أقوال موجَّهة للكهنة  للقدّيس العادم الفضّة لوقا الطبيب رئيس أساقفة كريمياس
أقوال موجَّهة للكهنة
للقدّيس العادم الفضّة لوقا الطبيب رئيس أساقفة كريمياس[1]
 
 
** كثيرة هي المواضيع في الكتاب المقدّس التي يستطيع الكاهن أن يقتبس منها ما يفيد الرعيّة إن قرأها بإمعان، ولكن قليلون هم الذي يقرأون بالروح. هنا لا بأس أن اذكّركم بأنّ القدّيس سيرافيم الساروفسكي كان ينهي العهد الجديد بأكمله أسبوعيًّا.
 
** يجد البعض صعوبة في الوعظ، فماذا أقول لأمثال هؤلاء؟ سوف أذكّرهم بما هو مكتوب على الصليب الذي يتقلّدونه فوق جبّتهم: "اعكف على القراءة والوعظ والتعليم" (1تيموثاوس 4: 13). فإن كنت لا تستطيع أن تعظ بالكلمة، عظ بطريقة أخرى. عظ بحُسن سيرتك، بحبّك للمسيح، بالمحبّة المسيحيّة لرعيّتك وكلّ من حولك، بنقاوة إيمانك وعمقه. فإن لم يكن لديك هذا العطر ولا موهبة التكلّم، فأنت لست راعيًا بل أجيرًا، وسوف تدان أمام محكمة المسيح المرهبة.11-copy.jpg
 
** قلب الكاهن هو قلب خاصّ للمسيح، ويجب أن يشعّ بالإيمان به. قلب الكاهن عليه أن يكون نارًا متوهّجة بنور الإنجيل، يسطع بمحبّة صليب يسوع المسيح، وعليه أن يفهم أنّ كلمات الرسول بولس موجّهة إليه: "وأمّا من جهتي فحاشا لي أن أفتخر إلّا بصليب ربّنا يسوع المسيح الذي به صُلب العالم لي وأنا للعالم" (غلاطية 6: 14). وإزاء هذا، يجب أن يُصلب الكاهن للعالم وإن يتخلّى عن كلّ اهتمام. لا أعرف سوى اهتمام واحد للكاهن: البشارة بإنجيل يسوع المسيح.
 
** في أيّامنا هذه صار حمل صليب رعاية شعب الله صعبًا وثقيلًا. فالشعب يعاني من العطش والجوع لسماع كلمة الله. وبالحقيقة، هذا هو هدفكم من حياتكم، أيّها الكهنة: أن تقوتوا شعب الله وتغذّوه. أم إنّكم ترون الكهنوت واسطة لتأمين عيشكم، فانخرطتم في سلكه، أم ترون خدمتكم كأي عمل بسيط آخر دنيويّ تجنون منه مجدًا بشريًّا؟

كثيرة هي الضربات الموجّهة، اليوم، إلى الكنيسة مسبّبة الجراح العديدة. من الثابت أنّ هذه تحصل بسماح من الله لكي نعقل ونعود عن أخطائنا لأنّنا كلّنا نلام. المطلوب هو التوبة، فكلّ ما مرّ بنا، أو يمر،ّ لم نتّخذه لنا درسًا ولم يعلّمنا شيئًا، وهكذا بقينا نعيش في أخطائنا بل أصبحنا أسوأ من قبل. ولذلك فالمؤمنون يبتعدون عن الكنيسة وهم في حالة إحباط ويأس ويقعون في فخاح الهرطقات المتعدّدة وبالنتيجة يخسرون أنفسهم. استفيقوا، إذًا، وارعوا النفوس التي استودعكم إيّاها الله.

** لقد وضعنا الله نحن الكهنة في هذه الرتبّة، وكلّفنا مهمّة شفاء النفوس من أهوائها لكي ينجوا من عذاب الجحيم الأبديّ. فإن كان إيماننا ضعيفًا ونفوسنا هشّة رخوة، فكيف يستطيع أن نشعل نور الإيمان في النفوس الضالّة التي أعطانا إيّاها الله لكي نرعاها ونصلّي من أجلها.
 
** لا تقلقوا وتذكّروا كلام الربّ في إنجيل القدّيس لوقا: "لا تخف أيّها القطيع الصغير لأنّ أباكم قد سرّ أن يعطيكم الملكوت" (لوقا 12: 32)؛ هذا القطيع الصغير موجود في كلّ مكان، وكلّنا يؤلّف قطيعًا صغيرًا. فاعلموا، إذًا، بأنّ قطيع المسيح لا يُغلَب ولا أحد يستطيع أن يسيء إليه. أبواب الجحيم لا تقوى على كنيسة المسيح ومن ضمنها هذا القطيع الصغير، فلماذا، إذًا، القلق ولماذا الحزن والاضطراب؟ لا يوجد تبرير لهذا. قطيع المسيح لا يُثلَم أبدًا مهما قوي مهاجموه.
 
