْفَظْ سلامُ اللهِ الَّذي يَفُوقُ كُلَّ عقلٍ قلوبَكُم وبصائِـرَكُم في يسوعَ المسيح. وبَعْدُ، أَيُّها الإخوةُ، مهما يَكُنْ مِنْ حَقٍّ ومهما يَكُنْ من عَفَافٍ، ومهما يَكُنْ من عَدْلٍ، ومهما يَكُنْ من طَهَارَةٍ، ومهما يَكُنْ من صِفَةٍ مُحَبَّبَةٍ، ومهما يَكُنْ من حُسْنِ صيتٍ، إِنْ تَكُنْ فَضِيلَةٌ، وإِنْ يَكُنْ مَدْحٌ، ففي هذه افتَكِرُوا. وما تَعَلَّمْتُمُوهُ وتَسَلَّمْتُمُوهُ وسَمِعْتُمُوهُ ورَأَيْتُمُوهُ فِيَّ فَبِهَذا اعْمَلُوا. وإِلَهُ السَّلامِ يكونُ معكُم.
الإنجيل
يو 12: 1-18
قبلَ الفصحِ بستَّةِ أيَّامٍ، أَتَى يسوعُ إلى بيتَ عَنْيَا حيثُ كانَ لَعَازَرُ الَّذي ماتَ فأَقَامَهُ يسوعُ من بينِ الأموات. فصَنَعُوا لهُ هناكَ عشاءً، وكانت مرتا تخدِمُ وكان لَعَازَرُ أَحَدَ الـمُتَّكِئِينَ معه. أَمَّا مريمُ فَأَخَذَتْ رَطْلَ طيبٍ من نارَدِينٍ خالِصٍ كثيرِ الثَّمَنِ ودَهنَتْ قَدَمَيْ يسوعَ ومَسَحَتْ قدمَيْهِ بشعرِها، فامْتَلأَ البيتُ من رائِحَةِ الطِّيب. فقالَ أَحَدُ تلاميذِه،
وهو يهوذا بن سمعان الإسخريوطيُّ، الَّذي كانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسْلِمَهُ: لِمَ لَمْ يُبَعْ هذا الطِّيبُ بثلاثِمئةِ دينارٍ ويُعْطَ للمَساكين. وإنَّما قالَ هذا لا اهتمامًا منهُ بالمساكينِ بل لأنَّهُ كانَ سارِقًا، وكانَ الصُّنْدُوقُ عِندَهُ، وكانَ يحمِلُ ما يُلْقَى فيه. فقالَ يسوعُ: دَعْهَا، إنَّما حَفِظَتْهُ ليومِ دَفْنِي. فإنَّ المساكينَ هم عندَكُمْ في كلِّ حينٍ وأمَّا أنا فلستُ عندَكُمْ في كلِّ حين. وعَلِمَ جمعٌ كثيرٌ من اليَهُودِ أنَّ يسوعَ هناكَ فجاؤوا، لا مِنْ أَجْلِ يسوعَ فقط، بل لِيَنْظُرُوا، أيضًا، لَعَازَرَ الَّذي أقامَهُ من بينِ الأموات. فَأْتَمَرَ رُؤَسَاءُ الكَهَنَةِ أنْ يَقْتُلُوا لَعَازَرَ أيضًا، لأنَّ كثيرين من اليهودِ كانوا بسبَبِهِ يذهبونَ فيؤمِنُونَ بيسوع. وفي الغَدِ لـمَّا سَمِعَ الجَمْعُ الكثيرُ، الَّذينَ جاؤوا إلى العيدِ، بأنَّ يسوعَ آتٍ إلى أورشليمَ، أَخَذُوا سَعَفَ النَّخْلِ وخرَجُوا للقائِهِ وهم يصرُخُونَ قائِلِينَ: هُوشَعْنَا، مُبَارَكٌ الآتي باسمِ الرِّبِّ ملكُ إسرائيل. وإِنَّ يسوعَ وَجَدَ جَحْشًا فَرَكِبَهُ كما هوَ مَكتوبٌ: لا تخافي يا ابنةَ صِهْيَوْن، ها إِنَّ مَلِكَكِ يأتيكِ راكِبًا على جحشٍ ابنِ أَتان. وهذه الأشياءُ لم يَفْهَمْهَا تلامِيذُهُ أوَّلًا، ولكن، لـمَّا مُجِّدَ يسوعُ حينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أنَّ هذهِ إنَّما كُتِبَتْ عنهُ، وأنَّهُمْ عَمِلُوها لهُ. وكانَ الجمعُ الَّذينَ كانوا معهُ حين نادَى لَعَازَرَ من القبرِ وأقامَهُ من بين الأمواتِ يَشْهَدُونَ لهُ. ومن أجلِ هذا استقبَلَهُ الجَمْعُ لأنَّهُم سَمِعُوا بأنَّهُ قد صَنَعَ هذهِ الآيَة.
