الأحد 26 كانون الثاني 2014
26 كانون الثاني 2014
الأحد 26 كانون الثاني 2014
العدد 4
الأحد (15) من لوقا
اللَّحن السادس الإيوثينا التاسعة
* 26: البارّ كسينفوندس مع زوجته ماريّا وولدَيه أركاديوس ويوحنّا. *27: نقل جسد القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم، القدّيسة ماركيانيس. *28: البارّ أفرام السريانيّ، البارّ بلاديوس. *29: نقل بقايا الشهيد في الكهنة إغناطيوس المتوشّح بالله * 30: الأقمار الثلاثة وأمّهاتهم: آميليا – نونة – أنثوسة . * 31: كيرُس ويوحنّا العادما الفضّة، الشهيدة أثناسيّا وبناتها * 1: تقدمة عيد الدخول، الشهيد تريفن.
زكّا رئيس العشّارين
"زكّا" في اللغةِ العِبريّة معناه "مَن ذَكَرَه الله". اليوم تَحقّق ما سُمِّي به. الاسم، في العادات القديمة، ضربٌ مِن نبوءة. الخاطئ حبيب المسيح حتّى الخلاص. ليس أحد متروكًا مهما كانت خطيئته. كلّ خطيئة تُغفَر لبني البشر. فقط التّجديف على روح الرّبّ لا مغفرة له. ما التّجديف؟ أن نقول عن روح الرّبّ وما هو من روح الرّبّ، عن حسد، عن نكاية، عن نكد، عن كيديّة... ما ليس فيه ولا منه. المجدِّف يعرف لكنّه يرفض ما يعرف، لغايةٍ غير نقيّةٍ في عُمقِ نفسِه! لذا يقول في الحقّ باطلاً وفي الباطل حقًّا، لأنّ مقاصد نفسه ملتوية! فيتركه الرّبّ الإله يصدِّق الكذب لأنّه لم يقبل الحقّ، بل استهان به ورذله!
زكّا لم يكن مجدِّفًا. كان خاطئًا مثلي ومثلك. كلّ مَن يدين خاطئًا لا يعرف نفسه. وكلّ مَن يعرف نفسه، على حقيقتها، لا يمكن إلاّ أن يرحم! إِنْ يَدِنْ أحدٌ نفسَه لا يَدِنْ أحدًا من بعد! "ولا أنا أدينكِ.. اذهبي ولا تخطئي بعد"، قال السّيّد للمرأة الزّانية الّتي أُمسكت في ذات الفعل! كم من خاطئ استمرارُه في الخطيئة مردُّه إلى أنّ مَن حوله يصرّون على إدانته! لا يصدّقونه حتّى ولو تاب! لِمَ التّوبة إذًا؟ يقول في نفسه؟! قبل أن تكون لأحد، بعامّة، خبرةُ رحمة الله عليه، يحتاج لأن يختبر رحمة النّاس حياله! بالمحبّة، وحدها، نساهم في صنع أحدنا الآخر!
زكّا قسا الجميعُ عليه، لذلك أقام، يائسًا، في خطاياه! بعد كلّ تلك الأيّام، لم يكن بحاجة لأكثر من كلمة قالها له يسوع: "يا زكّا، أسرع، انزل، اليوم ينبغي لي أن أمكث في بيتك"! حجر الزّاوية أنّ يسوع أحبّه! لمس قلبه! الإنسان قلب!
لذا لا يعرف الإنسانَ إلاّ مَن يحبّه! بالحبّ الأصيل ينزل روح الرّبّ على الإنسان، ليستقرّ فيه؛ وبكهربة الحبّ بين النّاس ينتقل الرّوح في سِلك التّحابّ!
حادثة زكّا تأتي بعد حادثة الشّابّ الغنيّ، لتؤكِّد كيفيّة تحقيق ما سبق أن أفضى به الرّبّ يسوع في شأن الغنيّ بعامّة!
