الأحد 1 نيسان 2018

الأحد 1 نيسان 2018

01 نيسان 2018


الأحد 1 نيسان 2018             
العدد 13

أحد الشَّعَانِين المقدَّس


* 1: البارَّة مريم المصريّة، الشّهيدان بارونديوس وباسيليوس، * 2: الإثنين العظيم، البارّ تيطس العجائبيّ،
*  3: الثلاثاء العظيم، البارّ نيقيطا، يوسف ناظم التَّسابيح، *  4: الأربعاء العظيم، البارّ جرجي (مالاون)، البارّ زوسيماس، *  5: الخميس العظيم، الشُّهداء كلاوديوس وديودورس ورفقتهما، ثاوذورة التسالونيكيَّة، *  6: الجمعة العظيم، آفتيشيوس بطريرك القسطنطينيَّة، غريغوريوس السِّينائيّ، *  7: سبت النّور، الشَّهيد كليوبيوس جرجس أسقف ميتيلين. *

مباركُ الآتي بإسم الرّبّ

يعود تاريخُ هذا العيد، بداءةً، إلى أواخر القرن الرّابع للميلاد في بلاد ما بين النهرَين، وفي أورشليم خاصّة حيث كان المؤمنون ينطلقون فجراً من كنيسة القيامة إلى كنيسة الجلجلة حيث تقام خدمة الأحد. ومن ثَمَّ كانوا يقومون بتطوافٍ كبير إلى جبل الزيتون. وفي الساعة الثالثة يصعدون إلى المكان الذي ارتفع منه الرّبّ إلى الساعة الخامسة ويعودون إلى أورشليم حاملين السعف وأغصان الزيتون نحو كنيسة القيامة، ومن ثَمَّ يذهبون إلى كنيسة الجلجلة من جديد وتختم الصلاة. أمّا تقليد الزيّاح أيضاً فهو تذكار للزيّاح الذي تمّ من بيت لعازر إلى قبره برفقة يسوع؛ وفي كنائسنا نقيم الزيّاح لاِرتباط الشعانين بإقامة لعازر التي تكشف لنا قيامة البشريّة بالرّبّ يسوع.
نعيّدُ اليوم لدخول يسوع إلى أورشليم، راكباً على جحشِ ابن أتان. وقد هتف الناس له ودعَوه "ابن داود"، وداود هو الذي أسّس أورشليم كرؤية السلام، كمدينة السلام. لكنّها كانت مجرّد أمل يمكن أن يتحقّق، واليوم أصبح هذا الأمل قابلاً للتحقيق. لقد هتفتِ الجموع ليسوع لأنّه ملكٌ حقًّا. فيسوع ملكٌ، في دخوله إلى أورشليم أو إلى حياتِنا، لأنّه يدخل كصاحب سلطة ويدخل، بكامل حرّيّته، إلى ساحة المعركة، إلى الموت. لكنّه لم يدخل مسلّحاً بقوّةٍ بشريّة ولا بالدبّابّات ولا بالجيوش، لأنّ أسلحة الموت لا يمكنها أن تمنح السلام. دخل يسوع مسلّحاً بالحقّ والحقّ هو الذي يحرّر.الدخول إلى أورشليم الحقيقيّة،  إلى قلوبنا وحياتنا، إلى هذا العالم الذي يجب أن يتحوّل شيئاً فشيئاً لكي يصير ملكوت الله، مرتبط تماماً بالمفاتيح: "هاءَنَذَا 
وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ أَدخل وأَتعشَّى معه..." (رؤ 3: 20).


اليوم يدخل يسوع في موتنا لكي يشفينا ويحرّرنا من الموت. "الله الرّبّ ظهر لنا" فكيف نستقبله؟! يسوع مزَّق كلّ ما لدينا من مفارقات القوّة والسلطة وفتح قلبنا على ماهيّته في الحقيقة. إنّه إلهنا المتواضع والحقيقيّ. إنّه الكائن الأكثر تجرّداً في الخليقة كلّها. إنّه إلهنا الذي نعجز عن إدراكه ومعرفته. نحن مدعوّون إلى أن نكون أورشليم الحقيقيّة أي "رؤية السلام". صراخ الأطفال والرضَّع هوشعنا "أي خلّص" هو صراخنا نحن أيضاً، لأنّ من له قلبُ طفل، بحسب المسيح، هو الذي يستطيع دخول ملكوت الله: "إن لم تعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السمَوات" (مت18: 3). فلنفتح قلوبنا على ذاك الذي يحبّنا ويحرّرنا. فلنفتح قلوبنا على ذاك الآتي ليتألّم  ويصلب من أجلنا. عندئذٍ نخرج من برودتنا، من تحجّرنا، من قساوة قلوبنا. علينا أن نصير متواضعين وديعين، حقيقيّين، لنستحقّ أن نشاركه الصّعود إلى أورشليم لنُصلب معه ونقوم معه، وأن نؤهّل لنعِدّ طيوباً عوض خطايانا التي تحزن السيّد، ونفرح بالخلاص كي نشعَّ بنور القيامة الذي لا يغرب أبداً.


