الأحد 15 تشرين الثاني 2009

الأحد 15 تشرين الثاني 2009

15 تشرين الثاني 2009
الأحد 15 تشرين الثاني  2009
العدد 46
السنة الخامسة عشرة
اللحن السادس   الإيوثينا الأولى
الأحد 23 بعد العنصرة
 
أعياد الأسبوع
 
15: الشهداء غورياس وصاموناس وأفيفس (بدء صوم الميلاد)
16: متى الرسول الإنجيلي.
17: غريغوريوس العجائبي أسقف قيسارية الجديدة.
18: بلاطن ورومانوس الشهيدين.
19: عوبديا النبي، برلعام الشهيد.
20: تقدمة عيد الدخول، غريغوريوس البانياسي، بروكلس بطريرك القسطنطينية.
21: عيد دخول سيدتنا والدة  الإله الى الهيكل.
طروبارية القيامة                                    باللحن السادس
 
إنَّ القوّاتِ الملائكيّة ظهرُوا على قبرك الموقَّر، والحرّاسَ صاروا كالأموات، ومريمَ وقفت عندَ القبر طالبةً جسدَك الطاهر، فسَبيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّب منها، وصادفْتَ البتول مانحاً الحياة، فيا من قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ، المجدُ لك. 
قنداق دخول السيِّدة إلى الهيكل            باللحن الرابع
 
إنّ الهيكل الكلّيَّ النَّقاوة، هيكلَ المخلّص، البتولَ الخِدْرَ الجزيلَ الثَّمن، والكَنْزَ الطاهرَ لْمجدِ الله، اليومَ تَدْخُلُ إلى بيتِ الرَّبّ، وتُدخِلُ معَها النِّعمةََ التي بالرّوح الإلهيّ. فَلْتسَبِّحْها ملائكة الله، لأنّها هي المِظلَّةُ السَّماوية.
الرسالة: 
أفسس 2: 4-10
 
خلِّصْ يا ربُّ شعبَكَ وبارك ميراثك                  
إليك يا ربُّ أصرُخُ: إلهي
 
يا إخوةُ، إنَّ الله، لكونِهِ غنيًّا بالرحَمةِ، ومن أجل كثرَةِ محبتِه التي أحبَّنا بها حينَ كُنَّا أمواتًا بالزَّلاتِ، أحيانا مع المسيح. (فإنَّكم بالنِعمَةِ مخلَّصون). وأقامَنا معهُ وأجلَسنا معهُ في السماويَّاتِ في المسيحِ يسوع، ليُظهِرَ في الدهور المستقبَلَةِ فَرْطَ غِنى نِعمَتِه باللطفِ بنا في المسيح يسوع. فإنَّكم بالنِعمَةِ مخلَّصونَ بواسِطةِ الإيمان. وذلك ليسَ منكم إنَّما هُوَ عَطيَّةُ الله، وليسَ من الأعمال لئلاَّ يفتخِرَ أحدٌ. لأنَّا نحنُ صُنعُهُ مخلوقينَ في المسيحِ يسوعَ للأعمالِ الصالِحةِ التي سبقَ اللهُ فأعَدَّها لنسلُكَ فيها.
الإنجيل: 
لوقا 10: 25-37 (لوقا 8)
 
في ذلك الزمان دنا إلى يسوعَ ناموسيٌّ وقال مجرِّبًا لهُ: يا معلِّمُ، ماذا أعملُ لأرِثَ الحياةَ الأبديَّة؟ فقال لهُ: ماذا كُتِبَ في الناموس؟ كيف تقرأُ؟ فأجابَ وقال: أحبِبِ الربَّ إلهكَ من كلِّ قلبِك ومن كلّ نفسِك ومن كلّ قدرتِك ومن كلّ ذهنِك، وقريبَك كنفسِك، فقال لهُ: بالصواب أجبتَ. إِعمَلْ ذلك فتحيا. فأراد أن يَزكِّيَ نفسَهُ فقال ليسوعَ: ومَن قريبي؟ فعاد يسوع وقال: كان إنسانٌ منحدِراً من أورشليمَ إلى أريحا، فوقع بين لصوصٍ، فعَرَّوهُ وجرَّحوهُ وتركوهُ بين حيٍّ وميتٍ. فاتَّفق أنَّ كاهناً كان منحدراً في ذلك الطريقِ، فأبصرَهُ وجاز من أمامهِ، وكذلك لاوِيٌّ، وأتى إلى المكانِ فأبصرَهُ وجازَ مِن أمامِه. ثمَّ إنَّ سامِريًّا مسافِرًا مرَّ بِه، فلمَّا رآهُ تحنَّن، فدنا اليهِ وضَمَّدَ جراحاتهِ وصَبَّ عليها زيتاً وخمراً وحملهُ على دابَّتهِ وأتى بهِ إلى فندقٍ واعتنى بأمرِهِ. وفي الغدِ فيما هو خارجٌ أخرَجَ دينارين وأعْطاهما لصاحِب الفندقِ وقالَ لهُ اعتَنِ بأمرهِ. ومهما تُنفق فوقَ هذا فأنا أدفَعَهُ لك عند عودتي. فأيُّ هؤُّلاءِ الثلاثةِ تَحسَبُ صار قريباً للذي وقع بين اللصوص؟ قال: الذي صنع َ إليهِ الرحمة. فقال لهُ يسوع: إِمضِ فاصنعْ أنتَ أيضاً كذلك.
في الإنجيل
 