في الإنجيل
عند مدخل "أور _ شليم"، وهي كلمة عِبْرِيَّة تعني "مدينة السَّلام"، سَنَقِفُ اليوم لنعاين المشهد الحاصِل. الرّبّ يدخل المدينة مُحاطًا بالجموع آتِيًا "وديعًا راكِبًا على جحشٍ ابن أتان" (متَّى 21: 5).
لقد كان من عادة الملوك والأباطرة، في تلك الأيام، أن يدخُلُوا إلى المدن وهم يمتطون الأحصنة بأُبَّهَة وجلال، أمَّا ملك المجد فدخل المدينة المقدَّسَة وديعًا متواضعًا على جحش وليس على حصان. دخولٌ خَفِرٌ يحتفِلُ به بسطاء الشَّعب، لا وجود للجنود والحراسة، ولا طبول أو موسيقى صاخِبَة، لا مسؤولين ولا وُجَهَاء.
كان تصرُّفه غريبًا عن منطق أهل الدُّنيا وأهل السُّلْطَة، وكيف لا؟!... فهو إله الكون وخالق العالم، إنَّه ليس من هذا العالم، عالم الغرور والمظاهِر، بل من عالم الألوهة، عالم النَّقاوة والقلب الطَّاهِر.
تصرَّفَ بجرأةٍ وشجاعةٍ، فَكَسَرَ السَّلاسِلَ وحطَّم القيود، قيودَ العادات الاجتماعيَّة السَّائِدَة، وتجاوَزَ المظاهِر. قَلَبَ المفاهيم رأسًا على عَقِب، فجعلَ السُّلطة خدمةً، وأقصى عنها التَّسَلُّط، وبدَّلَ الأُبَّهَةَ ببهاءِ البساطة والتَّواضع.
لكنَّ رؤساء الكهنة والكتبة غضبوا ولم يفهموا، ونحن، إلى اليوم، لم نفهم بساطة وتواضع إلهنا، وأحيانًا كثيرة لا نفهم بساطة وتواضع رعاتنا، عندما يمنحنا الرّبّ رعاةً يتشبَّهُون به. نتمسَّكُ بالغنى والسُّلطة والتَّسَلُّط، وبالأُبَّهَة والعَظَمَة، ظانِّين أنّنا هكذا نربح العالم، ولا ندري أنّنا هكذا نفقد سلامنا الدّاخِليّ ونخسرُ نفوسنا والعالم. لماذا لا نعيش البساطة والقناعة في بيوتنا؟!، لماذا لا تظهر البساطة في مقتنياتنا ولباسنا؟!، لماذا تغيبُ الوداعة عن تصرُّفاتنا؟!، والفرحُ قلَّما يراه النّاس على وجوهنا؟!...
لن يفيدنا دخول المسيح إلى أورشليم، ما لم نُدْخِلْه إلى حياتنا، ونسمحَ له أن يَنْحَتَ شخصيَّتَنا من جديد، ويلاشِيَ وثَنِيَّــــتَنَا المُقَنَّعَة. لن يفيدنا حَمْلُ الشُّموع، ولا أغصان الزّيتون، ولا الهتاف، ما لم نسلك كما سَلَكَ هو، ونَعِشْ بساطة المسيح في حياتنا، مخالِفِين أهل العالم في قناعاتهم وتصرُّفاتهم. حتَّى الكنيسة، في مطارح كثيرة، تُسَايِرُ أهل العالم في مَنْطِقِهِم وتصرُّفاتِهِم، وتسلك وِفْقَ بروتوكول هذا الدَّهر التَّافِه، إذ تُحِبُّ أن تتسربَلَ بالأُبَّهَةِ والعَظَمَة، وأن "تتقدَّم في الكرامة وتتصدَّر في الرِّئاسة"، فتبدو غريبةً عن تعاليم وسلوكِ مسيحها، غير مُدْرِكَةٍ أنَّ الكرامةَ الأعظم هي كرامة ُغَسْلِ الأَرْجُل، وخدمة الإخوة، وعفويَّة العلاقة.
