الأحد 12 شباط 2012
12 شباط 2012
الأحد 12 شباط 2012
العدد 7
أحد الإبن الشاطر
اللحن الثاني الإيوثينا الثانية
ملاطيوس أسقف انطاكية * 13: الرسولان برسكيلا وأكيلا، البار مرتينيانوس * 14: البار افكسنديوس، البار مارون الناسك* 15: أونيسيموس أحد الرسل السبعين، البار افسابيوس * 16: الشهيد بمفيلس ورفقته * 17: العظيم في الشهداء ثاوذورُس التيروني. * 18: سبت الأموات، لاون بابا رومية، أغابيتوس السينائي.
(الاِبن الضالّ)
إنّ نصّ إنجيل الابن الضالّ يضعنا أمام لوحة حياتيّة مهمّة جدًّا، إذ نلاحظ ابنًا شابًّا مندفعًا بعنفوان كبير لا يفكر إلاَّ بذاته. الحياة عنده سَفَر، حفلة، غريزة، تمرّد على المألوف، استقلاليّة، حرّيّة... أليست حاله حال كثير من أبنائنا؟ فهل هذا خطأ؟ بالطبع لا. فكلّ واحد له حقّه في أن يستقلّ عن أهله وأن يحقّق ذاته، وأن يكون سعيداً وحرًّا. السؤال أين خطؤه إذاً؟
خطؤه يكمن في طريقة تفكيره، وفي توجيه الطاقة الكامنة فيه، أي إمكاناته، فلم يوجّه عنفوانه وتمرّده وانفعالاته إلى الخطأ، إنّما جعلها مُسَيِّرةً إياه. وبدل أن يمتطيها ويقودها، قادته هي فأوصلته الى الخطأ. طبيعيّ هو صراع الأجيال، فالصغير يفكر بطريقة والكبير بأخرى. الأوّل، أغلب الأحيان، يملك ضبابيّة في الرؤيا الخاضعة عنده للمتحوِّلات فيه، ويعتبر خبراته المحدودة معرفةً كاملة فيصعب عليه التعلّم من الآخر وقبوله. كما أنّ الكبير، في بعض الأحيان، قد يدفع نفسه إلى الخطأ بسبب استخفافه بمعرفة الصغير الذي لا يكون، دائمًا، على خطأ.
* * *
المشكلة، إذاً، كامنة في الأنا وعدم التواضع الذي يقود الى مواقف صلبة وحادّة، ما يمنعنا من التمييز والاستفادة من خبرات الآخرين. الابن الأصغر ضلَّ لأنّه
أغلق فكره فقلبه، فلم يعد يميّز بين من يحبّه وبين من لا يحبّه، وبين من يريد له خيرًا وبين من يريد له شراً. فالخطأ له فلسفته وحججه المقنعة والجذابة التي تركّز على الأحاسيس والمشاعر التي قد تخدع الانسان، فالخطيئة قد تبدو كشهد العسل وأكثر نعومة من الزيت، غير أنّ "عاقبتها مرّة كالعلقم" (أمثال 5: 4). لذلك يعرض علينا النصّ هذا الابن الذي سار بأنانيّته وأحاسيسه ورغائبه وما آلت إليه الحال من دونيّة.
الجمال في النصّ أنّه يعرض لنا إمكان العودة عن الخطأ. وبالتالي، يزرع فينا الأمل والرجاء. إنّه يقول لنا إنّ التركيز ليس على الخطيئة، إنّما على العودة عن الخطأ، فالاعتراف بالخطأ فضيلة. أذكر أحد الشيوخ الرهبان عندما سُئِلَ: "ماذا تفعلون في الدير؟"، أجاب: "نسقط ونقوم". في زمن لا يعرف إلا لغة الانتقام والعقاب، يضعنا النصّ، وبصورة جميلة جدًّا، في بقعة نور تقودنا إلى وعي الذات للدخول في الحياة الأفضل القائمة على الجرأة بالاعتراف بالخطأ، لننطلق بالنور المتأتي من حضن السيّد باعثّا فينا دفءًا وطمأنينةً وفرحاً وسروراً. مشكلتنا، اليوم، أنّنا نهرب من الاعتراف بالخطأ
وهذا يزيد في الإشكاليّة تعقيداً. فلو لم يفكّر الابن الضالّ بخطأه والنتيجة التي وصل إليها من جرّاء الخطيئة وامتلك الجرأة للاعتراف بها: "أخطأت أمامك وأمام الله"، لما حصل له الغفران ولبس حذاءً، أي الحرّيّة، مُعْتَقًا من العبوديّة ليصبح حرًّا بالله.