هذا الإنسان كانَ من النّامُوسِيِّين. والنّامُوسِيُّونَ هم الّذين كانوا يفسِّرُونَ ناموسَ موسى ويُعلِّمُونَهُ للشَّعب. وكانَ يُفتَرَضُ بِهِم أن يُعطُوا جَوابًا لِكُلِّ مَن يسألُهُم عن أيّةِ مسألةٍ نامُوسِيّة. فلمّا سَمِعَ هذا النّامُوسِيُّ بِتعليمِ يسوعَ واجتِذابِهِ النّاسَ وراءَه، أصابَتهُ الكبرياءُ بسببِ تفكيرِهِ بأنْ لا أحدَ يعرِفُ النامُوسَ كما يعرفُهُ هُوَ، وحَرَّكَهُ الحَسَدُ لِرُؤيَتِهِ الشَّعبَ يَتْبع يَسُوع. لذلكَ أشارَ لوقا بقَولِه: "مُجَرِّبًا لَهُ"، أي أنّه لَم يأتِ إلى يسوعَ ليَسمَعَ منه ويستفيدَ، بل لِيُجَرِّبَهُ وَيُحارِبَ تعليمَه.
 
فالسّؤالُ الأوَّلُ الّذي طَرَحَهُ هذا النّامُوسِيُّ على الرَّبِّ يَسُوع (ماذا أعملُ لأرِثَ الحياةَ الأَبَدِيَّةَ) هُوَ فَخٌّ نَصَبَهُ لَهُ، لأنّهُ كانَ يتَوَقَّعُ منه أن يُعطِيَهُ نامُوسًا جديدًا غيرَ المعروف، فيتّخذَه حجَّةً للطَّعنِ بِهِ مِن حَيثُ إِنَّهُ مُضادٌّ للّهِ، وَيُعَلِّمُ نامُوسًا آخَر غيرَ نامُوسِ الله. إلاّ أَنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فاجأَهُ بأنّهُ انطَلَقَ مِن النّامُوسِ ذاتِهِ لِكَي يُوصِلَهُ إلى شَريعَةِ الرَّحمةِ والمحبَّة. لذلك رَدَّ سُؤالَهُ بِسُؤالٍ (ماذا كُتِبَ في النّامُوسِ؟ كيفَ تَقرَأُ؟). أَيْ إنّني لَستُ ضِدَّ النّامُوسِ الّذي أُعطِيَ لَكُم قَدِيمًا، بَلْ أنا واضِعُهُ، ولكِنْ قُلْ لِي: كَيفَ تَقرَأُ ذلكَ النّامُوس؟ بِأَيِّ رُوحٍ تَقرَأُه؟ أَتَقرَأُهُ بِحَسَبِ الحَرفِ فقط أم بِحَسَبِ الرُّوحِ أيضًا؟ فما كان من النّامُوسِيِّ إلاّ أَن أتى بِوَصِيَّةِ محبَّةِ اللهِ ومحبَّةِ القَريب الواردة في سِفر اللاوِيِّين (19: 18 )، وفي سِفر التّثنية (6: 5 و30: 6)، ظَنًّا منهُ أَنَّهُ بهذا الجَوابِ قد أَفحَمَ يَسُوعَ وَأَظهَرَ نفسَهُ بارِعًا في حِفظِ النّامُوس. إلاّ أَنَّ يسوع لَم يَكُنْ تهمّه هذه النّقطة، لذلكَ قالَ لَهُ (إعمَلْ هذا فتَحيا). أيّ: أنتَ تَعرِفُ وَصايا النّامُوس، لا سِيّما وَصيَّةُ محبَّةِ اللهِ ومحبَّةِ القريب، فحَسَنًا تَفعَل؛ لأنَّكَ إذا فَهِمتَ رُوحِيَّةَ هذه الوَصيَّةِ، وَسَلَكْتَ في حَياتِكَ بِمُوجِبِها، فبِإِمكانِكَ أَن تَرِثَ الحياةَ الأَبَدِيّة.
