الأحد 2 أيار 2010

الأحد 2 أيار 2010

02 أيار 2010
الأحد 2 أيار 2010  
العدد 18
أحد السامرية
اللحن الرابع - الإيوثينا السابعة
 
 
2:نقل جسد القديس أثناسيوس الكبير. *3:تيموثاوس ومفرة الشهيدين. *4:الشهيدة بلاجيا، إيلاريوس البار العجائبي. 5:ايريني العظيمة في الشهيدات، الشهيد أفرام الجديد. *6:أيوب الصدّيق الكثير الجهاد، جاورجيوس اللابس الظفر (شرقي) 7:علامة الصليب التي ظهرت في أورشليم. *8: يوحنا اللاهوتي الانجيلي، أرسانيوس الكبير.
السامريَّة 
 
حوار يسوع الأوّل كان مع نيقوديموس. حواره الثاني كان مع السامريّة. "واليهود لا يعاملون السامريّين" (يوحنا 4: 9).
 
الماء الحيّ كان فحوى هذا الحوار. الماء الحيّ مرتبط بالروح القدس، والروح القدس مرتبط بالمعموديّة (يوحنا 7: 38-39 وأعمال 2: 38): "الماء الذي أُعطيه يصير فيه ينبوعَ ماء ينبع إلى حياة أبديّة" (يوحنا 4: 14) ذلك إشارة إلى سرّ المعموديّة النابعة فينا من جنب يسوع إلى حياة أبديّة.
 
"اذهبي وادعي زوجَك..." أوحى لها الربّ أنها لن تستطيع أن تشربَ من هذا الماء إن لم تتب.
 
إن هذا التدخلَ في حياتها الخاصة كان ضروريًّا لقلب حياتها.
 
يسوع يبقى يلاحقنا حتى عمق خفايانا.
 
ثم دار الحديث على مكان السجود. عجباً كيف أن زانية تتكلّم باللاّهوت! فسألت أين الإله الحقيقي؟ أين يجب أن نسجدَ له؟
 
"الساجدون الحقيقيّون يسجدون للآب بالروح والحقّ" (يوحنّا 4: 23). المكان ثانوي الأهميّة. العبادة غيرُ مرتبطة بمكان بل بشخص يسوع.
 
القصد من العبادة هو معرفة الله. المهمّ أن نتصّل في عبادتنا بالله عن طريق الروح الإلهي الساكن فينا.
 
العبادة الحقيقية لم تعد في هيكل حجري بل في قلب لحميّ حيث بات الربّ يسوع ساكناً وهو الحقّ. نحن ما زلنا نحجب هذا الإعلانَ، هذه الحقيقة بسبب خطيئتنا: "هذا هو بالحقيقة المسيحُ مخلّص العالم" (يوحنا 4: 42).
 
*  *  *
من أحبّ المسيحَ يحيا فيه ويبشِّر به إذ يعلم أنه لا حياة إلاّ به.
قلْ لي من تعاشر أَقُلْ لك من أنت.
 
                                                       + أفرام
                                          مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
*  *  *
طروبارية القيامة                                           باللحن الرابع
 
إن تلميذات الربّ تعلّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهِج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجّدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخِراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنح العالَمَ الرَّحمةَ العُظمى.
طروبارية القديس أثناسيوس الكبير            باللحن الثالث
 
لقد صرتَ عموداً للرأي المستقيم، موطِّداً الكنيسة المقدسة بالعقائد الإلهية، يا رئيس الكهنة أثناسيوس. لأنكَ لما كرزتَ بمساواة الابن للآب في الجوهر، خذلتَ آريوسَ أيها الأب البارّ. فابتهل إلى المسيح الإله أن يمنحنا الرحمة العظمى.
طروبارية نصف الخمسين                            باللحن الثامن
 
في انتصاف العيد اسقِ نفسي العطشى من مياه العبادة الحسنة أيها المخلص. لأنك هتفت نحو الكل قائلاً: من كان عطشانَ فليأتِ إليَّ ويشرب. فيا ينبوع الحياة أيها المسيح الإله المجد لك.
  
