الأحد 6 تشرين الأوّل 2019

الأحد 6 تشرين الأوّل 2019

06 تشرين الأول 2019
 
 
 
الأحد 6 تشرين الأوّل  2019 
العدد 40
 
الأحد 16 بعد العنصرة 
 
اللَّحن السابع  الإيوثينا الخامسة
 
 
 
* 6: الرَّسول توما، * 7: الشَّهيدان سرجيوس وباكخُس، الشهيد بوليخرونيوس، * 8: البارَّة بيلاجيا، تائيس التائبة، سرجيوس رادونيج(25 أيلول)، * 9: الرَّسول يعقوب بن حلفا، البارّ أندرونيكس وزوجته أثناسيّا، إبراهيم الصدَّيق ولوط، * 10: الشهيدان إفلمبيوس وأخته إفلمبية، * 11: الرسول فيلبّس أحد الشمامسة السبعة، البارّ إسحق السريانيّ (28 ايلول شرقي)، ثاوفانس الموسُوم، * 12: الشهداء بروفوس وأندرونيكس وطراخُس، سمعان الحديث. 
 
 
العمل مع المسيح وعلى مثاله (٢ كور ٦: ١-١٠) تأتي القراءة الرسائليّة اليوم مباشرة بعد تعليم لاهوتيّ عميق جدًّا.
 
فقد سبق كلام إيمانيّ مؤثّر يشرح فيه الرسول عِظم نعمة الله الموجّهة إلى كلّ البشر كي يتحوّلوا عن أنانيّتهم وحبّ الذات الجسدانيّ بالمشاركة في حدث موت المسيح وقيامته. فإلهنا الذي نؤمن به هو الله الذي تنازل وصار ”خطيئة“ و“لعنة“ من أجلنا، كي نصبح نحن به برّ الله (أنظر آية ٢كور ٥: ٢١). 
 
يشكّل هذا الحدث جوهر الإنجيل الذي تكرّس بولس الرسول للكرازة به، ومنه يستلهم كلّ قراراته. 
 
لذا يقول في مطلع قراءة هذا الأحد: "فَإِذ نَحْنُ عَامِلُونَ مَعَهُ نَطْلُبُ أَنْ لاَ تَقْبَلُوا نِعْمَةَ اللهِ بَاطِلاً". 
 
يلخّص هذا الكلام شعور المسؤوليّة عند رسول الأمم، ليقينه أنّ شريكه في العمل ليس سوى الله القدير، وأنّ هدفه الوحيد هو أن تثبت النعمة في أولئك الذين قبلوا الإنجيل وبدأوا مسيرة التغيير في حياتهم وأولويّاتهم. فعلى المؤمنين، من جهتهم، ألّا يستهينوا بنعمة الخلاص التي حصلوا عليها "في وقت مقبول" عند الله. 
 
فإنّه حين تحلّ النعمة، علينا ألّا نُعرض عنها. ما يذكّرنا الرسول بولس به، هو أنّنا لسنا نحن من يحدّد الوقت المناسب لعمل الله في حياتنا وزمان توبتنا. 
 
يدخل أمر الأوقات والأزمنة في سلطان الله، فهو الذي يُسرّ، "في وقت مقبول، وفي يوم خلاص"، بأن ينعطف على بؤسنا ويأتي كي ينقذنا. 
 
فحين تلمس النعمة قلوبنا، علينا أن لا نقسّيها ولا نؤجّل ونؤخّر. ويتابع الرسول مشدّدًا، من جهة أخرى، على مسؤوليّة المبشّر في ثبات المؤمنين في النعمة. 
 
يقول:"وَلَسْنَا نَجْعَلُ عَثْرَةً فِي شَيْءٍ لِئَلاَّ تُلاَمَ الْخِدْمَةُ"، أي لئلا تكون هناك شبهات في دوافع الخدمة تعثّر
 المؤمنين وتقيّد حماسة التزامهم بقسم المعموديّة. لذلك يخبر الرسول مؤمني كورنثوس عن حرصه الدائم مع مرافقيه أن يكونوا خدّام الله حقًا. ولتحقيق هذا السعي، لا يأبه الرسول بحاجاته الشخصيّة وأحواله والضيقات التي يتعرّض لها، إذ إنّ ملهمه هو المسيح الذي تنازل من أجلنا. 
 