الشعانين، إذًا، هي دعوة موجّهة لكلّ منّا، لاستقبال المسيح ملكاً واهباً الحياة. أمّا تلبيتنا هذه الدعوة فتتطلّب منّا التجاوب وعيش حياة الفضيلة والتوبة والبرّ لا قبلةً غاشّة نسلِّم بها من أعطانا الحياة.

+ الأسقف قسطنطين
رئيس دير مار إلياس شويّا البطريركيّ

طروباريَّة الشَّعَانين باللَّحن الأوَّل

أيُّها المسيحُ الإله، لـمَّا أقَمتَ لَعازَرَ مِنْ بينِ الأمواتِ قَبْلَ آلامِكَ، حَقَّقْتَ القِيامَةَ العامَّة. لذلِكَ، وَنَحْنُ كالأطفالِ، نَحْمِلُ علاماتِ الغَلَبَةِ والظَّفَرِ صارِخِينَ نحوكَ يا غالِبَ الموت: أُوصَنَّا في الأعالي، مُبارَكٌ الآتي باسمِ الرَّبّ.

قنداق أحد الشَّعَانِين باللَّحن السَّادِس

يَا مَنْ هُوَ جَالِسٌ على العَرْشِ في السَّماء، وراكِبٌ جَحْشًا على الأرض، تَقَبَّلْ تَسابيحَ الملائِكَةِ وتماجِيدَ الأطفال، هاتِفينَ إليكَ: أَيُّها المسيحُ الإله، مبارَكٌ أنتَ الآتي لِتُعِيدَ آدَمَ ثانِيَةً.

الرِّسَالَة
فيليبِّي 4: 4-9

مُبَارَكٌ الآتِي باسْمِ الرَّبّ
إِعْتَرِفُوا للرَّبِّ فإنَّهُ صالِحٌ وإنَّ إِلى الأبَدِ رَحْمَتَهُ


يا إخوةُ، افرَحُوا في الرَّبِّ كلَّ حينٍ وأَقولُ أيضًا اِفرَحُوا، وليَظْهَرْ حِلْمُكُم لجميعِ النَّاسِ، فإنَّ الرَّبَّ قَرِيبٌ. لا تَهْتَمُّوا البَتَّةَ بَلْ في كلِّ شيءٍ فلتَكُنْ طَلِبَاتُكُم مَعْلُومَةً لدى اللهِ بالصَّلاةِ والتَّضَرُّعِ مع الشُّكْرِ. وليَحْفَظْ سلامُ اللهِ الَّذي يَفُوقُ كُلَّ عقلٍ قلوبَكُم وبصائِـرَكُم في يسوعَ المسيح. وبَعْدُ، أَيُّها الإخوةُ، مهما يَكُنْ مِنْ حَقٍّ ومهما يَكُنْ من عَفَافٍ، ومهما يَكُنْ من عَدْلٍ، ومهما يَكُنْ من طَهَارَةٍ، ومهما يَكُنْ من صِفَةٍ مُحَبَّبَةٍ، ومهما يَكُنْ من حُسْنِ صيتٍ، إِنْ تَكُنْ فَضِيلَةٌ، وإِنْ يَكُنْ مَدْحٌ، ففي هذه افتَكِرُوا. وما تَعَلَّمْتُمُوهُ وتَسَلَّمْتُمُوهُ وسَمِعْتُمُوهُ ورَأَيْتُمُوهُ فِيَّ فَبِهَذا اعْمَلُوا. وإِلَهُ السَّلامِ يكونُ معكُم.