قنداق الفصح                                                باللحن الثامن
 
ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلاّ أنّكَ درستَ قوّةَ الجحيم، وقمتَ غالباً أيّها المسيحُ الإله. وللنسوةِ الحاملاتِ الطيبِ قُلتَ افرحنَ، ووهبتَ رُسُلكَ السلام، يا مانحَ الواقِعين القِيام.
 
الرسالة:
عبرانيين 13: 7-16
 
مباركٌ أنت يا ربُّ إله آبائنا
لأنَّك عدلٌ في كلّ ما صنعت بنا
 
يا إخوةُ، اذكُروا مدبِّريكم الذينَ كلَّموكم بكَلمةِ الله. تأمَّلوا في عاقبةِ تصرُّفهم واقتدوا بإيمانهم، إنَّ يسوعَ المسيحَ هُوَ هُوَ أمسِ واليومَ وإلى مدى الدهر. لا تنقادوا لِتَعاليم متنوعَةٍ غَريَبة. فَإنَّه يَحسُنُ أن يُثبَّتَ القلبُ بالنعمة لا بِالأطعِمَة التي لم ينتفِع الذين تَعاطَوْها. إنَّ لنا مذبحًا لا سُلطانَ للذين يَخدُمُون المَسكِنَ أن يأكُلوا منهُ، لأنَّ الحيواناتِ التي يُدخَلُ بدمِها عن الخطيئة إلى الأقداسِ بيدِ رئيس الكهنةِ تُحرَقُ أجسامُها خارجِ المحلَّة، فلذلك يسوعُ أيضًا تألم خارِجَ الباب ليقدسَ الشعبَ بدمِ نفسِه. فَلنخرُجْ إذَنْ اليه إلى خَارِجِ المحلَّةِ حامِلينَ عارهُ. لأنَّهُ ليسَ لنا ههنا مدبنةٌ باقيةٌ بل نطلُبُ الآتية. فَلنقرِبْ بهِ إذَنْ ذبيحةَ التسبيحِ كلَّ حينٍ وهي ثمرُ ِشفاهٍ معتَرفةٍ لاسمهِ. لا تَنسَوْا الإحسَانَ والمؤاسَاةَ فإنَّ اللهَ يرتَضي مثلَ هذهِ الذبائح.
 