إنجيل اليوم يضعنا أمام تحدّي العبوديّة في الذات، وخيار الحياة إمّا في الراحة والفرح وإمّا في الحزن والتعاسة. فلنصرخ لله صرخة الابن الضالّ:"... أنا لست مستحقًّا أن أدعى لك ابناً، فاجعلني كأحد أجرائك...".
+ الأسقف غطّاس هزيم
طروبارية القيامة باللحن الثاني
عندما انحدرتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الذي لا يموت، حينئذٍ أمتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتك. وعندما أقمتَ الأموات من تحتِ الثَّرى، صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماويِّين: أيُّها المسيحُ الإله معطي الحياةِ، المجدُ لك.
قنداق أحد الإبن الشاطر باللحن الثالث
لمّا هجرتُ مجدَك الأبوي عن جهل وغباوة، بدَّدتُ في الشّرور الغنى الذي أعطيتني أيُّها الأب الرَّؤوف. لذلك أصرخ إليك بصوت الاِبن الشاطر هاتفاً: خطئتُ أمامك فاقَبلني تائباً، واجعلني كأحد أُجرائك.
الرسالة
1 كو 6: 12-20
لتكُن يا ربُّ رَحْمتُكَ علينا
اِبتهِجوا أيُّها الصدّيقون بالربّ
يا إخوة، كلُّ شيءٍ مُباحٌ لي ولكن ليس كلُّ شيءٍ يوافق. كلُّ شيءٍ مُباحٌ لي ولكن لا يتسلَّطُ عليُّ شيءٌ. إنَّ الأطعمة للجوفِ والجوفَ للأطعمة وسيُبيدُ الله هذه وتلك. أمَّا الجسدُ فليسَ للزِّنى بل للرَّبِّ والرَّبُّ للجسد. واللهُ قد أقام الرّبَّ وسيقيمُنا نحن أيضاً بقوَّته. أما تعلمون أنَّ أجسادَكم هي أعضاءُ المسيح؟ أفآخذُ أعضاءَ المسيح وأجعلُها أعضاءَ زانيةٍ؟ حاشا. أما تعلمون أنَّ من اقترنَ بزانية يصيرُ معها جسداً واحداً، لأنَّه قد قيلَ يصيران كلاهما جسداً واحداً. أمَّا الذي يقترنُ بالرَّبِّ فيكون معه روحًا واحداً. اُهربوا من الزِّنى. فإنَّ كلَّ خطيئةٍ يفعلها الإنسانُ هي في خارج الجسد. أمَّا الزَّاني فإنه يخطئُ إلى جسدِه. ألستم تعلمون أنَّ أجسادَكم هي هيكلُ الرُّوح القدس الذي فيكم، الذي نلتموه من الله، وانَّكم لستم لأنفسكم لأنَّكم قد اشتُريتم بثمن؟ فمجِّدوا الله في أجسادِكم وفي أرواحكم التي هي لِلَّه.
الإنجيل
لو 15: 11-32
قال الربُّ هذا المثل: إِنسانٌ كان له ابنان. فقال أصغرُهما لأبيه: يا أبتِ، أعطني النَّصيبَ الذي يخصُّني من المال. فقسم بينهما معيشته. وبعد أيَّام غيرِ كثيرةٍ جمعَ الابنُ الأصغرُ كلَّ شيءٍ لهُ وسافر إلى بلدٍ بعيدٍ وبذَّر مالَه هناك عائشاً في الخلاعة. فلمَّا أنفقَ كلَّ شيءٍ، حدثت في تلك البلدِ مجاعةٌ شديدة، فأخذَ في العوز. فذهب وانضوى إلى واحدٍ من أهل ذلك البلد فأرسله إلى حقوله يرعى خنازير. وكان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازيرُ تأكله فلم يعطهِ أحد. فرجع إلى نفسه وقال: كم لأبي من أُجراء يفضُلُ عنهم الخبزُ وأنا أهلك جوعًا. أقوم وأمضي إلى أبي وأقول له: يا أبتِ، قد أخطأتُ إلى السَّماء وإليك، ولستُ مُستحقاً بعدُ أن أُدعى لك ابناً، فاجعلني كأحد أُجرائك. فقام وجاء إلى أبيه. وفيما هو بعد غير بعيد، رآه أبوه فتحنَّن عليه وأسرع وألقى بنفسه على عُنقه وقبَّله. فقال له الابنُ: يا أبتِ قد أخطأتُ إلى السَّماء وأمامك ولستُ مُستحقاً بعد أن أُدعى لك ابناً. فقال الأبُ لعبيده: هاتوا الحُلَّة الأولى وألبِسوه، واجعلوا خاتماً في يده وحذاءً في رجليه، وأتوا بالعجل المُسمَّن واذبحوه فنأكلَ ونفرحَ، لأنَّ ابني هذا، كان ميتاً فعاش، وكان ضالاًّ فوُجد. فطفقوا يفرحون. وكان ابنه الأكبر في الحقل. فلمّا أتى وقرُب من البيت سمع أصوات الغناء والرقص. فدعا أحد الغلمان وسأله: ما هذا؟ فقال له: قد قدم أخوك فذبح أبوك العجل المسمّن لأنّه لقيَهُ سالماً. فغضب ولم يُرِدْ أن يدخل. فخرج أبوه وطفق يتوسّل إليه. فأجاب وقال لأبيه: كم لي من السنينَ أخدمك ولم أتعدَّ لك وصيَّة فلم تعطني قطّ جدّياً لأفرح مع أصدقائي. ولمّا جاء ابنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني ذبحت له العجل المسمّن. فقال له: يا ابني، أنت معي في كلِّ حينٍ وكلُّ ما هو لي فهو لك. ولكن كان ينبغي أن نفرح ونُسَرّ لأنَّ أخاك هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاًّ فوُجِد.
