الأحد 26 نيسان 2015
26 نيسان 2015
الأحد 26 نيسان 2015
العدد 17
أحد حاملات الطِّيب
اللَّحن الثَّاني الإيوثينا الرَّابِعَة
* 27: الشَّهيد في الكهنة سمعان نسيب الرَّبّ. * 28: التّسعة المستشهدون في كيزيكوس. * 29: الرَّسولان ياسنوس وسُوسِيبَاترس ورفقتهما. * 30: الرَّسول يعقوب أخو يوحنَّا الثاولوغوس. * 1: النّبيّ إرمياء، البارّة إيسيذورة. * 2: نقل جسد القدِّيس أثناسيوس الكبير. *
مريم المجدليَّة
"المعادِلَة للرُّسل" هي مِن أَوَّل الشُّهود الَّذين خَبَّرُوا عن قيامة الرَّبّ يسوع من بين الأموات، ومِنْ أَشْهَرِ النِّسْوَة حاملاتِ الطِّيب الّتي بَقِيَتْ مع المسيح أثناء الصَّلب وحتَّى بعده. هي "رسولة الرُّسل". نعيِّدُ لها مُنْفَرِدَة في 22 تمُّوز.
يبدو من اسمها أَنَّها من مَجْدَل على شاطئ بحيرة طَبَرَيَّا. يَذْكُرُ إِنجيل لوقا أَنَّ الرَّبَّ أَخْرَجَ منها "سبعة شياطين" (لوقا 8: 2)، هذا لا يعني أنّها، بالضَّرورة، امرأة زانِيَة. يكتفي لوقا الإنجيليّ بذكرها مع النِّساء اللّواتي كُنَّ قد "شُفِينَ من أرواح شرّيرة وأمراض" (لوقا 8: 2). ربّما كانت تعاني من مرض نفسيٍّ أو روحيٍّ. الشّفاء غير الغفران.
ليست،إذًا، بالضَّرورة الامرأة الخاطئة والزَّانية الّتي يتكلّم عنها لوقا في الإصحاح 7، والّتي قال عنها "غُفِرَتْ خطاياها الكثيرة لأنَّها أَحَبَّتْ كثيرًا" (لوقا 7: 47).
وَرَدَ في التَّقليد أنّها بَشَّرَت بالإنجيل في فرنسا (بلاد الغَال)، ثمَّ انتقَلَتْ إلى بلاد أُخْرَى، وأَنْهَتْ حياتَها في أَفَسُس. يدها اليُمْنَى هي في دير سيمونوبتراSimono Petra في جبل آثوس (الجبل المقدّس)، تخرًج منها رائحة عَطِرَة.
تُعَيِّدُ لها الكنيسة أيضًا في الأحد الثَّاني من الفصح مع النِّسوة حاملات الطِّيب. يقول متَّى: "كان هناك كثير من النِّساء (حين الصَّلْب) ينظُرْنَ عن بُعْدٍ، وهن اللَّواتي تَبِعْنَ يسوع من الجليل ليخدمْنَهُ، منهُنَّ مريم المجدليّة ومريم أمُّ يعقوب ويوسف وأمُّ ابني زَبَدى" (متَّى 27: 55 - 56).
ينقل لنا يوحنَّا الإنجيليّ حوارها مع المسيح القائم: "فجاءت مريم المجدليّة وأَخْبَرَتِ التَّلاميذ بأن قد رأيتُ الرّبّ وبأنّه قال هذا (إنّه "صاعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم") (راجع، يوحنَّا 20: 11 - 18). الجدير بالذِّكر، أنَّ المجتمع اليهوديّ كان مجتَمَعًا ذُكُورِيًّا معروفًا بِتَزَمُّتِه وانغلاقه، يتعامل مع المرأة بفوقِيَّة ولا قيمة قانونيَّة لشهادتها.
مع ذلك، تصرَّف الرّبّ يسوع مع النّسوة اللّواتي رافَقْنَهُ، بصورةٍ مخالِفَةٍ وجَعَلَهُنَّ شاهدات على قيامته. أمّا هُنَّ فَكُنَّ يَبْذُلْنَ ما في وِسْعِهِنَّ في سبيل البشارة، وحتَّى الدَّفْع من أموالهنّ.
هنا شهادة عن تصرّف يسوع الجديد تجاه المرأة في عصره، كما فعل مع المرأة السَّامريَّة الّتي استغرَبَتْ كيف يتوجَّهُ يسوع بالحديث إليها.