الإنجيل:
يوحنا 4: 5-42
 
في ذلك الزمانِ أتى يسوعُ إلى مدينةٍ منَ السامرَةِ  يُقالُ لها سُوخار، بقُربِ الضيعةِ التي أعطاها يعقوبُ ليُوسُفَ ابنهِ. وكانَ هُناك عينُ يعقوب. وكانَ يسوعُ قد تعِبَ مِنَ المَسير، فجلَسَ على العين، وكانَ نحوَ الساعةِ السادسة. فجاءتِ إمرأةٌ منَ السامِرةِ لتستَقي ماءً. فقال لها يسوعُ: أعطيني لأشرَبَ- فإنَّ تلاميذَهُ كانوا قد مضَوا إلى المدينةِ ليَبْتاعوا طعاماً- فقالت لهُ المرأةُ السامرية: كيفَ تَطلُبُ أن تشربَ مِنيِّ وأنتَ يهوديٌّ وأنا أمرأةٌ سامريَّةٌ، واليهودُ لا يُخالِطونَ السامِريِّين؟ أجابَ يسوعُ وقالَ لها: لو عَرفتِ عَطيَّةَ اللهِ ومَن الذي قال لكِ أعطيني لأشربَ، لَطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حيّاً. قالت له المرأةُ: يا سيِّدُ إنَّهُ ليسَ معكَ ما تستقي بهِ والبئْرُ عميقةٌ، فَمِنْ أين لك الماءُ الحيُّ؟ ألعلَّكَ أنتَ أعْظَمُ مِنْ أبينا يعقوبَ الذي أعطانا البئرَ، ومنها شَرِبَ هو وبَنوهُ وماشيتُهُ! أجابَ يسوعُ وقالَ لها: كلُّ من يشرَبُ من هذا الماءِ يعطشُ أيضاً، وأمَّا مَن يشربُ من الماء الذي أنا أُعطيهِ لهُ فلن يعطشَ إلى الأبد، بَلِ الماءُ الذي أُعطيِه لهُ يصيرُ فيهِ يَنبوعَ ماءٍ يَنبعُ إلى حياةٍ أبدّية. فقالت لهُ المرأةُ: يا سيِّدُ أعطني هذا الماءَ لكي لا أعطشَ ولا أجيءَ إلى ههنا لأستقي. فقالَ لها يسوعُ: إذهبي وادْعِي رجُلكِ وهَلُمِّي إلى ههنا. أجابتِ المرأةُ وقالت: إنَّهُ لا رجُلَ لي. فقال لها يسوعُ: قد أحسَنتِ بقولِكَ إنَّهُ لا رجُلَ لي. فإنَّهُ كان لكِ خمسَةُ رجالٍ والذي معَكِ الآنَ ليسَ رَجُلَكِ. هذا قُلتِهِ بالصِّدق. قالت لهُ المرأة: يا سيِّدُ، أرى أنَّكَ نبيٌ. آباؤنا سجدوا في هذا الجَبلِ وأنتم تقولون إنَّ المكانَ الذي ينبغي أن يُسجَدَ فيهِ هُوَ في أورشليم. قال لها يسوعُ: يا امرأةُ، صدِّقيني، إنَّها تأتي ساعةٌ لا في هذا الجبلِ ولا في أورّشَليمَ تسجُدونَ فيها للآب. أنتم تسجُدونَ لما لا تعلمون ونَحنُ نسجُدُ لما نعلَم، لأنَّ الخلاصَ هُوَ منَ اليهود. ولكن، تأتي ساعة وهيَ الآنَ حاضِرَة، إذ الساجدونَ الحقيقيُّونَ يَسجُدونَ للآبِ بالروح والحقّ. لأنَّ الآبَ إنَّما يطلُبُ الساجدينَ لهُ مِثلَ هؤلاء. اللهُ روحٌ والذين يسجُدون لهُ فبالروح والحقّ ينبغي أن يسجُدوا. قالت لهُ المرأةُ: قد عَلِمتُ أنَّ مَسيَّا، الذي يقالُ لهُ المسيحُ، يأتي. فمَتى جاءَ ذلك فهُوَ يُخبرُنا بكُلِّ شيءٍ. فقال لها يسوعُ: أنا المتكلِّمُ مَعَكِ هُوَ. وعندَ ذلكَ جاءَ تلاميذهُ فتعجَّبوا أنَّهُ يتكلَّمُ مَعَ إمرأةٍ. ولكِنْ لم يَقُلْ أحدٌ ماذا تطلُبُ أو لماذا تتكلَّمُ مَعَها. فترَكتِ المرأة جرَّتها ومضَتْ إلى المدينةِ وقالت للناس: أنظروا إنساناً قالَ لي كُلَّ ما فعلت. ألعلَّ هذا هُوَ المسيح! فخرجوا من المدينة وأقبلوا نْحوَهُ. وفي أثناء ذلكَ سألَهُ تلاميذُهُ قائلينَ: يا مُعلِّمُ كُلْ. فقالَ لهم: إنَّ لي طعاماً لآكِلَ لستم تعرِفونهُ أنتم. فقالَ التلاميذُ في ما بينهم: ألعلَّ أحداً جاءَهُ بما يَأكُل! فقالَ لهم يسوعُ: إنَّ طعامي أنْ أعمَلَ مشيئَةَ الذي أرسلَني وأُتِّممَ عملَهُ. ألستم تقولون أنتم إنَّهُ يكونُ أربعة أشهر ثمَّ يأتي الحصاد؟ وها أنا أقولُ لكم إرفعُوا عيونكم وانظُروا إلى المزارع، إنَّها قدِ ابيضَّتْ للحَصاد. والذي يحصُدُ يأخذُ أجرةً ويجمَعُ ثمراً لحياةٍ أبدَّية، لكي يفرَحَ الزارعُ والحاصدُ معًا.
ففي هذا يَصْدُقُ القولُ إنَّ واحداً يزرَعُ وآخرَ يحصُد. إني أرسلتُكُم لتحصُدوا ما لم تتعَبوا أنتم فيه. فإنَّ آخرينَ تَعِبوا وأنتُم دخلتُم على تَعبِهم. فآمنَ بهِ من تلكَ المدينةِ كثيرونَ مِنَ السامريينَ من أجلِ كلامِ المرأةِ التي كانت تشهَدُ أن قدْ قالَ لي كلَّ ما فعلت. ولمَّا أتى إليهِ السامريُّونَ سألوهُ أن يقيمَ عِندهُم، فمكَثَ هناكَ يومين. فآمنَ جَمعٌ أكثرُ من أولئكَ جدّاً من أجل كلامِهِ. وكانوا يقولونَ للمرأةِ: لسنا من أجل كلامِكِ نُؤمنُ الآن، لأنَّا نحنُ قد سمعْنا ونَعْلَمُ أنَّ هذا هُوَ بالحقيقةِ المسيحُ مُخلِّصُ العالَم.
 