الإنجيل
يو 12: 1-18


قبلَ الفصحِ بستَّةِ أيَّامٍ، أَتَى يسوعُ إلى بيتَ عَنْيَا حيثُ كانَ لَعَازَرُ الَّذي ماتَ فأَقَامَهُ يسوعُ من بينِ الأموات. فصَنَعُوا لهُ هناكَ عشاءً، وكانت مرتا تخدِمُ وكان لَعَازَرُ أَحَدَ الـمُتَّكِئِينَ معه. أَمَّا مريمُ فَأَخَذَتْ رَطْلَ طيبٍ من نارَدِينٍ خالِصٍ كثيرِ الثَّمَنِ ودَهنَتْ قَدَمَيْ يسوعَ ومَسَحَتْ قدمَيْهِ بشعرِها، فامْتَلأَ البيتُ من رائِحَةِ الطِّيب. فقالَ أَحَدُ تلاميذِه، وهو يهوذا بنُ سمعانَ الإسخريوطيُّ، الَّذي كانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسْلِمَهُ: لِمَ لَمْ يُبَعْ هذا الطِّيبُ بثلاثمائة دينارٍ ويُعْطَ للمَساكين؟ وإنَّما قالَ هذا لا اهتمامًا منهُ بالمساكينِ بل لأنَّهُ كانَ سارِقًا، وكانَ الصُّنْدُوقُ عِندَهُ، وكانَ يحمِلُ ما يُلْقَى فيه. فقالَ يسوعُ: دَعْهَا، إنَّما حَفِظَتْهُ ليومِ دَفْنِي. فإنَّ المساكينَ هم عندَكُمْ في كلِّ حينٍ وأمَّا أنا فلستُ عندَكُمْ في كلِّ حين. وعَلِمَ جمعٌ كثيرٌ من اليَهُودِ أنَّ يسوعَ هناكَ فجاؤُوا، لا مِنْ أَجْلِ يسوعَ فقط، بل لِيَنْظُرُوا، أيضًا، لَعَازَرَ الَّذي أقامَهُ من بينِ الأموات. فَتَآمَرَ رُؤَسَاءُ الكَهَنَةِ أنْ يَقْتُلُوا لَعَازَرَ أيضًا، لأنَّ كثيرين من اليهودِ كانوا بسبَبِهِ يذهبونَ فيؤمِنُونَ بيسوع. وفي الغَدِ، لـمَّا سَمِعَ الجَمْعُ الكثيرُ، الَّذينَ جاؤُوا إلى العيدِ، أنَّ يسوعَ آتٍ إلى أورشليمَ، حَمَلُوا سَعَفَ النَّخْلِ وخرَجُوا للقائِهِ وهم يصرُخُونَ قائِلِينَ: هُوشَعْنَا، مُبَارَكٌ الآتي باسمِ الرَّبِّ ملكُ إسرائيل. وإِنَّ يسوعَ وَجَدَ جَحْشًا فَرَكِبَهُ كما هوَ مَكتوبٌ: لا تخافي يا ابنةَ صِهْيَوْن، ها إِنَّ مَلِكَكِ يأتيكِ راكِبًا على جحشٍ ابنِ أَتان. وهذه الأشياءُ لم يَفْهَمْهَا تلامِيذُهُ أوَّلًا، ولكن، لـمَّا مُجِّدَ يسوعُ، حينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أنَّ هذهِ إنَّما كُتِبَتْ عنهُ، وأنَّهُمْ عَمِلُوها لهُ. وكانَ الجمعُ، الَّذينَ كانوا معهُ حين نادَى لَعَازَرَ من القبرِ وأقامَهُ من بين الأمواتِ، يَشْهَدُونَ لهُ. ومن أجلِ هذا استقبَلَهُ الجَمْعُ لأنَّهُم سَمِعُوا بأنَّهُ قد صَنَعَ هذهِ الآيَة.


في الإنجيل

"هوشعنا مبارك الآتي باسم الرّبّ ملك إسرائيل" (يوحنّا 12: 13). في هذا اليوم العظيم، يوم أحد الشعانين، نحمل علامات النصر والظفر، لأنّ الرّبّ يسوع سينتصر على الموت بقيامته المجيدة بعد ستّة أيّام، وهو المخلّص الذي سيبذل دمه على الصليب ليفتدينا من الألم والخطيئة والموت. لذا نحن نصرخ "هوشعنا" أي خلِّصنا، وهو سيستجيب لأنّه هو الذي قال : "أطلبوا تجدوا".