ويجاهد الرسول، من ناحية أخرى، كي يكون إناء جسده الخزفيّ طاهرًا، "فِي أَتْعَابٍ، فِي أَسْهَارٍ، فِي أَصْوَامٍ، فِي طَهَارَةٍ، فِي عِلْمٍ، فِي أَنَاةٍ، فِي لُطْفٍ، فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، فِي مَحَبَّةٍ بِلاَ رِيَاءٍ، فِي كَلاَمِ الْحَقِّ، فِي قُوَّةِ اللهِ بِسِلاَحِ الْبِرِّ لِلْيَمِينِ وَلِلْيَسَارِ". 
 
وهكذا لا يبقى أي شكّ بمصداقيّة رسالته لدى المؤمنين الذي يرون تفانيه وإنكار الذات التامّ لديه، وقداسة سيرته بينهم. فحماسة جهاده الروحيّ تنبع من غيرة رسوليّة، ومحبّة لمرسله يسوع المسيح، لا شيء يفصله عنها.
 
يتحمّل الهوان البشريّ من أجل المجد الإلهيّ، والشتائم والتشهير الظالم من أجل المديح الذي يأتي من الله. 
 
ربّما ظنّه بعضهم مضلّاً، لكنّه صادق. لا يسعى للشهرة مريدًا أن يبقى كمجهولٍ، كي ”يُعرف من الله“ كما يقول في موضع آخر. 
 
يدرك جيّدًا أنّ الحياة لا تكون في التهافت على المال والسلطة والشهوات، بل في الموت مع المسيح عن الخطيئة. 
 
مهما أثقله الاضطهاد آلامًا وعقابات لن يقوى على إهلاكه. كما يعبّر بافتخارٍ عن سروره بالأحزان التي تصيبه والفقر الذي يعيش فيه، لأنّ نعمة الله التي تمرّ فيه كي تصل للبشر هي ثروة يُغني بها كثيرين. 
 
يراه الناس مجرّدًا من الممتلكات التي تعطي صاحبها شعورًا بالأمان، إلا أنّه يملك الكنز السماويّ  ”حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ، وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ“ (مت ٦: ٢٠). هو ابن الله وابن الإنسان في آنٍ واحد. جعل آلامه وموته علامةَ حبّ كامل تجاه أبيه وتجاه الناس بأجمعهم.
 
من هنا قضى على الألم والموت "ليس لأحد حبٌّ أعظم من هذا أن يبذل أحد نفسه لأجل أحبّائه" (يوحنا 15: 13) لقد نقض قوّة الألم والموت بموته على الصليب، فأصبحت هذه كلّها علاماتٍ فارقةً للقيامة والحياة الأبديّة.
 
لذلك نقول: "بالصليب قد أتى الفرح لكلّ العالم".
 
أصبح الصليب مع المسيح علامة النصر على آلامنا وموتنا، نصراً على أنانيّتنا عن طريق بذل أنفسنا محبّة لله ولإخوتنا في الإنسانيّة جميعاً.
 
كلّ ذلك يجعلنا نقول مرّة أخرى أنّ المسيح الإله الإنسان قد أصبح بتجسّده وآلامه وموته وقيامته هو هدف الخليقة كلّها، هو هدف حياتنا.
 
نتعلّم من الرسول بولس أنّ خدمة العهد الجديد تتطلّب تكريسًا أشدّ من تكريس اللاويّين والكهنة في العهد القديم. تتطلّب يقظة وجهادًا وقداسة كي لا نجعل عثرات أمام عمل الله المقدّس. يعلّمنا الرسول بولس الأولويّات التي يجب أن توجّه أفكارنا وتصرّفاتنا. وإن سادت هذه بين الإخوة، فسلام عليهم وطوبى لهم، لأنّ نورهم سيضيء ساطعًا قدّام الناس، فيثبت هؤلاء في النعمة ويمجّدوا أبانا الذي في السموات.
 
الأرشمندريت يعقوب خليـل
 
معهد القدّيس يوحنّا الدمشقيّ اللاهوتيّ
 
طروباريَّة القيامة باللَّحن السابع 
 
حطمتَ بصليبك الموتَ وفتحتَ للّص الفردوس، وحوَّلتَ نوحَ حاملاتِ الطيب، وأمرتَ رسلكَ أن يكرزوا بأنّكَ قد قمتَ أيّها المسيح الإله، مانحاً العالم الرحمةَ العظمى. 
القنداق باللَّحن الثّاني 
 
يا شفيعَةَ المسيحيّين غيرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيرَ المردودة، لا تُعرضي عن أصواتِ طلباتِنا نحن الخطأة، بل تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحة، نحن الصارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعة، وأسرعي في الطّلبة، يا والدةَ الإلهِ المُتشفّعةَ دائماً بمكرِّميك.
الرِّسالَة
2 كو 6: 1-10 
الربُّ يُعطي قوّةً لشعبه قدِّموا للربِّ يا أبناء الله 
 