عندما وَصَلَ الحِوارُ إلى هذا الحَدّ، شَعَرَ النّامُوسِيُّ بالفَشَلِ في المهمّةِ الّتي جاءَ مِن أجلِها، أي إظهارِ يَسُوعَ مُتَعَدِّيًا للنّاموس. وَمِن جِهَةٍ ثانية، أَحَسَّ بِأَنَّهُ صارَ مَوضِعَ سُخرِيَةٍ، إِذْ ظَهَرَ غَيرَ فاهِمٍ للنّامُوسِ الّذي يَعرِفُه حَقَّ المَعرفة، بِدَلِيلِ قَولِ يَسُوع لَهُ (إِعمَلْ هذا فَتَحيا)، وكأنَّهُ يَقُولُ لَهُ: ما دُمتَ تَعرِفُ هذه الوَصِيَّةَ الّتي تَقُودُ إلى الحياة، فَلِماذا تَسأَلُني (يا معلِّم، ماذا أعملُ لأرِثَ الحياة)؟ وَجَدَ النّامُوسِيُّ نَفسَهُ في مَوقِفٍ حَرِج، فَلَم يُرِدْ أن يَنسَحِبَ عندَ هذا الحَدّ، بَل أرادَ أن يَستعيدَ شيئًا من كَرامَتِهِ المفقودة، وأن يُظهِرَ أَنَّ سؤالَهُ لَم يَكُنْ سخيفًا وَفارِغًا، فَطَرَحَ سؤالَهُ الثّاني (وَمَن قَريبي؟)، حيثُ أنَّ الشِّقَّ الأَوَّلَ مِن وَصِيَّةِ المحبَّة يتعلَّقُ بمحَبَّةِ الله، وَاللهُ لَيسَ مَوضُوعَ جَدَلٍ. أمّا الشِّقُّ الثّاني فيتعلَّقُ بِمَحَبَّةِ القَريب، والنّامُوسِيُّونَ لَم يَكُونُوا يَحسبونَ كُلَّ إنسانٍ قَريبَهُم، بَل أبناءَ جنسِهِم وَأَصدقاءَهُم فقط. فما كانَ مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ إلاّ أَنِ انتَهَزَ هذا السّؤالَ الثّاني فُرصةً للتّعليم، فَسَرَدَ قِصَّةِ السّامِرِيِّ الصّالح.
 
وَزُبدَةُ هذه القِصَّةِ- المَثَلِ، أَنَّ كُلَّ إنسانٍ هُوَ قَرِيبُنا. ومرَّةً ثانيةً، رَدَّ يَسُوعُ سُؤالَ النّامُوسِيِّ بِسُؤالٍ (مَن مِن هؤلاءِ الثّلاثةِ تَحسَبُهُ صارَ قَرِيبًا لِلّذي وَقَعَ بَينَ اللُّصُوص؟). هُنا وَجَدَ النّامُوسِيُّ نفسَهُ مُجبَرًا على الإقرارِ بِالحَقّ، فأجاب (الّذي صَنَعَ إِلَيهِ الرَّحمة)، مُقِرًّا بِالحقيقةِ الّتي كانَ يتَرَبَّصُ بِيَسُوعَ أن يَقُولَها في البِدايَةِ لِيُحارِبَهُ على أساسِها. هُوَ كانَ يَعلَمُ وَيُعَلِّمُ أَنْ لَيسَ كُلُّ إنسانٍ قَريبَنا، وَإِذا بِهِ الآنَ يُقِرُّ بِأَنَّ كُلَّ إنسانٍ يَصنَعُ إِلَينا الرَّحمةَ يَكُونُ قَرِيبَنا.
 
