الأربعاء 25 كانون الأوّل 2024

الأربعاء 25 كانون الأوّل 2024

25 كانون الأول 2024
الأربعاء 25 كانون الأوّل 2024
العدد52
ميلاد ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح بالجسد


رسالة الميلاد
تطويبات الميلاد

تُرى من هو المولود في بيت لحم اليهوديّة المولود في مغارة حقيرة، فقيرة؟!
هو المسيح الإله وحده، هو الوديع والمتواضع بالروحHumble et Pauvre d’Esprit
"طوبى للمساكين بالروح لأنّ لهم ملكوت السموات" (متّى 5: 3).
طوبى للفقراء لأنّهم يعزّون Bien heureux. أن يفتقر الإنسانُ الى الله، أن يتسلّحَ بروح الفقر هو أن يظلّ غيرَ متعلّق بالعالم détaché
ثقته بالله وحده وسعادته وفرحه Béatitude به وحده

"إفرحوا في ذلك اليوم وتهلّلوا وابتهجوا" (لوقا 6: 23). Réjouissez- vous. Sautez de Joie حقًّا أمام كلّ هذا المشهد الغريب الجديد!
هناك تضادّ opposition بين روح العالم الساقط وروح المسيح المولود فقيرًا وديعًا في مغارة بيت لحم.
يقول الرسول يوحنّا الإنجيليّ "لا تحبّوا العالم (الساقط) وما في العالم لأنّ كلّ ما في (مثل هذا) العالم: شهوةُ الجسد وشهوةُ العين وتعظّمُ المعيشة والعالم يمضي وشهوته أمّا الذي يصنع مشيئة الله فهو يدوم إلى الأبد" (1 يو 2: 15-17).

المسيح المولود في بيت لحم اليهوديّة غريبٌ عن هذا العالم الساقط في الغنى الماليّ، في حبّ السلطة وجشعها، في الشهوات الرديئة، وهو غريبٌ حتّى عن هذا الفرح العالميّ وحبّ الظهور!
هو الذي قال لنا في إنجيله: "تعلّموا منيّ أنا الوديع والمتواضع القلب تجدوا راحةً في نفوسكم"

أيّها الأحبّاء في الربّ يسوع المولود اليوم في بيت لحم، في مغارة مظلمة فيها بذور نورٍ قياميّ، إنّ الإنسان اليوم المؤمن بالربّ يسوع ورغم كلّ ما يحصل في هذا العالم الشقيّ، لم يزل يتوق إلى قيامة عالم جديد بعيد عن الحروب تسود فيه العدالة والرحمة والمحبّة، وقبول الآخر، مهما كان جنسه لأنّ هذا هو رجاؤنا نحن المسيحيّين بعد صليب المسيح، وغلبته على الشيطان وقيامته إلى الأبد. آمين.

+
أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
طروباريّة عيد الميلاد باللحن الرابع

ميلادُكَ أيُّها المسيحُ إلهُنَا قد أَطْلَعَ نورَ المعرفةِ في العالم، لأنَّ السَّاجِدِين للكواكبِ به تَعَلَّمُوا من الكوكبِ السُّجودَ لكَ يا شمسَ العدل، وأن يعرِفُوا أَنَّكَ من مشارِقِ العُلُوِّ أَتَيْت، يا رَبُّ المجدُ لك.

قنداق الميلاد باللحن الثالث

اليومَ البتول تَلِدُ الفائِقَ الجوهَر، والأرضُ تُقَرِّبُ المغارة لِمَن هو غيرُ مقتَرَبٍ إليه، الملائكةُ مع الرُّعاةِ يمجِّدُون، والمجوسُ مع الكوكبِ في الطَّريقِ يسيرون، لأنَّه قد وُلِدَ من أَجْلِنَا صَبِيٌّ جديدٌ وهو الإلهُ الَّذي قبلَ الدُّهور.

الرسالة: غلا 4: 4-7
كلُّ أهلِ الأرْضِ يَسْجُدُونَ لكَ ويُرتِّلونَ لكَ
هلِّلُوا للهِ يا جميعَ أَهْلِ الأرْضِ


يا إخوةُ، لمَّا حانَ مِلءُ الزَّمان، أَرْسَلَ اللهُ ابنَهُ مَوْلُودًا من امرأةٍ، مَوْلُودًا تحتَ النَّاموس، لِيَفْتَدِيَ الَّذينَ تحتَ النَّاموس، لِنَنَالَ التَّبَنِّي. وبما أنَّكم أبناءٌ أرسَلَ اللهُ روحَ ابنِهِ إلى قلوبِكُم صارِخًا "أَبَّا" أَيُّها الآب. فَلَسْتَ بَعْدُ عبدًا بل أنتَ ابنٌ، وإنْ كُنْتَ ابنًا، فَأَنْتَ وَارِثٌ للهِ بيسوعَ المسيح.