يا إخوة، بما أنّنا معاونُون نطلبُ اليكم أن لا تقبلوا نعمةَ اللهِ في الباطل، لأنهُ يقولُ: إنّي في وقتٍ مقبول استجبتُ لكَ وفي يوم خلاصٍ أعنتُك. فهوذا الآنَ وقتٌ مقبول. هوذا الآنَ يومُ خلاص. ولسنا نأتي بمعثرةٍ في شيء لئلاَّ يلحقَ الخدمة عيبٌ، بل نُظهرُ في كلّ شيء أنفسنا كخدَّام الله في صبرٍ كثير في شدائد في ضَروراتٍ في ضيقاتٍ في جلداتٍ في سجونٍ في اضطراباتٍ في أتعابٍ في أسهارٍ في أصوامٍ في طهارةٍ في معرفةٍ في طول أناةٍ في رفقٍ في الروح القدس في محبّةٍ بلا رياءٍ في كلمة الحقّ في قوّة الله بأسلحة البرِّ عن اليمين وعن اليسار. بمجدٍ وهوانٍ. بسوءِ صيتٍ وحُسنِه. كأنَّا مُضِلّون ونحنُ صادقون. كأنّا مجهولون ونحنُ معروفون. كأنَّا مائتون وها نحنُ أحياءُ. كأنَّا مؤدَّبونَ ولا نُقتل. كأنَّا حِزانٌ ونحنُ دائماً فَرِحون. كأنَّا فُقراء ونحنُ نُغني كثيرين. كأنَّا لا شيء ونحنُ نملك كُلَّ شيء.
الإنجيل
لو 7: 11-16 (لوقا 3)
 
في ذلك الزمان كان يسوع منطلقاً إلى مدينةٍ اسمُها نايين، وكان كثيرون من تلاميذه وجمع غفير منطلقين معه. فلمّا قَرُبَ من باب المدينة، إذا ميتٌ محمول، وهو ابنٌ وحيدٌ لأُمّه، وكانت أرملة، وكان معها جمعٌ كثيرٌ من المدينة. فلمّا رآها الربُّ تحنَّن عليها، وقال لها: لا تبكي. ودنا ولمس النعش فوقف الحاملون. فقال: أيّها الشابُّ، لكَ أقولُ قُم. فاستوى الميْتُ وبدأ يتكلّم، فسلّمه إلى أُمّه. فأخذَ الجميعَ خوفٌ، ومجَّدوا الله قائلين: لقد قام فينا نبيٌّ عظيمٌ وافتقد الله شعبَه.
 
في الإنجيل
 
"فلمّا رآها الربُّ تحنّن عليها". أمام منظر الأُمّ الثَّكلى لا ينفع الكلام الذي يتكرّر في الجنازات، وحده حنان الربّ يسوع ينفع. ترِد كلمة تحنّن 13 مرة في العهد الجديد وهي دائماً تشير إلى السيّد المسيح، لأنّه هو المتحنّن. في المقطع الإنجيليّ يقابل الربّ يسوع معطي الحياة موكب الجنازة، أي تتقابل الحياة مع الموت والحزن، فيغيّر تحنُّنُه الحزنَ إلى فرح. عند اليهود، كان لمس نعش الميت عملاً منجّساً، ولكنّ القدّوس الطاهر لمس النعش وأقام الميت، فهو لا يتنجّس.
 
في البداية قال الربُّ للأُمّ "لا تبكي"، أي إنّه قبل أن يلمس النعش لمس قلبها. كلمة "لا تبكي" لا تعزّي أمّاً فقدت وحيدها إلّا أنّ مقابلة المسيح أدخلت العزاء إلى قلبها. تختلف هذه المعجزة عن إقامة ابنة يايرس وإقامة لعازر، إذ إنّ المسيح هو الذي يبادر بصنع المعجزة دون أن يسأله أحد وذلك ليعلن أنّه أتى ليعطي الحياة للبشر، فهو ليس قادراً على أن يقيم من الموت الجسديّ وحسب، بل على أن يقيمنا من موت الخطيئة أيضاً. 
 
إيليا وأليشع وغيرهما ممن أقاموا أمواتًا، أقاموهم بالصلاة لله. أمّا المسيح فبأمره ودون أن يصلّي. الأرملة هنا تشير إلى البشريّة التي صارت كأرملة بفقدها نعمة الله ولذّة العشرة معه. أمّا الشابُّ الميت فيشير إلى كلّ نفس أفقدتها الخطيئة حياتها. هناك أموات كثيرين ماتوا أيّام السيد المسيح ولم يُقمهم، فالسيّد لا يهتمّ بأن يقيم الأجساد لتموت ثانية، بل هو يريد أن يعلن أنّه يريد قيامتنا من موت الخطيئة لحياة أبديّة، وإقامته لهذا الشابّ خير دليل على إمكانية حدوث هذه القيامة الأبديّة.
 
