الأحد 20 كانون الأوّل 2015

الأحد 20 كانون الأوّل 2015

20 كانون الأول 2015
الأحد 20 كانون الأوّل 2015
 العدد 51
الأحد قبل ميلاد المسيح
 
اللحن الرابع   الإيوثينا السابعة
 
* 20: تقدمة عيد الميلاد، إغناطيوس المتوشِّح بالله أسقف أنطاكية مدينة الله العظمى. * 21: الشهيدة يولياني وثاميستوكلاوس، * 22: الشهيدة أناستاسيَّا، * 23: الشُّهداء العشرة المستشهَدون في كريت، * 24: بارامون ميلاد المسيح، الشهيدة في البارَّات أفجانيا، * 25: ميلاد ربِّناوإلهنا ومخلِّصنا يسوع المسيح بالجسد، * 26: عمَّانوئيل الإلهيّ، عيد جامع لوالدة الإله، الشَّهيد آفثيميوس.
 
العالم
"أما تعلمون أنّ محبّة العالم عداوةٌ لله. فمن أراد أن يكون محبًّا للعالم فقد صار عدوّاً لله" (يعقوب 4: 4).
 
"لأن اهتمام الجسد هو موتٌ، هو عداوة لله" (رومية 8: 7).
 
"لا تحبّوا العالم ولا الأشياء التي في العالم.. لأن كلّ ما في العالم هو شهوة الجسد وشهوة العين وتعظّم المعيشة... والعالم يمضي وشهوته وأمّا الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد" (1 يوحنّا 2: 15-16-17).
 
من جهة أخرى يقول الإنجيليّ يوحنّا نفسه "هكذا أحبّ الله العالم حتّى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة" (يوحنّا 3: 16).
 
هذا تعبير عن الحبّ الإلهيّ الذي يمتدّ إلى كلّ العالم "وضع نفسه وأطاع حتّى الموت موت الصليب" (فيليبي 2: 8) "لكي يخلّص العالم" (يوحنا 3: 17). الغاية من التجسّد، من الصليب، ليست "ليدين العالم بل ليخلّص به العالم" (يوحنا 3: 17).
 
يُلاحظ في ما سبق تناقضٌ ظاهريّ واضح بين وصيّة الربّ أن لا نحبّ العالم، لما فيه من فساد، وبين حثّه على محبّة هذا العالم الخاطئ. هذا لأن الربّ يسوع قد أحبّنا ونحن في خطيئتنا، في سقوطنا، في أنانيّتنا. نحن بدورنا، انطلاقاً من إيماننا به ومن رغبتنا بالتشبّه بمحبّته التي تفوق كلّ عقل، نحبّ الإنسان، كلّ إنسان، على الرغم من وسخه، دون أن نحبّ وسخه. هذا كلّه لكي، بمعونة الربّ وقوّته، نساعد قريبناللخروج من سقطته. نشير هنا إلى أنّ الإنسان المعمَّد يسكن الروح القدس في أعماق قلبه، واذا خطئ يقول القدّيس ذياذوخس فوتيكيس يظلم قلبه ولا يعود يعاين وجه الله. عند ذلك يجب عليه أن يُطهّر نفسه من الأهواء المعيبة، أن يتوب ويعترف بأخطائه. لذلك نحن لا نبقى على حبّنا له وإن كان خاطئاً وحتّى مجرماً، هذا على رجاء توبته وعودته إلى صفاء القلب.
 
******
 
اليوم ثمّة كثيرون متعلّقون بخبرات هذا الدهر. نقول إنّ روح العالم يسيطر عليهم وليس روح الله، هذا ما نسميّه الدهريّة أو العالميّة (محبّة العالم) sécularisme. هذا الدهر الخادع، هذه الروح الدهريّة اكتسحت الأديار أيضًا. ترى ما عكس الدهريّة؟ إنّها الأبديّة، أن يتعلّق الإنسان بما هو أبديّ، فما هو أبديّ لا ينتمي إلى الدنيا. السبيل إلى الخلاص هو، إذاً، أن يؤمن المرء بالربّ يسوع ويتشبّه به ويتبع وصاياه فيحصل على الحياة الأبديّة (راجع يوحنا 3: 16).
ولا ننسى "أنّ الإيمان بدون أعمال ميت "(يعقوب أخو الربّ 2: 17). في أيّامنا تكاثر الكلام والكتب والأحاديث الروحيّة وقلّ الإختبار لأنّ الناس تأثّروا بروح العالم.
 