في الإنجيل
 
فوتيني السامريّة قال فيها القدّيس يوحنّا الذهبي الفم :" هذه الفقيرة والغنيّة، الزانية والرسولة، الجاهلة والمؤمنة، هذه الامرأة التي دنّست الكثيرين وخدمت كلمة الله الوحيد، التي تدنّست بالخطايا الكثيرة وتطهّرت منها، التي عطشت ورغبت أن تشرب ماء الحياة الأبديّة، التي ورثت في النهاية نعمة عطايا السماء". هذه القدّيسة التي أهّلها الرّب أن تتدرّج في معرفته لكونه عرف كيف يصطادها بشباك الحبّ الإلهي فكشف لها أسرار السماء ففضلتها على أمانٍ مؤقت وحنانٍ زائف وقدّمت نفسها وأولادها السبعة ذبيحةً على مائدة الرّب بعد عذاباتٍ مريرةٍ حظيت بها سلّمًا إلى السماء وإكليل ظفرٍ على هامتها.
 
 الرسوليّة، البشارة ، كما نتقلفها من سيرة هذه القدّيسة لا تتعلّق بمقدار موهبة الكلام التي يتمتّع بها الإنسان المبشر فقط بلّ أيضاً بالنعمة المنسكبة على شفتيه مثل النار لتنزل إلى قلوب مستمعيه، وهذا، تاليًا، يقتضي بأن يكون المستمع ملتهبًا بهذا الرّوح، كما كانت السامريّة في بدء حوارها مع السيّد تقف موقف المواجهة، كما بين الأعداء، فأعطت الرّب صبغة "اليهوديّ"، واليهود لا يخالطون السامريين لئلا يتنجسوا. فقد يصطدم المبشِّر بحاجز العداوة أو بأيِّ حاجز يمنع التلاقي والاستماع. لكنّ الحبّ الذي فيه يجب أن يأبى عليه الاعتكاف والتخلّي. ذلك أنّ الحبّ الإلهي الذي ناله لا بدَّ أن يفيض على من حوله إن استمرّ بسعيه لنقل الكلمة الإلهيّة.
 
الرّب حطّم حاجز العداوة الراسخ في ذهن السامريّة، وهي تخطّت أيضًا وأبدت احترامًا ودعته بالـ" سيّد " لكون المتكلّم، المتحاور، لا يبدي تعدّيًا على فكر المستمع ولا ضغطًا ولا إرهابًا بل لطفًا وطول أناة وذلك "أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة". وهذه الصيغة الحواريّة نفتقدها اليوم في كلّ مجالات الحوار وعلى كلّ الأصعدة في مجتمعنا الحالي فكيف على المنحى البشاري إن وُجد؟
 