لمسُ السيّد للنعش يظهِر أن جسد المسيح المتّحد بلاهوته قادر أن يعطي حياةً لمن يتلامس معه، فهو له سلطان على محو الموت والفساد "من يأكلني يحيا بي"، وهو بهذا يقصد سرّ الإفخارستيا الذي يعطي فيه جسده للأكل "خذوا كلوا هذا هو جسدي". 
"قال أيّها الشابّ لك أقول قُمْ. فجلس الميت وابتدأ يتكلّم، فدفعه إلى أُمّه". هذا هو يسوع المتحنّن الرؤوف أعاد المفقود إلى أُمّه لأنّه هو القيامة والحياة وغالب الموت. إنّ يسوع المسيح هو ينبوع الحنان الحقيقيّ الذي يمكن أن يشرب منه الإنسان المُتعَب والمحتاج، فهو الذي أخذ جسداً وشابَهَنا في طبيعتنا حتّى يمكن ان نرتوي من حنانه وبصورة مباشرة.
أيها الأهل، احذروا.
أيها الأبناء، تاجروا بالوزنات 
 
ها قد أطلّ عامٌ دراسيٌّ جديد، وانتظم الطلّابُ في صفوفهم.
 
هلّا توقّفْنا لحظةً أمام البداية الجديدة، مهما كانت نتيجةُ العام الماضي. هي حلقة في سلسلة ينتقل فيها التلميذ أو الطالب من مستوى إلى آخر وقد وضع نصب عينيه هدفًا يسعى إليه يحقّق من خلاله آماله وطموحاته في الحياة. هذه الكلمات تظلّ شعريّةً وإنشائيّةً، ما لم ترافقْها رؤيةٌ جدّيّةٌ حقيقيّةٌ وصادقة. في السعي إلى دعم الطلّاب ومساندتهم من قبل أهلهم في تأمين الأجواء النفسيّة واللوجستيّة والصحّيّة النفسيّة والجسديّة ، إلى جانب دورهم الشخصيّ في العام الدراسيّ، من أجل سلوك طريق النجاح.
 
بالنسبة لدور الأهل والعائلة، سنكتفي بالإشارة إلى دور الأم في حياة الأبناء المدرسيّة، وهو دور أساسيٌّ ومهمٌّ جدًّا، ينبغي على كُلّ أُمٍّ أن تَعيَه جيّدًا وأن تعتبره مهمّةً موكلة إليها من الله نفسه، هو الذي وهبها الأبناء أمانة سيسألها عنها، عليها أن تتعهّدها بمحبّة وتفانٍ وإخلاص.
 
أيّتها الأُمّ، كم وكم من الصفات تُطلق عليكِ وتسمو بقيمتك وأهمّيّتك في العائلة، فهل تحقّقين هذه الصفات بتصرّفاتك؟

هل تقومين بواجبك تجاه عائلتك وأبنائك؟

بالتحديد، فيما يختص بدراستهم وتحصيلهم العلميّ، أين أنتِ من واجباتهم المدرسيّة واستذكارهم لدروسهم، وتأمين الأجواء المساعِدة لهم. يشدِّد كثير من الأطبّاء النفسيّين والمهتمّين بسلوك والطلّاب وإنتاجيّتهم في المجال المدرسيّ والأكاديميّ، على أنّ وجود الأهل، وبخاصّةٍ الأُمّ، إلى جانب الأبناء ومتابعتها الإيجابيّة لسلوكهم وتصرّفاتهم وأدائهم المدرسيّ، لها أكبر الأثر في نتائجهم وتحصيلهم.
 
كما يسأل كلّ مؤمن نفسه، أمام كلّ عمل يعمله، هل هذا يرضي الله أم أنه ضدّ إرادته ورضاه؟ ليقفْ كلُّ والدَين ويسألا  نفسيهما هل يؤدّيان واجباتهما تجاه أبنائهما فيما يخصّ مسيرتهم المدرسيّة؟ كم من الوقت يقضيانه معهم وهم يقومون بحلِّ واجباتهم المدرسيّة، هل يتابعان أحوالهم في مدارسهم، هل يسألان عنهم هناك، ويتباحثان مع الإدارة والأساتذة في أوضاعم الدراسيّة والمسلكيّة؟ إذ لا يكفي أبدًا أن نخدِّر ضميرنا بوضعهم في مدارس مهمّة، وبدفع أقساطٍ عالية، ونأتي إليهم بمعلّمين خصوصيّين - وهذا خطأ جسيم- إلّا إذا كان هناك عائق جدّيّ يحول دون قيام الوالدَين بهذه المهمّة.
 