عند مدخل أرشليم نقف اليوم مع المسيح الرَّاكب على جحشٍ، لا لنتأمَّلَ المشهدَ فقط، بل لنسلك كما سلك هو عكس تيَّار هذا الدَّهر الباطِل، بتواضعٍ ووداعةٍ وعَفَوِيَّةٍ وقناعةٍ وبساطةِ عيشٍ. وَلْنَنْتَبِهْ!، ما لم يحصل هذا التَّغَيُّر الجذرِيّ في حياتنا وسلوكنا، فإنَّ صراخنا الأحد القادم "المسيح قام!" لن يكون له قيمة، ولن يُصَدِّقَ النّاسُ الخبرَ المُفْرِح، ما لم يرَوا قيامة المسيح حاصِلَةً فينا، إذ ذاك فقط يُجيبونَنَا مُقْتَنِعِين "حقًّا قام!".
أضواءٌ على صلاة الخَتَنِ الأُولى:
يسوعُ عَرِيسُ النَّفْسِ
لقد جرت العادة في كنائسنا الرّوميّة أن تُقامَ عشيّةَ أحدِ الشَّعانينِ صلاة "الخَتَنِ"، وهي صلاةُ سحرِ الإثنينِ العظيمِ المقدَّسِ؛ مَطلَعُ سَبَّةُ آلامِ المسيحِ الخلاصيّة. الخَتَنُ كلمةٌ معناها في العربيّةِ "الصِّهْرُ"، كما أنّها ترجمةٌ للكلمةِ اليونانيّةِ νυμφίος الَّتي تعني "العريس".
من ترنيمةِ الابتداء، أو الطروباريّة، "ها هوذا الختنُ يأتي في نصف اللَّيل" يَسْتَشِفُّ المَرْءُ أنَّ الصَّلاةَ مستوحاةٌ من مَثَلَيْنِ ضربهما المسيحُ في الكتابِ المقدَّس. فالأوَّلُ، هو مَثَلُ العبدِ الأمينِ الَّذي يعملُ دائمًا حتَّى مجيءِ سيَّده، والعبدِ البَطَّالِ الَّذي يتخاذَلُ في العمل إذ يعتقد أنَّ سيِّدَهُ سيتأخّر في المجيءِ، فيستسلِم لكلِّ أنواعِ الفِسْقِ والفُجُورِ والهُمُودُ النَّفْسِيّ، حتَّى يأتي السّيّدُ بغتةً فيجازيهِ (مت 24: 45-51). أَمّا الثّاني، فهو مثلُ الخمسِ عذارى الجاهلات اللواتي لم تَكُنَّ جَاهِزَاتٍ لاستقبالِ العريس، فطُرِحْنَ خارِجًا (مت 25: 1-13). هكذا، تحثُّ الطُّروباريّة المُصَلّي على المُثَابَرَة والمحافظة والسَّهَر على جهوزيَّة النَّفس، كيما تلبث مستحِقَّةً ملكوت المسيحِ.
موضوعُ الصَّلاةِ الأساسيِّ، إذن، هو نحنُ، النَّفْسُ البشريَّةُ وخلاصها، إذ نقول "يُطْلِعُ هذا اليوم الآلامَ الوَقُورة، كأنوارٍ خلاصٍ تُضيءُ للعالَم، لأنَّ فيهِ يُقْبِلُ المسيحُ ليتأَلَّمَ ... لخلاص الإنسان" (من الكاثسما الأولى). فهذا العريسُ هو المسيحُ الّذي يأخذُ جسدًا ليتألَّمَ مُنْهِضًا النَّفْسَ من سقطتها الأولى: "إنّي أنا الخالقَ الغَنِيَّ باللَّاهوت، جئتُ بنفسي كي أَخدِمَ آدمَ الفقير، مَن لبستُ صورتَهُ مُختَارًا وأبذُلَ نفسِيَ عنهُ فِدًى..." (من ذكصا الأودية الأولى). من هنا تُرَكِّزُ نصوص الخدمةِ، هذه، على حدثٍ أساسِيٍّ حصل في العهد القديم وما يزالُ الإنسانُ يحصدُ نتائجه السَّلبيّة، ألا وهو معصيةُ آدمَ وحوَّاءَ وصيّةَ اللهِ وسقطتهما من الحضن الأبويّ. فالمسيحُ أتى ليتألَّمَ لكي يُنْهِضَ الإنسانَ من السَّقْطَةِ الأُولى: "فبآلامِكَ قضيتَ على قضيَّتِنا" (من الكاثسما الثّانية).