** أفضّل أن أنفصل عن الله من أن أرى الأغنام الضعيفة بعيدة منه ومنفصله عنه.
 
** لا تدينوا الإكليريكيّن. من الأفضل لكم أن تدينوا العالم بأسره من أن تدينوا إكليريكيًّا.
 
** اشربوا القداسة لأنّها الدواء الأكثر فاعليّة. لا أقول هذا لكوني كاهنًا، بل لكوني، أيضًا، طبيبًا. هذه هي خبرتي الطبّيّة.
 
** الأمر الأعظم أهمّيّة في الحياة هو أن تصنع الخير دائمًا. فإن لم تستطع أن تقوم بأعمال كبيرة، فعلى الأقلّ حاول أن تعمل الصغير والقليل منها.
 
** لا يمكن للمؤمن أن يُعمَى، وبخاصّة إن كان كاهنًا، لأنّه يملك داخله نور المسيح الذي يمدّه بالبصر وبالأكثر بالفرح (قال هذا عندما فقد بصره). وكتب لابنه ألكسي يقول: "طبعًا العمى أمر صعب للغاية، ولكن عندما يحاط الإنسان بمحبّة الآخرين يصبح أقلّ صعوبة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى عندما يفكّر المرء بأنّ هناك عمي لا يوجد من يعتني بهم ولا من يسأل عنهم، يخفّ ثقل العمى. أظنّ أنّ فقدي لنظري لا يقف عائقًا في إتمام خدمتي الكهنوتيّة حتّى نهاية حياتي. إنّي أقبل مشيئة الله بأن أبقى أعمى بكلّ سلام وفرح داخليّين لا بل بعرفان الجميل لله وملء الثقة بأنّ العمى الداخليّ أسوأ، بما لا يقاس، من الخارجيّ. لهذا أشكر الله بلا توقّف.
 
** تسألونني هل سهل أن تكون مضطَهدًا؟ وهل سهل المرور من الباب الضيّق المليء بالأشواك؟ أسئلة كهذه تعرّفني أنّ الريبة تعشّش في قلوبكم إن كان صليب المسيح، بالفعل، ليّنًا وخفيفًا. أقول لكم: نعم، نعم. إنّه سهل وخفيف وليّن بامتياز. ولكن لماذا هو كذلك؟ ولماذا السلوك في درب مشوك سهل؟ لأنّك لن تجتازه بمفردك، بل سيرافقك المسيح نفسه، ولأنّ رحمته العظيمة سوف تعضدك وتقوّيك لا سيّما عندما تنحني تعبًا من ثقل الصليب. هو نفسه سوف يسندك ويساعدك في حمل صليبك.

         لا أتكلّم هكذا عن معرفة سطحيّة، وإنما عن تجربة شخصيّة. وأؤكّد لكم أنّي عندما كنت أتقدّم في هذا الدرب الصعب، حاملًا صليب المسيح الثقيل، لم أكن أحس بثقله، وإنّما صار هذا الطريق مصدر فرح لأنّي كنت أشعر، بشكل لا مجال للشكّ فيه، أنّ المسيح نفسه بقربي يرافقني ويساعدني في حمل صليبي. كان الحمل ثقيلًا، ولكنّي أذكر أنّه كان، أيضًا، بركة كبيرة من الربّ تشع بالفرح. الربّ يسوع رحوم ويحبّ كلّ الذين يحملون صليبهم، ولا يتركهم وحيدين، أبدًا، بل يسير معهم ويكون قربهم، ويساعدهم ويسندهم بنعمته الإلهيّة.

         أنتم، يا جميع الذين يؤمنون بالرب، يدعوكم الربّ يسوع المسيح لكي تتبعوه وتحملوا صليبه. لا تخافوا. تقدّموا بشجاعة. لا تخشوا هجوم الشيطان الذي يمنعكم من التقدّم والاستمرار في هذا الطريق. اطردوه بقوّة صليبه وقوّة اسمه القدّوس. انظروا إلى العلاء، فتجدوا الربّ يسوع المسيح يرافقكم ويسهّل لكم السير في هذا الدرب. تقدّموا.
 
 
 
[1] معرّب عن اليونانية من كتاب السيرة المختصرة للقدّيس المعترف والعادم الفضّة الطبيب لوقا رئيس أساقفة كريمياس Sunoptikh. Biograsfi.a tou/ ~Agi.ou ~Omologhtou/ ~Idra.rcou kai. avnargu.rou ivatrou/ Louka/( VArciepisko.pou Krimai.aj)