تبقى مريم المجدليَّة، في وِجْدَانِ الكنيسة، شفيعة كبيرة تركَتْ كلّ شيء محبَّة بالرَّبّ يسوع حتَّى الأخير، وبشَّرَتْ بقيامته شاهِدَة شهادة أدَّتْهَا في سبيل انتشار الإيمان إلى أقاصي المسكونة.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
|
طروباريَّة القيامة باللَّحن الثَّاني
عندما انْحَدَرْتَ إلى الموت، أَيُّها الحياةُ الَّذي لا يموت، حينئذٍ أَمَتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتِك. وعندما أَقَمْتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى، صرخَ نحوكَ جميعُ القُوَّاتِ السَّماويِّين: أيُّها المسيحُ الإله، مُعْطِي الحياةِ، المجدُ لك.
القنداق باللَّحن الثَّامِن
وَلَئِنْ كُنْتَ نَزَلْتَ إلى قبرٍ يا مَن لا يموت، إلَّا أَنَّك دَرَسْتَ قوَّة الجحيم، وقُمْتَ غالِبًا أيُّها المسيحُ الإله، وللنِّسْوَةِ حامِلاتِ الطِّيبِ قُلْتَ افْرَحْنَ، ولِرُسُلِكَ وَهَبْتَ السَّلام، يا مانِحَ الوَاقِعِينَ القِيَام.
الرِّسَالَة
أع 6: 1-7
قُوَّتي وتَسْبِحَتِي الرَّبُّ أَدَبًا أَدَّبَني الرَّبُّ
وإلى الموتِ لَمْ يُسْلِمْنِي
في تلك الأيّام، لمَّا تكاثَرَ التَّلاميذ، حَدَثَ تَذَمُّرٌ من اليونانيّين على العبرانيّين بأنّ أرامِلَهُمُ كُنَّ يُهْمَلْنَ في الخدمة اليوميَّة. فدعا الإثنَا عَشَرَ جُمهورَ التَّلاميذِ وقالوا: لا يَحسُنُ أنْ نَتْرُكَ نحنُ كلمةَ اللهِ ونخدُمَ الموائِد، فانْتَخِبُوا أيُّها الإخوةُ منكم سبعةَ رجالٍ مَشْهُودٍ لهم بالفَضْلِ، مُمْتَلِئِينَ من الرُّوحِ القُدُسِ والحكمَة، فنُقِيمَهُم على هذه الحاجة، ونواظِبَ نحن على الصَّلاة وخدمةِ الكلمة. فحَسُنَ الكلامُ لدى جميع الجمهور، فاختاروا استفَانُسَ رجلًا مُمْتَلِئًا من الإيمان والرُّوحِ القُدُس، وفيلبُّسَ وَبْرُوخُورُسَ ونِيكَانورَ وتِيمُنَ وبَرمِنَاسَ ونيقولاوسَ دخيلًا أنطاكيًّا. وأقاموهم أمام الرُّسُلِ، فَصَلَّوا ووضَعُوا عليهم الأيْدِي. وكانت كلمةُ اللهِ تنمُو وعدَدُ التَّلاميذِ يتكاثَرُ في أورشليمَ جدًّا. وكانَ جمعٌ كثيرٌ من الكهنةِ يُطِيعُونَ الإيمان.
