الأحد 13 آذار 2016

الأحد 13 آذار 2016

13 آذار 2016

الأحد 13 آذار 2016
العدد 11
أحد مرفع الجبن
اللحن الثامن الإيوثينا الثامنة

* 13: نقل عظام نيكيفورس بطريرك القسطنطينيّة، * 14: بدء الصوم الكبير، البارّ بنادكتس، البارّ ألكسندروس، * 15: الشهداء أغابيوس والسبعة اللذين معه، * 16: الشهيد سابينوس المصريّ، البارّ خريستوذولس، * 17: ألكسيوس رجل الله، * 18: كيرلّلس رئيس اساقفة أورشليم، المديح الأوّل، * 19: العظيم في الشهداء ثاوذورس التِّيرونيّ (عجيبة القمح المسلوق)، الشُّهداء خريسنثوس وداريَّا ورفقتهما.

 

غـداً نصوم

هو فصل الربيع، ربيع النفس، تَجدُّدها عن طريق الصوم(1)، موسم الصلوات المحبّبة: يا ربّ القوّات، لتستقم صلاتي كالبخور أمامك، أيّها الربّ وسيّد حياتي.. حبّذا لو نعلّمها للأولاد الصغار هي أيضًا. أكثر من ذلك، حبّذا لو نتوب إلى الربّ، نعود إليه، نترك قليلاً ملفّات هذه الدنيا العابرة ونلتحق بالوجود الدائم بوصاياه، بعالمه، ونعترف بضعفاتنا فنأخذ من الله نعمة فوق نعمة.

يقول القدّيس أفرام السريانيّ "إملأ عينَيك بالدموع تتفتّح عَينا ذهنك فتفرح". هي خلوة طويلة مع الحبيب، يقول الرسول: "قد تناهى الليل واقترب النهار" (رومية 13: 12).

الصيام ليس مجرّد امتناع عن الطعام الدسم (ليس Régime)، كما أنّه ليس مجرّد ذهاب إلى الكنيسة وسماع ألحان لذيذة على الأذن؛ هو، قبل كلّ شيء، لقاء مع الله ولقاء مع الآخر، مصالحة معهما. نضمّه إلى قلبنا، نغفر، نتواضع فيذهب البغض والضغينة التي تتأكّل النفس. محبّة الله والآخر، المحبّة أوّلاً وآخِراً.

 

* * *

ولا ننسَ الفقراء والأيتام والشيوخ والأرامل في الصوم. يُشبّه القدّيس باسيليوس الصوم بالنسر: لا يستطيع هذا أن يحلّق في الفضاء بدو جناحَيِ الصلاة وعمل الرحمة.

في البدء نشأ الصوم عند المسيحيّين لكي يوفّروا ثمن المآكل الممتنع عنها لإغاثة الفقراء. هذه هي المحبّة المجسّدة، اللقاء الحقيقيّ مع الربّ يسوع: "كل ما فعلتموه بإخوتي هؤلاء الصغار فبي قد فعلتموه" (متّى 25: 40).

أتريد أن لا تتعلّق بالمال الكثير الفائض، أن لا تكدّسه؟ اصرفه للفقراء والمساكين تنصرفْ عنك هذه الشهوة المؤذية "حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك" يقول إنجيل اليوم (متّى 6: 21). حاول يا أخي أن تدخل الصوم بالغفران. صلاة الغفران في الغروب مساءً تساعدك على ذلك. بادر إلى الله، إلى أخيك، يبادرْ اليك ربّك ويباركْكَ ويرحمْكَ.

(1) قال أحد الآباء: "الصوم الحقيقيّ هو الإمتناع عن كلّ ما لا يخصّ الله"

+ أفرام

مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

 

طروباريّة القيامة باللحن الثامن

إنحدَرْتَ من العلوِّ يا متحنِّن، وقبلْتَ الدفنَ ذا الثلاثةِ الأيّام لكي تُعتقنا من الآلام. فيا حياتَنا وقيامتَنا، يا ربُّ المجد لك.