في الإنجيل
"تركوني أنا ينبوع المياه الحيّ واحتفروا لأنفسهم آباراً، آباراً مشقّقة لا تمسك الماء" (أرمياء ٢:۱٣).
يعيش الناس اليوم بمنأى عن الله. إنسان عصرنا لا يقيم وزناً لفضائل مثل التيقُّظ الروحي والسهر على حفظ الحواس وصون النفس من الزلل. مجتمعاتنا الجادة في طلب السعادة عبر وسائل اللذّة والاستهلاك والتقنيات الحديثة، لم تعد تتحسّس الأبعاد الروحية الإفخاريستيّة لقيم كالجمال والطبيعة والفن والجسد. البشر، جملةً، في حركة متسارعة الى اللهو. حضارة اليوم تدعو كلّ واحد منّا وتمهّد له السبيل للاستغناء عَمّا هو دينيّ روحيّ، ليكتفي بالغايات الآنية لوجوده، فيرتاح الى ما يحقّقه من إنجازات بشرية صغيرة كانت أم كبيرة، ويبني أهراءات المال والسلطة التي "تؤمّن" مستقبل مجتمعه واستقراره.
غير أن الحقيقة الأكثر صدقاً أن إنساننا المعاصر، العابث، إنما يتذرّع بفلسفاتٍ وإيديولوجياتٍ مختلفة، أو بنوع من عدم المبالاة ليبرّر إخفاقه في اقتناء الحقائق الروحية وعيشها. إننا، عوضاً عن أن نواجه ذواتنا بصدق نميل، في معظم الأحيان، الى خلق الأعذار المبنية على الظروف والمعطيات الخارجية المتعدّدة والشديدة التعقيد، لنقول إن التعاليم الروحية للكنيسة أضحت بعيدةً عن الواقع لا صلة لها بالإنسان المعاصر وتطلّعاته وأشجانه.
لكن المحاسبة النزيهة للضمير تُظهر غير هذا. ما ينكشف، حين نتحقق عن كثب من واقع المشكلة، أن الإنسان اليوم هو بأمسّ الحاجة إلى القيم المسيحية الروحية التي هي السبيل الأنجع، بل الأوحد، إلى حل أزماته، وإن كان البشر يفضلون الهروب من كل هذا.
ما ينكشف أن أسرار الكنيسة قادرة وحدها، اليوم، على انتشال الإنسان من دوامة الظروف الحياتية التي تسيّره وتستعبده. ولكن مفتاح هذا كلّه يبقى ذلك الوعي الذي حرّك الابن الشاطر حين اشتهى أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تلتهمه، ولم يستطع. ساعتئذٍ، يخبرنا الإنجيل، أنه "رجع الى نفسه... وقال أقوم أذهب الى أبي وأقول له أخطأت يا أبي إلى السماء وأمامك..." (لوقا ۱٥:۱٧-۱٨).
هذا الوعي لسوء حالنا، والإدراك لحاجتنا إلى المسارعة إلى المسيح، هو سرّ التوبة، الذي به وحده يمكن خلاص إنساننا اليوم.