الإنجيل
مر 15: 43-47، 16: 1-8
في ذلكَ الزَّمان، جاءَ يوسُفُ الَّذي من الرَّامة، مُشِيرٌ تَقِيٌّ، وكانَ هو أيضًا مُنْتَظِرًا ملكوتَ الله. فاجْتَرَأَ ودخلَ على بيلاطسَ وطلبَ جسدَ يسوع. فاستَغْرَبَ بيلاطُسُ أنَّه قد ماتَ هكذا سريعًا، واسْتَدْعَى قائدَ المئةِ وسأَلَهُ: هل له زمانٌ قد مات؟ ولمّا عَرَفَ من القائِد، وَهَبَ الجَسَدَ ليوسُف. فاشتَرَى كَتَّانًا وأَنْزَلَهُ ولَفَّهُ في الكَتَّان، ووضَعَهُ في قبرٍ كانَ منحوتًا في صخرةٍ، ودَحْرَجَ حجرًا على بابِ القبر. وكانَتْ مريمُ المجدلِيَّةُ ومريمُ أمُّ يوسي تَنْظُرَانِ أَيْنَ وُضِعَ. ولمّا انْقَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مريمُ المجدليَّةُ ومريمُ أمُّ يعقوبَ وسالُومَةُ حَنُوطًا ليَأْتِينَ ويَدْهَنَّهُ. وبَكَّرْنَ جدًّا في أَوَّل الأسبوع وأَتَيْنَ القَبْرَ وقَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وكُنَّ يَقُلنَ في ما بينهُنَّ: مَنْ يُدَحْرِجُ لنا الحَجَرَ عن باب القبر؟ فَتَطَلَّعْنَ فَرَأَيْنَ الحَجَرَ قد دُحْرِجَ لأنَّه كانَ عظيمًا جدًّا. فلمَّا دَخَلْنَ القَبْرَ رَأَيْنَ شابًّا جالِسًا عن اليمينِ لابِسًا حُلَّةً بيضاءَ فانْذَهَلْنَ. فقالَ لَهُنَّ: لا تَنْذَهِلْنَ. أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يسوعَ النَّاصِرِيَّ المَصْلُوب. قد قام. ليس هو هَهُنَا. هوذا الموضِعُ الَّذي وَضَعُوهُ فيه. فاذْهَبْنَ وقُلْنَ لتلاميذِﮦ ولبُطْرُسَ إنَّهُ يَسْبِقُكُم إلى الجليل، هناك تَروْنَهُ كما قالَ لكم. فَخَرَجْنَ سريعًا وفَرَرْنَ من القبرِ وقد أَخَذَتْهُنَّ الرِّعْدَةُ والدَّهَش. ولم يَقُلْنَ لأَحَدٍ شيئًا، لأَنَّهُنَ كُنَّ خائِفَاتٍ.
ما الموت إلَّا نقطة في بحر الحياة
تستعيدُ الكنيسةُ، في الأحد الثَّاني بعد الفصح، ذِكْرَى صَلْبِ يسوع وإنزال جسده عن الصَّليب ودفنه. في غمرة التَّعييد للقيامة، في خِضَمِّ الفرحِ بانبعاثِ الحياةِ من القبر، في وسط الابتهاج بالغَلَبَة على الموت، ينتصِبُ الصَّليب، من جديد، أمامنا، ونستذكِرُ موتَ المخلِّص، وكلَّ من أدّى التّكريم لجسده المائت: يوسفَ ونيقوديمس، والنّسوةَ الحاملات الطّيب. لا تنسى الكنيسة هؤلاء، بل تُكَرِّم فِعْلَهُم، حين تُنْشِدُ المراثي البهيَّة، في تجنيز الإله الرَّاقِد. فَكَمْ من ترنيمةٍ من الرَّوائِعِ تَفِيضُ اسْتِشْعَارًا لمشاعر يوسف حين يُكَفِّنُ "المُتَرَدِّي النُّورَ كالسِّرْبَال"، ذاك "الغريب" الّذي طلب من بيلاطس جسده، وكان متروكًا على الصَّليب، إذ لم يجرؤ أحد على الانتسابِ إليه، أو الجَهْرِ بأيّ علاقة به!. وكم من نشيد جنائزيّ يَمْدَحُ عزم حاملات الطّيب، وقد بكَّرْنَ في أوّل الأسبوع، فأَتَيْنَ القبرَ ليطيِّبْنَ جسدَ المعلِّم الحبيب، الّذي دُفِنَ على عَجَل، فكُنَّ أوَّل من تلقّى بشارة القيامة، فيما كان التّلاميذ الأحد عشر وسائر الأتباع ما زالوا يَسْتَتِرُون خوفًا من صالِبِي معلّمهم.
لا تكتفي الكنيسة بهذا، بل تُعِيدُنَا إلى أجواء موت المسيح، ونحن في أوج التّعييد لقيامته. ينكشف للمتأمِّل في هذا التَّرتيب أمران، تجدر الإشارة إليهما اليوم. أوّلهما، أنّ الموت ليس أكثر من نقطة في بحر القيامة. الموت جزء من الحياة. إّنه ليس نهايتها. وهذا لا ينطبق، فقط، على المسيح، الّذي لم تنته حياته بالموت، بل كان موته الدَّرْب المؤدِّي إلى القيامة. المسيح، بقيامته، كسر شوكة الموت، وأنهى ديمومته، وجعل منه فاصِلًا بين حياتَيْن، حياة قبل الموت، تنقطع به، وحياة أبديَّة، تبدأ من بعده، ليس للموت عليها من سلطان. بقيامة المسيح صار الموت مُطَوَّقًا بالحياة. كلّ من يؤمن بفعل القيامة هذا، ويحيا معموديّته اشتراكًا يوميًّا في صليب الرّبّ، وموته وقيامته، يحصل على قوّة القيامة هذه، الّتي تجعل من الموت جزءًا من الحياة، فقط لا غير. نحن نموت، كما نأكل ونشرب، ننام ونستيقظ، نتعب ونرتاح. كذلك نموت ونحيا، وحياتنا المعطاة لنا بعد الموت لا وجود للموت فيها، أبدًا. من يؤمن بهذا، لا يخشى الموت، ولا أشكاله المتعدِّدَة، ولا عواقبه. يصبح الموت لديه نقطة في بحر الحياة الّتي منحنا إيّاها المسيح بقيامته.