زكّا، بإزاء محبّة يسوع الفائقة، شَعَر بالأمان، في عمق نفسه! توتّرات نفس الإنسان وموارباته عائدة، بخاصّة، إلى عدم شعوره بالطّمأنينة! وهذه لا تأتي إلاّ بالتّحابّ الكبير! شرود الإنسان، بالأكثر، مسعًى ملتوٍ لاستعادة سلام كيانيّ مفقود لديه! بعدما وجد زكّا ضالّته، لم يعد بحاجة إلى غنى هذا الدّهر. استغنى بالله! لذا أبدى أنّه يعطي نصف أمواله للمساكين! أوّل ما فكّر فيهم! لماذا؟ لأنّه عرف، بمحبّة الرّبّ يسوع له، كم كان، هو نفسه، مسكينًا! كم كان، في أعماق قلبه، فقيرًا! رغم ما جمع من مال الدّنيا! بالحبّ يغتني الإنسان لا بالمال! فقط مَن يعرف مسكنة روحه يدخل في شركة أصيلة مع الفقراء! أن يعطي نصف أمواله للفقراء معناه، وجوديًّا، كيانيًّا، أنّه يعطيهم كلّ شيء، وأنّه يتخلّى بالكامل عمّا جمعه. لم يعد قلبُه فيه! القلب وجد ضالّته!
ولمّا أضاف زكّا: إن كنتُ وشيتُ بأحد أردّ أربعة أضعاف، اعترف، عمليًّا، بخطيئته، وأبدى أنّه يكفّر عنها تكفيرًا كبيرًا! مَن بَلَغ المحبّة، استبانت خطيئتُه لعينيه قبيحةً جدًّا، حتّى ليَبكي على ضلالاته بكاء شديدًا!
بعض آبائنا أكّد أن لا نصيب لأحد في الملكوت إن لم يَبْكِ أوّلاً!
طروباريّة القيامة باللحن السادس
إنَّ القوّاتِ الملائكيّةَ ظهروا على قبرك الموَقَّر، والحرّاس صاروا كالأموات، ومريمَ وقفت عندَ القبر طالبةً جسدَك الطاهر، فسَبيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّب منها، وصادفتَ البتول مانحاً الحياة. فيا من قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.
قنداق دخول السيّد إلى الهيكل باللحن الأوّل
أيّها المسيح الإله، يا من بمولده قدَّس المستودعَ البتوليّ، وباركَ يَدَيْ سِمعانَ كما لاق، وأدركَنا الآن وخلِّصَنا، إحفظْ رعيَّتَكَ بِسَلامٍ في الحروب، وأيِّد المؤمنين الذين أحببتَهم، بما أنّكَ وحدك محبٌّ للبشر.
الرِّسَالَة
1 تيمو 4: 9-15 (32 بعد العنصرة)
الربُّ يُعطي قوَّةً لشَعبِه. قدِّموا للرَّبِّ يا أبناءَ الله
يا إخوة، صادقةٌ هي الكلمةُ وجديرةٌ بكُلِّ قبُولٍ. فإنّنا لهذا نتعَبُ ونُعيَّر، لأننّا أَلْقَينا رجاءَنا على اللهِ الحيّ، الّذي هو مُخلِّصُ الناسِ أجمعين، ولا سِيَّما المؤمنين. فَوَصِّ بهذا وعلّمِ به. لا يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِفُتُوَّتِك، بَل كُنْ مِثالاً للمؤمنينَ في الكلامِ والتصرُّفِ والمحبَّةِ والإيمان ِوالعَفاف. واظِبْ على القراءةِ إلى حينِ قُدُومي، وعلى الوعظِ والتعليم، ولا تُهمِلِ الموهبَةَ الّتي فيك، الّتي أُوتِيتَها بِنُبُوَّةٍ بِوَضْعِ أيدي الكهنة. تأمَّل في ذلك وكُنْ عليهِ عاكِفاً، لِيَكونَ تقدُّمُكَ ظاهراً في كلِّ شيء.
الإنجيل
19: 1- 10
في ذلك الزّمان، فيما يَسُوعُ مُجتازٌ في أريحا، إذا بِرَجُلٍ اسمُهُ زكّا كان رئيساً على العشّارينَ وكان غنيّاً، وكان يلتمسُ أن يرى يسوعَ مَن هُوَ، فلم يكن يستطيع من الجمع، لأنّه كان قصيرَ القامة. فتقدّمَ مُسرِعًا وصعدَ إلى جُمَّيزَةٍ لِيَنظُرَه، لأنّه كان مُزمِعًا أن يجتازَ بها. فلمّا انتهى يسوعُ إلى الموضع، رفعَ طَرْفَهُ فَرآه، فقال: يا زكّا أسرِعِ انزِل، فاليوم ينبغي لي أن أمكُثَ في بيتِك. فأسرعَ ونَزَلَ وقَبِلَهُ فَرِحاً. فلمّا رأى الجميعُ ذلك تذمَّرُوا قائلين إنّه دخلَ لِيَحُلَّ عند رَجُلٍ خاطئ. فوقف زكّا وقال ليسوع: هاءنذا يا ربُّ أُعطي المساكينَ نصفَ أموالي، وإن كنتُ قد غَبَنْتُ أحداً في شيءٍ أردُّ أربعةَ أضعاف. فقال له يسوع: اليوم قد حصل الخلاصُ لهذا البيت، لأنّه هو أيضًا ابنُ إبراهيم، لأنّ ابنَ البشرِ إنّما أتى لِيَطلُبَ وَيُخَلِّصَ ما قد هَلَك.