الإنجيل: متَّى 2: 1-12

لمَّا وُلِدَ يسوعُ في بيتَ لحمَ اليهوديَّة في أيَّام هيرودس الملك، إذا مجوسٌ قد أَقْبَلُوا من المَشْرِقِ إلى أورشليم قائلين: أين المولودُ ملكُ اليهود؟ فإنَّنا رأينا نجمَهُ في المَشْرِقِ فوافَيْنَا لنسجدَ له. فلمَّا سمعَ هيرودسُ الملكُ اضطَرَبَ هو وكلُّ أورشليم معه. وجَمَعَ كلَّ رؤساءِ الكهنةِ وكتبةِ الشَّعبِ واستَخْبَرَهُم أين يولَدُ المسيح. فقالوا له في بيتَ لحمَ اليهوديَّة، لأنَّه هكذا قد كُتِبَ بالنَّبِيِّ: وأنتِ يا بيتَ لحم أرضَ يهوذا، لستِ بِصُغْرَى في رؤساءِ يهوذا لأنَّه منكِ يخرجُ المدبِّرُ الَّذي يرعى شعبي إسرائيل. حينئذٍ دعا هيرودسُ المجوسَ سِرًّا وتحقَّقَ منهم زمانَ النَّجم الَّذي ظهرَ. ثمّ أرسلَهُم إلى بيتَ لحمَ قائِلًا: اِنطلِقُوا وابحَثُوا عن الصَّبيِّ بتدقيقٍ، ومتى وجدتُمُوه فأَخْبِرُونِي لكي آتِيَ أنا أيضًا وأَسْجُدَ له. فلمَّا سمعوا من الملكِ ذهبوا، فإذا النَّجمُ الَّذي كانوا رَأَوْهُ في المَشْرِقِ يتقدَّمُهُم حتَّى جاءَ ووقفَ فوقَ الموضِعِ الَّذي كانَ فيه الصَّبيّ. فلمَّا رَأَوا النَّجم فرحُوا فَرَحًا عظيمًا جدًّا وأَتَوْا إلى البيت فوجدُوا الصَّبِيَّ مع أمِّه فَخَرُّوا ساجِدِينَ له، وفتحُوا كنوزَهُم وقدَّمُوا له هدايا من ذَهَبٍ ولُباَنٍ ومُرٍّ. ثُمَّ أُوحِيَ إليهم في الحُلْمِ أنْ لا يرجِعُوا إلى هيرودس، فانصرفُوا في طريقٍ أُخْرَى إلى بلادِهِم.
 
في الرسالة

في هذا المقطع الذي تُلي على مسامعنا من رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية، يشدّد الرسول بولس على بنوّتنا لله بالمسيح. فعندما شاء الله أن يخلّص الإنسان من الخطيئة والشرّ الساكنين في طبيعته، أرسل ابنه الوحيد ربّنا يسوع المسيح المساوي له في الجوهر، ليولد من العذراء مريم التي لم تعرف رجلًا ولادةً بتوليّة، كلّ هذا من أجل أن نصبح نحن أبناء الله " ونتجاسر بغير دينونة" أن ندعو الله الخالق "أبّا" أي بابا. هذه النعمة التي أعطانا إيّاها الله له المجد هي نعمة مجّانيّة تفيض من محبّته لكلّ واحد منّا فالرسول يقول في الرسالة نفسها: "ابن الله الذي أحبّني وبذل نفسه من أجلي" (غلا 2: 20)

الله ضحّى بابنه على الصليب، والمسيح بذل دمه من أجلنا، ونحن صرنا أبناء الله بالنعمة. فماذا علينا أن نفعل؟ هل نحن مستحقّون أن ندعى أبناء الله؟! على نحن على مثال أبينا الذي في السماوات؟ هل نؤمن حقًّا بما فعله الله من أجلنا؟! أسئلة على كلّ واحدٍ منّا أن يطرحها على نفسه في عيد ميلاد مسيحنا الفادي.