أمّا الأمر الآخَر الّذي يلفت النّظر في السّياق الرّاهِن، فهو أنّ إبراز حدث القيامة، بكلّ مفاعيله، لا يتمّ بالتّركيز على الحدث عينه، وحسب، بل، أيضًا، في الوقت نفسه، بالإضاءة على أشخاص عاشوا هذا الحدث وشهدوا له. وهذا ما يحصل في آحاد الفترة الفصحيّة كلّها. فها هو توما الرّسول يشهد بربوبيّة السّيّد وألوهيّته، من بعد أن تأكّد من حقيقة القيامة. والمُعَاق (وهذا معنى المُخَلَّع) منذ عقود يشهد، بجسده المُنْهَض، لقوّة الرّبّ القياميّة. والسّامريّة، المُخْرَجَة من ظلام الجهل بالله، تلامِسُ أعماق اللّاهوت عند حافّة البئر. والأعمى منذ مولده يرى الإله المانح النّور ببصيرة الإيمان وبصر العينين، معًا. وفي الأحداث الثّلاثة الأخيرة حضورُ الماء رمزٌ للولادة الجديدة في المسيح، وقد حَصَلَتْ للمعتمِدِين عشيَّة أحد الفصح، كما كانت الممارسة في الكنيسة، قديمًا. غير أنّ العنصر الأشمل من الماء، في هذه الحوادث كلّها، هو القيامة: قيامة المخلص من القبر، كما شهدها توما وحاملات الطّيب، وقيامة المعاق من شلل الجسد، وقيامة السّامريّة من الخطيئة والجهل، وقيامة الأعمى من ظلام العمى. ليست القيامة، إذن، حدثًا كونِيًّا، وحَسْب، من دون أن تَمَسَّ كيان البشر. القيامة حدث مُشَخْصَن، أيضًا، إذ يعيشها أشخاص، يختبرونها في نفوسهم وأجسادهم، وينضحون بها لمن حولهم. أشخاص كهؤلاء يحملون القيامة في ذواتهم، يصبحون قياميّين.
إذ نسعى نحن إلى أن نكون أشخاصًا قياميّين، أي حاملين في ذواتهم فعل القيامة نفسًا وجسدًا، متغلِّبين على مُقَدِّمات الموت وأشكاله، مثل الخطيئة والمرض والحزن والخوف وغيرها من الصِّعَاب، فلا بدّ لنا من أن نلامس صليب المسيح، كما لامسه يوسف ونيقوديمس. لا بدّ لنا من أن نَجْهَدَ جَهْدَ حاملات الطّيب، من أجل بلسمة الجراح وتطييب النّفوس ومعالجة الأجساد، لدى كلّ من نلقاه، وهو يعاني أيّ شكل من أشكال الموت. لا بدّ لنا من العبور بواسطة الحبّ، الّذي يتمادى حتّى اقتبال الموت من أجل المحبوب، من حال الموت إلى حال القيامة. في هذا الحبّ الغانِم فرحَ القيامة، نتكوَّنُ جنسًا جديدًا، قياميًّا، حَمَلَةً للقيامة في هذا العالم الّذي ما زال الموت منتشِرًا فيه، طالما أنّ قيامة المسيح ليست الحقيقة الوجوديّة الّتي يعيشها. وكيف للعالم أن يعرفها، إن لم يختبرها فينا؟!...
القيامة والخدمة
نقرأ، في الفترة الفصحيّة، مقاطع من سفر "أعمال الرّسل" فنعرف هكذا كيف تصرّفَت الجماعة المسيحيّة الأولى في سعيها لعيش قيامة المسيح وترجمتها في حياتها اليوميّة، لعلّنا هكذا نتعلّم منها ونقتفي آثارها، فلا نكتفي بالتّعييد لقيامة السّيّد بتبادل التّهاني، وتناول المآكل، بل نجعل من أنفسنا جماعة قياميّة تعكس، في التّصرّف والحياة، أنّ المسيح قائم ودائس الموت إلى الأبد.