 

قنداق أحد مرفع الجبن باللحن السادس

أيُّها الهادي إلى الحكمةِ والرازقُ الفَهْمَ والفِطنة، والمؤَدِّبُ الجهّالَ والعاضِدُ المساكين، شدِّدْ قلبي وامنحْني فَهْمًا أيّها السيِّد، وأعطِني كلمةً يا كلمةَ الآب، فها إني لا أمنعُ شَفتيَّ من الهُتافِ إليك: يا رحيمُ ارحَمْني أنا الواقِع.

 

الرِّسالة

رو 13: 11-14، 14: 1-4

رتّلوا لإلِهِنا رتّلوا، يا جميعَ الأُممِ صَفِّقُوا بالأيادي

يا إخوة، إنّ خَلاصَنا الآنَ أقربُ مِمّا كان حينَ آمَنّا. قد تَناهى الليلُ واقتربَ النهار، فَلْنَدَعْ عَنّا أعمالَ الظُّلمةِ ونَلْبَسْ أسلِحَةَ النور. لِنَسْلُكَنَّ سُلوكاً لائقاً كما في النهار، لا بالقصُوفِ والسُّكْرِ، ولا بالمضاجعِ والعَهَرِ، ولا بالخِصامِ والحَسَد. بَل اِلْبَسُوا الرَّبَّ يسوعَ المسيحَ، ولا تهتمّوا لأجسادِكُم لِقَضاءِ شَهَواتِها. مَنْ كان ضعيفاً في الإيمانِ فاتَّخِذوه بِغَيرِ مُباحَثةٍ في الآراء. مِنَ الناس مَن يعتقدُ أنَّ لهُ أن يأكلَ كلَّ شيءٍ، أمّا الضَّعيفُ فيأكُلُ بُقولاً. فلا يَزْدَرِيَنَّ الذي يأكلُ مَن لا يأكل، ولا يَدِينَنَّ الذي لا يأكلُ مَن يأكل، فإن الله قدِ اتَّخَذه. مَنْ أنت يا من تَدينُ عبداً أجنبيّاً؟ إنّه لِمَولاهُ يَثبتُ أو يَسقُط. لكنَّه سيَثْبُتُ، لأنّ اللهَ قادِرٌ على أن يُثَبِّتَهُ.

 

الإنجيل

متّى 6: 14-21

قال الربُّ: إنْ غَفَرْتُم للناسِ زَلّاتِهمْ يَغْفرْ لَكُم أبوكُمُ السَّماويُّ أيضاً. وإنْ لم تَغْفِروا للناسِ زَلّاتِهم فأبوكُمْ لا يغفرُ لَكُم زَلّاتِكُمْ. ومتى صُمتُمْ فلا تكونوا مُعَبِّسِين كالمُرائين، فإنّهم يُنكِّرون وُجوهَهُم ليَظهَروا للناسِ صائمين. الحقَّ أقولُ لَكُم إنّهم قد أَخَذُوا أجْرَهم. أمّا أنتَ فإذا صُمتَ فادهَنْ رَأسَكَ واغْسِلْ وَجْهَكَ لئلّا تَظْهرَ للنّاس صائماً، بل لأبيكَ الذي في الخِفيةِ، وأبوكَ الذي يرى في الخِفيةِ يُجازيكَ عَلانية. لا تَكنِزوا لكم كنوزاً على الأرض، حيث يُفسِدُ السُّوسُ والآكِلةُ ويَنقُبُ السّارقون ويَسرِقون، لكن اِكنِزوا لَكمْ كُنوزاً في السّماءِ حيث لا يُفسِدُ سوسٌ ولا آكِلَةٌ ولا يَنْقُبُ السّارقون ولا يسرِقون، لأنّه حيث تكونُ كنوزُكم هناكَ تكونُ قلوبُكم.

 

في الإنجيل

غداً يبدأ الصوم الأربعينيّ المقدّس. والأحد الذي يسبقه مباشرة هو أحد مرفع الجبن، إذ فيه نرفع كلّ أنواع الزفر عن موائدنا، لندخل فعليّاً في الإنقطاع عن كلّ ملذّاتنا الجسديّة في هذه الفترة المقدّسة.