يتجنب الإنسان اليوم الألم الجسديّ، يسعى وراء الراحة الجسديّة، يرتاح إلى القراءة الكثيرة والتطبيق القليل.
 
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
 
طروباريّة القيامة  باللحن الرابع 
 
إنّ تلميذات الربّ تعلّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجَدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى. 
 
طروباريّة أحد النسبة  باللحن الثاني
 
عظيمةٌ هي أفعالُ الإيمان، لأنَّ الفتيةَ الثلاثةَ القدّيسين قد ابتهجوا في يَنبوعِ اللهيبِ كأنَّهم على ماءِ الراحة، والنبيَّ دانيالَ ظهرَ راعيًا للسِّباعِ كأنّها غَنَم. فبتوسّلاتِهم  أيّها المسيحُ الإلهُ خلّص نفوسَنا.
 
قنداق تقدمة الميلاد  باللحن الثّالث
أليومَ العذراء تأتي إلى المغارة لتلدَ الكلمةَ الذي قبل الدهور ولادةً لا تُفسَّر ولا يُنطَقُ بها. فافرحي أيّتها المسكونةُ إذا سمعتِ، ومَجّدي معَ الملائكةِ والرعاة الذي سيَظهرُ بمشيئته طفلاً جديداً، الإلهَ الذي قبل الدهور.
 
 
الرِّسَالة
عب 11: 9-10، 32-40
 
مباركٌ أنتَ يا ربُّ إلهَ آبائنا
لأنَّكَ عدلٌ في كلِّ ما صنعتَ بنا 
 
يا إخوةُ، بالإيمانِ نَزَل إبراهيمُ في أرضِ الميعاد نزولَهُ في أرضٍ غريبةٍ، وسكَنَ في خيامٍ معَ إسحقَ ويعقوبَ الوارثَيْن معهُ للموعِدِ بعينهِ، لأنَّهُ انتظرَ المدينةَ ذاتَ الأُسسِ التي اللهُ صانِعُها وبارئُها. وماذا أقولُ أيضاً. إنّه يَضيقُ بي الوقت إن أَخبرتُ عن جدعونَ وباراقَ وشمشونَ ويفتاحَ وداودَ وصموئيلَ والأنبياءِ، الذين بالإيمان قَهروا الممالِكَ وعَمِلوا البِرَّ ونالُوا المواعِدَ وسدُّوا أفواه الأسود وأطفأوا حدّةَ النارِ ونَجَوا من حدِّ السيف وتَقوَّوا من ضَعفٍ وصاروا أشدّاءَ في الحربِ وكسروا معسكراتِ الأجانب، وأخذت نساءٌ أمواتَهنَّ بالقيامة. وعُذِّب آخَرون بتوتير الأعضاءِ والضرب، ولم يقبلوا بالنجاة ليحصُلُوا على قيامةٍ أفضلَ، وآخَرُون ذاقوا الهزءَ والجَلدَ والقيودَ أيضاً والسجن، ورُجموا ونُشروا وامتُحنوا وماتوا بحدّ السيف. وساحُوا في جلودِ غنمٍ ومَعزٍ وهم مُعوَزون مُضايَقون مجهودون (ولم يكنِ العالمُ مستحقّاً لهم). وكانوا تائهين في البراري والجبالِ والمغاورِ وكهوفِ الأرض. فهؤلاءِ كلُّهم مشهوداً لهم بالإيمان لم ينالُوا المواعد، لأنَّ اللهَ سبق فنظر لنا شيئاً أفضلَ أن لا يَكمُلوا بدوننا.
 