وإذا عُدْنَا إلى المقطع الّذي تلوناه اليوم من سفر الأعمال نقرأ: "(...) فدعا الإثنا عشر جمهورَ التّلاميذ وقالوا لا يَحْسُنُ أن نترك نحن كلمة الله ونخدم الموائد. فانتخِبُوا أيّها الإخوة منكم سبعة رجال مشهود لهم بالفضل ممتلئين من الرّوح القدس والحكمة فنقيمهم على هذه الحاجة...". نرى أنّ الصّفة الّتي تميَّزَت بها الجماعة الفصحيّة الأولى هي الخدمة. من أجل استقامة الخدمة واستمرارها، أقام التّلاميذ الشّمامسة السّبعة، إذ رأوا أنّ خللًا يلحق بحياة الجماعة المسيحيّة إذا فَترت فيها الخدمة وتعثّرت.
والخدمة النّاتجة عن الإيمان بالقيامة هي خدمتان. هذا ما نراه في تلاوة اليوم، إنّهما خدمة الكلام الإلهيّ وخدمة الموائد.
أوَّلًا- خدمة الكلام الإلهيّ أي التّبشير بإنجيل المسيح ونقله، حتّى يعمّ الخبر السّارُّ النّاس كلّهم والمسكونةَ بِرُمَّتِهَا. ومِنْ مستلزمات هذه الخدمة أن نعرف كلام الله، إذ لا يستطيع الإنسان أن ينقل ما يجهل. فكيف نعرف نحن الكلمة الإلهيّة لنُحْسِنَ خدمتها؟.
إنّنا نعرف هذه الكلمة إذا قرأناها. صحيح أنّ هذا وحده لا يكفي، ولكنّه بداية، إنّ الكتاب المقدّس كتاب مجهول في أوساطنا، وهذا لا يجوز. لا نستطيع أن ننقل هذه الكلمة ونخدمها إلّا إذا عرفناها، وعرفنا آياتها وفصولها. إذا صرنا في أُلْفَة مع الكلمة الإلهيّة، نَهُذُّ بها ونتلوها، وتقدّسنا هذه الكلمة وتفعل فينا.
وقراءتنا للكلمة ليست كغيرها من القراءات. إنّها التماس "للكلمة الّذي صار جسدًا وحلّ فينا" (يوحنّا1: 14). من أجل ذلك، نقرأ بروح الصّلاة والتّواضع ونطلب، فيما نقرأ، أن يسكن الرّوح القدس فينا ليُمكِّنَنَا من معرفة الله والتّحوّل، بنعمته، إلى أناجيل يقرأ النّاس فينا لطف المسيح وصدقه ومحبّته وقيامته.
ثانيًا- خدمة الموائد وهي الخدمة اليوميّة الّتي كانت تقوم بها الجماعة الفصحيّة الأولى للضّعفاء والمحتاجين. ويذكر فصل الأعمال اليوم الأرامل منهم على سبيل المثال لا الحصر. لقد خدمت تلك الجماعة هؤلاء يوميًّا ولم تكن خدمتها موسميّة ظرفيّة. ولـمّا ضعفت تلك الخدمة بعض الشّيء أقام المؤمنون الشّمامسة خصّيصًا لاستمرارها وإتقانها.
نحن جماعة قيّاميّة إذا تحوَّلْنَا إلى خدّام يخدم قويُّهم الضّعيفَ فيهم. أين نحن من هذه الخدمة؟، أين نحن من هذه المحبّة العاضَدَة المستمرَّة الّتي لا تعرف فتورًا؟. هل ينظر النّاس إلينا اليوم ويقولون: أنظروا كيف يحبّون بعضهم بعضًا؟، أم يلاحظون أنّنا مجموعة أفراد لا يربطهم رابط؟!...
فصحنا الحقّ، يا إخوة، لـمّا نتحوّل نحن أبناء الكنيسة المؤمنين إلى جماعة حيّة يحرّكها الرّوح القدس، فنعرف الرّبّ ومشيئته ونصدّقه ونطيعه، فننقله هكذا للعالم ربًّا ومخلّصًا، ولـمّا نتحوّل إلى جماعة خدّام تلهبنا محبّة الله والإخوة.