فيا أيّها الربّ الذي ولدت في مذود حقير واتّخذت طبيعتنا الساقطة، وصُلبت وقمت، أهّلنا أن نكون أبناء حقيقيّين لأبيك الذي في السماوات لكي نصرخ معك في هذا اليوم المبارك: "أَبَّا" أَيُّها الآب، آمين
 
المجوس
مِنَ المَشْرِقِ أَتَوا، يَسأَلُونَ عَنِ المَلِكِ، وَسَيَقْبَلُهُم في دفءِ مَغارَتِهِ الثُّلاثِيَّةِ الضِّياء. سَيَقْبَلُهُم في تِلكَ المَغارَةِ- القَبْرِ، حَيثُ الظُلْمَةُ تَطْغى ظاهِرِيًّا، فِيما النُّورُ يَتَهَيَّأُ لانتِصارٍ حانَ وَقْتُ إِعلانِه، وَسَيَكُونُ انتِصارًا أَبَدِيًّا.

 مِنَ المَشْرِقِ أَتَوا لِيَتَّكِئُوا في حِضْنِ إِبراهيم، وقد كانُوا عُرْجًا وَعُمْيانًا، يَقطُنُونَ خارِجَ الأَسْيِجَة. لَم يَكُونُوا مِن أهلِ البَيت. لَم يَكُونُوا مِنَ المَدْعُوِّين. لَم نَحْسِبْ لَهُم حِسابًا. إِلاّ أَنَّ هِيرُودُسَ السّاكِنَ فِينا سَيَجْعَلُنا نُلقى خارِجًا، خارِجَ أَسوارِ المَلَكُوت، لَيَتَّخِذَ الغُرَباءُ، أَو مَن كُنّا نَحْسَبُهُم غُرَباءَ، مَكانَنا.

كانَ شُغْلَ المَجُوسِ الشّاغِلَ اتِّباعُ أَثَرِ المَلِك. تَرَكُوا الأهلَ، وَالأَشغالَ، وَالمَصالحَ، وَالهِوايات، وَكَرَّسُوا كُلَّ وَقْتِهِم، وَتَكَبَّدُوا مَشَقَّةَ السَّفَرِ وَأَخطارَه، كُلُّ ذلكَ في سَبيلِ المَلِك، خِشيةَ أَن يَفقدُوا أَثَرَ النَّجمِ الَّذي سَيَهْدِيهِم إلى مكانِ المَلِكِ المَولُودِ جَدِيدًا. ونُلاحِظُ اللَّهْفَةَ في كَلامِهِم، عَبْرَ أُسْلُوبِ الاستِفهام "أَينَ المَولودُ؟" مَقرُونًا بِالتَّأكيد "فإِنَّنا رأينا نَجْمَهُ" وَبِحَيَوِيَّةِ الفِعل "فَوافَينا لِنَسْجُدَ لَهُ".

وَأَمّا شُغْلُ هيرودسَ الشّاغلُ فَكانَ الاضطِراب "اضطرَبَ وكُلُّ أورشليمَ مَعَه". نحنُ، في تَرْكِنا الاهتِمامَ بِـ "الواحِد" الَّذي لا حاجةَ إلى سِواه، نَضطَرِبُ، وَلا نَعُودُ نَعرِفُ ما بِنا، وَلا يَعُودُ مَوضِعُنا يَعرِفُنا، على حَدِّ تعبيرِ المزمور. أمّا السَّلامُ الَّذي يَمنَحُهُ العَلِيُّ، فَنفقدُهُ، وَنجعَلُهُ يَطِيرُ مُبتعدًا عنِ كُلِّ ما وَمَن يُحِيطُ بِنا. الخطيئةُ تَطرُدُ السَّلام عَنّا وَعَمَّن حَولَنا.

حَتّى اهتِمامُ هِيرُودُسَ بِالكُتُبِ المُقَدَّسَة، أَي بِالشُّؤونِ الدِّينِيّة، كانَ عَنِ اضطِرابٍ، لا عَن تَقوى. إِنَّ انكِبابَنا على الكُتُبِ المُقَدَّسَةِ، وَتَبَحُّرَنا في تَقَصِّيها والغَوصِ في دِراسَتِها، لَيسَ دَلِيلاً على قَداسَتِنا، أَو عَلى أَنَّنا أَبناءُ المَلَكُوت. فَكَثيرًا ما نُحارِبُ اللهَ عَبْرَ كِتابِه. فالكتابُ المُقَدَّسُ يُظهِرُ مَشيئةَ الله، وَمشيئةُ اللهِ هِيَ الخَلاص. فَهَلْ أنا أَحيا كَما يَليقُ بِالسّائرِينَ في طَريقِ الخَلاص؟ أَم أَنا مِثْلُ هِيرُودُس، أَرْسُمُ في السِّرِّ خُطَطًا ماكِرَةً لِنَحْرِ البَراءَةِ الكامِنَةِ في مُهُودِ الأطفال، وَلإهراقِ آخِرِ نُقطَةٍ تَسري في شَرايِينِ الحَياء!!