الإنجيل
متّى 1: 1-25
 
كتابُ ميلاد يسوعَ المسيح إبنِ داودَ إبنِ إبراهيم، فإبراهيمُ وَلد إِسحق وإِسحقُ وَلد يعقوب ويعقوبُ وَلد يهوذا وإخوتَه ويهوذا وَلد فارَصَ وزارَحَ من تامار. وفارصُ وَلد حصرون وحَصرونُ وَلد أرام وأَرامُ وَلد عمِّينادب وعمِّينادابُ وَلد نحشون ونَحشونُ ولد سَلْمون وسَلْمونُ وَلد بوعَزَ من راحاب وبُوعَزُ ولد عُوبِيدَ من راعوث. وعوبيدُ وَلد يَسَّى ويَسَّى وَلد داوُدَ الملك وداوُدُ الملكُ وَلد سليمانَ من التي كانت لأُوريَّا. وسليمانُ وَلد رَحَبْعام ورَحَبْعام وَلد أَبِيّا وأَبِيّا وَلد آسا وآسا وَلد يُوشافاط ويُوشافاطُ وَلد يُورام ويُورامُ وَلد عُزِّيّا وعُزِّيّا وَلد يُوتام ويُوتامُ وَلد آحاز وآحازُ وَلد حِزقِيّا وحِزقِيّا وَلد مَنَسَّى ومَنسَّى وَلد آمون وآمونُ وَلد يُوشِيّا، ويُوشِيّا وَلد يَكُنْيا وإخوتَهُ في جَلاءِ بابِل، ومن بعد جلاءِ بابلَ يَكُنْيا وَلد شألتَئيلَ وشألتئيلُ وَلد زَرُبَّابَلَ وزَرُبَّابَلُ وَلد أَبيهودَ وأبيهودُ وَلد أَلِياقيمَ وألياقيمُ وَلد عازُورَ وعازورُ وَلد صادُوقَ وصادُوقُ ولد آخِيمَ وآخِيمُ وَلد ألِيهُودَ وأليهودُ وَلد أَلِعازارَ وأَلِعازارُ وَلد مَتَّانَ ومَتَّانُ وَلد يعقوبَ ويعقوبُ وَلد يوسفَ رجلَ مريمَ التي وُلد منها يسوعُ الذي يُدعَى المسيح. فكلُّ الأجيالِ من إبراهيمَ إلى داوُدَ أربعةَ عشَرَ جيلاً، ومن داودَ إلى جلاءِ بابَلَ أربعةَ عشَرَ جيلاً ومن جلاءِ بابِلَ إلى المسيحِ أربعةَ عشَرَ جيلاً. أمّا مولدُ يسوعَ المسيحِ فكان هكذا: لمَّا خُطبت مريمُ أمُّهُ ليوسفَ وُجدتْ من قبلِ أنْ يجتمعا حُبلى من الروحِ القدس. وإذ كان يوسفُ رجلُها صدّيقاً ولم يُرِد أنْ يَشْهَرَها همَّ بتخْلِيَتِها سرًّا. وفيما هو متفكّرٌ في ذلك إذا بملاكِ الربِّ ظهر لهُ في الحُلم قائلاً: يا يوسفُ ابنَ داودَ لا تَخفْ أنْ تأخذَ امرأتك مريم. فإنَّ المولودَ فيها إنَّما هو من الروحِ القدس، وستلِدُ ابنًا فتُسميّهِ يسوعَ فإنَّهُ هو يخلِّصُ شعبهُ من خطاياهم. (وكان هذا كلُّهُ ليتمَّ ما قيل من الربِّ بالنبيِّ القائل: ها إنَّ العذراءَ تحبلُ وتلد ابناً ويُدعى عِمَّانوئيلَ الذي تفسيرُهُ اللهُ معنا). فلمَّا نهض يوسفُ من النومِ صَنع كما أمرهُ ملاكُ الربِّ. فأخَذَ امرأتَهُ ولم يعرِفْها حتَّى وَلدتِ ابنَها البِكرَ وسمَّاهُ يسوع.
 
في الإنجيل 
 
وجّه الإنجيليّ متّى إنجيله إلى اليهود، فاليهود يعرفون كلّ الأسماء الواردة في هذا النصّ الإنجيليّ. إنٍّهم أجداد المسيح بحسب الجسد.
 
رُبَّ قائلٍ: إن كان اليهود يعرفون هذه الأسماء؛ فلماذا إذن عدَّدهم الرسول؟
 
من الأمور التي أراد متّى الإنجيليّ أن يقولها لليهود: أنتم تنتظرون المسيَّا، المخلِّص، الذي من نسل داوُد. وها هي مريم ابنةُ داوُد قد تمّت فيها النبوءَة.مريم هي خطيبة يوسف، والخطيبان من السِّبط ذاته، وبالتالي كلاهما من نسل داوُد.
 
 والخطبة في ذلك الحين كانت كالإكليل عندنا. وإذا تمَّ الاتّفاق على بقاء الخطيبة في منزل ذويها لحين الزواج، يُعتَبَر خطيبها مسؤولاً عنها أمام الله والناس. وكان فسخ الرباط حينها يُعتبر أيضًا بمثابة طلاق. 
 