الأبناء أمانة في أعناق الوالدين، هما السبب في مجيئهم إلى هذا العالم وهما المسؤولان عنهم أمام الديّان العادل. لذلك يتعيّن عليهما القيام بهذه المسؤولية بأمانة وإخلاص، لا تشغلهما عنهم نشاطات اجتماعيّة أو ارتباطات، اهتمام بالمظهر، أو بالعلاقات الشخصيّة، وما إلى ذلك من مظاهر فارغة تؤثّر سلبًا على حياة العائلة، وبالأكثر على أداء الأبناء في مدارسهم. 
 
أمر مهمّ آخر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، إذ على الوالدين والأمّ خاصّة (لأنّها هي عادة من تقوم بمهمّة تدريس الأولاد) أن يكون لديها فضيلة التمييز في التعامل مع أولادها فلا تشنّج وقسوة، ولا تساهل وعدم اكتراث.
نأتي هنا إلى دور الأبناء في الموضوع، وهم العنصر الأساسيّ في موضوعنا. بعض الأبناء يعتبرون المدرسة نوعًا من العقاب، أو السجن، أو أمر نافل لا جدوى منه للتهرُّب من الالتزام والانحصار في قالب ضاغط يقيّد حرّيّاتهم. لا شكّفي أنّ شكل المدارس ومنهج عملها يساهم، بطريقةٍ ما، في رسم الصورة السلبيّة المطبوعة في ذهن الأبناء.
 
ولكن. دعنا نسأل أنفسنا هنا، هل هناك شيء كامل ومثاليٌّ على هذه الأرض؟ هل كلّ شيء يوافق رغباتنا وميولنا، وإن وافق أحدنا فربّما لا يوافق الآخر. لذلك فلنبحث عن أفضل الأساليب في معايشتنا لأوضاعنا الدراسيّة، في الواقع التي هي عليه. هناك حكمة تقول:" إذا لم يَكُنْما تُريد، فأرِدْ ما يكون" أيّها الأبناء الأحبّاء. أنتم عطيّة الله وأمانة منه، ولكم من والدِيكم كلُّ الحبّ والعناية. وعليكم بالمقابل تقع واجبات الانسجام مع ما يترتَب عليكم، والأمانة في ما يُطلب منكم.
 
خذوا مثل الوزنات الذي أعطاه السيّد المسيح لتلاميذه في (مت25: 20- 30). ليقفْ كلُّ واحد منكم أمام هذا المثل وليسأل نفسه، أيَّ تاجر أريد أن أكون. التاجر الرابح أم التاجر الخاسر؟ وكلّ من الحالتين لها التزامها ونتائجها.
 
فأن تصبو إلى أن تكون ناجحًا ورابحًا، عليك أن تعمل وتتاجر بالوزنة، والوزنة هنا هي الإمكانات الفكريّة والجسديّة التي يمنحنا إيّاها الله لكي نستخدمها في مجال تحصيلنا العلميّ. هذا الأمر يتطلّب منا تنظيم برامجنا والاستفادة من وقتنا في أمور نافعة ومفيدة، لكي ننال النجاح في النهاية، وتكون لنا مكانة في المجتمع نخدم بها إلهنا القدّوس ونشهد له بين البشر ونسمع منه في النهاية "نعمّا أيّها العبد الصالح والأمين. كنتَ أمينًا في القليل فأقيمك على الكثير. أُدخل إلى فرح ربّك (مت. 25: 23).
 
أمّا إذا سلكنا طريق التهاون واللامبالاة، فهذا ما نعني به دفن الوزنة التي أودعَنا إياها الله، إذ نترك أفكارنا وما لدينا من مواهب تضيع في متاهات اللهو والانغماس في الاهتمامات الدنيويّة، وهذا يمكن أن يريحنا ويشعرنا بالتحرّر من المسؤوليّات إلى حين، إلّا أنه كطبقٍ من السمّ تغطّيه طبقة رقيقة جدًّا من العسل نأكله ونتلذّذ به، وما إن نصل إلى عمق الطبق نكون قد قضينا على حياتنا وحكَمْنا على أنفسنا بكلمة المسيح، أيّها العبد الشرير والكسلان (مت:25: 26...).
 
يا ربُّ امنح الوالدين حذرًا وتمييزا، والأبناء وعيًا ويقظة.
 
عامًا مباركًا