الأحد 9 شباط 2025

الأحد 9 شباط 2025

05 شباط 2025
الأحد 9 شباط 2025
العدد 6
أحد الفرّيسيّ والعشّار
اللحن الثامن، الإيوثينا الحادية عشرة

 
أعياد الأسبوع:

9: وداع عيد الدُّخول، الشَّهيد نيكيفوروس، 10: الشَّهيد في الكهنة خارالمبوس، البارّ زينون، 11: الشَّهيد في الكهنة فلاسيوس ورفقته، الملكة ثاوذورة، 12: ملاتيوس أسقُف أنطاكية، 13: الرَّسولان برسكّيلّا وأكيلّا، البارّ مرتينيانوس، 14: البارّ أفكسنديوس، البارّ مارون النَّاسك، 15: أونيسيموس أحد الرُّسل السَّبعين، البارّ أفسابيوس.
 
التواضعُ: فشلٌ أم نجاح

"من وضع نفسه ارتفع ومن رفع نفسه اتّضع"
مثل الفرّيسيّ والعشّار يتكلّم بوضوح على فضيلة التواضع. ببساطة نقول إنّ الإنسان المتواضع هو كالمسيح. "ختم المسيحيّ الخارجيّ هو الصليب وختمه الداخليّ هو التواضع" يقول أحد القدّيسين. أمّا عصرنا اليوم بعقليّته المعاصرة فهو ينادي بـ "النجاح" و"التفوّق". فكيف يكون هذا العصر مسيحيًّا؟ كيف للتواضع أن يكون حليف النجاح؟ وكيف يتفوّق المسيحيّ إذا عاش مغمورًا بالتواضع؟ هذه التساؤلات تطرح إشكاليّةً لا بدّ من التفكير فيها.

الفرّيسيّ في المثل كان إنسانًا ناجحًا بحسب مفهوم عصره، مكانته الاجتماعيّة جيّدة وحضوره الدينيّ ممدوح، والإنسان بطبيعته يفرح عندما يكون ممدوحًا. فمنذ الصغر يقول لنا آباؤنا "أحسنتم" إذا ما قمنا بعملٍ جيّد فنفرح. سألوا مرّةً شيخًا راهبًا: ما هو الأفضل: أن يمدحوك أو أن يذمّوك؟  فأجابهم: إذا فعلت الخير ومدحوني أستطيع أن أقنع ذاتي أنّ المدح ليس لي ولا أستحقّه، أمّا إذا فعلت المذمّةَ فلاموني، أُحزِنُ الله وأسبّب العثرةَ لإخوتي، وويلٌ للذي تأتي به العثرات. إذًا نجاحُ الفرّيسيّ كان سببَ إدانتهِ.

للوهلةِ الأولى، يبدو العشّارُ في المثلِ فاشلًا من منظورنا. فإنسانٌ مذلولٌ وراكعٌ على ركبتيه صورةٌ للانكسار والفشل في ذهننا. والعشّار في المثل كان يصلّي "واقفًا عن بعد من دون أن يجرؤ على أن يرفع عينيه إلى السماء، ولكنّه كان يقرع صدره قائلًا: اللّهمّ ارحمني أنا الخاطئ!". تَديُّنُ اليوم يرفض هذه الصورة، ويُفضّل بصراحةٍ صلاة الفرّيسيّ لأنّها صلاة الناجحِ. والخطأ ليس في الرغبةِ في النجاح ولكنّه في فهم التواضع.

خاطب أحد الشعراء عدوّه فقال له: "إذا أردتَ أن تراني راكعًا، اختلس النظر إليَّ وأنا أصلّي أمام الله." الركوع إذا ليس علامةَ الفشل بل وقفةٌ في حضرةِ الله. في المثل كان الفريسيّ "يقول في ذاتهِ"، إذاً فهو لم يكن يصلّي إلى الله بل إلى ذاته. خطيئة العصر ليست أنّه يحبّ النجاح بل أنّه لا يرى نجاحه أمام الله، ولا يرى الله في نجاحه: "أيٌّ شيءٍ لكم لم تُعطَوهُ من فوق!" فالصلاة فاترة، فيها اقتناعٌ وركود لأنّ العصر هو المعيار. خطيئة الإنسان المعاصر أنّه يرى نفسه المعيار. أهواؤه هي المعيار، رغباته هي المعيار، نجاحاته هي المعيار، فهو ليس كباقي الناس ولا باقي الناس مثله، هو مركزُ الكون، ينمو صبيًّا ويشبُّ صبيًّا ويكهل صبيًّا ويموت صبيًّا لأنّه معيار ذاته. وهذه هي كبرياء الفرّيسيّ.