ويُسمّى هذا الأحد أيضًا "أحد الغفران"، لأنّ كلاًّ منا يستغفر الآخر لندخل في الصوم محبيِّن بعضُنا بعضاً، إذ لامعنى للصوم بلا محبّة شاملة الجميع.

ولذلك، فإنّ النصّ الإنجيليّ يقدّم لنا جملة نصائح تساعدنا في مسيرتنا الصياميّة لنلاقي، في نهايتها، الربّ القائم من بين الأموات، ونحن على أتمّ الإستعداد لذلك.

ومن هذه النصائح: "إن غفرتم للناس زلاّتهم يغفر لكم أبوكم السماويّ أيضًا. وإن لم تغفروا للناس زلاّتهم فأبوكم لا يغفر لكم زلاّتكم" (متّى 6: 14-15).

إنّ تحنُّن الله علينا هو تجاوب مع مدى عزم الإنسان على الغفران لإخوته. وهذا طبعاً لا يعني أنّ الغفران الذي يقدّمه الإنسان لإخوته يشكّل عملاً بشريّاً يستحقّ الأجر. وعلى العكس، فإنّ اقتبال الآخر ومسامحته من قبل المؤمن ينبعان من معرفة جديدة لله، معرفة اللهِ كأب من خبرة للحنان الإلهيّ تجاه الإنسان الخاطئ، هي الخبرة التي اكتسبها التلاميذ. يتمتّع المؤمن بمحبّة الأب، فيجعلها تنعكس على تصرّفه تجاه إخوته.

نحن نكتسب هذه القوّة لغفران زلاّت الناس عندما نكون في علاقة صحيحة مع الآب، وعندما نفهم تماماً عظم محبّته وحنانه. هكذا يشير غفران الزلاّت للإخوة إلى الصفة المزدوجة للإنجيل: فهو، من جهة، يربط بين سلوك المؤمنين وإعلان محبَّة الله الآب في عمل المسيح، ومن جهة أخرى، يذكّر بدينونة الإنجيل للبشر إن لم يتّبعوا وصاياه.

إنّ تبنّي الله للإنسان هو هبة تفترض سلوكاً مماثلاً عند الإبن تجاه أخيه، ومن ينسَ مقامه هذا يَنَل مصير العبد الشرّير الناكر الجميل."ومتى صمتم فلا تكونوا معبِّسين كالمرائين". هنا يحذَّرنا السيّد المسيح من الرياء في الصوم. ينتقد الرب تغييرَ الإنسانِ مظهرَهُ الخارجيَّ باسم التقوى. إنّ عبوسَ الوجه، وإن أتى من انسحاق داخليّ عند الصائم، إلاّ أنّه يبقى رياء لأنّ الله لم يأمر به، ولا يهدف إلى تمجيده بل، على العكس، ينبع من قلب الإنسان ويهدف إلى اجتذاب مدح الآخرين له بسبب تقواه.

يا لها من عادة حسنة عادة الصوم. المؤسف جدّاً أنّها أُهملت كثيراً، لألف سبب وسبب، بين المسيحيّين اليوم. فالصوم وسيلة لإنكار الذات، والإتّضاع أمام الله. الصوم وسيلة لكبح جماح الجسد وشهواته، إنّه موسم ينشِّطنا لإتمام صلواتنا اليوميّة وكلّ واجباتنا الدينيّة؛ فإنّ وفرة الطعام تسبِّب لنا الكسل والنعاس.

لذلك، علينا الإقتداء بآبائنا القدّيسين الذين مارسوا الصوم، وارتقوا به إلى الله. فإذا مارسنا الصوم الحقيقيّ، وقرنّاه بفضيلة الصلاة وانسحاق القلب، فإنّنا، حينذاك، نكنز لنا كنوزاً في السماء "حيث لا يُفسد سوس ولا آكلة ولا ينقب السارقون ولا يسرقون.." وهناك تكون قلوبنا مع ربّنا يسوع المسيح له المجد إلى الأبد آمين.

 

الرّجل والمرأة: مساواة أم تكامل

يقول كتاب التكوين:

فخلق الله الإنسان على صورته،