إِنَّ هِيرُودُسَ لَم يَجْنِ مِنْ خُطَطِهِ الماكِرَةِ خَيرًا البَتَّة، بَل خَسِرَ الأَرضَ والسَّماءَ مَعًا. وهكذا أنتِ أَيَّتُها النَّفْسُ الجَشِعَة، إِذْ تَبتعدينَ عَن دَرْبِ القَداسَةِ مُحاوِلَةً أن تَكسَبي خَيراتِ هذهِ الدُّنيا، تَغْفَلِينَ عَنْ إِدراكِ المَلَكُوتِ، وَلا تَقْبِضِينَ على شيءٍ مِن خَيراتِ الدُّنيا لأنَّها سَرابٌ لا يُقبَضُ عليه، بَل يُمَنِّيكِ بِالمَجدِ والسُّرُورِ، حتّى إِذا ظَنَنتِ بأَنَّكِ أَدرَكْتِهِما، فَرّا مِن يَدِكَ كَما يَفِرُّ الحُلُمُ مِنْ مُقْلَةِ المُستَيقِظ.

أَمّا المَجُوس، فقد نالُوا مُكافأةَ إخلاصِهِم وتَرْكِهِم كُلَّ شَيءٍ في سَبيلِ المَسيح، أَنَّهُم "فَرِحُوا فَرَحًا عَظيمًا". لقد نالُوا بَرَكَةً سُجِّلَتْ على صَفَحاتِ التّاريخِ بِحِبْرٍ لا يُمْحى: أَنَّهُم سَجَدُوا لابنِ اللهِ المُتَجَسِّدِ طِفْلاً. سَجَدُوا لَهُ هُناكَ، حِينَ لَم يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ النّاسِ على عِلْمٍ بِه. عَرَفُوهُ قَبْلَ أَن يَعْرِفَهُ الآخَرُون. لا بَلْ رَبَطَتْهُم بِهِ رابِطَةُ الأُلْفَةِ، إِذْ قَدَّمُوا لَهُ الهَدايا. حَسْبُهُم فَخْرٌ، أَنَّهُم "فَتَحُوا كُنُوزَهُم" وَأَهْرَقُوا ما فِيها أَمامَ قَدَمَيهِ الطّاهِرَتَين، عَلامَةَ الاعتِرافِ بِأَنَّ رِضاهُ أَعظَمُ مِن كُنُوزِ الدُّنيا قاطِبَةً؛ وَأَنَّ العِبادَةَ لا يُمكِنُ أن تَكُونَ مُزْدَوِجَة: فَإِمّا أَنْ نَعْبُدَهُ وَنَنْبُذَ المال، أَو أن نَعْبُدَ المالَ وَنَنْبُذَ يَسُوعَ.

يَسُوعُ المَولُودُ اليَومَ "فَقِيرًا" يَدعُونا إلى الانضِمامِ إلى نِعمةِ الفَقْرِ الطَّوعِيّ، وَالتَّخَلِّي عَن كُنُوزِ هذا العالَمِ الواهِمَةِ الواهِيَة، لأنَّها لا تُفِيدُنا شَيئًا، بَل تَزِيدُنا الْتِصاقًا بِالتُّراب، والتَّحَلِّي بِنَشاطِ المَجُوسِ وَدَأْبِهِم وَتَركِيزِهِمْ على ما هُوَ أَهَمُّ. حَتّى إِذا ما وَجَدْنا يَسُوعَ في مَذاوِدِ إِخْوَتِهِ الصِّغار، نَفْتَحُ لَهُم -أَيْ لَهُ- كُنُوزَنا غَيرَ آبِهِين لَها؛ لأَنَّ عُيُونَنا لا تَعُودُ تَحْسُبُ الأَموالَ، وَلا تَعُودُ تَسْتَعْظِمُها، إِذْ هِيَ مُسَمَّرَةٌ بِبَهاءِ المَلِكِ المَولُود، وَأَبصارَنا مُنْخَطِفَةٌ إِلى جَمالِهِ الّذي يَفُوقُ كُلَّ وَصْف.
غاية التجسّد الإلهيّ

كل إنسان يسعى أن يحقّق سلامًا داخليًّا وفرحًا خلال نشاطه اليوميّ. لكنّه يتأثّر بعدّة أمور تنزع منه هذا السلام والفرح. على رأس هذه الأسباب يأتي عدم العيش مع الله بانتظام، وعدم الأمانة للوصيّة الإلهيّة، بسبب الشرور التي تحيط بالإنسان أو التي يسعى أن يقترفها، فيطرد الله من قلبه. في غياب الله، يغيب السلام الداخليّ، والسلام الداخليّ هذا، ليس فكريًّا ولا هو نفسيٌّ، بل هو حضور الله في قلب الإنسان من خلال نعمته الإلهيّة غير المخلوقة.
 