وهكذا ظَهَرَ إِفلاسُ النّامُوسِيِّينَ الّذينَ اعتَنَوا كَثِيرًا بِدِراسَةِ النّامُوسِ وَحِفظِهِ وَتَعليمِهِ لِلنّاسِ، إِلاّ أنَّهُم أَغرَقُوا أَنفُسَهُم بِحَرْفِيَّتِهِ القاتِلة، وَلَم يُدرِكُوا رَوحَهُ الّتي تَكمُنُ فيها قُوَّةُ الحياة. وفي الوقتِ ذاتِهِ ظَهَرَتِ الحكمةُ الإلهيَّةُ الحقيقيَّةُ في تعليمِ رَبِّنا وَمُخَلِّصِنا يَسُوعَ المسيح الّذي أتى إِلَينا لِتَكُونَ لَنا الحياةُ، وَلِكَي تَكُونَ لَنا أَوفَر. آمين.
 
*********
ماران أثا
 
المسيحيّون الأَوائل كانوا إلى القرن الثالث الميلادي يعيشون بهاجس أنّ "ماران أثا" (1كو 16: 22)، أي أن محور حياتهم كان أنّ "الربّ يأتي". هذا ما يصطلح الدارسون على تسميته بالمنحى "الإسخاتولوجيّ"، أي الإنقضائيّ أو الآخِرِيّ (من الآخِرَة)، للمسيحيّة في القرون الأولى. لمّا صار المسيحيّون في أمان من الاضطهاد بسبب إيمانهم بالمسيح، بدأوا ينسون أن "الربّ آتٍ" ويجب عليهم، بالتالي، أن يكون أساس إهتمامهم في حياتهم هو كيف يكونون مستعدّين لاستقباله عند حضوره. لذلك، تَبَلَّدَ المسيحيّون، أي صاروا من أبناء الوطن الأرضيّ وصار انتماؤهم إلى هذه المعمورة يطغى على ما كانوا قد تسلّموه وهو أنّهم "متغرّبون" (1بط 1: 1) في هذا العالم وأنّه "ليس لنا ههنا مدينة باقية بل نطلب العتيدة" (عب 13: 14). في هذا الظرف نشأت الرهبنة كحركة تجديد وعودة إلى الجذور بآن لتذكّر المسيحيين بأنّهم أبناء الآخرة والعالم الآتي، أبناء الخليقة الجديدة وملكوت السماوات، أبناء الله وعلى صورة ومثال ابنه يجب أن يكونوا ويصيروا. أتت الرهبنة لتقول للمسيحيين، أوّلاً، وللعالم ثانية، إنّ عيش الإنجيل ممكن، لا بل هو معنى الحياة وبه يصير للحياة معنًى لأنّه (أي الإنجيل) هو الطريق التي ينبغي سلوكها لتحقيق معنى وجودنا كبشر.
 
"ماران أثا" تعبير جوهري لانتظارات المسيحيّ من الحياة وشوقه فيها. من يحيا في انتظار مجيء الربّ هو إنسان يسعى أن يكون أمينًا على الوكالة التي ائتمن عليها، هو يحيا هنا على الأرض أمّا قلبه فمتّجه إلى السماوات أي إلى وجه الربّ. هذا الإنسان يحيا في الاستعداد منتظراً حضور الربّ إليه وحضوره هو أمامه، حياته مشدودة إلى ما هو خارج الزمان والمكان لأنّ القلب، بالمعنى العميق للكلمة، بعد أن ذاق وخبر طعم "مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ " (1كو 2: 9) لايعود يطلب الفانيات.
 
الرب يسوع كان آتيًا وقريبًا من الذين ينتظرون حضوره بفارغ الصبر. اليوم، ترانا نعيش وقد تأقلمنا مع الفكرة بأن مجيء الربّ بعيد جدًّا ولا يعنينا. خفِيَ علينا أن كلّ انتقال من هذه الحياة هو انتقال إلى حضرة الربّ، ومن لم يكن مستريحًا في حضرة الربّ منذ الآن وفرحًا بقربه منه لن يكون مثوله أمام حضرة العرش الإلهي للفرح بل لحزن لا إمكانيّة ذاتيّة وفعليّة للشخص بتغييرها، لأنّ فرص التغيير والتطوّر في العلاقة مع الرب تنتمي إلى هذا العالم المحدَّد بالمكان والزمان، أمّا ما عدا ذلك فيرجع إلى رحمة الله فقط، وهذا ما لا نملك معرفته لأنّ الربّ يقول: "أتراءَف على من أتراءَف وارحم من أرحم" (خر 33: 19).
 