فكلّ عمل الخَتَنِ الخلاصِيّ، هذا، لا يوحي أبدًا بالحُزن، لكنَّ النَّفس البشريَّة ترى آلامَ المسيحِ عيدًا لها: "إنَّ يومنا هذا يقدِّمُ ببهاءٍ أَوالي آلامِ الرّبّ، فهَيَّا، مُحِبِّي الأعيادِ لِنَسْتَقْبِلْهُ بالأناشيد" (من مطلع الكاثسما الثَّالثة)، إذ بآلامه يُجَهِّزُ السَّيّدُ المكانَ المناسِبَ للنَّفسِ لكي تتَّحِدَ به. وهذه الأخيرةُ، إذ تُعاينُ كلَّ ذلكَ، تَدخُلُ في حالةِ الحُزنِ الّذي يقودُ إلى فرحها، لأنّها تَعِي عدم استحقاقها لتقترنَ بالمسيحِ عريسِها بسبب قذارتها، ولكنَّها لا تفقدُ الأملَ أبدًا بأنَّهُ بموته سيجَدِّدُها ويجعلُ منها عروسًا منيرةً مُستحقَّةً لمجده. فتهتفَ النّفس: "إنَّني أُشاهِدُ خدرَكَ مُزيَّنًا يا مُخلِّصِي ولستُ أَمْتَلِكُ لباسًا للدُّخولِ إليهِ، فأَبْهِجْ حُلّةَ نفسي يا مانِحَ النُّورِ وخلِّصْني" (الإكسابوستيلاري). من خلالِ هذة التّرنيمة، يُذَكِّرُ كاتبُ التَّسابيح أنَّ لا شيءَ صالِحٌ يخرجُ من الإنسان، وأنَّ كلَّ ما يعمَلُ إنَّما هو سيَّءٌ بسبب ما وَرِثَهُ من البُعْدِ عن الله. إنّه يدعو الإنسانَ إلى التَّبَصُّرِ في أعماقِ النَّفْسِ ومُعاينة عدمِ استحقاقِها ومَرَضِها، ويوجِّهُ ناظِرَي النَّفسِ إلى موضوع السَّهَر الَّذي يَرِدُ في البدءِ "فانظُرِي يا نفسي ألّا تستغرِقي في النَّوم"، أي إلى الحيّةِ النّحاسيةِ (عدد 21: 8)، الَّتي تمثِّل المسيحِ، الَّذي سيشفيها من سُمِّ الأفعى الّتي غشَّت الجَدَّيْن الأَوَّلَيْنِ في الفردوس، أي من تملُّقَات إبليس، ويجهِّزها عروسًا لائقةً بخدره.
ترنيمة "إفرحي يا بيت عنيا"
إفرحي يا بيتَ عَنْيَا نحوَكِ وافَى الإله
مَنْ بِهِ الأمواتُ تَحْيَا كيفَ لا وهوَ الحياة (2)
إنَّ مرتا استَقْبَلَتْهُ ببكاءٍ وعَوِيل
وَشَكَتْ لمَّا رَأَتْهُ شِدَّةَ الحُزْنِ الطَّويل (2)
قالَ كُفِّي عن بُكَاكِ وَدَعِي هذا النَّحِيب
واعْلَمِي أنَّ أَخَاكِ سوف يحيَا عن قَرِيب (2)
ثُمَّ نَحْوَ اللَّحْدِ بَادَرْ ذلكَ الفادِي الأَمِين
حَيْثُمَا نادَى لعازَر إِنْهَضَنّ يا ذَا الدَّفِين (2)
أيُّها الأُخْتَانِ هَيَّا وانْظُرَا الأمرَ العَجِيب
قامَ مَنْ في اللَّحْدِ حَيَّا فاشْكُرَا الفادِي الحَبِيب (2)
لَكَ يَا رَبَّ البَرَايَا نحنُ نجثُو بخُشُوع
إنَّنَا مَوْتَى الخَطَايَا بِكَ نحيَا يا يَسُوع (2)
أخبـــارنــــا
برنامج صلوات الإسبوع العظيم المقدَّس لسيادة راعي الأبرشيَّة
* الأحد: صلاة الخَتَن الأُولى في كنيسة مار ميخائيل – مركبتا، عند السَّاعة السَّادِسَة مساءً.