البشر في التاريخ، كالجدّين الأوّلين، طردوا الله من حياتهم، واعتقدوا أنّهم في تلبية الشهوة واللذة، ينالون الفرح والسلام. لكنّه قد فاتهم أنّ الشهوة لا تشبع واللذة أيضًا لا تشبع، وأنّ بداية هذا الطريق متعة، لكنّ نهايته يأس وحزن وموت، أي تحقيق لهيمنة الشرّ. والشرّ هذا، ليس من الله، هو دخل إلى عالم الإنسان الماديّ كحقيقة شيطانيّة وانتشر سريعًا، وتأقلم مع النشاط الإنسانيّ اليوميّ. فأصبح مستحيلًا على الإنسان أن يفصل الشرّ عن نشاطه اليوميّ. فقد اتّحد الشرّ مع النفس البشريّة بحيث أصبح صعبًا على الإنسان أن يميّزهما. وصل الشرّ في الخطايا المختلفة إلى حقيقة لا تُتصوّر في عالم الشرّ البحت أي في الجحيم، من خلال اختراع اللذات والاغراءات. أضحت الطبيعة الإنسانيّة سكرى بالشرّ، معتبرة إيّاه مظهرًا طبيعيًّا لحياتها.
 
لكنّ العناية الإلهيّة فعلت فعلها لتُحقّق الخير الأبديّ في عالم الإنسان. مقابل شرّ الشيطان وُجد الخير للإنسان، مقابل الموت وضعت العناية الإلهيّة القيامة، مقابل الشيطان تجسّد الربّ يسوع الاله - الإنسان، ليخلّص الإنسان ويعطيه حياته، أي ليؤلّهه بالنعمة. لم يعد الإنسان قادرًا على الشفاء من تلقاء نفسه، لذا تدخّل الإله وتجسّد. وظهر الخير الإلهيّ بالكامل في شخص الإله - الإنسان، الربّ يسوع بتجسّده.

إذًا، العناية الإلهيّة ظهرت لكل الخليقة في التجسّد، ولهذا يُعَدّ أهم عمل للعناية الإلهيّة وللعالم. يعمل الشيطان على تحويل الإنسان والعالم إلى خاطئين وأموات، بينما يسعى الربّ الإله إلى جعل الإنسان قدّيسًا وخالدًا، أي متألّهًا بالنعمة من خلال التجسّد. لهذا نقول إنّ غاية التجسّد الإلهيّ هي تألّه الإنسان بالنعمة. والتجسد هو الوسيلة التي يكشف بها الله معنى وجود الكائن البشريّ، أي تألّهه، كما يقدّم الطريقة الإلهيّة البشريّة لتحقيق هذا القصد.
 
نفهم بالتألّه، اتّحاد النعمة الإلهيّة غير المخلوقة بشكل كلّيّ بطبيعتنا المخلوقة. نسعى له يوميًّا من خلال ولادة روحيّة مستمرّة في المسيح، نتجدّد بها ونستعيد صورة الله فينا. هذا يحصل في التآزر بين التزامنا بحمل الصليب، أي صلب الأهواء والشهوات (غل 5: 24)، واختبار النعمة الإلهيّة. اختبر الرسول بولس كلّ هذا عندما قال: مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا، بل المسيح يَحيا فيّ (غل 2: 20).

أخبارنا
قداس عيد الميلاد


تحتفل كنائس الأبرشية كلها بعيد الميلاد المجيد، ويترأس راعي الأبرشية سيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) الجزيل الإحترام خدمة  القداس الإلهيّ، في كنيسة ميلاد السيد في رعية مجدليا يوم الأربعاء الواقع فيه 25 كانون الأول 2024. تبتدئ صلاة السحر الساعة الثامنة صباحاً، ويليها القداس الإلهيّ.
ويستقبل سيادته المهنئين بالعيد في القاعة الملاصقة لدار المطرانية ابتداءُ من الساعة الحادية عشرة والنصف ظهراً وحتى الواحدة والنصف بعد الظهر، ومن الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر حتى الخامسة والنصف مساءً.

ولهذه المناسبة يعايد سيادتُه كل ابناء الأبرشية:
ميلاد مجيد