الرّبّ يسوع يدخل أورشليم ملكاً متواضعاً، منتصراً على الموت، وهذه كانت إحدى علامات المسيح المنتظر في العهد القديم. لذلك حمل الناس "سعف النخل" (يوحنّا 12: 13) الذي يدلّ على دخول الملوك الظافرين. ويستشهد النصّ الإنجيليّ بنبوءة زكريّا: "لا تخافي يا ابنة صهيون، ها إنّ ملكك يأتيك راكباً على جحش ابن أتان" (يوحنّا 12: 15)، فهو "بارٌّ ومخلّص ووضيع" (زكريّا 9: 9). لهذا أراد المسيح أن يدخل إلى أورشليم على جحش، رمزًا للتواضع والوادعة والسّلام، وليس، كعادة الملوك، على حصان، رمزًا للاِستكبار.  فالمسيح ملك السلام الوديع، المتواضع ليس كسائر الملوك. الناس صرخوا: "أوصنّا في الأعالي مبارك الآتي  باسم الرّبّ ملك إسرائيل"، وكلمة أوصنّا تعني "الخلاص". فهم اعترفوا بأن الرّبّ يسوع هو "ملك إسرائيل، الآتي باسم الرّبّ"، ومع أنّه كان في مظاهر الفقر والتواضع، فقد اعترفوا به ملكاً ، خلافاً لآراء كتبهم التي أعطوها لهم عن المسيَّا. وهذا ينمّ عن عظمته، وعن مجده وكرامته التي يجب أن نهابها، وسلطانه وقدرته وقوّته التي يجب أن نخضع لها، وهذا اعتراف منهم بأنّه ملك شرعيّ أتى باسم الرّبّ مرسَلاً من الله، ليس كنبيٍّ فقط، بل كملك منتظر، لأنّه هو المسيّا "ملك إسرائيل". وإذ كانوا هم أنفسهم إسرائيليّين فإنّهم بهذا اعترفوا به ملكاً عليهم. الأطفال صرخوا في استقبال السيّد وأطفالنا اليوم يصرخون: "أوصنّا مباركٌ الآتي باسم الرّبّ". هذان التسبيح والتمجيد للرّبّ خرجا من أفواه بريئة. "من أفواه الأطفال والرضّع هيّأت لك تسبيحاً"، والرّبّ يسوع قبل هذا التسبيح لأنّه نابع من قلوب طاهرة بريئة، وهنا نحن نتساءل: هل يمكننا أن نعود أطفالاً، طاهري القلوب، أبرياء، كهؤلاء الأطفال؟ علينا أن نعود، لأنّنا، إن لم نعد مثلهم، لن ندخل ملكوت السموات. يجب أن نتواضع كسيّدنا الذي ركب على جحش ابن اتان، ليعلّمنا التواضع، فإنّه حطَّ المقتدرين عن الكراسي ورفع المتواضعين. فهو سيرفعنا إذا تواضعنا، وإلّا فإنّنا سننحطّ إلى أسفل دركات الجحيم، لا سيّما وأنّنا، في هذه الأيّام الصعبة، بحاجة إلى براءة الأطفال، وطهارتهم، لننال السلام الحقيقيّ الذي من العلى، من يسوع المسيح.

معنى هذا، اليوم، هو أن نعترف بالمسيح ملكاً وربًّا. لأنّنا، في معموديّتنا، قد أصبحنا مواطنين في ملكوت الله، الذي فيه سيكون الله الكلّ في الكلّ وسيكون المسيح الملكَ الأوحد الذي سيتألّم ويُصلب لكي يفتدينا بدمه الكريم، وسيُدفن ولكنّه سيحطّم الموت بموته، وسيقوم في اليوم الثالث، ليهبنا الحياة الأبديّة والرّحمة العظمى، له المجد إلى الأبد آمين.

بانتظـار القيامة

وعد القيامة يأتينا اليوم بقيامة لعازر وبالشّعانين.

"قد أنتَنَ يا سيّد"!!. قالت مرتا بدموع. "لأنّ له أربعة أيّام".

"فقال لها يسوع ألم أقلْ لكِ إنّكِ إن آمنتِ فسترين مجد الله؟"... وكانت لمرتا مكانة خاصّة عند يسوع، لأنّها كانت ومريم أُختها تحبّان يسوع ولعازر أخاهما، ويسوع يحبّهم!.

مريم ومرتا وقفتا إزاء يسوع في عتاب الأحبّة وقالتا: "لو كنتَ ههنا يا سيّد لم يمت أخي"...

لكن، كان على لعازر أن يموت وعلى الجمع أن يتحلّق حول الميت والأُختين، وكانتا قد أرسلتا الرّجال يقولون ليسوع:"يا سيّد ها إنّ الّذي تحبّه مريض".