المسيحيّ والعمل العام:
تحلّوا بالغيريّة واطلبوا العدل والمساواة
لغط وضجّة وصخب هنا وثمّة في أوساط أبناء الكنيسة الأرثوذكسيّة في لبنان، والموضوع الشّاغل هو كيف تحضر كنيستنا على صعيد حياة البلد؟ وما السبيل الواجب اتباعه لنبلغ إلى مساهمة أرثوذكسيّة في العمل العام؟
إزاء هذا الهياج لا بدّ من التذكير بما يراه مؤمنون صادقون صحيحًا مستقيمًا للانخراط في العمل العامّ.
أولاً: إنّ المؤمنين بالمسيح، الصّائرين شعبًا لله بالتوبة المستمرّة والسعي الّذي لا يفتر نحو التقديس، يقتضي إيمانهم منهم أن يتكرّسوا لنثر حلاوات السماء ونضارتها وسط حقول الحياة اللبنانيّة الملأى بالأشواك والزؤان، كلّ بحسب الموهبة التي أعطيت له وفي المجال الّذي أراد الرّوح القدس أن يقيمه فيه. ولا ينجح في ذلك إلاّ مَنْ ذاق الحلاوات وجاهد أولاً في سبيل البلوغ إليها، ومَنْ لملمَتْه إلى الجماعة المقدّسة الكأسُ الواحدة والخبزةُ الواحدة. همُّه أن ينقل إرادة ربّه لا أن يجتهد لتتضخّم أناه وتتأمّن مصالحه الشخصيّة أو مصالح ربعه وأهله.
ثانيًا: يبقى المؤمنون العاملون في العالم مرتبطين بجماعتهم، مواظبين على حياة الصلاة والشركة، أحياء بواسطة الأسرار المقدسة والكلمة المحيية فتبقى لهم الجماعة هادية وعاصمة، تذكّرهم بأنّ عملهم في العالم ليس هو إلاّ تمتمات المحبّة التي زرعتها معموديتهم في أفئدتهم وأذكتها حياتهم في الجماعة المصليّة.
ثالثا: همّ الأرثوذكسيّ في عمله العام أن يخدم العالم، وخدمته لا يحدّها جنس أو دين أو مذهب أو لون أو طبقة. هو صادق في أرثوذكسيّته بقدر ما تعمّ خدمته النّاس كلّهم دونما تمييز، هي كمحبّة السّامريّ الشفوق، غير المحدودة والشّاملة.
رابعًا: لا يعمّر الأرثوذكسيّ العالم وحده بل بالتعاون مع سائر مواطني العالم. من هنا لا يكون الاختلاف في الإيمان حاجزًا يبعد المؤمن عن سائر المواطنين، بل على العكس، الإيمان الصادق يدعونا إلى مزيد من الانصهار المجتمعيّ فتأتي خدمتنا على حسب قلب الله تعكس غيريتنا ومحبّتنا.
خامسًا: إن مهمتنا هذه واجبة وصعبة، تكلّفنا الجهاد الموصول. للمؤمن الحقيقيّ دور هام في تمتين وحدتين: وحدة الجماعة المؤمنة من أجل التقديس والشّهادة، ووحدة المواطنين في مجتمع واحد للعمل معًا على تحويل الأرض سماء بالعدل والسلام والحب، كل ذلك بقيادة العقل وعلومه وشعاعات القلب المحبّ المعطاء.
واليوم ولمناسبة أحد الفرّيسيّ والعشّار، أحد العودة إلى حضن الأب، حريّ بنا نحن المؤمنين أن نتوب إلى ربّنا ونكفّ عن الإعراض عن خدمة هذا العالم خدمةً فعليّة، ونعفّ أيضًا عن الظنّ أنّنا نخدمه وحدنا دون التعاون مع بقيّة المواطنين، فنخرج من قوقعتنا إلى مدى الوطن، ولاّ نبتغي من وراء انخراطنا مجدًا أو نفعًا لنا شخصيًّين أو لطائفتنا. مرادنا أن يرتقي المجتمع كلّه دون أيّ استثناء فيما نعمل على خدمته وأن يتلألأ الوطن برمّته. وكلّ ذلك بتواضع كامل ومحبّة دفوق وتوبة مستمرّة ونصوح.
أخبـــارنــــا
حديث روحي في رعية فيع
يسرّ مجلس رعية فيع وحركة الشبيبة الأرثوذكسيّة دعوتكم للحديث الروحي الذي تلقيه الخورية سميرة عطية بعنوان "عجيب الله في قديسيه" وذلك نهار الجمعة الواقع فيه 17 شباط 2012 بعد صلاة غروب سبت الأموات الذي يبدأ الساعة 4.30 في كنيسة السيّدة- فيع