"لِذلِكَ كَمَا يَقُولُ الرُّوحُ الْقُدُسُ:‘الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ 8فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي الإِسْخَاطِ، يَوْمَ التَّجْرِبَةِ فِي الْقَفْرِ 9حَيْثُ جَرَّبَنِي آبَاؤُكُمُ. اخْتَبَرُونِي وَأَبْصَرُوا أَعْمَالِي أَرْبَعِينَ سَنَةً. 10لِذلِكَ مَقَتُّ ذلِكَ الْجِيلَ، وَقُلْتُ: إِنَّهُمْ دَائِمًا يَضِلُّونَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا سُبُلِي. حَتَّى أَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي: لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي". (عب 3: 7- 11)
 
مَنْ خَبِرَ معرفة الربّ الكيانيّة في القلب بالنعمة يصير إيقونةً للآتي على سحاب السماء، ويشكّل حضورًا قويًا للربّ، ويضحي روحًا من روح الله ناقلاً البشر من هذا الزمن إلى زمن الملكوت، إلى الآخرة إلى اللازمن في الأبديّة. هذا هو المسيحي، إنّه الشاهد الأمين في كيانه وحياته "للذي يأتي"، إنّه من ينتزع البشر من هذا الزمن ليرميهم في الحضرة الإلهيّة، في الآخرة بمجرَّد النظر إليه لأنّ فيه يتمّ استعلان سرّ المسيح القائم من بين الأموات. 
 
ماران أثا
 
*********
حوار مع سيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس)
 
سيدي الحبيب وراعيَّ الجليل تبادر لذهني بعض الأسئلة بما يتعلّق بشخصك الكريم فأرجو أن تتكرّم بالإجابة عنها :
1- كيف يمكن للراهب المتنسك في ديره أن يحيا أسقفًا في العالم؟
الراهب، أيها الحبيب، يبقى راهبًا أكان في العالم أم خارج العالم، وذلك لكونه ينتمي أصلاً لله ويرتبط بسلوكه الأخلاقي، وبنيةُ الإنسان الداخليّة هي الأساس. الأرثوذكسي هو الذي يعيش في المسيح أينما وُجدَ، في حضرة الله الدائمة. الحياة البشريّة واحدةٌ لا تتجزأ. حياتنا واحدة، ولا يليق بنا أن نعيش مسيحيًّا في الكنيسة وعالميًّا في العالم. هذا كذبٌ، انفصام، وعدم صدقٍ. الراهب يطيع الله أكان في العالم أم في الدير. يطيع تشبُّهًا بالمسيح الذي أطاع حتى الموت. وهذا يُدخلك تاليًا في علاقة حميميّة مع الآخر، علاقة محبّة أو بسبب المحبّة.
2- بماذا تختصر رسالتك اليوم كأسقف؟
ماذا يُطلب من تابع المسيح؟ أن يتشبّه بسيّده الذي قال :" لم آت لأُخدَم بل لأَخدُم ... ولأبذل نفسي فديةً عن كثيرين". وأنا من هذا المنطلق عينه أتيت لأخدُم كنيستي والعالم كلّه أي كلّ إنسان أجده في طريقي، لأردم الهوّة بين الشعب والكنيسة، ولأوضح للمؤمنين جميعًا أنَّ الكنيسة ليست بعيدةً عن شعبها. إنَّ محبة الرّب يسوع وعيش إنجيل تواضعه ومحبته، يردمان الهوّة فنحتكّ أكثر بالإخوة الصغار. لا أعني الفقراء ماديًّا فقط بل المرضى بالجسد والنفس والرّوح، العجزة والأرامل، الخطأة، الجهلة، البعيدون عن الكنيسة. كلٌّ منّا يا بُنيّ عند وقوعه في المرض، في ضعف، في خطيئة يُصبح محتاجًا لعطف الآخرين ولتعزية الله. كلُّ واحد من إخوتنا بحاجة لمحبتنا، لعنايتنا، لرعايتنا. نحن فقراء بعضنا إلى البعض وفقراء إلى الله. وأنا، كراعٍ، ملزمٌ بحنان الله تجاههم حتى لا أدان على عدم محبتهم.
أنا أعلم أنّ الشعب طيّبٌ، يريدنا أن نذهب إليه، أن نبحث عنه أينما وُجد، وأن نفتش عن الضالّ لنعود به بفرحٍ إلى الحظيرة.
شعبنا جائعٌ، عطشانٌ، إلى كلمة الله. كنيستنا بشاريّة وويلي أنا إن لم أبشّر. والبشارة هي عودة الإنسان إلى الله تاركًا خلفه شهواته وأنانيته.
لن أنسى واجبي رعاية هذا الجيل الجديد من الشباب الطالع بالقربى والمحبّة، لأن المحبة لا تسقط أبدًا. لن أنساهم حتى لا يغرقوا في مغريات هذا الدهر وسمومه.
3- ماذا تطلب اليوم من الشعب؟
أقول لهم : ساعدوني يا محبّي الله حتى لا أغرق في هموم الحياة، في غناها وملذاتها، فيخنقنا شوكها أي الشكليات والاحتفالات والمآدب العالميّة. أقول لهم: أرجوكم ساعدوني لأني بدونكم لست شيئًا. ولإخوتي الكهنة الذين يجاهدون معي أذكّرهم بأني أستند إليهم بصورة خاصة .
4- ختامًا أبي الجليل أطلب منك صلاةً مقتضبة، إن أمكن.
أقول لربّي: "يا ربّ أعطني أن أحيا ببساطة، بساطة المسيح وفقره في العالم. أعطني أن أقبل كلَّ إنسان. علِّمني أن أكون صادقًا لا متصنعًا كاذبًا، بتمييز بصمت، بمحبة، كي أقبل كلَّ إنسان. إني ، يا ربي، ملتجىء إلى شفاعة القدّيس أفرام الذي ابتدأت معه فأنتهي معه من أجل لقياك. برحمتك الكبيرة ارحمني كما رحمته بشفاعاته وشفاعة جميع القدّيسين. آمين".
(ملاحظة: كلمات سيادة المتروبوليت أفرام مقتطفة من كلمة السيامة ومن كتاباته في نشرة دير ميخائيل- نهر بسكنتا.. فاقتضى التوضيح).
 