وكان يسوع قد ٱستخدم مرض لعازر وموته حتّى يكشف، لكلّ الّذين عرفوه، الآتي الّذي سيحصل معه هو... صلبه موته وقيامته!!!.
كذلك كان يسوع قد أبلغ تلاميذه، مرارًا وتكرارًا، بما سيحصل معه... لكنّهم لم يسمعوا بقلوبهم ولا فهموا بعقولهم لأنّ آذان أرواحهم لم تنفتح من عمل إطباق أقوال الشرّير عليها!!.

"ليس هذا المرض للموت بل لأجل مجدِ الله لكي يُمجّد ٱبن الله به"...

     كلّ قصد الآب في خلاص كونه وذرّيّته كان للابن الكلمة يسوع وجلجلة تجاربه وصليبه الّذي عُلِّق عليه للموت، لفداء كلّ من خلقه في هذا الكون!!.

لماذا غلظت قلوبهم عن الفهم؟!. لماذا أُعميت عيونهم عن رؤية نور وجهه وصُمَّت آذانهم عن سماع دواخل كلماته وأعماقها؟!. لأنّهم لم يأتوه فارغين من أحمالهم!!!. عقولهم ٱمتلأت بنظريّات علمهم، وأفكارهم حاورت عقولهم، فصارت أفهامهم منصبّة على مادّيّات حياتهم ونفوسهم ممتلئة بأحاسيس بواطنهم الرّاكضة وراء الفحشاء، وقلوبهم مغمّسة بخطايا نوازع نواياهم وأحكامهم.
كلّ الّذين تحلّقوا حول يسوع وتبعوه كانوا هكذا، يأكلون ويغتذون من فضلات ذبائح أوثان الأهواء والخطايا الّتي عبدوها طيلة حياتهم... لذلك صُمّت آذانهم عن السّماع وقلوبهم عن الفهم فصاروا آلات تركض لتسمع الخبر الجديد والعجيبة الصّائرة في أي صقع ومدينة...
ما خبر هؤلاء في لياليهم وسهراتهم حول النّار؟!. المائت والزائل والّذي لا حياة فيه ولا غنى... ظواهر الأمور جذبتهم، ليعبدوا آلهة البعل في هياكلهم الداخليّة، فصار الفراغ والمرض والموت قصّة حياتهم ولم يعد لهم رجاء بإلههم. لذا لم يصّدقوا كلماته ولم يؤمنوا به، إذ لم يعرفوا أنّه هو الإله المخلّص.

حين سألته مرتا شاكّة، بعد أن أنتن لعازر الميت ذو الأربعة الأيام: "قال لها يسوع سيقوم أخوكِ، فقالت له مرتا أنا أعلم أنّه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير. فقال لها يسوع: أنا القيامة والحياة، من آمن بي وإن مات فسيحيا. وكلّ من كان حيًا وآمن بي فلن يرى الموت إلى الأبد".

هكذا كانت قيامة لعازر وموت يسوع العبور الوحيد الّذي على الإنسان المؤمن أن يختبره في عمره ليبقى على الرّجاء.
"وأتى يسوع إلى بيت عنيا حيث كان لعازر الّذي مات فأقامه يسوع من بين الأموات. فصنعوا له عشاء عظيمًا، وكانت مرتا تخدم وكان لعازر أحد المتّكئين معه. أمّا مريم فأخذت رطل طيب من ناردين خالص كثير الثمن ودهنت قدمَي يسوع ومسحت قدميه بشعرها." (يو 1:12-4).

الرّوح تحسّ وتدرك بالرّوح القدس أنّها في وعدٍ مع الموت... فالرّحيل يُلقي ظلاله على القلب المتخشّع والمتواضع العارف خطاياه، السّائر في ركب الّذين سبقوه من الأحبّة للقاء العريس!!...

كلّ نفس تائقة إلى يسوع تتوق إلى الاِتّحاد به، بعريسها الّذي كان والّذي سيكون والّذي هو هو القائم كلّ لحظة مع شهقة الرّوح، إليه!!!.. وتحيا النّفس في لقاءات الوجد وتمتماته مع حبيبها وختنها، حتّى لو مرّت أو ما زالت تحيا في عرس الأرض مع النّاس حولها.
كلّ حبٍّ ليسوع، للاِتّحاد به، يجعل الإنسان مصلوبًا على حبّ الآخرين باحثًا عنهم في غربة هذا العمر... الرّاهب يصلّي دموع خلوته مع يسوعه، والكاهن في كسر الخبز، والفنّان في الإبداع، والطفل في التمسّك بأذيال أمّه، فيصير الكلّ في الكلّ ٱنتظارًا ليسوع في مجيئه ليختم الرّوح بختم الملوكيّة... وتبقى مفاعيل معرفته والتماعاتها مخفيّة عن عيون الّذين لا يَشِفُّون ليروا نور المسيح في القلب المشرئبّ إلى الفرح، إلى الحنان، إلى الانتباه، إلى الحبّ!!!.