* الإثنين: القدَّاس البروجيزماني في دير القدِّيس جاورجيوس الكفر – أميون، عند السَّاعة 10.00 صباحًا. ثمّ صلاة الختن الثَّانية في كنيسة تجلِّي الرّبّ – شكّا، عند السّاعة الخامسة والنّصف مساءً.
* الثّلاثاء: القدَّاس البروجيزماني في دير رقاد السَّيِّدة – بكفتين، عند السّاعة العاشرة صباحًا. ثمّ صلاة الختن الثّالثة في كنيسة القديّس يعقوب أخي الرّبّ – كفرحزير، عند السّاعة 6.00 مساءً.
* الأربعاء: القدَّاس البروجيزماني عند السّاعة العاشرة صباحًا في دير الشَّفيعة الحارَّة- بدبَّا. ثم صلاة تقديس الزَّيت في رعيَّة مار جرجس – كفرحبو، عند السّاعة الخامسة مساءً.
* الخميس: غسل الموائد وقدّاس القدّيس باسيليوس الكبير في كنيسة القدِّيس جاورجيوس- أنفه، عند السّاعة الثّامنة صباحًا. ثمَّ خدمة الآلام في كاتدرائيَّة القيامة – كفرعقا، عند السّاعة الخامسة مساءً.
* الجمعة: السَّاعات الملوكيَّة وإنزال المصلوب في دير القدّيس يعقوب الفارسيّ المُقَطَّع – دده، عند السّاعة الثّامنة صباحًا. ثمّ خدمة جنَّاز المسيح في كنيسة مار جرجس - أميون غربي، عند السّاعة الخامسة مساءً.
* سبت النُّور: قدَّاس سبت النُّور عند السّاعة العاشِرَة صباحًا، في كنيسة القدّيس جاورجيوس – الميناء.
* أحد الفصح المقدَّس: قدَّاس العيد في كاتدرائيَّة القدِّيس جاورجيوس- طرابلس، عند السّاعة الخامسة صباحًا (الهجمة)، ثم صلاة السَّحَر فالقدَّاس الإلهيّ.
* إثنين الباعوث: سواعي الفصح والقدَّاس الإلهيّ في دير سيِّدة البلمند البطريركيّ، عند السَّاعة الثَّامنة والنّصف صباحًا.
* ثلاثاء الباعوث: القدَّاس الإلهيّ في كنيسة النّبيّ الياس- الميناء، عند السّاعة الثّامنة والنّصف صباحًا.
* الجمعة: قدّاس عيد الينبوع الحيّ في كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس – الميناء، عند السّاعة الثّامنة صباحًا.
معرض الكتاب والأيقونة في دير سيِّدة البلمند البطريركيّ
يدعوكم دير سيِّدة البلمند البطريركيّ إلى زيارة معرض الكتاب والأيقونة الَّذي يُفتَتَحُ في أحد الشَّعانين، الواقع فيه 5 نيسان 2015، ويستمرُّ حتَّى أحد توما في 19 نيسان 2015. يضمُّ المعرض أيقونات وشمع وزينة عيد الفصح، بالإضافة إلى الكتب الدّينية واللّاهوتيّة وبَدَلات كهنوتيّة.
إصدار: CD
* صدر CD تسجيل حيّ لخدمة "القدّاس الإلهيّ باللَّحن الأوّل"، برئاسة المثلَّثُ الرّحمة المتروبوليت إلياس (قربان)، يعاونه قدس المتقدِّم في الكهنة الأب غريغوريوس (موسى)، وخَدَمَتْهُ جوقاتُ التَّرتيل الكنسيّ في الميناء، برئاسة المغفور له الأستاذ متري كوتيَّا. يحمل هذا القرص المُدْمَج الرّقم 18. وهو من مجموعة أنطوان ن. بيطار. يُطْلَبُ من دار المطرانيَّة، أو من على البنكاري في الرّعايا.