أما العشّار فهو يخرُقُ الفتور إذ يركع "أمام الله". وأهمّيّة الركوع أنّ بعده نهوضًا. صورة العشّار ليست صورة الفشل ولا التواضع هو الضعة. التواضع، وصورته الركوع، هو اعتراف بأنّ الإنسان ترابٌ ولكنّه بنعمةِ الله متألِّه. ليس المعيار ترابه لكن المعيار كلمة الله المقدِّسة. يرى العشّار كلمةَ الله أكبر منه فيتخشّع، وحين ينهض يكبر بالنعمةِ ويذهب إلى بيته "مبرّرًا". وهو بداخلهِ مفعمًا فرحًا وسرورًا.

ليس التواضعُ فشلًا لأنّنا "لم نُعطَ روح الفشل" بل نجاحٌ معيارهُ المسيح، فرحٌ ونورٌ يكبران في داخلنا فيضيآن لجميع الذين في البيت. آمين.

+ إغناطيوس
متروبوليت المكسيك، فنزويلا
أميركا الوسطى وجزر الكاريبيّ

طروباريّة القيامة باللحن الثامن

إنحدَرْتَ من العلوِّ يا متحنِّن، وقبلْتَ الدفنَ ذا الثلاثةِ الأيّام لكي تُعتقنا من الآلام. فيا حياتنا وقيامَتنا، يا ربّ المجد لك.

طروباريّة دخول السيّد إلى الهيكل  باللحن الأوّل

إفرحي يا والدة الإله العذراء الممتلئة نعمةً، لأنّ منك أشرقَ شمسُ العدل المسيح إلهنا، منيرًا الذين في الظلام. سُرَّ وابتهج أنت أيّها الشيخ الصدِّيق، حاملًا على ذراعيكَ المعتق نفوسنا، والمانح لنا القيامة.

قنداق دخول السيّد إلى الهيكل  باللحن الأوّل

يا من بمولِدَك أيّها المسيحُ الإلهُ للمستودع البتولِّيِّ قدَّسْتَ وليَدَيْ سمعانَ كما لاقَ باركتْ، ولنا الآن أدركْتَ وخلَّصْتَ، إحفظ رعيَّتَك بسلامِ في الحروب، وأيِّدِ المؤمنين الذين أحببْتَهم، بما أنّك وحدَكَ محبٌّ للبشر.

الرسالة: 2 تيمو 3: 10-15
صَلُوا وَأوْفوا الربَّ إلهَنا

اللهُ مَعْروفٌ في أرضِ يهوَذا

يا ولدي تيموثاوس، إنّك قد استقرأت تعليمي وسيرتي وقصدي وإيماني وأناتي ومحبّتي وصبري واضطهاداتي وآلامي، وما أصابني في إنطاكية وإيقونية ولسترة، وأيّة اضطهاداتٍ احتملتُ، وقد أنقذني الرّبُّ مِن جميعها. وجميعُ الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوعَ يُضطهَدون. أمّا الأشرارُ والمغوونَ من الناس فيزدادون شرًّا مُضلِّين وضالّين. فاستمِرَّ أنتَ على ما تعلّمتَه وأيقنتَ به، مِمَّن تعلّمتَ، وأنّك منذ الطفوليّةِ تعرف الكتبَ المقدّسة القادرةَ أن تصيّرَك حكيمًا للخلاص بالإيمان بالمسيح يسوع.

الإنجيل: لو 18: 10-14

قال الربُّ هذا المَثَل: إنسانانِ صعَدا إلى الهيكلِ ليصلّيا، أحدُهما فرّيسيٌّ والآخَرُ عشّار. فكان الفرّيسيُّ واقفًا يصلّي في نفسه هكذا: أللّهمّ إنّي أشكرك لأنّني لستُ كسائر الناس الخَطَفَةِ الظالمين الفاسقين، ولا مثلَ هذا العشّار. فإنّي أصومُ في الأسبوع مرّتين وأعشّر كلّ ما هو لي. أمّا العشّار فوقف عن بُعدٍ ولم يُرِدْ أن يرفع عينيه إلى السماء، بل كان يَقرَعُ صدرَه قائلًا: "اللّهمّ ارحمني أنا الخاطئ". أقولُ لكم إنّ هذا نزل إلى بيته مبَرّرًا دون ذاك، لأنّ كلَّ من رفع نفسه اتّضع، ومن وضع نفسه ارتفع.
 