هكذا غسلت مريم قدمي يسوع بطيب النّاردين النّادر وجوده لأنّها كانت كمثل مريم أمّه الّتي تهيّئ جسد وحيدها للعرس السّماويّ مع الآب، معلَّقًا على خطايا وجهالات شعبه والكون، علّهم يهتزّون بتفسّخ حجاب الهيكل عند شهقة روحه صارخًا: "ٱغفر لهم يا أبتاه لأنّهم لا يدرون ماذا يفعلون!!".

لذا يطلّ الفرح للّذين أقسموا أمام عرش الملك، الدّيّان، إنّهم لن يخونوا خاتم عرسهم مع إلههم وصاروا والأطفال كالأطفال يرتقصون حوله، وهو راكبٌ على حمار الوداعة وديعًا، صاعدًا إلى أورشليم ليُعلَّق على الصّليب، لا موتًا، بل حياة لا تفنى مغمّسة بالفرح... "افرحوا وأقول دومًا افرحوا" (فيليبي 4:4).

هذا الفرح يَعبر أشواك هذا العمر وأحقاده وكذبته، كذبة السّقوط الّتي صيّرها الإنسان حقيقة!!!.
لذا قتلوا مسيح الرّبّ، لأنّهم خافوا الوداعة والطفولة والفرح!!. خافوا الشفاء المجّانيّ، خافوا الغلبة على الشرير، خافوا الهدأة والعمق والتواضع، خافوا الصّلاة للاتّحاد بالرّبّ، خافوا البذل حتّى الموت، موت الصّليب المؤَدّي بهم إلى القيامة الحقّ. آمين.
 
أخبـــارنــــا
 برنامج صلوات الأسبوع العظيم المقدَّس لسيادة راعي الأبرشيَّة


* الإثنين: القدَّاس البروجيازميني في دير القدِّيس جاورجيوس الكفر – أميون، السَّاعة العاشرة قبل الظهر. ثمّ صلاة الختن الثَّانية في كنيسة مار جرجس بشمزّين، الساعة السادسة مساءً.
* الثّلاثاء: القدَّاس البروجيازميني في دير رقاد السَّيِّدة – بكفتين، السّاعة العاشرة قبل الظهر. ثمّ صلاة الختن الثّالثة في كنيسة القدّيس يعقوب أخي الرّبّ - كفرحزير-  الساعة الخامسة والنصف مساءً.
* الأربعاء: القدَّاس البروجيازميني السّاعة العاشرة قبل الظهر في دير الشَّفيعة الحارَّة- بدبَّا. ثم صلاة تقديس الزَّيت في رعيَّة مار جرجس – كفرحبو، السّاعة الخامسة والنصف مساءً.
* الخميس: قدّاس القدّيس باسيليوس الكبير في كنيسة القدِّيس جاورجيوس- أنفه، السّاعة الثّامنة صباحًا. ثمَّ خدمة الآلام في كنيسة القدِّيسَين سرجيوس وباخوس- كوسبا الساعة السَّابعة مساءً.
* الجمعة: السَّاعات الملوكيَّة وإنزال المصلوب في دير مار يعقوب – ددّه، السّاعة الثّامنة صباحًا. ثمّ خدمة جنَّاز المسيح في كاتدرائيّة القيامة – كفرعقّا، الساعة الخامسة مساءً.
* سبت النُّور: قدَّاس سبت النُّور السّاعة العاشِرَة قبل الظهر في كنيسة القدّيس جاورجيوس – الميناء.
* أحد الفصح المقدَّس: قدَّاس العيد في كاتدرائيَّة القدِّيس جاورجيوس- طرابلس، السّاعة الخامسة صباحًا (الهجمة)، ثمّ صلاة السَّحَر فالقدَّاس الإلهيّ.
* إثنين الباعوث: سواعي الفصح والقدَّاس الإلهيّ في دير سيِّدة البلمند البطريركيّ، السَّاعة الثَّامنة والنّصف صباحًا.