أنطونيوس الكبير والحياة في المسيح
نعيّد في السابع عشر من كانون الثاني من كلّ عام للقديس أنطونيوس الكبير، وهذه مناسبة لنتذكّر معنى الحياة في المسيح وكيف ننمو فيها مُحْتَضَنين في الجماعة المؤَلَّفة حول سرّ الشكر. نعيش اليوم فترة يتزايد فيها الكلام على الحياة الرهبانيّة وعن أهمّيّة حضورها في الكنيسة، ويقوم التركيز خاصّة على النمط التأمّليّ رغم أنّ الكنيسة عرفت أنماطًا رهبانيّة متنوّعة حتّى في الشرق. أن تكثر الكتابات عن الحياة الرهبانيّة أمر طبيعيّ لأنّ الرهبان أحبّوا أن يشركوا في خبرتهم باقي العوامّ في الكنيسة. لكنّ هذا لا يعني أنّ الأديار تختصر حياة القداسة، وقد أكّد القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم على أنّ للارتقاء إلى الله سبلًا متعدّدة وليس من تفاضل بينها. الروح يهبّ حيث يشاء، والقداسة مفتوحة للجميع، كما نقول في خدمة سرّ الشكرّ، وليست وقفًا على أحد. لذلك، لا بدّ لنا من أن نقف على الأمور الجامعة التي تجعلنا، نحن المؤمنين، نحيا في المسيح ونرتقي كما فعل أنطونيوس الكبير.
يبدو لي أن أوّل هذه الأمور هو اكتساب القناعة بأنّنا كلّنا نحيا في الجماعة وليس أحد منّا، مهما سما في القداسة، فوق الجماعة. والجماعة في صلاتها حول الحمل المذبوح هي التي تعترف بقداسة الأشخاص ونموّهم الروحيّ، وليس لآدميّ فضل بذلك لأنّ النعمة تُسْكَب عليه من فوق، وعلى الإخوة أن يَعُوا صلاحَها وإلاّ فهي مجد باطل. أن تعيش حقًّا هذا التواضع تجاه الجماعة ليس أمرًا سهلًا ونحن نفتقد إليه في مجتمعنا الكنسيّ اليوم. ضمير الجماعة هو ما نحتكم إليه وهو الذي يقودنا لنكون أهلاً للزواج، أو للترهّب، أو للتوحّد. نحن آباء وأمّهات، بسب هذا النمو في الجماعة التي تتعرّف على المواهب بروح التمييز الذي يسكبه عليها الروح القدس. وفي هذا لا فرق بين من عاش في الدير أو في الصحراء أو في العالم إذا كان يحمل الجماعة وربّها في قلبه أينما حلّ. عيش إيماننا بالتجسّد رهنٌ بهذه الحقيقة التي تميّز الكنيسة عن أيّة جماعة أخرى.
الأمر الثاني هو في اكتساب روح التخلّي عن الأنا، أكان ذلك في مجال الطاعة أو في مجال المال. هذا أمر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بمعنى التجسّد الإلهيّ، إذ إنّ الرّبّ، حتّى يكون الخادم الأوّل، "أخلى نفسه، آخذًا صورة عبدٍ". وهذه عمليّة ترتبط بالكيان وليس بالشكل، لذلك ربط التخلّي بالخدمة أساسيّ حتّى لا تصبح الطاعة الشخصيّة، أو الفقر الشخصيّ، هو الهدف. يمكنك أن تفتقر شخصيًّا وتعمل ليصبح بيتك أو ديرك غنيًّا. فأين التخلّي في هذه الحال؟ يقول الرسول إنّه يمكننا "أن نملك وكأنّنا لا نملك". لم يقل إنّه يمكننا أن لا نملك وكأنّنا نملك! أمّا الطاعة فهي حالة على طريق النموّ في المسيح وليست هدفًا بحدّ ذاتها. تطيع وتُطاع في عمليّة جدليّة كأب وابن معًا، لتنمو وينمو مَن هم معك محافظين على حرّيّة أبناء الله التي اكتسبوها في جرن المعموديّة ومُسحوا من أجلها ليكونوا أعضاء في الكهنوت الملوكيّ. لذلك، على صورة المخلّص، الكلّ في الكنيسة مدعوٌّ إلى هذا التخلّي، في ظلّ الجماعة التي تراقب وتحفظ.