أمّا الخيانة - أو الزنى - فعاقبتها الرّجم حتّى الموت. لهذا يُظهر الإنجيليّ قداسة يوسف في حفاظه على مريم، حتّى قبل معرفته بكيفيّة حبلها. ولكونه إنسانًا بارًّا لم يرغب برؤيتها تُقتل، ولكنّه، في الوقت نفسه، لا يستطيع الإتيان بها إلى منزله واعتبارها زوجته؛ لأنَّ القانون اليهوديَّ يَنهَى عن التستّر على امرأة زانية، ويطالب بمعاقبة الفاعل. من هنا همَّ بتخليتها سرًّا، أي بترحيلها إلى مكان آخَرَ ليبقيها حيّةً.
 
لكنَّ الله لم يترك يوسف البارّ في حَيرته، وإنّما حين كان يوسف يفكّر بهذه الأمور، أرسل الله إليه ملاكه مقوِّيًا إيّاه وموضِّحًا له أنَّ مريم حُبلى من الروح القدس، وأنَّ عليه أن يكون أمام الناس بمثابة الوالد للطفل المولود، وسيسمّيه يسوعَ لكون الوالد هو الذي يطلق الإسم حسب عادات اليهود.
 
استيقظ يوسف وفعل كما أمره ملاك الرّبّ، وبقي أمينًا لهذه المهمّة حتى آخر يوم من حياته. أمّا معرفة  والدة الإله الحقّة، وعظمتها وقداستها فلم تكن موقع إدراك يوسف الخطيب إلا لحين ولادتها يسوع.
 
إنَّ مجيء المجوس وسجودهم ليسوع، وطبعًا إخبارهم مريم ويوسف بالنبوءات وكيفيّة اتّباعهم النجم، وكذلك الرعاة  الذين أخبروا عن ظهور الملائكة لهم وتبشيرهم بالفرح العظيم بولادة المسيح الرّبّ، كلّ ذلك أسهم في نزع الشَّكّ من ذهنِ يوسف ليكون اليقين الثابت بدلاً منه.
ما أجملَ أن يأتيَ اليقين بعد الشَّكِّ، لأنّه يكون قويًّا جدًّا ولا يتزعزع. وما أجملَ أن يحصُلَ معنا كما حصل ليوسف: أن نؤهَّل، كوالدة الإله، لرعاية يسوع. إن نحن وضعنا ثقتنا بالله ورَعَينا أحبّاءه المحتاجين والفقراء والبائسين ، حينذاك يولد المسيح في قلوبنا، ويسكن فيها كما في مذود، وعندها يصبح حدث التجسّد فعلاً دائماً ومستمرًّا في حياتنا المسيحيّة.
 
مستنيرون
 
بعد أيّام قليلة سنعيّد لميلاد ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح، هذا الميلاد الذي تَحقَّقَ به التجسّد فأدخل على طبيعتنا عنصرًا جديدًا وهو "البشرى بالفرح لكلّ العالم". وقد رافق كلامَ الملائكة هذا، ظهورُ نجم أنار المجوس في طريقهم، جاعلاً من "النور الجديد" وجهًا آخَر من أوجه الجدّة التي نحن مدعوّون إليها. وأكّد هذا الأمر تسمية الذين تعدّهم الكنيسة لتقبّل المعموديّة "المستنيرين" لأنّهم، بقبولهم الإيمان، دخلوا عهد النور الذي تقذفه في كيانهم النعمة "التي للمرضى تشفي، وللناقصين تكمّل".ماذا يعني هذا الكلام لنا اليوم إن آمنّا فعلاً بالتجسد؟
 
لا تحزنوا كباقي الناس الذين لا رجاء لهم. (1تسا 13:4).
 