في الإنجيل

"إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصلّيا، الأوّل فرّيسيّ والآخر عشّار"، هذا ما بدأ الرّب يسوع يقوله لتلاميذه بأسلوب الأمثال الذي تعوّد عليه. ومن الطبيعيّ أنَّ سامعيه توقّعوا أن تُقبل صلاة الفرّيسيّ دون صلاة العشّار. ذلك أنَّ الفرّيسيّ يُمثّل الإنسان الصالح الذي يطبّق الشريعة.

أمّا العشّار فهو رمز الخطيئة التي لا تُغتفر. كيف لا وهو السارق والخائن لبلده، لكونه موظّفًا عند الدولة الرومانيّة التي تحتلّ بلادهم.
ما حدث هو أنَّ الرّبّ يسوع قلب الموازين، فها هو العشّار يذهب إلى بيته مسامَحًا عن كلّ خطاياه، أمّا الفرّيسيّ فلا.

ذلك أنَّ الفريسيّ لم يكن يصلّي، إنّه انتصب واقفًا وقفة متكبّر، أي أنّه وقف أمام الجميع كما وكأنّه جالسٌ في المكان الأوّل، قَصدَ الظهور أمام الناس وهو يُعدّد لله أعماله الصالحة. لقد غيّر الفرّيسيّ معنى الصلاة وغيّر أبعاد وقفة الصلاة الخاشعة المتواضعة أمام الله وفي بيت الله المقدّس. لقد استحالت صلاته عرضًا لمزايا النفس الصالحة، واستعلاءً على الآخرين وتبجّحًا ببعض أعمال التقوى والبرّ التي يلتزم بها كلّ إنسان.

أمّا العشّار فصلّى معتمدًا على رحمة الله وطالبًا إيّاها، وكأنّه الخاطئ الوحيد. لم يلتفت إلى الفرّيسيّ ولا إلى غيره، همُّه أن يرحمه الله. هذه هي الصلاة الحقيقيّة التي أدّت إلى تواضعٍ أمام الله وانسحاق قلبٍ لا إلى الكبرياء والتجبّر. هذا التواضع رفعه إلى الله، أمّا كبرياء الفرّيسيّ فمنعه من طلب الرحمة، ولهذا لم يحصل عليها.
يقول القدّيس باسيليوس الكبير: "فلنتَرَبَّ من الرّبّ الصالح القدّوس بموقف التواضع والتوبة على مثال العشّار لكي يرحمنا الله نحن الخاطئين أيضًا". والسبح لله دائمًا
 
أنت والقانون

الأحوال الشخصيّة مادّة قانونيّة حياتيّة، لأنّها تتناول حياة الإنسان من المهد إلى اللحد، لذا يمكن اعتبارها مادّة هامّة يعيشها كلّ إنسان سواءٌ أكان ذكراً أم أنثى، عازباً أم متزوّجاً. لذا ارتأينا، أبناءنا المؤمنين، نشر مضامين قانون الأحوال الشخصيّة في كنيستنا الأرثوذكسيّة الإنطاكية المقدّسة لتوعية أبنائنا المؤمنين لما فيه من فائدة للجميع.

 وسنبدأ أوّلًا بموضوع: "الخطبة الكنسيّة".

1تعريف عقد الخطبة:

الخطبة الدينيّة عقد كنسيّ يرتبط به الخطيبان متوافقَيْنِ على زواج مستقبل ويتمّ بإقامة الكاهن المأذون الصلاة القانونيّة المختصّة. (م4. من ق.أ.ش.).
وهذا النصّ يعني أنّه لا بدّ من أن يكون هنالك وعدٌ من كلّ من الجانبين بالزواج في المستقبل. وللخطبة أهمّيّتها باعتبارها مرحلة سابقة للزواج. وهي أيضًا مهمّة لقيام الزواج على أساس سليم، وللتخفيف من أخطار الطلاق لاحقًا.

2شروط انعقاد الخطبة:

تنعقد الخطبة إذا توافرت الشروط اللازمة لانعقادها أمام الكاهن وهي:
1-            الرضى المتبادل بين الخطيبين أو وكيليهما أو ولييهما.
2-            أن يكون كلّ من الخطيبين أهلًا للعقد بالغًا سنَّ الرشد وهي الثامنة عشرة ويجوز عقد الخطبة إذا كان الخطيبان بلغا سنّ التمييز وهو في الخطيب إتمام الخامسة عشرة، وفي الخطيبة إتمام الثالثة عشرة، مع مراعاة حال البنية والصحّة وموافقة الوليّ وإجازة من راعي الأبرشيّة بقرار معلّل.
3-            أن يسجّل مضمون العقد في سجلّ الخطبة في المطرانيّة في مدّة أسبوع.
4-            عدم وجود مانع من موانع الزواج كاختلاف الدين وموانع القرابة.
5-            الجنون المطبق والأمراض السارية (الجزام) التي لا يرجى الشفاء منها من موانع الخطبة.
6-            تعيين موعد الزواج، وإن أغفِل فبعد عام واحد من تاريخه، إن كان الخطيبان مقيمين في أبرشيّة واحدة وإلّا فسنتان بالحدّ الأعظم. والمحكمة تقرّر مصيرها.
7-            العربون وهو الخاتم وما يقدّمه الخطيب من هدايا وقبولها إيّاه دليل على رضاها بالعقد.
8-            إذا غرّر الخطيب بخطيبته ثمّ استنكف من عقد الزواج لزمه تقديم بدل البكارة بنسبة أمثالها والتضمينات التي تقرّرها المحكمة وفقدان العربون.

3فسخ الخطبة:

تفسخ المحاكم الروحيّة الخطبة الدينيّة حكمًا لأسباب عدّدتها حصرًا المادّة 10 من قانون الأحوال الشخصيّة وما بعدها وهي التالية:
1-            إتّفاق الطرفين.2- وفاة أحدهما أو إيثاره الحياة الرهبانيّة 3- رجوع أحدهما عنها.4 ظهور مانع قانونيّ يحول دون عقد الزواج بينهما.5- تجاوز أحدهما الموعد المعيّن لعقد الزواج. 6- التغرير والاستنكاف. 7- إصابة أحدهما بالجنون أو بمرض سارٍ غير قابل للشفاء.  8- طارئ دينيّ أو أخلاقيّ.
3الآثار المترتّبة على فسخ الخطبة.
لا بدّ من التفريق بين الآثار المترتّبة على العدول عن الخطبة بذاته، وبين الآثار التي تترتّب لمناسبة هذا العدول.
فالآثار التي تترتّب على العدول بذاته، هي إنهاء الخطبة وعودة الطرفين إلى وضعهما السابق، وردّ ما قدّم من هدايا حتّى دون تفرقة بين ما إذا كان للعدول مبرّر أم لا.
ومتى فسخت الخطبة لأحد الأسباب المُبيّنة أعلاه يعاد العربون وما هو في حكمه إلى من قدّمه إلّا أنّه إذا كان الفسخ بسبب زواج الخطيب بالغير فيخسر العربون وما هو في حكمه.
على المسبّب أن يقدّم ضعف العربون الذي أخذه أو يخسر العربون الذي قدّمه.
وبكلام آخر متى انحلت الخطبة بلا سبب من أحد الخطيبين يعاد العربون إلى من قدّمه ومتى انحلّت لسبب ناشىء عن أحدهما يخسر كلّ ما قدّمه ويضمن للفريق الآخر العطل والضرر الذي تقدّره المحكمة. (م15).

وفي حال انحلال الخطبة بوفاة أحد الخطيبيبن، يُرَدّ العربون إلى مهديه أو ورثته. وإذا انحلّت الخطبة بظهور مانع للزواج كان مجهولًا عند الفريقين كذلك يردّ العربون إلى صاحبه. والخطبة لا تخوِّل أحد الفريقين حقّ الادّعاء بإكراه الآخر على الزواج، وإنّما تخوّله المطالبة بتحديد موعد الزواج وتنفيذه وعند استنكافه منه تخوّل الآخر الادّعاء بإعادة العربون وهدايا الخطبة. والعطل والضرر تقدرهما المحكمة الروحيّة.

ولقد حدّد القانون فترة سنة للادّعاء بجميع الحقوق الناشئة عن فسخ الخطبة، ومضيّ سنة على هذا الفسخ يسقط كلّ هذه الحقوق.
إذا انحلّت الخطبة بمجرد وفاة أحد الخطيبين أو إيثاره الرهبنة يردّ العربون إلى مهديه أو ورثته. أما إذا كان هنالك سبب آخر فيعود التقدير للمحكمة.
إذا انحلّت الخطبة بظهور مانع كان مجهولًا عند الفريقين يحول دون عقد الزواج، يردّ العربون إلى صاحبه.
المداعاة (المطالبة) بجميع الحقوق الناشئة عن فسخ الخطبة، تسقط بمضيّ سنة من تاريخ الفسخ.

إن قانون الخطبة وكلّ ما يتعلّق به من قوانين هو ساري المفعول لكلّ أبناء الكرسيّ الإنطاكيّ أينما وجدوا.