*********
أخبـــارنــــا
عيد دخول السيّدة إلى الهيكل في دير سيدة الناطور- أنفه
 
ببركة ورعاية صاحب السيادة راعي الأبرشية المتروبوليت أفرام، ولمناسبة عيد دخول السيّدة إلى الهيكل، تقام صلاة غروب العيد نهار الجمعة الواقع فيه 20/11/2009 الساعة الخامسة مساءً في كنيسة دخول السيدة في دير الناطور. كما سيحتفل بالقداس الإلهي نهار السبت الواقع فيه 21/11/2009 الساعة التاسعة والنصف صباحاً. يلي القداس مائدة محبة.
عيد الملاك ميخائيل في رعية بسكنتا
 
احتفل دير رئيس الملائكة ميخائيل (بسكنتا) بعيد شفيعه. وقد شارك في احتفالات العيد سيادة راعي الأبرشية  المتروبوليت أفرام (كرياكوس) رئيس الدير. وذلك بدءاً بسهرانيّة العيد مساء الجمعة – السبت 6-7 تشرين الثاني 2009. وقد عاونه في السهرانية رئيس دير رقاد السيدة- حماطورة الأرشمندريت بندلايمون (فرح) ورهبانه وعدد من الكهنة والشمامسة من الأبرشية وخارجها، وبحضور حشد كبير من المؤمنين  للمشاركة في الصلاة والتبرك. وصباح الأحد ترأس سيادته القداس الإلهي في الدير. وقد دُعي الجميع إلى مائدة محبة أعدَّها أبناء رعية الدير.
محاضرة في دير سيدة البلمند
 
يدعوكم دير سيدة البلمند البطريركي ومعهد القديس يوحنّا الدمشقّي اللاّهوتيّ، لحضور محاضرة تلقيها د. إيليني كاسيلوري تحت عنوان: "المرأة في حياة الكنيسة الأرثوذكسيّة". وذلك يوم الخميس الواقع فيه 19 تشرين الثاني 2009، في دير سيدة البلمند (قاعة جحا)، في تمام الساعة الرابعة والنصف ب.ظ. الدكتورة كاسيلوري متخصصة في العهد الجديد في أكاديمية فولوس للدراسات اللاهوتية في اليونان