قد يتساءل الساعي إلى البشارة والداعي لها: "ألا يكفي الكلام اللّطيف واللّين والمنمّق والجميل لنقل البشارة ؟". بالفعل، لقد استعمل الرّبّ الكلام اللّين واللّطيف فلم يواجه الزانية لا بإدانة ولا بتوبيخ لكونها تساكن رجلاً بعد وفاة أزواجها الخمسة لا بل سعى للقائها دون تلاميذه لئلا يتلفظوا بما يساهم في فرارها من وجهه قبل محاورته. وليس هذا فقط بل دخل إلى أعماق نفسها فكشف لها ما فتئت تحاول تخبئته في نفسها من ضعف وهوى. لذا رأت فوتيني في مَن يحاورها صورة نبيٍّ "أرى أنك نبي" لأنه يدخل إلى أعماق الآخر، إلى قلبه فيخاطب القلبُ القلبَ. فالمبشر لا يبدي تعاليًا بل اتضاعًا وحبًّا. لقد أظهر المسيح أمام المرأة تنازلاً كاملاً. نزل إلى مستوى ضعفها من أجل أن يرفعها شيئًا فشيئًا إلى أعالي المعاني العظيمة، لكي يخلق فيها شوقًا إلى العطايا الرّوحيّة بدل الدنيويّة.
المبشّر، والبشارة على عاتقنا أجمعين، وإن استقال أغلبنا، لا يرمي دوره على اختصاصيين بل يُدرك أنه ناقل للحقيقة الإلهيّة لكونه شاهداً لها، ولا يستبعد المؤمن نفسه عن هذه المهمة وإلاّ لعُدَّ في مصاف الفاترين الذين يتقيأهم الرّب.ولا حجة في تنحيه عن البشارة. فالله، على حسب الذهبي الفم، جلس مع امرأةٍ يتحادث، لفرط محبته للبشر. الجالس على الشاروبيم يكلّم امرأة زانية. فما حجتنا نحن بعد إلا إذا نسينا محبتا الأولى لله وللبشر (رؤ 4:2). هدفنا وهدف كلّ مبشّر أن يهيِّىء مستمعه إلى الإيمان لكونه ينظر اولاً إلى خلاص نفسه ومن ثمَّ إلى كل من حوله فينطبق القول فيه "إلى كلّ المسكونة خرج صوته وإلى أقاصي الأرض انبثَّ كلامه " (مز 4:18).
المبشر الحقّ هو من يستتر ليكشف السيّد، فإن تجلّى عوضًا عنه بات عمله مُضِلاً وأصبح هو في عداد المُضَلّين الذين نبذهم الرّب.
 
فلنتعلّم من السامريّة القدّيسة أن نتوارى بعد البشارة، الرعاية، التعليم، الذي ننقل به المسيح إلى العالم ولنفرح إن قالوا :"لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن بل لأننا سمعنا ولمسنا ونعلم أنَّ هذا هو بالحقيقة مخلّص العالم"، لأن هذا هو المبتغى. آمين
الإيمان والـمعرفة
 
سُئِل القديس يوستينوس بوبوفيتش الصربي: وما هي الحياة الأبدية؟ فأجاب: "الحياة الأبدية هي فهمُ كلِّ الأشياء في الله." فالمحبة تأتي من خلال الفهم، ومعرفة الله تتغلّب على كلّ الرغبات. القلب الذي يحصل على هذه المعرفة تصير كلّ مباهج الدنيا عنده غير ضرورية، إذ لا شيء يضاهي بهجةَ معرفة الله. المعرفة، إذًا، هي الغلبة على الموت، ربطُ هذه الحياة بعدم الموت واتّحاد الإنسان بالله. عملُ المعرفة بحدّ ذاتِه يلامس الخلود، إذ بالمعرفة يتخطّى الإنسان حدود الذاتيّ ويدخل عالمَ ما فوق الذاتي. وعندما يكون الله موضوعَ ما فوق الذاتيّ، يصير سرُّ المعرفةِ سرَّ الأسرار ولغزَ الألغاز. إنّ معرفةً مثلَ هذه هي نسيجٌ صوفيٌ يحيكه الإنسان المتّحد بالله على نول النفس.
 