الأمر الثالث هو اكتساب روح الخدمة. قالها الرب بصراحة: "من أراد أن يكون فيكم أوّلاً، فليكن للكلّ خادمًا". نؤدّي هذه الخدمة أينما شهدنا للمسيح. البيت مجال خدمة: ألم يقل النبيّ، ها أنذا والأولاد الذين أعطانيهم الله؟ الدير مجال خدمة: ألم يكن هذا هو التعليم الحيّ الأعظم في حياة باسيليوس الكبير؟ إن كنت لا تخدم، فأنت تكون قد استقلت من مسيحيّتك وهربت لتختبئ في بيت أو في دير لا فرق! إن لم يصبح بيتك موقع خدمة من دون حساب، وإن لم يكن ديرك مشعًّا بالخدمة التي يقدّم، فعبثًا تصلّي، لأنّ الرب لا يقبع في السماوات التي لا نرى، بل هو هنا على حافّة كلّ طريق فيها معذّب، أو جائع، أو ومظلوم. سيحاسبنا الربّ على الخدمة سواء كنّا رهبانًا أو عشنا في العالم، لأنّنا في الخدمة نُظهر للملأ بأنّنا قد وجدنا المسيح.
تعييدنا لأنطونيوس الكبير فرصة لنتذكّر جميعًا أنّ الحياة في المسيح واحدة. من جاهد مثل أبي الرهبان يأخذ أجره، ومن جاهد مثل تلك المرأة التي تعلّمت في كبرها كيف تقرأ لتصلّي في بيتها بعد أن ينام أولادها، سيأخذ أجره أيضًا. فليرحمنا الله بشفاعة هذا وتلك.
معرفة المستقبل
تَعَدَّدتْ أوجهُ تعامل بعض البشر مع الأحداث المستقبليّة بُغية استكشافِها قبل حدوثِها. فمنهم من يدّعي رؤىً في اليقظة، ومنهم أحلاماً في النوم، وآخرون نبوءاتٍ، وغيرُهم سحراً. وقد تخطّتْ شهرةُ هؤلاء شهرةَ كبارِ رجالِ العلمِ والفنِّ والسياسةِ والحُكم. أمّا عندَنا، وبسبب ما يوصفُ به مجتمعُنا "المتديِّن"، فقد لُطِّفَتْ صورتُهم من خلال ما يُعلنون عن أنفسِهم أنّهم أشخاصٌ مؤمنون لا يخالفون الكتبَ السماويّةَ بل إنّهم يُنمّونَ موهبةً لديهم، خَصَّهم اللهُ بها، فيتوقَّعُون أو يَرَونَ ما لا يراه غيرُهم. فالقاسمُ المشتركُ الأوّلُ بينهم هو موهبةٌ من مواهبِ الإيمان. والغريبُ أنَّ القاسمَ المشتركَ الثّانيَ بينهم هو الثروةُ والغنى! لكّننا نعتقد أنّ القاسمَ المشتركَ الفعليّ بينهم هو الذكاءُ في مقابل غباءٍ وكسلٍ عند من يصدّقونَهم ويَبنُون على أقوالِهم.
أمّا نحن، فنرى المسيحَ في الكتاب المقدّس ونبني عليه. فهو، بالرغم من كونه الإلهَ العاِلمَ بكلّ شيء، والمطّلعَ على خفايا قلوب البشر ومكنوناتِها، لم يتصّرفْ على شاكلةِ هؤلاء. لم يلجأ إلى التنبُّؤِ إلّا حيث رأى ضرورةً لِخدمةِ تدبيرِه الإلهيِّ لخلاصِ الإنسان وفرحِه. كما أنّه، في أحيانٍ أخرى، أخفى عن تلاميذِه ومن خلالِهم عنّا نحن البشر، معلوماتٍ كثيرةً لم يرَ في كَشْفِها منفعةً لهم. لا بل إنّه أعلنَ وهو الإلهُ، عدمَ معرفته لأمرٍ أساسٍ في تدبير اللهِ للبشر، أعني يوم مجيئهِ الثاني المجيد.