الحزن شعورٌ، ومن خصائص الإنسان أنه يشعربالفرح كما بالحزن. لكنّنامدعوّون أن نسلك في أحزاننا، وفي أفراحنا، ونحن مدركون استنارتنا ومفاعيلها. نحن أناس قياميّون، يملأ النور قلوبَنا، ونؤمن بأنّنا نلقى الله فور انتقالنا، هذا اليقين، لا يلغي الشعورَ بالحزن عند فراق الأحبّة، لكنّه يُدَعِّمُنا لكي نتخطّى هذا الشعور وذلك بالنعمة الإلهيّة التي نزلت علينا بالمعموديّة. عندها، لا نتجلبب بالسواد حدادًا، ولا ننوح وننتحب، ونعيد صياغة بعض المقاطع والتراتيل التي في خدمة الجنّاز حتّى تتماشى مع روحيّة الرسالة والإنجيل اللَّذَين نقرؤهما. فرح القيامة يشدِّدُنا في المحن، وإن سلكنا ونحن نسلّط الضوء على هذا الفرح نساعد أنفسنا في تقبّل الآم الفراق مهما طالت. قال لي يومًا أحدهم، وقد انتقل وحيده شابًّا: "الله أعطى والله أخذ فليكن اسمه مباركًا"، وإذا به هو يعزّيني لأن النّور في قلبه لم يترك مجالاً لظلمة القبر.
 
رؤيتنا للإنسان مختلفة لأنّه "لبس المسيح" وأصبح "خليقة جديدة". غير أننا ندرك أن الخطأ طبيعيّ عند الإنسان لكنّنا، بالمعموديّة، توّاقون إلى التوبة. ونحن، إن سلّطنا الضوء على أخطائنا، نفعل ذلك لنتخطّاها لأنّنا أولاد رجاء، ننهض من الخطأ ونسير قدمًا بالنعمة المنسكبة علينا والنّور الذي يظلّلنا والذي سيقودنا إلى ضياء الربّ. لذلك، كان أحد الآباء ينادي الآتين إليه ليعترفوا: "يا فرحي". فحتّى لو أخطأنا، ينتظر الأب عودتنا لنفرح وإيّاه بالعجل المسمَّن. من استنار يدرك أنّ ظلمة القبر لا تقوى على ضوء القيامة.
 
أجسادنا ليست عبئًا لأنّ الله تجسّد جاعلاً من أجسادنا هياكل الروح. أصبحنا، بالمعموديّة، مدعوّين إلى أن نرتقي بأجسادنا إلى ملء قامة المسيح، فإن شبعنا نمجّد الخالق شاكرين، ونسعى بصدق لأن نمدّ كلّ محتاج بما يُشبِعُه. الأمر سِيّان متى لبسنا أو رقصنا فرحًا أو غنّينا تعبيرًا عن حزن كما عن فرح، أو التقينا في وصال مع الآخر. أن "نرعى" حاجات خلقها الله لدينا واجبٌ وحقّ، غير أنّنا مدعوّون إلى أن نوظِّف هذه الرعاية في خدمة الآخر أيضًا. بذلك نكون كلاًّ مستنيرًا، لأنّ الاستنارة تدخل عقولنا وأجسادنا ونفوسنا ليتجلّى إنساننا الجديد حاملاً المسيح، في عقله كما في جسده ونفسه، في كلّ لحظة وفي كلّ مكان.
 
أمّا عند انتقالنا، فيُزرَع الجسد الترابيّ ليقوم جسدًا روحانيًّا يتخلّص فيه الانسان من لحميّته، ليصبح على مثال جسد المسيح القائم من بين الأموات.
 
نحن أناس قياميّون نقول مع السيّد "ملكوت الله في قلوبكم". نحن أناس مستنيرون نحيا بفرح.نفرح لأنّ العريس معنا. أتى في الميلاد، وعاش بيننا، وأظهر لنا قوّة نعمته الخلاصيّة بقيامته.
 
نفرح لأنّ ثقتنا بالله كبيرة، وهو يريدنا أن ننظر إلى إنسان العهد الجديد الذي أصبحناه بالمعموديّة لا إلى إنسان العهد القديم.
نفرح لأنّ التصاقنا بالأسرار يجعلنا عائلة واحدة تشدّها أواصر النعمة، وتشهد لربّها بالمحبّة، والعمل والقول.
نحن جماعة مستنيرين، جماعة الرجاء الذي لا يُنْزع منّا. ألا نقول، في نهاية كلِّ خدمةِ سحرٍ يومَ الأحد، "اليومَ صار الخلاصُ للعالم"؟! فلنفرح

أيّها المؤمنون لأنّنا بالنعمة نشهد أن الربّ تجسّد من أجلنا، ووُلد متّخذًا جسدًا مثلنا، وعاش فيما بيننا ليعلّمنا كيف نحيا، وقام من بين الأموات، فلا مكان للحزن بيننا، وصعد إلى السموات ليثق كلّ منّا بأنّ له مكانًا معدًّا في السماء.