بالنسبة للمعرفة الإلهية، أكثر المسائل أساسيّة هي مسألة الحقيقة. تحمل المعرفةُ في ذاتها جذباً لا يُقاوَم نحو السرّ غير المحدود، وهذا الجوع إلى الحقيقة، وهو غريزي في المعرفة البشرية، لا يكتفي إلى أن تصير المعرفةُ الأبديةُ المطلَقةُ مادةَ المعرفةِ البشرية. عندئذ المعرفة، في إدراكها لِذاتِها، تكتسب إدراكَ الله وفي معرفتِها لذاتِها تصل إلى معرفةِ الله، لكنّ هذا لا يُعطى للإنسان إلا بالمسيح وحده، الإلهِ الإنسان، الذي هو التجسّد الوحيد للحقيقة الأبدية وتشخيصها في عالم الحقائق البشرية. عندما يستقبل الإنسانُ الإلهَ الإنسانَ في ذاتِه، على أنّه نفسُ نفسِه وحياة حياتِه، يصير الإنسان ممتلئاً بشكل ثابت من معرفةِ الحقيقة الأبدية.
 
إنّ الإنسان الذي يستعيد أعضاء معرفته بممارسة الفضائل ويحوّلها هو مَن يصل إلى إدراك الحقيقة ومعرفتها. بالنسبةِ له، الإيمان والمعرفة وكل ما يأتي معهما، كلٌّ عضوي لا ينقسم. إنهم يتِمّون ويتمّمون أحدُهم الآخر، وكلّ واحد منهم يثبّت الآخر ويعيله. نورُ العقل يولّد الإيمان، يقول القديس إسحق السرياني، والإيمانُ يولّد عزاءَ الرجاء، بينما الرجاء يحصّن القلب. الإيمانُ هو استنارة الفهم. الإيمان الذي يغمرُ الفهمَ بالنور، يحرّر الإنسان من العُجب والشكّ، ومعروف على أنّه المعرفة وظهور الحقيقة.
 
تأتي المعرفة المقدّسة من الحياة المقدّسة بينما الغرور يظلِم تلك المعرفة. نور الحقيقة يزداد وينقص بحسب طريقة الإنسان في الحياة. تقع التجارب الرهيبة على الذين يسعون إلى عيش حياة روحية. بالتالي ينبغي أن يعبر جهاد الإيمان بعذابات عظيمة ومِحَن لكي يبلغ إلى معرفة الحقيقة. الفكر المهتّز والأفكار المشوّشة هي ثمرة الحياة المضطربة، وهذه تظلِم النفس. عندما تُطرَد الأهواء من النفس بمعونة الفضائل، وتُسدَل ستارة الأهواء عن عيني الفكر، يمكن للعقل أن يدرك مجدَ العالم الآخر. عندما تنمو النفس من خلال الفضائل ويُثَبَّت العقل في الحقيقة يصير راسخاً ومزوّداً للقاء كل هوى وضحدِه. يأتي التحرر من الأهواء بصَلبِ العقل والجسد. هذا يؤهّل الإنسان لمعاينة الله. يُصلَب الفكرُ عندما تُطرد الأفكار الدَنِسة منه، والجسدُ عندما تُقتَلَع جذور الأهواء. الجسد المُسَلَّم للّذّة لا يمكن أن يكون مسكناً لمعرفة الله. بالفضائل يُبلَغ إلى المعرفة الحقيقية، أي إلى كشف الأسرار. وهذه تكون المعرفة التي تخلّص.
 
أخبـــارنــــا 
عيد القديس جاورجيوس في دير القديس جاورجيوس الكفر- أميون
 
بمناسبة عيد القديس جاورجيوس، العظيم في الشهداء اللابس الظفر، الموافق في 6 أيار تقام سهرانية الأربعاء الموافق في 5 أيار وتبدأ الساعة السابعة مساءً صلاة النوم والغروب + كسر الخبزات الخمس والسحر والقداس. ونهار الخميس تبقى أبواب الدير مفتوحة من العاشرة صباحًا حتى الرابعة بعد الظهر للتبرُّك من البقايا المقدسة