ونشيرُ هنا إلى الأذى الذي يمكنُ أن يُصيبَنا إذا ما بنينا على هذه التوقّعات أو الرؤى. يقولُ البعض إنّ قسماً كبيراً من التوقّعات قد صَدَق، فلماذا لا نبني عليها؟ إذا صدَقَتْ هذه التوقّعاتُ فهذا يعني أنّها صدَقَتْ إمّا نتيجةَ صدفةٍ أو نتيجةَ تحليل واستناج علميِّ يقومُ بهما أيُّ إنسانٍ يراقبُ ويحلّلُ ويستخلص. ولكن لنفترضْ أنّ كلَّ التوقُّعاتِ قد حدَثَتْ باستثناءِ توقُّعٍ واحد.
ألا تعلمون مقدار الأذى الذي يمكنُ أن يُصيبَ مَن بنى على هذا التوقُّعِ أو التنبُّؤِ غيرِ الصائب؟
إنّ الكنيسة لا ترى، فيما يُتداوَلُ في أيّامِنا مِن هذه الظواهر، تَعَدِّياً على الله أو منافسةً له وإهانةً أو تجديفاً عليه، بل ترى فيه تعدّياً على الإنسانِ وَحُرّيّتِه وعقلِه، ومَسْخاً لصورةِ اللهِ فيه. ترى فيه تهشيماً لدورٍ أوكلَهُ الله إلى الإنسان بأن يكون شريكاً له في صنع التاريخ وفي توجيهِه، لا أن يكونَ عبداً خاضعاً لِقَدَرٍ محتوم، ولسببٍ ونتيجةٍ لا حيلة للإنسانِ أمامهما إلّا القبولُ والرضوخُ والتوَهُّمُ أنّه، في حالة معرفته المسبقة بها، قادرٌ على الاِحترازِ مِن تَداعِياتِهما السلبيّة والتفلّتِ منهما أو الاستفادةِ أكثر من غيره من تداعياتهما الإيجابيّة.
إنّ أخطرَ ما في هذه الظواهرِ هُوَ أن تَبنيَ عليها مستقبلَك، لا أن تبنيَهُ على العِلمِ والعقلِ والإيمانِ الواعي. عليك أن تندفعَ بالعلمِ والعقل إلى التّخطيطِ واجتراحِ المسبِّباتِ والظروف التي تُنتج ما يلائمُ مستقبلَكَ الآمِنَ والزّاهر. عليك أن تعيَ إيمانك بأنّ الله لا يريدُ لك شرّاً وسوءاً، فلا إلهٌ ولا قدرٌ ولا حتميّةٌ عمياءُ هُمْ مَن يصنعون تاريخَك ومستقبلك، بل أنتَ وإخوانُك في البشريّةِ، مع الإله المحبّ البشر، تُشاركون في صُنْعِ هذا المستقبل وتواجهون شرورَ العالم وصانعيها في هذه الأرض.
أخبـــارنــــا
عيد دخول السيّد إلى الهيكل
لمناسبة عيد دخول السيّد إلى الهيكل، يترأّسُ راعي الأبرشيّةِ المتروبوليت أفرام (كرياكوس) القدّاس الإلهيّ في كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس في طرابلس، وذلك نهار الأحد الواقع فيه 2 شباط 2014 الساعة التاسعة صباحاً.
كتاب جديد: نُسّاك في وسط العالم
كتاب جديد من منشورات الجبل المقدّس. قلّاية القيامة لسنة 2013 بعنوان "نُسّاك في وسط العالم"، مؤلِّف الكتاب هو الأب إفتيميوس ماخياس تلميذ الأب اسحق عطالله- ويتولّى ديرُ الملاك ميخائيل نهر بسكنتا نشرَهُ في لبنان. الكتاب مترجم إلى اللغة العربية وهو مؤلّف من 235 صفحة.
الكتاب باختصار يحتوي على سِيَرِ كثيرين من مُختلف الفئات ساروا في هذه الطريق يجمعهم عشقٌ متفانٍ للمسيح من علمانيّين متزوِّجين أو حتّى كهنة.
يُطلب الكتاب من دير الملاك ميخائيل نهر بسكنتا 288894/04 ومن دار المطرانية في طرابلس بسعر تسعة آلاف ليرة لبنانية. أو من الأب اسحق جريج 674446/03